logo
خلال استقبال جلالته كبار المشاركين في مؤتمر الحوار الإسلامي ـ الإسلامي.. الملك: لا عِزَّ للأمة ولا سلطان إلا بوحدتها وتمسكها بدينها

خلال استقبال جلالته كبار المشاركين في مؤتمر الحوار الإسلامي ـ الإسلامي.. الملك: لا عِزَّ للأمة ولا سلطان إلا بوحدتها وتمسكها بدينها

أخبار الخليج١٩-٠٢-٢٠٢٥

أمتنا الإسلامية تمر بظروف صعبة تحتم علينا بذل المزيد من الجهد للوصول إلى كلمة سواء بيننا تجمع قلوبنا وتوحد كلمتنا
المؤتمر يمهد لمرحلة جديدة تمكننا من التعبير السليم عن جوهر الإسلام والتعامل الرشيد مع التحدياتِ التي تواجه الأمة وتعيق مسيرة تقدمها الحضاري
استقبل‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم،‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬الصخير،‭ ‬أمس‭ ‬كبار‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬ـ‭ ‬الإسلامي‮»‬،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬فضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬والذي‭ ‬تستضيفه‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬برعاية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬400‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬العلماء‭ ‬والقيادات‭ ‬والمرجعيات‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمفكرين‭ ‬والمثقفين‭ ‬والمهتمين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬أمة‭ ‬واحدة‭ ‬ومصير‭ ‬مشترك‮»‬،‭ ‬وينظمه‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،‭ ‬والمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬ومجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭.‬
‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الاستقبال،‭ ‬رحَّب‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬بضيوف‭ ‬المملكة،‭ ‬شاكرًا‭ ‬لهم‭ ‬حضورهم‭ ‬ومشاركتهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬الإسلامي‭ ‬المهم،‭ ‬ومتمنيًا‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬التوفيق‭ ‬في‭ ‬اجتماعهم‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توحيد‭ ‬الكلمة،‭ ‬ولمّ‭ ‬الشمل‭ ‬بين‭ ‬الأشقاء‭ ‬المسلمين،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوحدة‭ ‬الإسلامية‭.‬
وبعد‭ ‬تلاوة‭ ‬آيات‭ ‬بينات‭ ‬من‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم،‭ ‬تفضل‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬بإلقاء‭ ‬كلمة‭ ‬سامية‭ ‬بهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬فيما‭ ‬يلي‭ ‬نصها‭:‬
بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم
الحمد‭ ‬لله،‭ ‬والصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬على‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬أجمعين،،
‭ ‬صاحب‭ ‬الفضيلة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الشيخ‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف،،
الحضور‭ ‬الكريم،،
‭ ‬السلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته،‭ ‬وحياكم‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬ضيافةِ‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬يسعدُها‭ ‬أن‭ ‬تكونَ‭ ‬حاضنةً‭ ‬لهذا‭ ‬الاجتماعِ‭ ‬الميمون،‭ ‬بغاياتهِ‭ ‬المثلى،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وحدة‭ ‬صف‭ ‬أمتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬وإعلاء‭ ‬مكانتِها‭.‬
ويطيبُ‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نلتقي‭ ‬بكم‭ ‬في‭ ‬ساعةٍ‭ ‬مباركةٍ‭ ‬من‭ ‬ساعاتِ‭ ‬اللقاءِ‭ ‬والتواصل،‭ ‬بمناسبةِ‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمرِ‭ ‬الحوارِ‭ ‬الإسلامي‭ ‬ – ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬الذي‭ ‬بادرَ‭ ‬بفكرته،‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬أرضِ‭ ‬البحرين‭ ‬قبلَ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عامين،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬فضيلة‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب،‭ ‬حفظهُ‭ ‬الله‭ ‬وباركَ‭ ‬في‭ ‬مسعاه‭ ‬المخلص‭ ‬لخدمة‭ ‬الإسلامِ‭ ‬والمسلمين‭.‬
وها‭ ‬نحنُ‭ ‬اليوم،‭ ‬نستجيبُ‭ ‬لذلك‭ ‬النداءِ‭ ‬التاريخي،‭ ‬بإقامةِ‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمرِ‭ ‬المهم‭ ‬والهادف‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬الفكرِ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬والتمهيدِ‭ ‬لمرحلةٍ‭ ‬جديدة‭ ‬تمكنّنا‭ ‬من‭ ‬التعبيرِ‭ ‬السليمِ‭ ‬والأمينِ‭ ‬عن‭ ‬جوهر‭ ‬الإسلام،‭ ‬والتعاملِ‭ ‬الرشيدِ‭ ‬مع‭ ‬التحدياتِ‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الأمة،‭ ‬وتعيق‭ ‬مسيرة‭ ‬تقدمها‭ ‬الحضاري‭.‬
ولا‭ ‬يُخفى‭ ‬عليكم،‭ ‬أيها‭ ‬الحضورُ‭ ‬الكريم،‭ ‬ما‭ ‬مرّت‭ ‬وتمرُّ‭ ‬به‭ ‬أمتنا‭ ‬الإسلامية،‭ ‬من‭ ‬ظروفٍ‭ ‬صعبة،‭ ‬تحتّمُ‭ ‬علينا‭ ‬بذل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬للوصولِ‭ ‬إلى‭ ‬كلمةٍ‭ ‬سواء‭ ‬بينَنا،‭ ‬تجمعُ‭ ‬قلوبَنا،‭ ‬وتوحّدُ‭ ‬كلمتنا،‭ ‬وتشُدُّ‭ ‬مِن‭ ‬أَزرِنا،‭ ‬وتنبذ‭ ‬الفرقة‭ ‬والخلاف،‭ ‬فلا‭ ‬عِزَّ‭ ‬لهذه‭ ‬الأمةِ‭ ‬ولا‭ ‬سلطانَ‭ ‬إلا‭ ‬بوحدتِها،‭ ‬وتمسُّكِها‭ ‬بدينِها،‭ ‬امتثالًا‭ ‬للدعوةِ‭ ‬الربانيةِ‭ ‬في‭ ‬الكتابِ‭ ‬العزيزِ‭: (‬وَأَطِيعُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬وَرَسُولَهُ‭ ‬وَلَا‭ ‬تَنَازَعُوا،‭ ‬فَتَفْشَلُوا‭ ‬وَتَذْهَبَ‭ ‬رِيحُكُم‭).‬
ونتطلعُ،‭ ‬لهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬إلى‭ ‬إسهاماتِ‭ ‬المؤتمرِ‭ ‬العلمية‭ ‬والشرعية‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إشاعة‭ ‬الفكرِ‭ ‬المعتدل،‭ ‬ووقف‭ ‬الاستغلال‭ ‬الديني‭ ‬والمذهبي‭ ‬المهدد‭ ‬لاستقرارِ‭ ‬المجتمعاتِ‭ ‬وسيادةِ‭ ‬الأوطان،‭ ‬الذي‭ ‬يتطلبُ،‭ ‬بدوره،‭ ‬استحداث‭ ‬آليات‭ ‬متجددةٍ‭ ‬وجادةٍ‭ ‬لتوسيعِ‭ ‬دائرة‭ ‬التفاهم‭ ‬والتقاربِ‭ ‬لتشملَ‭ ‬كل‭ ‬مكوناتِ‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وبقيادةٍ‭ ‬حكيمةٍ‭ ‬للرموز‭ ‬والمرجعيات‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬كلَ‭ ‬المدارس‭ ‬والمذاهبِ‭ ‬الفكرية‭.‬
‭ ‬ونود‭ ‬هنا،‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬وقوف‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬سيصدر‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الديني‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬أمرٍ‭ ‬جامعٍ‭ ‬يجمع‭ ‬أمتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬‮«‬الأخوةِ‭ ‬الدينيةِ‮»‬‭ ‬الحقة،‭ ‬عبر‭ ‬ترسيخِ‭ ‬التضامن‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬المذاهب‭ ‬الإسلامية،‭ ‬واعتبار‭ ‬الاختلاف‭ ‬بينها،‭ ‬اختلاف‭ ‬تنوع‭ ‬وتكامل،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬يجمعها‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يفرقها‭.‬
‭ ‬ولا‭ ‬يفوتُنا،‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الصعيد،‭ ‬أن‭ ‬نُشيدَ‭ ‬بالدور‭ ‬الرائد‭ ‬الذي‭ ‬يتولاه‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬والذي‭ ‬يجمع‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬علماءِ‭ ‬البلاد‭ ‬لخدمة‭ ‬الدينِ‭ ‬الحنيف،‭ ‬ومن‭ ‬أجلِ‭ ‬رفعةِ‭ ‬المسلمين‭ ‬ولمَ‭ ‬شملهم‭.‬
‭ ‬كما‭ ‬نفخر‭ ‬بقانونِ‭ ‬الأسرة‭ ‬البحريني‭ ‬الموحد،‭ ‬الذي‭ ‬أثبتت‭ ‬تجربتُه‭ ‬النموذجية،‭ ‬أن‭ ‬أوجهَ‭ ‬التلاقي‭ ‬بين‭ ‬المذاهبِ‭ ‬الإسلامية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعابِ‭ ‬نقاط‭ ‬الاختلاف‭ ‬المحدودة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬أيةِ‭ ‬فرقةٍ‭ ‬أو‭ ‬خلاف‭. ‬
وختامًا،‭ ‬نحمدُ‭ ‬اللهَ‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬فضلهِ‭ ‬وتكريمهِ‭ ‬بأن‭ ‬جعلنا‭ ‬من‭ ‬أهلِ‭ ‬القبلةِ‭ ‬الواحدة،‭ ‬ورمزًا‭ ‬للوحدةِ‭ ‬والتوافق،‭ ‬فأصبحنا‭ ‬بنعمتهِ‭ ‬إخوانًا،‭ ‬ونسألهُ‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬أن‭ ‬يهيئَ‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬أمرِنا‭ ‬رشدا،‭ ‬وأن‭ ‬يوفقَ‭ ‬الجميع‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خيرُ‭ ‬الأمةِ‭ ‬ونفعُها،‭ ‬إنهُ‭ ‬سميعٌ‭ ‬مجيب‭.‬
‭ ‬والسلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته‭.‬
‭ ‬ثم‭ ‬ألقى‭ ‬فضيلة‭ ‬الأمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭ ‬كلمةً‭ ‬قال‭ ‬فيها‭:‬
‭ ‬بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم
‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬رب‭ ‬العالمين،‭ ‬وصلى‭ ‬الله‭ ‬وسلم‭ ‬وبارك‭ ‬على‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد،‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬أجمعين،،
‭ ‬الأخ‭ ‬العزيز‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ملك‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،،
‭ ‬السلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته‭.. ‬وبعد،،
‭ ‬يسعدني‭ ‬وزملائي‭ ‬وإخواني‭ ‬العلماء‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬الإسلام‭ ‬أن‭ ‬نجتمع‭ ‬في‭ ‬بلدكم‭ ‬العزيز‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬واحة‭ ‬للتعايش‭ ‬والحوار،‭ ‬مقدرين‭ ‬بامتنان‭ ‬احتضان‭ ‬جلالتكم‭ ‬لهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬المخلصة‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬الإخوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جمع‭ ‬الكلمة‭ ‬وتوطيد‭ ‬الأخوة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتوفير‭ ‬الإمكانات‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنجاحه‭ ‬وإيصال‭ ‬صوته‭ ‬ورسالته‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬وأدعو‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يوفق‭ ‬جهودكم‭ ‬المخلصة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬بلدكم‭ ‬ورفعته،‭ ‬ودعم‭ ‬قضايا‭ ‬الأمة،‭ ‬وأن‭ ‬يديم‭ ‬على‭ ‬البحرين‭ ‬وسائر‭ ‬بلاد‭ ‬المسلمين‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬والسلامة‭ ‬والاستقرار‭.‬
السادة‭ ‬العلماء‭ ‬الأفاضـل،،
‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬تقديري‭ ‬لحضوركم‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬المهم،‭ ‬واستجابتكم‭ ‬لهذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الإسلامية‭ ‬الخالصة‭ ‬والصادقة‭ ‬بإذن‭ ‬الله،‭ ‬والتي‭ ‬نسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬لم‭ ‬شمل‭ ‬الأمة،‭ ‬والتفاهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬طي‭ ‬صفحة‭ ‬الماضي‭.‬
‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،،
لقد‭ ‬تحدثت‭ ‬اليوم‭ ‬واستمعت‭ ‬إلى‭ ‬إخواني‭ ‬وزملائي‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬المسلمين‭ ‬وفقهائهم‭ ‬ومفكريهم،‭ ‬والذين‭ ‬أشكرهم‭ ‬جزيل‭ ‬الشكر‭ ‬لاستجابتهم‭ ‬الكريمة‭ ‬لدعوة‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬ومجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين،‭ ‬للتشاور‭ ‬حول‭ ‬تحديات‭ ‬ثقيلة‭ ‬فرضها‭ ‬واقع‭ ‬مؤلم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يجثم‭ ‬على‭ ‬صدور‭ ‬الجميع،‭ ‬وإني‭ ‬لأقدر‭ ‬كثيرًا‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬الاستثنائي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬تعتده‭ ‬أعيننا‭ ‬بهذا‭ ‬الجمع،‭ ‬والذي‭ ‬تلاقت‭ ‬فيه‭ ‬أطياف‭ ‬الأمة،‭ ‬وعلماؤها‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬والشيعة‭ ‬الإمامية‭ ‬والزيدية،‭ ‬ومن‭ ‬الإباضية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬عامة‭ ‬المسلمين‭ ‬جميعًا‭ ‬ممن‭ ‬وصفهم‭ ‬نبي‭ ‬الإسلام‭ ‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه،‭ ‬وهو‭ ‬يحدد‭ ‬لنا‭: ‬من‭ ‬هو‭ ‬‮«‬المسلم‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬رقاب‭ ‬المسلمين‭ ‬ذمة‭ ‬الله‭ ‬ورسوله،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬الشريف‭: ‬‮«‬من‭ ‬صلى‭ ‬صلاتنا،‭ ‬واستقبل‭ ‬قبلتنا،‭ ‬وأكل‭ ‬ذبيحتنا،‭ ‬فذاكم‭ ‬المسلم‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬ذمة‭ ‬الله‭ ‬وذمة‭ ‬رسوله؛‭ ‬فلا‭ ‬تخفروا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬ذمته‮»‬‭.‬
‭ ‬جـلالة‭ ‬الـملـك،،‭ ‬إخــوتي‭ ‬العلماء،،
‭ ‬أظنكم‭ ‬تتفقون‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يحدثنا‭ ‬أن‭ ‬أمتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬لم‭ ‬تجن‭ ‬من‭ ‬الفرقة‭ ‬والتشرذم،‭ ‬وتدخل‭ ‬بعض‭ ‬دولها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لبعضها‭ ‬الآخر،‭ ‬أو‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬أراضيها،‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬المذهبية‭ ‬والطائفية‭ ‬والعرقية‭ ‬لزرع‭ ‬الفتن‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬الواحد،‭ ‬أو‭ ‬محاولات‭ ‬تغيير‭ ‬المذاهب‭ ‬المستقرة‭ ‬بالترغيب‭ ‬وبالترهيب،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬تجن‭ ‬الأمة‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬فرقة‭ ‬ونزاعًا‭ ‬وصراعًا‭ ‬أسلمها‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬وتراجع‭ ‬أطمع‭ ‬الغير‭ ‬فينا‭ ‬وجرأه‭ ‬علينا،‭ ‬حتى‭ ‬رأينا‭ ‬وسمعنا‭ ‬من‭ ‬يطالبنا‭ ‬بتهجير‭ ‬شعب‭ ‬عريق‭ ‬وترحيله‭ ‬من‭ ‬وطنه‭ ‬ليقيم‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬منتجعًا‭ ‬سياحيًا‭ ‬على‭ ‬أشلاء‭ ‬الجثث‭ ‬وأجساد‭ ‬الشهداء‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬من‭ ‬أهلنا‭ ‬وأشقائنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬المكلومة،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬تتفقون‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتضامن‭ ‬عربي‭ ‬إسلامي‭ ‬أخوي‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬الخير‭ ‬لبلادنا‭ ‬ولمستقبل‭ ‬أمتنا‭.‬
‭ ‬وأتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بالدعاء‭ ‬أن‭ ‬يوفق‭ ‬قادة‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬قمتهم‭ ‬العربية‭ ‬المرتقبة‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية،‭ ‬وفي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وأن‭ ‬يجمع‭ ‬كلمتهم‭ ‬ويوحد‭ ‬شملهم‭.‬
‭ ‬وختامًا‭ ‬جـلالة‭ ‬الـملـك،،
‭ ‬يعلم‭ ‬الله‭ ‬أني‭ ‬لا‭ ‬أجيد‭ ‬المدح‭ ‬ولا‭ ‬الثناء‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القادة‭ ‬والحكام،‭ ‬غير‭ ‬أني‭ ‬أتحرج‭ ‬كثيرًا‭ ‬أن‭ ‬أقصر‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬واجب‭ ‬يفرضه‭ ‬الشرع‭ ‬كما‭ ‬تفرضه‭ ‬الأخلاق،‭ ‬وأوصانا‭ ‬به‭ ‬نبينا‭ ‬في‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬لا‭ ‬يشكر‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يشكر‭ ‬الناس‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬أمرنا‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬أنزلوا‭ ‬الناس‭ ‬منازلهم‮»‬،‭ ‬نعم،‭ ‬أستحي‭ ‬أن‭ ‬أنهي‭ ‬كلمتي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أتقدم‭ ‬بالأصالة‭ ‬عن‭ ‬نفسي‭ ‬ونيابة‭ ‬عن‭ ‬إخوتي‭ ‬علماء‭ ‬الإسلام‭ ‬المجتمعين‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حضرتكم‭ ‬بما‭ ‬أنتم‭ ‬أهلٌ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الثناء‭ ‬والشكر‭ ‬والعرفان‭ ‬بالجميل،‭ ‬وأحمد‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬كثيرًا‭ ‬أن‭ ‬هيأكم‭ ‬لاستضافة‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬واحتضانه‭ ‬ودعمه‭ ‬بإخلاص‭ ‬واضح‭ ‬ونية‭ ‬طيبة‭.‬
‭ ‬كما‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أشكر‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬اجتهد‭ ‬وسعى‭ ‬لإنجاح‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬من‭ ‬رجالكم‭ ‬الجادين‭ ‬المخلصين،‭ ‬ومن‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬مجلس‭ ‬حكماء‭ ‬المسلمين‭ ‬وعلماء‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭.‬
‭ ‬كما‭ ‬يسعدني‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬استكمال‭ ‬المسيرة،‭ ‬وتجديد‭ ‬النيات‭ ‬لخدمة‭ ‬الإسلام‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬المحطة‭ ‬التالية‭ ‬لمؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬ـ‭ ‬الإسلامي،‭ ‬سوف‭ ‬تحتضنها‭ ‬جمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وأدعو‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬وعلا‭ ‬أن‭ ‬يوفقنا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬أمتنا،‭ ‬وأن‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬التآلف‭ ‬والتقارب‭ ‬والوحدة‭ ‬والتقدم‭ ‬والرخاء‭.‬
‭ ‬شكر‭ ‬الله‭ ‬لكم‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حسن‭ ‬صنيعكم‭ ‬وكرم‭ ‬ضيافتكم‭ ‬وحكمة‭ ‬رعايتكم‭.‬
‭ ‬وجزاكم‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬خير‭ ‬الجزاء‭.‬
‭ ‬والسلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحـمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته‭.‬
‭ ‬هذا،‭ ‬وقد‭ ‬أقام‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬مأدبة‭ ‬غداء‭ ‬تكريمًا‭ ‬لضيوف‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحوار‭ ‬الإسلامي‭ ‬ـ‭ ‬الإسلامي‭. ‬

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟
لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟

البلاد البحرينية

timeمنذ 4 أيام

  • البلاد البحرينية

لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟

استعدادًا لقمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي ستُعقد في أوزبكستان في مايو 2025، يطرح السؤال نفسه: ماذا تهدف إليه هذه الدول من خلال تعزيز العلاقات بين المنطقتين؟ وما هي الفرص المتاحة؟. تمثل القمة القادمة الحلقة الثانية التي تجمع الطرفين، بعد انعقاد الأولى في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في عام 2023. وقد أسفرت أول قمة عن صدور خطة عمل مشتركة تغطي الفترة من 2023 إلى 2027، تضمنت عددًا من المحاور الأساسية التي تنظم العلاقة بين دول مجلس التعاون ونظرائها في آسيا الوسطى. وكان أول محور هو الحوار السياسي - الأمني، الذي تناول قضايا مختلفة، من بينها سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، سواء على أساس ثنائي يجمع المنطقتين، أو على أساس دولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي. فقد بذلت دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهودًا كبيرة للتصدي لتحدي الإرهاب على مدى السنوات الـ25 الماضية، شملت منع تمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين. ومع ذلك، فإن وضع تلك الجهود تحت مظلة تعاونية من شأنه أن يعزز كفاءتها، وذلك بسبب قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود السياسية، تهربًا من جهود أي دولة تعمل بمعزل عن تنسيق مع الدول الصديقة. وعلى الصعيد الاقتصادي-الاستثماري، عبّر الطرفان عن رغبة في إحداث قفزة نوعية في حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، في ظل وجود فرص متعددة في مجال الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة. فإحدى نقاط القوة لدى دول آسيا الوسطى تكمن في ثرواتها الطبيعية، خصوصًا المعادن النفيسة التي تُستخدم في البطاريات الحديثة، والتي أصبحت حلقة محورية في سلسلة توليد وتفعيل الطاقة النظيفة. ومن الجانب الخليجي، فإن دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طورت قدرات متقدمة في مجال رسم وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن التعاون مع دول آسيا الوسطى يُعد أمرًا منطقيًا ضمن سلاسلها التنموية. وأحد أسباب رغبة الطرفين في تنمية العلاقات في مختلف الأبعاد هو التجانس الثقافي والقيمي بينهما. إذ يُعد الإسلام التيار الديني المهيمن في المنطقتين، وقد انتشر إلى آسيا الوسطى وترسخ أساسًا بفعل التجارة والدعوة السلمية خلال القرون الوسطى. ونتيجة لذلك، يشعر سكان المنطقتين بألفة وأمان عند السفر من دولتهم إلى إحدى دول المنطقة الأخرى، وقد شهدت الحركة السياحية بين الخليج وآسيا الوسطى نموًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية. ومهّد هذا التبادل البشري لتوسيع إطار التعاون ليشمل التعليم والرياضة والإعلام وشؤون الشباب، وتخطط دول المنطقتين لتحقيق المزيد من المكاسب في هذا السياق. ومثل هذا التبادل يُولّد الثقة بين الطرفين، وهي من أهم العوامل التي تدفع دول الخليج العربي لاختيار دول آسيا الوسطى شريكًا في مجال الأمن الغذائي، الذي يُعد ملفًا حساسًا للغاية. فقد أظهرت أزمات مثل جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أهمية تنويع مصادر المواد الغذائية للدول الخليجية، التي تواجه صعوبات في تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيًا، بسبب المناخ الصحراوي، وشح الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة المياه الجوفية. وقد دفع ذلك الدول الخليجية إلى الاستثمار في القطاعات الغذائية لدى دول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع المكمل لذلك، وهو الشبكات اللوجستية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن استثمارات جديدة في الموانئ لدى تلك الدول على بحر قزوين. في ضوء ما سبق، يتضح أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى ليست مجرد تقارب دبلوماسي مؤقت، بل هي توجه استراتيجي طويل الأمد، يستند إلى مصالح متبادلة وتكامل في الموارد والرؤى. ومن خلال البناء على ما تحقق منذ قمة جدة، تُعد قمة سمرقند المقبلة فرصة حقيقية لترسيخ شراكة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأمن والتنمية والهوية الثقافية المشتركة. وإذا ما وُضعت الآليات المناسبة لمتابعة التنفيذ وتجاوز العوائق البيروقراطية، فإن هذه العلاقة مرشحة لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون بين التكتلات الإقليمية المتقاربة في التطلعات والتحديات.

رسائل من غزة '2'
رسائل من غزة '2'

الوطن

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الوطن

رسائل من غزة '2'

بدر علي قمبر في كل يومٍ نتنفس فيه الخير، تدور خواطرنا حول بعض السطور والمشاعر التي لا تنفكّ عن أذهاننا كلما نُعايش مجمل الظروف التي يعيشها المسلمون في أنحاء الأرض، وبخاصة تلك الظروف الصعبة المُزرية التي لا تليق بكرامة الإنسان ومكانته وصونه في الشريعة الإسلامية. أحوال أهلينا في غزة مازالت هي المسيطرة على تفكيرنا، وبخاصة لأولئك الذين فهموا حقيقة وجودهم على هذه الأرض، وفهموا مقاصد العيش ومعاني خلافة الله تعالى في الأرض. فليس كل تفكيرٍ يتعلّق بهم، وليس كل شعورٍ يُصبّ في صالحهم، فهناك البعض مازال يفكر في منحًى آخر، منحى (النفوس المريضة) التي تفكر في المشاعر السلبية، وإثارة الشكوك في مناحي الحياة. غزة اليوم مازالت تعطينا دروساً في الأمل، وفي تنفّس العطاء، وفي استنشاق أجواء الآخرة. لمَ لا، وهم مازالوا صامدين على أرضهم، يذودون عن حياض الإسلام والمسلمين، يدافعون عن كرامتهم وعن أرضهم المباركة التي ذكرها المولى الجليل في القرآن الكريم. فهي رسالة عزة وصمود، لكل مسلمٍ لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يعرف لغزة مكانتها في نفسه، أو أن يعيد التفكير في قضية «فلسطين» المنسية، التي أُعيدت إلى الأذهان مرة أخرى، وأُعيد تاريخها المنسي ليكون شعاراً لأبنائنا الصغار حتى ينشؤوا على معاني العزة وحب الإسلام، الذي لولا حبه، لما كنا نستنشق عبير السعادة. فالسعادة الحقيقية إنما تتمثل في محافظتنا على المعاني السامية التي حثنا عليها ديننا الحنيف، وأن نتمسك بهويتنا، ونتمسك بالقيم الإسلامية التي نعيش تحت ظلالها، ونعلم أبناءنا على سوانحها السامية. رسالة «العزة» والثبات على مبادئ الإسلام، هو الفخر الحقيقي للمسلم، ويجب عليه أن يعتز بها، لا أن يتجرّد تفكيره منها، ويفصل عيشته عن «مقومات الإسلام وقيمه السامية»، فذلك -لعمري- توجهٌ سلبيٌّ عقيم، قد يردي بصاحبه إلى متاهات الشرود الذهني، والانعكاس عن الثبات على طريق الاستقامة، التي يسلك فيها المسلم طريق الصراط المستقيم، ولا يحيد عن الطاعات التي تقرّبه إلى الخطوة الأولى للفردوس الأعلى. ولو تأملنا معاني الهداية، نجدها في دعواتنا التي نكررها في الصلاة كل يوم في سورة الفاتحة: «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»، وإن زاغ المرء عنها، تذكّر قوله تعالى: (فاستقيموا إليه واستغفروه). وجاء سفيان الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله، ثم استقم». رسالة ذلك الأب الجريح الصامد الصابر، الذي فقد في لحظة واحدة ستة من أبنائه، وصلى عليهم الجنازة، وقد استُشهدوا وهم في طريقهم (لعمل الخير) في سيارتهم التي كانوا يستقلّونها ليُقدّموا المساعدات لغيرهم، وقد كانوا، ومنذ بداية الحرب، في شعلة من النشاط والعمل الخيري ليُقدّموا وجبات الطعام للأسر في غزة. العظة هنا أن الأبوين، وفي مسير حياتهما، يعانيان الكثير من أجل أن يربّيا أبناءهما، ويزرعا فيهم القيم السامية، ويُضيّقا على أنفسهما من أجل أن يتعلّم أبناؤهما أفضل تعليم، ومن أجل أن يُؤدّوا أمانتهم في هذه الحياة، فيُربّوا الأجيال على معاني الهداية، ويُمهدوا لهم سبل الخير من أجل أن يُساهموا في رفعة ونهضة الأوطان. ولعل النتاج الحقيقي في نهاية المطاف، هو ما كتبه الله تعالى لهم وهم في بطون أمهاتهم. وقد تأتي لحظة خاطفة، لحظات الفقد المريرة، يحسّ فيها الأبوان أنهما قد أحسنا الزرع، بثمارٍ يانعةٍ عاشوا أثرها في عمرٍ متقدم، وهذا ما يتمناه كل الآباء، وفي المقابل قد يعتري قلبهما الحنون، إحساس الخوف والوجل وعدم الرضا، من علاماتٍ غير مستساغة، ظهرت ملامحها في الأبناء وقد كبروا وكبرت معهم أحلامهم. من هنا، فإن الدعاء هو الفيصل في كل مقام؛ الدعاء بالخير والهداية لهم. رددوا دائماً أدعية القرآن الكريم للذرية: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً). وقال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ). رسالة من غزة، أن لا ننساهم ولو للحظة واحدة من «الدعاء»، وأن لا نفتر عن مناصرتهم بما نستطيع، فقد اشتدّ بهم الكرب، وعظم الخطب، وليس لهم سوى المولى الكريم، ودعواتنا الصادقة، بأن يرفع عنهم المولى الكريم ما هم فيه من البلاء والمحنة، وأن يستر عوراتهم، ويؤمّن روعاتهم، وأن يحفظهم بعينه التي لا تنام. نسأل الله تعالى أن يكتب لهم الخير حيثما كان، وأن يعجل بزوال هذه الغمة عنهم، وعن أمتنا الإسلامية جمعاء، وأن يفك الحصار عنهم، وأن ترجع غزة كما كانت آمنة شامخة عزيزة إلى أيديهم، وأن تُعمر بالخير، وتعود الحياة السعيدة إلى جنبات حياتهم، وأن يُعوّضهم الرحمن خيراً عن كل فقد، ويجمعهم بأحبتهم في الفردوس الأعلى. ومضة أملرسائل الحياة لا تتوقف، وفي كل يوم يرسل لك المولى عز وجل رسالة جديدة، تُعيدك إلى صوابك، وتحذّرك من أعاصير الحياة، وتكشف لك الحقائق المستورة، لتضع حدّاً لبعض المسالك.

د. احمد بن سالم باتميرا سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب الأربعاء 16 أبريل 2025
د. احمد بن سالم باتميرا سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب الأربعاء 16 أبريل 2025

البلاد البحرينية

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

د. احمد بن سالم باتميرا سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب الأربعاء 16 أبريل 2025

هي لا تختار أن تكون دولة وساطة أو دولة مفاوضات، لكن الآخرين يسعون لها أن تكون كذلك لما عرف عنها من مبادئ أساسية لم تتغير في نظامها السلطاني وحكمتها 'التسامح، التفاهم، التعايش'، وهي رسالة السلام التي أطلقتها سلطنة عمان للعالم. وأيضًا لكونها دولة لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تشارك في النزاعات أو إثارة الفتن أو الحروب وغيرها، دولة لها فلسفة سلمية دبلوماسية منذ التاريخ، حتى أن أهلها دخلوا الإسلام طواعية، لذا فإن منهاجها وسياستها ودبلوماسيتها تدعو وتعزّز وتخلق عقيدة السلام والحوار والتعايش بين الأديان وبين الدول والشعوب. واليوم لا يختلف أحد على أن لعُمان هذه المكانة، وهذه الثقافة، والأرضية التي تجعل منها بلدًا آمنًا للحوار والتفاوض، لما لها من تاريخ وحضارة ومكانة يشهد لها الجميع، وكانت ولا تزال على نفس النهج والتواصل الحضاري مع الأمم والدول والحضارات والشعوب ولمن يبحث عن السلام والأمان والاستقرار الاجتماعي والنفسي والاقتصادي والمالي والاستثماري. فخيار السلام مدرسة سلطانية عمانية باقتدار، وعبر التاريخ نجحت كل الاجتماعات، إذا كانت النوايا والأهداف واضحة، وما بقي منها هو الاستثناء الذي لم يحل بسبب التدخلات الخارجية، والاضطرابات النفسية لبعض الدول، فالعنف لا يولد إلا العنف والخراب والدمار والوفيات، وتكلفة الحروب أكثر بكثير من تكلفة السلام. لذا نأمل أن يعم السلام والأمان الكرة الأرضية عمومًا، وأن تتفرّغ الإنسانية للعيش والإبداع والازدهار والتقدم في كل المجالات، فالعالم المضطرب الذي نعيشه اليوم بأمس الحاجة إلى السلام والتسامح وخلق بيئة وواحة للاستقرار والوئام، والنأي بالنفس عن الصراعات والحروب والفتن. ومن هنا، فإن العالم مطالب بالتدخل لوقف الحرب في غزة وفلسطين، وفي السودان، وفي أوكرانيا، وفي كل بقعة توجد فيها حروب أو نزاعات سواء حدودية أو سياسية أو اقتصادية، فاليوم نحن أمام صراعات مختلفة سيبرانية وصحية، ثم تحولت لاقتصادية وضرائب، وغدا موجة أخرى لا يمكننا مواجهتها لقوة رياحها السريعة التي ستخترق العالم بأكمله، فالصراع الحالي والقادم صراع نفوذ وعقيدة، واليوم النموذج انكشف وسقطت الأقنعة، وعرفت الدول والشعوب مكانتها، ومن معها ومن ضدها، ولغة المصالح أيضًا لا مكان لها في القاموس الجديد، إلا ما ندر! ومع ذلك تبقى سلطنة عمان على نفس النهج الإسلامي والسياسي الذي تؤمن به، وتفرض احترامها إقليميًّا ودوليًّا، وساحة للحلول لا للنزعات، وأنها لا تتردد في بذل جهودها الخيرة ومساعيها الحميدة للإسهام في حل أية خلافات أو منازعات بين طرفين أو أكثر، خصوصًا عندما تطلب منها الأطراف ذلك. وكما قال وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إحدى زياراته لسلطنة عمان بأن مسقط 'لا تبيع ولا تشتري بالقضية الفلسطينية وأن بوصلتها ثابتة'، وهذا ما تؤكده السلطنة في كل مواقفها المعلنة وغيرها. فهذا نهج اختطته هذه البلاد، ليس طارئًا أو آنيًّا أو وليد التحولات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، لكنه إيمان حقيقي وراسخ لها بالعقل والحكمة، لذا اختارت طهران وواشنطن أن تكون مسقط هي التي تحتضن مفاوضات السلام بين الجانبين، والتي تحتاج دائمًا إلى رعاية ونهج ورؤية وتمهيد للحوار ومعادلة لا يعرفها إلا العمانيون، وهي ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة أيضًا على الدول الأخرى! واليوم ترى سلطنة عمان أن هناك حاجة ماسة لترسيخ السلم والأمن الدوليين، لتعيش الشعوب باستقرار من خلال تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المتنازعة لإبرام اتفاقيات سلام ومعاهدات تعزز الاستقرار الإقليمي والدولي، فأهلًا بالجميع في دولة شعارها التعايش والتسامح وفي قبلة الحوار والسلام وهي أيضًا آمنة للدول والشعوب للاستثمار فيها بكل حرية وأمان.. والله من وراء القصد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store