
تريدانها هشَّة.. سوريا تدفع ثمن مخالفتها توقعات واشنطن وتل أبيب
فخلال الأيام الماضية، خرجت العديد من التسريبات الإسرائيلية والأميركية التي تحدثت عن اتفاق أمني محتمل بين دمشق وتل أبيب، ووصل الأمر إلى حد الحديث عن تطبيع العلاقات، وهو الأمر الذي لم يترجم إلى حقيقة على الأرض.
وبشكل مفاجئ، كثفت إسرائيل هجماتها على عدد من المناطق السورية وقصفت رئاسة أركان الجيش ومحيط القصر الرئاسي في دمشق، في عملية تستهدف هيبة الدولة الجديدة بالدرجة الأولى.
واستغلت إسرائيل المواجهات التي اندلعت بين القوات الحكومية والمجلس العسكري الذي يقوده حكمت الهجري في مدينة السويداء جنوبي البلاد، وقالت إن ضرباتها تستهدف حماية الدرزية.
لكن شيخ عقل الدروز يوسف جربوع قال إن هذا الاعتداء يمثل اعتداء على الدروز جميعا، مؤكدا أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع الحكومة اليوم الأربعاء يحظى بتأييد شعبي وروحي واسع.
محاولة خلق بلد هش
وما إن تم الإعلان عن اتفاق بين الحكومة والزعماء الروحيين بالسويداء، لوقف المواجهات، سارع وزراء إسرائيليون للحديث عن هواجس أمنية تحتم على إسرائيل التحرك عسكريا في سوريا.
هذا التحول الإسرائيلي لتبرير العدوان على سوريا من الحديث عن أخوة الدم مع الدروز إلى الحديث عن الهواجس الأمنية يؤكد نية تل أبيب في منع دمشق من بسط سيطرتها الأمنية على الجنوب السوري، كما يقول رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي.
لذلك، فإن ما تقوم به إسرائيل حاليا هو استكمال لنهج بدأته منذ سقوط نظام بشار الأسد قبل 7 أشهر، لجعل الدولة السورية الجديدة هشة وغير قادرة على النهوض.
ووفقا لما قاله الشوبكي لبرنامج "ما وراء الخبر"، فإن إسرائيل والولايات المتحدة تنفذان خطة محددة لتقويض سوريا الجديدة التي خالفت توقعاتهما فيما يتعلق بالتنازل عن الجولان المحتل والتطبيع ولعب دور جديد في المنطقة.
فقد ساومت إسرائيل خلال الشهور الماضية على بقاء النظام السوري الجديد عبر عدد من الضربات المحددة، لكنها اليوم تضرب أهدافا سيادية للقول إن على هذا النظام القبول بإقامة سوريا الجديدة وفق الرؤية الإسرائيلية.
وتحاول إسرائيل منع أي تواجد أمني وعسكري للحكومة الجديدة في الجنوب السوري، لكن المحلل السياسي عبد المنعم زين الدين يقول إن القبول بهذا الأمر ليس مطروحا على طاولة دمشق.
التخلي عن السويداء غير مطروح
كما أن حديث جربوع عن قبول الأغلبية الدرزية بالانضواء تحت لواء الدولة يفنّد أكاذيب إسرائيل التي يحاول قادتها تصدير أزماتهم الداخلية باتجاه سوريا، لأن ما جرى في السويداء لم يكن نزاعا طائفيا وإنما ملاحقة أمنية تقوم بها الدولة ضد بعض الملاحقين قانونيا، كما يقول زين الدين.
وعلى هذا الأساس، فإن تخلي الحكومة السورية عن السويداء "ليس خيارا مطروحا بعدما دفعه السوريون من دماء من أجل تحرير بلادهم وتوحيدها تحت راية واحدة".
وفي الوقت الراهن، يجب على الدول العربية والإقليمية ممارسة ضغوط حقيقية على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لوقف هذا التغول الإسرائيلي على حكومة دمشق، التي يقول زين الدين إنها "جاءت من رحم الشعب"، وإن عدم استقرارها سيمتد إلى كافة دول المنطقة.
دمشق بدورها أكدت حقها في الدفاع عن أراضيها، وطالبت مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تل أبيب من استهداف أراضيها بحجة حماية الدروز، ودعت لعقد جلسة طارئة لبحث هذا العدوان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 25 دقائق
- الجزيرة
نتنياهو: لن نقف متفرجين أمام ما يحدث لإخواننا في السويداء
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين تنياهو: إصابة عدد من جنودنا بسلاح الدروع في قطاع غزة. عازمون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة وإعادة جميع الرهائن. نعمل من أجل التوصل لصفقة لإطلاق سراح مختطفينا ولن نقبل من حماس أن تفرض شروط استسلام علينا. الحملة على إيران كانت الأنجح في تاريخ إسرائيل. لن نقف متفرجين أمام ما يحدث لإخواننا في السويداء. علينا أن ننزع السلاح في المنطقة الواقعة جنوب دمشق وأن نحمي الدروز.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
شبكات حملة رقمية تضامنا مع مجاعة غزة ونشطاء: الأفضل قرع طبول الحرب
أطلق عدد كبير من النشطاء العالميين حملة رقمية لتسليط الضوء على تفاقم المجاعة في قطاع غزة، بسبب سياسة التجويع التي تستخدمها إسرائيل سلاحا في حربها على الغزيين. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أنين الجوعى يجبر الصحافة الغربية على الالتفات لمأساة الإنسان في غزة
ظلت معظم مؤسسات الصحافة الغربية ولشهور طويلة لا تلقي بالا لجرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، في تعارض غريب مع ما تطرحه من مبادئ تتعلق بالدفاع عن المستضعفين والقيم الإنسانية والحريات وقيم العدل. لكن هذا الحال تغير مؤخرا لدى العديد من المؤسسات الصحفية، حتى تلك اليمينية التوجه التي كانت تتخذ مواقف يصفها مراقبون بالمتطرفة ضد كل ما هو فلسطيني. نلقي في التقرير التالي نظرة على بعض من هذه الصحف التي تناولت الشأن الفلسطيني أمس واليوم، وخاصة سياسة التجويع الممنهجة التي تتبعها إسرائيل ضد سكان القطاع المحاصر، وسط صمت عربي ودولي، لا يقل ألما من لسعات الجوع. ويبدو أن هذا التوجه الجديد والمتأخر جاء في أعقاب تكشّف المأساة في غزة، ووضوح ممارسات وأهداف ومرامي سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل في غزة، وهي سياسة وجدت مؤخرا نقدا لاذعا من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العالمية، وكذلك من العديد من الدول الغربية. ويوم الاثنين الماضي، صدر بيان عن الاتحاد الأوروبي و28 دولة غربية، بينها بريطانيا وفرنسا، دعا إسرائيل إلى إنهاء الحرب فورا. واستنكرت الدول، في البيان المشترك، ما وصفته "بالتدفق غير المنتظم للمساعدات" المقدمة للفلسطينيين في غزة، وقالت إنه من "المروع" مقتل أكثر من 800 مدني أثناء سعيهم للحصول على المساعدات. ونبدأ من صحيفة تلغراف البريطانية ذات التوجه اليميني، وذات الخط المعروف بمناهضة كل ما هو فلسطيني، والمدافعة دوما عن السردية الإسرائيلية، والمتماهية معها مهما كانت محتشدة بالأخطاء والروايات التي لا تستند على رجلين. جسدها يضعف يوما بعد يوم فقد أوردت الصحيفة في عددها الصادر اليوم تقريرا حمل عنوان: "جسدها يضعف يوما بعد يوم.. أطفال في غزة يتضورون جوعا حتى الموت". ويظهر التقرير لقطات مصورة لأطفال يعانون من حالات سوء تغذية حادة في أحد المرافق الطبية القليلة المتبقية في القطاع، على حد وصف تلغراف. وأوردت تلغراف التحذير الذي صدر أمس الأربعاء، عن أكثر من 100 من المنظمات الإغاثية والحقوقية العالمية والذي حذر من انتشار التجويع الجماعي في غزة. ومن بين الموقعين على البيان المذكور منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة أوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة. أما صحيفة تايمز البريطانية ذات التوجه المحافظ فقد نشرت خبرا بسيطا عن غزة، ليس في صفحتها الأولى وإنما في قسم الشرق الأوسط، وجاء الخبر المذكور بعنوان: "مجاعة جماعية" -هكذا وضعت بين فاصلتين- في غزة مع بدء مبعوث أميركي محادثات لوقف إطلاق النار. وجاء فيه أن منظمات إغاثة تصدر تحذيرات بينما تقول الأمم المتحدة إن أكثر من ألف فلسطيني قتلوا أثناء وقوفهم في طوابير للحصول على الطعام خلال الشهرين الماضيين. صحيفة إندبندنت البريطانية التي تُعرف بتوجهها السياسي الليبرالي التقدمي، وتميل إلى دعم قضايا مثل حقوق الإنسان، وحماية البيئة، والتعاون الأوروبي، وحرية التعبير، والتي غالبا ما تتبنى مواقف قريبة من الوسط واليسار، فقد أبرزت المزيد من الاهتمام بما يجري في غزة. ونشرت إندبندنت في صفحتها الأولى فيديو حمل عنوان: "الفلسطينيون الجائعون يقايضون الذهب مقابل الدقيق ويخاطرون بحياتهم للحصول على المساعدات مع تفاقم أزمة الغذاء في غزة". وجاء في التقرير الذي صاحب الفيديو أن الأطفال الرضع الذين كانوا مجرد جلد وعظام ماتوا لأن أمهاتهم كنّ جائعات للغاية ولم يستطعن إدرار الحليب لإطعامهم، وحتى الأشخاص الذين يحاولون الحصول على الطعام من مواقع الإغاثة يعرضون حياتهم للخطر. وفيما يخص الصحافة الأميركية فقد اضطرت صحيفة واشنطن تايمز إلى نشر خبر تحذير المنظمات الإنسانية، حيث جاء فيها بعنوان: "أكثر من 100 منظمة إغاثة تحذر من المجاعة في غزة بعد أن أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 29 شخصا، وفقًا للمسؤولين". وقد أصرت على حشر الرواية الإسرائيلية في تقريرها الذي خلا من أي صورة للأطفال المجوعين، حيث أوردت: "تقول إسرائيل إنها تسمح بدخول ما يكفي من المساعدات إلى غزة وتنتقد جهود وكالات الأمم المتحدة في إيصالها". ويشار إلى أن واشنطن تايمز تعرف بتوجهها السياسي المحافظ، وتميل إلى دعم السياسات والأفكار المرتبطة باليمين الأميركي، بما في ذلك الحزب الجمهوري والتيارات التقليدية والدينية. أما صحيفة "وول ستريت جورنال" فقد نشرت في قسمها الخاص بالشرق الأوسط -وليس الصفحة الأولى- تقريرا من مراسلها في تل أبيب بعنوان: "الأطفال يتضورون جوعا في غزة مع تفاقم أزمة الجوع". وجاء في التقرير الذي غابت عنه صور مأساة التجويع في غزة "تقول الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 10 أطفال لقوا حتفهم جوعا هذا الشهر؛ وسوء التغذية يتفاقم بسرعة". الموت تحت القنابل لم يعد يخيفنا أما الصحافة الناطقة بالفرنسية فقد تناولت "لوتان" السويسرية المأساة تحت عنوان: "الجوع يضرب بأطنابه في غزة" ونقلت الصحيفة ذات التوجه الليبرالي الوسطي صرخة مدوية من غزة على لسان الصحفية الفلسطينية فدوى الحورد. تقول الصحفية "إذا لم تستطيعوا إيقاف القنابل، فعلى الأقل أوقفوا الجوع.. يجب أن يكون هناك شخص ما قادر على التدخل.. الموت تحت القنابل لم يعد يخيفنا بعد الآن، لأنه سريع. لكن المفارقة (أن تموت من الجوع أن تشعر بأن جسدك يتلاشى شيئًا فشيئًا)، وفق ما جاء على لسان الدكتور فادي البرعي الطبيب الذي عمل جراحا في مستشفيي العودة والقدس الصغيرين، اللذين تم إخلاؤهما الآن بأمر من الجيش الإسرائيلي". أما لوفيغارو ورغم ما يعرف عنها من تماه مع الأفكار اليمينية المتطرفة وتأييد لإسرائيل فقد خصصت فقط أمس مدونة لما تشهده غزة من تجويع، اختارت لها عنوان: الحرب في غزة: نحو 100 منظمة غير حكومية تحذر من بداية "المجاعة الجماعية". وأوردت في المدونة ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة وما قالته وزارة الخارجية الفرنسية، فضلا عما ورد في بيان المنظمات غير الحكومية، حيث أدان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو "الوضع الرهيب" في قطاع غزة، في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي غاراته القاتلة. وخصصت لوموند الفرنسية وهي صحيفة تحاول أن تظل في الوسط، صدر صفحتها الرئيسية لمجاعة غزة، حيث عنونت افتتاحيتها قائلة: "الغضب على إبادة غزة لم يعد كافيا".. فإلى جانب العنف والمجاعة والعطش، فإن الحصار القديم الذي تفرضه إسرائيل على القطاع الفلسطيني يتطلب ردود فعل متناسبة مع المذبحة المستمرة، أي فرض عقوبات سياسية ودبلوماسية واقتصادية وثقافية على إسرائيل. غارديان.. تغطية مختلفة يذكر أن ثمة صحفا غربية عديدة تعطي اهتماما معقولا لما يجري في غزة من إبادة وتجويع متعمد، وتحاول أن تبرز مأساة الإنسان في هذه الرقعة الجغرافية الضيقة والمحرومة من كل ما يعين على الحياة. ويمكن أن نشير في هذا الخصوص إلى صحيفة "ذي غارديان" البريطانية التي خصصت لتغطية الإبادة في غزة مدونة حية، تبث فيها أخبار القطاع المنكوب لحظة بلحظة. وقد عنونت الصحيفة البريطانية التي تهتم بقضايا المساواة، وحقوق الإنسان، والهجرة، والعدالة مدونتها بالتالي: "الناس في غزة جثث تسير والأونروا تقول إن لديها 6000 شاحنة مساعدات جاهزة بانتظار السماح لها بدخول غزة". ولم تكتفِ غارديان بهذه التغطية المميزة، ولكنها خصصت افتتاحيتها أمس لغزة ومأساتها، وجاءت تحت عنوان: "سيتطلب الأمر أكثر من مجرد كلمات لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل". وجاء فيها أن "وراء هذه الوفيات الظاهرة يكمن رعب المجاعة المنظمة، فهي على حسب تعبير البروفيسور أليكس دي وال الخبير في الأزمات الإنسانية: مهندسة بدقة، وخاضعة للمراقبة الدقيقة، ومصممة بعناية". وخلصت الصحيفة إلى أن على دول العالم أن تتعاون لمواجهة التدمير الممنهج لحياة الفلسطينيين في غزة، ولتقديم رد منهجي وشامل وملموس وبشكل فوري، محذرة من أن السماح بتمزيق القانون الإنساني الدولي، ستطال تداعياته الكثيرين حول العالم في السنوات المقبلة.