
الصحفي أنس الشريف.. صوت شجاع لم تستطع إسرائيل تقبّله (فيديو)
وعلى مدى نحو عامين من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ظل اسم الصحفي الفلسطيني أنس جمال الشريف حاضرا في نشرات الأخبار العالمية ليس فقط بصفته مراسلا ميدانيا لقناة الجزيرة، بل بوصفه أحد الأصوات النادرة التي كسرت الحصار الإعلامي على القطاع ووثقت للعالم مشاهد التجويع والمجازر الإسرائيلية.
لكن هذا الصوت الشجاع الذي كان دائما ما ينطلق من بين الركام، لم يرق لجيش الاحتلال الإسرائيلي ولم يستطع تقبّله، فلطالما شن حملات تحريض على الشريف واتهمه بالانتماء لفصائل مسلحة، الأمر الذي نفاه الصحفي الفلسطيني أكثر من مرة. وبعد إعلان استشهاده، نشرت إدارة حسابه الرسمي على منصة "إكس" وصيته التي كتبها في أفريل الماضي، وقد ودّع فيها العالم برسالة موجعة، وأوصى فيها بعدم نسيان غزة وفلسطين، والاستمرار في مقاومة الاحتلال حتى التحرير.
من هو الشهيد أنس الشريف؟
ولد في 3 ديسمبر 1996 في مخيم جباليا شمالي القطاع، ونشأ وسط بيئة لا تنفصل عن الصراع، حيث عاش طفولته بين أزقة المخيم المكتظة وسقف من الأزمات والحروب المتكررة. تلقى تعليمه في مدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثم التحق عام 2014 بجامعة الأقصى لدراسة الإذاعة والتلفزيون، وتخرج منها عام 2018.
بدأ مسيرته الإعلامية متطوعا في شبكة الشمال الإعلامية، قبل أن ينتقل إلى العمل مراسلا للجزيرة في غزة. تمركز أنس الشريف في مخيم جباليا ومدينة غزة محاطا بالدمار والمجاعة، ونقل للعالم عبر تقاريره مشاهد غير مسبوقة لأطفال يصرخون جوعا في الليل، وأمهات يبحثن في الأنقاض عن لقمة، وخيام مدرسية تحولت إلى مأوى لآلاف النازحين وسط البرد والحشرات والأمراض. لكسر الحصار الإعلامي، كان يتسلق أسطح المنازل والمستشفيات بحثا عن إشارة إنترنت لبث تقاريره. وصف في أحد تقاريره الوضع بقوله إن "أكثر ما يؤلم هنا ليس القصف وحده، بل أن ترى طفلا ينام وهو يبكي جوعا لأنه لم يجد وجبة واحدة طوال اليوم".
ووثّق الشريف الوحشية الإسرائيلية التي استهدفت مدارس الأونروا والمستشفيات بما في ذلك استخدام القصف المتكرر والمتعمد على مناطق مكتظة بالمدنيين. تقديرا لشجاعته في توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية وإصراره على تقديم شهادات حية عن معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة وسط القصف والمجاعة، كرمته منظمة العفو الدولية في أستراليا العام الماضي بمنحه جائزة "المدافع عن حقوق الإنسان".
اتهامات و تهديدات
مع تأثير تقاريره على الرأي العام، أدرجه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن أهدافه الإعلامية، واتهمه بشكل متكرر طوال حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023 بالانتماء إلى حركة حماس، في محاولة لتبرير استهدافه. في 11 ديسمبر 2023، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزل عائلة الصحفي الفلسطيني في مخيم جباليا، مما أدى إلى استشهاد والده. ردا على هذه الحملة، قال الصحفي الشريف في تغريدة سابقة "شنّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي حملة تهديد وتحريض ضدي بسبب عملي صحفيا مع قناة الجزيرة"، مؤكدا أنه "صحفي بلا انتماءات سياسية ومهمتي الوحيدة هي نقل الحقيقة من أرض الواقع كما هي دون تحيز".
نددت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير إيرين خان، في تصريحات صحفية لها في جويلية الماضي، بالاتهامات والتهديدات التي تعرض لها الشريف، مؤكدة في ذلك الوقت أن "هذه التهديدات تعرض حياته للخطر". خان وصفت اتهامات إسرائيل للصحفيين بأنهم "إرهابيون" بأنها باطلة، ودعت المجتمع الدولي لمنع استهدافهم، معتبرة أن قتل واعتقال الصحفيين إستراتيجية لقمع الحقيقة.
ونشرت شبكة الجزيرة الإعلامية نهاية جويلية الماضي بيانا نددت فيه بتحريض الجيش الإسرائيلي على صحفييها في قطاع غزة، خصوصا المراسل أنس الشريف. وأعربت الشبكة عن استنكارها وتنديدها بالحملات التحريضية على كوادرها منذ بدء تغطية الحرب على غزة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الصحراء
منذ ساعة واحدة
- الصحراء
فخ الغاز والدم في فيتنام الشرق الأوسط
في واحدة من أكثر عباراته دلالةً على طبيعة المرحلة التعسفية، يقول نتنياهو في جلسة مغلقة،( لن نغادر غزة هذه المرة… من يملك الغاز يملك الأمن، ومن يملك الأمن يملك القرار. نحن لا نحتل… نحن نعيد السيطرة على المستقبل). و بهذه الكلمات عن مستقبل الإقليم ، لا يُعلن نتنياهو مجرد اجتياح عسكري، بل يكشف عن عقيدة استراتيجية ترى في غزة المفتاح الأخير في مشروع الهيمنة، وسط صراع إقليمي متفجر وحسابات اقتصادية تتجاوز ساحات القتال. وليس إقليميا فحسب، بل في الوقت الذي تتأرجح فيه إسرائيل على حافة أزمة اقتصادية خانقة وتصدعات داخلية سياسية وأمنية غير مسبوقة، يخرج نتنياهو ليعلن عمليًا بداية مرحلة جديدة من الحرب احتلال غزة، أو كما يسميها هو ووزراؤه (السيطرة الأمنية الكاملة على القطاع وتسليمها لاحقًا لإدارة مدنية عربية موالية). لكن تحت هذا العنوان المضلل، تتكشف خيوط مخطط أكثر تعقيدًا، يضرب بجذوره في عمق الجغرافيا، والاقتصاد، والعقيدة الصهيونية. و رغم تحذيرات المؤسستين العسكرية والاقتصادية في تل أبيب، من تكلفة سنوية باهظة قد تصل إلى 49 مليار دولار، ونسبة عجز متوقعة تفوق 7% من الناتج القومي، يصر نتنياهو على المضي في (الخطة الأخطر منذ انسحاب 2005. فما الذي يدفع رئيس حكومة محاصرًا بالأزمات والاحتجاجات والاتهامات بالفساد إلى اتخاذ قرار كهذا؟ واضحة كالشمس ،الإجابة تكمن في المعادلة التالية، إذا انه مع تعذّر تحقيق نصر عسكري حاسم، فان نتنياهو يحاول فرض نصر سياسي على جثة غزة.إنها المعادلة الصهيونية بكل بساطة . لنفهم تدريجيا ما يدور ، فمنذ بدء الحرب عقب عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، فشل الجيش الإسرائيلي في تدمير حماس أو تحرير الرهائن أو إعادة الثقة للمجتمع الإسرائيلي. ومع فقدان الثقة الشعبية وازدياد الضغط الداخلي والدولي، كان لا بد من خطوة تعيد زمام المبادرة، حتى لو كانت كارثية على المدى الإستراتيجي دون التطرق لإيران او سوريا أو لبنان . الاحتلال الإسرائيلي ليس كما يدّعي الخطاب الرسمي بانه حاجة امنية ، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأزمة الطاقة الإقليمية وسباق السيطرة على منصة الغاز العملاقة قبالة سواحل غزة، والتي تقدّر احتياطاتها بعشرات مليارات الدولارات. مصر، التي تعاني من أزمة كهرباء خانقة وتراجع إنتاجها من الغاز المحلي، تعتمد على الغاز الإسرائيلي لسد ما يقارب السُدس من احتياجاتها. ومن هنا، فإن السيطرة على حقول غزة تمنح تل أبيب ورقة ضغط استراتيجية على القاهرة، تمكنها من مقايضة الغاز بالأمن والسياسة في هذا التوقيت الحرج. ولذلك، فإن احتلال غزة ليس فقط أداة للهروب من المأزق السياسي، بل جزء من مشروع طاقة إقليمي وجيوسياسي كبير، يشمل إعادة تشكيل العلاقات المصرية–الإسرائيلية من موقع الهيمنة الإسرائيلية المطلقة. والمثير أن هذه الخطة لم تمر بسلاسة داخل منظومة الحكم. التقارير تؤكد أن رئيس الأركان، الفريق إيال زامير، حذر نتنياهو صراحة من أنه يسير نحو فخ ، قد يفضي إلى انهيار المنظومة الأمنية وتعريض حياة عشرات الرهائن للخطر وهذا مؤكد جدا . كما أن مسؤولين بارزين في الجيش رفضوا المشاركة في (خطة بلا مخرج)، في ظل غياب أي تصور حقيقي لـ(اليوم التالي لحماس). لكن نتنياهو، المدعوم صهيوامريكيا و المحاصر سياسيًا، اختار المضي قدمًا، متجاهلًا النصائح العسكرية، ومراهنًا على أن الحرب المفتوحة ستؤجل مساءلته أو محاكمته لاحقًا والتي يبدو انها محاكمة طويلة المدى. وفي موازاة الاحتلال، تصاعدت لهجة التوتر غير المسبوقة بين إسرائيل ومصر رغم كل ما يدار خلف الكواليس . اتهامات متبادلة بخرق اتفاقية كامب ديفيد، تهديدات بوقف الغاز، ومطالبات إسرائيلية بمراقبة الجيش المصري وأسلحته، وتحميل القاهرة مسؤولية دعم حماس. وفي العمق، تدرك إسرائيل أن مصر ترفض تصفية القضية الفلسطينية عبر سيناء، وترفض مخطط التهجير الجماعي. لكن بفرض الاحتلال المباشر لغزة، تسعى تل أبيب لإخراج مصر من المعادلة تمامًا، واستبدالها بـ(قوى عربية موالية) لم يؤكد لحد الآن ماهيتها – لكنها توصيف فضفاض قد يشمل ميليشيات مرتزقة، أو إدارات غير منتخبة، يتم تمويلها عربيا وتُفرض على سكان غزة بالقوة. وهنا نسمع الحلفاء الغربيون يبدون تحفظًا. فالولايات المتحدة، رغم دعمها العلني، تدرك أن إعادة احتلال غزة، دون خطة سياسية متفق عليها، سيحوّل القطاع إلى فيتنام إسرائيلية، تستنزف الجيش والاقتصاد وتدمر ما تبقى من شرعية إسرائيل في المجتمع الدولي. التقارير تشير إلى أن الخطة ستشرد مليون فلسطيني إضافي في الاقليم ، مع ادارة يومية لـ2 مليون إنسان يرزحون تحت القصف والجوع الممنهج، ويكنّون عداءً عميقًا للاحتلال. وبالتالي النتيجة؟ تمرد دائم، مقاومة لا تهدأ، وجيش منهك يواجه حرب عصابات على مدار الساعة، وسط بيئة حضرية مدمرة.إن اعلان الاحتلال الجاري ليس إلا محاولة يائسة لإعادة تعريف الهزيمة على أنها نصر. بالمقابل الأرقام لا تكذب: أكثر من60 ألف شهيد فلسطيني، دمار شبه كامل للبنية التحتية، اقتصاد إسرائيلي على وشك الانهيار، وشعب لا يقبل بديلاً عن الحرية والسيادة. ما يجري ليس تحريرًا لغزة، بل إعادة إنتاج لنكبة جديدة بأدوات استعمارية قديمة. وإذا كانت إسرائيل تظن أنها تُطوّع غزة بالقصف والتجويع والتجريف، فلتقرأ التاريخ جيدًا، الاحتلال لا يملك النهاية، مهما امتلك البداية. والمقاومة، حتى وإن خفت صوتها لحظة، تعود دومًا أكثر صلابة، وأكثر إيمانًا، لأن من يُقاتل من أجل البقاء لا يخسر… بل يُعلّم العالم كيف تُصنع الحرية وسط الركام. وختامًا، فإن من يحتل غزة اليوم، قد.. يزرع راياته على أنقاض البيوت، وقد..يعلن السيطرة الكاملةعلى أطلال المدينة، لكنه لن ينتصر على الذاكرة، ولن يُسكت صرخة الحق، حتى لو غابت عن نشرات الأخبار وتواطأ العالم بالصمت أو التبرير. نقلا عن رأي اليوم


العرائش أنفو
منذ ساعة واحدة
- العرائش أنفو
في البحث عن المعنى في اللامعنى
في البحث عن المعنى في اللامعنى العرائش أنفو كثيرة هي الظواهر الاجتماعية التي من الصعب جدا أن يجد لها المرء معنى أي معنى، وهي تسود في عالم اليوم، بل وتهيمن على اختياراته وتوجهاته وقراراته..، إن على مستوى الأفراد والأسر أو الجماعات والمجتمعات. ظواهر اقتصادية وسياسية، اجتماعية دينية وثقافية..، قد لا يكون لها لا أصل ولا فصل لا في الهوية ولا في المرجعية ولا حتى في المنطق العقلاني بخصوصياته الفطرية والطبيعية أو حتى الانتماء الوطني وما يقتضيه من ضوابط ومستلزمات، لكنها رائجة وتسيطر على المشهد ما دام الإعلام الهدام يروج لها كحقيقة، وما دامت السياسة والثقافة تفرضها كواقع كثيرا ما نجح عمليا في كونه أساس الديناميات والتحولات وإن بتجاوز الهويات والمرجعيات والمنطق العقلاني. ففي فظائع الإبادة الجماعية في غزة الشهيدة السعيدة المجيدة، وصمت 'الضمير العالمي' وعجزه عن فرض اتخاد أي موقف عملي لإيقافها، أي معنى لكل هذا الظلم والعدوان الصهيو – أمريكي في عهد مجلس الأمن الدولي وما يرعاه – أو يفترض أن يرعاه – من السلم العالمي وحق الشعوب في التحرر ومحاربة الاحتلال والاستيطان؟، أي معنى للأخوة الإسلامية والرابطة الإنسانية في ظل كل هذا التخاذل الرهيب والفرجة المعتادة على المأساة، بل وتطبيع بعض الأنظمة الجبانة مع العدو، وإغداق بعضها الآخر بسخاء على 'ترامبولا' المجنون ما يمول به الحرب وزيادة؟، والوفاء له بكبت حرية شعوبها حتى في تنظيم فعاليات تضامنية مجدية وعدم فتح معابر النجدة لمرور المساعدات. أي معنى لقتل نساء وأطفال شعب أصيل مسالم؟، لتدمير البيوت على أهلها بالليل والنهار؟، لحرق الأرض والخصوبة وشجر الزيتون المبارك؟، لدك المساجد والكنائس على المصلين، لإعطاب المصابين وتشريد الناجين وتهجير الباقين إلى الجحيم..؟، لقصف المستشفيات والمدارس، وتجمعات توزيع المساعدات، لبناء المستوطنات على الأراضي المغتصبة؟، لتكثيف معابر التفتيش الجهنمية والاسلاك الكهربائية على الطرقات، لرفض جوازات وتصاريح المرور الممنوع بأي وجه كان؟، لغلق المعابر حتى في دول الجوار؟، لملإ سجون الاحتلال بالأبرياء حتى من الشيوخ والأطفال؟، للاستنبات الدائم لمخيمات اللاجئين؟، لرفض عودة المبعدين؟، لإفشال كل وساطات المتدخلين حتى المنحازين لكيانهم، وخرق مواثيق الاتفاقيات السابقة وقوانين المنتظم الدولي لمنع الحرب وحفظ السلام؟. أي معنى للصمت إذا وجب الكلام وقد وجب؟، وأي معنى للخذلان إذا وجبت النصرة وقد وجبت؟، أي معنى للعجز إذا وجبت القدرة وقد وجبت؟، أي معنى للحرب والدمار إذا وجب السلم والأمن وقد وجب واستوجب؟، لا معنى أي معنى عند الأقوياء غير الظلم والعدوان؟، لا معنى غير الجبروت والطغيان؟، ولا معنى أي معنى عند الضعفاء غير الذل والهوان؟، لا معنى غير الجبن وعمل الشيطان؟، لا معنى غير التشرذم كشظايا النيران يحرق بعضها بعضا؟، لا معنى غير التفريط في تعاليم الرحمان والامساك بما ارتضاه من حباله للإنسان؟. لا معنى أي معنى غير العبث واليأس والاستسلام لحديث القصعة والغوثائية: ' يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل.. حب الدنيا وكراهية الموت'؟. إن المعنى واللامعنى لا يسود أحدهما إلا على حساب الآخر كالحق والباطل، فلا يمكن أن يكون المعنى في بعض مظاهر الحياة وهو غائب في جلها فكيف بأهمها؟، فهل ساد اللامعنى حتى غاب المعنى أو يكاد، أم أنه لا يزال المعنى حتى في اللامعنى، وبالتالي يصبح من أوجب واجبات المتعاطي مع الشأن المجتمعي وديناميات التنمية والإصلاح، أن يبحث عن ذلك المعنى في ذلك اللامعنى بدل اختزال غير المختزل وتشويه ما لا يشوه، لأن كل قول وفعل يحتمل المعنى ونقيضه، وحتى الأشياء في الطبيعة دلالتها مما يعطيها الإنسان، ولا يمكن التعامل الإيجابي معها إلا بفهم المعنى من النقيض، ولكن هيهات هيهات؟، يحكى أن طفلا في أحضان أبيه أراد جلب انتباه ليلعب معه وهو مشغول عنه بقراءة الجريدة، فما كان من الطفل إلا أن مزقها في وجهه؟، الدافع مفهوم وله معنى والفعل مرفوض وبلا معنى؟، وقيل لإحداهن في متوسط العمر احتراما: ' يا حاجة'؟، فردت رافضة بسباب فاضح: ' أمك اللي حاجة'؟، رافضة بذلك الحج والاحترام وما لف لفهما من أجل أن تبقى على صورة شابة صغيرة ليست حقيقتها وهي تعلم ذلك. وقياسا على ذلك، أي معنى أيضا للرغبة الجامحة لبعض الشباب وعزمهم على الهجرة متى فتحت لهم الأبواب واتجاه ما فتحت؟. أي معنى حتى لمن لم يهاجروا ومهرجان تافه يجمع منهم ما لم تجمعه هموم الأمة ولا حتى همومهم المزمنة؟. أي معنى في من يزين لهم الهدر العلمي ويشيطن لهم النضال السياسي ويضطرهم إلى اليأس والقعود والعزلة إن لم يكن الانحراف وهم أحوج ما يحتاجون إلى الاستقامة والنهوض والحركة والترافع والتدافع؟. ما المعني الكامن في الصراع المحتدم بين الخطابات الدينية من الخطاب السياسي حد الثورية إلى الخطاب الطقوسي حد القبورية؟، ما المعنى الكامن وراء كل هذا التشظي الهوياتي من أقصاها التوحيدي رغم التعدد إلى أقصاها التجزيئي رغم المصير المشترك؟. هذه الهلوسة الكروية العارمة، إلى أي حد هي حامل تنموي فعلي أو مجرد شجرة تخفي من الغابات ما تخفي؟، أي معنى في التهجم على من يدعو إلى محاربة البطالة والعنوسة وقد ولغت في أوساطنا بالملايين وبلغت أرقاما لا تطاق ( 8 ملايين)؟، أي معنى في من يطبعون مع الأشكال الجديدة والمنحرفة للمعاشرة بين الجنسين وهي لا تخدم لا الأسرة ولا المجتمع ولا حتى ضحاياها، أين كل أوجه هذا اللامعنى المعاصر من أوجهه القديمة وغاية ما تمثل فيه بعض الحشو والتكرار في الكلام أو بعض الجمل الاعتراضية معلومة الدلالة أو الفارغة التي لا محل لها من الاعراب؟. إن اللامعنى هو ضد المعنى وغيابه في الأمر، وهو تيار فلسفي قديم ساد مع الوجودية والعبثية ل'ألبير كامو ' و'جون بول سارتر'.. 'مارتن هايديغر'.. 'فرانز كافاكا'.. 'صمويل بيكيت'.. 'أوجين يونسكو'.. وكلهم ممن أبدعوا في التنظير الفلسفي والأدب المسرحي والروائي العبثي العدمي، وهو طافح بما يرونه من أن الكون – حسبهم – فيه عبث وفوضى ولا وازع ديني أو قيمي وأخلاقي فيه بعض المعنى.. إن الإنسان عندهم حر في حد ذاته وهو مسؤول عن أن يضع معنى لحياته وأن يختار ما يريده لا ما يراد له من أي كان؟، وهكذا وبوهم الحرية الوجودية والذاتية العبثية قد يدخل المعتقد بهذه الأفكار في مغارة من التيه والحيرة والاضطراب لا تنتهي في الغالب وعبر التجارب المريرة إلا بالخواء الروحي واليأس النفسي والحيرة والاضطراب والانسحاب والاكتئاب والضياع إن لم يكن الانتحار أحيانا كثيرة، قال تعالى: ' أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم' الملك/ 22؟. إن الوجودية هي مشي في الطريق الخطأ، كمن دخل في الظلام وهو يريد الولوج إلى النور، أو من أراد الذهاب إلى مسجد في الجنوب فإذا به في ملهى في الشمال، هي عبث وأقصى درجات من العزلة ومن الفردانية الغارقة في المتعة اللحظية مهما كانت تافهة فكيفي صاحبها أنها تضرب عرض الحائط بكل ما هو معايير اجتماعية وقيم دينية وأخلاقية أو حتى أية إمكانية لفعل جماعي راشد من المعتقدات أو من الموافقات التي تحترم المعنى، فكل فرد في وجوديته يعتبر عالما في حد ذاته ولا ينبغي له الاصغاء إلا لذاته واختياره – بغض النظر – أكانت هذه الإصغاءات والاختيارات الأخرى مناسبة وعلى صواب محل إجماع وقوانين أم لا ؟، ف'نيتشه' أعلن موت الإله لينصب بدله الذات الإنسانية والحرية والحداثة..، و'سارتر' يرى أن: ' الجحيم هو الآخرون'، وبالتالي وضدا على 'فرانكل' صاحب مدرسة العلاج النفسي بالمعنى، لا مكان لأحد أن يرفض سلوك الآخر مهما اتصف باللامعنى أو يتدخل في حياة أحد ويعطيها بعض المعنى، فالوجوديون في وهمهم يوجدون والعبثيون في عبثهم يعبثون، وسيظلون كذلك ما لم يدركوا أن الأمور الجادة إنما تدرك بالأمل والعمل وثقافة المعنى لا باليأس والاستسلام وتفاهة اللامعنى؟. الحبيب عكي


الصحراء
منذ ساعة واحدة
- الصحراء
اقتراح إلغاء الشهادة الإعدادية يشعل الجدل في ليبيا
تدرس وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية، إلغاء الامتحان الوطني لنيل الشهادة الإعدادية في ليبيا، في قرار أثار جدلا واسعا خلال الساعات الماضية داخل الأوساط التعليمية وبين الأولياء، بين مؤيّد يرى فيه إرهاقا للتلميذ، ومعارضا يعتبر أن هذا الامتحان تقييم حقيقي لمستوى الطالب. وبحسب المقترح الذي طرحته الوزارة في استطلاع إلكتروني للرأي، سيتم تقييم التلميذ في هذه المرحلة الدراسية عبر أدائه السنوي، لينتقل مباشرة إلى التعليم الثانوي دون المرور باختبار وطني موّحد. هذا المقترح قوبل بتفاعل ونقاش واسع وسط أراء متباينة، إذ اعتبر مؤيدون أن الخطوة ستخفف الضغط النفسي والإرهاق عن التلاميذ، بينما رأى معارضون أنها قد تؤثر سلبا على جودة التعليم، باعتبار الامتحان محطة أساسية لقياس المستوى الأكاديمي للطلاب على مستوى البلاد. "قرار غير مدروس" في هذا السياق، يرى المربّي بشير الخمسي، أن قرار إلغاء الشهادة الإعدادية "قرار غير مدروس"، لأنه سيفتح الباب أمام التسيب وقلة الانضباط، وسيفقد قيمة التعليم عند الطالب، مشيرا إلى أن شهادة الإعدادية "ليست مجرد ورقة وإنما هي محطة فاصلة في حياة الطالب، تعلمه الإحساس بالمسؤولية ويعرف من خلالها مستواه الحقيقي". وتابع في تعليقه، أن الأولوية اليوم التي يجب أن تركز عليها وزارة التربية والتعليم جهودها هي "مراجعة جودة التعليم ومنع الغشّ في الامتحانات والتدّخل لمنع الواسطة وإعادة هيبة الامتحانات". بدوره اعتبر المستشار البيداغوجي عبد الرحمن طريبان، أن إلغاء امتحان الشهادة "سيكون له أضرار واضحة، منها قلة الاهتمام من قبل المدارس، وتراجع المتابعة من المعلمين وهو ما سيؤدي إلى ضعف المستوى التحصيلي للطالب". واقترح في تدوينة على صفحة وزارة التربية، تعديل مستوى امتحانات الشهادة الإعدادية وجعلها تناسب جميع مستويات الطلبة بدون تعقيد، عوض إلغائها، وذلك بالتوازي مع إغلاق الأنترنيت أثناء الاختبارات للحدّ من الغش وضمان مصداقية النتائج. آراء مؤيدة للإلغاء أمّا الوليّة أسماء، فقد أيّدت قرار إلغاء الشهادة الإعدادية وتحويلها إلى مرحلة نقل، لأنها "تسبّب هلعا وضغطا نفسيا كبيرا على طلاب لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما"، كما ترى في تعليقها أن "لا فائدة منها"، وهو الموقف نفسه الذي دافعت عنه بسمة شيبل، التي اعتبرت أن هذا الامتحان "أصبح استنزافا لطاقة الطفل وأهله، خاصة في ظلّ تفشي الغشّ وغياب مقاييس تقييم عادلة". وتفاعلا مع هذا الجدل، أعلنت وزارة التربية والتعليم، أن مقترح إلغاء امتحان الشهادة الإعدادية، لا يزال في مرحلة النقاش الأولى ولم يتخذّ أيّ قرار رسمي بشأنه، مضيفة أنّ طرحه هو جزء من خطّة إصلاحية تسعى لمراجعة وتحديث نظم التقييم التربوي. وحتّى الآن، أظهرت نتائج الاستطلاع الإلكتروني، الذي شارك فيه أكثر من 300 ألف شخص، تأييد 72 بالمائة لمقترح إلغاء الشهادة الإعدادية، مقابل رفض 28 بالمائة لذلك. نقلا عن العربية نت