
محادثات بوتين وترمب تجري على وقع تبادل الهجمات بين الطرفين
جنديان روسيان يجهّزان لإطلاق طائرة مسيّرة من طراز «لانسيت» في مكان ما من أوكرانيا (أ.ب)
كما أفادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية بوقوع 139 اشتباكاً على خط المواجهة خلال الساعات الـ24 الماضية.
سيطرت القوات الروسية على قريتين إضافيّتين في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، بعد ساعات من القمة. وأفادت وزارة الدفاع الروسية بأن قواتها سيطرت على قرية كولوديازي في منطقة دونيتسك الأوكرانية، وقرية فوروني في منطقة دنيبروبيتروفسك المجاورة.
وأفاد سلاح الجو الأوكراني، في بيان على «تلغرام»، أنه أسقط 61 من المسيّرات، وبينها مسيّرات من نوع «شاهد» إيرانية التصميم. وأشار إلى أن الهجوم استهدف مناطق سومي (شمالي شرق) ودونيتسك (شرق) وتشرنيغيف (شمال) ودنيبروبيتروفسك (وسط شرق). وتطالب كييف حلفاءها بإمدادها بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي لصدِّ هذه الهجمات المتواصلة.
كما تم تسجيل هجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية على الجانب الروسي. ووفقاً لوزارة الدفاع في موسكو، تم إسقاط 29 طائرة مسيّرة. وأضافت الوزارة أن غالبية عمليات الدفاع الجوي جرت فوق أراضي جنوب روسيا وبحر آزوف.
قال حاكم منطقة كورسك الروسية ألكسندر خينشتاين، السبت، إن شخصين، أحدهما رجل يبلغ من العمر 52 عاماً، والآخر ابنه (13 عاماً)، قُتلا في غارة جوية أوكرانية بطائرة مسيّرة على المنطقة. وأضاف خينشتاين، في بيان نشر على تطبيق «تلغرام»، أن الشخصين لقيا حتفهما عندما اشتعلت النيران في سيارتهما نتيجة الهجوم. وذكر أن الهجوم وقع في منطقة ريلسك، وهي منطقة حدودية قريبة من جزء في كورسك احتلته أوكرانيا بين أغسطس (آب) 2024 ومارس (آذار) من هذا العام.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد هبوط الطائرة الرئاسية بقاعدة «أندروز» الجوية بولاية ماريلاند آتية من أنكوريج في ألاسكا (أ.ف.ب)
قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، السبت، إن زيادة الضغط على روسيا ودعم أوكرانيا عنصران حاسمان لدفع عجلة السلام. وأضاف عبر منصة «إكس»: «يجب أن يفهم بوتين عواقب إطالة أمد حربه. لقد كذب مرات عدة في الماضي واستهان بكلمته تماماً. فقط أفعاله هي المؤشرات الحقيقية على ما إذا كان مستعداً حقاً لإنهاء ما يمارسه من إرهاب وعدوان».
كما أسفر انفجار وقع في مصنع أسلحة في منطقة ريازان الروسية عن مقتل 11 شخصاً على الأقل الجمعة، على ما أفادت، السبت، السلطات الروسية التي عزت الحادث إلى عدم الامتثال لمعايير السلامة.
وقالت وزارة الطوارئ الروسية على «تلغرام»: «خلال عمليات البحث بين الأنقاض، عُثر على جثتين إضافيتين. للأسف، قضى 11 شخصاً»، مشيرة إلى إصابة 130 آخرين، وإلى تدخل أكثر من 360 رجل إنقاذ في الموقع.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحادث وقع صباح الجمعة في ورشة تضم مواد متفجرة، ونشرت مقاطع فيديو نسبتها إلى الكارثة تُظهر سحباً كبيرة من الدخان، لكن «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت إنها لم تتحقَّق من صحتها.
وطال الانفجار، بحسب وسائل إعلام محلية، مصنع «إيلاستيك» الذي ينتج مواد متفجرة وذخيرة، والبعيد نحو 60 كيلومتراً من ريازان، العاصمة الإقليمية. وفي 2021، أدى انفجار عرضي في الموقع نفسه إلى مقتل 17 شخصاً.
وأعلنت مجموعة «روستيك» العامة التي تُورّد منتجات صناعية وذات التقنية العالية للقطاعين المدني والعسكري، الجمعة، مشارَكتها في عمليات إجلاء الجرحى بمروحيات بعد هذه الكارثة.
وتستهدف أوكرانيا أهدافاً عسكرية في روسيا بطائرات مسيّرة، لكن السلطات الروسية لم تشر إلى هذا الاحتمال في هذه الحادثة. وأعلنت لجنة التحقيق الروسية فتح تحقيق بتهمة «مخالفة» قواعد السلامة «في مواقع صناعية خطرة». وتُعد الانفجارات والحرائق العرضية شائعة نسبياً في روسيا، إذ يعود تاريخ معظم البنية التحتية إلى الحقبة السوفياتية وكثيراً ما يتم تجاهل معايير السلامة.
منذ بدء الهجوم على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، كثَّفت البلاد جهودها الصناعية والاقتصادية لإنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا (إ.ب.أ)
لم يحقِّق ترمب وبوتين أي اختراق بشأن أوكرانيا خلال قمتهما، إذ لم يقدم الرئيسان الأميركي والروسي أي جديد بشأن وقف إطلاق النار رغم إشارتهما إلى نقاط توافق بينهما وتبادل إشارات المودة.
وبعد 3 ساعات من انطلاق المحادثات تم الإعلان بشكل مفاجئ عن اختتامها، حيث عقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً مشتركاً تبادلا فيه كلمات الثناء، لكنهما لم يجيبا عن أسئلة الصحافيين، وهو أمر غير معهود بالنسبة لرئيس أميركي يولي الإعلام أهمية كبيرة. وقال ترمب: «لم نصل إلى هناك حتى الآن، لكننا أحرزنا تقدماً. لا اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق».
ووصف الاجتماع بأنه «مثمر جداً» مع التوافق على «كثير من النقاط»، مردفاً من دون إسهاب: «لم يتبقَّ فقط سوى عدد قليل جداً، بعضها ليس بتلك الأهمية، وربما تكون إحداها هي الأهم». وتحدَّث بوتين أيضاً بكلمات عامة خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي استمرَّ 12 دقيقة فقط. وقال: «نأمل أن يمهد التفاهم الذي توصلنا إليه (...) الطريق للسلام في أوكرانيا».
وصرَّح الرئيس الأميركي لقناة «فوكس نيوز» بأن الأمر الآن «يقع على عاتق الرئيس زيلينسكي»، مضيفاً أن تقييمه للقمة «عشرة من عشرة».
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعد مؤتمرهما الصحافي المشترك يوم الجمعة 15 أغسطس 2025 في القاعدة المشتركة «إلمندورف ريتشاردسون» بألاسكا (أ.ب)
وبعدما توعَّد روسيا قبل القمة بـ«عواقب خطيرة» إذا لم تقبل بوقف الحرب، قال ترمب رداً على سؤال لـ«فوكس نيوز»: «بسبب ما جرى اليوم، أعتقد أنه لا يتحتم علي التفكير في ذلك الآن».
أما بوتين فحذَّر كييف والعواصم الأوروبية من وضع «عقبات» أمام عملية السلام أو «محاولات تعطيل التقدم الناشئ من خلال الاستفزازات أو المكائد الخفية».
ولم يشارك زيلينسكي في المحادثات، ورفض ضغوط ترمب لتسليم مناطق استولت عليها روسيا. وقال زيلينسكي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: «حان الوقت لإنهاء الحرب، وعلى روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة. نحن نعتمد على أميركا».
وجاء في بيان مشترك من جانب القادة الأوروبيين، صدر السبت، «نحن واضحون أن أوكرانيا يجب أن تحصل على ضمانات أمنية صارمة للدفاع بفاعلية عن سيادتها وسلامة أراضيها».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 11 دقائق
- الشرق السعودية
بين التقسيم والتبعية.. هل يقترب سيناريو نهاية حرب أوكرانيا؟
اختتمت قمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي استضافتها ولاية ألاسكا الأميركية، ولا يزال السلام في أوكرانيا بعيد المنال، ومع ذلك، بدأت تتضح تدريجياً ملامح السيناريوهين الأكثر ترجيحاً لنهاية حرب روسيا وأوكرانيا، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". وأوضحت الصحيفة، في تقرير نُشر السبت، أن أوكرانيا تواجه أحد مسارين محتملين: إما أن تخسر جزءاً من أراضيها، وتبقى دولة آمنة ذات سيادة، وإن كانت أصغر حجماً، أو أن تفقد الأرض والسيادة معاً، لتعود إلى دائرة نفوذ موسكو. وأشارت الصحيفة إلى أن قمة ألاسكا لم تسفر عن اختراق دبلوماسي، ولم تجب عن السؤال المحوري: أي السيناريوهين سيتحقق، ومتى؟ وقالت "وول ستريت جورنال" إن بوتين رفض المساعي الأميركية والأوروبية الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجمّد خط المواجهة الحالي، ويمهد لمفاوضات بشأن السيطرة على الأراضي الأوكرانية وضمانات أمن كييف، وبدلاً من ذلك، أشار الرئيس الروسي إلى أنه سيواصل الحرب حتى تبدي أوكرانيا والغرب استعداداً لتلبية الأهداف الجيوسياسية الأوسع لموسكو. ونقلت الصحيفة عن بوتين قوله عقب القمة: "نحن مقتنعون بأنه لكي تكون التسوية الأوكرانية مستدامة وطويلة الأمد، يجب معالجة كل الأسباب الجذرية للأزمة التي نوقشت مراراً، وأن تُؤخذ بعين الاعتبار كل المخاوف المشروعة لروسيا، ويُعاد التوازن العادل في مجال الأمن في أوروبا والعالم بأسره". وأضاف:"يجب ضمان أمن أوكرانيا أيضاً، لكن تجارب المفاوضات السابقة أثبتت أن التفاصيل الدقيقة غالباً ما تكون موضع الخلاف". واعتبرت "وول ستريت جورنال" أن تركيز بوتين على "الأسباب الجذرية"، وهو تعبيره المعتاد عن سلسلة من المظالم المرتبطة بتوجه أوكرانيا نحو الغرب، وتوسّع حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا الوسطى والشرقية، يعكس أنه لم يتخلَّ عن أهدافه الأساسية المتمثلة في استعادة النفوذ الروسي على أوكرانيا، وإعادة بناء دائرة نفوذ موسكو في شرق أوروبا، واستعادة مكانة روسيا كقوة عظمى عالمية، وهي الأهداف ذاتها التي خاض من أجلها الحرب عام 2022. وبحسب الصحيفة، فقد فشلت روسيا في محاولتها السيطرة الكاملة على كييف، ويُرجّح أن هذا الهدف بات بعيد المنال، ورغم أن الدفاع الأوكراني الصامد لا يزال يقيّد التقدّم الروسي إلى مكاسب ميدانية هامشية، فإن ذلك يتحقق بتكلفة باهظة، كما تراجعت آمال كييف في طرد القوات الروسية بشكل تام، في ظل حالة الإنهاك التي يعانيها جيشها. وهو ما يترك، بحسب الصحيفة، سيناريوهين محتملين لنهاية أكبر حرب تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. السيناريو الأول: التقسيم مع الحماية ذكرت "وول ستريت جورنال" أن القيادة الأوكرانية باتت تقرّ، بهدوء، بأنها لا تملك القوة العسكرية الكافية لاستعادة حدودها كاملةً، مشيرة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى الأسبوع الماضي استعداداً لمناقشة مسألة الأراضي في مكالمات عبر الفيديو مع ترمب وقادة أوروبيين، لكن فقط بعد التوصل إلى وقف إطلاق نار يجمّد الوضع الراهن على الجبهة. وتقول كييف والدول الأوروبية إنها "لن تعترف قانونياً بمكاسب روسيا الميدانية، لأن ذلك سيحوّل القانون الدولي إلى حافز لمزيد من الغزو بدلاً من أن يكون رادعاً له، إلّا أن تلك الدول تُبدي استعداداً للتعايش مع واقع سيطرة روسيا بحكم الأمر الواقع على أجزاء من أوكرانيا". وأفضل سيناريو ممكن بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، كما ترى الصحيفة، هو أن تظل روسيا محصورة في الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، أي ما يعادل نحو خُمس مساحة أوكرانيا. في المقابل، يصر الكرملين على انسحاب أوكرانيا من مناطق يدّعي أنها روسية، رغم أنه لا يسيطر عليها، وخاصة الجزء الخاضع لسيطرة كييف من إقليم دونيتسك، حيث لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على سلسلة من المدن المحصنة التي عجزت روسيا عن غزوها حتى الآن. لكن السؤال الأهم، بحسب التقرير، هو ما سيحدث في الـ80% المتبقية من أوكرانيا. وتسعى كييف والدول الأوروبية لضمان أمن وسيادة ما تبقى من أوكرانيا من خلال مزيج من الدفاعات العسكرية القوية والمساعدات الأمنية الغربية، كما يرغب "تحالف الراغبين"، بقيادة بريطانيا وفرنسا، في نشر قوات له في كييف لردع أي هجوم روسي مستقبلي. وتأمل العواصم الأوروبية أن "تنضم الولايات المتحدة إلى هذه الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وقد شجعتها مؤشرات في الأيام الأخيرة على انفتاح ترمب تجاه هذا الخيار، لكن دور واشنطن المحتمل لا يزال غامضاً". وترى الصحيفة أن هذا السيناريو يشبه إلى حد كبير نهاية الحرب الكورية عام 1953، التي تركت شبه الجزيرة مُقسّمة، لكن كوريا الجنوبية ظلت محمية منذ ذلك الحين، لا سيما بفضل وجود قوات أميركية. بوتين يواجه فشلاً تاريخياً "محتملاً" أما بالنسبة لبوتين، فمثل هذه النهاية ستمثل فشلاً تاريخياً، على حد تعبير "وول ستريت جورنال"، فرغم أنه سيحتفظ بـ20% من أراضي أوكرانيا، التي معظمها مدمّرة، فإنه سيخسر الجزء الأكبر منها للأبد، بينما ستتمركز القوات الغربية في دولة يصر على أنها "شقيقة" لروسيا. وذكرت الصحيفة أن الدافع الوحيد لتراجع الرئيس الروسي عن موقفه قد يكون خوفه من أن تفرض الحرب أعباء اقتصادية وسياسية لا يمكن تحمّلها على الاستقرار الداخلي لروسيا، أو من أن بلاده لن تتمكن من الصمود أمام تشديد العقوبات الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لكن معظم المراقبين لا يرون مؤشرات حقيقية على حدوث ذلك حتى الآن. وألمح ترمب ومسؤولون أميركيون آخرون إلى أن واشنطن قد تلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الروسي من خلال إجراءات تستهدف عائدات النفط، مثل فرض رسوم جمركية عقابية على مشتري النفط الروسي، أو فرض عقوبات على المعاملات المصرفية، أو حظر "الأسطول الخفي" من ناقلات النفط الروسية، وغيرها، لكن معظم الخبراء يرون أن تشديد العقوبات ممكن، غير أن تأثيره الكبير سيستغرق وقتاً. وباستثناء سيناريو خوف بوتين على بقائه السياسي، يبقى من غير الواضح ما إذا كان سيقدّم الاعتبارات الاقتصادية على هوسه التاريخي بأوكرانيا وسعيه لـ"جعل روسيا عظيمة مجدداً"، بحسب الصحيفة. السيناريو الثاني: التقسيم مع التبعية قالت "وول ستريت جورنال"، إن المطالب الروسية منذ بدء الغزو عام 2022 شملت تقليص حجم الجيش الأوكراني، وتقييد تسليحه وإمداده بالأسلحة الغربية، وتغيير النظام السياسي في البلاد، بما يشمل الدستور والقيادة، والسياسات المرتبطة باللغة والتاريخ والهوية الوطنية. وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكبر الذي تواجهه أوكرانيا لا يكمن في خسارة شرقها وجنوبها فحسب، بل في أن الجزء المتبقي منها قد لا يكون قادراً على مقاومة غزو روسي ثالث، بعد غزوّي 2014 و2022، مما يضطر كييف للرضوخ لإملاءات موسكو بشأن قيادتها وسياستها الداخلية والخارجية. ورأت الصحيفة أن مثل هذا السيناريو سيحوّل ما تبقى من أوكرانيا إلى "محمية روسية"، وهو ما قالت إنه "سيكون بمثابة استسلام لأمة تسعى لترسيخ ديمقراطيتها والاندماج مع أوروبا والغرب، وهذا ما يقاتل الأوكرانيون من أجل منعه، حتى أكثر من قتالهم للدفاع عن مدنهم وبلداتهم في الشرق". وأضافت الصحيفة أن "السبيل الوحيد أمام بوتين لفرض مثل هذا السيناريو هو تحقيق نصر ساحق في ساحة المعركة، ومع أن التقدّم الروسي على الأرض لا يزال محدوداً من حيث المساحة، فإن الهدف الرئيسي لموسكو يتمثل في استنزاف الجيش الأوكراني وإرادة البلاد في القتال". وبعد ثلاث سنوات ونصف من الحرب المستمرة، بات الجنود الأوكرانيون متعبين، وأعدادهم أقل، ويعانون تذمّراً داخلياً من قيادتهم العسكرية، ومع ذلك، يواصلون المقاومة. وأضاف التقرير أن طبيعة الحرب الحديثة، حيث تلعب الطائرات المسيّرة دوراً محورياً، تمنح الأفضلية للدفاع على الهجوم. صمود أوكراني ونهاية مفتوحة ونقلت الصحيفة عن مايكل كوفمان، خبير الشؤون العسكرية في "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي" في واشنطن، قوله: "لا أتوقع انهيار الجيش الأوكراني، لكن مع مرور الوقت، إذا فشلت كييف في معالجة مشاكلها المتعلقة بحشد القوات وإدارتها، فقد لا تُهزم ميدانياً، لكنها ستُنهك بشكل متزايد". ويرى محللون، وفق الصحيفة، أن "تفوّق روسيا من حيث عدد السكان والجنود والموارد المالية يجعل مجهودها الحربي يبدو أكثر استدامة مقارنة بأوكرانيا. ومع ذلك، أشار كوفمان إلى أن "تاريخ هذه الحرب يُظهر أن كييف أثبتت قدرتها على التكيّف والصمود". واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إنه رغم التحديات كلها، لا تزال أوكرانيا حتى الآن قادرة على إطالة أمد مقاومتها، والإبقاء على نتائج الحرب مفتوحة.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ترمب وبوتين: التاريخ والاستراتيجية والمصالح
ثمةَ قناعة أنَّ ترمب يكنُّ الودَّ لبوتين ويجدُ له دائماً الأعذار، بدليل تكذيبه مخابراتِ بلده بأنَّ روسيا تدخَّلت في الانتخابات الرئاسية، وتصديقه بوتين، وتراجعه عن عقوبات كانَ سيفرضها بعد خمسين يوماً وتخفيضها لعشرة أيام، ثم مكافأة بوتين بقمة في ألاسكا، علاوة على كلمات الإطراء، والتعظيم، والأهم تهزّؤُه بزيلينسكي الشهير في البيت الأبيض. ويجهد ترمب لتخليد اسمه في التاريخ بتكراره دائماً استحقاقه جائزة نوبل للسلام، لكونه أوقفَ ست حروب في أفريقيا وآسيا، ولم يبقَ إلا أوكرانيا. ويرى المتتبع لسلوك ترمب قناعتَه المطلقة أنَّه صانعُ الصفقات، ولا مشكلة إلا وحلُّها عنده، وبالتالي يُسخِّر إمكانات أعظم دولة في العالم لحل النزاع الأوكراني دونما اعتبار لمصالح حلفائه وأمنهم، ولا يجرؤ أحد في إدارته على الاعتراض مخافة الطرد. بالمقابل يرفع بوتين، المهووس بالتاريخ وبعظمة روسيا وبرصيد كبيرٍ من العمل المخابراتي وخبرة واسعة في العلاقات الدولية، شعار المظلومية؛ لقناعته الجازمة أنَّ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 كان «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين»؛ ولإصلاح الخلل بدأ بالشيشان فاحتلّه، وانتقل لجورجيا وضمَّ أجزاء منها، ثم وصل للعاصمة كييف قبل أن يبدأ التراجع تحت نيران المقاومة الأوكرانية وأسلحة حلف الناتو. بوتين، مهما تكن الصعاب، ماضٍ في التحدي، ومثالُه المحتذى بطرس الأكبر باني إمبراطورية روسيا، وستالين مؤسس الاتحاد السوفياتي، ولا يرى نفسَه أقلَّ منهما رتبةً ولا عزماً. هذه الخلفية السابق ذكرها تُحدد أُطر تفكير ترمب وبوتين، ونظرتيهما للتاريخ، واستراتيجيتيهما: بوتين نذَرَ نفسه لتوسيع حدود روسيا، ولن يتوقف في حربه الأوكرانية إلا بمعاهدةٍ تُعيدها قسراً لحضن روسيا الأم؛ فخلال سِنِي حُكمه الطويلة بنى قوة عسكرية، وجدَّد أسلحة الدمار الشامل، ونفّذ استراتيجية «الجوار القريب» الهادفة إلى حماية قلب روسيا بدول تابعة تدور في فلكها. كما وضع روسيا مجدداً على خريطة العلاقات الدولية، فتدخّل في نزاعات أفريقيا والشرق الأوسط، ورمّم صداقاته مع دول أميركا الجنوبية المناوئة لأميركا. ولكونه يملك أسلحة نووية، ومُخاطِراً في قراراته، لم يجرؤ جورج بوش على نقل أسلحة لحكومة جورجيا، مخافة أن يُسقطها بوتين وتنشب حرب عالمية، وطلب الرئيس أوباما من الرئيس ميدفيديف آنذاك أن ينقل لبوتين أنه سيكون أكثر ليونةً معه عند انتخابه ثانية. والآن، يعيش بوتين عصره الذهبي مع ترمب القوي داخلياً، والكاره للرئيس زيلينسكي؛ لرفض الأخير مساعدته في توفير أدلة تُدين نجل منافسه الرئيس بايدن. وقد قال لزيلينسكي موبّخاً: «ليس لديك أوراق»، وعليك أن تعقد صفقة مع بوتين قبل أن تخسر دعمنا. ترمب يريد صفقة، ولو غير عادلة، لإغلاق ملف أوكرانيا، ونَيل جائزة نوبل، وسحب روسيا استراتيجياً من فلك الصين المهدِّدة لهيمنة أميركا؛ ويدرك أن اليمين الأميركي المتشدد يتماهى مع روسيا دينياً وحضارياً، ويعرف رغبة رجال الأعمال الأميركان بالاستثمار في روسيا الغنية بالموارد الطبيعية، وبالذات المعادن النادرة التي تحتاج إليها الصناعات الأميركية. فترمب عندما يفكر لا يرى إلا المصالح الآنيّة، ولا يعطي بتحالفاته أهمية للتاريخ، ويرى العالم بمنظار علاقات ثنائية لا مكانَ فيها للقيم الديمقراطية ونشرها، وشعاره: ماذا أكسب، وماذا أخسر. هذه النزعة يركز عليها بوتين ويُسخِّرها استراتيجياً لدقّ إسفين بين أوروبا وأميركا؛ لذلك ركز، في كلمته في أعقاب القمة في ألاسكا، على العلاقات التاريخية مع أميركا، والفرص الاستثمارية، واحترامه لترمب، وخوفه أن تُخرِّب أوروبا ما اتفقا عليه في القمة. ويدرك بوتين قوة رباط أميركا بأوروبا، لكنه لا ييأس، وبأقل الحالات يكسب الوقت، رغم معرفته كراهية ترمب للمماطلة؛ لهذا كالَ المديح لترمب وقدراته التفاوضية وصبره. حفَرَ بوتين، خلال سنوات حكمه، اسمه في تاريخ روسيا، بينما لا يزال ترمب يحلم بجائرة نوبل للسلام. الفارق بينهما أن ترمب يفكر بنفسه ويقدمها على سُمعة أميركا ومصالح حلفائها، بينما يهتم بوتين بدوره في تسطير تاريخ بلاده؛ ترمب تهمُّه الجائزة، وبوتين ارتقاء روسيا. ما يخشاه بوتين تقلّب ترمب، ومزاجيته، وإدراكه حنكة أوروبا وقدراتها. ويدرك ترمب أن أوروبا عَقبة أمام الجائزة، ويدرك بوتين أنها عقبة أمام كسْبه ترمب؛ لأن أوروبا ترى الانتصار الروسي بأوكرانيا خطراً كبيراً على أمنها، وعلى سُمعتها كاتحاد أوروبي؛ وما دامت قادرة على الرفض بدبلوماسية لبقة، وعلى بناء قدراتها العسكرية، سيبقى بوتين دبلوماسياً مرناً مع ترمب، ومنصتاً له، ليبقى التناوش مع أوروبا، ويتمكن من احتلال أراض أوسع في أوكرانيا. أظهرت قمة ألاسكا أن ترمب يحب بوتين، ويريد حلاً سريعاً لأزمة وكرانيا التي أخذت حيزاً كبيراً من اهتماماته، وعليها تتوقف سُمعته كصانعٍ للسلام، وأظهرت أنه لا تسوية دون أوروبا، وأن النقاش كله حول المصالح والمغانم؛ وأثبتت لمن يتعظ أن القوة والتحالفات ضمانة وليس القانون الدولي.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ألاسكا: مخاوف الإقليم على حالها
انتهت القمة الأميركية الروسية في ألاسكا، التي عُقدت يوم الجمعة الفائت دون الإعلان عن أي اتفاق بشأن أي قضية، بالتالي من منظور الشرق الأوسط لم تحمل ألاسكا جديداً يُعول عليه. ظاهرياً بوتين فاز بالصورة على السجادة الحمراء والمصافحة الودية مع دونالد ترمب، واخترق العزل الغربي، وواقعياً جاء اقتطاع المؤتمر الصحافي دون أسئلة ليضيف غموضاً على الآمال والمخاوف، بانتظار ما سيلي هذه القمة، وهذا هو الأهم. صحيح أن القمة هدفها الحرب الدائرة في أوكرانيا، الأمر الذي من شأنه تغييب بقية المشكلات والنزاعات. تقييم ترمب للقمة بقي مبهماً بلهجة إيجابية. كما التصريح المبهم ستبقى النتائج غامضةً بالنسبة لبقية النزاعات كون ترمب قد تكون له استراتيجية قابلة للنقاش، إنما العقبة منهجيته المتقلبة وغير المنسقة التي تفتقر إلى نهج منظم لصنع السلام. قبل القمة بيومين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول خلال مقابلة تلفزيونية: «إنني في مهمة تاريخية وروحانية ومرتبط عاطفياً برؤية إسرائيل الكبرى»، وذلك بعد تصميمه على احتلال غزة، ويصر على رفض كل المبادرات لتسوية تعطي السلطة الفلسطينية أي دور في القطاع. وهو ما يدفعه لعرقلة أي مبادرة تتضمن قوات عربية في غزة، لأن العرب يشترطون مشاركة السلطة في أي مشروع لإدارة غزة. لأن أي دور للسلطة الفلسطينية يعني الطريق لحل الدولتين المرفوض حتى التفكير فيه لدى المجموعة الحاكمة في إسرائيل. اللامفكر فيه هذا يؤدي إلى بذل كل الجهود ليس لمنع هذا الحل فحسب، بل لطرد سكان غزة، وهو ما يحصل أمام عيون العالم عبر القصف والمجاعة بهدف الاستيلاء عليها، وضم الضفة الغربية بعد تيئيس سكانها وترويضهم. المحصلة دولة فصل عنصري تتحول تدريجياً إلى سجن للفلسطينيين في الضفة وتهجير سكان غزة. أصدق تعبير عما سبق إعلان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش العزم على إنشاء 3000 وحدة سكنية في الضفة الغربية من شأنها تقطيع أوصالها، وبحسبه أنها تدفن مشروع الدولة الفلسطينية نهائياً. في السياق لا ينبغي تجاهل محاولات جدية أميركية وإسرائيلية لإقناع عدد من الدول القبول بانتقال فلسطينيين من غزة إلى بلادهم. إزاء هذه الخطط والممارسات من يصدق ما صدر عن مسؤولين إسرائيليين من مجموعة مبادئ حول دور عربي في حكم القطاع بعد انتهاء الوجود الإسرائيلي؟ هذا السيناريو الإلغائي، إذا قُدر له أن يتحقق، فإنه يطرح إشكالية مستقبل إسرائيل من دون حل الدولتين، ولها أعداء في كل مكان من الأقربين إلى الأبعدين، وما هو مستقبل علاقاتها مع الدول العربية التي سعت لتمتين علاقاتها معها وتوسيعها مع غيرها؟ وكما أن إسرائيل مصرة على أن حظوظ الدولة الفلسطينية هي صفر، كذلك مصرة على صفر تخصيب لليورانيوم في إيران، ومعها الولايات المتحدة، ما يشي قبل بدء المفاوضات المقبلة والمنتظرة بنتائجها السلبية، بخاصة إذا استمر عناد الطرفين وتمسكهما بمواقفهم. إيران لن تتراجع عن الحق بالتخصيب وتعدّه أمراً سيادياً التنازل عنه يعني إخلالاً بسيادتها ما يعرض النظام للمزيد من الضغوط الداخلية، مضافةً إلى ما يعانيه بعد حربه مع إسرائيل والولايات المتحدة ونتائجها وهزائم الحلفاء في المشرق. نتيجة ذلك في أحسن الأحوال استمرار الحرب المتقطعة بين تل أبيب وطهران، وعقوبات جديدة قاسية ستفرضها واشنطن، وبالمقابل إيران سوف ترد عبر محاولات حثيثة بكل الوسائل المتاحة لإعادة ترميم نفوذها في المشرق، بخاصة لبنان، وبصعوبة في سوريا، بافتعال كل ما من شأنه إضعاف السلطة الجديدة. أسوأ الأحوال هي اندلاع حرب جديدة بين إيران وإسرائيل على الرغم من معارضة واشنطن. إلا إذا تغيرت الحكومة الإسرائيلية ما يفتح الباب على مرحلة جديدة في المنطقة تبقى غير مرجحة في المستقبل القريب. لا بد للبنان أن يتأثر بشكل أو بآخر بنتائج المفاوضات الأميركية الإيرانية، والمرجح أن يستمر بالسير على حبل مشدود بين قرارات حكومية صعبة التنفيذ، ومواقف متشددة من فريق مسلح يمسك بطائفة، مصراً على البقاء خارج الدولة بإيران التي أرسلت رئيس مجلس الأمن القومي ومستشار المرشد لمده بالأكسجين. وتظهّرت نتائج الزيارة في الخطاب العنيف والمتشدد لأمين عام الحزب في اليوم التالي. متغير قد يحرك الجمود في لبنان هو توصّل طهران وواشنطن إلى تفاهمات من ضمنها صيغة ما لقضية سلاح «حزب الله» بما لا يهدد أمن إسرائيل. المهم والملح بالنسبة للأميركيين مقابل دور سياسي وضمانات للحزب ومن دون التعرض لعلاقته العضوية مع إيران ولحفظ ماء الوجه في آن معاً. هذه الصيغة ليست بعيدةً كلياً عما يدور لدى البعض في إدارة ترمب، ولا يزعج الإسرائيليين إذا ضمن أمنهم. هذه الصيغة ليست حلاً لعلاقة لبنان بـ«حزب الله» الذي إذا تمكن من أدوار سياسية وضمانات بصفته يختصر الطائفة الشيعية، نكون بمواجهة حالة أشد خطراً على هوية لبنان السياسية والاجتماعية والثقافية من الحال الراهنة رغم السلاح وتفلته. لأن اختصار الشيعة بالحزب هو مقتل للشيعة وللبنان كما عرفناه، ودوماً يتبين أن ما يلائم الخارج ليس بالضرورة فيه مصلحة لبنان ومستقبله ودوره في المنطقة.