
إسحاق بريك: إسرائيل أسيرة للتطرف الديني والجيش غير مستعد للحرب
درج الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك على انتقاد الحكومة وقيادة الجيش بسبب الفشل في تحقيق أهداف الحرب، مرجعا ذلك إلى عدم جاهزية الجيش بتركيبته الحالية لتحقيق الانتصارات في الحروب على جبهات عدة بل حتى في جبهة غزة وحدها، ولكنه هذه المرة يضيف إلى ذلك بعدا جديدا وغير مسبوق بالتحذير من أن إسرائيل تسير نحو الهاوية بسبب "سيطرة المتشددين على مقاليد الحكم، وانخداع القيادة الإسرائيلية بأوهام دينية" لا تمت بصلة إلى الواقع الأمني والعسكري الذي تواجهه إسرائيل.
وفي مقال جديد نشرته صحيفة معاريف، أكد بريك -الذي شغل عددًا من أعلى المناصب بالجيش الإسرائيلي- أن هذا الجيش "غير مستعد للحرب لا في الدفاع أو الهجوم" متهمًا القيادة السياسية، وفي مقدمتها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيرا الأمن إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بأنها أسيرة لرؤى دينية "مسيحية" تتجاهل الوقائع الصلبة على الأرض.
ويستهل بريك مقاله بتأكيد ثقته المطلقة في تقييماته، بالتذكير بمسيرته العسكرية الطويلة، مشددًا على أن تقييماته لا تأتي من فراغ أو من موقع المراقب البعيد، بل من موقع الخبير العارف بتفاصيل المؤسسة العسكرية، قائلاً "أنا أعرف الجيش الإسرائيلي من الداخل أكثر من أي شخص آخر".
ويستعرض سلسلة من المناصب التي شغلها، قائلا إنه خدم في الجيش كقائد لسلاح المدرعات، وقاد الفرقة النظامية رقم 36، كما شغل منصب نائب قائد القوات البرية، وقائد الفيلق الجنوبي، وقائد الكليات العسكرية.
كما أنه كان لفترة 10 سنوات مفوضًا لشكاوى الجنود (أمين المظالم) وهي وظيفة مكنته من الاطلاع عن كثب على أوضاع أكثر من 1600 وحدة عسكرية في سلاح البر والجو والبحر، ووحدات التدريب والصيانة والبنية التحتية.
ويشير الجنرال بريك إلى أن تجاربه، من الخدمة في حرب الاستنزاف مرورًا بحرب ما سمي يوم الغفران (عام 1973) إلى دوره في حرب لبنان الأولى (عام 1982) أكسبته خبرة عميقة بشأن جاهزية الجيش ونقاط ضعفه، وهو ما يؤهله، بحسب قوله، لإطلاق هذا التحذير في لحظة مفصلية.
ويضيف أنه لم يكتف بجمع الانطباعات، بل قرأ جميع تقارير مراقبي الدولة والمؤسسة الأمنية والرقابة العسكرية، ووجد أن نتائجها تتطابق مع ما توصل إليه من أن الجيش يعاني من "فجوات خطيرة" لاسيما في القوات البرية.
ويخلص بعد ذلك إلى القول "كل شيء يشير إلى أزمة عميقة غير مسبوقة داخل الجيش، وقد عبر لي عدد كبير من القادة والجنود عن مشاعر الإحباط واليأس، ويفضل الكثير منهم مغادرة الجيش بدلاً من البقاء في هذه المنظومة المتداعية".
فشل ذريع
في تحليله للوضع العسكري الراهن، يقول الجنرال المتقاعد إن الجيش "عاجز عن تحقيق أهداف الحرب المعلنة" والمتمثلة في "القضاء على حماس، وإطلاق سراح الرهائن" معتبرًا أن استمرار القتال بهذه الطريقة لا يؤدي إلا إلى مزيد من الإخفاقات، ويهدد بفشل مدوٍّ في أي حرب متعددة الجبهات.
ويحمّل بريك المسؤولية المباشرة للقيادة السياسية والعسكرية، قائلًا إن "الحكومة كان عليها أن تتمسك بالاتفاق الذي وقّعه نتنياهو في مرحلته الثانية، وأن تركز على إعادة بناء الجيش بدلًا من دفعه للاستنزاف في معركة لا نهاية لها".
ولم تسلم القيادات السياسية والعسكرية الحالية من النقد، وقد اتهمهم بريك بالصمت والانصياع للخط السياسي المتطرف.
ويقول "المشكلة التي أراها بشكل أساسي مع كبار القادة، الذين يتم تسريحهم من الجيش والانضمام إلى السياسة، هي أن فكرهم وعقيدتهم تملي طريقهم عليهم، حتى لو لم يتطابق مع الواقع على الأرض".
ويعتقد بريك أن "الفشل في إحراز أي تقدم حقيقي ضد حماس أو حزب الله هو نتاج لتخفيضات مستمرة في ميزانية القوات البرية خلال الـ20 عامًا الماضية" إضافة إلى أزمات مستفحلة في "القوى البشرية، واللوجستيات، والصيانة، وثقافة تنظيمية معيبة في الجيش نفسه".
المسيحانية تغلب الواقعية
ولكن الجزء الأكثر أهمية في مقاله يتمثل في هجومه العنيف على ما وصفه بـ"العقيدة المسيحانية" التي تهيمن على عقول بعض القادة السياسيين والعسكريين. وقال إن هؤلاء يعيشون في وهم أن "الله سينصرهم" دون أي اعتبار للتوازنات العسكرية أو الاستعدادات الواقعية.
وفي إشارة واضحة إلى وزراء متطرفين مثل بن غفير وسموتريتش، كتب "إنهم يمنحون رئيس الوزراء رياحًا خلفية للاستمرار في حرب لا أفق لها، بهدف تحقيق أهداف لا يمكن للجيش إنجازها الآن، مثل القضاء على حماس".
وأضاف أن "كبار القادة الذين تقاعدوا من الجيش وارتدوا القلنسوات (القبعة التي يرتديها المتدينون المتطرفون) وامتهنوا العمل السياسي أو تقديم الاستشارات للسياسيين، يتجاهلون الواقع القاسي ويعتمدون على إيمانهم الديني لتبرير الاستمرار في الفشل".
ولتعزيز حججه، يستحضر بريك أحداثًا تاريخية من التراث اليهودي، أبرزها تدمير الهيكلين الأول والثاني حسب الروايات اليهودية، فضلا عن حادثة الهولوكوست، إضافة إلى تمرد بار كوخبا الذي قال إن اليهود دفعوا بسببه ثمنًا باهظًا بلغ 600 ألف قتيل ونفيًا دام ألفي عام "بسبب تبنيهم فكرًا مسيحانيًا مماثلًا لما نراه اليوم".
عواقب وخيمة
بحسب الجنرال المتقاعد، فإن الإصرار على الاستمرار في الحرب -رغم عجز الجيش عن حسمها عسكريًا- يضر بكل مناحي الحياة في إسرائيل: "يتدهور وضع المختطفين، ويصاب المزيد من الجنود، وتدخل إسرائيل في أزمة غير مسبوقة مع العالم، ويستمر تفكك الجيش من الداخل، بينما تعاني الجبهة الداخلية من الفوضى الاجتماعية والانهيارات في التعليم والصحة والاقتصاد".
وتابع بلهجة يائسة "هذه حكومة وهمية، تتعامل مع بقائها في الحكم باعتبارها أهم من أمن الدولة، وهي تقود إسرائيل نحو الهاوية بسرعة جنونية".
وينهى بريك مقاله بتحذير صريح ومباشر "إن من يديرون الحكومة الآن يعيشون بوهم ديني لا علاقة له بالواقع العسكري أو الأمني، وعندما يصطدمون بجدار الحقيقة الصلب، لا يملكون سوى الادعاء أن الله سيساعدهم، في حين أن الدولة كلها تنهار من الداخل".
ويؤكد أن لديه "آلاف الشهادات والوثائق والتقارير والمقابلات التي تؤكد كل ما يقوله" داعيًا إلى وقف ما سماه "الجنون المسيحاني" وإعادة الجيش إلى واقعه المهني، بعيدًا عن الخطابات الدينية أو الأوهام العقائدية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
تحقيق للجزيرة يكشف تضارب الرواية الإسرائيلية بشأن مجزرة المساعدات في رفح
شهدت الأيام الثلاثة الماضية مجازر إسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين خلال توجههم للحصول على المساعدات من المراكز التي تديرها الشركة الأميركية في رفح جنوبي قطاع غزة ، حيث بلغ إجمالي الشهداء 102، مع 490 مصابًا، وفق المكتب الإعلامي الحكومي. ووقعت المجزرة الأولى في الأول من يونيو/حزيران الجاري، وأعلنت حينها وزارة الصحة الفلسطينية أنها خلفت 35 شهيدًا، وإصابة أكثر من 200، وهو ما أكّدته المؤسسات الطبية الدولية في القطاع. وأصدرت مؤسسة "أطباء بلا حدود" بيانًا قالت فيه إن فرقها داخل القطاع شاركت في استقبال الضحايا بعد وصولهم إلى مستشفى ناصر في خان يونس، كما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن مستشفاها الميداني في رفح استقبل نحو 179 مصابًا. يستند هذا التحقيق، الذي أجرته وكالة سند بشبكة الجزيرة، على تتبع الرواية الإسرائيلية حول الحادثة الأولى، ومراجعة شهادات الناجين والمقاطع التي وثقت الحدث، مما كشف جوانب مهمة في حيثيات حقيقة ما جرى من أحداث دامية على المواطنين الفلسطينيين في غزة. تخبط إسرائيلي رغم مضي ساعات على الحادثة، تأخر موقف الجيش الإسرائيلي وتعليقه عليها، وأصدر بعد ساعات بيانًا قال فيه إن ما نُشر حول مجزرة بمنطقة توزيع المساعدات مجرد أخبار كاذبة، نافيًا أن يكون الجيش أطلق النار على فلسطينيين قرب موقع توزيع المساعدات. إعلان ولاحقًا، نشر صحفيون إسرائيليون مقطعًا من كاميرات المراقبة المثبتة في موقع المساعدات، تظهر مشاهد عملية التوزيع "التي تمت دون عوائق" وفق المزاعم الإسرائيلية، وكان التصوير بعد الساعة الخامسة فجرًا. وبعد ساعات، نشر الجيش عبر حساباته مقطعًا نهاريًا معدلًا قال إنه يظهر إطلاق "عناصر حماس النار على المواطنين" للسيطرة على المساعدات. وفي تصريحات إعلامية، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه خلال الليل وعلى بعد كيلومتر من منطقة التوزيع، أطلقت القوات الإسرائيلية النار لمنع عدد من المشتبه بهم من الاقتراب من القوات، مدعيًا أنه لا صلة بين ما حدث وبين الوفيات المعلن عنها. وعكست تلك التصريحات تضاربًا كبيرًا في رواية الجيش الإسرائيلي، حيث لا تتوافق البيانات زمنيًا ولا تقدم تصورًا واضحًا حول ما حدث. تفنيد ادعاءات الجيش نشر الصحفي الإسرائيلي إيتاي بلومنتال مقطع فيديو مسجلًا من كاميرات مراقبة داخل مركز المساعدات، يوثق 14 دقيقة من موقع توزيع المساعدات التابع لمؤسسة "جي إف إتش" (GHF) في تل السلطان، خلال الفترة ما بين الساعة 05:02 صباحًا و05:45 صباحًا، تُظهر عملية توزيع 15 ألف طرد غذائي. وشاركت الحسابات الإسرائيلية المقطع، معلقةً بأنه يظهر حشود المدنيين والمنظمين والحراس المسلحين، دون ظهور أي مؤشرات على إطلاق نار أو فوضى أو حالة من انعدام النظام. ولكن، وبمراجعة الفيديو المقسم إلى مقاطع زمنية، نجد أنه في المقطع الزمني بين (05:02 – 05:08)، وتحديدًا في الدقيقة الثالثة بين الثانية 10 و11، يُسمع إطلاق نار عبر طلقات رصاص مضيئة باتجاه مناطق تكدس المدنيين، أي أن هناك إطلاق نار مسجّلًا تقريبًا بين الساعة 05:05 و05:06. كما يوثق المقطع المنشور المشهد داخل مركز المساعدات نفسه، وتحديدًا مسار الخروج، ما اعتبرته الحسابات الإسرائيلية ردًا واضحًا على الادعاءات، في حين أن المصادر الفلسطينية الرسمية لم تدّعِ أن المجزرة وقعت داخل مركز المساعدات، بل في الطريق إليه، وهو ما يطرح تساؤلات حول تجاهل نشر مقاطع الكاميرا التي توثق مسار الدخول. إعلان وبالبحث في المقاطع التي وثقها المدنيون بالقرب من نقطة المساعدات، وجدنا هذا الفيديو الذي تظهر فيه أصوات إطلاق رصاص، نشره شاب يدعى همام أبو طه. View this post on Instagram A post shared by همام ابوطه🇵🇸 (@khqn) تواصل فريق "سند" مع المصور للحصول على شهادته والفيديو مباشرة لاستخراج البيانات الوصفية، فتبين أن توقيت التصوير هو 05:06، وهو ما يتطابق مع ظهور إطلاق الرصاص المضيء في مقطع كاميرا المراقبة. وبمراجعة شهادة أبو طه، ذكر أنه كان موجودًا عند منطقة دوار العلم، وهو ما يتطابق مع شهادات عدة مواطنين كانوا في نفس المنطقة، وأفاد بإطلاق القوات الإسرائيلية النار عليهم أثناء انتظارهم الدخول لتسلم المساعدات. قمنا بتحديد نقطة دوار العلم في الخريطة التالية بالرقم (2)، بينما حددنا موقع تصوير نقطة المساعدات بالرقم (1)، وتبيّن وجود مسافة تقارب 900 متر بين مركز المساعدات ومنطقة انتظار المواطنين عند دوار العلم. قمنا أيضًا بتحليل الإصابات الظاهرة في فيديو جثث المدنيين على الشاطئ، حيث يمكن تمييز إصابات قاتلة مباشرة بمنطقة الرأس في اثنتين من الجثث على الأقل، انتشرت مشاهدها عبر منصات التواصل. كما شكّل المقطع الذي نشره الجيش لإظهار مسلحين يطلقون النار على المواطنين أداةً للتضليل في يد الحسابات الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية، حيث حظي بتفاعل واسع عبر المنصات الأجنبية، مرفقًا بتعليقات تفيد بأن "حماس" هي من أطلقت النار لمنع المواطنين من الوصول إلى مقر التوزيع. كما أن مطابقة المكان الظاهر في المقطع مع الخرائط تظهر أنه ليس في رفح أصلًا، بل في منطقة خان يونس. وبالبحث في المنصات الفلسطينية، عثرنا على شهادات تتحدث عن وجود عصابات مسلحة تسيطر على شاحنات المساعدات وتبيعها للمواطنين، وقد وثَّقت مقاطع مصورة اعتداءات هذه العصابات التي رصدتها مسيرات الجيش الإسرائيلي. إعلان ووصف المكتب الإعلامي الحكومي هذه العصابات بأنها تمتلك علاقات أمنية مع الاحتلال، ويسمح لها بسرقة المساعدات تحت حمايته. كما ادعى أحد الحسابات أن ما حدث كان محاولة من بعض اللصوص لنهب إحدى الشاحنات القادمة إلى المستودع، فقام مسؤولو الأمن الأميركيون بإطلاق قنابل الغاز لإبعادهم. وبحسب التحقق، لم يعلن الجيش أو المؤسسة الأميركية عن أي محاولة نهب لشاحنات تابعة لهم، كما أن الفيديوهات التي نشرتها كاميرات المراقبة لا تظهر وجود أي شاحنات في المكان. وبين تضارب رواية الجيش الإسرائيلي، يتوافق تصريح الجيش بشأن إطلاق النار لإبعاد مشتبه بهم عن القوات مع شهادات الناجين عن إطلاق النار عليهم، وتدعمه المقاطع المتوفرة للحادث.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ليبرمان: إسرائيل تسلح عصابات في غزة بأمر من نتنياهو
نقلت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية عن زعيم حزب " إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، قوله إن إسرائيل سلمت أسلحة لعصابات في قطاع غزة بأمر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وفي الأشهر الأخيرة تحدثت تقارير إعلامية إسرائيلية عن ظهور "مجموعات إجرامية مسلحة" بغزة تعمل بحماية الجيش الإسرائيلي، وتهاجم الفلسطينيين. وقال ليبرمان لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن "إسرائيل نقلت بنادق هجومية وأسلحة خفيفة إلى مليشيات إجرامية في غزة"، مؤكدا أن هذه الخطوة تمت "بأوامر من نتنياهو". وأضاف أن تسليح عصابات إجرامية في غزة لم يحصل على مصادقة المجلس الوزاري المصغر، مؤكدا أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) يعلم بالأمر. وأردف "لكنني لست متأكدا من أن رئيس أركان الجيش كان يعلم، نحن نتحدث عن ما يُعادل (تنظيم) داعش (الإرهابي) في غزة". وأضاف ليبرلمان محذرا "لا أحد يضمن عدم توجيه هذه الأسلحة إلى إسرائيل. ليس لدينا أي وسيلة للمراقبة أو التتبع". ورفض "الشاباك" التعقيب على تصريحات ليبرمان، وفق هيئة البث الإسرائيلية. وتؤكد هذه التصريحات ما كان يردده المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في أكثر من مناسبة بأن "عصابات مسلحة" مدعومة من إسرائيل تنهب المساعدات الإنسانية الشحيحة التي تدخل غزة، في ظل حصار إسرائيلي خانق. إعلان ومنذ 22 مايو/أيار الماضي، سمحت إسرائيل فقط بإدخال عشرات الشاحنات المحملة بمساعدات، في حين تحتاج غزة يوميا لـ500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، و50 شاحنة وقود كحد أدنى، وفق المكتب الإعلامي الحكومي. وأمس الأول الثلاثاء، أعلن المكتب الإعلامي بغزة ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين الذين استهدفهم الجيش الإسرائيلي قرب مراكز توزيع ما تُسمى "مساعدات" بالجنوب إلى "102 شهيد و490 مصابا" خلال 8 أيام. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، نحو 180 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
عقبات أمام حُلم إسرائيل بتقسيم سوريا
منذ بداية الحرب الأهلية السورية وحتى سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قصفت إسرائيل بشكل متكرر المواقع العسكرية الإيرانية في الأراضي السورية، والمركبات التي تنقل الأسلحة إلى حزب الله، والمقرات التابعة للمليشيات الموالية لإيران، والمواقع العسكرية التابعة للدولة السورية بالصواريخ. بعد سقوط نظام بشار الأسد، فضلت إسرائيل، بالإضافة إلى قصف الأهداف التي حددتها في الأراضي السورية، كما كانت تفعل سابقًا، احتلالَ المناطق منزوعة السلاح والجنود، بموجب "اتفاقية فض الاشتباك" الموقعة بين سوريا وإسرائيل عام 1974، وإنشاءَ قواعد عسكرية في هذه المناطق. يمكن اعتبار إنشاء نقاط عسكرية في الأراضي السورية بعدًا جديدًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد سوريا؛ بذريعة "الأمن القومي". بالإضافة إلى ذلك، فإن احتلال إسرائيل جبلَ الشيخ، وتهديدَ بعض المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الدفاع كاتس، الحكومةَ السورية، يكشفان أن إسرائيل ليس لديها نية لتحقيق الأمن في المنطقة، بل تسعى إلى احتلال المزيد من الأراضي من خلال استغلال الفراغ الإداري في سوريا. يمكن اعتبار الغارات الجوية الإسرائيلية الشاملة لتدمير القدرات العسكرية السورية بالكامل، والتحركات البرية العسكرية لاحتلال أراضيها، بالإضافة إلى الحوار الذي أجرته مع الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، والتصريحات التي أدلت بها للطائفة العلوية التي تعيش في منطقة الساحل السوري، خطوات اتخذتها حكومة نتنياهو لتقسيم سوريا. في المقابل، نرى أن أحمد الشرع وإدارته يتوخون الحذر الشديد في خطواتهم العسكرية والسياسية، وفي التصريحات التي يدلون بها بشأن أفعال إسرائيل، وذلك لحماية سيادة بلادهم، وتجنب الدخول في حرب جديدة مع إسرائيل. صرح الرئيس السوري أحمد الشرع في العديد من المناسبات بأن سوريا لن تتحول إلى منطقة تؤثر سلبًا على أمن أي دولة، بما في ذلك إسرائيل، وأن حزب الله وإيران لم يعودا موجودَين في سوريا، وبالتالي لا يوجد مبرر لإسرائيل لشن غارات جوية على سوريا. حُلم إسرائيل طورت إسرائيل خطة تسمى "ممر داود" لإعادة تشكيل شرق البحر الأبيض المتوسط. إذا تم تفعيل ممر داود، فستصل إسرائيل إلى جنوب سوريا عبر مرتفعات الجولان، وإلى شرق الفرات عبر دير الزور، وبالتالي إلى الحدود التركية. لذا، سيكون لديها عدد كبير من السكان بفضل التحالفات التي أقامتها على مساحة جغرافية واسعة. لم يكن ممر داود خطة ظهرت بعد سقوط نظام البعث. لطالما طورت إسرائيل علاقات مع الجماعات الانفصالية في المنطقة لتفعيل هذا الممر. لكن خطة ممر داود الإسرائيلية ليست مقبولة على الإطلاق لكل من تركيا، والإدارة السورية. من أجل تفعيل ممر داود، تعِد إسرائيل بحماية الطائفة الدرزية في جنوب سوريا، وتقيم اتصالات مع كبار الشخصيات الدرزية الذين يرحبون بالحماية الإسرائيلية، بل وتستضيفهم في تل أبيب. اتخذت إدارة أحمد الشرع العديد من الخطوات التي تظهر الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم السماح بالحركات الانفصالية. أعلنت تركيا موقفها بوضوح بتصريحات كل من الرئيس أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان. أوضحت تركيا مرارًا وتكرارًا أنها تعتبر تشكيل هيكل اتحادي في شرق سوريا تهديدًا لأمنها القومي. وفي هذا السياق، نفذت العديد من العمليات العسكرية في الأراضي السورية في السنوات الماضية. هناك نقطة أخرى هي أن تركيا تعتبر تفعيل ممر داود بمثابة مجاورة لإسرائيل. لا تريد تركيا على الإطلاق إنشاء هيكل يمكن لإسرائيل أن تتحرك فيه بحرية على حدودها. في الواقع، هذا وضع متبادل؛ فكما أنها لا تريد وجود إسرائيل أو هيكل يتعاون مع إسرائيل على حدودها، فإن إسرائيل لا تريد وجود تركيا في جنوب سوريا. إعلان لذلك، فإن إصرار الإدارة السورية على سياسة الحفاظ على وحدة أراضي البلاد، ورؤية تركيا لممر داود على أنه تهديد لمصالحها الوطنية، يؤثران سلبًا على تحقيق حُلم إسرائيل. من ناحية أخرى، على الرغم من وعود إسرائيل بالحماية والمساعدة، فإن جزءًا فقط من المجتمع الدرزي يرحب بالانفصال والحماية الإسرائيلية. يحلم الدروز الذين يعيشون في الوحدات السكنية القريبة من مرتفعات الجولان المحتلة من قبل إسرائيل والمجتمع الدرزي الذي يدعم حكمت الهجري بالانفصال. وأعلن قادة آخرون في المجتمع الدرزي أن الدروز جزء من المجتمع السوري، وأن السويداء أرض سورية، وأنهم لا يريدون الحماية الإسرائيلية، وأنهم يرغبون في إقامة علاقات جيدة مع دمشق. وفي هذا السياق، عُقدت العديد من الاجتماعات الناجحة بين الحكومة السورية والمجتمع الدرزي. تعتقد إسرائيل والمجتمع الدرزي أنه يمكن إعادة تأسيس الدولة الدرزية التي تأسست خلال فترة الاحتلال الفرنسي. لكن التطورات في سوريا والمنطقة تؤثر سلبًا على تأسيس دولة درزية. وبالمثل، فإن إعادة تأسيس الدولة العلوية التي تأسست خلال فترة الاحتلال الفرنسي أمر مستحيل. وعندما ننظر إلى التاريخ، نرى أنه حتى أثناء استمرار الاحتلال الفرنسي لسوريا، لم تنجُ الدولة العلوية والدولة الدرزية، بل أصبحتا جزءًا من الدولة السورية. بعد الإطاحة بنظام البعث، كان أول من دعم حكومة تصريف الأعمال السورية، بقيادة أحمد الشرع، هي تركيا، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والأردن. زار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان دمشق في 22 ديسمبر/ كانون الأول، والتقى أحمد الشرع. كما زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، العاصمة السورية دمشق في أوائل فبراير/ شباط. بعد يوم واحد من زيارة أمير قطر، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بأول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية، وبعد أيام قليلة زار تركيا. إعلان إن اعتراف دول المنطقة- وعلى رأسها قطر، وتركيا- بالإدارة السورية الجديدة، وإجراء المحادثات، وإعادة تفعيل سفاراتها في دمشق، مهدت الطريق لدول غربية لإقامة علاقات مع الإدارة السورية. زار كبار المسؤولين من العديد من الدول الغربية- بمن في ذلك وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا- دمشق والتقوا بأحمد الشرع ومسؤولين آخرين. وبالمثل، أتيحت لوزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني الفرصة لشرح رؤية الحكومة السورية الجديدة لقضايا مثل؛ التنمية والأمن والعلاقات الدولية؛ في زياراته إلى دول المنطقة والدول الغربية. تكللت جهود قطر وتركيا، على وجه الخصوص، لاكتساب الشرعية، والاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، بلقاء الرئيس الأميركي ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض خلال زيارته للخليج، وبرفع العقوبات المفروضة على سوريا. إن مفتاح "الاعتراف والشرعية" الذي لم يُمنح لحكومة طالبان في أفغانستان، مُنح للحكومة السورية الجديدة بجهود قطر، وتركيا. اعتُبر اعتراف الدول بالحكومة السورية، وزيارة المسؤولين دمشق، وإعادة تفعيل البعثات الدبلوماسية- أي باختصار قبول الدول الحكومة السورية الجديدة وإقرارها بها كإدارة شرعية- بمثابة "مفتاح". فالاعتراف والشرعية يلعبان دورًا رئيسيًا في حل العديد من المشاكل. في الواقع، إن اعتراف دول المنطقة والدول الغربية بالإدارة السورية الجديدة، ورفع العقوبات الأميركية، ولقاء ترامب مع أحمد الشرع ، دفعت إسرائيل إلى إعادة النظر في خططها لسوريا. يبدو أن إسرائيل قد جمدت الهجمات الرامية إلى تدمير القدرات العسكرية السورية، والأنشطة الرامية إلى تقسيم سوريا من خلال المجتمع الدرزي. وعلى الرغم من أن الإدارة السورية لم تؤكد ذلك رسميًا بعد، إلا أن الصحافة الإسرائيلية زعمت أن بعض الاجتماعات عُقدت بين إسرائيل وسوريا بمشاركة تركيا. وزعمت الصحافة الإسرائيلية أن الاجتماعات عُقدت في باكو، عاصمة أذربيجان. إعلان إن تخفيف إسرائيل هجماتها على سوريا وتفضيلها طريق الحوار مع الإدارة الجديدة، يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالشرعية التي اكتسبتها إدارة أحمد الشرع. هناك دعامتان أساسيتان لمسألة الشرعية؛ أولاهما الشرعية التي يحققها دعم الشعب، والأخرى هي الشرعية التي يحققها دعم المجتمع الدولي. لقد حققت الحكومة السورية حاليًا دعمًا من الشعب ودعمًا من المجتمع الدولي. وهذا إنجاز ومكسب مهم لسوريا الجديدة. إن دعم الشعب السوري للإدارة الجديدة ليس أبديًا. لذلك، فإن دعم الشعب يتعلق بوفاء الإدارة السورية بالوعود التي قطعتها بشأن مستقبل سوريا. إذا لم تفِ الحكومة بوعودها، فإن الشعب سيقلل من دعمه. لذلك، يجب على الإدارة السورية اتباع سياسة حازمة في الوفاء بوعودها، وتجنب تقديم الأعذار. يجب على الإدارة السورية تجنب الوقوع في خطأ تفضيل الدعم الذي يقدمه الشعب، على الدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي. يجب على الإدارة دائمًا إعطاء الأولوية لدعم الشعب. بسبب الدعم القوي المقدم للإدارة السورية، ستضطر إسرائيل إلى التخلي عن سياستها الرامية إلى فصل المجتمع الدرزي عن سوريا. يمكن للإدارة السورية تحويل هذا التطور إلى فرصة لتنفيذ سياسات تكسب دعم المجتمع الدرزي وتمنع الانقسام. إن ربط القوات شبه العسكرية الدرزية في المنطقة بوزارة الدفاع، والسماح للقوات شبه العسكرية الدرزية التابعة لوزارة الدفاع بلعب دور معين في الحفاظ على أمن منطقة السويداء، يمكن أن يساهم ذلك في تحقيق الاستقرار في المنطقة. قد تطلب إسرائيل تحديث اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. يمكن تحديث هذه الاتفاقية بالطبع حسب الحاجة. لكن من المهم ألا توافق الإدارة السورية على أي مادة في تحديث الاتفاقية تضفي الشرعية على وجود إسرائيل في الأراضي السورية. فمن الملاحظ أن إسرائيل ستطلب تحديث الاتفاقية في الفترة المقبلة. يتم إعادة تشكيل الجيش السوري من خلال انضمام الجماعات المسلحة السورية المعارضة إلى الجيش السوري بالتنسيق مع وزارة الدفاع. أعلنت وزارة الدفاع السورية الأسبوع الماضي عن قرارات حاسمة بشأن إنشاء جيش محترف. تتضمن القرارات العديد من المواد مثل: تدريب المنتسبين إلى الجيش في الكليات العسكرية. إن تخلي الجيش السوري عن مظهره كتشكيل شبه عسكري مسلح أمر مهم جدًا لتحقيق أمن سوريا ووحدتها. يجب تحويل الجيش السوري، الذي لا يزال يعطي صورة تنظيم شبه عسكري، إلى جيش محترف بسرعة. ربما يجب اتخاذ أسرع الخطوات في سوريا فيما يتعلق بإنشاء جيش محترف. أقامت إسرائيل علاقات مع بعض القرى السنية في درعا والقنيطرة خلال الحرب الأهلية السورية. تقوم الإدارة السورية بدمج الهياكل المسلحة المعارضة في المنطقة في الجيش السوري من خلال ضمهم إلى الفرقة 40 التي ستعمل في المنطقة الحدودية. من ناحية أخرى، يواصل الجنود الإسرائيليون دورياتهم العسكرية في المنطقة والحفاظ على علاقاتهم مع العناصر المحلية التي أقاموها منذ عام 2011. من المحتمل أن تتعارض هذه الأنشطة الإسرائيلية مع جهود الإدارة السورية لتأمين الحدود. لذلك، يجب على الإدارة السورية أن تعمل على توفير إمكانات عودة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) إلى المنطقة، والقيام بواجبها الناشئ عن الاتفاقية، كضرورة لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974. سيكون وجود قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في المنطقة مهمًا أيضًا لتوثيق انتهاكات إسرائيل. ستقدم إسرائيل والولايات المتحدة عرضًا للتعاون الاستخباراتي بشأن الجماعات الفلسطينية في الأراضي السورية. في سياق أهمية تحقيق الأمن في عملية تطبيع سوريا، يجب اعتبار إخراج الجماعات الفلسطينية من سوريا كافيًا. إن ظهور صورة للتعاون مع إسرائيل أو الولايات المتحدة ضد الجماعات الفلسطينية، سيزيد من الانتقادات الموجهة إلى الإدارة السورية ويقلل من الدعم الشعبي. قد يتم طرح خطة عاموس هوكستين، وهي: "نقل الغاز الإسرائيلي إلى سوريا عبر خط أنابيب الغاز العربي الذي يمر عبر الأردن"، مرة أخرى على جدول الأعمال من قبل إسرائيل والولايات المتحدة. إن اقتراح عاموس هوكستين هذا جزء من حرب ممرات الطاقة والممرات التجارية. من المعروف أن خط أنابيب الغاز الطبيعي التركي كان من المقرر أن يمر عبر الأراضي السورية. كما أن نقل الغاز الطبيعي الأذربيجاني عبر تركيا إلى سوريا هو أيضًا أحد الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال. لذلك، من المهم أن تتخذ الإدارة السورية خطوات حذرة في القضايا الإستراتيجية، مثل: الطاقة، وإجراء مشاورات مع حلفائها الإقليميين. قد تمارس إسرائيل والولايات المتحدة ضغوطًا على الإدارة السورية؛ لإعلان أن مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل كانت تحت السيادة السورية قبل عام 1967. وبهذه الطريقة، تهدف إسرائيل إلى تعزيز أطروحتها بأنها لم تحتلّ أراضي لبنان. يجب على الإدارة السورية ألا تتخذ خطوات تخلق مشاكل طويلة الأمد مع دول وشعوب المنطقة، ويجب ألا تستجيب بشكل إيجابي للطلبات الواردة في هذا الاتجاه.