
دراما رمضان في المغرب... معجبة بنفسها
دفعت الانتقادات المتكررة لمستوى الإنتاجات التلفزيونية خلال شهر رمضان في المغرب، خصوصاً منها "السيتكومات الكوميدية"، سياسيين وحقوقيين وإعلاميين إلى مطالبة الحكومة بمراقبة طريقة تدبير ميزانيات الإنتاج التلفزيوني في رمضان، والتأكد من صرف المال العام وفق معايير تضمن تقديم محتوى يستحقه المشاهد المغربي.
وفي الوقت الذي توالت الانتقادات ضد مستوى الإنتاجات الرمضانية، وعلى وجه الخصوص الإنتاجات الكوميدية، بسبب تكرار المواضيع والوجوه وضعف الإبداع، تنتشي القنوات التلفزيونية المغربية بما تعده إقبالاً لافتاً من ملايين المشاهدين على هذه الإنتاجات الرمضانية.
تدبير ميزانيات الإنتاج
ساءل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في شخص البرلماني مولاي المهدي الفاطمي، وزير الثقافة والتواصل محمد مهدي بن سعيد، عن مستوى الإنتاج التلفزيوني الذي يُعرض على القنوات العمومية خلال شهر رمضان.
وأورد الفاطمي أن "المشاهد المغربي يرى أن لا شيء قد تغير مقارنة بالأعوام الماضية، كأننا أمام إعادة إنتاج مستمرة للوجوه نفسها، والأفكار نفسها، والانتقادات التي باتت تتكرر بشكل يطرح أكثر من تساؤل حول مدى جدية المؤسسات المسؤولة في الارتقاء بهذا المجال".
وزاد "القنوات العمومية، التي تُموَّل من المال العام، تبرر استمرار هذا الواقع بنسب المشاهدة المرتفعة، متناسية أن هذه النسب لا تعني بالضرورة الرضا أو الإعجاب، بقدر ما تعكس غياب البدائل أمام المشاهد المغربي الذي يجد نفسه مضطراً إلى متابعة هذه الإنتاجات خلال وقت الإفطار".
وتبعاً للبرلماني المعارض، "تكشف الإنتاجات الرمضانية لهذا الموسم عن اختلالات عميقة في طريقة تدبير المشهد التلفزيوني الوطني، إذ إن الممثلين أنفسهم يعودون في كل عام، والصيغ الكوميدية المستهلكة تُعاد بوجوه مختلفة، بينما يظل الابتكار غائباً عن الكتابة والإخراج".
وطالب الحزب عينه الحكومة بالكشف عن "الإجراءات التي تُتخذ لمراقبة طريقة تدبير ميزانيات الإنتاج، والتأكد من أن المال العام يُصرف وفق معايير تضمن تقديم محتوى يستحقه المشاهد المغربي"، داعياً الوزارة المعنية إلى تطوير الإنتاج التلفزيوني خلال شهر رمضان، وضمان جودة الأعمال المعروضة".
الشفافية والمساءلة
من جهته شدد المركز المغربي لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية) على أهمية الشفافية والمساءلة في كيفية إدارة الميزانيات المخصصة للإنتاج التلفزيوني، خصوصاً المسلسلات والـ"سيتكومات" الكوميدية في شهر رمضان.
وفي السياق أعرب عبدالإله الحمدوشي، كاتب سيناريو، عن اتفاقه مع غالب الانتقادات التي توجه للإنتاجات الدرامية الرمضانية، و"بالأخص المسلسلات التي تحظى بمتابعة كبيرة وميزانية مالية كبرى"، مبرزاً أنه "من دون سيناريو جيد لا يمكن للعمل أن ينجح ولو أتيت له بنجوم من هوليوود، ومنحته كل ميزانية البلاد".
وكشف الجواهري عن أن "دفاتر التحملات قُبرت وهمشت مهنة كاتب السيناريو، وأُعلي من شأن شركات تنفيذ الإنتاج، وخصوصاً النافذة منها، التي لا يهمها سوى الربح وجني الأموال".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مقابل الرأي السابق، يرى الممثل محمد الشوبي، وفق ما نشره في تدوينة على "فيسبوك"، أن "هناك من يفسدون الأمر كله بطلب التدقيق في ميزانيات الأعمال الدرامية في رمضان"، مردفاً "نحن لا نتوقف عند تلك الميزانية، بل ننشد الإتقان في العمل وجلب صانعي الدراما الحقيقيين"، ومشدداً "كفى لغطاً وتحويراً للرأي العام".
في السياق تفيد معطيات متداولة أن 10 شركات إنتاج سيطرت خلال الأعوام التسعة الماضية على أكبر حصة من صفقات الإنتاجات التلفزيونية بصفة عامة، وعلى رأسها صفقات الإنتاجات المخصصة لشهر رمضان.
ويشير تقرير رسمي أصدرته أخيراً الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى أن قيمة الاستثمار في المسلسلات والأفلام التلفزيونية بلغت أزيد من 197 مليون درهم (20.297.420 دولاراً) خلال 2023، أي 24 في المئة من إجمال الاستثمارات.
توسيع دائرة المنافسة
في هذا الصدد يعلق الباحث الاقتصادي، مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبدالإله الخضري بالقول "إن موضوع كلفة الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية في المغرب، بخاصة المسلسلات الكوميدية، كان دوماً مثار جدل واسع عند الرأي العام المغربي، بسبب تدني مستوى الجودة وضحالة المحتوى".
ويتابع الخضري "في الوقت الذي ينتظر ملايين المشاهدين خلال شهر رمضان إنتاجات تلفزيونية تحمل في طياتها معاني عميقة وتعكس قضايا مجتمعية مهمة، تطفو إنتاجات دون تطلعات المشاهد المغربي".
ويكمل الباحث أن "ضخ الأموال الطائلة في هذه الإنتاجات من دون تقييم جودة الفكرة والكتابة المبدعة يعتبر إشكالية بحد ذاته"، مردفاً أن الحل "يكمن في تفادي الزبونية والتضييق على حرية التعبير، لأن توسيع هامش الحرية الفكرية والإبداعية يتيح لأصحاب العروض التلفزيونية أن يلامسوا القضايا الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المجتمع بطرق مبتكرة".
واسترسل الخضري "إن توسيع دائرة المنافسة يؤدي إلى إذكاء روح المنافسة بين المنتجين والمخرجين، ويدفعهم إلى مزيد من الإبداع والابتكار"، مشدداً على "أهمية الشفافية والمساءلة في كيفية إدارة الميزانيات المخصصة للفن والإنتاج التلفزيوني في رمضان".
وخلص الخضري إلى أنه "من هذا المنطلق، تبدو أهمية الاستماع إلى آراء المشاهدين، والعمل على تحسين المحتوى في ضوء تلك الآراء، حتى تتولد لدى المنتجين رقابة ذاتية تزيد من مستوى الإبداع والابتكار في الأعمال الرمضانية".
مقابل هذه الانتقادات المتراكمة تنتشي القنوات التلفزيونية المغربية بما تعتبره نسب مشاهدة كبيرة خلال رمضان، وفي هذا الصدد أورد تقرير مؤسسة "ماروك متري" لقياس نسب المشاهدة، أن المتفرج المغربي قضى في الفترة بين الخامس والـ11 من مارس (آذار) الجاري، أربع ساعات و47 دقيقة أمام التلفاز، فيما بلغت حصة المشاهدة في وقت الذروة 28.6 في المئة للقناة الثانية، و21.3 في المئة للقناة الأولى، واحتل "سيتكوم" (مبروك علينا) الكوميدي صدارة نسب المشاهدة، إذ تابعه خلال الفترة الزمنية نفسها 10 ملايين و183 ألف مشاهد.
استنزاف جيوب
من جهته قال الناقد الفني فؤاد زويريق إن مطالب نواب برلمانيين بالتحقيق في صرف ملايين الدراهم على إنتاجات هزلية يسمونها ظلماً كوميدية، ليست جديدة بدليل استدعاء الوزير الوصي في كل موسم رمضاني.
وتابع زويريق أنه "على رغم هذه المطالب من سياسيين ونقاد وإعلاميين فلم يحصل أي تحرك، إذ إن الرداءة نفسها يعاد تدويرها وتكرارها كل موسم رمضاني"، مشيراً إلى أن المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة فيصل العرايشي أقر عام 2021، خلال اجتماع لجنة التعليم والاتصال بمجلس النواب، بأنه غير مقتنع بالـ"سيتكومات" الكوميدية التي تعرض في شهر رمضان، وانتقد طريقة كتابتها وتعهد بحذفها من البرمجة الرمضانية ابتداء من موسم 2022، غير أن هذه الإنتاجات الموصوفة بالرداءة لا تزال تعرض.
واستطرد زويريق أن "المغاربة ما زالوا ينددون وينتقدون، والبرلمان ما زال يطالب ويسائل الحكومة من دون رد فعل حقيقي، إذ إن السيناريو نفسه يعاد ويتكرر وسيبقى كذلك إلى أن تتغير المنظومة ككل".
وذهب الناقد إلى أنه "يؤيد كل دعوة ومطلب وكل مبادرة تنشد التغيير إلى الأحسن"، معتبراً أن "توقف مثل هذه الإنتاجات نهائياً أفضل من استمرارها باستنزاف جيوب المشاهدين المغاربة من دون جدوى أو فائدة تذكر"، وفق تعبيره.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 20 دقائق
- مصرس
قبل عيد الأضحى 2025.. أسعار الأبقار والخراف والماعز في أسواق الشرقية
تزايد البحث على محرك «جوجل» من قبل المواطنين عن أسعار الأضاحي من اللحوم والخراف والماعز ب أسواق محافظة الشرقية، تزامنا مع بدء العد التنازلي لقدوم عيد الأضحى المبارك 2025، وسط توقعات بتغير طفيف في الأسعار مقارنة بالعام السابق، في ظل ارتفاع تكاليف الأعلاف والنقل وزيادة الطلب الموسمي. أسواق بيع الأضاحي في الشرقية الأربعاء 21 مايو 2025شهدت أسواق بيع الأضاحي بمدن وقرى الشرقية، اليوم الأربعاء 21 مايو 2025، استقراراً نسبياً في أسعار بيع الأضاحي في ظل ضعف الإقبال وقلة القوة الشرائية، ترقبا لحدوث تزاحم خلال الأسابيع المقبلة، وخاصة الأسبوع الأول من شهر ذو الحجة 1446 هجريا.أسعار بيع الأضاحي في محافظة الشرقية الأربعاء 21 مايو 2025وكشف عدد من التجار عن وجود زيادة في أسعار اللحوم الحية للأبقار والجاموس، مع ارتفاع نسبي في أسعار الماعز والضأن، هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وقد جاءت الأسعار بالكيلو جرام حي كالتالي:- صورة أرشيفيةالبقري الذكر بسعر يتراوح ما بين 180-185 جنيه للكيلو جرام.البقري الإناث بسعر يتراوح ما بين 160-165 جنيه للكيلو جرام.الجاموسي بسعر يتراوح ما بين 155-160 جنية للكيلو جرام.الماعز بسعر يتراوح ما بين 200-220 جنية للكيلو جرام.الضأن بسعر يتراوح مابين 200-210 جنية للكيلو جرام.أسعار العجول والأغنام والماعز في أسواق الشرقية- صورة أرشيفيةوأوضح تجار المواشي في أسواق محافظة الشرقية، أن سعر العجل البقري الذكر يتم تحديده بالكيلو قائم حي على الميزان والذي يتراوح ما بين 180 إلى 185 جنيهاً، وأن هناك عجول تبدأ أسعارها من 60 ألف حتى 120 ألف جنيها حسب الوزن، أما بالنسبة للعجول الإناث فيتم تحديد سعرها اجتهادي حسب المواصفات والسن، وأن هناك عجول إناث تبدأ أسعارها من 50 ألف حتى 80 ألف جنيه، كما يتراوح سعر العجل الجاموسي ما بين 35 ألف حتى 60 ألف جنيه، كما تبدأ أسعار الأغنام من 8 آلاف حتى 15 ألف جنيهاً للإناث، ويتراوح سعر الخروف ما بين 14 إلى 20 ألف جنيهاً بحسب التجار، وبالنسبة للماعز فتتراوح أسعارها ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيهاً حسب المواصفات والوزن.

مصرس
منذ 21 دقائق
- مصرس
عيد الأضحى 2025.. أسعار الخراف والماعز في أسواق الشرقية
تزايد البحث على محرك «جوجل» من قبل المواطنين عن أسعار الأضاحي من اللحوم والخراف والماعز ب أسواق محافظة الشرقية، تزامنا مع بدء العد التنازلي لقدوم عيد الأضحى المبارك 2025، وسط توقعات بتغير طفيف في الأسعار مقارنة بالعام السابق، في ظل ظروف اقتصادية متقلبة وارتفاع تكاليف الأعلاف والنقل وزيادة الطلب الموسمي. أسواق بيع الأضاحي في الشرقية السبت 24 مايو 2025شهدت أسواق بيع الأضاحي بمدن وقري الشرقية، اليوم السبت 24 مايو 2025، استقراراً نسبياً في أسعار بيع الأضاحي في ظل ضعف الإقبال وقلة القوة الشرائية، ترقبا لحدوث تزاحم خلال الأسابيع المقبلة،وخاصة الأسبوع الأول من شهر ذو الحجة 1446 هجريا.أسعار بيع الأضاحي في محافظة الشرقية السبت 24 مايو 2025وكشف عدد من التجار عن وجود زيادة في أسعار اللحوم الحية للأبقار والجاموس، مع ارتفاع نسبي في أسعار الماعز والضأن، هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وقد جاءت الأسعار بالكيلو جرام حي كالتالي:البقري الذكر بسعر يتراوح ما بين 180-185 جنيه للكيلو جرام.البقري الإناث بسعر يتراوح ما بين 160-165 جنيه للكيلو جرام.الجاموسي بسعر يتراوح ما بين 155-160 جنية للكيلو جرام.الماعز بسعر يتراوح ما بين 200-220 جنية للكيلو جرام.الضأن بسعر يتراوح مابين 200-210 جنية للكيلو جرام.أسعار العجول والأغنام والماعز في أسواق الشرقيةوأوضح تجار المواشي في أسواق محافظة الشرقية، أن سعر العجل البقري الذكر يتم تحديده بالكيلو قائم حي على الميزان والذي يتراوح ما بين 180 إلى 185 جنيهاً، وأن هناك عجول تبدأ أسعارها من 60 ألف حتى 120 ألف جنيها حسب الوزن،أما بالنسبة للعجول الإناث فيتم تحديد سعرها اجتهادي حسب المواصفات والسن، وأن هناك عجول إناث تبدأ أسعارها من 50 ألف حتى 80 ألف جنيه، كما يتراوح سعر العجل الجاموسي ما بين 35 ألف حتى 60 ألف جنيه، كما تبدأ أسعار الأغنام من 8 آلاف حتى 15 ألف جنيهاً للإناث، ويتراوح سعر الخروف ما بين 14 إلى 20 ألف جنيهاً بحسب التجار، وبالنسبة للماعز فتتراوح أسعارها ما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيهاً حسب المواصفات والوزن.

مصرس
منذ 21 دقائق
- مصرس
أخصائية اجتماعية تكشف أسباب ظهور سلوكيات عصبية الأطفال
قالت عبير عبدالله، الأخصائية الاجتماعية والتربوية، إن السلوك الطبيعي عند الطفل هو السلوك الملائم الذي لا يتضمن أي انحراف عن قواعد السلوكيات الأدبية والاجتماعية، مثل العناد أو الكذب أو العنف. وأضافت خلال لقائها مع الإعلامي نوح غالي، ببرنامج "كلمة حرة"، المذاع على قناة "الشمس"، أن هذا النوع من السلوك يُعتبر سلوكًا صحيًا يتناسب مع مراحل نمو الطفل؛ أما السلوك غير السوي فهو السلوك الذي يخرج عن هذه القواعد، ويشمل تصرفات مثل العنف الشديد، والحركات اللا إرادية، أو عدم قدرة الطفل على التحكم في انفعالاته، كالغضب المُفرط والمبالغ فيه، وهذه الحالات تستدعي تدخلًا وتعديلًا للسلوك.وأشارت إلى أن تحديد ما إذا كان الطفل يحتاج إلى تعديل سلوك يعتمد على ملاحظة عدة علامات، منها التصرف بعنف، أو وجود ردود أفعال لا إرادية تؤثر على حياته اليومية، بالإضافة إلى طريقة التعبير عن الغضب التي قد تكون مُفرطة أو غير مناسبة.وعن أسباب ظهور سلوكيات العناد والعصبية عند الأطفال، كشفت عن أن الأسباب متعددة، وأبرزها البيئة التي ينشأ فيها الطفل، فالطفل لا يولد بهذه الصفات بحد ذاتها، بل البيئة المحيطة به تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل طباعه؛ فإذا كان الطفل يعيش في أسرة تسودها التوترات والمشاكل، مثل الشجار المستمر أو الأصوات العالية، فإن ذلك قد يدفعه إلى أن يُصبح عنيدًا أو عصبيًا، وربما يظهر لديه مشاكل نفسية نتيجة هذا التوتر.