
أخبار العالم : كيف تحولت المظلة في اليابان إلى منصة لجذب الأرواح؟
نافذة على العالم - صدر الصورة، Alamy
Article Information Author, ميزوكي أوشياما Role,
قبل 3 ساعة
من المعروف أن المظلات تُستخدم في أنحاء العالم للوقاية من المطر أو الشمس؛ لكن لليابانيين فيها مآرب أخرى، فهي في ثقافتهم أجهزة استدعاء للأرواح.
فوفقاً لتاتسو دانجيو، الأستاذ الفخري للعلوم الإنسانية في جامعة بيبو بمحافظة أويتا اليابانية، تنص التقاليد اليابانية على أن بعض الأدوات كالمظلات، تندرج تحت بند الـ "يوريشيرو" وهي الأشياء التي تجذب الآلهة أو الأرواح.
هذا المعتقد يضرب بجذوره في عمق تاريخ اليابان، إذ ظهرت المظلات لأول مرة بين القرنين التاسع والحادي عشر، لا لاستخدامها كمصدّات واقية في الظروف المناخية، بل بمثابة رمز للقوة الروحية أو السياسية.
فقد كانت المظلات القديمة، مثل "الساشيكاكي غاسا" ذات المقبض الطويل، مخصصة للشخصيات الدينية والسياسية، وكانت تُحمَل فوق رؤوس صفوة المجتمع.
صدر الصورة، Alamy
ويقول دانجيو لبي بي سي: "يميل اليابانيون إلى التفكير الروحاني؛ حيث كانوا يعتقدون أن شكل المظلة الدائري، يشبه شكل الروح، وأن مقبضها يشبه الدعامة، وأنها موضع يتسنى للروح الهبوط فيه".
وبحلول القرن الثاني عشر، بدأت المظلات في الانتشار على نطاق واسع بين عامة الناس، بحسب دانجيو. واستمرت أهميتها الروحية على مر القرون التالية.
واليوم، تتجلى هذه الأهمية الروحية ذاتها في المهرجانات في جميع أنحاء اليابان.
ففي مهرجان "ياسوراي ماتسوري" في كيوتو، الذي يُقام كل عام في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان، يُعتقد أن المظلات المزينة بالزهور تساعد على الشفاء من الأمراض.
وفي مهرجان "هاكاتا دونتاكو"، الذي يُقام في الثالث والرابع من مايو/أيار في مدينة فوكوكا الشمالية، تُعرض عربات الكاسابوكو الضخمة في الشوارع؛ وهي عربات تشبه العوامات على شكل مظلة مزخرفة في غاية الإتقان، يُقال إن المرور تحت إحداها يجلب الصحة الجيدة والحظ السعيد.
وفي جزيرة أوكينوشيما بمحافظة كوتشي، ما بين 13 إلى 16 أغسطس/آب، يُصنّع أهل الجزيرة مظلات مزخرفة بألوان زاهية، لإيواء أرواح المتوفين حديثاً، وذلك خلال مهرجان "أوبون" السنوي.
وفي ليلة السادس عشر من أغسطس/آب من كل عام، تُحمَل هذه المظلات في طقوس رقصة حول منصة مركزية، لإرشاد الأرواح للعودة بأمان إلى العالم الذي تنتمي إليه، عالم الأرواح.
ولقد لعبت المظلات دور الملهم لابتكار شخصية "كاسا يوكاي" أو "روح المظلة" الخارقة للطبيعة في الفولكلور الياباني، الشبح الذي يتجسد في هيئة مظلة.
كما تظهر هذه الأرواح الخارقة للطبيعة في أعمال فنية تاريخية مثل "موكب العفاريت الليلي"، حيث تدب الحياة في قطع منزلية مهجورة.
صدر الصورة، Alamy
وغالباً ما تُصوَّر مظلات الـ"كاسا يوكاي" بعين واحدة وملامح غريبة، وهي تعكس الاعتقاد الروحاني الياباني بأن الروح قد تحل حتى في الجماد، لاسيما في الأدوات التي أحببتَها واستخدمتها ثم تخلصت منها فيما بعد.
وتتيح اليابان لزوارها المهتمين بتاريخ مظلاتها الفولكلورية وصناعتها، دراستها عن كثب في ورش العمل والمتاحف في جميع أنحاء البلاد.
فهناك متحف "يودوي" للمظلات الفولكلورية في مدينة توتّوري، الذي يعرض الـ"واغاسا" أو المظلات الورقية التقليدية في المنطقة، ويوضح ارتباطها بالمعتقدات المحلية. ويمكن لروّاد المتحف المشاركة في ورش عمل لصنع هذا النوع من المظلات.
وهناك أيضاً "تسوجيكورا"؛ وهو أقدم مكان لصناعة المظلات التقليدية في اليابان، حيث تأسس في كيوتو عام 1690، ويتيح للزوار أيضاً فرصة صنع واغاسا مصغّرة خاصة بهم، من مجموعة مختارة من الألوان والتصميمات.
أما "ماتسودا واغاسا" فقد تأسس عام 1896 في مدينة كانازاوا، حيث تهطل الأمطار والثلوج بكثرة على مدار العام؛ فهو آخر متجر تقليدي للمظلات في المدينة. وصُممت مظلاته لتتحمل مناخ المنطقة الرطب، وتستغرق صناعة إحداها يدوياً نحو شهرين، باستخدام ورق الـ"واشي" الياباني السميك والخيزران القوي مع تقنيات تقوية فريدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 18 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : كيف تحولت المظلة في اليابان إلى منصة لجذب الأرواح؟
الجمعة 8 أغسطس 2025 06:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Alamy Article Information Author, ميزوكي أوشياما Role, قبل 3 ساعة من المعروف أن المظلات تُستخدم في أنحاء العالم للوقاية من المطر أو الشمس؛ لكن لليابانيين فيها مآرب أخرى، فهي في ثقافتهم أجهزة استدعاء للأرواح. فوفقاً لتاتسو دانجيو، الأستاذ الفخري للعلوم الإنسانية في جامعة بيبو بمحافظة أويتا اليابانية، تنص التقاليد اليابانية على أن بعض الأدوات كالمظلات، تندرج تحت بند الـ "يوريشيرو" وهي الأشياء التي تجذب الآلهة أو الأرواح. هذا المعتقد يضرب بجذوره في عمق تاريخ اليابان، إذ ظهرت المظلات لأول مرة بين القرنين التاسع والحادي عشر، لا لاستخدامها كمصدّات واقية في الظروف المناخية، بل بمثابة رمز للقوة الروحية أو السياسية. فقد كانت المظلات القديمة، مثل "الساشيكاكي غاسا" ذات المقبض الطويل، مخصصة للشخصيات الدينية والسياسية، وكانت تُحمَل فوق رؤوس صفوة المجتمع. صدر الصورة، Alamy ويقول دانجيو لبي بي سي: "يميل اليابانيون إلى التفكير الروحاني؛ حيث كانوا يعتقدون أن شكل المظلة الدائري، يشبه شكل الروح، وأن مقبضها يشبه الدعامة، وأنها موضع يتسنى للروح الهبوط فيه". وبحلول القرن الثاني عشر، بدأت المظلات في الانتشار على نطاق واسع بين عامة الناس، بحسب دانجيو. واستمرت أهميتها الروحية على مر القرون التالية. واليوم، تتجلى هذه الأهمية الروحية ذاتها في المهرجانات في جميع أنحاء اليابان. ففي مهرجان "ياسوراي ماتسوري" في كيوتو، الذي يُقام كل عام في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان، يُعتقد أن المظلات المزينة بالزهور تساعد على الشفاء من الأمراض. وفي مهرجان "هاكاتا دونتاكو"، الذي يُقام في الثالث والرابع من مايو/أيار في مدينة فوكوكا الشمالية، تُعرض عربات الكاسابوكو الضخمة في الشوارع؛ وهي عربات تشبه العوامات على شكل مظلة مزخرفة في غاية الإتقان، يُقال إن المرور تحت إحداها يجلب الصحة الجيدة والحظ السعيد. وفي جزيرة أوكينوشيما بمحافظة كوتشي، ما بين 13 إلى 16 أغسطس/آب، يُصنّع أهل الجزيرة مظلات مزخرفة بألوان زاهية، لإيواء أرواح المتوفين حديثاً، وذلك خلال مهرجان "أوبون" السنوي. وفي ليلة السادس عشر من أغسطس/آب من كل عام، تُحمَل هذه المظلات في طقوس رقصة حول منصة مركزية، لإرشاد الأرواح للعودة بأمان إلى العالم الذي تنتمي إليه، عالم الأرواح. ولقد لعبت المظلات دور الملهم لابتكار شخصية "كاسا يوكاي" أو "روح المظلة" الخارقة للطبيعة في الفولكلور الياباني، الشبح الذي يتجسد في هيئة مظلة. كما تظهر هذه الأرواح الخارقة للطبيعة في أعمال فنية تاريخية مثل "موكب العفاريت الليلي"، حيث تدب الحياة في قطع منزلية مهجورة. صدر الصورة، Alamy وغالباً ما تُصوَّر مظلات الـ"كاسا يوكاي" بعين واحدة وملامح غريبة، وهي تعكس الاعتقاد الروحاني الياباني بأن الروح قد تحل حتى في الجماد، لاسيما في الأدوات التي أحببتَها واستخدمتها ثم تخلصت منها فيما بعد. وتتيح اليابان لزوارها المهتمين بتاريخ مظلاتها الفولكلورية وصناعتها، دراستها عن كثب في ورش العمل والمتاحف في جميع أنحاء البلاد. فهناك متحف "يودوي" للمظلات الفولكلورية في مدينة توتّوري، الذي يعرض الـ"واغاسا" أو المظلات الورقية التقليدية في المنطقة، ويوضح ارتباطها بالمعتقدات المحلية. ويمكن لروّاد المتحف المشاركة في ورش عمل لصنع هذا النوع من المظلات. وهناك أيضاً "تسوجيكورا"؛ وهو أقدم مكان لصناعة المظلات التقليدية في اليابان، حيث تأسس في كيوتو عام 1690، ويتيح للزوار أيضاً فرصة صنع واغاسا مصغّرة خاصة بهم، من مجموعة مختارة من الألوان والتصميمات. أما "ماتسودا واغاسا" فقد تأسس عام 1896 في مدينة كانازاوا، حيث تهطل الأمطار والثلوج بكثرة على مدار العام؛ فهو آخر متجر تقليدي للمظلات في المدينة. وصُممت مظلاته لتتحمل مناخ المنطقة الرطب، وتستغرق صناعة إحداها يدوياً نحو شهرين، باستخدام ورق الـ"واشي" الياباني السميك والخيزران القوي مع تقنيات تقوية فريدة.


نافذة على العالم
منذ 3 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : كيف أصبح سوق المزارعين في لوس أنجلوس ملتقى النجوم والمنتجات الطازجة؟
نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--حتى لو لم تزر لوس أنجلوس من قبل، ربما سمعت عن سوق مزارعي ستوديو سيتي الذي يضمّ حوالي 85 بائعًا للمنتجات العضوية، وفيه التقط مصوّرو الباباراتزي صورة لجيريمي ألين وايت حاملًا باقات زهور كبيرة في العام 2023، لاقت رواجًا كبيرًا على الإنترنت. وفي حديث مع ألين وايت ضمن برنامجه "ذا تونايت شو"، سأله جيمي فالون: "تحمل دومًا باقات زهور كبيرة، وهذا يعجبني". ورد جيريمي: "هناك سوق مزارعين بالقرب من منزلي، وأحب التردد عليه وتزيين بيتي بالزهور". يقع السوق في وادي سان فرناندو، ويقصده العديد من المشاهير مثل آن هاثاواي، وباريس هيلتون، وإيلي فانينغ ونجوم آخرين. ويوجد على موقع Getty أكثر من 700 صورة للسوق، وعلى موقع Alamy أكثر من 4000 صورة. افتتح منذ العام 1998، وأصبح وجهة مشهورة للمشاهير ومحبي المنتجات العضوية. آن هاثاواي تزور سوق ستوديو سيتي عام 2018. Credit: Stock Photo يشهد سوق مزارعي ستوديو سيتي إقبالًا متزايدًا، بحسب إستر ووكر، المديرة التنفيذية لغرفة تجارة ستوديو سيتي. تتلقى أسبوعيًا بين خمسة إلى عشرة طلبات من مزارعين وأصحاب مشاريع صغيرة يرغبون بالبيع في هذا السوق الشهير. وأوضحت ووكر في تصريحات سابقة لـCNN، في وقت سابق من هذا العام، لم يُنصح البائعون الحدد بالتقديم بسبب كثافة الزوار التي تصل إلى آلاف عدة أسبوعيًا، ما قد يكون مرهقًا للبائعين غير ذوي الخبرة. وقالت: "الأعمال جيدة دومًا للبائعين، لكنّ سوق المزارعين يحظى بشعبية كبيرة، ونحن نعاني من كثافة كبيرة." شوهدت جودي تورنر-سميث تتسوق في ستوديو سيتي في أوائل هذا الصيف. Credit: Backgrid ورغم دعم ألين وايت الأخير للسوق في برنامج تلفزيوني شهير، فإن حضور النجوم كان جزءًا من قصة السوق منذ البداية. بدأت ووكر العمل بغرفة التجارة في العام 2007، قبل عام من قرار منظمي السوق بتوظيف حراس أمن محترفين. وأوضحت: "كان السبب وجود العديد من المشاكل مع الباباراتزي الذين كانوا يلاحقون الممثلين وعائلاتهم، الأمر الذي سبّب لهم ازعاجًا. فشعرنا أننا بحاجة لاتخاذ إجراء." يعمل في السوق حاليًا ثلاثة موظفي أمن، بالإضافة إلى ثلاثة حراس سريّين جميعهم من ضباط الشرطة المتقاعدين. ومع ذلك، تغيّرت تصرفات المصورين الصحفيين (الباباراتزي). وقالت إستر ووكر: "يمكنني القول إن المشاكل التي واجهناها قبل حوالي 15 عامًا لم تعد موجودة الآن، فهم أصبحوا أكثر احترامًا ويبقون على مسافة أبعد." بالنسبة لمايك أرنولدي، المصور المشهور في لوس أنجلوس، يعد سوق مزارعي ستوديو سيتي مكانًا معروفًا لتصوير المشاهير، منذ افتتاحه قبل نحو ثلاثة عقود. وقال لـCNN: "يتردد دومًا عليه عدد ثابت من المشاهير، لكن الأشخاص يتغيرون". في الماضي، كان روبرت بليك ممثل فيلم "In Cold Blood" 19/67 أو جيمس فرانكو يترددان على السوق، أما الآن فيلاحظ أكثر ظهور الممثّل الأميركي، ألين وايت، والممثّلة الأميركيّة هيلاري داف، والممثلة والمغنيّة الأميركيّة لوسي هيل من مسلسل "Pretty Little Liars". في عام 2019، انتشرت صور داكوتا جونسون، التي التُقطت لها مع أديسون تيملين وابنتها إيذر بيلي وايت، في سوق المزارعين المحلي في المنطقة،بسبب ستايل الجينز الذي ارتدته. Credit: Phamous/Backgrid اعترفت ووكر، التي تعرفت بسرعة إلى مشاهير كبار مثل أنجلينا جولي وبراد بيت، بأنها أقل معرفة بجيل النجوم الجدد الذين يزورون السوق اليوم. وقالت: "يأتي إلينا العديد من المشاهير الذين يقولون لي الموظفين الشباب: 'يا إلهي، هذا فلان من مسلسل كذا'، لكنني لا أعرف من هم." يبدأ أرنولدي، أحد أفضل مصوّري المشاهير، عمله في سوق المزارعين من التاسعة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، حيث يصوّر حوالي 20 شخصًا يوميًا، ويلتقط حوالي 1500 صورة، ويختار منها 40 فقط ليُرسلها لوكالات مثل غيتي. الصور الأغلى هي لألين وايت التي تباع بأعلى سعر يصل إلى 400 دولار لكل صورة، أما صور المشاهير الآخرين فتتراوح بين 5 سنتات و20 دولارًا. قبل الكاميرات الرقمية، كان المصورون يحصلون على آلاف الدولارات لصورة واحدة. داكوتا فانينغ هي واحدة من المشاهير الذين تم رؤيتهم أيضًا في السوق. Credit: STAR MAX/AP ويحرص أرنولدي على عدم نشر صور الأطفال لأنه يعتبر ذلك غير أخلاقي، حتى لو لم يكن ممنوعًا قانونيًا، وينصح فريقه باتباع هذا المبدأ. لا يرغب كل نجم بنقل جولته للتسوق إلى العالم كله. تقول ليندسي ديكس، التي تدير مطعم صغير لحساء العظام "ReBroth" في ستوديو سيتي مع شريكتها ميا رو، إنها التقت بمعظم زبائنها المشاهير في السوق، لكن العديد منهم يعتمدون خدمة التوصيل إلى منازلهم. وهذا ليس فقط أكثر راحة لهم، بل يحميهم أيضًا من "ملاحقة المصورين لهم." وأضافت ديكس أن هناك سببًا آخر للخصوصية: "كنت أعمل في تقديم الطعام للمشاهير لمدة 20 عامًا، والكثير ممن يزعمون أنهم نباتيون أو نباتيون صارمون كانوا في الحقيقة يأكلون اللحوم." مع ذلك، أرنولدي، الذي أصبح صديقًا للعديد من مشاهير الصور التي يلتقطها، قال إن بعض النجوم يختلفون في هذا الأمر، فبعضهم يتصل به ليخبره مسبقًا بموعد وجودهم في السوق وهم يحملون خسًا أو خضارًا أخرى، على أمل أن يُصوّروا.


نافذة على العالم
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- نافذة على العالم
أخبار العالم : "الصليب الملتوي": الرواية المفقودة التي وجّهت تحذيراً من أهوال ألمانيا النازية
الخميس 8 مايو 2025 09:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Alamy Article information Author, كلير ماك هيو Role, بي بي سي نيوز قبل 4 ساعة بعد ثمانين عاماً من يوم النصر في أوروبا وانتهاء الحرب العالمية الثانية بغزو الحلفاء لألمانيا، وسيطرة الاتحاد السوفييتي على برلين، والاستسلام غير المشروط من قبل ألمانيا في 8 مايو أيار عام 1945، لا يزال الاهتمام بما حدث قوياً. ازداد الطلب على حكايات أوروبا في زمن الحرب حينها وبشكل ملحوظ منذ نشر رواية أنتوني دوير الشعرية "كل النور الذي لا نستطيع رؤيته"، الحائزة على جائزة بوليتزر عام 2015، والتي حُوّلت لاحقاً إلى مسلسل على شبكة نتفليكس. كما وصلت قصص الحب والمعارك وفك الشفرات والمقاومة ومعسكرات الاعتقال، إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً حول العالم. وبينما استقى العديد من الروائيين في هذا النوع الأدبي الفرعي ببراعة من وثائق ورسائل وروايات شهود عيان تعود إلى ثمانية عقود، فمن غير المرجح أن يشهد العالم في هذا الوقت الحالي، عملاً روائياً جديداً مستوحى من تجربة شخصية من تلك الحقبة. هذا أحد أسباب كون رواية "الصليب الملتوي" Crooked Cross، التي أعادت دار بيرسيفوني للنشر إصدارها ربيع هذا العام. واستلهمت الكاتبة، سيلفيا "سالي" كارسون، وهي شابة إنجليزية، من زياراتها لأصدقائها في بافاريا في أوائل الثلاثينيات، الكثير لكتابة رواية عن بزوغ فجر الاستبداد النازي في بلدة ألمانية صغيرة. أثبتت رواية كارسون بصيرتها الثاقبة بشأن الأهوال القادمة، ومع ذلك، بعد وفاتها المبكرة عام 1941، طواها النسيان. وقال الروائي الأمريكي الشهير إي. إل. دكتورو، مؤلف روايات "راغتايم" و"بيلي باثجيت" وغيرها من الأعمال الروائية التي تدور أحداثها في الماضي: "سيخبرك المؤرّخ بما حدث، بينما يستطيع الروائي أن يخبرك بما شعرت به". ويتمثل إنجاز كارسون في تجسيد عائلة كلوغر، المقيمة قرب الجبال جنوب ميونيخ، والتي شهدت على مدار ستة أشهر - من ليلة عيد الميلاد عام 1932 إلى ليلة منتصف الصيف عام 1933 - تحطيم حياتها. رواية "الصليب الملتوي" - يُشير عنوانها إلى "سافاستيكا"، أي رمز الصليب المعقوف الذي تبناه النازيون. ونُشرت الرواية عام 1934، بعد عام من الأحداث. ولاقت الرواية إشادات واسعة، وحوّلت كارسون روايتها إلى مسرحية عُرضت لأول مرة في مسرح برمنغهام ريبيرتوري عام 1935، ثم نُقلت إلى ويست إند بلندن بعد عامين. وأثبتت الرواية بصيرة كارسون الثاقبة بشأن الأهوال القادمة، ومع ذلك، وبعد وفاتها المبكرة عام 1941 بسبب سرطان الثدي، طواها النسيان. لكن قرار دار بيرسيفوني للنشر بإعادة إصدار رواية كارسون الآن، كان قراراً حكيماً ومرحباً به. صدر الصورة، Persephone Books التعليق على الصورة، استلهمت سيلفيا "سالي" كارسون كتابة رواية عن بزوغ فجر الاستبداد النازي في بلدة ألمانية صغيرة تبدأ أحداث القصة عندما يجتمع هانز وروزا كلوغر، وأطفالهما الثلاثة البالغين - ابنتهما ليكسا، وابناهما هلمي وإريك - لقضاء عطلة عيد الميلاد. كانت الحياة صعبة في ألمانيا خلال فترة الكساد الكبير. خُفِّض راتب السيد كلوغر، الذي كان يعمل في مكتب البريد، وابنه البكر هلمي عاطل عن العمل، ووظيفة إريك الموسمية كمدرب تزلج تتطلب منه تلبية رغبات النساء الثريات. لكن عيد الميلاد هو "وقتٌ لتحقيق السعادة الشخصية، واستكمال الدائرة السحرية لعائلتهما"، كما كتبت كارسون. كما يشارك خطيب ليكسا الوسيم والناجح، الجراح الشاب موريتز فايسمان، في جميع الاحتفالات. وبينما يتولى هلمي وليكسا تزيين شجرة عيد الميلاد – إذ كانا دائماً قريبيْن من بعضهما - تصف الرواية المشهد الاحتفالي بدقة، يخدع المشهد القارئ ليُصدق، رغم تلميحات التهديد، أن لا شيء يُمكن أن يُحطم هذه العائلة المُخلصة، المُحترمة، والمُحبة. بعد شهر، وفي يناير/ كانون الثاني 1933، عُيّن هتلر مستشاراً، وبدأ عهد ماخترغرايفونغ، كما يُطلق عليه الألمان، وهو توطيد النازية للسلطة. وفي غضون أيام، يُكافأ هلمي على ولائه المُبكر للنازيين، ووعودهم بإعادة ازدهار الأمة، بوظيفة سكرتير الحزب المحلي، وفي المقابل يُطرد موريتز، وهو من أب يهودي، من عيادة ميونيخ التي يعمل بها. مقارنات معاصرة وشخصية تُظهر كارسون تعاطفاً مع جميع شخصياتها، إلى جانب بصيرة حادة في نقاط ضعفهم. مع ذلك، يقع هلمي، الرجل الحساس وصاحب الضمير الحي، في شراك "أيديولوجية الشر". ويُحاول إقناع أخته بأنه في الواقع الجديد، يجب عليها فسخ خطوبتها وعدم رؤية موريتز مرة أخرى. تقاوم ليكسا، متمسكة بأمل أن يُطرد هتلر من الحكومة في برلين البعيدة. لكن بدلاً من ذلك، ومع اخضرار مروج الجبال في الربيع، يزداد عالم العائلة ظلمةً. إذ يترك إريك وظيفته المتواضعة للانضمام إلى مرتدي القمصان البنية، ويتجول في المدينة مرتدياً زيه وحذائه العسكري - يشعر الوالدان كلوغر بفخرٍ شديد، على الرغم من أن السيد كلوغر، المحارب القديم في الحرب العالمية الأولى، لا يزال حذراً من الانخراط بصراع دموي آخر. ويحضر هلمي المثالي تجمعاً للنازيين ويشعر بالذهول. تكتب كارسون: "لم يكن يتخيل ولم يكن لديه أي فكرة عن الدمار الذي سيسببه تحرير تلك القوة التي كان ينادي بها الآن بصوتٍ أجشّ مثل الآخرين. كان هتلر بالنسبة لهم بمثابة مُخلّص رائع، "إله". ارتسمت أذرعهم في نفس الإشارة - كانت غابة من الأذرع البنية الممتدة بأصابع تشير إلى الإله الصغير ذي الشارب الشبيه بفرشاة الأسنان. "هايل هتلر!" صدر الصورة، Alamy التعليق على الصورة، تدور أحداث رواية "الصليب الملتوي" حول عائلة كلوغر في ألمانيا خلال فترة الكساد الكبير موريتز، المُجرّد من عمله ودخله، والمُحظور حتى من استعارة الكتب من المكتبة العامة، يُصاب باليأس. ليكسا تريد قضاء أمسية جميلة، فتقنعه بأخذها إلى حفلة رقص. على المسرح المزدحم، وبينما كانا يؤديان رقصة الـ"فوكستروت" أو "رقص الصالة"، اصطدم الاثنان بالصدفة بثنائي آخر. التفت موريتز ليعتذر. "اللعنة عليك أيها اليهودي القذر! ابتعد عن الطريق"، صرخ الرجل الآخر. روت كارسون لصحيفة برادفورد أوبزرفر كيف سمعت هذه الكلمات تُلقى على الرجل اليهودي الذي رافقها في قاعة رقص أثناء عطلتها في بافاريا. وفي ليلة منتصف الصيف، عندما يتفاقم الوضع في ألمانيا، تختار ليكسا حبها لموريتز على كل الولاءات الأخرى، وتكون النتائج مدمرة. (لن أروي المزيد من التفاصيل كي لا أفسد القصة لك). الرواية تُظهر كيف يُمكن لأمة مُتحضرة أن تقع في قبضة الاستبداد. في حديثها لبرنامج "توداي" الإخباري على إذاعة بي بي سي، استشهدت فرانشيسكا بومان، المؤرخة ومديرة تحرير دار نشر بيرسيفوني، بمراجعة نُشرت في صحيفة أكتون غازيت وقت نشر الكتاب. وقالت "رواية الصليب الملتوي أكثر صدقاً من التقارير المُرسلة عبر التلغراف، إنها أكثر عدلاً من الدعاية، وأكثر إثارةً للاهتمام". ماذا ستفعل لو بدأ أحباؤك بتبني أفكار تكرهها؟ لم يرغب جميع معاصري كارسون في سماع التحذير المُضمن في رواية "الصليب الملتوي". عندما انتقلت مسرحيتها إلى مسرح لندن عام 1937، انتقدها البعض في بريطانيا باعتبارها مُعادية لألمانيا، وأصرّ مكتب اللورد تشامبرلين على إزالة كل تحية "هايل هتلر" من العرض. كان جزء كبير من المؤسسة البريطانية آنذاك يأمل في "التعايش السلمي" مع النظام المُتعطش للحرب في برلين. قد يسارع بعض القراء إلى استخلاص أوجه تشابه معاصرة، لا سيما مع صعود الشعبوية اليمينية حول العالم، وميل الشباب إلى الانجذاب للحركات المتطرفة، عندما يشعرون - كما شعر الملايين في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي - بالضياع أو السخط أو انعدام الهدف. لكن القضية الحقيقية التي تطرحها رواية الصليب الملتوي هي قضية شخصية وتتساءل: ماذا ستفعل لو بدأ أحباؤك بتبني أفكار تكرهها؟