
السويداء.. من محاولات "النأي بالنفس" إلى دائرة صراع مسلح
السويداء التي تعد أكبر معاقل طائفة الدروز في سوريا، اتبعت طوال أكثر من 12 عاماً منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، مبدأ "النأي بالنفس" عن الأحداث، وتجلى ذلك بعد رفضت أعداد كبيرة من أبناء المحافظة، الالتحاق بالجيش السوري خلال فترة الحرب حتى إسقاط الرئيس السابق بشار الأسد، لكنها دخلت مساراً متأرجحاً مرة أخرى مع الحكومة السورية الحالية.
وبحسب كتاب "جبل الدروز" الذي بحث في تاريخ الدروز، وأخلاقهم، ونسبهم وعاداتهم، واعتقاداتهم، وحروبهم، تحظى المحافظة بميزة تاريخية لكونها مهد انطلاق الثورة السورية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي التي قادها سلطان باشا الأطرش ابن بلدة القريا التابعة للمحافظة.
وتقع السويداء على مقربة من الحدود الأردنية وتعد إحدى أصغر المحافظات السورية، إذ تمتد إلى ما مجمله 3% من مساحة البلاد، ويقطنها ما يقرب من نصف مليون شخص.
تتنوع التركيبة الدينية والسكانية في السويداء، لكن الأغلبية الدرزية، تحكم الطابع الرئيسي للمحافظة، إذ يشكل الدروز نحو 90 % من السكان، فيما يشكل المسيحيون نسبة 7%، ويشكل السُنة نسبة 3%.
طبعت الأغلبية الدرزية، السمت العام للمحافظة، ما وضعها في دوائر الجدل بشأن "حماية الأقليات" في سوريا، مع صعود الإدارة السورية الجديدة، وهو الأمر الذي يقابله تأكيد مستمر من بعض شيوخ الطائفة الدرزية وأهالي المحافظة على أهمية وحدة سوريا، عند الدخول في تفاهمات مع إدارة دمشق في إطار المطالب الملحة للطائفة.
الاعتقاد الدرزي
حسبما أورد كتاب "جبل الدروز" الذي كتبه الباحث حنا أبو راشد وتمت طباعته في عام 1925، فإن الطائفة الدرزية لديها درجات في عقيدتهم، تتنوع بين "الرؤساء" الذين بيدهم مفاتيح الأسرار العامة، و"العقال" الحاملين لمفاتيح الأسرار الداخلية، و"الأجاويد" المختصين بمفاتيح الأسرار الخارجية، و"الجاهل" الذي يبقى في هذه المرتبة دون الأخذ في الاعتبار أي درجات علمية، فلا يحق له الدخول في مجالس الطائفة، كما أنه لا يعلم الكثير عن أسرارها.
وفي حال رغب من يصنف في رتبة الجهال، معرفة الكثير من تعاليم هذه الطائفة، من أجل الدخول في سلك الموحدين، فإنه ينبغي له أن ينال إجازة من "مشيخة العقال"، يلتمس منهم قبوله وإدخاله في الجماعة، وعليه ضرورة أن يكتم السر دون إشهاره، وفق الكتاب.
وللطائفة الدرزية مجالس خاصة في القرى القاطنة فيها، وهذه المجالس يجتمع فيها جميع العقال والأجاويد، وهي اجتماعات تتسم بالسرية، إذ لا يمكن لغير العقال والأجاويد دخولها.
ويقف على زعامة الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، شيخ من العقال، إذ يعتبرون في طبقة الأتقياء، وهم مثابرون على العبادة والورع، ويرجع لهم كل أمر روحي وحكمهم من الوجهة الدينية "مبرم ونافذ".
مشيخة العقل
في الوقت الحالي، يتزعم المرجعية الدينية لطائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء، ثلاثة مشايخ هم، حكمت الهجري، ويوسف جربوع، وحمود الحناوي.
حكمت الهجري، الزعيم الروحي للطائفة، كانت له مواقف تسير جنباً إلى جنب مع النظام السوري السابق (بشار الأسد) لكن دون تطابق مطلق، إذ سعى في 2015 إلى تلبية مطالب النظام السابق وتسليح الطائفة الدرزية في محاولة إلى الزج بأبناء الطائفة الدرزية في الحرب الأهلية السورية.
أما جربوع والحناوي، فبحسب مركز "جسور" للدراسات، ركزا على تحقيق مصالح الطائفة، وقاما بدور الوسيط في كثير من الأحيان بين الفصائل المحلية والنظام السوري، وقاما بعقد مصالحة في منتصف عام 2017 مع حركة "رجال الكرامة" التي يتزعمها "آل بلعوس"، التي كانت تعارض تجنيد أبناء محافظة السويداء في جيش النظام السوري السابق، مما جعلهما أقرب للموقف المحلي منه إلى سلطة النظام السابق، باستثناء ما يخص رفض تجنيد شباب الطائفة.
مواقف متباينة
مع تصاعد الأحداث الحالية في السويداء، تباينت المواقف بين مشيخة العقل، إذ رحب الهجري في أول رد رسمي من الطائفة الدرزية، بدخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع إلى المدينة، لكنه تراجع في وقت لاحق، إذ قال في بيان متلفز، إنه "بعد مفاوضات عديدة مع دمشق لم تفض إلى أي نتائج أو صدق في التعامل، تم فرض البيان الذي أصدرناه منذ قليل بتفاصيله الكاملة من دمشق وبضغط جهات خارجية من أجل حقن دماء أبنائنا".
واعتبر الهجري، أنه رغم قبوله بما ورد في البيان الذي وصفه بـ"المذل"، "إلا أنهم قاموا (الحكومة السورية) بنكث العهد والوعد، واستمروا في القصف العشوائي على المدنيين العزل"، على حد وصفه.
أما جربوع، أحد شيوخ العقل الثلاثة للطائفة، فأعلن في بيان، توصل وجهاء محافظة السويداء إلى اتفاق مع دمشق لوقف إطلاق النار، وعودة قوات الجيش إلى ثكناتها، مع تحقيق "الاندماج الكامل لمحافظة السويداء ضمن الدولة السورية"، والتأكيد على "السيادة الكاملة للدولة على جميع أراضي المحافظة، بما يشمل استعادة كافة مؤسسات الدولة وتفعيلها على الأرض".
رغم الإعلان عن هذا الاتفاق، عاد الهجري مجدداً وأصدر بياناً عبر صفحة تابعة للرئاسة الروحية للطائفة الدرزية على فيسبوك، مشدداً على "ضرورة الاستمرار في الدفاع المشروع والقتال حتى تحرير كامل تراب محافظة السويداء من العصابات"، على حد وصفه.
ينفرد الهجري بالرئاسة الروحية للدروز، ما يجعله أكثر وزناً دينياً ونفوذاً من الشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف جربوع، وقد منحه موقفه المناهض لنظام الأسد أهمية أكبر على الجانبين المحلي والدولي، حيث كان طيلة السنوات الماضية، يتلقى اتصالات من مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا.
وبينما يتركز ثقل جربوع في مدينة السويداء حيث يعيش، والحناوي في بلدة سهوة الخضر جنوباً، تُعد بلدة قنوات شمالاً هي مركز ثقل عائلة الهجري.
وتولى الشيخ حكمت الهجري منصب "شيخ العقل" في سوريا بعد وفاة شقيقه الشيخ أحمد بحادث سيارة في عام 2012، ومنذ ذلك الوقت حتى عام 2021 كان على علاقة جيدة مع النظام السابق، ثم تغير موقفه، وانحاز إلى حركة الاحتجاجات التي خرجت في السويداء خلال نفس العام ضد بشار الأسد، واستمرت حتى سقوطه في ديسمبر الماضي.
ويتخذ الحناوي وجربوع موقفاً أقل حدّة تجاه الإدارة السورية الجديدة مقارنة بالهجري، لكن حتى الآن لم يصل التباين إلى درجة التصادم، وهو ما يخشاه السكان بالفعل في ضوء انتشار السلاح على نطاق واسع، إذ خاض الدروز نزاعات أهلية في عامي 1885 و1947 بين العائلات الإقطاعية من جهة والعائلات الفقيرة من جهة أخرى.
التداخل الإسرائيلي
منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، استخدمت إسرائيل ورقة الضغط العسكري، ضد أي تواجد للجيش السوري في جنوب البلاد، تحت ذريعة "حماية الطائفة الدرزية" في سوريا، على الرغم من أن دروز سوريا لم يطلبوا الحماية، بل خرج بعضهم في احتجاجات ضد ما اعتبروه "تدخلاً إسرائيلياً في الشأن السوري"، مؤكدين أنهم لا يحتاجون إلى حمايتهم.
ولم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نواياه في التقارب مع دروز سوريا، إذ ذكر أن إسرائيل ستقوم باستثمار أكثر من مليار دولار في المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرتها، أي في الجولان المحتل، والتي ينتشر فيها الدروز.
وكانت القوات الإسرائيلية، قد توغلت منذ سقوط نظام الأسد داخل المناطق السورية شمالاً، وأنشأت العديد من النقاط العسكرية، حتى وصلت قمّة جبل الشيخ على ارتفاع 2814 متراً عن سطح البحر، وذلك من منطلق ادعائها بوجود مخاوف أمنية تحتم عليها فرض منطقة عازلة بين هضبة الجولان المحتلة والأراضي السورية.
ولا تريد إسرائيل بعد رحيل نظام الأسد الذي كان ملتزماً باتفاق "فض الاشتباك" منذ عام 1974، أن تدخل في رهان على نوايا الرئيس السوري أحمد الشرع، بل قررت خلق وضع جديد في جنوب سوريا، وهو ما ظهر جلياً في تحركاتها لاستهداف الجيش السوري المستمر منذ ديسمبر الماضي، وكذلك التصعيد المتزامن مع أزمة السويداء الأخيرة، إذ شنت نحو 160 غارة جوية على مناطق عدة في سوريا، في إطار إنهاك القدرات العسكرية لدمشق.
دروز سوريا والجولان
منذ احتلال إسرائيل للجولان قبل نحو 50 عاماً، لم يتمكن دروز سوريا، بما في ذلك الذين يعيشون في جبل الشيخ وحضر، من زيارة أقاربهم في الشطر الذي تحتله إسرائيل من الجولان، لكن كان بإمكان دروز الجولان القيام بزيارات متقطعة إلى سوريا يتم تنظيمها بوساطة قوة الأمم المتحدة لفضل الاشتباك على الحدود بموافقة السلطات السورية والإسرائيلية، وكان هناك تسهيلات أيضاً للعديد من دروز الجولان المحتل تتيح لهم الالتحاق بالجامعات السورية، بما في ذلك اختيار التخصص الذي يرغبون به بغض النظر عن درجاتهم في الثانوية.
وحتى عقد مضى، كانت الغالبية العظمى من دروز الجولان المحتل ترفض الحصول على الجنسية الإسرائيلية، إلا أن ازدياد الشعور بأن النظام السوري غير قادر على تحرير الجولان أو استعادته عبر اتفاقية سلام، دفع البعض إلى القبول بالعرض الإسرائيلي كأمر واقع، حيث لا يستطيع الناس هناك الحصول على جوازات سفر سورية أساساً، وفي الوقت الحالي يحمل 20% من دروز الجولان، الجنسية الإسرائيلية، بينما ترفض البقية ذلك، متمسكة بالانتماء للوطن السوري.
ورغم عدم وجود إحصاءات دقيقة، تُقدر نسبة الدروز بـ3% من تعداد السوريين، وتصل أعدادهم إلى 800 ألف، يتوزعون على 4 محافظات، هي السويداء التي يشكلون الغالبية العظمى من سكانها، وهناك نحو 200 ألف في بعض مناطق دمشق وريفها مثل جرمانا وأشرفية صحنايا، إضافة إلى عدة آلاف في بلدات جبل السماق بريف محافظة إدلب، بينما تعيش أقلية درزية لا تتعدى 13 ألف نسمة في الجولان المحتل التابع لمحافظة القنيطرة، وتتركز بشكل رئيسي في بلدة مجدل شمس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
دمشق غاضبة من «قسد» وتنسحب من لقائها في باريس
أثار المؤتمر الذي عقدته الإدارة الذاتية بشمال شرقي سوريا في الحسكة، غضب دمشق، التي اعتبرته ضربة لجهود التفاوض الجارية مع الحكومة المركزية الجديدة. ولن تشارك الحكومة السورية في اجتماعات مزمعة مع «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد في باريس، مما يلقي بظلال من الشك على اتفاق الدمج الذي وقَّعه الجانبان في مارس (آذار). وأعلنت دمشق عدم مشاركتها في الاجتماعات المقررة في باريس بينها وبين «قوات سوريا الديموقراطية (قسد)»، رغم تأكيد بيان مؤتمر الحسكة على «وحدة وسيادة سوريا». كما دعا مؤتمر الحسكة، الذي عُقد يوم الجمعة تحت اسم «وحدة موقف المكوّنات»، إلى «إنشاء دولة لا مركزية، ووضع دستور يضمن التعددية العرقية والدينية والثقافية». لكن دمشق اتهمت مؤتمر الحسكة بمحاولة «تدويل الشأن السوري، واستجلاب التدخلات الأجنبية، وإعادة فرض العقوبات»، ودعت «قسد» إلى الانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 مارس (آذار)، و«حصر الحوار بين السوريين في العاصمة دمشق باعتبار ذلك (العنوان الشرعي والوطني) للتفاوض». وأعلنت الحكومة السورية، في بيان رسمي، يوم السبت، رفضها المشاركة في أي مفاوضات جديدة مع «قسد»، بما في ذلك اجتماعات باريس، معتبرة مؤتمر الحسكة «يشكل تقويضاً لمسار الحوار»، مؤكدة أنها «لن تجلس إلى طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد تحت أي مسمى أو غطاء». كما أدانت بشدة «استضافة شخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية»، معتبرة أن ذلك يمثل «خرقاً واضحاً لاتفاق العاشر من مارس»، وحمّلت «قسد» وقيادتها «المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا المسار». جانب من مؤتمر الحسكة الذي عقدته الإدارة الذاتية بشمال شرقي سوريا يوم الجمعة (متداولة على مواقع التواصل) وقال مسؤول في الحكومة السورية إن المجموعات الدينية أو القومية لها كامل الحق في التعبير عن رؤاها السياسية، وتأسيس أحزابها. ونقلت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، يوم السبت، عن المسؤول قوله إنه يشترط للمجموعات الدينية أو القومية أن يكون نشاطها سلمياً، وألا تحمل السلاح في مواجهة الدولة، وألا تفرض رؤيتها على شكل الدولة السورية. وأوضح أن شكل الدولة «لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يُقرّ عبر الاستفتاء الشعبي»، بما يضمن مشاركة جميع المواطنين على قدم المساواة، ويحق لأي مواطن طرح رؤاه حول الدولة، لكن ذلك يتم عبر الحوار العام وصناديق الاقتراع، لا عبر التهديد أو القوة المسلحة. وشدَّد المسؤول على أن مؤتمر «قوات سوريا الديمقراطية لا يمثل إطاراً وطنياً جامعاً، بل تحالفاً هشّاً يضم أطرافاً متضررة من انتصار الشعب السوري وسقوط عهد النظام البائد، وبعض الجهات التي احتكرت أو تحاول احتكار تمثيل مكونات سوريا بقوة الأمر الواقع». وأشار إلى أن هذه الأطراف تستند إلى دعم خارجي، وتلجأ لمثل هذه المؤتمرات «هروباً من استحقاقات المستقبل، وتنكراً لثوابت الدولة السورية القائمة على جيش واحد، حكومة واحدة، وبلد واحد». وقال المسؤول إن الحكومة السورية تندد بشدة باستضافة المؤتمر لشخصيات انفصالية ومتورطة في أعمال عدائية، واصفاً المؤتمر بأنه «محاولة لتدويل الشأن السوري واستجلاب التدخلات الأجنبية وإعادة فرض العقوبات». فهل تبعد تلك التطورات فرنسا عن مسار المفاوضات التي أعلنت عنها باريس وواشنطن ودمشق الشهر الماضي؟ الشيخ حكمت الهجري خلال مشاركته عبر الشاشة في مؤتمر الحسكة (متداولة على مواقع التواصل) وفي هذا السياق، قال لـ«الشرق الأوسط» الكاتب والباحث السياسي بسام السليمان: «من الواضح سعي فرنسا لأن يكون لها موطئ قدم في ملف علاقة دمشق مع (قسد). وقد استغلت مشكلات الجنوب السوري واضطرار الدولة السورية لعقد مفاوضات بخصوصه، وأرادت إدخال (قسد) في هذا السياق، لتوسيع دورها في الساحة السورية». وبحسب السليمان، فإن التصرف الفرنسي يُعدّ «خطأ دبلوماسياً تسبب بحساسية لدى دمشق التي قبلت بدور فرنسي حاضن للمفاوضات مع (قسد) على مضض، وذلك لأن الدخول إلى الساحة السورية يكون عبر دمشق لحل المشكلات وليس العكس، كما رأينا في مؤتمر الحسكة». وشارك في مؤتمر الحسكة، الذي عُقد تحت عنوان «كونفرانس وحدة الموقف: معاً من أجل تنوّع يعزز وحدتنا وشراكة تبني مستقبلنا»، أكثر من 500 شخصية يمثلون الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، والمؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وممثلي مكونات شمال وشرق سوريا، كما شارك عبر الشاشة الشيخ حكمت الهجري، ممثلاً عن الدروز في السويداء، المعروف بمواقفه المناوئة لدمشق، والشيخ غزال الغزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في سوريا المعارض للسلطة السورية الجديدة. وهذا هو المؤتمر الأول من نوعه الذي يشارك فيه ممثلون عن مناطق الساحل والسويداء التي تعرضت إلى أحداث دامية، بعد سقوط نظام الأسد في نهاية 2024. وأضاف السليمان أن «العبارات المنمقة للبيان الختامي لم تخفِ الأبعاد السلبية للمؤتمر»، موضحاً أن «دمشق لا تعارض عقد مؤتمرات ولا أي اجتماع للسوريين، لكن مؤتمر الحسكة أعطى انطباعات سلبية دفعت الحكومة إلى رد فعل رافض، حيث طغت الصبغة الطائفية والعشائرية التي تعزز الانقسام الداخلي السوري، ومنهم شخصيات لا تخفي صلتها بإسرائيل، ومستعصية على الدولة بقوة السلاح، وشخصيات لها ارتباطات مع فلول النظام السابق ومجرمي حرب». وتساءل الباحث السليمان عما إذا كانت فرنسا قادرة على الضغط على «قسد» لمعالجة الآثار السلبية التي خلفها المؤتمر، وبالتالي عودة الأطراف إلى باريس، وقال إن هذا الأمر ما زال غير واضح. من جانب آخر، رأى السليمان أن مؤتمر الحسكة يطرح كثيراً من الأسئلة على المؤتمرين وعلى الحكومة السورية، في ظل محاولات التدخل الخارجي، عبر استغلال فواعل تحاول تمثيل بعض المكونات؛ ما يدفع الجميع إلى ضرورة مراجعة مقارباتهم في علاقاتهم واعتماد مقاربات جديدة تقطع الطريق على محاولات التدخل الخارجية عبر مدخل المكونات. مقاتلان من «قوات سوريا الديمقراطية» في نقطة حراسة بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط) من جانبه، رأى الكاتب والباحث السياسي ثابت سالم أن موقف دمشق طبيعي، في ظل التدخلات الخارجية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حديث «مؤتمر الحسكة عن وحدة سوريا لم يخفِ الأهداف الحقيقية، وهي أولاً خلق واقع سياسي جديد يشرعن قوى وليدة ويعطيها حق التمثيل لفئات من الشعب السوري باعتبارها شرائح مجتمعية مستقلة. والهدف الآخر هو إعلان أن اتفاق مارس بين السلطة و(قسد) أصبح واجب التعديل. أما الهدف الثالث؛ فهو توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن المجتمع السوري ليس مجتمعاً واحداً، بل مجموعة كيانات متناحرة تتطلب تقسيم البلاد تحت شعار لامركزية الدولة». وبحسب رأي سالم، فإن سوريا تواجه «معضلة لها وجهان: إما دولة مستقرة منزوعة الأظافر وكريمة في تأمين المصالح الدولية الاستراتيجية، وعلى رأسها الاقتصادية، وإما دولة ممزقة ومجزأة تلبي مصالح إسرائيل الأمنية، وفي مقدمتها الموارد المائية والدفاعية التي تتمثل باحتلال أراضٍ جديدة». وأشار سالم إلى أن المعضلة تكمن في أن «إقامة الدولة المستقرة تحرم إسرائيل من تحقيق مصالحها. وفي المقابل فإن تمزيق سوريا الذي تعمل عليه إسرائيل لأسباب متعددة يعني خلق بؤر توتر متناحرة تصبح بيئة صالحة لظهور منظمات متطرفة سوف تكون ألغاماً تنسف الاستقرار في المنطقة برمتها، ومن ضمنها إسرائيل نفسها». وأوضح سالم أنه «يمكن فهم بعض التناقض بين مواقف إسرائيل ودول الغرب والولايات المتحدة ضمناً، وهو تناقض اتضح على الأرض من خلال أحداث السويداء». وأضاف أن «هذه المعادلة الحرجة والقلقة تجعل سياسات السلطة الجديدة في سوريا شديدة الحساسية، لا سيما وقد ثبت وبالتجربة أن الركون إلى الوعود الدولية أمر كارثي».

العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
جنود إسرائيليون يتوغلون في قرى القنيطرة ويقيمون حواجز.. قبل انسحابهم
أفادت وكالة "سانا" السورية للأنباء، السبت، بتوغل جنود إسرائيليين في عدد من مدن وقرى محافظة القنيطرة جنوب غربي البلاد، ونصبهم حواجز لتفتيش المارة، قبل انسحابهم. ووفق الوكالة، دخلت 10 سيارات دفع رباعي محملة بالجنود من قاعدة تل أحمر غرباً باتجاه طريق بريقة ـ كودنة، وأقامت حاجزاً هناك، فيما توغل رتل آخر من 10 سيارات في قرية رويحينة متجهاً نحو قرية رسم الحلبي بريف القنيطرة الأوسط. كما توغلت 5 آليات عسكرية إسرائيلية في بلدة الرفيد قادمةً من جهة الحيران عبر بوابة العشة في الريف الجنوبي، فجر السبت، قبل أن تواصل طريقها نحو بوابة الجلع. وفي ريف القنيطرة الأوسط، انطلقت دورية إسرائيلية من العدنانية باتجاه قرية رويحينة، تضم عربات تقل جنوداً ودبابتين، تمركزتا على أطراف القرية. وأوضحت الوكالة السورية أن القوات الإسرائيلية "انسحبت بعد ساعات من توغلها في عدد من القرى والبلدات بريف القنيطرة الأوسط والجنوبي". وتنفذ إسرائيل بشكل متكرر عمليات توغل في سوريا، وتنفذ غارات جوية على أهداف مدنية وعسكرية، ما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى. سوريا سوريا والشرع وتؤكد الحكومة السورية أن هذه السياسة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الوطني، بينما تسعى الدولة لترسيخ الأمن. وفيما لم يصدر تعقيب فوري من الجانب الإسرائيلي بشأن عمليات التوغل الأخيرة، سبق أن برر ذلك بسعيه لتحويل جنوب سوريا إلى منطقة "منزوعة السلاح"، فضلا عن تدخلاته المتكررة تحت حجة "حماية الدروز". وسبق أن أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن دمشق لا تسعى إلى حرب مع إسرائيل، وجدد الدعوة إلى تطبيق اتفاقية فصل القوات لعام 1974. وفي 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلنت إسرائيل انهيار الاتفاقية واحتلال جيشها المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان المحتلة جنوب غربي سوريا. واتفاقية فصل القوات (فض الاشتباك) جرى توقيعها بين إسرائيل وسوريا في 31 مايو (أيار) 1974، وأنهت حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 وفترة استنزاف أعقبتها على الجبهة السورية.


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
قوات إسرائيلية تتوغل في عدد من القرى السورية وتنصب حواجز تفتيش
توغلت قوات إسرائيلية في عدد من القرى والبلدات في ريف محافظة القنيطرة الأوسط والجنوبي، حيث قامت بنصب الحواجز وتفتيش المدنيين في الساعات الأولى من صباح السبت، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا). وذكرت الوكالة أن 10 سيارات دفع رباعي محملة بالجنود من قاعدة تل أحمر، توغلت غرباً باتجاه طريق بريقة كودنة، وقامت بإنشاء حاجز بينما دخل رتل عسكري مؤلف من 10 سيارات قرية رويحينة باتجاه قرية رسم الحلبي في ريف القنيطرة الأوسط. وأضافت: "توغلت خمس آليات عسكرية إسرائيلية في بلدة الرفيد قادمة من جهة الحيران عبر بوابة العشة في الريف الجنوبي، وذلك في الساعات الأولى من صباح اليوم (السبت) قبل أن تتابع طريقها باتجاه بوابة الجلع". وذكرت الوكالة أن دورية إسرائيلية تتكون من عربات نقل جنود ودبابتين، انطلقت من العدنانية في ريف القنيطرة الأوسط، وتوغلت في ريف القنيطرة الأوسط باتجاه قرية رويحينة، حيث تمركزت الدبابتان على أطراف القرية، قبل أن تنسحب القوات الإسرائيلية بعد ساعات من ذلك. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، شنّت إسرائيل مئات الغارات على منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية في أنحاء سوريا، قالت إن هدفها منع الاستحواذ على ترسانة الجيش السوري السابق. كما توغل الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء المحتل من الهضبة السورية. وفي 23 ديسمبر الماضي، أعلنت إسرائيل، دخول بلدات جباتا الخشب وأم باطنة وحضر، في ريف محافظة القنيطرة التي تقع بها هضبة الجولان المحتلة. كما وصلت القوات الإسرائيلية إلى قطنا في جنوب سوريا، وهي على عمق 10 كيلومترات شرق المنطقة العازلة التي تفصل سوريا عن الجولان المحتل. وكانت هذه المرة الأولى التي تسيطر فيها إسرائيل على أراضٍ في سوريا منذ حرب 1973. كما نفذت إسرائيل عشرات الغارات الجوية ضد القواعد العسكرية السورية والمنشآت ومستودعات الأسلحة. وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في فبراير الماضي، بجعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح بشكل كامل، محذراً من أن حكومته لن تقبل بوجود القوات الأمنية التابعة للسلطات الجديدة في سوريا قرب حدودها.