
ثقافة : قصة السينما فى مصر.. الوردة البيضاء أبرز أفلام الثلاثينيات
نافذة على العالم - يعد فيلم الوردة البيضاء من بطولة محمد عبد الوهاب أكثر أفلام فترة الثلاثينيات شهرة وهذا ما يحدثنا عنه كتاب "قصة السينما" لـ سعد الدين توفيق، والصادر عن دار الهلال سن 1969.
الوردة البيضاء
كان أبرز فيلم عرض فى مرحلة الفيلم الناطق التى سبقت إنشاء ستوديو مصر هو فيلم "الوردة البيضاء" ثالث فيلم يخرجه محمد كريم، وأول فيلم يقوم ببطولته محمد عبد الوهاب، وقد حقق هذا الفيلم نجاحا هائلا حتى أن أرباحه قد زادت على ربع مليون جنيه، واستمر يعرض بنجاح لعدة سنوات، وليس من شك فى أن هذا النجاح يرجع إلى شهرة عبد الوهاب كمطرب، وقد غنى فيه 8 قطع غنائية ألف أحمد رامى خمسا منها وهى:
وردة الحب، ونادانى قلبى إليك، ويا اللى شجاك أنینی، ویا لوعتى يا شقايا، وضحيت غرامى، أما الأغنية السادسة فهى "النيل نجاشى" لأمير الشعراء أحمد شوقى، والسابعة موال قديم هو (سبع سواقى بتنعى لم طفولى نار"، وكانت الأغنية الثامنة للشاعر اللبنانى بشارة الخورى وهى قصيدة جفنه علم الغزل، وكانت هذه الأغنية الثامنة هي أول أغنية عربية تستخدم فيها الأنغام الغربية، فقد لحنها عبد الوهاب على نغم رقصة الرومبا، وفى هذا الفيلم ظهر البطل فى حجرته فى أحد المشاهد، وسارت الكاميرا إلى صورة عبده الحامولى ثم إلى صورة سلامة حجازى، وهنا يسمع المتفرج صوت الشيخ سلامة هو ينشد قصيدته المشهورة (سلام على حسن ... . تم تقف الكاميرا أمام صورة سيد درويش ويسمع الجمهور صوت الشيخ سيد فى الدور المشهور "أنا عشقت"، وصرح عبد الوهاب وقتئذ بأنه أراد بهذا أن يخلد ذكرى هؤلاء الفنانين العظماء، ونراه فى هذا المشهد يقف فى خشوع أمام هذه الصور المعلقة على جدران حجرته، وذلك قبل أن يتخذ البطل قراره باتخاذ الغناء مهنة له.
إعلان الفيلم
وروی محمد كريم أن قصة هذا الفيلم بدأت باختيار اسم الفيلم! .. لم تكن هناك قصة، وإنما كان هناك مجرد اقتراح باختيار أحد اسمين هما (الوردة البيضاء و الوردة الحمراء". ثم تم اختيار الاسم الأول. وبعد ذلك بدأ تأليف القصة واشترك فى هذه العملية محمد كريم وتوفيق المردنلى المحرر بدار الهلال وسليمان نجيب ومحمد عبد الوهاب وإحدى السيدات.
وبطل القصة محمد جلال (محمد عبد الوهاب) شاب نال شهادة البكالوريا وحالت ظروفه العائلية دون إتمام تعليمه، فلجأ إلى صديق غنى لوالده هو إسماعيل بك "سلیمان نجيب" لكى يساعده فى العثور على وظيفة، فعينه إسماعيل بك كاتبا بدائرته تحت رئاسة الباشكاتب خلیل أفندی (محمد عبد القدوس) الذى يعطف عليه ويمده بإرشاداته. ويفاجأ جلال ذات يوم بفتاة جميلة يحبها من أول نظرة، وكانت هذه الفتاة هى رجاء (سميرة خلوصى) ابنة اسماعيل بك، وأحبته رجاء فأهدته وردة بيضاء كدليل على حبها.
ويسافر إسماعيل بك إلى عزبته مصطحبا معه ابنته وزوجته فاطمة هانم (دولت أبيض) التى تطمع فى أن تزوج أخاها شفیق (زکی رستم) الموظف بإحدى الوزارات لـ رجاء التى تكرهه ولا تريد أن تقترن به.
ويحزن جلال لسفر حبيبته، ولكن العمل يقتضى أن يسافر إلى العزبة، وهناك يلتقى برجاء، وبينما كانا يتنزهان وسط الحقول يراهما شفيق، ويبلغ الأمر إلى إسماعیل بك الذى يطرد جلال من العمل فورا.
واستغل جلال صوته الجميل فى الغناء، ونجح، ويصبح فى اعتقاده أهلا لطلب يد حبيبته، لكنه يفاجأ بإسماعيل بك يزوره ويطلب إليه فى توسل وإلحاج أن يترك رجاء نهائيا حتى يتمكن من حملها على قبول شفيق زوجا لها، ويعد جلال إسماعيل بك بأنه سيترك رجاء نهائيا، وفى ليلة زفاف رجاء يأتى جلال ليشهد الفرح من بعيد، وبعد أن تزف حبيبته إلى غريمه، ينطلق جلال منشدا ضحیت غرامی علشان هناکی، ويبتعد عن القصر رويدا رويدا الى أن يطويه الظلام.
ومن الواضح أن هناك تشابها بين فكرة "الوردة البيضاء" وفكرة "غادة الكاميليا"، ففى غادة الكاميليا تضحى الحبيبة بغرامها من أجل سعادة من تحب بناء على طلب والده، أما فى الوردة البيضاء فالذى يضحى هو الرجل.
الوردة البيضا
ويلاحظ أن قصة "الوردة البيضاء" قد وضعت خطا تحت النظام الطبقى فى بلادنا، فبطل الفيلم شاب فقير يحب فتاة غنية ولكن أسرتها ترفض زواجهما للفارق الكبير بين مستواهما الاجتماعى، وتسرع بتزويجها من شاب ثرى من طبقتها، بينما يسير الشاب الفقير فى حزن أمام بيتها فى ليلة الفرح وهو يعنی "ضحيت غرامی علشان هناکی"!
ولعلنا ننظر اليوم فى دهشة إلى هذا الموقف، وربما نجد أن الحل الطبيعى لهذه المشكلة أن يدفع الحب هذا الشاب إلى الكفاح والنجاح حتى يصبح أهلا للفتاة، أو أن ترفض الفتاة قرار أسرتها وتذهب لتعيش مع حبيبها بعد الزواج تاركة حياة القصور مفضلة الحياة البسيطة مع شاب فقير شريف، إلا أن القصة السينمائية فى أوائل الثلاثينات لم تكن تعنى بوضع حلول لمثل هذه المشكلات الاجتماعية أو تحاول أن تبرز أسباب وجود مثل هذه الفوارق الطبقية! ..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 19 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : "مصر الوطن والهوية" فى العدد الجديد من مجلة الهلال
الثلاثاء 1 يوليو 2025 05:30 مساءً نافذة على العالم - صدر حديثًا العدد الجديد من مجلة الهلال التى يرأس تحريرها طه فرغلى، والذى تحتفى فيه بثورات يوليو، حيث يهل يوليو حاملا نسمات عطرة ليومين سجلا بأحرف من نور في تاريخ المصريين يفصل بينهما 61 عاما 23 يوليو 1952 و3 يوليو 2013، وبين اليومين يمتد الخط على استقامته فى محبة مصر. في العدد الجديد من مجلة الهلال والصادر في شهر يوليو 2025 تحتفي المجلة بذكرى 3 يوليو، اليوم العظيم الذي شهد نهاية جماعة الإخوان الإرهابية واستعادة مصر لهويتها، ولا ننسي أبدا الاحتفاء بثورة مصر الخالدة ثورة 23 يوليو. وفي مقالات العدد الجديد من المجلة تجد مقالات نادرة كتبها السادات وفكرى أباظة والعقاد والدكتورة هدى عبد الناصر تكتب أبى جمال عبد الناصر، والدكتور عبد العزيز كامل يكتب عن الإسلام وعبد الناصر. وداخل العدد ستجد في باب "التكوين" حوارا مع الدكتور أحمد زايد عالم الاجتماع الكبير ومدير مكتبة الإسكندرية يروي نشأته وتكوينه بأسلوب بديع ساحر متضمنًا الكثير من تفاصيل رحلته العلمية بين الشيخ والأستاذ. كما سنجد في العدد أيضًا "جمال حمدان".. إبحار في فكر راهب الجغرافيا الدكتور جمال حمدان يقدمه لنا الدكتور عاطف معتمد.. وفى هذا العدد قراءة مختلفة لكتاب هام من مؤلفات حمدان "استراتيجية الاستعمار والتحرير". وتعد الهلال أول مجلة ثقافية شهرية عربية، ولا تزال تصدر حتى اليوم عن مؤسسة دار الهلال، وقد أسسها جورجى زيدان سنة 1892. بدأت المجلة من مطبعة بشارع الفجالة، وقد خرج العدد الأول فى 32 صفحة، بمؤسسها جورجى زيدان المولود فى بيروت عام 1861 والمتوفى بالقاهرة عام 1914، وكان يتولى أمورها بنفسه من إدارة وتحرير ومكاتبات وغير ذلك. وقام جورجى زيدان بتنسيق أبواب المجلة عند إصدارها، حيث كتب بيانا يطرح فيه مسوغات إصدار المجلة ورسالتها والمجالات التى ستعنى بها، وتبويبها، وقد حدد ذلك كله فى خمسة بنود وأبواب هى: باب "أشهر الحوادث وأعظم الرجال، والروايات، تاريخ الشهر، المنتخبات من الأخبار، التقريظ والانتقاد".


الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
إنقاذ كوكب الشرق.. ماذا قال "الموجي" عن أم كلثوم وعبدالحليم حافظ في "حوار كشف الأسرار"؟
اليوم، تمر ذكرى رحيل الموسيقار محمد الموجي، أحد أعظم أعمدة الموسيقى العربية في القرن العشرين. لم يكن الموجي مجرد ملحن مبدع، بل صاحب مدرسة فنية فريدة تجمع بين الحس الشعبي والتقنية الأكاديمية، مع مزج مدهش بين الإحساس العميق والبناء الموسيقي المحكم، فكل لحن له كان بمثابة قصة حقيقية تروي حياة وأصوات مبدعة، ومع مرور الوقت تبقى ألحانه حية في وجدان الجميع، ليظل اسمه مرتبطًا بالصوت والموسيقى كأمانة لابد من احترامها. في حوار مع الإعلامي مفيد فوزي، كشف الموجي عن كثير من أسرار عالمه الفني، وتحدث بصراحة عن أسرار التلحين وأسرار الغناء، بل وتناول أبرز اللحظات التي شاركها مع أساطير الفن العربي مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ. الموجي الذي كان يعتقد أن الصوت يمكن أن يشيخ بمرور الزمن، تحدث عن صوته في كبار السن وأشار إلى أن "الشيخوخة" يمكن أن تصيب الصوت، كما أصابت أم كلثوم في آخر سنواتها. سأله فوزي عن جماليات أغنية "من غير ليه"، فقال الموجي إن الإبداع فيها واضح منذ بدايتها وحتى نهايتها، رغم أن الأستاذ عبد الوهاب ـ كما وصفه ـ لم يكن مرتاحا لفكرة استخدام الكمبيوتر والتراكات في العمل، لكنه اضطر لمواكبة العصر، ومع ذلك، احتفظ الرجل بجمله الموسيقية "النظيفة"، كما وصفها الموجي: "تحس إنها جديدة، شيك، متوضبة كويس". يصف الموجي عبد الوهاب بأنه كان يفهم جيدًا معنى اللحن، ويستوعب تماما ما المقصود بالتأليف الموسيقي، كمقدمات وفواصل بين الكوبليهات، وحتى الأداء الغنائي، ويعبر بدهشة عن صوته في سن متقدمة: "أنا تعجبت إزاي بيغني بالصوت ده، صوته شاب، نقي، وكأنه عنده 40 أو 45 سنة". لكن هل الصوت يشيخ؟ يجيب الموجي بثقة: "طبعا"، مؤكدًا أن أم كلثوم نفسها "شاخ صوتها في آخر أيامها"، ويستعيد لحظة حاسمة جمعته بها أثناء تسجيل أغنية "أسأل روحك"، حين واجهت صعوبة في الوصول لبعض المقامات العالية، وقال بحزن: "جات في الكوبليه الأخير، وموصلتش للطبقة، كنت هخبط دماغي في العربية من الزعل". ويحكي أنه تلقى اتصالًا من الأستاذ عبد الوهاب نفسه بعد الحادثة، ينصحه فيه: "انزل الطبقة طن ونص"، لكن الموجي تردد، خائفا على شكل اللحن والآلات المصاحبة، فقال له عبد الوهاب: "فداهية.. نزل الطبقة"، نفذ النصيحة، ومرت الحفلة التالية بسلام: "غنت حلو يا سيدي، وغنينا كويس". تلك اللحظة تركت أثرا بالغا في نفس الموجي، الذي رأى في عبد الوهاب معلما لا يعرف الحقد ولا الغيرة، بل يتمنى النجاح لغيره، ويوجه النصيحة بروح المسؤولية. وعن تراجع الطبقات الصوتية، يقول الموجي إن كلما تقدم الإنسان في السن، تراجعت قدرته على الغناء في الطبقات العليا، ويؤكد أن عبد الوهاب نفسه لم يكن قادرا في كبره على أداء "الجندول" أو "الكرنك" بنفس القوة، وكان يختار طبقات تناسب صوته في كل مرحلة عمرية. ثم يستعيد الموجي موقفا مع عبد الحليم حافظ، حين طلب منه غناء "جبار" على المسرح، فرد عبد الحليم: "لو غنيتها، هتطير خصيتي، ومش هكمل الليلة"، أغنية "جبار" كانت مرهقة في بدايتها، وفيها قفزات صوتية مرعبة، لذا اختار عبد الحليم ألا يغامر، ولم يغنها أمام الجمهور. ويكشف الموجي أن بعض الأغاني التي عمل عليها، مثل "قارئة الفنجان"، وضعت على طبقة موسيقية منخفضة لتناسب قدرات المطرب، وتوفر عليه مجهودا هائلا خلال ساعة كاملة من الغناء المتصاعد والمنخفض، "الطبقة الصغيرة" كما يسميها، صارت أساسية في عملية التلحين، لاختصار المجهود وضمان ثبات الأداء. وعن أغاني الأطفال، يعترف الموجي بأنه لم يقترب منها، ولم يضعها في حسبانه، أما عن دراسته، فيقول إنه دخل معهد الموسيقى مع عبد الحليم وفايدة كامل وغيرهم، لكنه انسحب بعد سنة لأنه لم يحب الدراسة الأكاديمية. في ختام الحوار، سأل فوزي عن ظاهرة ارتفاع أجور الملحنين، فابتسم الموجي، ولم يكمل... وكأن كل ما قيل يكفي لرسم صورة فنان يعرف قيمة صوته، ويحترم حدود الإمكان البشري، ويؤمن بأن الموسيقى ليست مجرد نغمة، بل مسؤولية وصدق ومقامات تغنى وتحترم.


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
ثقافة : قصة السينما.. أول فيلم مصري يشارك في مهرجان دولى
الثلاثاء 1 يوليو 2025 08:30 صباحاً نافذة على العالم - دخلت السينما المصرية مرحلة جديدة مع مدرسة ستوديو مصر، الذى أنتج فيلم "وداد" أول فيلم مصرى يشارك فى مهرجان دولي، فما الذى يقوله كتاب "قصة السينما" لـ سعد الدين توفيق، والصادر فى سنة 1969. مدرسة ستوديو مصر جاءت بعد ذلك أهم مرحلة من مراحل تطوّر الفيلم، وهى مرحلة "ستوديو مصر"، من سنة 1936 إلى سنة 1944، وكان هذا الاستوديو بمثابة مدرسة جديدة فى السينما المصرية، نقلت الفيلم المصرى خطوات واسعة إلى الأمام، إذ كان أول استوديو سينمائى مجهز تجهيزًا كاملًا. وقبل إنشائه، أوفدت الشركة المالكة له، وهى شركة مصر للتمثيل والسينما، عددًا من الشبان لدراسة السينما فى أوروبا، وهم: أحمد بدرخان وموريس كسّاب لدراسة الإخراج فى فرنسا، ومحمد عبد العظيم وحسن مراد لدراسة التصوير فى ألمانيا. كما استعانت بعدد من الخبراء الأجانب للإشراف على إدارة العمل فى الاستوديو. بوستر الفيلم وكان أول فيلم صُوّر فى ستوديو مصر هو فيلم "وداد"، الذى قامت ببطولته أم كلثوم. وكتب قصة الفيلم وحواره الشاعر أحمد رامي، وأعدَّ السيناريو أحمد بدرخان، وكان من المفترض أن يتولى بدرخان إخراج الفيلم أيضًا، إلا أن الخبراء الأجانب الذين كانوا يشرفون على الإدارة الفنية لستوديو مصر وقفوا فى وجه هذا المخرج المصرى الشاب، إذ كانوا يدركون أنه إذا أُتيحت للفنانين المصريين الشبان فرصة إظهار كفاءتهم، فإن ذلك سيهدد بقاءهم، ولن تستمر سيطرتهم على ستوديو مصر طويلًا. وهكذا انتهت مؤامرتهم بسحب فيلم "وداد" من بدرخان، وإسناد إخراجه إلى الخبير الألمانى فريتز كرامب، الذى أخرجه بمساعدة جمال مدكور. وكشف هذا الفيلم، بعد عرضه، عن حقيقة مهمّة: أن فريتز كرامب ليس مخرجًا. فقد جاءت مشاهد الفيلم بطيئة ومملّة، كما أن حركة الكاميرا كانت بدائية، وكانت معظم المشاهد تبدو جامدة، كما لو كانت تُؤدّى على خشبة مسرح، وتقوم الكاميرا بنقلها كما هي، دون أى تدخل فني. بل إن أم كلثوم ظهرت فى إحدى أغنيات الفيلم واقفة أمام ستار، ولم تتحرك هي، ولم تتحرك الكاميرا من مكانها طوال الأغنية! كان أجمل ما فى الفيلم هو صوت أم كلثوم وظهورها على الشاشة لأول مرة، وفيما عدا ذلك، لم تكن للفيلم قيمة فنية تُذكر، بل لعل الأصح أن نسجل أن المستوى الفنى للفيلم، من ناحيتى الإخراج والتصوير، كان ضعيفًا إلى أقصى حد، ولا يمكن مقارنته بأى فيلم أجنبى عُرض فى بلادنا خلال تلك الفترة. ولم تكن هناك فائدة حقيقية من وجود هذا "المخرج" الأجنبي. وقد أسند المخرج الأدوار الرئيسية فى الفيلم إلى عدد من ممثلى المسرح المعروفين، مثل أحمد علام، ومختار عثمان، وفتوح نشاطي، ومنسى فهمي، ومحمود المليجي، وظهرت فى الفيلم ممثلة جديدة هى كوكا. فيلم وداد وقصة الفيلم "تاريخية"، جرت أحداثها فى أيام المماليك، وبطلها باهر (أحمد علام)، وهو تاجر ثرى يعيش فى بيت فاخر، أثمن ما فيه جارية جميلة الصوت تُدعى وداد (أم كلثوم). وكان باهر يحب وداد ويعيش معها فى سعادة، إلى أن وقع ذات يوم حادث: فقد هاجم اللصوص القافلة التى كانت تحمل السلع التى اشتراها ونهبوها. ولم يستطع باهر أن يسدد الديون التى كان قد اقترضها من بعض زملائه، فاضطر إلى إغلاق متجره. ثم طلبت منه وداد أن يبيعها فى سوق الجوارى كى يسدّد بثمنها بعض ديونه. وبعد بيعها، ظل باهر حزينًا كسير الفؤاد لفقد حبيبته. وانتقلت وداد من سوق الجوارى إلى بيت رجل ثرى عجوز (منسى فهمي)، لكنها ظلّت وفية لحبيبها باهر. وعندما أحسّ هذا الرجل العجوز بأن ساعته قد دنت إثر مرض طويل، قرّر أن يعتق وداد، فعادت إلى حبيبها باهر، الذى كان قد استعاد متجره، وعاشا سعيدين من جديد. وكان فيلم "وداد" هو أول فيلم مصرى يُعرض فى مهرجان دولى للسينما، وهو مهرجان البندقية سنة 1936، وقد حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، شجّع أم كلثوم على الظهور فى سلسلة من الأفلام الناجحة، منها "نشيد الأمل" و"دنانير"، وقد أخرجهما أحمد بدرخان. وبرز بدرخان فى هذه المرحلة، وقدم للشاشة مجموعة من الأفلام المتقنة، مثل "حياة الظلام"، المأخوذ عن قصة محمود كامل المحامي. وكان بدرخان هو أول فنان مصرى يؤلف كتابًا عن السينما. وكتابه "فن السينما" هو أول مرجع باللغة العربية يشرح لهواة السينما والقراء عمومًا كيف يُصنع الفيلم، ومراحل تطوره من القصة إلى السيناريو، إلى الإخراج والتصوير ثم المونتاج، وكان أحمد بدرخان أول مصرى يدرس السينما فى باريس.