logo
التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

التأسيس للعلاقة مع السعودية من هناك إلى هنا

الشرق الأوسطمنذ 6 أيام

في أجواء اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارته الرياض، جرى استدعاء صورة شهيرة جمعت ذات يوم بين الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على الطرّاد «كوينسي» في قناة السويس.
ورغم أن الصورة جرى استدعاؤها بين صور كثيرة للقاءات ماضية، ورغم أن اللقاءات كلها جرت بين رؤساء أميركيين وملوك المملكة المتعاقبين، فإن تلك الصورة تظل هي الصورة الأم، سواء من حيث زمانها الذي جرى التقاطها فيه، أو من حيث ضرورتها بين الصور الأخرى التي لا تخلو من الضرورة بالتأكيد.
وإذا كانت علاقات البلدين قد تجاوزت ما اعترض طريقها على طول المسافة، من يوم لقاء الملك المؤسس والرئيس روزفلت، فالسبب يعود إلى أنهما أسسا لما يضمن مثل هذا التجاوز، بحيث إذا انحرف المسار إلى اليمين أو إلى اليسار قليلاً، فإنه يظل يدور حول ما يعترضه ويلتف، وصولاً إلى غايته في الأفق المفتوح، فلا يتوقف ولا ينكسر.
الصورة يبدو فيها الملك المؤسس مستريحاً في مقعده، وعصاه بين يديه، في حين روزفلت أمامه يسمع وينصت للمترجم الذي كان قد بدا جاثياً على إحدى رُكبتيه، متكئاً على قدمه الأخرى، ليكون قريباً من مستوى مقعد الملك، فيأخذ عنه كلامه إلى الرئيس أو يفعل العكس. وكان بعض رفاق اللقاء من الجانبين يظهرون في خلفية الصورة التي بقيت كأنها أيقونة عن لقاء مضى، ولكن عاشت حصيلته من بعده على الجانبين. ولو أن الإعلام استدعى تلك الصورة من دون غيرها، ما كان قد نال من بقية الصور في شيء، لأنها الصورة الأصل التي تفرّعت عنها كل الصور في المراحل اللاحقة، ولأنها لو لم تولد في وقتها، ما كانت قد توالدت منها صور جاءت بعدها وبأثر منها.
كان العالم وقت الصورة يُغادر الحرب العالمية الثانية، وينفض عنه ترابها، وكانت بريطانيا تُغادر المنطقة، وتأخذ معها فرنسا في يدها، وكانت الولايات المتحدة ترث عنهما النفوذ في المنطقة التي هي بالطبيعة جزء من عالم ما بعد الحرب.
اليوم يبدو العالم كأنه مقبل على مرحلة مختلفة من مسيرته، تماماً كما كان مقبلاً على مرحلة أخرى في المسيرة نفسها يوم لقاء الطرّاد «كوينسي» في قناة السويس.
جاء الرئيس ترمب في زيارته بينما المشهد في المنطقة مُحاط بكل ما يدعو إلى التعامل السياسي معه، من أول الحرب الإسرائيلية التي طالت على الفلسطينيين في قطاع غزة لأكثر من عام ونصف العام، إلى جماعة الحوثي التي إذا كانت قد تعهدت للرئيس ترمب بوقف استهداف السفن في البحر الأحمر فإنها تظل شبحاً يخيفها، إلى إيران التي تذهب إلى مفاوضات مع الأميركيين وهي تتأرجح بين ما تريده وما تنتظره المنطقة منها، إلى سوريا التي تُجاهد لتغادر ماضياً أرهقها، إلى مستقبل تراه من حقها في الأمن والسلام.
جاء ترمب في زيارته وهو عارف أن الحرب الروسية - الأوكرانية التي أنهكت العالم قد آن لها أن تتوقف، ثم وهو عارف أيضاً أن الرئيسين الروسي والأوكراني إذا كانا سيلتقيان اليوم في تركيا، فإن المفاوضات التي مهّدت لمثل هذا اللقاء، أو قطعت خطوات في الطريق إليه، قد جرت من قبل في الرياض التي احتضنتها عن رغبة في أن تُشارك فيما يهدئ من توتر العالم.
جاء الرئيس الأميركي وهو عارف هذا كله وبغيره مما نراه من حولنا في المنطقة. جاء راغباً في وضع يده في يد المملكة العربية السعودية، لعل تفاصيل هذا المشهد تتبدل، ولعل الحرب على الفلسطينيين في القطاع تضع أوزارها. جاء وهو عارف أن الرياض تعتمد الحل السياسي في كل نزاع من حولها، ولا ترى في الحرب حلّاً في أي مدى مهما طال أو استطال.
هذا كله عما حول السعودية في المنطقة، وفي الإقليم، وفي العالم، أما ما بينها وبين الولايات المتحدة فأظن أن زيارة مثل هذه للرئيس ترمب تعيد تأسيس العلاقة بين البلدين، وتعطيها دفعة تُشبه الدفعة الأولى التي أثمرها لقاء الملك المؤسس والرئيس روزفلت، وبالذات على المستوى الاقتصادي. ولا مجال للقول بأن الولايات المتحدة ستستفيد وحدها من الاستثمارات السعودية فيها، لأن الاستفادة في استثمار كهذا ذات اتجاهين بطبيعتها، والعائد فيها على الرياض كالعائد من ورائها على واشنطن وربما أكبر، وإذا تلكأ العائد الاقتصادي على المملكة أو غاب، فالعائد السياسي سوف يعوّض ويفيض.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من الرياض إلى الرياض: دونالد ترمب والسعودية بين زيارتين تصنعان التاريخ !
من الرياض إلى الرياض: دونالد ترمب والسعودية بين زيارتين تصنعان التاريخ !

عكاظ

timeمنذ 30 دقائق

  • عكاظ

من الرياض إلى الرياض: دونالد ترمب والسعودية بين زيارتين تصنعان التاريخ !

لم تكن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية في مايو 2017 مجرّد حدث بروتوكولي، بل كانت لحظة مفصلية أرست نمطاً جديداً من الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن، ووثّقت تحول السعودية إلى مركز ثقل في إعادة تشكيل الشرق الأوسط. واليوم، بعد مرور ثمانية أعوام، يعود ترمب مجدداً إلى السعودية في 2025 خلال ولايته الثانية، ليجعل من الرياض مرة أخرى أول محطة خارجية له، في مشهد يحمل رمزية متكررة، وواقعاً سياسياً واقتصادياً متغيراً، لكنه متين في ثوابته. 2017: زيارة التأسيس وبناء التحالفات عند انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة عام 2016، كانت السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط في مرحلة ضبابية. فجاءت زيارته الأولى إلى السعودية في مايو 2017 كخطوة جريئة تعيد ضبط العلاقات مع الحلفاء التقليديين، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية. شهدت الزيارة ثلاث قمم تاريخية (سعودية ـ أمريكية، خليجية ـ أمريكية، إسلامية ـ أمريكية)، وحملت معها اتفاقيات تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار، وتأسيس «مركز اعتدال» لمكافحة الفكر المتطرف، وتأكيد التحالف في مواجهة التحديات الإقليمية، وخاصة تدخلات إيران. لكن الأثر الأهم كان رمزياً وإستراتيجيا: ترمب أرسل رسالة إلى العالم بأن السعودية لم تعد مجرد حليف نفطي، بل شريك سياسي وأمني في قيادة النظام الإقليمي الجديد. 2025: زيارة التثبيت وقراءة التحولات عادت السعودية لتكون المحطة الأولى للرئيس ترمب في ولايته الثانية عام 2025، في مشهد يعبّر عن ثقة متبادلة وعلاقات بلغت مستوى غير مسبوق من العمق الإستراتيجي. لكن هذه الزيارة جاءت في سياقات دولية مختلفة: • المنطقة شهدت تحولات كبرى، من تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل، إلى تطورات في الملف الإيراني واليمني. • المملكة تطورت داخلياً بشكل ملحوظ، إذ أصبحت ورشة عمل كبرى ضمن رؤية 2030، مع تنوّع اقتصادي، وإصلاحات اجتماعية، ونمو في النفوذ الإقليمي والدولي. زيارة ترمب الثانية لم تكن لتأسيس علاقة، بل لتثبيتها وتعميقها، عبر ملفات الطاقة والتقنية والأمن والدفاع، ومشروعات استثمارية ضخمة تُجسّد الثقة الأمريكية المتزايدة في الاقتصاد السعودي. نقاط الالتقاء بين الزيارتين أخبار ذات صلة • الرمزية الجغرافية: أن تكون الرياض أول محطة لرئيس أمريكي جديد (أو عائد إلى الرئاسة) مرتين متتاليتين، فهذا يحمل دلالة واضحة بأن السعودية تمثل العمود الفقري للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. • التحولات السعودية: في كلتا الزيارتين، كانت المملكة في طور تحوّل كبير؛ في 2017 كانت تطلق رؤية 2030، وفي 2025 تحصد ثمارها. • الملف الإيراني: كان حاضراً في كلتيهما، لكن بزاويتين مختلفتين: من المواجهة الصريحة إلى محاولة فرض التوازن الذكي. • الاستثمار في الشباب والإصلاح: ترمب وجد في رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مشروعاً يلتقي مع مصالح أمريكا: اقتصاد مفتوح، مجتمع حيوي، وحليف مستقر. انعكاسات الزيارتين على مستقبل المملكة نجحت السعودية، عبر الزيارتين، في تثبيت مكانتها كدولة محورية في المنطقة والعالم، لا تُقاس أهميتها فقط بالنفط، بل بتأثيرها السياسي، وقدرتها على بناء التوازنات. كما ساعدت الزيارات في تسريع الاستثمارات، وتعزيز صورة المملكة كوجهة جاذبة عالمياً، ودفع عجلة التعاون في مجالات التكنولوجيا، الأمن السيبراني، الطاقة المتجددة، والفضاء. أخيراً: شراكة من نوع مختلف ما بين 2017 و2025، لم تتغير السعودية فقط، بل تغيّر العالم. لكن ما بقي ثابتاً هو هذه العلاقة المتنامية بين الرياض وواشنطن، التي لم تعد قائمة على المصالح التقليدية فحسب، بل على رؤية مستقبلية تبني تحالفات جديدة لعصر جديد. زيارتا ترمب للسعودية، بفارق زمني ومعنوي، ليستا مشهداً دبلوماسياً عابراً، بل وثيقة سياسية تؤرخ لعصرٍ سعوديٍّ جديد، تتقدّم فيه المملكة بثقة نحو العالمية، بثبات الدور، واتساع الأثر.

عاجل: بريطانيا تعلق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل بعد توسيع عملياتها العسكرية في غزة
عاجل: بريطانيا تعلق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل بعد توسيع عملياتها العسكرية في غزة

العربية

timeمنذ 36 دقائق

  • العربية

عاجل: بريطانيا تعلق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل بعد توسيع عملياتها العسكرية في غزة

أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، تعليق مفاوضات اتفاقية تجارية مع إسرائيل، على خليفة توسيع عملياتها العسكرية في غزة. وأضافت الحكومة البريطانية أنها استدعت سفيرة إسرائيل تسيبي حوتوفلي بعد الإجراءات التي اتخذتها حكومة بلدها. وقال وزير الخارجية البريطاني" لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ممارسات إسرائيل، مشيرا إلى أن أسلوب إدارتها لحرب غزة يضر بالعلاقات الثنائية". وأضاف أن 9 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر دخول غزة وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفع الحصار. وأعلنت بريطانيا اليوم الثلاثاء أنها فرضت عقوبات على عدد من المستوطنين الإسرائيليين وعلى كيانات في الضفة الغربية قالت إنهم مرتبطون بأعمال عنف ضد الفلسطينيين. وذكرت الحكومة البريطانية أن العقوبات الجديدة شملت 7 أهداف وجاءت بموجب "نظام عقوبات حقوق الإنسان العالمي".

لا تعويض «مالي» مقابل الإعلان الخيري للأندية في آسيا
لا تعويض «مالي» مقابل الإعلان الخيري للأندية في آسيا

الاقتصادية

timeمنذ 37 دقائق

  • الاقتصادية

لا تعويض «مالي» مقابل الإعلان الخيري للأندية في آسيا

وافق الاتحاد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، للأندية المشاركة في مسباقاته على وضع إعلان خيري واحد أسفل الرقم خلف القميص خلال مبارياته لدعم المشاريع الخيرية، مشترطاً أن تكون الجمعية منظمة غير ربحية، ومسجلة رسميًا في أي بلد، وألا يحصل النادي على أي تعويض مالي مقابل الإعلان. وأوضح الآسيوي في تعميم حصلت "الاقتصادية" على نسخة منه أنه يجب على النادي تقديم إقرار موقع حسب الأصول تؤكد فيه المنظمة الخيرية المعنية أنها منظمة غير سياسية تسعى لتحقيق أهدافها بغض النظر عن الانتماء السياسي، ولا تتخذ أي موقف سياسي علناً، وأن تسعى لتحقيق أهدافها دون أي تمييز على أساس السياسة أو الجنس أو الدين أو العرق أو الجنسية أو أي سبب آخر. وحدد الآسيوي مساحة الإعلان خلف القميص في القسم العلوي بحد أقصى 20 سنتيمترا مربعا أو كبديل لاسم النادي أسفل الرقم الموجود على ظهر القميص، بحد أقصى 100 سنتيمتر مربع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store