logo
«عربات جدعون»... مغامرة إسرائيل الإستراتيجية في غزة

«عربات جدعون»... مغامرة إسرائيل الإستراتيجية في غزة

الرأيمنذ 15 ساعات

مع إطلاق إسرائيل أحدث حملاتها العسكرية العدوانية والدموية في قطاع غزة - عملية «عربات جدعون» - بعد أيام من القصف المكثف والعشوائي على خان يونس وشمال القطاع، والذي أودى بحياة مئات الفلسطينيين، وبعد أكثر من 20 شهراً من الحرب المفتوحة، تُصوّر إسرائيل العملية على أنها جهد حاسم لتفكيك ما تبقى من البنية التحتية العسكرية لحركة «حماس»، وشل جهازها الحكومي، وتأمين إطلاق الرهائن المتبقين.
هذه الأهداف المعلنة تكمن وراءها شبكة معقدة من التناقضات الإستراتيجية، والقيود اللوجستية، والمخاطر السياسية التي تُلقي بظلال من الشك على جدوى العملية واستمرارها على المدى الطويل.
ومع وجود 20 رهينة فقط يُعتقد أنهم على قيد الحياة، و38 آخرين مؤكد مقتلهم، تبدو التوقعات بتحقيق اختراق في هذه المرحلة النهائية بعيدة المنال في شكل متزايد، خصوصاً بعد سلسلة من العمليات الفاشلة على مدار العام ونصف العام الماضيين، ومازال من غير الواضح كيف يتوقع الجيش الإسرائيلي أن يحقق في هذه الحملة الأخيرة ما فشل في تحقيقه من قبل.
خطة على ثلاث مراحل
وفقاً لمصادر إسرائيلية وأميركية، فإن خطة «عربات جدعون» مُهيكلة على ثلاث مراحل متداخلة.
تُركز الأولى - وهي جارية بالفعل - على تدمير البنية التحتية العسكرية لـ«حماس» وقدراتها على الحكم.
كما تتضمن إعداد جنوب غزة لعمليات نقل سكاني واسعة النطاق من خلال إنشاء مراكز توزيع مساعدات إنسانية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وتديرها شركات أميركية.
وتهدف الثانية إلى نقل السكان المدنيين إلى مناطق معزولة، عن مناطق نفوذ «حماس»، مع فحص السكان فرداً فرداً لتحديد انتماءاتهم من عدمها.
أما في المرحلة الأخيرة، فستُجري قوات الاحتلال مناورات برية في المناطق المُطهرة، وتقضي (باعتقادها) على عناصر «حماس» المتبقين، وتُرسي وجوداً احتلالياً طويل الأمد.
وتتضمن الخطة خمس أدوات ضغط: احتلال عسكري دائم للممرات الرئيسية، عزل «حماس» عن السكان المدنيين، منع وصول المساعدات الإنسانية، تفكيك شبكات القيادة والسيطرة التابعة لـ«حماس»، والحرب النفسية.
ومع ذلك، يعتمد العديد من هذه العناصر على مستوى من السيطرة اللوجستية والموافقة الدولية التي قد لا تتحقق.
معضلة الاحتلال
تتمثل إحدى الفجوات الإستراتيجية الجوهرية في عملية «عربات جدعون» في مسألة ما سيحدث في اليوم التالي.
لم يقدم المسؤولون الإسرائيليون أي رؤية متماسكة لمن سيحكم غزة بعد «إزاحة حماس». فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض عودة السلطة الفلسطينية، ورفضت قوى إقليمية ملء الفراغ. وهذا يعني أنه عملياً، تفكيك «حماس» سيجبر إسرائيل على تولي السيطرة الإدارية.
في أغسطس 2024، عيّنت إسرائيل العميد إيلاد غورين رئيساً للشؤون المدنية في غزة، ليقوم فعلياً بدور الحاكم العسكري للقطاع. وأشار هذا التعيين إلى خطوة نحو وجود إسرائيلي طويل الأمد في القطاع، على غرار دور رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة. ويعبر إنشاء هذا المنصب عن نيات إسرائيل الإشراف المباشر على الشؤون الإنسانية والمدنية، ما يعزز سيطرتها على غزة.
ويؤشر إنشاء هذا الدور إلى أن إسرائيل تستعد لاحتلال ممتد، حيث يشرف الحاكم العسكري ليس فقط على الأمن، بل أيضاً على الحكم اليومي في غزة.
وأثار هذا التطور مخاوف في شأن مستقبل استقلال غزة واحتمال زيادة التوترات في المنطقة.
يعني هذا الواقع الحاجة إلى ما بين خمس وسبع فرق عسكرية لاحتلال غزة بالكامل - وهو التزام يراوح بين 60 ألفاً و80 ألف جندي، مع الحاجة إلى عشرات الآلاف الآخرين لتحقيق الاستقرار والإدارة.
ويعكس هذا العدد تجربة إسرائيل الطويلة والمؤلمة في جنوب لبنان قبل انسحابها عام 2000، وهو يُمثل السيناريو الدقيق الذي سعى أرييل شارون إلى منعه في غزة عام 2005.
وليس مبالغة القول إن ذلك يجري في لحظة تشتت الجيش الإسرائيلي على جبهات عدة، بما في ذلك الضفة والحدود الشمالية مع «حزب الله»، حيث نقلت إسرائيل من هذه الجبهة فرقتين لدعم احتلالها لغزة، وتالياً فإن احتلالاً طويل الأمد للقطاع لن يُرهق الموارد العسكرية فحسب، بل سيفرض أيضاً تكلفة سياسية عالية.
المخاطر الإنسانية
إن محاولة إسرائيل لإدارة التداعيات الإنسانية من خلال إنشاء مراكز لوجستية في رفح وممر نتساريم محفوفة بالمخاطر.
وقد رفض مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) المشاركة، مُشيراً إلى انتهاكات القانون الدولي وعدم كفاية نماذج توزيع المساعدات.
ومن دون شركاء دوليين موثوقين، قد يقع عبء توزيع المساعدات مباشرة على القوات الإسرائيلية، وهو سيناريو يعارضه رئيس الأركان إيال زامير.
وعلاوة على ذلك، إذا ظلت «حماس» تعمل في أي شكل من الأشكال، فمن المرجح استهداف قوافل المساعدات وأفراد قوات الاحتلال، ما يزيد من تقويض الجهود الإنسانية.
قد تُلحق ظاهرة النزوح، إلى جانب تدهور ظروف سكان غزة، ضرراً طويل الأمد بشرعية إسرائيل الدولية.
وقد دعت هولندا الاتحاد الأوروبي بالفعل إلى مراجعة اتفاقيتها التجارية مع إسرائيل، وقد يتبع ذلك تداعيات دبلوماسية أوسع نطاقاً.
«حماس» مُتضررة لا مهزومة
منذ بدء الحرب، تكبدت «حماس» خسائر لأنها تخوض حرباً ضروس من دون هوادة. وتدنت قدرتها على العمل في تشكيلات شبه عسكرية كبيرة.
ومع ذلك، فقد تكيفت من خلال التحول إلى تكتيكات حرب العصابات، بما في ذلك نيران القناصة والعبوات الناسفة المرتجلة وهجمات الكر والفر - وهي أساليب تتطلب موارد أقل بكثير ولكنها قد تُقوّض بشدة الاحتلال المستدام.
في يناير 2025، قدّرت الاستخبارات الأميركية، أن «حماس» جنّدت 15 ألف عنصر جديد خلال الصراع، وأن هيكلها المتبقي مازال يتمتع بقدر كافٍ من المرونة لشنّ مقاومة طويلة الأمد. وأفادت التقارير أيضاً بأن هذه الجماعة بدأت في إعادة استخدام الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة في عبوات ناسفة، وهو تكتيك مستوحى من صراعات العراق وأفغانستان.
في هذه الأثناء، تواصل «حماس» ممارسة سيطرة جزئية على الخدمات الأساسية في غزة، وغالباً ما تنسق مع المنظمات غير الحكومية الدولية.
ورغم الضغوط التي تتعرض لها حكومتها، إلا أنها مازالت بحكم الأمر الواقع الجهة المسؤولة عن إرساء النظام في العديد من المناطق. وتالياً، فهي تحتفظ برأسمال سياسي وقدرة على إعادة بناء نفسها تحت الاحتلال.
وفي حين يزعم صانعو السياسات في إسرائيل أن عملية «عربات جدعون» ستُنتج غزة «ما بعد حماس»، إلا أن الخطة لا تتضمن آليات للانتقال السياسي.
ومن غير المرجح أن يدوم نزع السلاح من دون وجود بديل ذي صدقية لحكم مدني. ومن المتوقع أن يؤدي غياب تسوية سياسية طويلة الأمد إلى تأجيج التمرد بدلاً من تهدئة الوضع في المنطقة.
وبدأت واشنطن في إعادة تقييم موقفها. إذ تشير تعليقات الرئيس دونالد ترامب خلال زيارته للشرق الأوسط بكلامه عن «الحرب المروعة» والحاجة إلى إنهائها «بأسرع وقت ممكن»، إلى رغبة في ضبط النفس.
مقامرة بلا خطة خروج
تكمن المفارقة الجوهرية في «عربات جدعون» في أن منطقها العسكري مُقوّض بغياب حل سياسي. فبينما قد تُضعف هذه العملية «حماس» على المدى القصير، إلا أنها لا تُقدّم إطاراً عملياً لما سيأتي لاحقاً.
إذ كلما طالت مدة بقاء إسرائيل في غزة، زاد خطر الوقوع في فخ مألوف قوامه الإفراط في التوسع، والإدانة الدولية، وحركة مقاومة مُتمكّنة.
قد تعتقد حكومة نتنياهو أن الوقت والضغط سيُفضيان إلى نتيجة أكثر إيجابية ويبقى الائتلاف الحكومي على تماسكه. لكن في غياب سلطة انتقالية متفق عليها، أو دعم إقليمي، أو تحالف أميركي، قد تحقق عملية «عربات جدعون» نجاحاً تكتيكياً على حساب عدم استقرار إستراتيجي طويل الأمد، وقد تغرق «عربات جدعون» في وحول حرب بلا أفق ومن دون طريق واضح للعودة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«عربات جدعون»... مغامرة إسرائيل الإستراتيجية في غزة
«عربات جدعون»... مغامرة إسرائيل الإستراتيجية في غزة

الرأي

timeمنذ 15 ساعات

  • الرأي

«عربات جدعون»... مغامرة إسرائيل الإستراتيجية في غزة

مع إطلاق إسرائيل أحدث حملاتها العسكرية العدوانية والدموية في قطاع غزة - عملية «عربات جدعون» - بعد أيام من القصف المكثف والعشوائي على خان يونس وشمال القطاع، والذي أودى بحياة مئات الفلسطينيين، وبعد أكثر من 20 شهراً من الحرب المفتوحة، تُصوّر إسرائيل العملية على أنها جهد حاسم لتفكيك ما تبقى من البنية التحتية العسكرية لحركة «حماس»، وشل جهازها الحكومي، وتأمين إطلاق الرهائن المتبقين. هذه الأهداف المعلنة تكمن وراءها شبكة معقدة من التناقضات الإستراتيجية، والقيود اللوجستية، والمخاطر السياسية التي تُلقي بظلال من الشك على جدوى العملية واستمرارها على المدى الطويل. ومع وجود 20 رهينة فقط يُعتقد أنهم على قيد الحياة، و38 آخرين مؤكد مقتلهم، تبدو التوقعات بتحقيق اختراق في هذه المرحلة النهائية بعيدة المنال في شكل متزايد، خصوصاً بعد سلسلة من العمليات الفاشلة على مدار العام ونصف العام الماضيين، ومازال من غير الواضح كيف يتوقع الجيش الإسرائيلي أن يحقق في هذه الحملة الأخيرة ما فشل في تحقيقه من قبل. خطة على ثلاث مراحل وفقاً لمصادر إسرائيلية وأميركية، فإن خطة «عربات جدعون» مُهيكلة على ثلاث مراحل متداخلة. تُركز الأولى - وهي جارية بالفعل - على تدمير البنية التحتية العسكرية لـ«حماس» وقدراتها على الحكم. كما تتضمن إعداد جنوب غزة لعمليات نقل سكاني واسعة النطاق من خلال إنشاء مراكز توزيع مساعدات إنسانية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وتديرها شركات أميركية. وتهدف الثانية إلى نقل السكان المدنيين إلى مناطق معزولة، عن مناطق نفوذ «حماس»، مع فحص السكان فرداً فرداً لتحديد انتماءاتهم من عدمها. أما في المرحلة الأخيرة، فستُجري قوات الاحتلال مناورات برية في المناطق المُطهرة، وتقضي (باعتقادها) على عناصر «حماس» المتبقين، وتُرسي وجوداً احتلالياً طويل الأمد. وتتضمن الخطة خمس أدوات ضغط: احتلال عسكري دائم للممرات الرئيسية، عزل «حماس» عن السكان المدنيين، منع وصول المساعدات الإنسانية، تفكيك شبكات القيادة والسيطرة التابعة لـ«حماس»، والحرب النفسية. ومع ذلك، يعتمد العديد من هذه العناصر على مستوى من السيطرة اللوجستية والموافقة الدولية التي قد لا تتحقق. معضلة الاحتلال تتمثل إحدى الفجوات الإستراتيجية الجوهرية في عملية «عربات جدعون» في مسألة ما سيحدث في اليوم التالي. لم يقدم المسؤولون الإسرائيليون أي رؤية متماسكة لمن سيحكم غزة بعد «إزاحة حماس». فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض عودة السلطة الفلسطينية، ورفضت قوى إقليمية ملء الفراغ. وهذا يعني أنه عملياً، تفكيك «حماس» سيجبر إسرائيل على تولي السيطرة الإدارية. في أغسطس 2024، عيّنت إسرائيل العميد إيلاد غورين رئيساً للشؤون المدنية في غزة، ليقوم فعلياً بدور الحاكم العسكري للقطاع. وأشار هذا التعيين إلى خطوة نحو وجود إسرائيلي طويل الأمد في القطاع، على غرار دور رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة. ويعبر إنشاء هذا المنصب عن نيات إسرائيل الإشراف المباشر على الشؤون الإنسانية والمدنية، ما يعزز سيطرتها على غزة. ويؤشر إنشاء هذا الدور إلى أن إسرائيل تستعد لاحتلال ممتد، حيث يشرف الحاكم العسكري ليس فقط على الأمن، بل أيضاً على الحكم اليومي في غزة. وأثار هذا التطور مخاوف في شأن مستقبل استقلال غزة واحتمال زيادة التوترات في المنطقة. يعني هذا الواقع الحاجة إلى ما بين خمس وسبع فرق عسكرية لاحتلال غزة بالكامل - وهو التزام يراوح بين 60 ألفاً و80 ألف جندي، مع الحاجة إلى عشرات الآلاف الآخرين لتحقيق الاستقرار والإدارة. ويعكس هذا العدد تجربة إسرائيل الطويلة والمؤلمة في جنوب لبنان قبل انسحابها عام 2000، وهو يُمثل السيناريو الدقيق الذي سعى أرييل شارون إلى منعه في غزة عام 2005. وليس مبالغة القول إن ذلك يجري في لحظة تشتت الجيش الإسرائيلي على جبهات عدة، بما في ذلك الضفة والحدود الشمالية مع «حزب الله»، حيث نقلت إسرائيل من هذه الجبهة فرقتين لدعم احتلالها لغزة، وتالياً فإن احتلالاً طويل الأمد للقطاع لن يُرهق الموارد العسكرية فحسب، بل سيفرض أيضاً تكلفة سياسية عالية. المخاطر الإنسانية إن محاولة إسرائيل لإدارة التداعيات الإنسانية من خلال إنشاء مراكز لوجستية في رفح وممر نتساريم محفوفة بالمخاطر. وقد رفض مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) المشاركة، مُشيراً إلى انتهاكات القانون الدولي وعدم كفاية نماذج توزيع المساعدات. ومن دون شركاء دوليين موثوقين، قد يقع عبء توزيع المساعدات مباشرة على القوات الإسرائيلية، وهو سيناريو يعارضه رئيس الأركان إيال زامير. وعلاوة على ذلك، إذا ظلت «حماس» تعمل في أي شكل من الأشكال، فمن المرجح استهداف قوافل المساعدات وأفراد قوات الاحتلال، ما يزيد من تقويض الجهود الإنسانية. قد تُلحق ظاهرة النزوح، إلى جانب تدهور ظروف سكان غزة، ضرراً طويل الأمد بشرعية إسرائيل الدولية. وقد دعت هولندا الاتحاد الأوروبي بالفعل إلى مراجعة اتفاقيتها التجارية مع إسرائيل، وقد يتبع ذلك تداعيات دبلوماسية أوسع نطاقاً. «حماس» مُتضررة لا مهزومة منذ بدء الحرب، تكبدت «حماس» خسائر لأنها تخوض حرباً ضروس من دون هوادة. وتدنت قدرتها على العمل في تشكيلات شبه عسكرية كبيرة. ومع ذلك، فقد تكيفت من خلال التحول إلى تكتيكات حرب العصابات، بما في ذلك نيران القناصة والعبوات الناسفة المرتجلة وهجمات الكر والفر - وهي أساليب تتطلب موارد أقل بكثير ولكنها قد تُقوّض بشدة الاحتلال المستدام. في يناير 2025، قدّرت الاستخبارات الأميركية، أن «حماس» جنّدت 15 ألف عنصر جديد خلال الصراع، وأن هيكلها المتبقي مازال يتمتع بقدر كافٍ من المرونة لشنّ مقاومة طويلة الأمد. وأفادت التقارير أيضاً بأن هذه الجماعة بدأت في إعادة استخدام الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة في عبوات ناسفة، وهو تكتيك مستوحى من صراعات العراق وأفغانستان. في هذه الأثناء، تواصل «حماس» ممارسة سيطرة جزئية على الخدمات الأساسية في غزة، وغالباً ما تنسق مع المنظمات غير الحكومية الدولية. ورغم الضغوط التي تتعرض لها حكومتها، إلا أنها مازالت بحكم الأمر الواقع الجهة المسؤولة عن إرساء النظام في العديد من المناطق. وتالياً، فهي تحتفظ برأسمال سياسي وقدرة على إعادة بناء نفسها تحت الاحتلال. وفي حين يزعم صانعو السياسات في إسرائيل أن عملية «عربات جدعون» ستُنتج غزة «ما بعد حماس»، إلا أن الخطة لا تتضمن آليات للانتقال السياسي. ومن غير المرجح أن يدوم نزع السلاح من دون وجود بديل ذي صدقية لحكم مدني. ومن المتوقع أن يؤدي غياب تسوية سياسية طويلة الأمد إلى تأجيج التمرد بدلاً من تهدئة الوضع في المنطقة. وبدأت واشنطن في إعادة تقييم موقفها. إذ تشير تعليقات الرئيس دونالد ترامب خلال زيارته للشرق الأوسط بكلامه عن «الحرب المروعة» والحاجة إلى إنهائها «بأسرع وقت ممكن»، إلى رغبة في ضبط النفس. مقامرة بلا خطة خروج تكمن المفارقة الجوهرية في «عربات جدعون» في أن منطقها العسكري مُقوّض بغياب حل سياسي. فبينما قد تُضعف هذه العملية «حماس» على المدى القصير، إلا أنها لا تُقدّم إطاراً عملياً لما سيأتي لاحقاً. إذ كلما طالت مدة بقاء إسرائيل في غزة، زاد خطر الوقوع في فخ مألوف قوامه الإفراط في التوسع، والإدانة الدولية، وحركة مقاومة مُتمكّنة. قد تعتقد حكومة نتنياهو أن الوقت والضغط سيُفضيان إلى نتيجة أكثر إيجابية ويبقى الائتلاف الحكومي على تماسكه. لكن في غياب سلطة انتقالية متفق عليها، أو دعم إقليمي، أو تحالف أميركي، قد تحقق عملية «عربات جدعون» نجاحاً تكتيكياً على حساب عدم استقرار إستراتيجي طويل الأمد، وقد تغرق «عربات جدعون» في وحول حرب بلا أفق ومن دون طريق واضح للعودة.

«الأهوال» في خان يونس... ونتنياهو ينوي احتلال كامل غزة
«الأهوال» في خان يونس... ونتنياهو ينوي احتلال كامل غزة

الرأي

timeمنذ 15 ساعات

  • الرأي

«الأهوال» في خان يونس... ونتنياهو ينوي احتلال كامل غزة

في إطار حربه «الجهنمية» المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023، على غزة المُحاصرة، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل أراضي القطاع، مع تكثيف الغارات الجوية والعمليات البرية، بينما وصف أحد السكان حجم الضربات، قائلاً «عشنا حرفياً أكثر من نصف ساعة من الأهوال في خان يونس، كل أنواع الطيران والقصف كانت موجودة». وأشار نتنياهو إلى أن على إسرائيل، تفادي حدوث مجاعة في القطاع «لأسباب دبلوماسية»، غداة إعلانه السماح بدخول «كمية أساسية» من الغذاء للقطاع بعد شهرين من إطباق الحصار على سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة. ولفت إلى أن حتى داعمي إسرائيل لن يكونوا متسامحين مع «مشاهد المجاعة الجماعية»، في حين ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، ان إدارة الرئيس دونالد ترامب، أبلغت الإسرائيليين «سنتخلى عنكم إذا لم توقفوا الحرب». ومساء، أعلن الاحتلال دخول 5 شاحنات مساعدات إلى القطاع المنكوب، بينما أكدت الأمم المتحدة أن السماح بدخول شاحنات عدة «قطرة في محيط». من جانبه، ندد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، بقرار إدخال بعض المساعدات، بينما قال وزير المال بتسلئيل سموتريتش إن «ما سيدخل في الأيام المقبلة سيكون الحد الأدنى فقط...». وأضاف أن «سكان القطاع سيتوجهون إلى جنوبه ومنه إلى دولة ثالثة». وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس من خطر المجاعة في غزة حيث يوجد «مليونا شخص يتضورون جوعاً». ميدانيا، أعلن جيش الاحتلال، أمس، أن قواته «استهدفت أكثر من 160 هدفاً خلال الساعات الأخيرة». وأصدر أمراً بالإخلاء «الفوري» لسكان محافظة خان يونس ومنطقتي بني سهيلا وعبسان المجاورتين. وأعلن الدفاع المدني في غزة، استشهاد 52 شخصاً في الغارات منذ فجر أمس. وسجلت الحصيلة الأعلى في خان يونس جنوباً، حيث أفيد عن استشهاد 22 شخصاً. وفي خان يونس أيضاً، قال محمد سرحان متحدثاً عن القصف «وكأنها أهوال يوم القيامة، إطلاق نار من كل الجهات، أحزمة نارية، طيران إف - 16، ومروحيات تُطلق النار». وتحدث الدفاع المدني عن «عدد من الشهداء سقطوا برصاص الاحتلال في ساحة مستشفى الإندونيسي شمال غزة»، مؤكداً تعذر الوصول إليهم بسبب «استمرار حصار الاحتلال للمستشفى وإطلاق النار عليه». وطاولت الضربات «محيط مستشفى ناصر» في خان يونس، واستهدفت إحداها «غرفة الأمن ومخزن الأدوية». فانس يلغي زيارته لإسرائيل قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، إن نائب الرئيس جاي دي فانس، اتخذ قرار عدم زيارة إسرائيل، اليوم، لأنه لا يريد أن تُفسَّر زيارته، على أنها دعم من إدارة الرئيس دونالد ترامب، لتوسيع العملية العسكرية في غزة.

إسرائيل تطلق «عربات جدعون» وتفاوض «حماس» في الدوحة
إسرائيل تطلق «عربات جدعون» وتفاوض «حماس» في الدوحة

الجريدة الكويتية

timeمنذ 3 أيام

  • الجريدة الكويتية

إسرائيل تطلق «عربات جدعون» وتفاوض «حماس» في الدوحة

بالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة، ورغم التحذيرات الدولية، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، إطلاق المرحلة الأولى من عملية «عربات جدعون» العسكرية، التي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهّد بإطلاقها بعد انتهاء جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى منطقة الخليج. وذكر موقع واينت أن الجيش يستعد لخوض معارك شديدة واحتلال أجزاء من القطاع تدريجياً، والتحضير لمكوث عسكري طويل فيه. وكانت تل أبيب أعلنت أن العملية التي ترمي لابتلاع القطاع ستتضمن ضربات جوية مكثفة وتحريك قوات برية للسيطرة على مواقع استراتيجية داخل القطاع، في محاولة لتحقيق ما سمّاه «أهداف الحرب»، وعلى رأسها إطلاق سراح الأسرى واستكمال هزيمة «حماس». وأفادت وزارة الصحة في غزة، أمس، بوصول 153 قتيلا و459 إصابة إلى مستشفيات القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة العدوان منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023 إلى 53272 شهيداً. في المقابل، قال القيادي في حركة حماس، طاهر النونو، لـ «رويترز» إن جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة مع الوفد الإسرائيلي حول وقف إطلاق النار بدأت أمس في الدوحة، مؤكدا أن الجانبين يناقشان جميع القضايا دون «شروط مسبقة». في سياق متصل، أفادت شبكة إن بي سي الأميركية، عن مصادر، أن إدارة ترامب ناقشت مع مسؤولين ليبيين خطة أميركية لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا، بهدف إعادة توطينهم بشكل دائم في ليبيا مقابل أن تفرج واشنطن عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية التي جمدتها منذ أكثر من 10 سنوات. ونقلت «إن بي سي»، نفي القيادي في «حماس»، باسم نعيم، علم الحركة بأي مناقشات بشأن الخطة الأميركية، وشدد على أن «الفلسطينيين هم الطرف الوحيد الذي يملك الحق في اتخاذ القرار نيابةً عن الفلسطينيين، بمن فيهم غزة وسكانها، بشأن ما يجب فعله وما لا يجب فعله».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store