
الهند ترد على تأييد تركيا لباكستان بتعليق التجارة وتقييد السياحة
علّقت الهند علاقاتها التجارية والتعليمية مع تركيا، وفرضت قيوداً على
السياحة
والمنتجات التركية، رداً على موقف تركيا المؤيد لباكستان، وإدانة أنقرة في مطلع الشهر الجاري القصف الهندي على منطقة آزاد كشمير الخاضعة لسيطرة باكستان.
وقد شهدت العلاقات بين الهند وباكستان توتراً جديداً بسبب أزمة كشمير، إلا أن تداعيات هذه الأزمة تجاوزت حدود الدولتين، لتصل إلى تركيا التي أعلنت دعمها باكستان، ما دفع الهند إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات العقابية ضد أنقرة، من بينها فرض مقاطعة على
المنتجات
التركية وقطاع السياحة، حيث بدأت بإلغاء الرحلات السياحية، وفرضت حظراً على شركة "تشيلبي" التركية التي تدير عمليات مطار مومباي. كما جرى تعليق بعض الشراكات في مجالات متعددة، وانتهى الأمر بإعلان الهند رسمياً مقاطعة البضائع التركية.
وكانت وزارة الخارجية التركية قد أدانت الهجوم الصاروخي الذي شنته الهند على باكستان، ووصفت الخطوة بأنها استفزاز يستهدف البنى التحتية والمدنيين، مؤكدة أنه أثار خطر اندلاع حرب شاملة، داعية الطرفين في بيان لها إلى التصرف بحكمة وتجنب الأعمال أحادية الجانب. وقد جاءت هذه التصريحات في أعقاب القرار الهندي بتعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند، الخاصة بتقاسم المياه، التي يعتبرها مراقبون سبباً رئيسياً للأزمة الأخيرة.
لكن الهند لم تمرر الدعم التركي لباكستان ودور الأسلحة والمسيرات التركية، بل تسعى للرد عبر الاقتصاد، بحسب ما صرّح به المحلل التركي سمير صالحة لـ"العربي الجديد"، الذي أوضح أن الهند أعلنت مقاطعة البضائع التركية وقطاع السياحة، وبدأت بزيادة القيود على السفر والصادرات التركية.
وأضاف صالحة أن بلاده لا تسعى إلى قطع العلاقات مع أي طرف، لكنها في الوقت ذاته تؤيد حقوق الشعوب، ومن ذلك جاء تأييدها للحق الباكستاني. ومع ذلك، إذا استمرت الهند بقطع العلاقات مع تركيا، فإن لدى أنقرة بدائل عديدة، خاصة أن حجم
التبادل التجاري
مع الهند محدود، وميزان التجارة يميل لصالح الهند، كما أن السياح الهنود ليسوا ضمن أولويات الترويج السياحي التركي.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الهند تفرض قيوداً على واردات من بنغلادش
واستدرك صالحة بأن تركيا تحرص على تحسين علاقاتها مع الهند، وكان هناك تطلع، بعد توقيع اتفاق حسن النوايا، لرفع حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار سنوياً. فالهند تُعد من الدول الاقتصادية الكبرى عالمياً وتشهد منذ سنوات أعلى معدلات النمو، إلا أن تركيا ترى أن مواقفها المبدئية تجاه حقوق الدول والشعوب لا يمكن أن تخضع لحسابات التجارة فقط. وأشار إلى أن الهند لا تُعد شريكاً تجارياً رئيسياً لتركيا، إذ لم تتجاوز قيمة الصادرات التركية إلى الهند العام الماضي 1.3 مليار دولار، في حين بلغت الواردات التركية من الهند نحو 6.4 مليارات دولار. وبذلك، فإن صادرات تركيا إلى الهند شكّلت فقط 0.5% من إجمالي صادراتها البالغة 261.9 مليار دولار، في حين تمثل الهند 2% فقط من إجمالي واردات تركيا.
وتتمتع تركيا بالقدرة على تعويض الخسائر الناجمة عن المقاطعة بسهولة، بحسب ما نقلته صحيفة "يني شفق" عن ممثلي اتحاد المصدرين الأتراك، الذين أكدوا أن المتضرر الأكبر سيكون الاقتصاد الهندي. وأضافت مصادر الاتحاد أن الأرقام ليست ضخمة، لكن تركيا تستورد من الهند أكثر مما تصدر لها بستة أضعاف. وإذا قررت تركيا الرد بالمثل، فإن
العجز التجاري
البالغ نحو 5 مليارات دولار قد ينخفض، إذ يمكنها تعويض المنتجات المستوردة من الهند إما من خلال
الإنتاج المحلي
أو من خلال الاستيراد من أسواق بديلة. أما من حيث السياحة، فلن يكون لغياب السياح الهنود أثر كبير، حيث لم يتجاوز عددهم في عام 2024 نحو 330 ألف سائح، من أصل إجمالي 62.2 مليون سائح زاروا تركيا خلال العام الماضي.
ورغم كل ذلك، لا تزال تركيا تؤثر عدم تصعيد التوتر مع الهند، وتسعى إلى تطوير العلاقات والتبادل التجاري. وقد سعت قبل أعوام من خلال اتفاق نوايا حسن، وُقّع بين مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية (DEİK) وأحد
المصارف
، إلى تسهيل وتحسين العلاقات التجارية والاستثمارية بين تركيا والهند. وقد أعقب هذا الاتفاق تصريح للسفير الهندي في تركيا، فيراندير باول، أعرب فيه عن تفاؤله الكبير بشأن مستقبل العلاقات بين نيودلهي وأنقرة، مشيراً إلى أنهم يستهدفون بلوغ 20 مليار دولار من المبادلات التجارية.
وأضاف أن تركيا والهند تمتلكان إمكانات هائلة ورغبة مشتركة في توسيع التعاون عبر جهود مشتركة وحوار مستمر. وأشار السفير إلى أن الموقع الجغرافي لتركيا، وهويتها الأوروبية-الآسيوية، يفتحان آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين، على أساس الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل.
من جهته، يرى الباحث في مركز "إكوبلتيك" في إسطنبول إسلام أوزجان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تركيا تفضل عدم تصعيد الحروب لما لها من آثار إنسانية واقتصادية تمتد لسنوات، وهي حريصة على التقارب والحلول، كما هو الحال في علاقاتها مع أوكرانيا وروسيا. لكنها في الوقت ذاته، تتمسك بحلفائها وحقوقهم، حتى قبل النظر إلى العلاقات التجارية أو حجم التبادل. وفيما يتعلق بالعلاقة مع باكستان، أضاف أوزجان أن إسلام أباد تُعد شريكاً استراتيجياً لتركيا، رغم أن حجم التبادل التجاري و
الاستثمارات
لا يزال محدوداً وأقل من التبادل مع الهند، لكنه أكد أن المسألة لا تُقاس دائماً بالمصالح المادية فقط.
وكان رئيس مجلس الأعمال التركي-الباكستاني في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، أتيلا دمير يرلي قايا، قد أكد أن تركيا تُعد من أكبر المستثمرين الأجانب في باكستان، بعد أن تجاوزت استثماراتها المباشرة هناك مليار دولار. وأضاف يرلي قايا، بعد زيارة الرئيس التركي إلى باكستان في فبراير/شباط الماضي، أن الهدف هو رفع حجم التجارة الثنائية إلى 5 مليارات دولار، مشيراً إلى استمرار جهود بناء جسور التعاون بين رجال الأعمال الأتراك والباكستانيين لتحقيق هذا الهدف، وخاصة في قطاعات الصحة، والخدمات الطبية، والصناعات الدوائية، والتكنولوجيا، والبرمجيات، وتكنولوجيا المعلومات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
من أطلق فكرة 'برج ترامب' في دمشق؟.. مشروع عقاري فاخر أم أداة دبلوماسية؟
لندن- 'القدس العربي': أثار تقرير نشرته صحيفة 'الغارديان' البريطانية جدلاً واسعاً، مجدداً، حول مشروع غير مسبوق يتم العمل عليه في العاصمة السورية دمشق، يتمثل في إنشاء برج يحمل اسم 'ترامب'، بارتفاع يصل إلى 45 طابقاً، وتكلفة محتملة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار. المشروع، الذي شاعت أخباره أول مرة عشية زيارة الرئيس الأمريكي الخليجية، ورفع العقوبات عن سوريا، تُشرف عليه مجموعة 'تايغر' العقارية، ومقرها الإمارات، ويقودها رجل الأعمال السوري الأصل وليد محمد الزعبي. يفكر مطلقو المشروع ببرج بارتفاع 45 طابقاً، ينقش عليه اسم ترامب بالذهب، ويُعدّ رمزاً معماريًا لعودة سوريا إلى المسرح الدولي بعد سنوات من العزلة ويُخطَّط لأن يتزين المبنى باسم ترامب بالذهب في أعلاه، ليصبح، في حال اكتماله، من أبرز معالم العاصمة السورية، وأحد أطول المباني فيها. وبحسب الزعبي، فإن المشروع يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن 'سوريا، بعد سنوات من الحرب والمعاناة، تستحق أن تخطو خطوة نحو السلام'، مضيفاً: 'هذا البلد، الذي عانى طويلاً، يستحق فرصة جديدة للنهوض.' وتُعد الفكرة نتاجًا لمبادرة طُرحت لأول مرة في ديسمبر الماضي من قبل عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري جو ويلسون، وسرعان ما تم تطويرها، بحسب الصحيفة، من قبل الكاتب السوري رضوان زيادة، المقرّب من الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشراع. تُشير 'الغارديان' إلى أن المشروع يأتي ضمن حملة دبلوماسية سورية مدروسة هدفت إلى كسب ودّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 1979، والتي شُددت بعد قمع انتفاضة عام 2011. ووفقًا للتقرير، فقد لعب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دورًا مؤثرًا في هذا السياق. وقد أفضت الجهود السورية، حسب التقرير، إلى إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية بالكامل عن سوريا، قبل أن يلتقي الشراع، الذي وصفه بـ'الرجل الجذاب والقوي'. هذه الخطوة فتحت الباب رسميًا أمام مشروع البرج الذي كان حتى ذلك الحين مجرد تصور نظري. رفاهية مثيرة للجدل يقول الزعبي إن البناء لن يبدأ إلا بعد الحصول على التراخيص الرسمية من الحكومة السورية، وكذلك حقوق استخدام علامة 'ترامب' التجارية من المنظمة المالكة لها. ومن المتوقع أن يستغرق البناء نحو ثلاث سنوات، في حال تذليل العقبات القانونية والإجرائية. ويُفكَّر حاليًا في عدة مواقع محتملة في دمشق، بينما قد يتغير عدد الطوابق المقرر (45 طابقاً) بحسب التصاميم النهائية وخطط التخطيط العمراني المحلي. المشروع يثير انتقادات حادة من جهات حقوقية واقتصادية ترى أنه فاخر ومنفصل عن واقع البلاد، حيث يعيش ملايين السوريين في ظروف إنسانية صعبة وبينما لم تُدرج علامة 'ترامب' في النماذج الأولية التي حصلت عليها صحيفة 'الغارديان'، فإن الحصول على ترخيص العلامة لا يزال قيد المتابعة. المشروع يحمل بُعدًا رمزيًا لمرحلة جديدة من التعافي الوطني، ويسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في بلد يعيش فيه أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وعلّق الزعبي بصورة نشرها للصحيفة تظهر انفجارًا في سماء دمشق بجانب صورة افتراضية للبرج، قائلاً: 'المشروع يرمز إلى تحول البلاد من الدمار إلى النور والجمال. إنه رسالة أمل وسلام.' لكن المشروع يثير، في الوقت ذاته، انتقادات حادة من جهات حقوقية واقتصادية ترى أنه فاخر ومنفصل عن واقع البلاد، حيث يعيش ملايين السوريين في ظروف إنسانية صعبة، خصوصًا في المخيمات. ويشكك منتقدون في أولوية مثل هذه المشاريع في وقت تحتاج فيه البلاد لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية كالكهرباء والرعاية الصحية.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
يثقل أميركا بالديون... قانون ضرائب ترامب مرّ في مجلس النواب بفارق صوت واحد
بفارق صوت واحد، أقرّ مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، اليوم الخميس، مشروع قانون ضرائب وإنفاق شامل سينفذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 السياسية ويثقل كاهل البلاد بديون تقدر بتريليونات الدولارات. وقال مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو مكتب غير حزبي، إنّ مشروع القانون سيحقق الكثير من تعهدات ترامب الانتخابية الشعبوية وسيمنح إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات وقروض السيارات وسيزيد الإنفاق على الجيش وحرس الحدود وسيرفع ديون الحكومة الفيدرالية البالغة 36.2 تريليون دولار بنحو 3.8 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل. وكتب ترامب على منصته تروث سوشال: "يمكن القول إن هذا هو أهم تشريع يوقع في تاريخ بلادنا!"، وأضاف: "لقد حان الوقت الآن لأصدقائنا في مجلس الشيوخ لأن ينصرفوا إلى العمل ويرسلوا هذا القانون إلى مكتبي في أقرب وقت ممكن"، بعدما أقر المجلس مشروع القانون بموافقة 215 صوتاً مقابل 214 بعد أن صوت كل الديمقراطيين وجمهوريان في المجلس ضده وصوت جمهوري ثالث بأنه "حاضر"، أي لا مع مشروع القانون ولا ضده، على أن يُحال مشروع القانون على مجلس الشيوخ ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومن المرجح أن تجرى عليه تغييرات خلال مناقشات تستمر أسابيع. ويُمدد مشروع القانون الذي يتألف من 1100 صفحة التخفيضات الضريبية للشركات والأفراد التي أُقرت في 2017 خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ويلغي العديد من حوافز الطاقة الخضراء التي أقرها الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، ويشدد شروط الانضمام إلى برامج الصحة والغذاء للفقراء. ويمول كذلك حملة ترامب على الهجرة بإضافة عشرات الآلاف من حرس الحدود ويتيح إمكانية ترحيل ما يصل إلى مليون شخص سنوياً. وأُقر مشروع القانون على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن الدين الأميركي الذي وصل إلى 124% من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالة موديز إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وبات ينبغي الآن طرح النصّ على مجلس الشيوخ حيث سبق للأعضاء الجمهوريين أن أعلنوا نيّتهم إجراء تعديلات كبيرة عليه. ومن المتوقع أن تتواصل السجالات البرلمانية بشأن مشروع القانون هذا الذي يكتسي أهمية خاصة للرئيس الأميركي. وكان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون يدفع لاعتماد هذا القانون في أقرب مهلة، في ظل سعيه لتقديم نصر تشريعي للرئيس. واعتمد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون صباح الخميس مع 215 صوتاً مؤيداً و214 معارضاً، اثنان منها لجمهوريين. وقبل بدء التصويت، قال رئيس مجلس النواب الذي واجه معارضة شديدة لهذه المبادرة في معسكره إن "هذا القانون الكبير والجميل هو أهمّ تشريع يعتمده حزب في تاريخه". وبالنسبة إلى ترامب، يقضي الرهان الرئيسي بتمديد التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرّت في ولايته الرئاسية الأولى والتي تنتهي صلاحيتها في نهاية العام. وبحسب عدد من الخبراء المستقلين، من شأن هذه التخفيضات أن تزيد عجز الدولة الفدرالية من ألفي مليار إلى أربعة آلاف مليار في العقد المقبل. وينصّ مشروع القانون أيضاً على إلغاء ضرائب مفروضة على الإكراميات، وهو ما تعهّد به ترامب خلال حملته الانتخابية في بلد يعوّل الكثير من العمّال على هذه العطيّات مصدرَ دخل أساسياً. اقتصاد دولي التحديثات الحية لماذا يضخّم ترامب أرقام الدعم الخليجي وتكاليف القبة الذهبية؟ وبغية تعويض ازدياد العجز بجزء منه، ينوي الجمهوريون الاقتطاع من بعض النفقات العامة، مثل التأمين الصحي "ميدك إيد" (Medicaid) الذي يعتمد عليه أكثر من 70 مليون أميركي من ذوي الدخل المحدود. وبحسب تحليل أجراه مكتب الموازنة في الكونغرس (CBO)، فإن التخفيضات المخطط لها حالياً لهذا البرنامج العام تهدد بحرمان أكثر من 7.6 ملايين شخص من التأمين الصحي بحلول عام 2034. ومن المتوقع أيضاً أن يتأثر بشدة من هذه الاقتطاعات برنامج المساعدات الغذائية العامة الأكبر، "سناب" (Snap). ويتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن يؤدي مشروع القانون إلى زيادة الدخل لدى أغنى 10% من الأسر، فيما ستشهد أفقر 10% من الأسر انخفاضاً في مداخيلها. ويدعو مشروع القانون أيضاً إلى إلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة، التي اعتُمِدَت في عهد جو بايدن. ديمقراطيون وجمهوريون في مجلس النواب يعارضون المشروع وعارض الديمقراطيون النص جملة وتفصيلاً. إذ قال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جفريز بعد التصويت إنّ "عملية الاحتيال الضريبي للحزب الجمهوري تعمل على حرمان ملايين الأشخاص الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية من أجل منح التخفيضات الضريبية للأثرياء". ويخشى بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين المعتدلين أيضاً من أن تشكل التخفيضات المفرطة في البرامج العامة المحببة لدى الناخبين خطراً انتخابياً كبيراً، قبل عام ونصف عام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. لكنّ النواب المحافظين للغاية المؤيدين لخفض الدين العام، هم الذين بدوا منزعجين من الأرقام الضخمة التي تضمنها "القانون الكبير والجميل" وهددوا بالتصويت ضده. ولم يكن هؤلاء وحدهم الذين أثار مشروع الموازنة قلقهم، فقد وصل العائد لفترة عشر سنوات على سندات الخزانة الأميركية الأربعاء إلى أعلى مستوى له منذ فبراير/ شباط، وسط مخاوف المستثمرين من نمو العجز الفدرالي بشكل كبير. وبعد الحصول على بعض التنازلات، قرر النواب المترددون في نهاية المطاف دعم النص. اقتصاد دولي التحديثات الحية فقاعة الديون تهدد أميركا... دول عظمى اندثرت بسبب استهتارها المالي وكان ترامب قد بذل جهوداً شخصية لإقناعهم، إذ ذهب إلى مبنى الكابيتول للقائهم واستقبل بعضهم الأربعاء في البيت الأبيض. ويبدو أن الرئيس ترامب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون قد نجحاً أخيراً في تحقيق رهانهما، قبل اختبار مجلس الشيوخ. ومن المفترض أن يعود النص إلى مجلس النواب بصيغة جديدة تماماً. وفي سوق الأسهم، فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على تباين بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تخفيض ضرائب سارية المفعول، إذ هبط المؤشر داو جونز الصناعي 0.23% إلى 41763.68 نقطة، ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.06% إلى 5841.26 نقطة. غير أن المؤشر ناسداك المجمع ارتفع 0.08% إلى 18888.048 نقطة. (فرانس برس، رويترز)


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
صفقات سعودية مع كل من أميركا والصين... سياسة التوازنات
في ظل توقيع السعودية والصين في 13 مايو/أيار الحالي 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 3.7 مليارات دولار، تبرز دلالات اقتصادية استراتيجية تتجاوز الأرقام، خاصة مع تزامن هذه الاتفاقيات مع أخرى ضخمة مع الولايات المتحدة ، وصلت قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات، ما يسلط الضوء على سياسة "موازنة" تتبعها المملكة في علاقاتها مع قطبي المنافسة العالمية، واشنطن وبكين. وتركز الاتفاقيات السعودية-الصينية الأخيرة بشكل أساسي على قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والمياه، مع مشاريع إنشاء مدينة ذكية للأمن الغذائي في المملكة، وتطوير تقنيات الزراعة الرأسية والاستزراع البحري، بالإضافة إلى تعزيز صادرات المنتجات الزراعية السعودية إلى السوق الصينية، وذلك ضمن إطار رؤية 2030 السعودية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، بحسب ما أوردته مصادر صينية بينها صحيفة "ساوث تشاينا". الصين الشريك التجاري الأكبر وبينما لا تزال أميركا الشريك التجاري الأكبر للسعودية، إذ تمثل 18% من حجم التجارة الخارجية للمملكة، ما يعكس عمق التشابك الاقتصادي بين الرياض وبكين، وفقا لما أورده تقدير نشره "ميدل إيست بريفنج"، تؤكد تقديرات "ساوث تشاينا" الصينية أن العلاقات السعودية-الأميركية شهدت دفعة غير مسبوقة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة بعد الإعلان عن التزامات استثمارية سعودية في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار على مدى أربع سنوات. طاقة التحديثات الحية السعودية تستعد لزيادة استخدام النفط لتوليد الكهرباء خلال الصيف ويعزو تحليل هذه المفارقة السعودية من منظور غربي إلى أن السعودية باتت تتقن لعبة التوازن بين القوى الكبرى، حيث تستثمر المملكة علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة لتعزيز مكانتها الدولية، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية وتنافس القوتين على النفوذ في الخليج، وفقا لما أورده تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ". وحسب التقرير ذاته، فإن المملكة تملك مقومات الموازنة بين واشنطن وبكين، بفضل ثقلها الاقتصادي ومواردها النفطية وسياستها الخارجية البراغماتية، بالإضافة إلى رؤية 2030 التي تركز على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات من الشرق والغرب على حد سواء، ما يجعل السعودية أبرز الرابحين من تنافس القوى الكبرى على نفوذ منطقة الخليج. خطة استراتيجية وفي هذا الإطار، يشير أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، آلان صفا، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية أخيرا، والتي تمتد على مدى عدة سنوات، تعتبر جزءا من خطة استراتيجية طويلة الأمد، لا يمكن تقييمها بمعايير قصيرة المدى، إذ إن هكذا التزامات ليست مجرد تعهدات لمرة واحدة، بل تدخل ضمن سياسة استثمارية مدروسة، تتوزع على عقد من الزمن، ما يتيح للسعودية فرصة تنفيذها بفعالية وبما يتوافق مع إمكاناتها المالية الكبيرة. ويرى صفا أن المملكة، باعتبارها أحد أكبر مصدري النفط في العالم، تمتلك القوة المالية اللازمة لتلبية متطلبات الشراكات مع الولايات المتحدة والصين معا، لافتا إلى أن الهدف من هذه الصفقات ليس تأمين احتياجات السوق المحلية فقط، بل دعم المشاريع التنموية الكبرى التي تعيد تشكيل مستقبل المملكة وفق رؤية 2030 أيضا. ويشير صفا إلى أن السؤال المركزي في هذا الإطار هو: ما هي التوجهات المستقبلية للسعودية، وما الذي تطمح إليه في ظل موقعها الجغرافي والاقتصادي؟ ويجيب بأن المملكة، بوصفها قوة نفطية محورية، تمتلك اليوم علاقات متينة مع الولايات المتحدة الأميركية، سواء عبر التعاون العسكري أو البنية التحتية أو الاستثمار المشترك، كما أنها شريك اقتصادي استراتيجي للصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، ما يعني أن السعودية اختارت نهجا متوازنا في التعامل مع القوى العظمى، وهو ما ساعد في تعزيز دورها لاعباً مركزياً في منطقة الشرق الأوسط. تعظيم المكاسب الاقتصادية تؤكد البيانات الرسمية وآراء الخبراء الغربيين أن السعودية تمارس توازنا مدروسا بين الصين والولايات المتحدة، مستفيدة من تنافسهما لتعظيم مكاسبها الاقتصادية، دون أن تغامر بعلاقتها الاستراتيجية مع أي طرف. ففي يوم 13 مايو/أيار الجاري تزامن بيانين، أميركي وسعودي، قدما تطبيقا عمليا للعبة التوازن التي تديرها الرياض، الأول صدر عن الإدارة الأميركية عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة، حيث وصف البيت الأبيض الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بأنها "تاريخية" وتمثل "حقبة ذهبية" في العلاقات بين البلدين، وذلك بعد إعلان اعتزام السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، تشمل صفقات دفاعية كبرى وتعاونا في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، البنية التحتية، والصناعات العسكرية. وعلى التوازي أصدرت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية بيانا عن إبرام 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع الصين بقيمة 3.7 مليارات دولار تشمل تصدير منتجات الألبان والاستزراع المائي إلى السوق الصينية، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا الزراعية، وتشييد مدينة ذكية للأمن الغذائي داخل المملكة، وذلك ضمن إطار رؤية السعودية 2030، والتكامل مع مبادرة الحزام والطريق الصينية. أسواق التحديثات الحية سابك السعودية تدرس طرح أسهمها في وحدة الغاز للاكتتاب العام وإزاء ذلك، يرى رئيس قسم الجغرافيا السياسية في مركز "Energy Aspects" ريتشارد برونز، أن استراتيجية التنويع السعودية لا تقتصر على الصين، بل تشمل استمرار الاستثمارات في الأسواق الأميركية والأوروبية، بهدف تأمين أسواق لصادرات النفط السعودي، مشددا على أن "بكين أصبحت أكبر زبون للنفط السعودي، إلا أن الرياض لا تزال ترى أن علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة أساسية"، وفقا لما أورده تقدير نشرته وكالة الأناضول في نسختها الإنكليزية. ونقل التقرير ذاته عن المتخصص في سوق النفط بالشرق الأوسط لدى شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" الاستشارية ومقرها لندن، بالاش جين، أن ضعف النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط - إلى جانب الوجود الصيني المتنامي - قد تكون له تداعيات استراتيجية طويلة المدى على المصالح الجيوسياسية الأميركية ونفوذها العالمي"، ولذا فإن زيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ليست "دبلوماسية رمزية" فحسب، بل حيوية أيضا من الناحية الاستراتيجية للمصالح الاقتصادية الأميركية، خاصة في مجال الطاقة". وفي الإطار ذاته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد وزميل المجلس الأطلسي، جوناثان فولتون، أن تعاظم الدور الصيني في الخليج يسلط الضوء على تراجع نسبي في القيادة الأميركية بالمنطقة، لكنه يشير إلى أن بكين لا تزال تواجه حدودا في قدرتها على منافسة واشنطن في الملفات الأمنية، إذ تبقى الأخيرة "الضامن الرئيسي للأمن في الخليج، فيما تركز الصين على النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي"، لذا فإن لعبة التوازن السعودية في علاقاتها الاقتصادية مع بكين وواشنطن تبقى قائمة.