ترامب يهدد جامعة هارفارد بسبب المظاهرات المناهضة للاحتلال
سرايا - أعلنت السلطات الأمريكية، عن مراجعة التمويل الفدرالي المخصص لجامعة هارفارد، والبالغ 9 مليارات دولار، في أعقاب اتهامات بمعاداة السامية داخل الحرم الجامعي، على خلفية الحراك المناصر للفلسطينيين.
ويأتي هذا القرار بعد إجراءات مماثلة استهدفت جامعة كولومبيا، التي شهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للقضية الفلسطينية، مما أدى إلى سحب ملايين الدولارات من تمويلها.
وتعتزم إدارة الرئيس دونالد ترامب التدقيق في عقود بقيمة 255.6 مليون دولار بين الحكومة وهارفارد، إضافة إلى 8.7 مليارات دولار من التزامات المنح طويلة الأجل، في خطوة تعكس تصعيداً ضد الجامعات التي شهدت مظاهرات منددة بحرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي على غزة.
كما وجه ترامب أوامر لمسؤولي الهجرة بترحيل الطلاب الأجانب المشاركين في الاحتجاجات، بمن فيهم الحاصلون على بطاقات الإقامة الدائمة "غرين كارد".
وأثارت هذه الإجراءات انتقادات واسعة، إذ يرى منتقدوها أنها تمثل تهديداً لحرية التعبير وتندرج ضمن سياسات انتقامية.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة التعليم، ليندا ماكماهون، أن إخفاق جامعة هارفارد في التصدي لما وصفته بالتمييز المعادي للسامية قد أضرّ بسمعتها الأكاديمية، مشددة على أن بإمكان الجامعة معالجة هذه الإخفاقات واستعادة مكانتها كمؤسسة تعليمية متميزة توفر بيئة آمنة لجميع الطلاب.
من جانبه، حذر رئيس جامعة هارفارد، آلان غارنر، من أن تعليق التمويل الفدرالي سيؤدي إلى توقف الأبحاث العلمية المنقذة للحياة ويعرّض الابتكارات المهمة للخطر.
وأوضح أن الجامعة تلقت إخطاراً حكومياً بشأن مراجعة التمويل بسبب مخاوف من عدم التزامها بمكافحة المضايقات المرتبطة بمعاداة السامية، مؤكداً أن إدارة الجامعة شددت إجراءاتها التأديبية خلال الأشهر الماضية للتعامل مع هذه القضايا.
ورغم تقديم إدارة جامعة كولومبيا مجموعة من التنازلات، بما في ذلك تبني تعريفات جديدة لمعاداة السامية وتعزيز الرقابة على الاحتجاجات، إلا أنها لم تستجب لبعض المطالب الأكثر إلحاحاً من إدارة ترامب.
وأعلنت الحكومة أن مراجعة جامعة كولومبيا أسفرت عن موافقتها على تسعة شروط أساسية كخطوة نحو إعادة جزء من التمويل الفدرالي المعلق، بينما حذر مجلس إدارة رابطة الجامعات الأمريكية من أن تعليق تمويل الأبحاث "لأسباب غير مرتبطة بالبحث العلمي يشكل سابقة خطيرة وغير منتجة".
كما دعت اللجنة المعنية إلى التزام الإجراءات القانونية المعتمدة في التحقيقات المتعلقة بالتمييز، مشددة على أن هذه الآليات تضمن المساءلة وتعزز ريادة الولايات المتحدة في مجالات العلوم والابتكار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
بين زواج مارشال وطلاق ترامب
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية، كقوة وحيدة من بين دول الجانبين، لم تتأثر بنيتها التحتية من طرق ومبانٍ وجسور وبنوك ونحوه بضرر، ما ساعدها في احتكار التقنية الحديثة وصناعتها، واتخاذ وضعية تؤهلها لإنتاج السلع وبيعها بأسعار عالية في أرجاء العالم.لكن وجدت أمريكا أن هذا النمو الاقتصادي سيظل محصورا داخل حدودها، ما لم تقم بتفعيل اقتصادات أوروبا – التي خرجت منهكة من الحرب – لتكون سوقا لمنتجاتها، وعلمت أمريكا كذلك أن الفشل في تعافي الاقتصاد الأوروبي سوف يفسح الطريق أمام المد الشيوعي.بناء على هذه المعطيات، قامت أمريكا بوضع خطة «مارشال»، نسبة إلى وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال، الذي دعا في خطاب له في جامعة هارفارد عام 1947 إلى مشروع مساعدة أوروبا في إعادة البناء.لم تكن أهداف خطة مارشال اقتصادية بحتة، فقد كانت أمريكا ترمي من خلالها إلى جعْل أوروبا حليفا قويا في مواجهة السوفييت، وترمي كذلك إلى منع عودة أية أنظمة ديكتاتورية تجر إلى الاقتتال بين دول أوروبا.المساعدات التي قدمتها أمريكا لأوروبا من خلال خطة مارشال، كانت حجر الأساس في انطلاق أوروبا نحو التعافي الاقتصادي.أوروبا القارة العجوز التي تقاسمت مع الولايات المتحدة الأمريكية مفهوم الغرب، ومثلتا معا ركني الحضارة الغربية، ظلت على مدى عقود من بعد الحرب العالمية الثانية متنعمة بمظلة الحماية الأمريكية، القوة الأولى في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إضافة إلى الشراكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي حققت المنافع المتبادلة.ترامب الذي يولي تعزيز الاقتصاد الأمريكي الأولوية القصوى، ينظر إلى أوروبا على أنها عالة على الدعم الاقتصادي والأمني الأمريكي، ومن ثم يتجه إلى فصل هذا التحالف الغربيومع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية، حدثت تغيرات جذرية في السياسات الخارجية الأمريكية، كان أبرزها السياسات غير المألوفة في التعامل مع أوروبا، التي فجرت مفهوم الغرب، وأنذرت بفك الارتباط، الذي امتد على مدى ما يقرب من ثمانين عاما بين أمريكا وأوروبا.بدأ ترامب حقبته بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ومن منظمة الصحة العالمية، وهدد بالاستحواذ على جزيرة غرينلاند الدنماركية، وتنكّر لأوكرانيا، واتهم رئيسها زيلينسكي بأنه ديكتاتور ومختلس للمساعدات الأمريكية، وعقد المفاوضات مع بوتين في غياب أوكرانيا وأوروبا.ظهر في سلوك ترامب وإدارته، ما اعتبرته أوروبا تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية، حيث دأبت الإدارة الأمريكية على انتقاد الأنظمة الأوروبية واتهامها بقمع الحريات، ومطاردة المعارضين والسطو على الانتخابات، وأرسل نائبه جيه دي فانس إلى مؤتمر ميونخ في فبراير/شباط الماضي، ليخطب خطابا تاريخيا حمل من أصناف التوبيخ لأوروبا ما حمل، ما حدا برئيس مؤتمر ميونيخ كريستوف هويسغن، للتعقيب على الخطاب قائلا: يبدو أن المبادئ المشتركة بين الدول الغربية لم تعد مشتركة اليوم، بما يعني أن العلاقات بين أمريكا وأوروبا لن تكون كما كانت. ترامب الذي يولي تعزيز الاقتصاد الأمريكي الأولوية القصوى، ينظر إلى أوروبا على أنها عالة على الدعم الاقتصادي والأمني الأمريكي، ومن ثم يتجه إلى فصل هذا التحالف الغربي، كان آخر مظاهره: التعريفات الجمركية التي فرضها على الاتحاد الأوروبي والصين. هناك أخطار عدة تتهدد القارة العجوز جراء تفتت هذا التحالف، فإضافة إلى الخسائر الاقتصادية، سوف تفقد القارة الأوروبية – التي ركنت طويلا إلى القوة الأمريكية- مظلة الحماية في وجه روسيا، ما يعرّض أوروبا، خاصة دول الشرق منها لاجتياح النفوذ الروسي. ولا شك أن أمريكا فرضت صيغة على النظم الأوروبية، تحول دون ولادة نظم ديكتاتورية ذات أطماع استعمارية على غرار الفاشية والنازية من جديد، ومع تفتت هذا التحالف فإن الباب أمام ولادة هذه النظم قد فُتح، خاصة إذا انكفأت كل دولة على شؤونها الخاصة، وتصاعدت النبرة القومية بين الشعوب الأوروبية.سياسة ترامب الجديدة، هي دعم اليمين الأوروبي الذي يتناغم مع توجهاته السياسية، ومن ثم تخشى أوروبا أن تقع الدول الأوروبية في قبضة هذا اليمين المتطرف. لا شك أن حقبة ترامب يتشكل فيها نظام عالمي جديد، من خلال سياسات ترامبية تتبنى القومية الاقتصادية، تعتمد على المصلحة الذاتية أولا، وإعادة توزيع القوة من خلال دوائر النفوذ، ووصولا إلى ذلك يعمل ترامب على مد جسور التفاهم مع الصين وروسيا، باعتبارهما أقوى وأبرز المنافسين، بما يعني أن العالم معرض لأن يكون كعكة تتقاسمها الدول العظمى من خلال التفاهمات وتقاطع المصالح واقتسام النفوذ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.كاتبة أردنية


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
روبيو، كوبا، والنموذج الصهيوني
ترجمة: علاء الدين أبو زينة اضافة اعلان لورنس ديفيدسون* - (تو ذا بوينت) 26/5/2025في هذا المقال، يشرح لورنس ديفيدسون كيف أن تاريخ لوبي الأميركيين الكوبيين، بتقليده للوبي الإسرائيلي، هيأ وزير الخارجية الأميركي لتنفيذ رغبات ترامب، غالبًا غير الإنسانية والمخالفة للدستور.* * *تحوّل ماركو روبيو إلى واحد من الأشخاص الذين "يُعتمد عليهم" بالنسبة للرئيس دونالد ترامب. تمّ تعيينه أولًا وزيرًا للخارجية في ولاية ترامب الثانية، ثم عُيِّن مؤخرًا ليكون مستشارًا للأمن القومي بالإنابة. وقد أثبت فاعلية في تحويل أهداف ترامب إلى ممارسات سياسية واقعية.لم يكن هذا بالأمر الصعب على روبيو لأنه يتقاسم مع ترامب العديد من تحيزاته، مثل الإيمان المطلق تقريبًا بوجوب دعم إسرائيل حتى وهي تنتهك المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.لهذا الغرض، كرّس روبيو نفسه -بصفته وزيرًا للخارجية- لإعادة هيكلة "مكتب وزارة الخارجية للديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل". لماذا فعل؟ لأن هذا المكتب، بحسب زعمه، "خاض معارك ضد القادة غير المنسجمين مع الفكر التقدمي في دول مثل بولندا والمجر والبرازيل، وسعى إلى تحويل كراهيته لإسرائيل إلى سياسات ملموسة، مثل حظر الأسلحة". وفي الوقت ذاته، دعم روبيو ممارسات ترامب التي تجلّت في اعتقال مؤيدي فلسطين وترحيل قادتهم من البلاد بطريقة انتقائية.ويؤكد سجل روبيو التصويتي في الكونغرس ارتباطه الوثيق بإسرائيل:1. "عارض السيناتور روبيو الاتفاق النووي مع إيران، ودعم نقل السفارة الأميركية إلى القدس. كما دعم 'قانون تايلور فورس'، الذي ينص على عدم تقديم أي أموال حكومية أميركية إلى أي جهة فلسطينية تكافئ ماليًا 'الإرهابيين' أو عائلاتهم. كما انتقد قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يؤكد أن المستوطنات الإسرائيلية لا تمتلك شرعية قانونية، وشارك في رعاية تشريع يعارض هذا القرار".2. "يعارض السيناتور روبيو 'حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات' (BDS)، وشارك في رعاية قانون مناهضة مقاطعة إسرائيل وقانون مكافحة 'حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات' للعام 2017، وهما قانونان يهدفان إلى مكافحة المقاطعات التي اعتُبرت تمييزية والتي تستهدف إسرائيل. وفي العام 2019، صوّت روبيو لصالح "قانون تعزيز أمن الشرق الأوسط الأميركي"، الذي -من بين بنود أخرى- عزز أمن إسرائيل وسمح للحكومات المحلية أو الحكومية باتخاذ إجراءات لسحب استثماراتها من الكيانات التي تقاطع إسرائيل".3. "شارك السيناتور روبيو في رعاية 'قانون الوعي بمعاداة السامية'، الذي يهدف إلى تبني تعريف لمعاداة السامية لأغراض تطبيق القوانين الفيدرالية المناهضة للتمييز في البرامج أو الأنشطة التعليمية".من كل هذه المظاهر، يبدو روبيو سياسيًا انتهازيًا لا يعبأ كثيرًا بالقواعد التي يفرضها الدستور الأميركي، ناهيك عن القانون الدولي. وهو بالتأكيد مستعد وقادر على تنفيذ أوامر ترامب، حتى وإن كانت غير دستورية وغير إنسانية.لكن ثمة جانبًا أعمق في قصة ماركو روبيو.خلفية روبيو ذات الصلةوُلد روبيو في العام 1971 لأبوين كوبيين منفيين يعيشان في فلوريدا، ما يعني أنه وُلد في داخل مجتمع بثقافة تعادي حكم فيدل كاسترو وخلفائه بشكل علني. ولا يمكن التأكيد بما يكفي على أن هذا المجتمع كان مغلقًا نسبيًا، لكنه كان شديد التنظيم بحيث كان مجرد التشكيك في الموقف المعادي لكاسترو يُعتبر خيانة.وكان ذلك المجتمع أيضًا واحدًا يتمتع بتأثير سياسي كبير عندما يتعلق الأمر بالضغط على الحكومة الفيدرالية عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية المتعلقة بكوبا. على سبيل المثال، سعى سياسيون، مثل روبيو، إلى فرض الحصار الاقتصادي على كوبا من دون أي اكتراث بمدى الفقر المتزايد للشعب الكوبي، أو ما تسببه هذه السياسة من توتر مع حلفاء الولايات المتحدة الذين يتعاملون تجاريًا مع كوبا.لطالما صوت أغلب الأميركيين الكوبيين الذين تعود جذورهم إلى الهجرة المناهضة لكاسترو لصالح الجمهوريين. وهو أمر مفهوم؛ فقد رأوا أن الجمهوريين أكثر ثباتًا في عدائهم لكاسترو من الديمقراطيين، خاصة بعد فشل محاولة غزو خليج الخنازير.بذلك، يكون انتماء روبيو الدائم للحزب الجمهوري، سواء في مسيرته السياسية في فلوريدا أو خلال عضويته في الكونغرس، انعكاسًا لظاهرة الامتثال الثقافي. كما تفسر هذه الخلفية تحالفه السريع مع ترامب، الذي سعى دائمًا إلى كسب دعم المجتمع الكوبي الأميركي (المثال الذي يتصوره ترامب عن "المهاجرين الجيدين").ولكن، كيف يمكن أن تفسر هذه الخلفية التزام روبيو الواضح تجاه إسرائيل والصهاينة؟الأميركيون الكوبيون والصهاينةفي العام 1981، قام أحد المنفيين الكوبيين والمشاركين في فشل عملية خليج الخنازير، ويدعى ماس كانوسا، بتأسيس "المؤسسة الوطنية الأميركية الكوبية" (CANF). وقد تشكلت هذه المؤسسة تحت تأثير كراهية كانوسا العميقة لحكومة كاسترو. وكانت تكتيكاتها في العمل تعكس شخصيته السلطوية ذات النظرة الأحادية.على سبيل المثال، وبحسب ما كانت تراه "مؤسسة كوبا الوطنية الأميركية"، سيكون سقوط نظام كاسترو فقط هو ما يمكن أن يُعتبر نتيجة مقبولة. أما أولئك الذين اقترحوا التفاوض مع الحكومة الكوبية، فتم تصنيفهم على أنهم خونة. وكان تجويع المواطنين الكوبيين إلى الحد الذي يُفترض أنهم سينقلبون عنده على النظام هو الاستراتيجية المقبولة والمفضلة.وفي غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً، أصبحت وجهة نظر هذه المؤسسة هي السائدة أولاً في مجتمع المنفى الكوبي في ميامي، ثم في باقي أنحاء فلوريدا وخارجها. ومع ذلك، سرعان ما تجاوزت طموحات المؤسسة المجتمع الكوبي الأميركي. كان الهدف النهائي للمؤسسة هو السيطرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه كوبا.بعد وقت قصير من إنشاء المؤسسة، قال مؤسسها ماس كانوسا: "لقد أدركنا بسرعة أننا حتى نتمكن من أن نؤثر في النظام السياسي الأميركي، يجب علينا أن نقلد النموذج اليهودي... وقد أقمنا تحالفاً وثيقاً مع اللوبي اليهودي في واشنطن".وإذن، كان مصدر الإلهام والمرشد للمؤسسة الكوبية الأميركية هو 'لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية' (AIPAC). ونتيجة لذلك، أصبح الدعم غير المشروط للصهيونية جزءاً لا يتجزأ من الأيديولوجيا المجتمعية التي روّجت لها مؤسسة المنفيين الكوبيين.(1)كان ماركو روبيو نتاجًا لتلك الأيديولوجيا المجتمعية، وهو ما يفسر دعمه غير النقدي لإسرائيل. ففي منصبه كوزير للخارجية، صرّح مراراً بأن "حماس يجب أن تُباد" وأنه يجب "إعادة توطين الفلسطينيين". وبمجرد تحقيق ذلك، فإن غزة ستكون جاهزة لعملية إعادة إعمار كبرى، أطلق عليها اسم مشروع "ريفييرا غزة". وقال روبيو إن "الولايات المتحدة مستعدة لتقود عملية جعل غزة جميلة من جديد".قد تضع الخلافات الراهنة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روبيو في موقف محرج، غير أن هذه الخلافات تتعلق بالاستراتيجية وليس بالمبدأ. سوف يبقى روبيو وفياً لترامب، وقد يوجّه انتقادات لنتنياهو، لكنه سيظل في الوقت نسه مؤيداً وفياً للدعم المادي لإسرائيل.يشغل روبيو الآن منصب "كبير مستشاري السياسة الخارجية" في إدارة ترامب. وهو يسيطر على وزارة الخارجية، كما يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي للرئيس. وقد وصل إلى هذه المناصب نتيجة لعاملَين: 1) أن البيئة السياسية التي شكّلت حياته كانت متوافقة مع أهداف ترامب السياسية العامة؛ و2) أن تنشئته جعلته وكيلاً موثوقاً لقائد (ترامب)، والذي يعكس إلى حد بعيد سلوكيات ورؤية بطل الجالية الكوبية الأميركية، ماس كانوسا.لهذه الأسباب، كان من السهل على روبيو أن يفي بتوقعات ترامب: "الولاء أولاً؛ الولاء للرجل، والولاء للمهمة".تُذكّر الطريقة التي يدير بها ترامب حكومته بمبدأ "المركزية الديمقراطية" الذي كان من المبادئ الحاكمة للشيوعيين الأوائل في روسيا. في البداية، يُسمح بالنقاش حول القضايا (ويمكن للمرء أن يتخيل الكثير من الأخذ والرد بين الحلفاء الغرباء الذين يدعمون ترامب). لكنّ ما يحدُث في الواقع هو أن الجميع يحاولون استشعار الاتجاه الذي يفضله الزعيم. وبمجرد أن يتضح هذا الاتجاه، يتوحد الجميع حوله. وفي تلك اللحظة، يتوقف كل نقاش ويُتوقع من الجميع أن يصطفوا ويهتفوا.ثمة شك في ما إذا كان ترامب يستمع للنقاش من الأساس. ويغلب أنه عادة ما يمتلك تفضيلاً منذ البداية -سواء كان ذلك التفضيل متصلاً بالواقع أم لا. وتجعل الطريقة التي تُدار بها هذه "الحوكمة" ترامب لا يسمع إلا صدى صوته. وسوف يشكل هذا المحيط المغلق في نهاية المطاف مصير ماركو روبيو المهني، وكذلك مصير دونالد ترامب. ويبدو أن الناتج النهائي سيكون كارثة حقيقية، سواء على المستوى الداخلي أو في السياسة الخارجية.في النهاية، من المرجّح أن يعود روبيو إلى مستنقع السياسة المحلية في فلوريدا، حيث سيذوب مرة أخرى في المجتمع ضيق الأفق والمتحيّز الذي نشأ فيه.*لورانس ديفيدسون Lawrence Davidson: أستاذ التاريخ الفخري في جامعة ويست تشيستر في بنسلفانيا. ينشر تحليلاته حول السياسة الداخلية والخارجية الأميركية، والقانون الدولي والإنساني، وممارسات وسياسات إسرائيل/الصهيونية منذ العام 2010.*نشر هذا المقال في موقع الكاتب: تحت عنوان: Marco Rubio and the Zionist Connection(1) للمزيد عن هذا الموضوع، انظر كتاب لورانس ديفيدسون: Privatizing America's National Interest، دار نشر جامعة كنتاكي، الصفحات (76-78).


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
بشار جرار : عين ماسك وعونه
أخبارنا : جميلة «صاحبة الجلالة» «السلطة الرابعة» الصحافة عندما تكون ودودة ومرهفة الحس! من نبرة السؤال يبدي أحيانا الصحفيون غايتهم من السؤال، عندما يكون المراد تلطيف الأجواء أو رفع الحرج أو العتب. هكذا كان سؤال الاطمئنان على عين ماسك اليمنى وقد بدت عليها علامات ارتضاض جراء سقطة أو ضربة. بضربة معلّم، بصرف النظر عن صحة الإجابة أو دقتها، سارع إيلون ماسك الجمعة في آخر يوم له كموظف متعاقد على نحو مؤقت مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، سارع للقول إن القصة وما فيها أنه طلب من صغيره «اللي على الحِجْر» البالغ من العمر -الحافظ الله- خمس سنوات، طلب من ابنه إكس تسديد لكمة له في الوجه، فما كان إلا أن أجابه وبعينه! «ضرب الحبيب زبيب»ّ! و»حسنٌ في كل عين من تودّ»! ضحك ماسك وترمب والصحافة من الحضور المحظيين بدخول المكتب البيضاوي في البيت الأبيض و»يا دار ما دخلك شر»! القصة ليست عين ماسك بل عونه.. بتقديره، ما تم توفيره في أربعة أشهر مئة وستين مليار دولار، وما حققه قسم الكفاءة الحكومية المعروف اختصارا ب «دووج» ما زال في البداية.. صحيح أن الثمن الإنساني الاجتماعي باهظ، وهو تسريح ربع مليون موظف من القطاع الحكومي أو بالأصح العمومي، إلا أن عون ماسك في حقيقته غوث وإنقاذ.. مهمة ماسك التي صارت مهمة كل أعضاء إدارة ولاية ترمب الثانية، هي مكافحة الفساد والهدر ورفع الكفاءة الحكومية بحسب وزير الخزانة (المالية) سكوت بيسنت. المديونية شارفت على السبعة والثلاثين تريليون دولار وقد كانت يوم التنصيب الذي وصفه ترمب بيوم الاستقلال وبدء العصر الذهبي لأمريكا، كانت عند الرقم ستة وثلاثين تريليون دولار، وما الفارق إلا فوائد وديون مضافة يستسهلها بعض ممثلي الأمة الأمريكية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي ولذلك واجه مشروع قانون ترمب الذي وصفه بالكبير والجميل معارضة من المحافظين ماليا الذين يصوتون دائما ضد أي مشروع قانون يزيد المديونية داخلية كانت أم خارجية.. ذاكرة الناس واهتماماتهم للأسف موضع تلاعب وسائل الترفيه والثقافة والإعلان والإعلام ومنذ عقود. فثمة من حاول تشتيت الانتباه وحرف الاهتمام عن القضايا الجوهرية وأسرف في الضخ الإعلامي والإعلاني لتصوير ماسك وكأنه يلاحق أرزاق الناس. وما أسهل القابعين خلف التراث والموروث الروحي والإنساني والوطني للقول مثلا بأن «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق». طبعا لا غبار على هذه المقولة، إن كان في الأمر ظلم أو كراهية أو تمييز أو محاباة أو فساد من أي نوع كان. لكن استمرار الأحوال على ماهي عليه تعني ليس فقط التضخم والبطالة أو ما هو أسوء من المشكلتين، الترهل والفساد الإداري والمالي. بل تعني خسارة الاستقلال الحقيقي وبالتالي ضياع الهوية والبلاد، لأن الفقر والفاقة والإحساس بالمظلومية وإن كان غير مبرر أو مبالغ به أو مُتوهَّم أو مزعوم في بعض الأحيان، إلا أنه يفشي العداوة والبغضاء بين الناس. وغاية أي حكومة، أي نظام حكم وأي بلاد في العالم هي البقاء والنماء، الصلاح والفلاح، وتلك مصلحة فردية في الصميم قبل أن تكون جماعية. للتراجع في الأداء الوطني عموما والإفلاس المالي والكساد الاقتصادي أضرار جمة. منها التشجيع على خوض الحروب والصراعات العنيفة فيما يعرف بالهروب إلى الأمام والقفز إلى المجهول، على أمل سرقة واستغلال ثروات الآخرين، أو قمع فئات أو شرائح معينة في المجتمع. هذا فضلا عما هو أكثر خطورة، ألا وهو فساد المنظومة القِيَمية لدى الفرد والجماعة بمعنى الأسرة والحي والمجتمع والمؤسسة، أيا كانت مدنية أم عسكرية، أهلية أم رسمية. وعليه، فإن قطع حبائل الهدر والفساد، إنما هو كمبضع الجرّاح الذي يستأصل ورما سرطانيا. وكلما كان التدخل أسرع والاستئصال اجتثاثيا لا تجميليا ولا ترقيعيا، كان التعافي التام والعاجل أقرب إلى استجابة دعاء الصالحين بأنْ اللهم محبة وحكمة وقوة. وسلامة عين ماسك وربنا يطعمه برّ ولده الحبيب إكس، كما كان بارا بأمه ماي هالدمان كندية الأصل خبيرة التغذية التي تحمل إضافة إلى الجنسية الكندية، الجنوب إفريقية والأمريكية. ترمب سلّم ماسك تقديرا لوطنيته وخدماته المجانية التي كلفته خسائر بالمليارات رافقتها أعمال عنف وتهديد بالقتل، سلّم إيلون الذي سيبقى «صديقا ومستشارا»، سلّمه مفتاحا ذهبيا للبيت الأبيض..