
عبير الكتب: مناظرة الجابري
كتاب «حوار المشرق والمغرب» كان حكايةً كبيرةً في مطلع التسعينات الماضية، بين مُفكّر مصري «مشرقي» شهير، وآخر «مغربي» كبير، أصله مقالات بين الرجلين على صفحات مجلّة «اليوم السابع» الباريسية.
الحوار أو المناظرة «الرصينة» بين الأستاذين: حسن حنفي ومحمد عابد الجابري، مرّت على أهمّ المسائل التي تشغل - وما زالت - الفضاء العربي بصفة خاصة، حول: العلمانية والأصولية، الحداثة والجمود، الدولة الوطنية، النهضة الحضارية، وغير ذلك من المسائل التي تطوف حول هذا الحِمى.
كانت المناظرة حينها حدَثاً معرفياً مهمّاً، باغت أوساط الأنتلجنسيا، لأنه لم يكن حقيقة متوقَّعاً في خضمِّ أدبيات متوارثة ترسَّخت مع مرور الأجيال، كما وصفها أحد النُقّاد.
كان من المسائل المثيرة التي اختلف حولها حنفي والجابري، رصد شرارة النهضة العربية وانطلاق اللحظة التغييرية، عند حنفي كانت الحملة الفرنسية على مصر من طرف نابليون بونابرت، وعند الجابري - وهنا الجديد - كانت الانطلاقة الكبرى من قلب جزيرة العرب، في نفس زمن حملة نابليون، تقريباً، أي الدولة السعودية الأولى وثورتها الإصلاحية!
كثيرة هي قضايا الكتاب، منها تأكيد الجابري أنّه بعد معركة صِفِّين ظهرت نظريات حول كيفية تدبير الحكم في الإسلام، وأنه بعد مرحلة الخلفاء الراشدين، القصيرة، ظهر التباين بين طبقة: العلماء والأمراء، وانفصل الجنود عن الرعيّة، وتلك - حسب الجابري - بداية انفراج الزاوية الهندسية في الخطّ التاريخي الحضاري الإسلامي، حتى اليوم.
حسب قراءة الناقد سعيد بوخليط، فإنه حين رفضت الحركات الإسلامية العلمانية، وأكَّدت تمسُّكها المطلق بالإسلام الذي يربط بين الدين والدنيا، كان السؤال الملحّ: «كيف يمكن تحقيق أهداف الفريق العلماني، ما تصبو إليه مجتمعاتنا من حرية وتقدم، وفي الوقت نفسه كيف نستطيع أن نحقق مطالب الفريق الثاني، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، منعاً للازدواجية بين الدنيا والدين، بين العمل والإيمان، بين الشريعة والعقيدة؟».
طبقاً لهذه القراءة، فقد أقرَّ الجابري في مطلع ردِّه بأنَّ العلمانية من المفاهيم التي تبعث كثيراً من الالتباس داخل الفكر العربي المعاصر، حيث تجلَّت الدعوة إلى العلمانية، للمرة الأولى في لبنان، منتصف القرن التاسع عشر قصد الاستقلال عن الخلافة العثمانية، واحترام حقوق الأقليات. مكمن الالتباس المرتبط بالعلمانية، في العالم العربي، الالتجاء غالباً إلى هذا المفهوم، بغية المطالبة بالديمقراطية، وكذا الممارسة العقلانية السياسية.
كيف اقتسمت النُخب العربية اتجاهات الرأي العربي؟
يُلخصّ بوخليط الأمر مع الجابري في أنه قد سادت فكرة الوحدة الشام أكثر من مصر، التي تعالت داخلها أصوات تدعو إلى الارتباط بالتاريخ الفرعوني، بينما نزع تيار ثان نحو أوروبا والغرب، ثم بقي تيار ثالث عربياً إسلامياً: «ويمكن القول، بصورة إجمالية، أن مصر لم تنخرط في التفكير في (الوحدة العربية) انخراطاً عملياً، وبقدر حجمها، إلا مع ثورة يوليو (تموز) 1952، وبالخصوص بعد العدوان الثلاثي عليها سنة 1956».
يكفي للتعرّف على صعوبة تطبيق المفاهيم، بمسطرة واحدة، على كل التجارب العربية المبكّرة، مثلاً مفهوم الوطنية، فهو عند المغاربة الذين عانوا من الاستعمارات الفرنسية الإسبانية الإيطالية يأتي مختلفاً عن الجدل المشرقي: لأنَّ: «الإسلام هو الوطنية، والوطنية هي الإسلام».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
عبير الكتب: مناظرة الجابري
كتاب «حوار المشرق والمغرب» كان حكايةً كبيرةً في مطلع التسعينات الماضية، بين مُفكّر مصري «مشرقي» شهير، وآخر «مغربي» كبير، أصله مقالات بين الرجلين على صفحات مجلّة «اليوم السابع» الباريسية. الحوار أو المناظرة «الرصينة» بين الأستاذين: حسن حنفي ومحمد عابد الجابري، مرّت على أهمّ المسائل التي تشغل - وما زالت - الفضاء العربي بصفة خاصة، حول: العلمانية والأصولية، الحداثة والجمود، الدولة الوطنية، النهضة الحضارية، وغير ذلك من المسائل التي تطوف حول هذا الحِمى. كانت المناظرة حينها حدَثاً معرفياً مهمّاً، باغت أوساط الأنتلجنسيا، لأنه لم يكن حقيقة متوقَّعاً في خضمِّ أدبيات متوارثة ترسَّخت مع مرور الأجيال، كما وصفها أحد النُقّاد. كان من المسائل المثيرة التي اختلف حولها حنفي والجابري، رصد شرارة النهضة العربية وانطلاق اللحظة التغييرية، عند حنفي كانت الحملة الفرنسية على مصر من طرف نابليون بونابرت، وعند الجابري - وهنا الجديد - كانت الانطلاقة الكبرى من قلب جزيرة العرب، في نفس زمن حملة نابليون، تقريباً، أي الدولة السعودية الأولى وثورتها الإصلاحية! كثيرة هي قضايا الكتاب، منها تأكيد الجابري أنّه بعد معركة صِفِّين ظهرت نظريات حول كيفية تدبير الحكم في الإسلام، وأنه بعد مرحلة الخلفاء الراشدين، القصيرة، ظهر التباين بين طبقة: العلماء والأمراء، وانفصل الجنود عن الرعيّة، وتلك - حسب الجابري - بداية انفراج الزاوية الهندسية في الخطّ التاريخي الحضاري الإسلامي، حتى اليوم. حسب قراءة الناقد سعيد بوخليط، فإنه حين رفضت الحركات الإسلامية العلمانية، وأكَّدت تمسُّكها المطلق بالإسلام الذي يربط بين الدين والدنيا، كان السؤال الملحّ: «كيف يمكن تحقيق أهداف الفريق العلماني، ما تصبو إليه مجتمعاتنا من حرية وتقدم، وفي الوقت نفسه كيف نستطيع أن نحقق مطالب الفريق الثاني، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، منعاً للازدواجية بين الدنيا والدين، بين العمل والإيمان، بين الشريعة والعقيدة؟». طبقاً لهذه القراءة، فقد أقرَّ الجابري في مطلع ردِّه بأنَّ العلمانية من المفاهيم التي تبعث كثيراً من الالتباس داخل الفكر العربي المعاصر، حيث تجلَّت الدعوة إلى العلمانية، للمرة الأولى في لبنان، منتصف القرن التاسع عشر قصد الاستقلال عن الخلافة العثمانية، واحترام حقوق الأقليات. مكمن الالتباس المرتبط بالعلمانية، في العالم العربي، الالتجاء غالباً إلى هذا المفهوم، بغية المطالبة بالديمقراطية، وكذا الممارسة العقلانية السياسية. كيف اقتسمت النُخب العربية اتجاهات الرأي العربي؟ يُلخصّ بوخليط الأمر مع الجابري في أنه قد سادت فكرة الوحدة الشام أكثر من مصر، التي تعالت داخلها أصوات تدعو إلى الارتباط بالتاريخ الفرعوني، بينما نزع تيار ثان نحو أوروبا والغرب، ثم بقي تيار ثالث عربياً إسلامياً: «ويمكن القول، بصورة إجمالية، أن مصر لم تنخرط في التفكير في (الوحدة العربية) انخراطاً عملياً، وبقدر حجمها، إلا مع ثورة يوليو (تموز) 1952، وبالخصوص بعد العدوان الثلاثي عليها سنة 1956». يكفي للتعرّف على صعوبة تطبيق المفاهيم، بمسطرة واحدة، على كل التجارب العربية المبكّرة، مثلاً مفهوم الوطنية، فهو عند المغاربة الذين عانوا من الاستعمارات الفرنسية الإسبانية الإيطالية يأتي مختلفاً عن الجدل المشرقي: لأنَّ: «الإسلام هو الوطنية، والوطنية هي الإسلام».


حضرموت نت
٠٥-٠٣-٢٠٢٥
- حضرموت نت
أسماء 8 من كبار قادة الحوثيين طالتهم عقوبات أمريكية جديدة.. تعرف عليهم والدور الذي يقومون به
أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء فرض عقوبات جديدة مرتبطة بحركة الحوثي، شملت قادة كبار في الجماعة المتحالفة مع إيران. وقالت الوزارة على موقعها الرسمي إن العقوبات طالت سبعة قادة متهمين باستيراد أسلحة بشكل غير قانوني، إضافة إلى عضو آخر متهم بإرسال مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية. والقادة المشمولون بالعقوبات هم كل من: -محمد عبد السلام: هو المتحدث باسم جماعة الحوثي ويقيم في سلطنة عمان. وفقا لوزارة الخزانة فقد لعب عبد السلام دورا رئيسيا في إدارة شبكة التمويل الداخلية والخارجية للحوثيين، كما سهل جهود الجماعة للحصول على الأسلحة والدعم من روسيا. وكجزء من هذه الجهود، سافر عبد السلام إلى موسكو للقاء موظفين من وزارة الخارجية الروسية، ونسق مع العسكريين الروس لتنظيم زيارات وفود حوثية إلى روسيا. -إسحاق عبد الملك عبد الله المرواني: عضو رفيع المستوى في جماعة لحوثي ومساعد لعبد السلام. شارك المرواني في لقاءات أجرتها وفود حوثية رفيعة المستوى لإجراء مناقشات في وزارة الخارجية الروسية في موسكو وكذلك نسق مع أعضاء آخرين لتعزيز مصالح الحوثيين على الصعيد الدولي. -مهدي محمد حسين المشاط: رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، حيث عمل على زيادة التعاون بين الحوثيين والحكومة الروسية، بما في ذلك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. -محمد علي الحوثي: هو عضو في المجلس السياسي الأعلى في جماعة الحوثيين ورئيس سابق للجنة الثورية العليا في المجموعة. بحسب وزارة الخزانة فقد تواصل الرجل مع مسؤولين من روسيا والصين لضمان عدم استهداف الحوثيين للسفن الروسية أو الصينية المارة عبر البحر الأحمر وتوفير المرور لها. كما خطط مع أعضاء آخرين في الجماعة للسفر لموسكو لمناقشة الدعم الروسي للحوثيين. -علي محمد محسن صالح الهادي: رئيس غرفة تجارة صنعاء التابعة للحوثيين منذ مايو 2023. بعد تعيينه في هذا المنصب، أصبح الهادي ممولا رئيسيا لشراء الأسلحة للحوثيين، حيث استخدم موقعه في الغرفة والشركة الوهمية لتمويل وإخفاء عمليات شراء المعدات العسكرية نيابة عن الحوثيين. وكجزء من هذه الجهود، سافر إلى روسيا لتأمين معدات دفاعية للحوثيين واستثمارات في الصناعات التي يسيطر عليها الحوثيون. -عبد الملك عبدالله محمد العجري: شارك في عضوية وفود حوثية سياسية وعسكرية بارزة زارت وسكو، حيث مثل مصالح الحوثيين في اجتماعات مع كبار المسؤولين الروس، وكذلك مع الصين. أصدر العجري بيانات رسمية نيابة عن الحوثيين تصف جهود الجماعة لمكافحة الضغط الاقتصادي الدولي ضد المؤسسات المصرفية المتحالفة مع الحوثيين في اليمن. -خالد حسين صالح جابر: سافر مع وفود حوثية إلى روسيا، حيث شارك في اجتماعات مع مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية. لدى جابر علاقة وثيقة مع المسؤول المالي للحوثيين سعيد الجمل من خلال تنسيق أنشطة غير مشروعة وعمليات تمويل للحوثيين تقوم بها شبكة تابعة للجمل. -عبد الولي عبده حسن الجابري: ساهم في تجنيد يمنيين للقتال لصالح روسيا في أوكرانيا حيث سهلت شركته المعروفة باسم 'الجابري' في نقل مدنيين يمنيين إلى وحدات عسكرية روسية تقاتل في أوكرانيا مقابل المال. وتأتي هذه العقوبات غداة إعلان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة صنفت رسميا المتمردين الحوثيين في اليمن 'منظمة إرهابية أجنبية'، وذلك بعد أسابيع من توقيع الرئيس دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بهذا الشأن. ومنذ نوفمبر 2023، يشن الحوثيون الذين يسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي اليمنية، بما فيها العاصمة صنعاء، هجمات قبالة سواحل اليمن ضد سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، ولكن أيضا بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وتسببت الهجمات في تعطيل حركة الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي منطقة بحرية حيوية للتجارة العالمية، ما دفع الولايات المتحدة إلى نشر تحالف بحري متعدد الجنسيات وضرب أهداف للمتمردين في اليمن، أحيانا بمساعدة المملكة المتحدة.


الرياض
٠٩-٠١-٢٠٢٥
- الرياض
العقل والتاريخ في الفكر العربي المعاصر
في كتابه «جدلية العقل والمدينة» يبرز محمد المصباحي ستة مفكرين (الجابري، أركون، العروي، مروة، الحبابي، نصّار)، يشتركون في دعوتين: العقل (العقلانية)، التاريخ (التاريخانية)، ويختلفون في طرائق إعمالها. للعقل في صلته بالتحقيب التاريخي: عقل تراثي، وعقل حداثي، وعقل ما بعد حداثي. فتحرير هذه العقول عندهم -أو بعضهم- تحرير للتراثي من اللاعقلانية واللاتاريخية، والحداثي من التمركز حول العقلانية والعرقية والانحرافات المعرفية والثقافية، وما بعد الحداثي (ما بعد التنويري) تحرر من العدمية. وبعد التحرير التحديث العقلي والتاريخي، فتحديث العقل إستراتيجية للوصول إلى الذات، بعد العقل وسيلة الوصول إلى الحق. وتحديث التاريخ يؤدي لإعادة كتابة التاريخ، فالتاريخانية تقيّم الاتصال والانفصال مع العقول الثلاثة. ومن ثمّ فالمنتظر: تخليص العقل من ادعاءات الوحدة والثبات والتعالي، وتحويل العقل إلى متعدد تاريخي منفتح على الخيال والعاطفة والدين. وهذا ينتج إرادة بناء العقل، فأكثر المفكرين -خلا العروي- تبنّوا عقلانية مركبة من تنوير: العقل العربي الإسلامي، والحداثي، وما بعد الحداثي، وهذه النتيجة تنتج أيضاً تاريخاً فعّالاً، أي تاريخ فعل وانفعال، لكن هذه الفعالية فُهمت بالقطيعة مع العقل التراثي دون العقل الحداثي، للانخراط في الحداثة كما عند العروي، أما الجابري وأركون ونصّار، فنزعوا لترميم بعض العقل التراثي، والانفتاح به على الحداثة، للاستقلال التاريخي للذات. فموقف القطيعة مع العروي، وموقف الترميم مع الآخرين؛ أصلهما من رؤيتين مختلفتين متقابلتين: رؤية الالتزام بالعقلانية الكونية، ورؤية الانحياز للعقلانية المحلّية المتقاطعة مع الكونية. وإن كان هدفهما هو «التنوير»، فالعقل التنويري بحسبه «إصلاح الذات وتغيير الوجود التاريخي». ومن ثمّ فالفعالية التاريخية تختلف بحسب منطلق وتوجه وإشكالية كل مفكّر، فتاريخانية: الجابري أيديولوجية؛ وأركون إيبستيمولوجية، والعروي فلسفية، ومروة جدلية، والحبابي أنطولوجية، ونصّار سياسية. ويشتركون في: عدّ «التاريخانية» مقياس معاصرة، من حيث: التاريخانية أفكار عقل للتاريخ لا الخيال، والتاريخانية جاهزة لتقديم البديل المحدّث. فتفاعل العقلانية والتاريخانية ينشل الإنسان من جهتين: إزاحة المطلقات بإعادة النظر فيها (منهجياً ومعرفياً)، وجهة ربطها بالزمن الذي يجعلها نسبية. إذن، التاريخانية تاريخانيتان: تاريخانية العقل «إدراج التراث في بيئته الفكرية والتاريخية كي لا يستعيد معناه عن طريق النقد الدلالي»، وتاريخانية التاريخ «نزع التراث نفسه من سياقه الأصلي وزرعه في الحاضر»، بعد تأويله لتغيير الحاضر. وعليه فالفكر تاريخي ولاتاريخي: فالفكر اللاتاريخي لا يؤدي إلا إلى التبعيّة، لـلعجز عن إدراك الواقع، والتخبط والاستغراق في التقابلات العقيمة، نحو المقابلة بين الأصالة والاتباع، وبين الحكمة والشريعة، وبين الحداثة والتراث، وبين العرفان والبرهان. والفكر التاريخي يستقل عن العقلين التراثي والحداثي أو التنويري (بنوعيه: حداثي وما بعد حداثي). وبعد نقدهما، وظهور مكامن ضعفهما وقوتهما، وفق المجرى التاريخي الراهن؛ يعيد تفسير العقل الحداثي، وربما ينقلب جذرياً في تفسير أصل الحداثة، وهذا يساهم في استعادة الثقة في الذات. هذا المجمل العام، مع تفاصيل مهمة تفرّق بين دلالة وسعة وضيق كل مفهوم محوري نحو «العقل»، «الحداثة»، «التراث»... بحسب كلّ مفكّر. وعليه يؤول الأمر إلى: فعالية العقل بعدّه المؤثر في الفعالية الإنسانية المحرّكة للتاريخ، فالعقل فعالية متوجهة إلى مقصد «إلى الحق» -بحسب كل معتقد-، وهذه الفعالية هي المنتجة للتاريخ في أثناء توجهها لما ترومه، في توجه قصديّ، وعليه فالتاريخ نتاج وعي عقليّ لذات مخصوصة محدودة الزمن. فهل التاريخ في تحولاته حقاً هو نتائج للفعالية العقلية الواعية؟ أليس في الربط التلازمي للعقل بالتاريخ إشكال؟ فمن جهة التاريخ فالدراسة التاريخية محاولة لفهم التحولات الفكرية، لكن بالنسبة لكثير من المفكرين، فالفكر تصميم قبلي لشكل تاريخي مُراد.