
من رفح إلى الشجاعية.. القسام يفتح "أبواب الجحيم" ويضرب جنود الاحتلال بـ"كمائن الموت"
تقرير – شهاب
من بيت حانون للشجاعية إلى رفح، تضرب كتائب القسام جنود الاحتلال الإسرائيلي، من خلال سلسلة عمليات نوعية وقاتلة، اتسمت بالتنسيق العالي و"كمائن الموت" المحكمة، التي أظهرت تطوراً في تكتيكات العمل المقاوم رغم استمرار الحصار والهجمات الجوية المكثفة.
حيث أعلنت مصادر إسرائيلية، عن إصابة تسعة جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينهم ضابط كبير برتبة عقيد، في عملية نفذتها المقاومة الفلسطينية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات المنسقة التي نفذتها فصائل المقاومة خلال الأسبوع الأخير، حيث بدأت العمليات في بيت حانون شمال القطاع، وتوسعت لاحقاً إلى رفح جنوباً، قبل أن تفاجئ جيش الاحتلال لإسرائيلي بعملية نوعية في الشجاعية، وصفت بالأعنف خلال الأيام الماضية.
هذه العمليات، وفق خبراء عسكريين، تمثل تطوراً استراتيجياً في أداء المقاومة، إذ تنقل المعركة من موقع الدفاع إلى الهجوم التكتيكي، وتربك حسابات الاحتلال، خصوصاً في ظل حديث متصاعد داخل الاحتلال عن غياب الأفق السياسي وجدوى العمليات البرية المتواصلة.
كما تسعى المقاومة، من خلال "كمائن الموت"، إلى نقل جزء من كلفة الحرب إلى جيش الاحتلال نفسه، ومع دخول الحرب شهرها التاسع عشر، تؤكد المقاومة أنها ما زالت تملك أوراق قوة ميدانية قادرة على إحداث فرق في موازين الاشتباك.
ويرى مراقبون أن توقيت هذه العمليات يكتسب أهمية خاصة، إذ تتزامن مع تصاعد الانتقادات داخل الكيان بشأن جدوى استمرار الحرب على غزة، حيث تزداد الأصوات المعارضة التي تعتبر أن الحرب تخدم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سياسياً، دون تحقيق أهداف واضحة.
ورغم أن مثل هذه العمليات لا تُعد سبباً مباشراً لإنهاء الحرب، إلا أنها تسهم في رفع كلفة استمرار التوغل العسكري في غزة، حيث لم يعد الفلسطيني وحده من يدفع الثمن، بل الجندي الإسرائيلي أيضاً، وهو ما يعكس واقعاً مغايراً لتقديرات سابقة تحدثت عن انهيار المقاومة خلال الأشهر الأولى من الحرب.
وتُعد كمائن الأنفاق والتفجير عن بُعد، إلى جانب الاشتباكات المباشرة، أبرز الأساليب التي تستخدمها كتائب القسام في استنزاف قوات الاحتلال، ضمن استراتيجية تعتمد على المفاجأة والتكلفة البشرية العالية، ما يزيد من الضغوط السياسية والعسكرية على قيادة الاحتلال الإسرائيلي.
"المقاومة متماسكة"
وأجمع خبراء ومحللون على أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا تزال متماسكة وقادرة على القتال بعد أكثر من عام ونصف العام من الحرب، مؤكدين أن مزاعم الاحتلال بإنهاك المقاومة غير صحيحة، وأن الاحتلال يواجه تحديات ميدانية كبيرة مع استمرار المقاومة في توجيه ضربات لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، فإن فيديوهات عمليات المقاومة التي عُرضت مؤخرا والتي توثق عمليات عسكرية ضد الجنود الإسرائيليين تعكس "وضعا ميدانيا متماسكا للمقاومة"، لافتا إلى أن طبيعة حركة جيش الاحتلال سمحت للمقاومة بالتحرك والاشتباك وإيقاع خسائر.
وأوضح الدويري، أن التقديرات تشير إلى وجود ما بين 30 و40 ألف مقاتل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يزالون موجودين في غزة، مؤكدا أن المقاومة ستواصل التصدي للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وأن المقاربة العسكرية الإسرائيلية ستفشل في النهاية.
ووفق الدويري، فإن جيش الاحتلال اتخذ وضعية دفاعية تعتمد على عمليات المراقبة، مما يدفع مقاتلي الفصائل الفلسطينية للتدخل ضد قواته بمقاربة عسكرية محددة هي حرب العصابات، تحت عنوان "حرب الاستنزاف".
ولفت إلى أن أداء المقاومة يُعرف في الأدبيات العسكرية باسم عمليات "سمكة الصحراء"؛ أي الظهور في الزمان والمكان غير المتوقعين، وممارسة الترويع والصدمة عبر إيقاع أكبر خسائر ممكنة ثم الانكفاء والانسحاب.
واستدل الخبير العسكري بعمليات المقاومة في أحياء الشجاعية والتفاح بمدينة غزة وبيت حانون شمالا، إضافة إلى ما يحدث في جنوبي القطاع.
ومن جانبه، قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، إن العمليات العسكرية للمقاومة تكررت مؤخراً بعد توقف طويل عندما بدأ جيش الاحتلال تنفيذ سياسة "القضم المتدرج" في قطاع غزة، مؤكدًا على أن هذه الكمائن ترسم معادلة جديدة للمرحلة القادمة إذا قرر الاحتلال التوغل في القطاع.
ورجح حنّا أن تكون الحكومة الإسرائيلية اتخذت قراراً بالدخول عسكرياً إلى غزة واستدعاء الاحتياط، موضحاً أن المقاومة ستواجه هذا التصعيد باعتماد إستراتيجية "اضرب واهرب" وحرب العصابات بهدف استنزاف قوات الاحتلال على المدى الطويل.
وفي تحليله لعناصر القوة لدى المقاومة، أكد العميد أن العنصر الأهم هو استطاعتها الوصول إلى مناطق يعتبرها جيش الاحتلال آمنة، سواء في رفح جنوباً أو بيت حانون شمالاً، إضافة إلى قدرتها على تنفيذ العمليات والانسحاب بنجاح.
"هجوم تكتيكي منسق"
ومن جهته، أكد المحلل العسكري والأمني رامي أبو زبيدة أن سلسلة العمليات العسكرية الأخيرة للمقاومة في مدينة رفح تشير إلى تحول استراتيجي واضح، من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم التكتيكي المنسق.
وأوضح أبو زبيدة في تصريح خاص بوكالة "شهاب" للأنباء، أن هذا التحول يتجلى من خلال النمط المتصاعد للعمليات، الذي يشمل تفجير عبوات أرضية ضد قوات مدرعة، واستهداف وحدات نوعية مثل لواء "جولاني" داخل المباني، وتنفيذ كمائن متعددة الاتجاهات.
وأشار أبو زبيدة إلى أن هذه العمليات نفذت في عمق رفح وليس على أطرافها، مما يدحض الرواية الإسرائيلية حول السيطرة على المدينة.
ولفت إلى أن توقيت هذه الضربات جاء متزامناً مع إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء مرحلة السيطرة على رفح، مما يؤكد أن المقاومة كانت تتحرك وفق خطة مضادة مسبقة، وأنها ما تزال قادرة على المناورة والضرب في المناطق التي يدعي الاحتلال السيطرة عليها.
وأضاف المحلل العسكري أن المقاومة تعتمد في عملياتها على شبكة عبوات أرضية مزروعة في عمق المدينة، إلى جانب وحدات صغيرة خفيفة الحركة تنفذ هجمات متزامنة في أكثر من محور. كما تستخدم المباني المفخخة لخلق بيئة قتالية معقدة، تجمع بين الكمائن الأرضية والضربات داخل الأبنية، مما يجعل مواجهتها صعبة للقوات الإسرائيلية التي تعتمد بشكل كبير على التغطية الجوية والنارية للتحرك.
من ناحية أخرى، أكد أبو زبيدة أن هذه العمليات لا تقتصر على تأثيرها الميداني فحسب، بل تمتد إلى ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وأوضح أن الخسائر المتكررة بين صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك انهيار المباني على القوات وتفجير العبوات المزدوجة، أدت إلى تدهور معنويات الجنود، خاصة مع تزايد امتناع جنود الاحتياط عن الاستجابة لنداءات التعبئة.
وخلص المحلل العسكري إلى أن المقاومة تمكنت، من خلال هذه العمليات، من تفكيك الادعاءات الإسرائيلية حول "السيطرة" على رفح، مؤكداً أن ما يحدث على الأرض يثبت أن السيطرة الإسرائيلية مجرد تواجد محدود وغير آمن، بينما تعمل المقاومة بخطة استنزاف ناجحة تعكس كفاءة قيادية وقدرة على التحكم في الميدان رغم كل محاولات القصف والمراقبة.
ويواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، بعد تنصله من اتفاق وقف إطلاق النار منذ 18 مارس المنصرم، وذلك عقب انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق والتي استمرّت 50 يومًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة شهاب
منذ يوم واحد
- وكالة شهاب
خاص مهنا لـ شهاب: غزة على أعتاب مرحلة "عطش جماعي" وكارثة صحية شاملة
خاص - شهاب حذرت بلدية غزة بشدة من انهيار شامل في خدمات المياه والصرف الصحي، قد يؤدي إلى كارثة بيئية وإنسانية تطال مئات الآلاف من السكان والنازحين في المدينة المحاصرة، نتيجة توقف إمدادات الوقود واستهداف الاحتلال "الإسرائيلي" للبنية التحتية الحيوية. وقال حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية غزة لـ(شهاب) إن المدينة "تعيش واحدة من أخطر الأزمات في تاريخها"، مؤكدًا أن نقص الوقود الحاد أجبر البلدية على تشغيل آبار المياه لساعات قليلة فقط يوميًا، وسط انقطاع كامل للمياه عن العديد من الأحياء، في ظل تضاعف الطلب بسبب تكدس النازحين في مناطق محدودة. وأضاف مهنا: "خط ميكروت الذي يغذي نحو 70% من احتياج المدينة متوقف تمامًا منذ أيام، ولم نتسلّم أي كميات من الوقود هذا الأسبوع، بينما تقلّصت الكميات التي وصلتنا الأسبوع الماضي إلى النصف، وهو ما جعلنا على شفا انهيار مائي كامل". كما حذّر من أن محطات الصرف الصحي "على وشك التوقف الكامل"، بسبب غياب الوقود، وهو ما يعني خطرًا صحيًا كارثيًا مع ارتفاع درجات الحرارة وتكدس السكان، مشيرًا إلى أن أي توقف فعلي قد يؤدي إلى تسرب المياه العادمة في الأحياء السكنية. وكشف مهنا أن العدوان "الإسرائيلي" المستمر دمّر البنية التحتية للمياه بشكل بالغ، حيث تضرر أكثر من 115 ألف متر من شبكات المياه، وخرجت 63 بئرًا عن الخدمة، ودُمرت 4 خزانات رئيسية، إضافة إلى توقف محطة التحلية الوحيدة في شمال غرب المدينة، والتي كانت تنتج حوالي 10 آلاف كوب من المياه يوميًا. وأوضح أن بلدية غزة تحتاج بشكل فوري إلى ما لا يقل عن 16 مليون دولار لإعادة تشغيل المرافق المائية والصحية، وإنقاذ السكان من أزمة قد تتحول إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة. وختم مهنا بالقول: "نحن نقترب من مرحلة العطش الجماعي، والوضع قد يخرج عن السيطرة في أي لحظة، لذلك نناشد جميع الجهات الدولية والإنسانية للتحرك الفوري، ووقف الحرب، وفتح المعابر، والسماح بإدخال الوقود والمعدات لتفادي الانفجار القادم".


وكالة شهاب
منذ يوم واحد
- وكالة شهاب
خاص العلامة الددو لـ شهاب: الأمة الإسلامية قادرة على وقف عدوان الاحتلال بغزة "لو تحركت بصدق"
غزة - شهاب قال العلامة الموريتاني ورئيس مركز تكوين العلماء، الشيخ محمد الحسن الددو، إن الأمة الإسلامية قادرة على وقف حرب "الإبادة الجماعية" التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة منذ أكثر من 19 شهرًا، لو أنها تحركت بصدق ونية نصرة، كما تحرك قادة مسلمون في مواقف تاريخية مشابهة. وأكد الددو، في تعقيب له على المجازر التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي" بحق الشعب الفلسطيني، أن الحديث عن مواجهة أمريكا لا يجب أن يكون ذريعة للسكوت أو التقاعس، مشددًا على أن "أمريكا ليست رب العالمين، ولا تقع ورقة في الأرض إلا بإذن الله". وأضاف العلامة الددو لوكالة (شهاب) للأنباء: "تفاوت القوة بين الأمة وأعدائها كان دائمًا موجودًا في التاريخ، ومع ذلك شرع الله الجهاد، والتضحية، والبذل، وهو العليم بتفاوت القوى، وهو الذي يقدّر الأمور، وهو اللطيف الخبير". وتابع قائلاً: "الله سبحانه هو من ينصر من يشاء، وقد نصر الضعيف على القوي مرارًا، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله". وانتقد الشيخ الددو مواقف بعض قادة الدول الإسلامية، مؤكدًا أن "البيانات والاستنكارات لا تكفي، ولو أن أحدهم قال ما قاله الرئيس المصري الراحل محمد مرسي في حينه، لتوقفت الحرب في اليوم نفسه"، في إشارة إلى موقف مرسي الرافض للعدوان "الإسرائيلي" على غزة في العام 2012. كما أشار إلى موقف الملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- حين قطع إمدادات النفط عن الدول الداعمة للاحتلال "الإسرائيلي" عام 1973، قائلًا: "لو فعلوا مثل فيصل أو هددوا بذلك، لتغيرت المعادلة". وختم الددو حديثه بالتأكيد على أن "الله غني عن نصرة الأمة، لكنه يبتليها بها، ليمتحن صدقها واستعدادها للتضحية، كما قال سبحانه: 'ولكن ليبلو بعضكم ببعض'"، مضيفًا: "لو شاء الله لانتصر دوننا، لكنه يريد أن يرى من الصادق ومن المتخاذل".


وكالة شهاب
منذ 2 أيام
- وكالة شهاب
خاص مختص مقدسي لـ شهاب: الاحتلال يستغل المناسبات الدينية لتعزيز وجوده بالمسجد الأقصى المبارك
خاص _ شهاب حذر المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب، من تصاعد محاولات حكومة الاحتلال المتطرفة والجماعات المتطرفة من ما يسمى بـ"جماعة الهيكل" ومنظمات المعبد، في فرض وقائع تهويد المسجد الأقصى المبارك. وأشار أبو دياب خلال تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، إلى أن هذه الجماعات تسعى لتعزيز وجودها اليهودي داخل المسجد، وتحلم بفرض "السيادة الكاملة" على الأقصى، معتبرين إياه مكان عبادة لليهود فقط، وليس للمسلمين. وأوضح أن الاستغلال يتم عبر ما يسمونه "المناسبات القومية والدينية"، خاصة في يوم "توحيد القدس"، حيث يخطط المتطرفون لزيادة الاقتحامات واستفزازات داخل المسجد، إضافة لمحاولات تثبيت وجود يهودي عبر طقوسهم التلمودية داخل المسجد. وأضاف أبو دياب أن هذه المحاولات تصب في إطار مخطط أكبر يتمثل في تقسيم المسجد الأقصى، ثم إزالته لاحقًا لإقامة الهيكل المزعوم، مستغلين الظروف الجيوسياسية الراهنة، ولا سيما العدوان "الإسرائيلي" على الشعب الفلسطيني وتركيز الاهتمام الدولي على غزة. وأكد أبو دياب أن الوضع في المسجد الأقصى بات "جد خطير"، مع وجود دعم أمريكي واضح لهذه المخططات، داعيًا إلى ردود فعل استراتيجية وحقيقية لحماية المسجد، من خلال شد الرحال والتواجد الدائم في المسجد الأقصى، وتوعية الأمة بخطورة هذه المخططات. وختم بأن عدم التصدي لمخططات الاحتلال قد يؤدي إلى فرض واقع جديد داخل المسجد الأقصى، وتحقيق أحلام المتطرفين بإزالة المسجد وإقامة الهيكل المزعوم.