
إنقاذ كوكب الشرق.. ماذا قال "الموجي" عن أم كلثوم وعبدالحليم حافظ في "حوار كشف الأسرار"؟
لم يكن الموجي مجرد ملحن مبدع، بل صاحب مدرسة فنية فريدة تجمع بين الحس الشعبي والتقنية الأكاديمية، مع مزج مدهش بين الإحساس العميق والبناء الموسيقي المحكم، فكل لحن له كان بمثابة قصة حقيقية تروي حياة وأصوات مبدعة، ومع مرور الوقت تبقى ألحانه حية في وجدان الجميع، ليظل اسمه مرتبطًا بالصوت والموسيقى كأمانة لابد من احترامها.
في حوار مع الإعلامي مفيد فوزي، كشف الموجي عن كثير من أسرار عالمه الفني، وتحدث بصراحة عن أسرار التلحين وأسرار الغناء، بل وتناول أبرز اللحظات التي شاركها مع أساطير الفن العربي مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ.
الموجي الذي كان يعتقد أن الصوت يمكن أن يشيخ بمرور الزمن، تحدث عن صوته في كبار السن وأشار إلى أن "الشيخوخة" يمكن أن تصيب الصوت، كما أصابت أم كلثوم في آخر سنواتها.
سأله فوزي عن جماليات أغنية "من غير ليه"، فقال الموجي إن الإبداع فيها واضح منذ بدايتها وحتى نهايتها، رغم أن الأستاذ عبد الوهاب ـ كما وصفه ـ لم يكن مرتاحا لفكرة استخدام الكمبيوتر والتراكات في العمل، لكنه اضطر لمواكبة العصر، ومع ذلك، احتفظ الرجل بجمله الموسيقية "النظيفة"، كما وصفها الموجي: "تحس إنها جديدة، شيك، متوضبة كويس".
يصف الموجي عبد الوهاب بأنه كان يفهم جيدًا معنى اللحن، ويستوعب تماما ما المقصود بالتأليف الموسيقي، كمقدمات وفواصل بين الكوبليهات، وحتى الأداء الغنائي، ويعبر بدهشة عن صوته في سن متقدمة: "أنا تعجبت إزاي بيغني بالصوت ده، صوته شاب، نقي، وكأنه عنده 40 أو 45 سنة".
لكن هل الصوت يشيخ؟ يجيب الموجي بثقة: "طبعا"، مؤكدًا أن أم كلثوم نفسها "شاخ صوتها في آخر أيامها"، ويستعيد لحظة حاسمة جمعته بها أثناء تسجيل أغنية "أسأل روحك"، حين واجهت صعوبة في الوصول لبعض المقامات العالية، وقال بحزن: "جات في الكوبليه الأخير، وموصلتش للطبقة، كنت هخبط دماغي في العربية من الزعل".
ويحكي أنه تلقى اتصالًا من الأستاذ عبد الوهاب نفسه بعد الحادثة، ينصحه فيه: "انزل الطبقة طن ونص"، لكن الموجي تردد، خائفا على شكل اللحن والآلات المصاحبة، فقال له عبد الوهاب: "فداهية.. نزل الطبقة"، نفذ النصيحة، ومرت الحفلة التالية بسلام: "غنت حلو يا سيدي، وغنينا كويس".
تلك اللحظة تركت أثرا بالغا في نفس الموجي، الذي رأى في عبد الوهاب معلما لا يعرف الحقد ولا الغيرة، بل يتمنى النجاح لغيره، ويوجه النصيحة بروح المسؤولية.
وعن تراجع الطبقات الصوتية، يقول الموجي إن كلما تقدم الإنسان في السن، تراجعت قدرته على الغناء في الطبقات العليا، ويؤكد أن عبد الوهاب نفسه لم يكن قادرا في كبره على أداء "الجندول" أو "الكرنك" بنفس القوة، وكان يختار طبقات تناسب صوته في كل مرحلة عمرية.
ثم يستعيد الموجي موقفا مع عبد الحليم حافظ، حين طلب منه غناء "جبار" على المسرح، فرد عبد الحليم: "لو غنيتها، هتطير خصيتي، ومش هكمل الليلة"، أغنية "جبار" كانت مرهقة في بدايتها، وفيها قفزات صوتية مرعبة، لذا اختار عبد الحليم ألا يغامر، ولم يغنها أمام الجمهور.
ويكشف الموجي أن بعض الأغاني التي عمل عليها، مثل "قارئة الفنجان"، وضعت على طبقة موسيقية منخفضة لتناسب قدرات المطرب، وتوفر عليه مجهودا هائلا خلال ساعة كاملة من الغناء المتصاعد والمنخفض، "الطبقة الصغيرة" كما يسميها، صارت أساسية في عملية التلحين، لاختصار المجهود وضمان ثبات الأداء.
وعن أغاني الأطفال، يعترف الموجي بأنه لم يقترب منها، ولم يضعها في حسبانه، أما عن دراسته، فيقول إنه دخل معهد الموسيقى مع عبد الحليم وفايدة كامل وغيرهم، لكنه انسحب بعد سنة لأنه لم يحب الدراسة الأكاديمية.
في ختام الحوار، سأل فوزي عن ظاهرة ارتفاع أجور الملحنين، فابتسم الموجي، ولم يكمل... وكأن كل ما قيل يكفي لرسم صورة فنان يعرف قيمة صوته، ويحترم حدود الإمكان البشري، ويؤمن بأن الموسيقى ليست مجرد نغمة، بل مسؤولية وصدق ومقامات تغنى وتحترم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 16 ساعات
- الدستور
إنقاذ كوكب الشرق.. ماذا قال "الموجي" عن أم كلثوم وعبدالحليم حافظ في "حوار كشف الأسرار"؟
اليوم، تمر ذكرى رحيل الموسيقار محمد الموجي، أحد أعظم أعمدة الموسيقى العربية في القرن العشرين. لم يكن الموجي مجرد ملحن مبدع، بل صاحب مدرسة فنية فريدة تجمع بين الحس الشعبي والتقنية الأكاديمية، مع مزج مدهش بين الإحساس العميق والبناء الموسيقي المحكم، فكل لحن له كان بمثابة قصة حقيقية تروي حياة وأصوات مبدعة، ومع مرور الوقت تبقى ألحانه حية في وجدان الجميع، ليظل اسمه مرتبطًا بالصوت والموسيقى كأمانة لابد من احترامها. في حوار مع الإعلامي مفيد فوزي، كشف الموجي عن كثير من أسرار عالمه الفني، وتحدث بصراحة عن أسرار التلحين وأسرار الغناء، بل وتناول أبرز اللحظات التي شاركها مع أساطير الفن العربي مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ. الموجي الذي كان يعتقد أن الصوت يمكن أن يشيخ بمرور الزمن، تحدث عن صوته في كبار السن وأشار إلى أن "الشيخوخة" يمكن أن تصيب الصوت، كما أصابت أم كلثوم في آخر سنواتها. سأله فوزي عن جماليات أغنية "من غير ليه"، فقال الموجي إن الإبداع فيها واضح منذ بدايتها وحتى نهايتها، رغم أن الأستاذ عبد الوهاب ـ كما وصفه ـ لم يكن مرتاحا لفكرة استخدام الكمبيوتر والتراكات في العمل، لكنه اضطر لمواكبة العصر، ومع ذلك، احتفظ الرجل بجمله الموسيقية "النظيفة"، كما وصفها الموجي: "تحس إنها جديدة، شيك، متوضبة كويس". يصف الموجي عبد الوهاب بأنه كان يفهم جيدًا معنى اللحن، ويستوعب تماما ما المقصود بالتأليف الموسيقي، كمقدمات وفواصل بين الكوبليهات، وحتى الأداء الغنائي، ويعبر بدهشة عن صوته في سن متقدمة: "أنا تعجبت إزاي بيغني بالصوت ده، صوته شاب، نقي، وكأنه عنده 40 أو 45 سنة". لكن هل الصوت يشيخ؟ يجيب الموجي بثقة: "طبعا"، مؤكدًا أن أم كلثوم نفسها "شاخ صوتها في آخر أيامها"، ويستعيد لحظة حاسمة جمعته بها أثناء تسجيل أغنية "أسأل روحك"، حين واجهت صعوبة في الوصول لبعض المقامات العالية، وقال بحزن: "جات في الكوبليه الأخير، وموصلتش للطبقة، كنت هخبط دماغي في العربية من الزعل". ويحكي أنه تلقى اتصالًا من الأستاذ عبد الوهاب نفسه بعد الحادثة، ينصحه فيه: "انزل الطبقة طن ونص"، لكن الموجي تردد، خائفا على شكل اللحن والآلات المصاحبة، فقال له عبد الوهاب: "فداهية.. نزل الطبقة"، نفذ النصيحة، ومرت الحفلة التالية بسلام: "غنت حلو يا سيدي، وغنينا كويس". تلك اللحظة تركت أثرا بالغا في نفس الموجي، الذي رأى في عبد الوهاب معلما لا يعرف الحقد ولا الغيرة، بل يتمنى النجاح لغيره، ويوجه النصيحة بروح المسؤولية. وعن تراجع الطبقات الصوتية، يقول الموجي إن كلما تقدم الإنسان في السن، تراجعت قدرته على الغناء في الطبقات العليا، ويؤكد أن عبد الوهاب نفسه لم يكن قادرا في كبره على أداء "الجندول" أو "الكرنك" بنفس القوة، وكان يختار طبقات تناسب صوته في كل مرحلة عمرية. ثم يستعيد الموجي موقفا مع عبد الحليم حافظ، حين طلب منه غناء "جبار" على المسرح، فرد عبد الحليم: "لو غنيتها، هتطير خصيتي، ومش هكمل الليلة"، أغنية "جبار" كانت مرهقة في بدايتها، وفيها قفزات صوتية مرعبة، لذا اختار عبد الحليم ألا يغامر، ولم يغنها أمام الجمهور. ويكشف الموجي أن بعض الأغاني التي عمل عليها، مثل "قارئة الفنجان"، وضعت على طبقة موسيقية منخفضة لتناسب قدرات المطرب، وتوفر عليه مجهودا هائلا خلال ساعة كاملة من الغناء المتصاعد والمنخفض، "الطبقة الصغيرة" كما يسميها، صارت أساسية في عملية التلحين، لاختصار المجهود وضمان ثبات الأداء. وعن أغاني الأطفال، يعترف الموجي بأنه لم يقترب منها، ولم يضعها في حسبانه، أما عن دراسته، فيقول إنه دخل معهد الموسيقى مع عبد الحليم وفايدة كامل وغيرهم، لكنه انسحب بعد سنة لأنه لم يحب الدراسة الأكاديمية. في ختام الحوار، سأل فوزي عن ظاهرة ارتفاع أجور الملحنين، فابتسم الموجي، ولم يكمل... وكأن كل ما قيل يكفي لرسم صورة فنان يعرف قيمة صوته، ويحترم حدود الإمكان البشري، ويؤمن بأن الموسيقى ليست مجرد نغمة، بل مسؤولية وصدق ومقامات تغنى وتحترم.


الدستور
منذ 19 ساعات
- الدستور
في ذكرى رحيله.. محمد الموجي "صانع النجوم" الذي غنى معه الجميع
30 عامًا مرت على رحيل الموسيقار محمد الموجي، الذي غاب عن عالمنا في 1 يوليو 1995، تاركًا خلفه إرثًا موسيقيًّا لا يقدَّر بثمن، فلم يكن الموجي مجرد ملحن، بل كان مهندس الألحان الحديثة وصانع نجومية الأصوات الذهبية، من عبد الحليم إلى أم كلثوم، ومن شادية إلى فايزة أحمد، وصولًا إلى وردة ونجاة الصغيرة وغيرهم. "للصبر حدود".. بصمة خالدة مع أم كلثوم رغم قلة عدد الأعمال التي جمعتهما، ترك الموجي مع كوكب الشرق أم كلثوم أثرًا خالدًا، ومن أشهر تلك الأغنيات: "للصبر حدود" (1963) و"اسأل روحك" (1970)، وكلاهما من كلمات عبد الوهاب محمد، إلى جانب "حانة الأقدار" و"أوقدوا الشموس" من كلمات طاهر أبو فاشا، كما لحّن لها أغانٍ وطنية شهيرة مثل "يا صوت بلدنا" و"يإسلام ع الأمة" و"أنشودة الجلاء" و"محلاك يا مصري"، لتبقى هذه الأعمال شاهدة على جرأته الفنية وروحه المتجددة. علاقة استثنائية مع العندليب وشكلت علاقة الموجي بعبد الحليم حافظ حجر زاوية في مسيرة الاثنين معًا، فقد تعاون الاثنان في أكثر من 50 أغنية، عاطفية ووطنية ودينية، صنعت تاريخًا من الإبداع والخلود. كان أول تعاون بينهما في أغنية "صافيني مرة"، التي كانت بوابة شهرة حليم، وتوالت بعدها الروائع مثل "حبك نار"، "أحبك"، "جبار"، "يا مالكًا قلبي"، "كامل الأوصاف"، وصولًا إلى آخر قصائد حليم "قارئة الفنجان" و"رسالة من تحت الماء" من كلمات نزار قباني. كما لحن له أعمالًا وطنية مؤثرة، منها "بستان الاشتراكية"، "لفي البلاد يا صبية"، و"النجمة مالت ع القمر"، لتؤكد العلاقة بينهما كيف يمكن للّحن أن يكون شريكًا في صياغة الوعي الجمعي للأمة. فايزة أحمد.. رفيقة الشجن استطاع الموجي أن يبرز طاقات فايزة أحمد الصوتية في مجموعة من الأغاني العاطفية الدافئة، ومن أشهر ما قدّما معًا: "أنا قلبي إليك ميّال"، "ياما القمر ع الباب"، "بيت العز"، "حيران"، و"قلبي عليك يا خي"، وقد تعاون في أغلبها مع الشاعر مرسي جميل عزيز، فيما قدّم لها أيضًا "تمر حنة"، "م الباب للشباك"، و"إلهي يحرسك من العين"، وغيرها من الأعمال التي حفرت في الوجدان العربي. وردة الجزائرية.. قصة حب موسيقية لم تكن وردة بحاجة إلى أكثر من أغنية واحدة لتقع في شباك ألحان الموجي، فكانت البداية مع "يا قلبي يا عصفور" و"أمل الليالي"، ثم جاءت روائع مثل "أحبها"، "مستحيل"، "أهلا يا حب"، "لازم نفترق"، وغيرها من الأغاني التي جعلت من وردة رمزًا للرومانسية والأداء القوي، كما قدّم لها أعمالًا دينية مميزة، مثل "سبحان الله"، "قلب الأم"، "سجدوا الملائكة"، و"نداء البداية"، في تنوع يثبت قدرة الموجي الفائقة على استكشاف جميع الألوان الغنائية. شادية.. خفة ظل ممزوجة بالعذوبة أبدع الموجي مع شادية في باقة من الأغاني التي غلب عليها الطابع المرح والعاطفي، مثل "شباكنا ستايره حرير"، "بوست القمر"، "غاب القمر يا بن عمي"، و"أصالحك بإيه"، وجميعا ما زالت تتردد في المناسبات. ألحان لكبار المطربين ولم تقتصر مسيرة الموجي على الأصوات الكبيرة وحدها، بل امتدت لتشمل طيفًا واسعًا من النجوم؛ كمحرم فؤاد "رمش عينه"، عزيزة جلال "هو الحب لعبة"، نجاة الصغيرة "عيون القلب"، "حبيبي لولا السهر"، ميادة الحناوي "جبت قلب منين"، "يا غائب لا يغيب"، و"زي الربيع"، سميرة سعيد "أنا ليك"، "شط البحر"، عفاف راضي "يهديك يرضيك"، صباح "الحلو ليه تقلان قوي"، "الدوامة"، و"زي العسل"، طلال مداح "ضايع في المحبة"، "لي طلب"، علي الحجار موسيقى "عمر بن عبد العزيز"، وغيرهم من الأصوات التي اكتشفها أو دعمها، مثل محمد قنديل، كمال حسني، ابتسام لطفي، ماهر العطار وغيرهم.


نافذة على العالم
منذ 3 أيام
- نافذة على العالم
ثقافة : قصة السينما فى مصر.. الوردة البيضاء أبرز أفلام الثلاثينيات
الأحد 29 يونيو 2025 11:50 صباحاً نافذة على العالم - يعد فيلم الوردة البيضاء من بطولة محمد عبد الوهاب أكثر أفلام فترة الثلاثينيات شهرة وهذا ما يحدثنا عنه كتاب "قصة السينما" لـ سعد الدين توفيق، والصادر عن دار الهلال سن 1969. الوردة البيضاء كان أبرز فيلم عرض فى مرحلة الفيلم الناطق التى سبقت إنشاء ستوديو مصر هو فيلم "الوردة البيضاء" ثالث فيلم يخرجه محمد كريم، وأول فيلم يقوم ببطولته محمد عبد الوهاب، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا هائلا حتى أن أرباحه قد زادت على ربع مليون جنيه، واستمر يعرض بنجاح لعدة سنوات، وليس من شك فى أن هذا النجاح يرجع إلى شهرة عبد الوهاب كمطرب، وقد غنى فيه 8 قطع غنائية ألف أحمد رامى خمسا منها وهى: وردة الحب، ونادانى قلبى إليك، ويا اللى شجاك أنینی، ویا لوعتى يا شقايا، وضحيت غرامى، أما الأغنية السادسة فهى "النيل نجاشى" لأمير الشعراء أحمد شوقى، والسابعة موال قديم هو (سبع سواقى بتنعى لم طفولى نار"، وكانت الأغنية الثامنة للشاعر اللبنانى بشارة الخورى وهى قصيدة جفنه علم الغزل، وكانت هذه الأغنية الثامنة هي أول أغنية عربية تستخدم فيها الأنغام الغربية، فقد لحنها عبد الوهاب على نغم رقصة الرومبا، وفى هذا الفيلم ظهر البطل فى حجرته فى أحد المشاهد، وسارت الكاميرا إلى صورة عبده الحامولى ثم إلى صورة سلامة حجازى، وهنا يسمع المتفرج صوت الشيخ سلامة هو ينشد قصيدته المشهورة (سلام على حسن ... . تم تقف الكاميرا أمام صورة سيد درويش ويسمع الجمهور صوت الشيخ سيد فى الدور المشهور "أنا عشقت"، وصرح عبد الوهاب وقتئذ بأنه أراد بهذا أن يخلد ذكرى هؤلاء الفنانين العظماء، ونراه فى هذا المشهد يقف فى خشوع أمام هذه الصور المعلقة على جدران حجرته، وذلك قبل أن يتخذ البطل قراره باتخاذ الغناء مهنة له. إعلان الفيلم وروی محمد كريم أن قصة هذا الفيلم بدأت باختيار اسم الفيلم! .. لم تكن هناك قصة، وإنما كان هناك مجرد اقتراح باختيار أحد اسمين هما (الوردة البيضاء و الوردة الحمراء". ثم تم اختيار الاسم الأول. وبعد ذلك بدأ تأليف القصة واشترك فى هذه العملية محمد كريم وتوفيق المردنلى المحرر بدار الهلال وسليمان نجيب ومحمد عبد الوهاب وإحدى السيدات. وبطل القصة محمد جلال (محمد عبد الوهاب) شاب نال شهادة البكالوريا وحالت ظروفه العائلية دون إتمام تعليمه، فلجأ إلى صديق غنى لوالده هو إسماعيل بك "سلیمان نجيب" لكى يساعده فى العثور على وظيفة، فعينه إسماعيل بك كاتبا بدائرته تحت رئاسة الباشكاتب خلیل أفندی (محمد عبد القدوس) الذى يعطف عليه ويمده بإرشاداته. ويفاجأ جلال ذات يوم بفتاة جميلة يحبها من أول نظرة، وكانت هذه الفتاة هى رجاء (سميرة خلوصى) ابنة اسماعيل بك، وأحبته رجاء فأهدته وردة بيضاء كدليل على حبها. ويسافر إسماعيل بك إلى عزبته مصطحبا معه ابنته وزوجته فاطمة هانم (دولت أبيض) التى تطمع فى أن تزوج أخاها شفیق (زکی رستم) الموظف بإحدى الوزارات لـ رجاء التى تكرهه ولا تريد أن تقترن به. ويحزن جلال لسفر حبيبته، ولكن العمل يقتضى أن يسافر إلى العزبة، وهناك يلتقى برجاء، وبينما كانا يتنزهان وسط الحقول يراهما شفيق، ويبلغ الأمر إلى إسماعیل بك الذى يطرد جلال من العمل فورا. واستغل جلال صوته الجميل فى الغناء، ونجح، ويصبح فى اعتقاده أهلا لطلب يد حبيبته، لكنه يفاجأ بإسماعيل بك يزوره ويطلب إليه فى توسل وإلحاج أن يترك رجاء نهائيا حتى يتمكن من حملها على قبول شفيق زوجا لها، ويعد جلال إسماعيل بك بأنه سيترك رجاء نهائيا، وفى ليلة زفاف رجاء يأتى جلال ليشهد الفرح من بعيد، وبعد أن تزف حبيبته إلى غريمه، ينطلق جلال منشدا ضحیت غرامی علشان هناکی، ويبتعد عن القصر رويدا رويدا الى أن يطويه الظلام. ومن الواضح أن هناك تشابها بين فكرة "الوردة البيضاء" وفكرة "غادة الكاميليا"، ففى غادة الكاميليا تضحى الحبيبة بغرامها من أجل سعادة من تحب بناء على طلب والده، أما فى الوردة البيضاء فالذى يضحى هو الرجل. الوردة البيضا ويلاحظ أن قصة "الوردة البيضاء" قد وضعت خطا تحت النظام الطبقى فى بلادنا، فبطل الفيلم شاب فقير يحب فتاة غنية ولكن أسرتها ترفض زواجهما للفارق الكبير بين مستواهما الاجتماعى، وتسرع بتزويجها من شاب ثرى من طبقتها، بينما يسير الشاب الفقير فى حزن أمام بيتها فى ليلة الفرح وهو يعنی "ضحيت غرامی علشان هناکی"! ولعلنا ننظر اليوم فى دهشة إلى هذا الموقف، وربما نجد أن الحل الطبيعى لهذه المشكلة أن يدفع الحب هذا الشاب إلى الكفاح والنجاح حتى يصبح أهلا للفتاة، أو أن ترفض الفتاة قرار أسرتها وتذهب لتعيش مع حبيبها بعد الزواج تاركة حياة القصور مفضلة الحياة البسيطة مع شاب فقير شريف، إلا أن القصة السينمائية فى أوائل الثلاثينات لم تكن تعنى بوضع حلول لمثل هذه المشكلات الاجتماعية أو تحاول أن تبرز أسباب وجود مثل هذه الفوارق الطبقية! ..