
هذا ما كشفته التحقيقات الإسرائيلية بشأن إخفاقات 7 أكتوبر
كان هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 "سكينا ذبح روح المجتمع الإسرائيلي"، وفق وصف مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، لينهار الردع، إحدى الركائز الأساسية للإستراتيجية العسكرية للاحتلال وأحد الضمانات الرئيسية لحماية أمنه.
وجدت إسرائيل نفسها وللمرة الثالثة في تاريخها أمام تهديد وجودي أقرب ما يكون إلى ذلك الذي واجهته خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 و حرب أكتوبر /تشرين الأول (يوم الغفران) عام 1973، وربما أشد، وذلك على الرغم من أن مؤتمر "هرتسيليا" الإستراتيجي كان قد أعلن عام 2018 أن إسرائيل "باتت أبعد ما يكون عن أي خطر يهدد وجودها".
ولذلك، تنشغل الدولة العبرية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، بالسعي لمعرفة ما الذي حدث خلال ذلك اليوم، ليس فقط من أجل استخلاص الدروس والعبر اللازمة، بل من أجل إعادة بناء جسور الثقة المهدمة بين الجيش والجبهة الداخلية، وترميم جدران الردع مع أعدائها التي تصدعت وكانت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل.
تحقيقات مجزأة تثبت حقيقة واحدة
رفض رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي خلال الأشهر الأولى من القتال الكشف عن أي نتائج للتحقيقات التي كان يجريها الجيش قبل الانتهاء من عملية عنيفة أطلق عليها مراقبون "كي الوعي" لمحو الأثر الذي أحدثه هجوم الطوفان على كل من حاضنتي الاحتلال والمقاومة.
فهذه الخطوة كانت ضرورية وحتمية قبل الانتقال إلى الخطوة التالية، مرحلة التحقيقات والمكاشفة والمراجعة، والتي تعتبر خطوة تكميلية وضرورية لتثبيت ما تم إنجازه من أعمال الترميم خلال المرحلة الأولى.
فمشهد غزة المدمرة الغارقة في جراحها، سيخفف نسبيا من وطأة ما ستكشف عنه التحقيقات من إخفاقات معيبة ومخزية لدولة الاحتلال وجيشها المأزوم وإنجازات كبيرة ومبهرة للمقاومة.
ومنذ يوليو/تموز 2024، أجرى جيش الاحتلال تحقيقات مفصلة في ما يزيد على 40 معركة وقعت خلال هجوم 7 أكتوبر /تشرين الأول، منها الهجوم على شاطئ زيكيم، والهجوم على كيبوتسي بئيري ونير عوز، والهجوم على مستوطنات كفار عزة وسديروت والهجوم على حفل نوفا الموسيقي، بالإضافة إلى تحقيقات لشعبة العمليات والاستخبارات وسلاح الجو.
ثم اختتم الجيش تحقيقاته بالكشف عن نتائج تحقيق كبير وشامل في 27 فبراير/شباط 2025، والذي مثل صدمة كبيرة للجبهة الداخلية، على الرغم من التمهيد الطويل الذي قام به الجيش من خلال التحقيقات المفصلة الصغيرة.
اشتركت أغلب التحقيقات التي أجراها الجيش في 3 مخرجات ونتائج محورية رئيسية هي:
الثقة الزائدة في المفاهيم والتصورات الإستراتيجية الكبرى التي تشكلت حول حركة حماس وعقلانيتها ونواياها تسببت في فشل استخباري وإستراتيجي كبير، وأدت إلى الخروج بتفسيرات خاطئة للوقائع والشواهد والتحركات التكتيكية المتناقضة مع تلك المفاهيم.
هذه الثقة الزائدة والقناعة الراسخة حول حماس لم تتبنها القيادة العسكرية فقط، بل كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على رأس المروجين لها، وهو ما كشفت عنه تحقيقات جهاز الشاباك التي صدرت في مارس/آذار 2025، وحملت نتنياهو والجيش المسؤولية الكاملة عن الإخفاق.
الاعتماد المفرط على الوسائط والقدرات التكنولوجية في الدفاع والإنذار المبكر، تسبب في إخفاقين كبيرين:
الأول، تقليص عدد القوات اللازم وجودها في كافة النقاط والمواقع والمستوطنات.
والثاني أن مقتل العديد من القادة في الساعات الأولى للهجوم مع نجاح المقاومة في تعطيل شبكات الاتصالات، تسبب في تعطل منظومة القيادة والسيطرة، وبالتالي كانت التصرفات الميدانية للجنود فردية وعشوائية، ونجم عنها تأخر في اتخاذ القرارات.
ذهبت المقاومة إلى طوفان الأقصى وفي صدر أهدافها، هدم سردية دولة الاحتلال عن تفوقها المزعوم، وتحطيم كبريائها وغرورها، وتدمير معنويات جبهتها الداخلية.
فإذا كانت تلك هي أهداف الطوفان، فلماذا يقوم الجيش بالكشف عن إخفاقاته الفادحة، بشكل يبدو للوهلة الأولى وكأنه يحقق ما أرادت المقاومة إثباته؟
بحسب الخبراء، هناك عدة أسباب قد تفسر منفردة أو مجتمعة توجه الجيش للإعلان عن نتائج تحقيقاته:
تحميل نتنياهو وحلفائه مسؤولياتهم
لم تكن مسألة تشكيل لجان رسمية من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للتحقيق في قضايا أو إخفاقات للدولة أمرا غريبا أو استثنائيا، وكافة تلك اللجان تشترك في كونها "لجانا رسمية"، تشكلت وفق قانون لجان التحقيق الصادر عام 1968، والتي ينبغي وفق القانون ذاته أن يترأسها إما رئيس المحكمة العليا أو قاض تنتدبه المحكمة لهذا الأمر ويشاركه عضوية اللجنة أعضاء آخرون.
والإشكالية أن نتنياهو في صراع دائم مع المحكمة العليا التي يسعى منذ أكثر من 3 أعوام إلى تقويض صلاحياتها، ومن غير الممكن أن يطلب منها التحقيق في إخفاقاته، بل يريد أن تظل أصابع الاتهام موجهة لقائد الجيش السابق هرتسي هاليفي ورجاله، بشكل يمكنه من ابتزازهم ودفعهم إلى المضي معه في تنفيذ رؤيته وخططه، وهو ما لم يقبله هاليفي.
وقام هاليفي في يناير/كانون الثاني 2024 بتشكيل لجنة خاصة من طرفه من خارج الجيش، للتحقيق في الأحداث، وذلك بعضوية كل من رئيس الأركان الأسبق شاؤول موفاز ، والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية آرون فاركاش، والقائد الأسبق للقيادة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان.
لكن نتنياهو عطل عملها، فاضطرت إلى الخروج بتقرير مبدئي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أدانت فيه نتنياهو بشكل مباشر وحملته مسؤولية الفشل والإخفاق.
ولم يجد رئيس الأركان مفرا سوى اللجوء إلى تشكيل فرق تحقيق متعددة داخل الجيش تتقاسم فيما بينها عملية التحقيق.
سياسة الاقتصاد بالنفقات
وفي التحقيقات المتعلقة بالهجوم على كيبوتس بئيري، أقر الجيش بعدم وجود أي استعدادات مسبقة لديه للتعامل مع اختراق للسياج الأمني التكنولوجي متعدد النقاط، وأنه "لم يكن يملك العدد الكافي من القوات للزج بها في المعركة"، كاشفا عن عدم وُجود سوى 26 جنديا فقط في مواجهة أكثر من 340 عنصرا من حماس هم عدد من اخترقوا السياج بشكل متزامن من نقاط متعددة.
وهنا يلقي الجيش باللوم أيضا على نتنياهو ورجاله الذين تبنوا فكرة السياج التكنولوجي في محاولة منهم للاقتصاد في أعداد الجنود المكلفين بالحراسة والحماية على طول حدود قطاع غزة.
واعتبروا تلك الخطوة أحد الحلول غير التقليدية لعلاج أزمة تراجع الحافزية للتجنيد، لا سيما في ظل احتياج الجيش لحشد جنوده على الجبهات الأكثر أولوية وخطورة مثل جبهتي لبنان والضفة الغربية.
جدير بالذكر أن أحد كبار قادة الجيش الذين تبنوا وروجوا لخيار الجدار التكنولوجي آنذاك هو رئيس الأركان الحالي " إيال زمير" إبان فترة خدمته كقائد للمنطقة الجنوبية وعقب شغله لمنصب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء نتنياهو لمدة 3 سنوات.
ويبرز مظهر آخر للإدانات المبطنة للقيادة السياسية بوضوح في نتائج تحقيقات الجيش في أحداث شاطئ زكيم، ففي الوقت الذي تضمنت فيه النتائج إدانة مباشرة لجنود لواء غولاني"بالهروب والتخلي" عن المدنيين، حملت لوما مبطنا للقيادة السياسية، حيث لطالما اشتكى جيش الاحتلال على مدار السنوات الماضية من تراجع في نوعية وكفاءة الجنود والضباط وتدني حافزيتهم للخدمة، لا سيما الحريديين الذين يحظون بحصانة وحماية دائمة من نتنياهو وحلفائه اليمينيين.
ترميم صورة الجيش
مثَّل جيش الاحتلال طوال تاريخه، نقطة الاتفاق التي يجتمع عليها المختلفون والمتناحرون، والبوتقة التي يتم فيها صهر الاختلافات الطبقية والاجتماعية والثقافية لأمة تعاني من عدم تجانس كبير، واحتفظ الجيش لنفسه كمؤسسة بمكانة لم تحظ بها حكومة أو رمز وطني.
بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تصدعت صورة الجيش بشكل غير مسبوق، على نحو يجعل من المستحيل على المؤسسة العسكرية التستر على الإخفاق أو محاولة التهوين من حجمه، مما يفرض على الجيش أن يتوجه إلى جمهوره بمصارحة شفافة، يعترف فيها بما جرى، ويعمل على ترميم الثقة التي تزعزعت، لا أن يزيد من هشاشتها.
واستخدمت المؤسسة العسكرية نهجا خاصا في صياغتها لنتائج التحقيقات، إذ سعت إلى عدم التركيز كثيرا على بعض الإخفاقات، والتركيز بدلا من ذلك على مشاهد الشجاعة والإقدام التي أبداها بعض الجنود، في محاولة لإعادة تماسك الصورة المعنوية أمام الرأي العام.
وفي إطار تحقيق الجيش في أحداث شاطئ زكيم، سمى الجيش عملية إنزال المقاومة على شاطئ زكيم، التي نفذها أقل من 40 مقاوما، "المعركة البحرية الإسرائيلية" بما تحمله من معاني التعظيم والتضخيم لمشهد افتراضي أكبر من حقيقة الحدث.
حملت أيضا نتائج تحقيقات الجيش حول الهجوم على مستوطنة سديروت لوما مبطنا لسكان المستوطنة "اليمينيين"، الذين لم يطلعوا على الرسائل التحذيرية التي أرسلها لهم الجيش عبر هواتفهم المحمولة بسبب "التزامهم الديني بتعاليم السبت"، وفق رواية الجيش.
وفي كافة التحقيقات التي أجراها الجيش، عزا حالة الشلل التي أصابت القوات على الأرض إلى مقتل أغلب قادة الوحدات في الساعات الأولى للهجوم، وتعطل منظومة القيادة، والسيطرة لبعض الوقت، وهو وضع لن يختلف فيه سلوك أي جيش مهما كان كبيرا أو محترفا عن سلوك جيش الاحتلال.
التقَيُّد بقوانين حرية المعلومات
على الرغم من أن الجيش يمتلك الصلاحية الكاملة وفق الدستور والقانون للرقابة على ما يتم نشره في وسائل الإعلام، فإن قانون حرية المعلومات الصادر عام 1998، يعتبر أن المعلومات التي تحتفظ بها السلطة تعتبر أيضا ملكا للشخص العادي، وأنه من حق المواطن "الإسرائيلي" الحصول على المعلومات كما هي في المجال العام وفي حدود القانون.
وعليه، فإن الجيش لا يمتلك صلاحية إخفاء "كل" المعلومات، وإنما حجب "بعضها" الذي قد يضر "يقينا" بالأمن القومي، مقيدا في ذلك بالقرار الصادر عن محكمة العدل العليا عام 1989، والذي قضى بأنه لا يجوز فرض الرقابة على تداول المعلومات إلا إذا كان هناك "يقين" بوجود ضرر حقيقي يمس بأمن الدولة.
ومع قدوم رئيس الأركان الجديد إيال زمير رجل نتنياهو والمقرب منه، يكون نتنياهو قد تخلص من عقبة المعارضة داخل الجيش، ليصبح الطريق أمامه مفتوحا لتحقيق أهدافه السياسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
خبير عسكري: الاحتلال يعمل على تقطيع أوصال غزة ولا خيار للمقاومة سوى الصمود
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الجيش الإسرائيلي يقوم بمناورة واسعة بمحاور متعددة بهدف الضغط على المقاومة من جميع الاتجاهات، وإن خطته العسكرية ترتكز على تهجير سكان قطاع غزة من مناطق شمال ووسط القطاع، لكن المقاومة ليس لديها خيارات أخرى سوى الاستمرار في الصمود. وأشار إلى أن مناطق الشمال والوسط لا تزال تتعرض لقصف إسرائيلي شديد جوا وبرا لدفع الناس باتجاه منطقة خانس يونس وصولا إلى رفح جنوبي القطاع، وبعدها تقدم لهم خيارات منها الهجرة إلى خارج غزة، بحسب ما تقضي الخطة الإسرائيلية. ويحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذه المرحلة تقطيع أوصال القطاع الفلسطيني إلى مناطق متعددة، لأنه يرى أن هذه الإستراتيجية ستضعف المقاومة الفلسطينية وتسهل عليه السيطرة على مساحات أكثر، حيث يسعى إلى دخول المناطق تدريجيا من أجل الاستيلاء عليها وإخلاء سكانها. وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية تتوزع بين قوات مقاتلة وأخرى مهمتها إحكام السيطرة على المناطق التي يتم الاستيلاء عليها، وأن القوات المستخدمة في التعزيز ومسك الأرض هي الفرق النظامية والقتالية، ممثلة في الفرق 163 و36 و98 و143 التي تعد فرقا مناطقية، بالإضافة إلى فرقة احتياط. وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت إن الجيش أدخل كل ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة لتنفيذ عملية " عربات جدعون"، وقالت إن فرقة المظليين كانت آخر ما دخل القطاع. وعن التحديات التي يواجهها جيش الاحتلال في هذه المرحلة، أوضح العقيد الفلاحي -في تحليله للمشهد العسكري في غزة- أن هذا الجيش أُنهك بشكل كبير جدا وأحبطت معنويات جنوده نتيجة طول قتاله المقاومة الفلسطينية، وقال إن حديثه عن عملية متدرجة يعني حرق الأرض في قطاع غزة من أجل تقليل نسبة الخسائر في صفوف جنوده. كما يعاني الجيش الإسرائيلي -يتابع العقيد الفلاحي- من نقص شديد في القوة القتالية بسبب الخسائر التي تكبدها وحصول شبه تمرد وانقسامات داخلية، بالإضافة إلى أن العملية العسكرية الحالية في القطاع تتعرض لانتقادات داخلية شديدة. صمود والعامل الآخر أن المقاومة الفلسطينية ليس لديها خيارات الآن سوى أن تصمد في مواجهتها مع الاحتلال وتكثيف عملياتها لإلحاق المزيد من الخسائر بجيش الاحتلال، مشيرا إلى أن المعركة بين المقاومة وجيش الاحتلال تشهد ضراوة كبيرة. وفي سياق هذا السياق، كشفت كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- عن تنفيذ عملية مزدوجة استهدفت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت تتحصن داخل منزل في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس. وأوضحت الكتائب في بيانها أن العملية نفذت صباح يوم الثلاثاء الموافق 20 مايو/أيار الجاري، مشيرة إلى أنها "تأتي في إطار الرد على جرائم الاحتلال واستمرارا لمسيرة المقاومة". ومن جهة أخرى، لفت الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه مشكلة حقيقية تتعلق بالنازحين الفلسطينيين الذين يرفضون تنفيذ ما تسمى أوامر الإخلاء، لكن هذا الجيش -يضيف المتحدث- يرتكب المجازر والتجويع ويستخدم أساليب دنيئة جدا لتحقيق أهدافه.


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
السرايا تبث مشاهد لكمين استهدف آليات جيش الاحتلال بمدينة غزة
بثت سرايا القدس -الجناح العسكري ل حركة الجهاد الإسلامي – مشاهد قالت إنها من عملية مركبة قام بها مقاتلوها واستهدفت آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة بحي الشجاعية شرق مدينة غزة. وقالت سرايا القدس إن مقاتليها نفذوا كمينا هندسيا تم خلاله تشريك وتفجير قنبلة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائلي وعبوة ناسفة من نوع ثاقب في آليات جيش الاحتلال المتوغلة بحي الشجاعية. وتضمنت المشاهد عملية التحضير لتشريك وتفجير القنبلة من قبل مقاتلين من السرايا، بالإضافة إلى رصد وصول آليات الاحتلال الإسرائيلي لمحيط الكمين، ولحظة انفجار القنبلة والعبوة في آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي. وأظهرت المشاهد دخانا كثيفا يتصاعد في السماء لحظة انفجار القنبلة والعبوة من طرف مقاتلي سرايا القدس. وفي إطار عمليات المقاومة، كشفت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- عن تنفيذ عملية مزدوجة استهدفت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت تتحصن داخل منزل في بلدة القرارة شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. وأوضحت الكتائب في بيانها أن العملية نفذت صباح يوم الثلاثاء الموافق 20 مايو/أيار الجاري، مشيرة إلى أنها "تأتي في إطار الرد على جرائم الاحتلال واستمرارا لمسيرة المقاومة". وكانت سرايا القدس أعلنت قبل أيام أن مقاتليها استدرجوا قوة هندسية إسرائيلية إلى كمين مركب داخل مبنى مفخخ بعبوات شديدة الانفجار شرقي خان يونس وتفجيره في القوة المتوغلة. وتأتي عمليات المقاومة في الوقت الذي ينفذ فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي خطة عملية " عربات جدعون" بهدف تحقيق حسم عسكري وسياسي في قطاع غزة ، بدأ تنفيذها عبر استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خطة أميركية إسرائيلية لتوزيع المساعدات بغزة تثير جدلا واسعا
في ظل التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ، وفي وقت يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني ظروفا كارثية نتيجة الحصار المستمر، ظهرت مؤخرا خطة مثيرة للجدل لتوزيع المساعدات الإنسانية، عبر "مؤسسة المساعدات الإنسانية لغزة" التي أُنشئت مؤخرا بدعم وتنسيق مع شركات أميركية عاملة في مجالي الأمن واللوجستيات. وتأتي هذه الخطوة بعد 3 أيام فقط من سماح الحكومة الإسرائيلية بإدخال مساعدات محدودة إلى القطاع، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في غزة، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والدواء. وقد أثارت هذه الخطة ردود فعل متباينة عبر منصات التواصل الاجتماعي الفلسطينية، بين التحذير من تحويل المساعدات إلى أداة سياسية وأمنية، وبين الرفض الكامل لأي آلية تتجاوز الأطر الدولية المعتمدة مثل وكالة "الأونروا". وتهدف "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة إلى بدء العمل في قطاع غزة بحلول نهاية مايو/أيار الجاري للإشراف على خطة إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع الفلسطيني، لكن الأمم المتحدة تقول إن الخطة تفتقر للنزاهة والحياد ولن تشارك فيها. وتُشير المعطيات إلى أن حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية – تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إعادة صياغة منهجية العمل الإغاثي بما يتماشى مع أهدافها الأمنية والعسكرية، وذلك في إطار خطتها الأوسع لتقويض الدور الحيوي الذي تقوم به المنظمات الأممية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وتعليقا على هذه الخطوة، ذكر رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، أن الخطة الأميركية الإسرائيلية، التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة في غزة إلى شركات دولية، ليست مشروعًا إنسانيًا، بل مناورة مدروسة لإعادة تغليف الحصار، وتقنين التجويع، وتحويل الطعام إلى أداة قهر وخضوع تمهّد لاقتلاع السكان من أرضهم. بينما رأى مغردون أن الآلية الجديدة لا تهدف فقط إلى السيطرة الأمنية، بل تسعى لإيجاد بديل عن الأونروا، وهو هدف إسرائيلي قديم، مشيرين إلى أن الآلية تمثل بوابة لإدارة جديدة لقطاع غزة، بعيدًا عن الإرادة الوطنية الفلسطينية. وكتب أحد النشطاء: "الخطة الأميركية لتوزيع المساعدات لا تهدف إلى الإغاثة كما تزعم، بل غايتها الأولى والأخيرة دفع سكان قطاع غزة قسرًا نحو الجنوب بعد فشل محاولات إجبار سكان شمال غزة على النزوح تحت القصف العنيف وتقدم الدبابات". وأكد مدونون أن الاحتلال يروّج لأرقام مضللة حول كميات المساعدات التي تدخل القطاع، ضمن خطة تهدف إلى كسب الوقت لحين بدء عمل "مؤسسة المساعدات الإنسانية لغزة". إعلان وأشاروا إلى أن الاحتلال يسعى لإفشال آلية التوزيع الحالية، من خلال تسهيل سرقة الشاحنات بهدف تبرير ضرورة التحول إلى النموذج الجديد. كما اعتبر آخرون أن المساعدات تحوّلت إلى عملية أمنية معقدة، يُحاصر فيها الجوعى بجدران ونقاط تفتيش، في ظل تحكم الاحتلال الكامل في الزمان والمكان وحتى لقمة العيش. في حين رأى نشطاء أن الاحتلال الإسرائيلي يُخطّط لربط تسلّم المساعدات بعملية تسجيل مسبق، يُجبر المواطنون بموجبها على الانتقال إلى مناطق محددة في الجنوب، وقد تُقصر عملية التسجيل لاحقًا على فئات عمرية معينة، لا سيما الشباب، مما يعزز الشكوك بوجود نية مبيّتة تتعلق بعمليات أمنية وتهجير مرحلي قد يُفضي لاحقًا إلى ترحيل واسع خارج غزة. ودعا ناشطون ومغردون إلى ضرورة رفض الآلية الأميركية الإسرائيلية المقترحة لتوزيع المساعدات، مؤكدين أن الموقف الشعبي وحده غير كافٍ، بل يجب على النظام السياسي الفلسطيني بجميع مكوناته التحرك السريع وتقديم بديل يحترم كرامة الفلسطينيين، مع الضغط الدولي لفتح ممرات إنسانية حقيقية ووقف استخدام "سلاح التجويع" كوسيلة للتهجير والابتزاز السياسي. ويذكر أن عدة أطراف رفضت التعامل مع الآلية الإسرائيلية المدعومة أميركيا، فقد استبعد المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني نجاح الخطة، وقال "يبدو أن خطة المساعدات الإنسانية الجديدة في غزة وُضعت لهدف عسكري أكثر منه إنساني". وأوائل أبريل/نيسان الماضي، اقترحت إسرائيل "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" إلى غزة، لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سرعان ما رفضها، وقال إنها تهدد "بمزيد من القيود على المساعدات والسيطرة على كل سعرة حرارية وحبة دقيق".