logo
غارديان: ناجون من الحرب العالمية الثانية يتحدثون عن ذكرياتهم

غارديان: ناجون من الحرب العالمية الثانية يتحدثون عن ذكرياتهم

الجزيرة٠٨-٠٥-٢٠٢٥

في مثل هذا اليوم 8 مايو/أيار قبل ثمانين عاما، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا باستسلام القوات المسلحة الألمانية غير المشروط، وبمناسبة هذه الذكرى يستعيد بعض من عاصروها، بمن فيهم قدامى المحاربين من كلا الجانبين، ما حدث.
وفي هذا السياق، جمعت صحيفة غارديان شهادات سبعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 85 و100 عام، من إستونيا وبولندا وبريطانيا وألمانيا ورومانيا، يتحدثوا فيها عن ذكرياتهم، في وقت قل فيه عدد الشهود على هذه الفترة التاريخية المتباعدة.
هتافات وغناء ورقص
بدأت الصحيفة -في تقرير بقلم كيت كونولي كارولين ديفيز وماريس هيلراند- بشهادة دوروثيا بارون البالغة من العمر 100 عام، وقد انضمت إلى الخدمة البحرية الملكية النسائية في سن الثامنة عشرة عام 1943، وهي اليوم معلمة فنون متقاعدة، وجدة تدرس اليوغا وتعيش في هيرتفوردشاير بالمملكة المتحدة.
تقول هذه المعمرة التي كانت تعمل في إرسال إشارات بصرية إلى السفن القادمة إلى الميناء، إنها كانت تعيش تحت القصف في لندن، وتختبئ في الليل مع عائلتها في ملجأ حفروه في حديقتهم.
وعندما استسلمت ألمانيا، -كما تقول دوروثيا بارون- كانت الفرحة عارمة، وكانت في الشوارع هتافات وغناء ورقص وكل شيء، "لا أعتقد أن الناس يستطيعون تصور شعور الراحة إطلاقا، أخيرا أصبح بإمكانك إضاءة مصباح دون الحاجة إلى سحب الستائر".
إعلان
وتستعيد دوروثيا بارون بمرارة بعض الذكريات عن الأصدقاء الذين فقدتهم، والأطفال الذين نشأوا معها والذين قتلوا بالقصف جوا أو بحرا، وهي اليوم تدعم بحماس جمعية "تاكسي الخيرية لقدامى المحاربين" وقد أطلقت مؤخرا صندوق "أبطالنا" لجمع التبرعات لرحلات مستقبلية لقدامى المحاربين".
لم نعِش مثل هذا الخطر الذي نعيشه الآن
وتتذكر إرمغارد مولر (96 عاما)، وكانت إدارية تعمل لدى عمدة نورتهايم بألمانيا في مايو/أيار 1945، كيف تجاوزوا الحرب بسلام حتى الأيام الأخيرة عندما قصفت القوات الجوية البريطانية مدينتهم وقتل فيها 37 شخصا.
تقول هذه الإدارية إن طائرات البريطانيين "كانت تحلق على ارتفاع منخفض جدا، لدرجة أنني أقسم أنني استطعت رؤية وجوه الطيارين"، وتضيف "كانت من بين من لقوا حتفهم صديقتي في المدرسة. قتلت هي وإخوتها الأربعة ووالداها، وهرب نصف سكان نورتهايم إلى الغابة خوفا".
وتتذكر إرمغارد مولر أن الأميركيين وصلوا أولا ثم جاء البريطانيون، وبدأت المقايضة بالطعام لأن إمدادات التموين لم تكن كافية، ولكن أشياء كالسجاد والعطر كانت تقايض بخمس حبات بطاطس مثلا.
قتل والد إرمغارد مولر في روسيا عام 1944، ومات عمها في الحرب، تقول "أرى حجم الحرب الدائرة الآن. الحرب أسوأ ما في الوجود. ما يحدث الآن في أوكرانيا و الشرق الأوسط وكأننا لم نتعلم شيئا".
أتذكر الحصص الغذائية
أما نيك تريدويل (87 عاما) الذي عاش في هوف أثناء الحرب مع والدته وأخته وخالته فهو صاحب معرض فني في فيينا، يقول "أتذكر أنني كنت أنا وأمي نلجأ إلى الخزانة تحت الدرج في شقتنا خلال الغارات الجوية. اتخذ والدي قرارا ذكيا عندما اندلعت الحرب بنقلنا من المدينة لنكون أكثر أمانا".
أتذكر صوت القنابل وأتذكر نظام الحصص والأسلاك الشائكة التي كانت تمنعنا من الذهاب إلى الشاطئ، والجنود الأميركيين والكنديين الذين كانت أمي وأختها تسليانهم. كنا نحن الأطفال نتسكع في المكان الذي يقيمون فيه ونسألهم هل لديك أي علكة يا صديقي؟"
ويضيف "كنت في السابعة من عمري عندما عاد والدي، وهو قائد سفينة إنزال دبابات تنقل الجنود إلى عمليات إنزال يوم النصر. ذعر عندما أخبرته أنني أريد أن أصنع فساتين مثل والدتي، وبعد أيام قليلة من عيد ميلادي الثامن، أرسلني إلى مدرسة داخلية في بريستول، لأتعلم الملاكمة ولأكون رجلا، لذا كانت نهاية الحرب بالنسبة لي نهاية مفاجئة للحياة الجميلة التي عشتها".
رائحة الموت والدمار
ويتذكر الملازم الثاني جوزيف كفياتكوفسكي (98 عاما) الذي ولد في مدينة كانت جزءًا من بولندا وهي الآن في أوكرانيا، "رائحة الموت والدمار والأوساخ والقمل والقروح والكراهية وانعدام الثقة في تلك الأيام. الحرب أمر فظيع"، وقد كان من الجيش البولندي الأول الذي قاتل 180 ألفا من أعضائه إلى جانب الجيش الأحمر (جيش الاتحاد السوفيتي) وقوات الحلفاء في أبريل/نيسان ومايو/أيار عام 1945 لتحرير بولندا من الفاشية".
ويروي كفياتكوفسكي كيف كلف مع رفيقه تاديك سوكول بإصلاح أسلاك الهاتف، عندما انقض عليهما جندي ألماني ومعه آخر، ويقول "قطع الألماني الأول تاديك نصفين تقريبا بوابل من نيران بندقيته، فقتلته وأسرت الآخر".
وعندما انتهت الحرب، يتذكر الملازم القلق من الحرب الحالية في أوكرانيا، أنهم التقوا بالقوات الأميركية واحتفلوا معا، يقول "أتذكر صدمة الصمت العميق. لا انفجارات. لا صفير رصاص. لا ضجيج. هدوء فقط".
وختم هذا الضابط بأن حرب أوكرانيا الحالية تقلقه للغاية "إنه لفشل بشري أننا لم نتمكن من إيقاف المعتدي الروسي. لم نتعلم سوى القليل من الدروس من الحرب العالمية الثانية".
شظايا القنابل اليدوية تتطاير فوق سياجنا
كان عمر الإستونية آسا سارنيك (85 عاما) خمس سنوات عام 1945، وكانت القوات السوفيتية قد غزت دول البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا عام 1940، ولكن النازيين طردوها قبل أن تستعيدها مرة أخرى عام 1944 وتحتلها حتى انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات.
تقول آسا سارنيك "أتذكر المعارك الكبيرة التي دارت هنا في البحر. كانت السفن الألمانية في كل مكان، والطائرات الروسية تحلق فوق منزلنا وتبدأ في إطلاق النار عليها. كانت شظايا القنابل تتطاير فوق سياجنا".
وتتذكر هذه المسنة كيف احتجز الجيش الروسي أسرى الحرب الألمان عام 1945 في قريتها خلف سياج سميك من الأسلاك الشائكة، وتقول "صنعت أمي خبزا وذهبت لأحضر لهم بعض الخبز، رغم أنني كنت خائفة للغاية. أخشى ذلك هذه الأيام خاصة أنني أتابع الأحداث العالمية باستمرار. يعود إلينا شعور مماثل لما شعرنا به آنذاك".
قل نحو ثلث زملائي في الصف
أما الألماني هانز مونشبيرغ (95 عاما)، وهو مؤلف وكاتب سيناريو تلفزيوني، فقد أرسل إلى مدرسة داخلية عسكرية في بوتسدام في سن العاشرة، وبعدها بخمس سنوات جند في قوات الأمن الخاصة، وكلف بالمساعدة في الدفاع أثناء معركة برلين عام 1945.
يقول هذا الطالب "في أبريل/نيسان 1945 دمرت مدرستنا، فطلب منا ارتداء زينا العسكري وحمل أسلحتنا، وبدلا من أن نؤخذ إلى بر الأمان وضعنا تحت قيادة قوات الأمن الخاصة، وانطلقنا مباشرة إلى ساحة المعركة، مؤمنين إيمانا راسخا بأننا نقدم مساهمة بالغة الأهمية في الكفاح دفاعا عن شرف (المستشار أدولف) هتلر وألمانيا النازية.
"قتل في المعركة حوالي ثلث زملائي في الصف، وكانوا 31. أعتقد أنني الناجي الوحيد الآن. أحد أصدقائي أُطلق عليه الرصاص وهو بجانبي مباشرة. لا تزال لديّ حقيبة جلدية ملطخة بدمائي عندما أُصبت".
لم تكن هناك احتفالات في شوارع بوخارست
كان فيكتور بيتيغوي في الثامنة عشرة من عمره ويدرس الهندسة الميكانيكية في بوخارست عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، بعد أن أُجبرت عائلته على مغادرة مولدوفا عند اندلاع الحرب، وهو اليوم في الثامنة والتسعين من عمره، لا يزال يعمل صحفيا، وينشر بانتظام مقالات عن السياسة الرومانية.
يقول هذا الصحفي "لم تؤثر الحرب علينا كثيرا قبل عام 1944، عندما بدأت القاذفات البريطانية الأميركية بمهاجمة رومانيا. وعندما استولى الاتحاد السوفيتي على رومانيا في أغسطس/آب 1944 لم يكن ذلك يوما بائسا، ولكن عام 1946 كان أشد الفترات قسوة بسبب المجاعة".
"لم تكن هناك احتفالات في شوارع بوخارست بعد انتهاء الحرب. لم يكن انتحار هتلر حدثا عابرا. شعرت بالراحة لأن ملكنا مايكل (23 عاما) وقتها، وقف في وجه الألمان وقاد انتفاضة ضدهم، بينما فر جميع القادة الآخرين. كنا نأمل أن يفعل الشيء نفسه مع الروس، لكن ذلك لم يحدث".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"لا لقصف الأطفال".. مغنٍ كندي يتضامن مع غزة خلال حفل في دبلن
"لا لقصف الأطفال".. مغنٍ كندي يتضامن مع غزة خلال حفل في دبلن

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

"لا لقصف الأطفال".. مغنٍ كندي يتضامن مع غزة خلال حفل في دبلن

استغل المغني وكاتب الأغاني الكندي الشهير برايان آدامز حفله الموسيقي في العاصمة الأيرلندية دبلن يوم الأربعاء 22 مايو/أيار 2024، للتعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، وتسليط الضوء على ما يتعرض له من معاناة متواصلة في قطاع غزة. وتداولت حسابات مؤيدة للقضية الفلسطينية على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر آدامز وهو يخاطب الجمهور: "لا لقصف الأطفال في غزة"، وهو تصريح لقي تفاعلاً كبيرًا من الحاضرين الذين استقبلوه بتصفيق حار. وفي السياق ذاته، أعلن آدامز عزمه على أداء أغنيته "ابن الأرض" (Native Son)، مشيرا إلى أن كلماتها تعكس الواقع المعيش حاليًا، حيث يُنتزع الناس من أراضيهم، في إشارة ضمنية إلى ممارسات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. مواقف داعمة سابقة ولبرايان آدامز مواقف سابقة داعمة للسلام، ففي عام 2014، وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وصف آدامز ما يحدث بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، منتقدا الحصار المفروض على القطاع، ومشيرا إلى أنه أدى إلى حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة. وأكد حينها، أنه لا يعادي أحدًا على أساس ديني، بل يدعم قيم "الحرية والعدالة". إعلان أما في عام 2023، فأصدر أغنية بعنوان "ماذا لو لم تكن هناك أي أطراف على الإطلاق" (What If There Were No Sides At All)، دعا فيها إلى إنهاء الصراعات المسلحة، مشددا على ضرورة التفاوض والحوار كسبيل لتحقيق السلام العالمي. وأوضح في تصريحات صحفية، أن الأغنية مستوحاة من الأزمات والنزاعات التي يشهدها العالم، ودعا الحكومات إلى تغليب صوت العقل على لغة السلاح.

وجه آخر لأيقونة الرومانسية ديلون: أسلحة وعنف وكسر لأضلاع زوجته
وجه آخر لأيقونة الرومانسية ديلون: أسلحة وعنف وكسر لأضلاع زوجته

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

وجه آخر لأيقونة الرومانسية ديلون: أسلحة وعنف وكسر لأضلاع زوجته

ألان ديلون أيقونة من أيقونات السينما الفرنسية والعالمية فقط، بل كان أيضا رمزا للرومانسية الحالمة، وهو النجم السينمائي الوسيم الأنيق، معشوق النساء عبر العالم، الذي بلغت شهرته الآفاق. لكن كتابا جديدا صدر في فرنسا -الخميس- قلب هذه الصورة الحالمة رأسا على عقب، وأظهر وجها آخر لديلون الذي توفي في 18 أغسطس/آب عن عمر يناهز 88 عاما. الكتاب بعنوان "الأيام الأخيرة للساموراي" (Les Derniers jours du Samouraï) من منشورات روبرت لافون، وهو من تأليف الصحفيين لورانس بيو وفرانسوا فينيول، وتضمن شهادات مثيرة للعديد من أبناء وأقارب ألان ديلون، وبعض موظفيه وجيرانه وأصدقائه، وذلك إلى جانب رجال شرطة وممثلين، حيث كشف الكتاب الغطاء عن أسرار مثيرة. كسر أضلاع ونقلت صحيفة لوباريزيان الفرنسية عن كل من أنتوني وألان فابيان -نجلا النجم السينمائي الراحل- تفاصيل مثيرة عن عنف والدهما. وذكرت أن أحد أبناء ديلون كشف أن والدته روزالي فان بريمن -الزوجة السابقة لديلون- عانت من عنف والده كثيرا، وقال "لقد كاد أبي يهشم رأس أمي، وكسر أنفها مرتين، وكسر أضلاعها.. لقد كسر 8 أضلاع". كما أكد ألان فابيان أن النجم ديلون كان عنيفا جدا مع هيرومي رولان، رفيقته اليابانية التي تعتبر آخر شريكة له، وصرح أنه لا يمكنه حصر عدد المرات التي ضرب فيها أبوه هيرومي. 72 قطعة سلاح وهو ما أكدته للصحيفة صديقة لهيرومي التي قالت إنها رأتها مرات عدة وآثار الكدمات تعلو محيّاها، وفي مرة أخرى كانت علامات أصابع واضحة على وجهها، وتابعت أن ديلون حاول قتل صديقتها مرتين. وصرحت هيرومي للشرطة لاحقا أن النجم الفرنسي الراحل خنقها ذات مرة، ووضع مسدسه خلف رأسها وقال لها "سأقتلك". وقالت هيرومي إنها تعرضت للطرد من بيت ديلون وأكدت أن أبناءه أحرقوا كل أغراضها. وحسب لوباريزيان، فقد قامت الشرطة بعملية تفتيش واسعة لمنزل ديلون في فبراير/شباط 2024، وصادرت 72 قطعة سلاح، و3 آلاف رصاصة، حيزت بشكل غير قانوني. وكشف الكتاب أن ديلون كان يحتفظ بمسدس محشو في سريره. ونقلت الصحيفة عن هيرومي قولها إنها اضطرت لأن تنام في غرفة منفصلة منذ أن انطلقت رصاصة بالخطأ من المسدس واخترقت وسادتها قبل أن تستقر في الحائط. وتحدث الكتاب عن ثروة ديلون التي قدرت بنحو 57 مليون دولار، وهو مبلغ أقل من التقديرات الصحفية التي تحدثت عن ثروة تتراوح ما بين 170 مليون دولار و397 مليون دولار، كما أورد تفاصيل عن الخلافات بين الأبناء حول اقتسام الثروة التي سيذهب نصيب كبير منها لمصلحة الضرائب. ونقلت لوباريزيان عن الصحفية لورانس بيو قولها: "لقد كانت تراجيديا يونانية" حدثت في منزل ألان ديلون، وأضافت: "إنها قصة رجل يدفع، في نهاية حياته، ثمن أسراره، وغموضه، وظلمه لأطفاله". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد نعى ديلون وقال في منشور عبر منصة إكس -تويتر سابقا- وقتها قائلا: "ألان ديلون أدى أدوارا أسطورية، وجعل العالم يحلم. لقد منح وجهه الذي لا يُنسى ليقلب حياتنا رأسا على عقب". وتابع ماكرون "كان أكثر من مجرد نجم: كان بمثابة نصب تذكاري فرنسي". وتصدر ديلون عناوين الأخبار صيف 2023 عندما رفع أبناؤه الثلاثة دعوى ضد رفيقته هيرومي رولان، متّهمين إياها بـ"استغلال ضعف" والدهم. وقد رُدت الشكاوى وأُغلق الملف. ثم خاض أولاده سنة 2024 معارك فيما بينهم عبر الإعلام والقضاء. واتهم الابنان أختهما بالتلاعب بوالدهما الذي كان يعاني سرطان الغدد الليمفاوية وأصيب بجلطة دماغية عام 2019، وإخفاء حقيقة وضعه الصحي عنهما.

رغم الخسارة في "يوروفيجن".. الرأي العام الإسباني منصب على مقاطعة إسرائيل
رغم الخسارة في "يوروفيجن".. الرأي العام الإسباني منصب على مقاطعة إسرائيل

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

رغم الخسارة في "يوروفيجن".. الرأي العام الإسباني منصب على مقاطعة إسرائيل

مدريد- جاء إعلان فوز المغني النمساوي جاي جاي بأغنيته "حب مهدور" بالمركز الأول في مسابقة "يوروفيجن" الأوروبية الغنائية، متفوقا على المغنية الإسرائيلية يوفال رافائيل التي حلت أغنيتها "يوم جديد سيشرق" في المركز الثاني، ليشكّل لحظة صعبة بالنسبة للجمهور الإسباني. ولم تكن النتيجة النهائية للمسابقة في نسختها الـ 69 أمرا يمكن تجاوزه بالنسبة للإسبان؛ فرغم أن المسابقة انتهت مساء السبت الماضي، فإن صدى النتيجة النهائية لا يزال حاضرا بقوة في الرأي العام الإسباني ومواقع التواصل الاجتماعي. ويرى الإسبان أن الأمر لا يرتبط بالنتيجة بقدر ارتباطه بنظام تصويت الجمهور الذين يشككون بعدالته ويرون أنه سمح لإسرائيل أن تتقدم إلى هذا المستوى. فرغم أدائها المميز في المسابقة، صدم الجمهور الإسباني بحصول ممثلة بلاده المغنية ميلودي بأغنيتها "تلك النجمة المشهورة" على المركز 24 من أصل 26 بلدا مشاركا، حيث حصلت على 27 نقطة من لجنة التحكيم و10 نقاط فقط من تصويت الجمهور، أي بمجموع 37 نقطة. لكن احتجاج الجمهور الإسباني لم يكن على نتيجة بلادهم فحسب، بل عند مقارنة تلك النتيجة بما حصلت عليه الإسرائيلية رافائيل، التي حققت المركز الأول في تصويت الجمهور بواقع 297 نقطة، بينما حصلت على 60 نقطة فقط من لجنة التحكيم، وهو ما وضعها في المركز الثاني في النتيجة النهائية بمجموع 357 نقطة. "الصمت ليس خيارا" ترى شريحة واسعة من الإسبان أن ما جرى في المسابقة لا يمكن فصله عن الجدل الذي أثير مسبقا حول مشاركة إسرائيل رغم ما تقوم به من إبادة جماعية في حربها على قطاع غزة ، وتعزز ذلك بتعليق التلفزيون الرسمي الإسباني خلال استعراض مشاركات الدول، حيث ذكر أن إسرائيل تسببت حتى الآن بمقتل ما يزيد عن 50 ألف إنسان، بالتزامن مع الحديث عن المغنية الإسرائيلية. ورغم تهديد اتحاد البث الأوروبي المشرف على تنظيم المسابقة بفرض غرامة مالية على التلفزيون الإسباني في حال تكراره الحديث عن غزة أثناء عرض المسابقة، عرضت القناة الرسمية الإسبانية بيانا مقتضبا باللغتين الإسبانية والإنجليزية قبل بدء البث الرسمي للحفل النهائي، جاء فيه "عندما تكون حقوق الإنسان على المحك، الصمت ليس خيارًا. السلام والعدالة لفلسطين". بدورها اعتبرت الصحفية أولغا رودريغز المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط، في حديثها للجزيرة نت أن موقف التلفزيون الرسمي "مقدّر، وضروري، ومرحب به، لكن كان من الممكن فعل أكثر من ذلك بكثير"، مؤكدة أن هذا يمثل الحد الأدنى. وذكرت رودريغز أن هذه هي السنة الثانية على التوالي التي تقرر فيها إسبانيا المشاركة في المسابقة "دون أن تربط مشاركتها بأي شرط، كطرد إسرائيل، أو بوقف إطلاق النار في غزة، أو بدخول المساعدات الإنسانية، أو بإنهاء الحصار"، معتبرة أن الرد المناسب على ما يجري من إبادة جماعية يقتضي أن تكون هناك مقاطعة شاملة لإسرائيل من إسبانيا وأوروبا، وأن ينجحوا بطردها من المسابقة. بالمقابل، كان وصف "المعايير المزدوجة" هو ما ذكره رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في تعليقه على ما جرى في المسابقة، مؤكدا أن "التزام إسبانيا بالقانون الدولي وبحقوق الإنسان يجب أن يكون متواصلا، وهو ما يجب أن ينطبق على أوروبا أيضا". وذكر سانشيز في حديثه "لم يصدم أحد عندما تم استبعاد روسيا قبل 3 سنوات من المشاركة في المسابقات الدولية، مثل مسابقة يوروفيجن التي كنا نشاهدها في عطلة نهاية الأسبوع هذا، وهو ما يجب أن يحصل أيضا مع إسرائيل، لأنه لا ينبغي لنا السماح بالمعايير المزدوجة حتى في المناسبات الثقافية". وختم حديثه بالقول "ومن هنا وفي كل الأحوال، نوجه تحية تضامن مع الشعب الأوكراني والفلسطيني، الذين لا يزالون يعانون من عبثية الحرب والقصف". الحد الأدنى ورغم النتيجة المحبِطة التي حصلت عليها إسبانيا، فإن سهام النقد الشعبي لم تتجه إلى أداء ممثلة بلادهم الذي اعتبروه مميزا، بل ازداد الحديث في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي عن رفض "تطبيع مشاركة إسرائيل في المسابقة"، مطالبين بإقصائها من المسابقة. وتؤكد الصحفية أولغا رودريغز المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط أن حدثا مثل "يوروفيجن" يعد مهما لإسرائيل، التي تركز على تعزيز مستوى الدعاية الضخمة والعناية الفائقة بصورتها العامة، ولا تستبعد رودريغز أن يكون قد تم ضخ الكثير من الأموال من قبل داعمين إسرائيليين والعمل بأسلوب منهجي لتحفيز الناس على التصويت بشكل أكبر، وللحصول على هذه النتيجة. وتصف رودريغز مسابقة "يوروفيجن" لهذا العام أنها كانت بمثابة "مرآة انعكست فيها صورة أوروبا بشكل واضح، ودفعت بعض الأشخاص ومنهم أفراد داخل بعض الحكومات لرؤية أنفسهم فيها للمرة الأولى". وتضيف في حديثها للجزيرة نت أن ما جرى كان "أمرا فاضحا ومحزنا للغاية، لأنه في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تواصل قتل المدنيين والأطفال في غزة، كانت ممثلة إسرائيلية تغني على مسرح يوروفيجن، تحت رعاية اتحاد البث الأوروبي"، مذكّرة أن هذا يتم للسنة الثانية على التوالي، بعد مرور 19 شهراً على بدء الإبادة الجماعية في غزة، وبعد عقود من الاحتلال غير القانوني، والفصل العنصري، والتهجير القسري، ومجازر سابقة كثيرة. وفي مقارنتها بين الوضع في أوروبا بشكل عام وخصوصية إسبانيا، تذكر رودريغز أن "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل جرى التطبيع معها، إلى حد أن هناك الكثير من الناس في أوروبا يدافعون -بشكل ملطّف- عما يسمونه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". لكنها في المقابل تعتبر أن "الشعب الإسباني من أكثر شعوب الدول الأوروبية تفهّما لأهمية الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، وإدانة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، والاحتلال غير الشرعي الذي تفرضه". وتعزو ذلك لتاريخ إسبانيا الخاص، ووجود جالية فلسطينية كبيرة فيها، ولكونها دولة متوسطية، ولأنها تشترك مع العالم العربي في الثقافة، ولأن هناك منظمات اجتماعية كثيرة عملت لسنوات طويلة على التوعية بقضايا حقوق الإنسان وشرح القضية الفلسطينية بكل أبعادها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store