logo
إعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي (ج2)!الطاهر المعز

إعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي (ج2)!الطاهر المعز

ساحة التحرير٠٦-٠٥-٢٠٢٥

إعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي – الجزء الثاني!
الطاهر المعز
يدرس القسم الثاني من هذه الورقة تأثيرات الحرب الإقتصادية والتّجارية التي تشنها الإمبريالية الأمريكية خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، في ظل تَوَسُّع انتشار اليمين المتطرّف ( و'الإنعزالية' ) في أمريكا وأوروبا، والخطوات التي تُساهم في إعادة هيكلة الإقتصاد العالمي، وهي خطوات بدأت في بداية القرن الحادي والعشرين وتمثل أزمة 2008 وكوفيد – 19 بعض مَحطّاتها الرئيسية ويحاول دونالد ترامب وفريقه التّعجيل بإتمام إعادة الهيكلة، بشكل يجعل الإقتصاد الأمريكي المُستفيد الوحيد منها وعدم مراعاة مصالح الشُّركاء والحُلفاء ناهيك عن المنافسين والخصوم…
سوف أُفْرِدُ 'الأضرار الجانبية' لهذه الحرب الإقتصادية والتجارية بنَصٍّ مُستقل
مكانة اقتصاد الولايات المتحدة
يتميز المجتمع الأمريكي بالتفاوت المجحف في الثروات، بين الأثرياء والفُقراء وبين السود والبيض وينطبق هذا التفاوت في الثروات والدخل، على نوعية المهارات والمِهن ومستوى التعليم، و يقدر سكان الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2024 بنحو 343,6 مليون نسمة أو حوالي 4,2% من العدد الإجمالي لسكان العالم، وبلغت نسبة السكان تحت خط الفقر11,4% من العدد الإجمالي للسكان وفق البيانات الرسمية لسنة 2023 ( 18% من السود تحت خط الفقر و7,7% من البيض) وبدل الإهتمام بالفقر وبعدالة التوزيع للثروات، ركّزت السّلطات الأمريكية على المهاجرين ( الذين يخلقون الثروة وفائض القيمة برواتب منخفضة جدّا) ونجحت في تهميش المشاغل الحقيقية للسّكّان الذين جاء أجدادهم من بلدان عديدة، وتمت إبادة السكان الأصليين وجلب سكان إفريقيا واستعبادهم، ويُشير شعار ' أمريكا أولا' إلى التعصب والشوفينية وإغلاق الباب أما المهاجرين والتركيز على الهويات الأثنية والدينية والثقافية، فضلا عن ادّعاء دونالد ترامب ' حصلت الدّول التي تتعامل مع الولايات المتحدة على منافع عديدة على حساب الإقتصاد الأمريكي الذي فقد قطاعه الصّناعي مما أدّى إلى بطالة العُمّال البيض'، وادّعى إن الحل يكمن في التّنكّر لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية ( التي فرضتها الولايات المتحدة، بين 1995 و 2002 ) وزيادة الرسوم الجمركية على كافة الواردات من المعادن كالحديد والنحاس إلى المواد المصنعة كالسيارات وتكنولوجيا الإتصالات مثل أشباه المواصلات، أملاً في تفضيل المُستهلك للمنتجات المحلية، وتتوقع منظمة التجارة الدولية أن تُؤدّي الرسوم الجمركية الإضافية إلى إنخفاض حجم التجارة العالمي سنة 2025 نتيجة العولمة وتشابك اقتصاد البلدان، وخصوصًا اقتصاد الولايات المتحدة والصّين، وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أنكتاد) إنخفاض معدل نمو الناتج العالمي بنحو 2,3 % سنة 2025…
أشارت وكالات عديدة ( 22 نيسان/ابريل 2025) إلى النتائج العكسية لسياسة دونالد ترامب، ومن ضمنها تعزيز العلاقات الإقتصادية والسياسية والعسكرية بين روسيا والصّين وإيران وكوريا الشمالية، من خلال توقيع اتفاقات في مجالات التجارة والطاقة والنووي، وكتبت وكالة إنترفاكس الروسية إن روسيا وإيران 'تسعيان لتشكيل محور اقتصادي بديل قادر على الصمود في وجه العقوبات الغربية، ومهيأ لإعادة تشكيل ميزان القوى في المنطقة'، وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية 'إن التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية طُرح ضمن جدول أعمال الاجتماع الروسي الإيراني، وتضمن مقترحات لتشييد مجمّعات جديدة للمحطات النووية وتعميق التعاون التقني في مجال الطاقة النووية، وكانت روسيا قد ساعدت إيران في بناء أول مفاعل نووي إيراني في بوشهر…'، كما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى تطور العلاقات بين روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية، في عدة مجالات، من بينها المجال العسكري'، وللتذكير، وقّعت روسيا وإيران معاهدة شراكة استراتيجية، خلال شهر كانون الثاني/يناير 2025، 'لتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والصناعة، وتطوير حقول النفط الإيرانية بالتعاون مع شركات روسية…'
بَرّر الرئيس الأمريكي فَرْض زيادات كبيرة في الرُّسُوم الجمركية بالأهداف التي أعلنها، مثل إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة وفضلاً عن أهداف غير مُعْلَنَة، تتمثل في إجبار الدول على إعادة التفاوض على شروط التجارة بطريقة تخدم مصالح رأس المال الأمريكي والشركات الأمريكية، فضلاً عن هدف الضّغط على الصّين، وربما عزلها لأنها أصبحت تتنافس الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا والطاقات البديلة والقطاعات ذات القيمة الزائدة المرتفعة، ويبتز الرئيس الأمريكي الدّول الأخرى، اعتمادًا على السوق الأمريكية الكبيرة التي تضم عددًا كبيرًا من المستهلكين ذوي الإنفاق الكبير، ولا تريد الدّول المُصدّرة للسلع والخدمات إلى الولايات المتحدة خسارة هذه السّوق، ولذا يعتقد دونالد ترامب إن سلطات ورأسماليي هذه الدّول ( كافة دول العالم) سوف يرفعون العلم الأبيض، معلنين الإستسلام والموافقة على شروطه…
يقول الرئيس الأمريكي وحاشيته إن زيادة التعريفات الجمركية تهدف على مدى متوسّط وبعيد، إعادة بناء قاعدة التّصنيع و وتعزيز عملية إعادة وظائف الصّناعة التي هجّرتها اتفاقيات التجارة الحرة لأن هذه الإتفاقيات – التي فرضتها الولايات المتحدة، قبل حوالي ثلاثة عُقُود، مكّنت الشركات من الإستثمار حيث ترتفع عائداتها، غير إن الوقائع أثبتت إن الشركات الصناعية بصدد خفض الوظائف أو تقليص خططها، مما دفع الاقتصاد الأميركي إلى حالة من عدم اليقين، فضلا عن عمليات البيع المكثفة لسندات الخزانة الأميركية ( بداية شهر نيسان/ابريل 2025 )، وسوف تُهدّد، لو استمرت، بإسقاط النظام المالي الأميركي بأكمله، كما أظْهَرَ تطبيق الرّسُوم الجمركية المُرتفعة على صادرات الصين، وخفضها فيما بعْدُ أو التراجع عنها مؤقّتًا إن الولايات المتحدة لا يمكنها حاليا التّخلّي عن السّلع الصّينية…
محاولة استعادة الهيمنة المالية الأمريكية
تسعى حركة 'جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى' إلى الحفاظ على مركزية السلطة التنفيذية الأميركية في السياسة العالمية من خلال هيمنة الدولار والاحتياطي الفيدرالي الأميركي في أسواق العملات العالمية والنظام النقدي الدولي، وإعادة تدوير الفوائض العالمية في الولايات المتحدة نفسها من خلال سندات الخزانة، وتعزيز النفوذ الخارجي لسوق وول ستريت، وضمان عمليات مالية غير محدودة عبر الحدود، وإخضاع القطاعات الإنتاجية في الدول التابعة للولايات المتحدة ( نظام 'الدّولار- وول ستريت' وفق بيتر غوان – 1999 )، وأدّت السياسات النيوليبرالية في الولايات المتحدة وغيرها إلى تفكّك منظومة نقل وتوزيع الطّاقة والكهرباء والمياه والصّرف الصّحِّي، فيما تم صرف المال العام لإنقاذ مصارف الاستثمار في وول ستريت والخدمات المالية المشبوهة من الانهيار التام، سنة 2008 وبعدها، ثم ضَخّت وزارة الخزانة الأمريكية لاحقًا تريليونات الدولارات في برامج خطط الإنقاذ، والإعفاءات الضريبية، وغيرها من المزايا للحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، ولم تستفد من هذا 'السّخاء' سوى الشركات الكبرى، لكن تجسّدت جميع عمليات 'إنقاذ' رأس المال في زيادة الأسعار والتضخم بالنسبة للمواطن، وفي تعزيز الروابط بين السلطة التنفيذية والشركات الأمريكية الرقمية عالية التقنية، وبشبكاتها المهيمنة على وول ستريت، وتعزيز السلطة التنفيذية على حساب السلطات التشريعية والقضائية وغيرها، وخفض عجز الموازنة الإتحادية وعلى مستوى الولايات، وقرارات تسريح الموظفين الإداريين، وإعادة هيكلة النظام الصحي، وتجاوزت التخفيضات في الرعاية الصحية وطوابع الغذاء تريليون دولار، وخفّضت الولايات المتحدة مساهماتها في المنظمات الدولية، وانسحبت من بعضها مثل منظمة الصحة العالمية… أي إن شعار 'جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى' يعني إعادة بناء القوة الأميركية من خلال استعادة هيمنة الدّولار وخدمة مصالح الطبقة الحاكمة الأميركية الجديدة وشركات التكنولوجيا المتطورة في وول ستريت في المقام الأول، وليس بقية الطبقات.
في المقابل تَطَوَّرَ اقتصاد الإنتاج في الصين، منذ الأزمة المالية التي انطلقت في الولايات المتحدة سنتَيْ 2007 و2008، وردّت على التهديدات الأمريكية ( باراك أوباما وهيلاري كلينتون سنة 2012 ) بإطلاق مبادرة الحزام والطريق، سنة 2013، مرفوقة بحملةً واسعةً من الاستحواذ على الأصول وبناء البنى التحتية في آسيا وأوروبا وأفريقيا، لتسهيل حركة التجارة الصّينية عبر القارات الثلاث، وطوّرت شبكة سلاسل التوريد في مجالات أشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية، وإنتاج المركبات الكهربائية والذكاء الاصطناعي…
واصلت الشركات الصينية، المالية ( مثل مصرف الصّين الصناعي والتّجاري) وغير المالية، نموها كشركات عامة، منذ بداية القرن الواحد والعشرين، وتُظهر بيانات مؤشر شنغهاي- شنتشن CSI 300 ثقل وزن الشركات الصينية في رسملة الأسواق العالمية، وأصبحت الشركات الصينية، خلال أقل من عقْدَيْن، تُنافس الشركات متعددة الجنسيات ذات المَنْشأ الأمريكي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وأشباه الموصلات والمركبات الكهربائية وتقنيات الطاقة الخضراء…
دعم العديد من المتعاملين في وول ستريت، بمن فيهم عمالقة التمويل بيل أكمان، وسكوت بيسنت، وستيفن شوارزمان، أيدوا عودة ترامب إلى السلطة قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2024 بوقت طويل، لسبب وجِيه، يعود إلى فترة الرئاسة الأولى لدونالد ترامب الذي وقّع ترامب قانون تخفيضات الضرائب والوظائف ( كانون الأول/ديسمبر 2017 ) فنال بذلك رضا وول ستريت، ارتفعت مؤشرات داو جونز الصناعي خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، بنسبة 57%، وستاندرد آند بورز 500 بنسبة 70% وناسداك المركب بنسبة 142%، واليوم، يأمل جميع مستثمري وول ستريت في تكرار هذا الأداء، غير إن بعض التّغييرات حصلت، فقد أشارت بيانات صندوق النقد الدولي لسنة 2024 حول ' عملات احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية' إلى انخفاض تدريجي مستمر في حصة الدولار من الاحتياطيات الأجنبية، ولم تُحرز العملات المنافسة، مثل اليورو والين والجنيه الإسترليني، أي تقدم يُذكر، فيما حقق الرنمينبي الصيني والوون الكوري الجنوبي والعملات المشفرة مكاسب ملحوظة، ولذلك فإن مسألة هيمنة الدولار على أسواق العملات العالمية والتجارة والاستثمارات الدولية هي إحدى أهم دوافع فريق السلطة الأمريكية بزعامة دونالد ترامب…
أمريكا بعد مائة يوم من تنصيب دونالد ترامب
بعد مرور مائة يوم على توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة، فشل دونالد ترامب في تحقيق السّلام في أوكرانيا، ووسّع الشّرخ مع أوروبا وكندا ومعظم الحُلفاء والدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، واعتبرت معظم دول العالم إن السياسات الاقتصادية التي ينتهجها ترامب، وخاصة حروب الرسوم الجمركية، تهدد الاقتصاد العالمي، وقد تؤدي إلى أزمة جديدة مماثلة للكساد الأعظم، وقد تكون رئاسة دونالد ترامب فُرصة للصين ولمجموعة بريكس لزيادة حصتهما من التجارة الدّولية والإقتصاد العالمي. أما في الدّاخل فاعتُبِرَتْ قراراته استبدادية، وانتقدت منظمة العفو الدولية ( وهي حذِرة عادةً ومُتحفّظة جدًّا ) الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تقريرها السنوي الصادر يوم الثلاثاء 29 نيسان/ابريل 2025، ووَرَد في مقدّمة التقرير: ' تميزت الأيام المائة الأولى من الولاية الثانية لدونالد ترامب بموجة هجمات مباشرة ضد واجب المساءلة في مجالات الحقوق الأساسية وضد القانون الدولي وضد الأمم المتحدة مما يستدعي مقاومة متضافرة من بقية دول العالم… … إنه هجوم واسع النّطاق يسعى إلى القضاء على مبدأ حقوق الإنسان للجميع، وإلى تدمير نظام دولي تم تشكيله بعد الحرب العالمية الثانية… إن السمات البارزة في أول مائة يوم له في السلطة تمثلت في التّعَدِّيَات الحقوقية' وانتقدت منظمة العفو الدّولية تجميد المساعدات الأمريكية حول العالم، وخفض تمويل عدد من منظمات الأمم المتحدة، وتنفيذ عمليات ترحيل لمهاجرين وموقوفين إلى بعض بلدان أمريكا الجنوبية'، وفق وكالة رويترز بتاريخ 29 نيسان/ابريل 2025
أما البنك العالمي – وهو من المؤسسات التي تهيمن عليها وتختار رئيسها الولايات المتحدة – فقد نشر توقُّعاته يوم الثلاثاء 29 نيسان/ابريل 2025، في تقرير بعنوان 'آفاق أسواق السّلع الأولية'، وتتضمن توقُّعَ تراجع أسعار السلع الأولية ( منها المحروقات كالنفط والفحم والسلع الغذائية والمعادن كالذّهب…) خلال سنتَيْ 2025 و 2026 لمستويات سنة 2018 ويبني البنك العالمي توقعاته على أساس ضُعْفِ النمو العالمي وانخفاض الطّلب واضطراب مسالك التجارة وسلاسل التّوريد، كنتيجة مباشرة للحرب التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة، ويتوقّعُ خُبراؤه انخفاض أسعار السلع الأولية العالمية بمعدّل 12% سنة 2025، و5% أخرى سنة 2026، لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال القرن الواحد والعشرين بالقيمة الحقيقية، وسوف تكون العواقب سلبية على 'الإقتصادات النامية' التي تُصَدِّرُ 65% منها السلع الأولية، ويُؤكّد التقرير ' إن تراجُعَ أسعار المواد الغذائية لن يسهم كثيرا في تخفيف انعدام الأمن الغذائي في بعض البلدان الأكثر عرضة لهذا الخطر مع تقلص المساعدات الإنسانية وتأجيج الصراعات المسلحة للجوع الحاد'، وتجدر الإشارة إن انخفاض الأسعار الذي يعنيه البنك العالمي يتعلق بالأسواق العالمية، ولا يؤدّي إلى انخفاض الأسعار للمستهلك في متاجر التجزئة ولا حتى في الأسواق الوطنية للبيع بالجملة، أما 'الحلّ السّحري' وفق البنك العالمي' فيتمثل في 'ضرورة تحرير التّجارة في هذه البلدان ( أي التّخلِّي عن ضبط ومراقبة الأسعار وعن دعم السلع الغذائية والطاقة)، وتطبيق الانضباط المالي، وتوفير بيئة أكثر ملاءمة للأعمال لجذب رأس المال الخاص…' ، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن البنك العالمي يوم 29 نيسان/ابريل 2025، أي المزيد من الدّعم الحكومي ( من المال العام) للرأسماليين كالإعفاء من الضّرائب وتوفير البنية التحتية الخاصة بالمناطق الصناعية أو مناطق 'التّجارة الحُرّة' وتمكين الشركات الأجنبية من ترحيل أرباحها إلى الخارج، مما يُمثل نَهْبًا للقيمة المُضافة المُحقّقة محليا…
أدت الحرب التجارية إلى الضّغط على حركة الموانئ البحرية والجوية الأمريكية وإلى تراجع حاد لحركة وصول السفن ببعض الموانئ، مثل ميناء لوس أنجلوس وهو الميناء الرئيسي لاستقبال السلع القادمة من الصّين، بفعل تَراجُعِ حجم السّلع المُوَرَّدَة من الصين إلى الولايات المتحدة، وهي من تأثيرات الحرب التجارية الأمريكية ضدّ الصين، وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بتاريخ 29 نيسان/ابريل 2025، نقلاً عن مجموعات خدمات لوجيستية ومشغلي موانئ حاويات ومديري شحن جوي الذين أشاروا إلى انخفاض حُجُز الحاويات بنسب تراوحت بين 30% و 45% ( وفق نوعية وحجم الحاويات ) خلال شهر نيسان 2025، مقارنة بنفس الشهر من سنة 2024، كما علّقت بعض الشركات الشحن البحري من الصين إلى الولايات المتحدة في انتظار اتفاق تجاري بين البلدين، وانخفضت أحجام الشحن الجوي من الصين نحو الولايات المتحدة بنحو 30%، وفقًا لاتحاد وكلاء الشحن الجوي الأميركي…
اهتمت العديد من وسائل الإعلام بمرور أول مائة يوم من رئاسة دونالد ترامب، واستنتجت معظمها أو جميعها إن أغلبية الأمريكيين فقدوا الثقة بوعود دونالد ترامب وزادت شُكُوكهم بشأن كفاءته في إدارة الشؤون الإقتصادية، وفق موقع صحيفة وول ستريت جورنال بتاريخ 29 نيسان/ابريل 2025، واعتبرت الصحيفة إن دونالد ترامب بصدد قيادة الإقتصاد الأمريكي 'إلى حافة أزمة قد تلطخ سمعة أمريكا كملاذ مالي آمن'، وكان دونالد ترامب قد وَعَدَ المواطنين بالرخاء وتخفيض الأسعار، لكن حصل العكس فارتفعت الأسعار ونسبة التضخم، وتراجعت أسواق المال، وانخفضت رحلات شركات الطيران وتراجعت توقعات أداء الشركات الكبرى، وخفض صندوق النّقد الدّولي توقعاته لنمو اقتصاد الولايات المتحدة، وقد يكون الركود الإقتصادي في الإنتظار، كما قد يُؤدِّي فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات التكنولوجيا الصينية والسيارات الكهربائية ومنتجات الصلب إلى إعادة هيكلة التجارة والإقتصاد الدّوليَّيْن، أو 'إعادة التّوازن إلى النظام المالي الدّولي والمؤسّسات – أي صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي – التي خُلقت للحفاظ عليه، ، لأن هذه المؤسسات ابتعدت عن مسارها الصحيح، ويجب أن نسن إصلاحات رئيسية لضمان خدمة مؤسسات بريتون وودز أصحاب المصلحة- وليس العكس' وفق وزير الخزانة الأميركي (سكوت بيسنت ) على هامش اجتماعات الربيع لصندق النقد الدّولي والبنك العالمي بواشنطن( وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ الثلاثين من نيسان/ابريل 2025)
أما صندوق النقد الدّولي، فقد توقّع يوم 22 نيسان/ابريل 2025 انخفاض نمو اقتصاد معظم بلدان العالم سنتَيْ 2025 و 2026، ومن بينها الولايات المتحدة والصين، بفعل تداعيات الرّسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة بفعل 'تصعيد التوتر التجاري والمستويات المرتفعة للغاية من عدم اليقين بشأن السياسات المستقبلية…
بخصوص الحياة اليومية للمواطنين ( بمن فيهم الأمريكيين) سبق أن حذّرت شركات الغذاء العالمية من ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية كالحليب ومشتقاته والبُنّ والوجبات الخفيفة والمشروبات، بسبب زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية، وفق وكالة بلومبرغ بتاريخ 25 نيسان/ابريل 2025
فُرصة مجموعة 'بريكس'
أدّت الرُّسُوم الإضافية إلى إعادة ترتيب سلاسل الإمداد والغذاء على نطاق عالمي، في ظل تقارير عن إعلان إفلاس مزارعين أميركيين بمعدلات مرتفعة، وتوسّع شركات الغذاء الكبرى مثل 'بي آر إف' البرازيلية في الخليج العربي، ويُؤَشِّر هذا التوسّع إلى محاولة استغلال بعض دول مجموعة بريكس وشركاتها زيادة الرسوم الأمريكية لتنمية حصتها من الأسواق العالمية في بلدان 'الأطْراف، على حساب الشركات الأمريكية – التي تدعمها الحكومة – التي هيمنت لعقود على الإقتصاد العالمي، وهي فُرصة لإعادة رسم خريطة النفوذ العالمي، وإرساء أُسُس نظام تجاري واقتصادي بديل للنظام الأحادي القُطب الذي رسّخته مؤسسات بريتن وودز منذ ثمانية عقود، لكن مجموعة 'البريكس' ليست متجانسة وليس لها برنامج بديل للنظام التجاري والإقتصادي الذي تُهيمن عليه الولايات المتحدة، فضلا عن عدم خروج دول مجموعة بريكس عن القواعد الرأسمالية السّائدة، لكن المجموعة ( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ومصر وإيران والحبشة وإندونيسيا والإمارات) قادرة على إعادة تشكيل موازين القوى العالمية، لأنها تُمثل ثقلا اقتصاديا وتضم حوالي 40% من سكان العالم وحوالي 40% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة وأكثر من 50% من احتياطيات الغاز الطبيعي، وتحتاج المجموعة إلى مشروع لا يكتفي بخدمة المصارف والشركات الرأسمالية الكُبرى، بل يخدم البلدان والشعوب في 'الجنوب العالمي'، من خلال توسيع التحالفات وتعزيز الشراكة بين بلدان 'الأَطْراف' باستخدام أدوات مصرفية بديلة والتعامل بالعملات المحلية، والتخطيط لإطلاق عملة مُشتركة، وهو ما يُقوّض هيمنة الدّولار، وكان دونالد ترامب قد هَدّد 'الدول التي تتخلى عن الدولار'، لأنه يُدرك جيّدًا النتائج المترتبة عن ذلك
خاتمة
عندما تولى دونالد ترامب الرئاسة ( كانون الثاني/يناير 2025) بلغ مستوى التضخم 3% ومستوى البطالة 4% وبلغ حجم العجز التجاري 770 مليار دولار وحجم الدَّيْن 35 تريليون دولارا ( أرقام نهاية سنة 2024 )، ويتميز الإقتصاد الأمريكي بارتفاع مستوى إنتاجية العمل، ومستوى تطور العلوم، وضخامة الإمكانات العلمية والتقنية مع ارتفاع مستوى التعليم العالي والبحث العلمي إلى جانب القوة العسكرية الإستثنائية وقوة الدّولار المهيمن على النظام المالي العالمي بنحو 60% من الاحتياطيات العالمية، ونحو 50% من التسويات الدولية، لكن الإقتصاد الأمريكي يُعاني من مستويات مرتفعة لعدم المساواة الاجتماعية، وقد تؤدّي سياسات دونالد ترامب إلى ارتفاع الأسعار وتعميق الفجوة الطّبقية، وانخفاض أرباح الشركات، واحتمال تجميد الاستثمارات، وإلى زيادة خطر الركود في الولايات المتحدة، وقد يمتد إلى باقي دول العالم، ويتوقّع مجلس الاحتياطي الفيدرالي انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي سنة 2025 إلى 1,7%…
يتعين على الولايات المتحدة – بحكم هيمنتها وبحكم هيمنة الدّولار على التجارة والتجويلات المالية الدّولية واحتياطي المصارف المركزية – أن تشتري أكثر مما تبيع لضخ الحجم المطلوب من الدّولارات في الإقتصاد العالمي، بحكم تحوّل الدّولار إلى عُمْلَة عالمية، وهذا هو سبب العجز التجاري الأمريكي المُستمر، وهو ما يعيق الإنتاج القومي الأمريكي، وتُعتبر الأزمة الراهنة أزمة الولايات المتحدة الأمريكية، غير إن دونالد ترامب ( كما من سبقوه من الرؤساء مع اختلاف الطّرق المُستخدمة) يريد أن يتحمل العالم نتائج هذه الأزمة وأن يعمل على حلّها، فيما يواصل رأس المال الأمريكي الإستثمار في القطاعات والمناطق التي تُوفِّرُ أكبر قدر من الربح ويواصل الإحتياطي الفيدرالي تقمّص دَوْر المصرف المركزي العالمي، يغذي الاقتصاد العالمي بالنقود، كما يفعل أي مصرف مركزي، ما دامت المعركة بين قُوى رأسمالية مُتّفقة في الجوهر ومختلفة في الأساليب، في ظل غياب قوى تحمل مشروعًا بديلاً للرّأسمالية، يولي الكادحين والفُقراء والبلدان الواقعة تحت الهيمنة (بلدان 'المُحيط' أو 'الأطراف' ) الإهتمام ويجعل من هذه الأطراف مِحْور التّغْيير على مستوى كل بلد وعلى مستوى عالمي…
‎2025-‎05-‎06

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كم تبلغ كلفة هدية قطر لترامب؟
كم تبلغ كلفة هدية قطر لترامب؟

الرأي العام

timeمنذ 5 ساعات

  • الرأي العام

كم تبلغ كلفة هدية قطر لترامب؟

رجح وسيط التأمين الروسي Mains أن تصل التكاليف الإجمالية لتأمين طائرة بوينغ 747 التي أهدتها قطر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مليون دولار سنويا. وأوضحت تحليلات الوسيط أن الوزن الأقصى للإقلاع للطائرة يتراوح بين 400 إلى 500 طن، ما يفرض حدود تغطية تأمينية تصل إلى مليار دولار، فيما يتراوح قسط التأمين السنوي للمسؤولية المدنية بين 50 ألفا و250 ألف دولار، حسب نوعية التأمين إذا كان فرديا أم جزءا من أسطول. وأضاف الخبراء أن الأسعار تختلف تبعا لمخاطر الركاب على متن الطائرة، حيث تشمل التغطية التأمين على الأضرار التي قد تلحق بهم، وهو ما يدفع بعض شركات التأمين إلى الامتناع عن تغطية بعض المخاطر، أما التأمين الشامل للكاسكو، فيمكن أن يصل إلى مليون دولار سنويا نظرا لتكلفة تجهيزات الطائرة الحصرية والفاخرة. ويعتقد الخبراء أن 'سوق التأمين التجاري الدولي قادر على تغطية طائرة بوينغ 747 رغم تكلفتها العالية التي تبلغ 400 مليون دولار، بشرط توزيع الحصص بشكل مناسب بين المشاركين. وكشف الخبراء عن كيفية تنظيم تأمين شركات الطيران في الخارج، حيث يتم اختيار وسيط تأمين لتشكيل تجمع من 10 إلى 20 من أكبر شركات التأمين العالمية، تتحمل كل منها حصة من المخاطر، بحيث تصل حصة كل شركة في هذه الطائرات الفاخرة إلى حوالي 10%، وفي حال وقوع حادث تأميني، يقوم الوسيط بجمع حصة التعويض من كل شركة ويقدم المبلغ الموحد لشركة الطيران أو للمتضررين. وأشار التقرير إلى أن تأمين شركات الطيران يتم عادة عبر وسطاء يقومون بتشكيل تجمعات من كبريات شركات التأمين العالمية، كل منها تتحمل جزءا من المخاطر، ما يضمن تغطية كاملة للحوادث المحتملة. ويأتي هذا التأمين في إطار التزام القوانين الدولية والمحلية التي تحدد متطلبات التغطية بناء على وزن الطائرة وعدد ركابها وسعة حملها، مع مراعاة مواصفات الطائرة وتجهيزاتها الفريدة. وتعد طائرات بوينغ 747 وإيرباص A380 من أغلى الطائرات ركابا في العالم، حيث تعتمد شركات الطيران الكبرى مثل 'طيران الإمارات' على شبكات تأمين عالمية لضمان حماية أساطيلها، وسط تكاليف تأمينية تتراوح مئات الملايين من الدولارات.

إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ
إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ

شفق نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • شفق نيوز

إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ

شفق نيوز/ أفادت وسائل إعلام أمريكية، يوم السبت، بقيام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إعطاء أكثر من 100 مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إجازة إدارية، وذلك في إطار إعادة هيكلة المجلس تحت قيادة مستشار الأمن القومي المؤقت، وزير الخارجية ماركو روبيو. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين، قولهم إن "إدارة ترامب طردت عشرات الموظفين من مجلس الأمن القومي الأمريكي بشكل مفاجئ، أمس الجمعة"، مشيرين إلى أن "ترامب يريد إبقاء روبيو، في منصب مستشار الأمن القومي بالإنابة لأطول فترة ممكنة". وأضاف المسؤولون أن "خطط إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي الأمريكي تشمل خفض عدد العاملين إلى أقل من 150 موظفا، وتتضمن أيضا تقليص عدد اللجان التابعة للمجلس". ونقلت الوسائل، عن المسؤولين الأمريكيين، إن "ترامب وروبيو، يسعيان إلى إجراء إصلاح شامل لمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض"، مشيرين إلى أن "روبيو يخطط لخفض عدد موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى النصف من أصل 350 موظفا حاليا". وأردف المسؤولون أن "روبيو يخطط لنقل العديد من صلاحيات مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى وزارة الخارجية والبنتاغون"، لافتين إلى أن "مهام مجلس الأمن القومي بعد إصلاحه ستكون التنسيق والتشاور وليس تنفيذ السياسة الأمريكية". وكان جيه دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، قد صرح بأن الرئيس دونالد ترامب، "لم يفقد الثقة في مايك والتز، الذي رشحه ممثلًا دائمًا له لدى الأمم المتحدة، بعد إعفائه من منصبه مستشارا للأمن القومي". وقال فانس في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن والتز "موضع ثقة مني ومن الرئيس. والرئيس معجب بوالتز في الواقع". وأضاف روبيو أن "ترامب يعتقد بأن والتز، سيكون أكثر فائدة بصفته مندوبًا لواشنطن لدى الأمم المتحدة"، مؤكدًا أن تغيير منصبه لا علاقة له بفضيحة الدردشة عبر تطبيق "سيغنال". وأشار فانس أيضًا إلى أن المنصب المعروض على والتز "يمكن اعتباره ترقية، نظرًا لأن المرشحين لمنصب الممثل الدائم للأمم المتحدة، يتم الموافقة عليهم من قبل مجلس الشيوخ، على عكس مستشار الأمن القومي". وعقب قرار ترامب، كتب والتز، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس": "يشرفني أن أواصل خدمتي للرئيس ترامب وأمتنا العظيمة". فيما ذكرت شبكة "سي بي إس" الأمريكية، نقلًا عن مصادرها، أنه من المقرر أن يترك مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، ونائبه أليكس وونغ، منصبيهما، وذلك على خلفية تسريب محادثات سرية بين كبار المسؤولين الأمريكيين تتعلق بخطط عسكرية أمريكية حول الضربات على اليمن، فيما بات يعرف إعلاميا بـ"فضيحة سيغنال". وفي وقت سابق، أطلق مكتب المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية، تحقيقًا في استخدام وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، لتطبيق "سيغنال"، في أعقاب الفضيحة التي أحاطت بتسريب مناقشات أجراها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن الضربات في اليمن. وفي 24 مارس/آذار الماضي، قال رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك"، جيفري غولدبرغ، إنه تلقى في 11 مارس/آذار الماضي، طلبًا عبر تطبيق "سيغنال" وانتهى به الأمر في دردشة ناقشت فيها الحكومة الأمريكية توجيه ضربات لجماعة "أنصار الله" في شمال اليمن. وبحسب غولدبرغ، فإن المجموعة التي يطلق عليها "مجموعة الحوثيين المقربة من السياسيين"، كانت تستضيف "مناقشة سياسية شملت حسابات تحت أسماء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، والمستشار السابق للأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز، ومسؤولين آخرين". وأكد العديد منهم تواجدهم في الدردشة، لكنهم أصروا على عدم تبادل أي معلومات سرية عبر التطبيق.

الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر "السكان اليائسون" وصول الطعام
الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر "السكان اليائسون" وصول الطعام

شفق نيوز

timeمنذ 7 ساعات

  • شفق نيوز

الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر "السكان اليائسون" وصول الطعام

تسببت كمية الغذاء المحدودة التي وصلت إلى غزة بعد رفع الحصار الإسرائيلي جزئياً، في انتشار الفوضى، مع استمرار انتشار الجوع بين سكان القطاع. فقد اكتظت المخابز التي توزع الطعام بالحشود وأُجبرت على الإغلاق يوم الخميس، وفي الليل هاجم لصوص مسلحون قافلة مساعدات، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار مع مسؤولي أمن حماس، الذين استهدفتهم غارة لطائرة إسرائيلية مُسيرة، بحسب شهود عيان. وتؤكد الحادثة التي وقعت في وسط غزة، ورواها شهود عيان وصحفيون محليون ومسؤولون من حماس لبي بي سي، على تدهور الوضع الأمني في غزة، حيث انهارت حكومة حماس وعمّت الفوضى. ووقعت الحادثة أثناء توجه قافلة مكونة من 20 شاحنة تحمل الدقيق من معبر كرم أبو سالم إلى مستودع تابع لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة دير البلح، ودخلت القطاع بتنسيق من برنامج الغذاء العالمي. ورافق القافلة ستة عناصر من أمن حماس عندما تعرضت لكمين نصبه خمسة مسلحين مجهولين، أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وحاولوا الاستيلاء على حمولتها. وقال شهود عيان لبي بي سي نيوز إن فريق التأمين التابع لحماس اشتبك مع المهاجمين في تبادل إطلاق نار قصير. وبعد وقت قصير من بدء الاشتباك، استهدفت طائرات إسرائيلية مُسيرة فريق حماس بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل ستة ضباط وإصابة آخرين. EPA وأصدرت حماس بياناً أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه "مجزرة مروعة"، متهمة إسرائيل باستهداف الأفراد المكلفين بحماية المساعدات الإنسانية عمداً. بينما رد الجيش الإسرائيلي ببيان قال فيه إن إحدى طائراته حددت هوية "عدد من المسلحين، من بينهم إرهابيون من حماس"، بالقرب من شاحنات مساعدات إنسانية في وسط غزة "وضربت المسلحين بعد التعرف عليهم". وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه سيبذل "كل الجهود الممكنة لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى أيدي المنظمات الإرهابية". وسمحت إسرائيل بمرور كمية صغيرة من الغذاء إلى غزة هذا الأسبوع؛ حيث عبرت حوالي 130 شاحنة محملة بالمساعدات إلى داخل القطاع في الأيام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الجيش الإسرائيلي جزئياً الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً. وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى ما بين 500 إلى 600 شاحنة من الإمدادات يومياً. وحذرت وكالات دولية، منها الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، مرارا وتكرارا من أن انعدام الأمن المتزايد يعوق توصيل الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان بشدة، ومعظمهم من النازحين داخل غزة. وتقول إسرائيل إن الحصار يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، كما اتهمت حماس أيضاً بسرقة الإمدادات، وهو ما نفته الحركة. وأكد برنامج الأغذية العالمي نهب 15 شاحنة مساعدات تابعة له مساء الخميس، قائلاً إن "الجوع واليأس والقلق حول إمكان وصول المساعدات الغذائية يساهم في تفاقم انعدام الأمن". ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى المساعدة في ضمان المرور الآمن للإمدادات. وكتب فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على منصة إكس، أنه لا ينبغي أن "يتفاجأ" أحد "أو يشعر بالصدمة" من نهب المساعدات؛ لأن "أهل غزة يعانون الجوع والحرمان من الأساسيات مثل المياه والأدوية لأكثر من 11 أسبوعاً". وقبل دخول قافلة المساعدات يوم الخميس، تجمع فلسطينيون غاضبون وجائعون خارج المخابز في غزة، في محاولة يائسة للحصول على الخبز، لكن سرعان ما تحول الوضع إلى حالة من الفوضى، ما اضطر السلطات إلى وقف التوزيع. كما اضطرت معظم المخابز لتعليق عملياتها، مشيرة إلى انعدام الأمن. وأعرب العديد من السكان في مختلف أنحاء غزة عن شعورهم بالإحباط المتزايد، بسبب طريقة توزيع المساعدات، وانتقدوا برنامج الأغذية العالمي الذي يشرف على تسليم الأغذية. وطالب البعض بتوزيع الدقيق مباشرة على السكان بمعدل كيس واحد لكل أسرة، بدلاً من توزيعه على المخابز لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان. ويقول السكان المحليون إن توزيع الدقيق سوف يسمح للأسر بالخبز في المنازل أو في الخيام، ما سيكون "أكثر أماناً من الانتظار في مراكز المساعدات المزدحمة." EPA كما تحدث فلسطينيون على الأرض عن انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها من يعيشون وسط القتال أو أجبروا على ترك منازلهم، في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي في تصعيد عملياته العسكرية ضد حماس. ومن داخل أحد مخيمات النازحين في المواصي جنوبي قطاع غزة، قال عبد الفتاح حسين لبي بي سي، عبر تطبيق واتساب، إن الوضع "يزداد سوءاً" بسبب عدد الموجودين في المنطقة. وأضاف، وهو أب لطفلين، أنه "لا توجد مساحة" في المواصي، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر سكان المنطقة بمغادرة منازلهم التوجه إلى مكان آمن. وأكد أنه "لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا مياه شرب كافية ولا أدوية متاحة"، والغارات الجوية المتكررة، خاصة أثناء الليل، تفاقم المعاناة". ووصف حسين شاحنات المساعدات القادمة بأنها "قطرة في بحر احتياجات سكان غزة." وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيُسمح أخيراً بدخول بعض الإمدادات "الأساسية" فقط من الاحتياجات إلى القطاع. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية الغذاء التي دخلت غزة في الأيام الأخيرة لا تقترب حتى من الكمية المطلوبة لإطعام نحومليوني فلسطيني يعيشون هناك، في حين قالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تدخل القطاع في المتوسط يومياً قبل الحرب. وحذرت منظمات إنسانية من مجاعة "تهدد قطاع غزة على نطاق واسع." وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 400 شاحنة حصلت على الموافقة لدخول غزة هذا الأسبوع، لكن الإمدادات التي دخلت جُمِعت من 115 شاحنة فقط، مضيفا أنه لم يصل شيء "إلى الشمال المحاصر" حتى الآن. ورغم وصول بعض الطحين/الدقيق وأغذية الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، وبدء بعض المخابز في الجنوب العمل مرة أخرى، قال غوتيريش إن ذلك يعادل "ملعقة صغيرة من المساعدات بينما هناك حاجة إلى طوفان من المساعدات". وأضاف أن "هناك إمدادات محملة على 160 ألف منصة متنقلة، تكفي لملء نحو 9 آلاف شاحنة، مازالت في الانتظار". وقالت رضا، وهي قابلة تعمل على توليد الحوامل من خلال جمعية مشروع الأمل الخيرية في دير البلح، إن النساء يأتين إليها في حالة إغماء، ويلجأن إلى طلب مساعدتها بسبب عدم تناول أي طعام حتى وجبة الإفطار. وأضافت أن الكثير من النساء يحصلن على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعيشن على البسكويت عالي الطاقة الذي تقدمه لهم الجمعية الخيرية. وتضيف القابلة: "بسبب سوء التغذية، دائماً ما تشكو النساء من عدم حصول أطفالهن على ما يكفي من المكملات الغذائية من الرضاعة، ولا يتوقفوا عن البكاء. إنهم يحتاجون دائماً إلى الرضاعة الطبيعية، لكن الصدور خالية من اللبن". أما صبا ناهض النجار، فهي مراهقة تعيش في خان يونس، حيث أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جماعي للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمهيداً لعملية عسكرية "غير مسبوقة" هناك، بحسبه. وقالت صبا إن عائلتها بقيت في منزلها المدمر جزئياً، مضيفة "صدر أمر إخلاء لمنطقتنا، لكننا لم نغادر لأننا لا نجد مكاناً آخر نذهب إليه". وتابعت: "لا يوجد عدد كبير من المواطنين في المنطقة. النازحون ينامون في الشارع ولا يوجد طعام. الظروف متدهورة وصعبة للغاية". وقالت المراهقة الفلسطينية في رسالة عبر تطبيق واتساب، وهي تكاد تكون الطريقة الوحيدة للتحدث إلى الناس في غزة لأن الجيش الإسرائيلي يمنع الصحفيين من دخولها، إن "القصف مستمر بطريقة وحشية". وأكدت أنه لم يتبق لها ولأسرتها سوى القليل، مضيفة: "ليس لدينا طعام، ولا دقيق، ولا أي ضروريات أساسية للحياة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store