logo
تذكّروا: «إسرائيل» قد تربح المعارك ومع ذلك تخسر الحرب!

تذكّروا: «إسرائيل» قد تربح المعارك ومع ذلك تخسر الحرب!

قاسيونمنذ 3 ساعات

تستمر حتى اللحظة واحدة من أخطر المواجهات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، فبعد أن بدأت «إسرائيل» عدواناً مباغتاً على إيران في 13 حزيران الجاري، أخذت الجمهورية الإسلامية زمام المبادرة بعد ساعاتٍ قليلةٍ، وتنفّذ حتى اللحظة هجوماً واسعاً باستخدام صواريخ بالستية متطورة وصواريخ فرط صوتية إلى جانب طائرات مسيّرة، نجحت من خلال ذلك في تحويل مدن «إسرائيل» إلى أهداف سهلة، حتى باتت مشاهد الدمار فيها جزءاً من المشهد اليومي، ولم يُغير الدخول الأمريكي المباشر اليوم في 22 حزيران بعد من الإحداثيات العامة، وحققت ضربات جيش الاحتلال أضراراً كبيرة بلا شك، هذا ولم يتضح بعد حجم الضرر الناتج عن الضربة الأمريكية الأخيرة، لكن كلّ ذلك لن يغير قاعدة الحرب الأساسية وفقاً لأهواء الكيان، وهو ما سوف نناقشه في الختام.
السيناريو الأخطر
ظل الرأي السائد يقول: إن التدخل الأمريكي ستكون له تأثيرات دراماتيكية على المشهد، لكن الضربة التي استخدمت فيها الولايات المتحدة القاذفات الاستراتيجية B2 والقنابل الخارقة للتحصينات لم تلحق الضرر المتوقع، ويرد ذلك إما لكون الضربة لم تكن جديّة ومالت إلى الاستعراض العسكري، أو لكون إيران استعدت جيداً لسيناريو كهذا، ونقلت المخزون الاستراتيجي من اليورانيوم، وربما الآلاف من أجهزة الطرد المركزي خارج المنشآت المعروفة، مع ذلك لا يمكن الإطمئان للخطوة الأمريكية اللاحقة، وخصوصاً أن واشنطن أثبتت خلال الشهر الماضي أنّها طرف غير مؤتمن، يمكن أن ينتقل لأعمال عسكرية حتى في ظل انعقاد مفاوضات.
كما يظل احتمال استهداف القيادة الإيرانية العليا الممثلة بالمرشد علي الخامنئي الذي أعد البلاد لسيناريو مشابه، لكن لدى إيران فرصة كبيرة لتوجيه ضربة إلى المصالح الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وتحديداً القواعد العسكرية والقطع البحرية في الخليج والبحر الأحمر إن أرادت ذلك، ولن يكون مستبعداً إذا ما تورّطت واشنطن بشكل أكبر في هذا الصراع أن تخسر حاملة أو أكثر من حاملات الطائرات الـ 11 التي تملكها، والتي كانت دائماً «درّة التاج» في البحرية الأمريكية، وجزءاً من الأصول الاستراتيجية التي اعتمدت عليها «الإمبراطورية المحيطة».
إذا ما أحدثت واشنطن فارقاً نوعياً لصالح الكيان لا يمكن إلا أن يُفهم كمحاولة جديّة لقلب الموازين في كامل الشرق الأوسط لصالح الكتلة الغربية، وهو ما لا يمكن أن يمر بهذه البساطة، وخصوصاً أن الصين وروسيا ستكونان المستهدفتان الرئيسيتان إلى جانب تهديد مباشر للدول الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط ووسط آسيا، ما يعني بالضرورة أن إيران لن تقاتل وحدها، وستحصل بأقل تقدير على دعم متواصل عبر جسر جوي وبري، وفي هذا السياق ثبّت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الاتجاه، عندما خرج محذّراً الولايات المتحدة لا من التدخل في الصراع فحسب، بل من مجرد التفكير في ذلك، ومع التنسيق العالي الروسي- الصيني يمكن القول: إن القرار الأمريكي لن يكون سهلاً على الإطلاق.
تلقى ترامب سؤالاً منذ أيام عن احتمالية دخول بلاده الحرب فأجاب: «قد أفعل ذلك وقد لا أفعل، لا أحد يعلم ما سأقوم به» ويبدو أن الظرف المعقد والحساس الحالي، دفع الرئيس لاتخاذ قرار بين هذا وذاك، أو على الأقل هذا ما يبدو حتى اللحظة.
في الشرق تبدو الأهداف واضحة!
إن أي نظرة سريعة لمواقف الدول في منطقة الشرق، تكشف أن الأطراف المؤثرة تعلم نوايا الكيان الخبيثة، وهم لذلك يصطفون في جبهة موحدة متجاوزين المسائل الخلافية مع إيران، فمواقف السعودية وتركيا ومصر وباكستان لا تزال ثابتةً، بل ظهر من خلال الدورة الحادية والخمسين لمجلس وزراء الخارجية في منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في أنقرة من 20 إلى 21 حزيران الحالي، أن الدول الأعضاء الـ57 يتشاركون الموقف، وهي الكتلة الثانية من حيث الحجم بعد الأمم المتحدة، وتزداد حدّة المواقف تحديداً لدى الدول القريبة من إيران، فبالنسبة لهم لا يمكن النظر إلى العدوان الصهيوني إلا بوصفه محاولة حقيقية لزعزعة الاستقرار في مساحة واسعة، وهو بلا شك خطوة ضمن استراتيجية صهيونية أوسع، تهدف لإعادة رسم الشرق الأوسط في إطار «مشروع الشرق الأوسط الجديد» الذي تعمل عليه «إسرائيل» بشكلٍ جدي.
في هذا الخصوص كان موقف الرئيس التركي خلال دورة منظمة التعاون شديد اللهجة، فمن جهة قارب أردوغان بين ما تفعله «إسرائيل» وما فعله هتلر قبل 90 عاماً، واعتبر أن خطوات الكيان العدوانية في المنطقة تتزامن مع الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس-بيكو مؤكداً أن تركيا «لن تسمح بإقامة نظام سايكس بيكو جديد في منطقتنا تُرسم حدودُه بالدماء».
التقارب الكبير، وتحديداً حول الموقف المعادي للكيان الصهيوني ومشاريعه في المنطقة، ربما كان السبب وراء خروج نتنياهو في تصريحٍ وقح لقناة «كان» قائلاً: «بعد قيام [إسرائيل]، واجهنا عالماً عربياً موحداً، ونجحنا في تفريقه تدريجياً» كما لو أنّه يحاول عبر ضبابٍ من الكذب حجب واقع جديد مختلف، تجري فيه تفاهمات إقليمية واسعة تتحول تدريجياً إلى عائق حقيقي بوجه مشروع «الشرق الأوسط الجديد» وتحديداً كونها مدعومة من قوى تعمل على بناء عالم مختلف عن التفتيت والتقسيم.
الحرب تقاس بأهدافها!
بالعودة إلى نقطة البداية التي انطلقنا منها، الحرب، أيُّ حرب، لا تقاس أبداً بحجم التدمير الذي يستطيع طرف إلحاقه بطرفٍ آخر، بل تقاس فعلياً بالقدرة على تحقيق الأهداف السياسية منها، وهناك دائماً أسبابٌ معلنة وأخرى مخبأة لا نسمعها من على المنابر الإعلامية، وبالنسبة لـ «إسرائيل» تكمن الأهداف المعلنة بإنهاء المشروع النووي الإيراني والقدرات الصاروخية الإيرانية، وهذا ما تُثبت وقائع الحرب اليومية استحالته في الإحداثيات الحالية، وهو يشبه إلى حد كبير فكرة إنهاء حماس في غزّة، أو إنهاء حزب الله في لبنان، أو إنهاء «أنصار الله» في اليمن، فهذه كلّها أهداف لم تتحقق، وإن كانت «إسرائيل» مثلاً شنّت حرباً منذ أكتوبر 2023 على القطاع، فهي غارقة حتى اللحظة، وتتلقى ضربات من المقاومة، بل وتُستهدف مستوطنات غلاف غزّة بالصواريخ! الدمار في القطاع غير مسبوق، وحجم الإجرام أكبر من أن يوصف، ومع ذلك لم ينجح جيش الاحتلال في «القضاء على حماس»، هذا المشهد مرجّح أن يستمر في الحرب الحالية إن لم تتوقف، لكن بفارق نوعي في قدرة طهران على إلحاق ضررٍ لم تشهده «إسرائيل» في تاريخها.
هناك أهدافٌ غير معلنة كما أشرنا، هي في إطارها الضيق، استهداف إيران كدولة موحدة، عبر محاولة إسقاط النظام فيها ودفعها للتفتت، وهي خطوة باتجاه استراتيجية إقليمية شاملة، هذا الهدف الخطير ممكن الحدوث نظرياً، لكنّه معاكس تماماً لاتجاه دولي عام، ومعاكس أيضاً للاتجاه الإقليمي الموحد في الشرق الذي سبق أن أشرنا إليه.
انتهاء هذه الحرب دون تحقيق هذه الأهداف يعني هزيمة استراتيجية لـ «إسرائيل» والولايات المتحدة من خلفها، فلطالما حذّر المحللون الاستراتيجيون في الكيان من أن: «[إسرائيل] يمكن أن تربح كلّ المعارك، ومع ذلك تخسر الحرب في النهاية» وهذا هو الاحتمال المرجّح، وما أن يحصل حتى نكون اقتربنا أكثر من أيّ وقتٍ مضى من إنهاء المشروع الصهيوني في المنطقة، وانفتحت الآفاق أمام عصرٍ جديد تعود فيه شعوب الشرق إلى إدراك وحدة المصير والمصلحة كما أدركتها من قبل لقرون!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن: إغلاق مضيق هرمز سيكون انتحاراً بالنسبة لإيران
واشنطن: إغلاق مضيق هرمز سيكون انتحاراً بالنسبة لإيران

الموقع بوست

timeمنذ ساعة واحدة

  • الموقع بوست

واشنطن: إغلاق مضيق هرمز سيكون انتحاراً بالنسبة لإيران

ونقلت شبكة "إن بي سي" عن فانس قوله إن واشنطن تلقت رسائل غير مباشرة من الإيرانيين في الساعات التي تلت الضربة الأميركية. وفي وقت سابق اليوم قال عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن الحرس الثوري مستعد لإغلاق مضيق هرمز. وأفادت تقارير اليوم بأن البرلمان الإيراني وافق على غلق مضيق هرمز وأن القرار مرهون بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران. كما قال عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن الحرس الثوري مستعد لإغلاق المضيق "إذا اقتضت الحاجة والظروف ذلك". وكان النائب والقائد في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل كوثري قال لنادي الصحفيين الشباب اليوم إن إغلاق المضيق مطروح "وسيتخذ القرار إذا اقتضى الأمر". كما نقلت تقارير صحفية اليوم عن سارة فلاحي، وهي عضو باللجنة الأمنية في البرلمان، أن الإغلاق المحتمل لمضيق هرمز سيكون أيضا على جدول الأعمال في جلسة خاصة للجنة البرلمانية. وفي حين لم يتم تحديد موعد محدد للإغلاق، ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن قائد البحرية في الحرس الثوري الإيراني هدد بإغلاق مضيق هرمز خلال ساعات. ومضيق هرمز طريق ملاحي ضيق في منطقة الخليج، يشكل منفذ نفطه إلى العالم الخارجي، ويُلقّب بشريان الحياة للعالم الصناعي، ويعبر منه ثلثا الإنتاج النفطي الذي يستهلكه العالم. وسبق أن قال عضو بالبرلمان الإيراني منتصف الشهر الجاري إن بلاده تدرس بجدية إغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي، وذلك في ظل المواجهة الأعنف مع إسرائيل، والمستمرة لليوم العاشر. وتأتي هذه التطورات اليوم، بعد ساعات من قصف طائرات حربية أميركية على مواقع منشآت نووية من بينها منشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو. وفجر اليوم الأحد، دخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر الحرب الإسرائيلية على إيران بإعلان الرئيس دونالد ترامب تنفيذ هجوم استهدف 3 من أبرز المواقع النووية الإيرانية، هي منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. وبعد ساعات، أطلقت إيران دفعتين صاروخيتين على إسرائيل، مخلّفة دمارا كبيرا في عدة مواقع في تل أبيب الكبرى، وحيفا، ونيس تسيونا جنوب تل أبيب. ومنذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل هجوما على إيران استهدف منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيرة باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.

روسيا: دول عدة مستعدة الآن لتزويد إيران بالذخائر النووية
روسيا: دول عدة مستعدة الآن لتزويد إيران بالذخائر النووية

الموقع بوست

timeمنذ ساعة واحدة

  • الموقع بوست

روسيا: دول عدة مستعدة الآن لتزويد إيران بالذخائر النووية

قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف إن دول عدة مستعدة الآن لتزويد إيران بالذخائر النووية. وأكد مستشار المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم الأحد، أن مخزون اليورانيوم المخصّب لا يزال سليمًا، بعد الضربة الأمريكية. وذكرت إيران، أن المصابون جراء ضربات أميركا لم تظهر عليهم أي أعراض تشير لعدوى إشعاعية. ونقلت الإيكونوميست عن خبراء، أن منشأة فوردو لا يمكن تدميرها بالقنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات، وهو موقع محصن لا يمكن تدميره إلا بأسلحة نووية أو قوات برية تفجره. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إنه لا يوجد أي خطر على سكان المناطق المجاورة للمواقع النووية، وعلى أهالي نطنز وأصفهان وفوردو الاستمرار في حياتهم بشكل طبيعي. وأضافت مهاجراني أن وزير الداخلية أعلن زيادة عدد الدوريات بمدن (نطنز وأصفهان وفوردو) من أجل تعزيز الأمن. وأعربت الصين عن "إدانتها الشديدة" للهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، قائلة إن "الهجوم الأمريكي يعد انتهاكا جسيما لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي" ويفاقم بشكل كبير التوترات في منطقة الشرق الأوسط. ودعت الصين، في بيان اليوم، أطراف النزاع "خاصة إسرائيل"، إلى وقف إطلاق النار، وحماية السكان المدنيين، وتهيئة الطريق أمام الحوار والمفاوضات.

مستشار خامنئي:  اللعبة لم تنته والقصف الأميركي لم يمس اليورانيوم المخصب
مستشار خامنئي:  اللعبة لم تنته والقصف الأميركي لم يمس اليورانيوم المخصب

المرصد

timeمنذ 2 ساعات

  • المرصد

مستشار خامنئي: اللعبة لم تنته والقصف الأميركي لم يمس اليورانيوم المخصب

مستشار خامنئي: اللعبة لم تنته والقصف الأميركي لم يمس اليورانيوم المخصب صحيفة المرصد: قال مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم الأحد، أن طهران لا تزال تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب رغم الهجمات الأميركية على ثلاثة مواقع نووية. وغرد علي شمخاني عبر حسابه على منصة إكس قائلاً :""حتى لو دمرت المواقع النووية فإن اللعبة لم تنته، إن المواد المخصبة والمعرفة المحلية والإرادة السياسية باقية". وأضاف :"المبادرة السياسية والعملانية هي الآن لدى الطرف الذي يمارس اللعبة بذكاء ويتجنب الضربات العمياء. المفاجآت مستمرة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store