logo
خور عبد الله قضية الامة والاغلبية العراقية , وليست لعبة بأيدي النخب والاحزاب والشخصيات السياسية

خور عبد الله قضية الامة والاغلبية العراقية , وليست لعبة بأيدي النخب والاحزاب والشخصيات السياسية

موقع كتابات١٠-٠٥-٢٠٢٥

خور عبد الله والعلاقات العراقية-الكويتية: قراءة في السياق التاريخي والجغرافي السياسي
تُعد قضية خور عبد الله والحدود البحرية والبرية بين العراق والكويت واحدة من الإشكاليات الجيوسياسية المعقدة في المنطقة، والتي تعكس تداخل العوامل التاريخية مع المصالح الدولية… ؛ ورغم اختلاف التفسيرات حول جذور الأزمة، فإنها تظل قضيةً وطنيةً عراقيةً بامتياز، تتجاوز الخلافات الحزبية أو المصالح الضيقة للنخب السياسية والعوائل الدينية والرموز العشائرية.
الجذور التاريخية: من اتفاقية 'سايكس بيكو' إلى ترسيم الحدود
تشير الوثائق التاريخية إلى أن الكويت منطقة عراقية تابعة للبصرة العظمى ؛ إلا أن التحول الأبرز والاخطر حدث مع الاتفاقية البريطانية-العثمانية عام 1913، والتي أقرت باستقلال الكويت ككيان إداري تحت الحماية البريطانية , فقد اقتطعت بريطانيا الكويت ثم الاحواز من بلاد الرافدين بغضا منها بالأغلبية العراقية … ؛ قبل أن تُعاد صياغة الحدود بشكلٍ رسمي عام 1922 عبر 'اتفاقية العقير' التي وقّعها بيرسي كوكس ممثلًا عن بريطانيا وعبد العزيز آل سعود… ؛ اذ اراد الانكليز تأسيس وسادة او دويلة لهم تكون حاجزا بين جنوب العراق الشيعي وبين السعودية ؛ كما صرح بذلك الدكتور عبد الله النفيسي ؛ فلا توجد دولة باسم الكويت مطلقا قبل المخطط البريطاني المشؤوم ؛ و هذا الترسيم -كما يرى المؤرخ حنا بطاطو في كتابه 'الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق'- جاء متجاهلًا التركيبة الديموغرافية والروابط الاقتصادية بين جنوب العراق والمناطق المجاورة، مما خلق بذور التوتر المستقبلي... ؛ فالكويت عراقية الجذور والانتماء .
لذلك طالب الملك غازي ثم الزعيم عبد الكريم بها وبضرورة ارجاعها الى البلد الام , وتعالت الاصوات الوطنية المطالبة بإرجاعها بعد قرار استقلال الكويت عام 1961 ؛ حتى المجرم صدام لم يستطع التملص من هذه الحقيقة التاريخية ؛ فقد استند في استرجاعه للكويت عام 1990 إلى مفهوم 'العراق التاريخي' .
لا يمكن فصل النزاع الحدودي عن الصراع على النفوذ بين القوى الدولية، فبريطانيا -بحسب كتاب 'الخليج العربي في الأرشيف البريطاني' لد. سلطان بن محمد القاسمي- سعت منذ القرن التاسع عشر إلى خلق كيانات ساحلية صغيرة كالكويت وقطر لضمان هيمنتها على الممرات المائية، وهو ما أيدته وثائق وزارة الخارجية البريطانية (FO 371) عام 1932 التي تشير إلى ضرورة منع العراق من الوصول المباشر إلى الخليج للحفاظ على مصالح الشركات النفطية البريطانية.
فقد صدم الإنكليز بالعراقيين وتكبدوا الخسائر في العراق بسبب مقاومة الاغلبية العراقية وعشائر الجنوب الشيعية العربية ومن ثم ثورة العشرين وتداعياتها الخطيرة , الا انهم لم ينسوا الثأر وهم المعروفون بالخبث واللؤم والعقاب ؛ فعملوا منذ تلك الفترة والى هذه اللحظة على الحاق الضرر بالعراق والجنوب العراقي والشيعة , ومساعدة دول الجوار بالتمدد على الحدود البرية والبحرية لجنوب العراق فضلا عن نهب خيراته وثرواته , ولعل سرقات الكويت وغيرها من الحقول النفطية المشتركة من اوضح الادلة الدامغة على نتائج المخططات البريطانية الخبيثة .
السياسة الداخلية العراقية: الفساد والتبعية الخارجية
لا يمكن فهم استمرار الأزمة دون تحليل البنية السياسية الهشة للعراق ؛ فمنذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة عام 1921 عملت بريطانيا على جلب الاجانب والغرباء وتمكين الدخلاء من استلام الحكم في العراق ومن ثم تجنيس الاجانب والغرباء وتمكينهم من السيطرة على الدولة العراقية … ؛ ومنذ ذلك الوقت لم ير العراق خيرا وعاشت الاغلبية والامة العراقية اسوء ظروفها… ؛ اذ شرعت تلك الحكومات الطائفية الهجينة البائدة قرارات لا تصب بمصلحة العراق وتنازلت عن الأراضي الوطنية الشاسعة إلى دول الجوار بما فيها الكويت ولم تكتف الكويت بذلك ولم تقتنع بهذه التنازلات المجحفة اذ راحت تطالب وتطالب حتى وصل الأمر ببعض الحمقى بالمطالبة بالبصرة وما عشت اراك الدهر عجبا … الخ .
ولم يكن ما بعد 2003 افضل حالا من العهود البائدة فيما يخص هذا الملف الحساس ، حيث أدى نظام المحاصصة الطائفية -بحسب تقرير منظمة 'ترانسبيرنسي إنترناشونال' 2022- إلى تفشي الفساد في المؤسسات المعنية بالحدود، مثل لجنة العلاقات النيابية التي اتهمها النائب السعودي الساعدي في جلسة برلمانية (2023/5/12) بـ'الانحياز لمصالح دول الجوار مقابل رشاوى'… ؛ و هذا الواقع يفسر -جزئيًا- تسرع بعض الحكومات في توقيع اتفاقياتٍ مُضرّة، كما حدث مع تصديق مجلس الوزراء على مسودة 2023 رغم اعتراضات الخبراء القانونيين.
الخلافات الحديثة: من حقل الدرة إلى ترسيم الحدود البحرية
تتصاعد حدة الأزمة اليوم حول ترسيم الحدود البحرية، لا سيما في منطقة حقل الدرة النفطي، حيث تطالب الكويت بترسيمٍ يُقسم الحقل مع السعودية بل حتى ايران طالبت بحصتها من هذه المياه الوطنية ، بينما يُصر احرار العراق على أحقيته الكاملة، مستندًا إلى اتفاقية 2012 التي لم تُنفذ بسبب الخلافات الفنية… ؛ و هنا تبرز إشكالية تراجع الحكومات العراقية المتعاقبة عن المطالبة بحقوق العراق، كما في اتفاقية 1994 التي وقّعها النظام السابق تحت ضغط العقوبات الدولية، والتي تنازل فيها عن جزءٍ من المياه الإقليمية لصالح الكويت، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة (S/1994/512).
أما ما يتعلق بالترسيم الحالي، فقد أثارت 'مسودة ترسيم الحدود' عام 2023 جدلًا واسعًا بعد إحالتها إلى الأمم المتحدة دون إقرار البرلمان العراقي، وهو إجراءٌ انتقده نائب رئيس مجلس النواب السابق الشيخ همام حمودي في تصريح لقناة 'السومرية' (2023/8/10) لكونه 'يتجاوز الدستور العراقي الذي يُلزم الدولة بالحفاظ على السيادة الوطنية'.
بعد عقود طويلة وسنوات عديدة من مطالبات الكويت الباطلة بضرورة ترسيم الحدود بينها وبين العراق , والتي كانت ترفض من قبل الجماهير الوطنية تارة والحكومات العراقية تارة اخرى والمنظمات والقوى الدولية ثالثة ؛ عاودت الكويت تلك المحاولات بعد عام 2003 , وساعده في ذلك الانكليز وضعف العراق وعملاء الداخل والمرتزقة المحسوبين على الاغلبية والامة العراقية … , اذ قامت بعض اللجان المتهمة بالفساد والفشل والجهل وعدم الكفاءة والنزاهة كما صرح بذلك بعض النواب ؛ بإعداد مسودة لترسيم الحدود البحرية بين الجانبين وجاء الترسيم لصالح الكويت كالعادة … ؛ والطامة الكبرى ان مجلس الوزراء سارع بالموافقة عليها وصادق على ما جاء فيها … ؛ ولم يكتف الجانب العراقي بهذه الخيانة بل ارسلت الحكومة العراقية المسودة إلى الامم المتحدة لتبقى وثيقة سياسية تاريخية تثبت حقا عراقيا للكويت ليس لها مطلقا … ؛ وبعد ان ثارت ثائرة الشعب العراقي ورفض هذا التقسيم الجائر والترسيم الباطل قامت المحكمة الاتحادية العليا بإبطال هذا القرار الجائر , وقد طالب النائب سعود الساعدي بإرسال هذا القرار العراقي الوطني إلى الامم المتحدة الا ان الحكومة العراقية لم ترسله … , ومن أعجب العجائب ان تسارع الحكومة العراقية بإرسال مسودة العار والخيانة بينما ترفض إرسال مسودة قرار رفض المحكمة الاتحادية , بل الادهى والأمر ان وزير الخارجية الحالي ورئيس الوزراء السيد محمد السوداني يطالبان المحكمة الاتحادية بمراجعة القرار اي ابطاله… !!
وعليه يجب على العراقيين كافة , المطالبة بضرورة ابطال كافة المعاهدات والاتفاقيات الجائرة مع الكويت , والالتزام بقرار المحكمة الاتحادية العليا , و بناءً على قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم (41) لسنة 2023، والذي أبطالَ 'اتفاقية خور عبد الله' المُبرمة عام 2012، نؤكد على المطالبة التالية :
– تنص المادة (13) من الدستور العراقي على أن 'تُعدُّ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية جزءًا من القانون الوطني العراقي'، لكن المادة (61/رابعًا) تُلزم البرلمان بالمصادقة عليها لتصبح نافذة… ؛ وبما أن الاتفاقية المذكورة لم تُعرض على البرلمان، فهي باطلة دستوريًا، وهو ما أكدته المحكمة الاتحادية.
– وفقًا لتقرير خبراء القانون الدولي في 'معهد الدراسات الاستراتيجية' (2021)، فإن أي ترسيم حدودي لا يراعي مبدأ 'العدالة الجغرافية' و'الحقوق التاريخية' يُعتبر مُنتهكًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982)، خاصة المادة (15) التي تحظر الترسيم الأحادي.
– منطقة خور عبد الله ليست مجرد ممر مائي، بل هي:
المنفذ الاستراتيجي الوحيد للعراق على الخليج، بطول 58 كم فقط، مقارنةً بـ499 كم للكويت (وفقًا لبيانات 'منظمة الهيدروغرافيا الدولية'، 2020).
مصدر ثروات طبيعية، مثل حقل الدرة النفطي المُقدر احتياطيه بـ100 مليون برميل، والذي تتنازع عليه الكويت والسعودية والعراق (تقرير 'وورلد إنرجي آوتلوك'، 2023).
مورد رزق للصيادين العراقيين، حيث تؤكد منظمة 'الفاو' أن 70% من الثروة السمكية في جنوب العراق تعتمد على هذه المنطقة.
ثالثًا: فساد الاتفاقية ومخاطر التطبيع مع الخيانة :
– كشفت تحقيقات صحفية (مثل تحقيق قناة 'العربية' 2021) عن تورط شخصيات في اللجنة العراقية المفاوِضة بقضايا فساد مالي، مما يطرح تساؤلات حول شرعية التفاوض تحت تأثير الرشاوى، وهو ما ينتهك المادة (20) من 'اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد' (2005).
– لم تُشرك الحكومات المتعاقبة خبراء متخصصين في القانون الدولي أو الجغرافيا السياسية في المفاوضات، بل اعتمدت على 'لجان سياسية' مُحاصصاتية، وفقًا لشهادة النائب علي الدباغ في جلسة البرلمان (2022/6/10).
رابعًا: المطالب العاجلة :
إلغاء اتفاقية خور عبد الله نهائيًا، واعتماد ترسيم جديد وفقًا للمبادئ التالية:
– قرار المحكمة الاتحادية العليا.
– تقارير الخبراء المحايدين (كالمسح الجيولوجي الأمريكي USGS 2018 الذي حدد حقوق العراق في الحقول المشتركة).
– مبدأ 'المنصفية' في تقسيم الموارد، كما طُبق في النزاع النرويجي-الروسي حول بحر بارنتس (2010).
محاسبة الفاسدين عبر تشكيل لجنة برلمانية مستقلة بالتعاون مع منظمات دولية (كمنظمة الشفافية الدولية)، لمراجعة كل الاتفاقيات الموقعة منذ 2003.
حملة دولية لإعادة الملف إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مع الاستناد إلى القرارات السابقة (مثل القرار 833 لعام 1993) التي أكدت على ضرورة مراعاة حقوق العراق البحرية.
توعية الرأي العام عبر إطلاق منصة إلكترونية تُوثق الانتهاكات الكويتية، كما فعلت مصر في نزاعها مع إثيوبيا حول سد النهضة.
5- إعادة تفعيل الملف قانونيًا عبر المحكمة الدولية لقانون البحار (ITLOS)، مع الاستناد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982).
6- إشراك خبراء محايدين في ترسيم الحدود، كما حدث في النزاع الحدودي بين قطر والبحرين عام 2001.
7- كسر احتكار النخب السياسية للقرار السيادي عبر استفتاء شعبي، كما ينص الدستور العراقي في المادة (58).
خاتمة:
العراق ليس أرضًا بلا ذاكرة، فخور عبد الله جزء من تاريخه وجغرافيته… ؛ والعدالة ليست مطالبَ فئوية، بل حقٌ دستوريٌ ودوليٌ تُكفله المواثيق. لن نسمح بتحويل جنوب العراق إلى ساحةٍ لصفقات الفاسدين، ولن نقبل بتوريث أبنائنا حرمانًا من مواردهم.
و.
……………………….
المصادر :
1- حنا بطاطو، *الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق*، دار الطليعة، 1990.
2- وثائق الأرشيف العثماني، سجلات ولاية البصرة، 1785-1914.
3- تقرير الأمم المتحدة S/1994/512 حول ترسيم الحدود العراقية-الكويتية.
4- فاضل الربيعي، *العراق والكويت: الصراع على التاريخ*، مركز دراسات الوحدة العربية، 2002.
5- تصريح النائب السعودي الساعدي، جلسة البرلمان العراقي، مايو 2023 (مصدر مرئي: قناة العراقية).
6- الدستور العراقي (2005)، المادتان (13) و(61).
7- تقرير معهد الدراسات الاستراتيجية (2021): *الترسيم البحري بين العراق والكويت*.
8- وثيقة الأمم المتحدة UNCLOS (1982)، المادة (15).
9- تصريح النائب علي الدباغ، الجلسة البرلمانية العراقية، يونيو 2022.
10- تحقيق قناة 'العربية' (2021): *فساد حدودي: خور عبد الله أنموذجًا*.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويعرِّض المنطقة إلى خطر إندلاع حرب إقليمية!إسماعيل النجار
نتنياهو يضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويعرِّض المنطقة إلى خطر إندلاع حرب إقليمية!إسماعيل النجار

ساحة التحرير

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • ساحة التحرير

نتنياهو يضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويعرِّض المنطقة إلى خطر إندلاع حرب إقليمية!إسماعيل النجار

نتنياهو يضرب القانون الدولي بعرض الحائط ويعرِّض المنطقة إلى خطر إندلاع حرب إقليمية! كَتَبَ إسماعيل النجار* ولا زال مستمراً في حَملَتِهِ العسكرية على الفلسطينيين في قطاع غَزَّة، وطائراتهِ تنتهك سيادة لبنان قصفاً وإغتيالاً وقواته البرية لم تبرح مكانها في النقاط الخمس المتبقية جنوباً رغم إتفاق وقف إطلاق النار والتزام لبنان بهِ، أيضاً سوريا كانَ لها نصيب كبير مِمَّا رسمَ وخطَطَ له الهارب من المسائلة، فهوَ لا زالَ مُصِراً على رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد بريشتهِ الخاصة مُحَطِماً أسوار سايكس بيكو وماسحاً حذائه بسيادة كل الدُوَل العربية رغم مسعاه الدؤوب لتكريس علاقات جيدة معها تصل إلى حَد التطبيع، فسيطرة الجيش الإسرائيلي على أجزاء واسعه من جنوب سوريا التي يرغب في التوسع فيها أكثر فأكثر تشير إلى رغبته ضَم أراضٍ جديدة في ظل تفكك وضعف حلفاء المقاومة في المنطقة، فهوَ يرغب في إستغلال الظروف الدولية لتحقيق السيطرة الكاملة على قطاع غزة والتوسع الجغرافي داخل سوريا ولبنان وتحويل هذه الدُوَل إلى دويلات طائفية متناحرة، وللفلسطينيين حصة الأسد من مخططات نتنياهو فإن إضعافهم وتفتيتهم وتهجيرهم أولوية لدية بعد تحويل مناطق سكنهم إلى أرض غير قابلة للحياة، الدعم الأميركي واضح وجَلي والخلاف مع الإدارة الأميركية ليس إستراتيجياً بل تكتيكياً حول توسيع النفوذ الصهيوني عسكرياً وسياسياً، لذلك وَجَبَ علينا التحذير من مغبة الإستمرار بالسير خلف طموحات نتنياهو التوسعية التي قد توصل الأمور إلى حَد إتساع الهُوَّة بين الدوَل العربية وبين تل أبيب، فالعرب ذاهبون للتطبيع بحدود الدولتين وأما غير ذلك يصبح الأمر خطير جداً وأثقل مِمَا تستطيع أكتافهم حمله، بعض الاوساط السياسية الصهيونية والغربية بالإضافة إلى تقارير أمنية جميعهم يتناقلون نية إسرائيلية للمضي في الحرب على لبنان مجدداً، واحتمالات شن هذه الحرب هذا العام ليست مرتفعة بشكل كبير جداً لكنها غير مستبعدة تمامًا وهناك عدة عوامل تؤثر على هذا الاحتمال، إسرائيل تخلَّق الذرائع وتعتبر أن لبنان لم يلتزم بمتطلبات القرار 1701، وأن سلاح حزب الله لا يزال موجودًا جنوب الليطاني، مما يرفع من وتيرة التوتر على الحدود، وهي لا زالت تستهدف عناصر حزب الله بهجمات محدودة وعمليات اغتيال ولم تتلقى أي رَد من المقاومة وهذا يعتبر شكل من أشكال الحرب لكن من دون مواجهة شاملة. السيناريو المرجح قادم الأيام هو تصعيد محدود أو عمليات اغتيال جديده تطال وجوه رفيعه في الحزب، مع احتمال اندلاع حرب شاملة فقط في حال رد حزب الله بشكل كبير وازداد التوتر السياسي والعسكري. بالتالي رغم وجود توترات عالية وتصعيد إسرائيلي، فإن الحرب الشاملة على لبنان ليست مرجحة بقوة في الوقت الحالي، لكنها تبقى خيارًا مطروحًا في ظل استمرار النزاعات والضغوط الإقليمية، ترامب له حساباته الخاصه التي تتعارض مع حسابات نتنياهو بخصوص أزمة لبنان أولها الحفاظ على الجيش اللبناني حليفه الآقوى على الساحة اللبنانية، في حال حصل غزو بري إسرائيلي للبنان فإن تكرار واقع الإجتياح السابق عام 1982 سيتكرر وسينقسم الجيش وكافة المؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرىَ، وستخسر أميركا نفوذها بالخالص وتدخل إيران مجدداً إلى الساحة اللبنانية، وفيما يخص جبهة شمال شرق لبنان أيضاً للأميركي حساب آخر لأنه في تلك المنطقة المسؤولية الأمنية تقع على عاتق الجيش اللبناني وأي صدام بين جماعة الجولاني وبين الجيش سيأخذ الأمور إلى مكان آخر، لذلك تفضل إدارة ترامب إبقاء لبنان خارج اللعبة واستمرار تل أبيب بالعربدة والإغتيالات من دون وقوع حرب شاملة، بيروت في،، 13/5/2025

خور عبد الله قرآن العراقيين المقدس، الذهاب إليه لإعادته أفضل من زيارة الإمام الحسين (ع)؟
خور عبد الله قرآن العراقيين المقدس، الذهاب إليه لإعادته أفضل من زيارة الإمام الحسين (ع)؟

موقع كتابات

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

خور عبد الله قرآن العراقيين المقدس، الذهاب إليه لإعادته أفضل من زيارة الإمام الحسين (ع)؟

*إن خور عبد الله ليس مجرد قضية حدود، بل معركة وجود، ومن لا يقف معها اليوم، لا يستحق أن يُعدّ من أتباع الحسين (ع). في كل عام، يشد العراقيون الرحال إلى كربلاء المقدسة، يحيون زيارة الإمام الحسين (ع)، يستلهمون منه الصبر والتضحية والفداء وقول الحق حتى في حضور سلطان جائر . ولكن، أيُّ خنوع إذا تناسى هذا الشعب قضية خور عبد الله واعادته الى حضن الوطن ، هذا الجرح النازف ما يزال في صدر الوطن لحين انتظار عودته ؟ إن الذهاب من قبل العراقيين إلى خور عبد الله ليس مجرد زيارة سياحية تفقدية ، بل اصبحت فريضة وطنية وشرعية تفوق قدسية الشعائر الحسينية ، لأن من يفرّط بأرضه بهذه السهولة ، يفرّط بمبادئه، بكرامته، بل بعقيدته ذاتها التي يؤمن بها . الوزراء والمسؤولين وكل من له صلة مباشرة أو غير مباشرة في الحكومة العراقية في حينها ، أولئك الذين صادقوا على اتفاقية 2013 المذلة، لم يكتفوا بخيانة العراق عبر بيع خور عبد الله للكويت مقابل حفنة من الرشى، بل أجهزوا على أحلام شعب بأكمله، خنقوا منفذه المائي الوحيد إلى الخليج، وسدّوا أبواب التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة، تاركين الملايين يتخبطون في مستنقع الفقر والعوز والجوع والحرمان . إن هؤلاء المسؤولين والوزراء ، الذين قبضوا ثمن الخيانة دون وخزة ضمير، هم أعداء الوطن الحقيقيون، وجريمتهم تستحق أن تُكتب بحروف خيانة الامانة في سجل التاريخ. أما رجال الدين، فلهم دورٌ لا يُعفيهم من المسؤولية: عليهم أن يهبّوا، أن يحثّوا أتباعهم على نصرة قضية خور عبد الله، لأن الدفاع عن الأرض جزءٌ لا يتجزأ من العقيدة، ومن تخلّى عن تراب وطنه، تخلّى عن إيمانه . نعم، العراق اليوم ضعيف، تتكالب عليه الدول كالذئاب والضباع الجائعة ، لكنه لن يظل راكعًا إلى الأبد. كطائر العنقاء، سينهض من رماده، وكلكامش الأسطوري، سيبحث عن نبتة الكرامة والخلود، ليصدح صوته مجددًا، معلنًا أن خور عبد الله ليس للبيع، وأن العراق لن يساوم على عزته أبدًا. إن العراق، بتاريخه العريق وشعبه المؤمن، لم يكن يومًا بعيدًا عن صوت رجال الدين الذين شكّلوا ضمير الأمة في أحلك الظروف . في قضية خور عبد الله، تلك الجريمة الوطنية التي ارتكبها وزراء جشعون عام 2013، يقع على عاتق رجال الدين مسؤولية تاريخية لتعبئة الرأي العام، ليس فقط كقادة روحيين، بل كحماة لكرامة العراق وسيادته. إن الدفاع عن الأرض ليس مجرد واجب وطني، بل هو فريضة شرعية دينية لا تقل قدسية عن أركان الإسلام الخمسة ، فمن تخلّى عن تراب وطنه، تخلّى عن جوهر عقيدته. لكن، أين صوت الحوزة الدينية ؟ أين خطب الجمعة التي تهزّ الوجدان و تستنهض الهمم؟ إن صمت بعض رجال الدين اليوم إزاء هذا التفريط المشين بالارض هو خيانة لرسالتهم ، وتقاعسٌ سوف يُسجّله التاريخ. تاريخ العراق حافل بأمثلة ملهمة لدور رجال الدين في القضايا الوطنية. في ثورة العشرين عام 1920، كان المرجع الديني الكبير الشيخ محمد تقي الشيرازي رمزًا للمقاومة ضد الاحتلال البريطاني. أصدر فتواه الشهيرة التي دعت العراقيين إلى الجهاد، فهبّت القبائل والعشائر، موحدة صفوفها ضد المستعمر، في واحدة من أعظم الملاحم الوطنية. لم يكن الشيرازي وحده، بل وقف إلى جانبه علماء كبار مثل الشيخ مهدي الخالصي، الذي ألهب حماس الجماهير بخطبه النارية. هؤلاء لم يروا في الدفاع عن العراق قضية سياسية فحسب، بل فريضة شرعية إيمانية مقدسة ، لأن الأرض، في جوهرها، هي امتداد للعقيدة. وفي عصر أقرب، واجه العراق خطر تنظيم داعش عام 2014، فكانت فتوى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني بـ'الجهاد الكفائي' شرارة أنقذت البلاد من براثن الإرهاب. تلك الفتوى لم تكن مجرد دعوة للقتال، بل كانت تعبئة وطنية شاملة، جمعت العراقيين من مختلف الطوائف تحت راية الدفاع عن الأرض والعرض. لقد أثبتت هذه اللحظة أن رجال الدين، عندما يتحملون مسؤوليتهم، يستطيعون تحويل الشعب إلى قوة لا تُقهر، قادرة على تغيير مجرى التاريخ. اليوم، قضية خور عبد الله تتطلب فتوى مماثلة، خطبة تهزّ المساجد، وموقفًا يوقظ الضمائر. على رجال الدين، من الحوزة في النجف إلى منابر بغداد والموصل والبصرة، أن ينادوا بصوت واحد: 'خور عبد الله ليس للبيع!' عليهم أن يذكّروا أتباعهم أن التفريط بالأرض هو تفريط بالكرامة، وأن من يساوم على سيادة العراق يساوم على دينه وكرامته . إن السكوت عن خيانة وزراء 2013، الذين قبضوا أثمان الرشى ليخنقوا منفذ العراق المائي، هو مشاركة في الجريمة. ألم يقل الإمام الحسين (ع): 'ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين : بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة'؟ فكيف يقبل رجال الدين أن يُركَّز العراق بين التنازل عن خور عبد الله وبين الذل أمام الكويت؟ إن دور رجال الدين لا يقتصر على الخطب، بل يمتد إلى قيادة الحراك الشعبي. عليهم أن يحثوا الشباب على التظاهر السلمي، أن يشرفوا على مسيرات حاشدة نحو الفاو، معلنين أن خور عبد الله هو خط أحمر. على المراجع أن يفتوا بحرمة السكوت عن هذه الخيانة الوطنية، وأن يطالبوا بمحاسبة كل من وقّع على اتفاقية 2013،وكل متآمر قبض ثمن التفريط، فالشعب ينتظر صوت الحوزة الدينية ومراجع رجال الدين بكافة انتماءاتهم ليستعيدوا كرامة العراق المنهوبة. لقد علّمنا التاريخ أن العراق، مهما ضعف، يملك في أعماقه قوة الإيمان والكرامة. كما نهض في العشرين ضد البريطانيين، وكما انتصر على داعش بدماء أبنائه، سينهض اليوم دفاعًا عن خور عبد الله، مدفوعًا بصوت رجال الدين الذين يجب أن يكونوا في طليعة هذا النضال. إن خور عبد الله ليس مجرد قضية حدود، بل معركة وجود، ومن لا يقف معها اليوم، لا يستحق أن يُعدّ من أتباع الحسين (ع). وفي الختام وللتوضيح يُعد الدفاع عن خور عبد الله اليوم فريضة وطنية شرعية مقدسة لكل العراقيين بكافة توجهاتهم السياسية والعقائدية دون تميز، وتتخطى وتتجاوز في أهميتها الشعائر الدينية، لما تمثله من رمز السيادة والكرامة الوطنية . وفي هذا السياق، يقع على عاتق رجال الدين مسؤولية حاسمة لتعبئة الرأي العام، عبر ربط العقيدة الدينية بالقضية الوطنية، لإيقاظ الضمائر واستنهاض الهمم. وتجدر الإشارة إلى أن المقارنة التي أوردتها في عنوان المقال ليست محاولة للتقليل من قدسية الشعائر الدينية بأي شكل من الإشكال، بل هي تعبير مجازي مقصود، يهدف إلى لفت الأنظار إلى خطورة التفريط بأرض العراق وممرها المائي الملاحي الاستراتيجي، خور عبد الله، الذي اغتُصب دون وجه حق، في ظل صمت مريب وتخاذل مسؤولين أداروا ظهورهم لمصالح الشعب مقابل فتات الموائد على طاولة اللئام.

خور عبد الله قضية الامة والاغلبية العراقية , وليست لعبة بأيدي النخب والاحزاب والشخصيات السياسية
خور عبد الله قضية الامة والاغلبية العراقية , وليست لعبة بأيدي النخب والاحزاب والشخصيات السياسية

موقع كتابات

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

خور عبد الله قضية الامة والاغلبية العراقية , وليست لعبة بأيدي النخب والاحزاب والشخصيات السياسية

خور عبد الله والعلاقات العراقية-الكويتية: قراءة في السياق التاريخي والجغرافي السياسي تُعد قضية خور عبد الله والحدود البحرية والبرية بين العراق والكويت واحدة من الإشكاليات الجيوسياسية المعقدة في المنطقة، والتي تعكس تداخل العوامل التاريخية مع المصالح الدولية… ؛ ورغم اختلاف التفسيرات حول جذور الأزمة، فإنها تظل قضيةً وطنيةً عراقيةً بامتياز، تتجاوز الخلافات الحزبية أو المصالح الضيقة للنخب السياسية والعوائل الدينية والرموز العشائرية. الجذور التاريخية: من اتفاقية 'سايكس بيكو' إلى ترسيم الحدود تشير الوثائق التاريخية إلى أن الكويت منطقة عراقية تابعة للبصرة العظمى ؛ إلا أن التحول الأبرز والاخطر حدث مع الاتفاقية البريطانية-العثمانية عام 1913، والتي أقرت باستقلال الكويت ككيان إداري تحت الحماية البريطانية , فقد اقتطعت بريطانيا الكويت ثم الاحواز من بلاد الرافدين بغضا منها بالأغلبية العراقية … ؛ قبل أن تُعاد صياغة الحدود بشكلٍ رسمي عام 1922 عبر 'اتفاقية العقير' التي وقّعها بيرسي كوكس ممثلًا عن بريطانيا وعبد العزيز آل سعود… ؛ اذ اراد الانكليز تأسيس وسادة او دويلة لهم تكون حاجزا بين جنوب العراق الشيعي وبين السعودية ؛ كما صرح بذلك الدكتور عبد الله النفيسي ؛ فلا توجد دولة باسم الكويت مطلقا قبل المخطط البريطاني المشؤوم ؛ و هذا الترسيم -كما يرى المؤرخ حنا بطاطو في كتابه 'الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق'- جاء متجاهلًا التركيبة الديموغرافية والروابط الاقتصادية بين جنوب العراق والمناطق المجاورة، مما خلق بذور التوتر المستقبلي... ؛ فالكويت عراقية الجذور والانتماء . لذلك طالب الملك غازي ثم الزعيم عبد الكريم بها وبضرورة ارجاعها الى البلد الام , وتعالت الاصوات الوطنية المطالبة بإرجاعها بعد قرار استقلال الكويت عام 1961 ؛ حتى المجرم صدام لم يستطع التملص من هذه الحقيقة التاريخية ؛ فقد استند في استرجاعه للكويت عام 1990 إلى مفهوم 'العراق التاريخي' . لا يمكن فصل النزاع الحدودي عن الصراع على النفوذ بين القوى الدولية، فبريطانيا -بحسب كتاب 'الخليج العربي في الأرشيف البريطاني' لد. سلطان بن محمد القاسمي- سعت منذ القرن التاسع عشر إلى خلق كيانات ساحلية صغيرة كالكويت وقطر لضمان هيمنتها على الممرات المائية، وهو ما أيدته وثائق وزارة الخارجية البريطانية (FO 371) عام 1932 التي تشير إلى ضرورة منع العراق من الوصول المباشر إلى الخليج للحفاظ على مصالح الشركات النفطية البريطانية. فقد صدم الإنكليز بالعراقيين وتكبدوا الخسائر في العراق بسبب مقاومة الاغلبية العراقية وعشائر الجنوب الشيعية العربية ومن ثم ثورة العشرين وتداعياتها الخطيرة , الا انهم لم ينسوا الثأر وهم المعروفون بالخبث واللؤم والعقاب ؛ فعملوا منذ تلك الفترة والى هذه اللحظة على الحاق الضرر بالعراق والجنوب العراقي والشيعة , ومساعدة دول الجوار بالتمدد على الحدود البرية والبحرية لجنوب العراق فضلا عن نهب خيراته وثرواته , ولعل سرقات الكويت وغيرها من الحقول النفطية المشتركة من اوضح الادلة الدامغة على نتائج المخططات البريطانية الخبيثة . السياسة الداخلية العراقية: الفساد والتبعية الخارجية لا يمكن فهم استمرار الأزمة دون تحليل البنية السياسية الهشة للعراق ؛ فمنذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة عام 1921 عملت بريطانيا على جلب الاجانب والغرباء وتمكين الدخلاء من استلام الحكم في العراق ومن ثم تجنيس الاجانب والغرباء وتمكينهم من السيطرة على الدولة العراقية … ؛ ومنذ ذلك الوقت لم ير العراق خيرا وعاشت الاغلبية والامة العراقية اسوء ظروفها… ؛ اذ شرعت تلك الحكومات الطائفية الهجينة البائدة قرارات لا تصب بمصلحة العراق وتنازلت عن الأراضي الوطنية الشاسعة إلى دول الجوار بما فيها الكويت ولم تكتف الكويت بذلك ولم تقتنع بهذه التنازلات المجحفة اذ راحت تطالب وتطالب حتى وصل الأمر ببعض الحمقى بالمطالبة بالبصرة وما عشت اراك الدهر عجبا … الخ . ولم يكن ما بعد 2003 افضل حالا من العهود البائدة فيما يخص هذا الملف الحساس ، حيث أدى نظام المحاصصة الطائفية -بحسب تقرير منظمة 'ترانسبيرنسي إنترناشونال' 2022- إلى تفشي الفساد في المؤسسات المعنية بالحدود، مثل لجنة العلاقات النيابية التي اتهمها النائب السعودي الساعدي في جلسة برلمانية (2023/5/12) بـ'الانحياز لمصالح دول الجوار مقابل رشاوى'… ؛ و هذا الواقع يفسر -جزئيًا- تسرع بعض الحكومات في توقيع اتفاقياتٍ مُضرّة، كما حدث مع تصديق مجلس الوزراء على مسودة 2023 رغم اعتراضات الخبراء القانونيين. الخلافات الحديثة: من حقل الدرة إلى ترسيم الحدود البحرية تتصاعد حدة الأزمة اليوم حول ترسيم الحدود البحرية، لا سيما في منطقة حقل الدرة النفطي، حيث تطالب الكويت بترسيمٍ يُقسم الحقل مع السعودية بل حتى ايران طالبت بحصتها من هذه المياه الوطنية ، بينما يُصر احرار العراق على أحقيته الكاملة، مستندًا إلى اتفاقية 2012 التي لم تُنفذ بسبب الخلافات الفنية… ؛ و هنا تبرز إشكالية تراجع الحكومات العراقية المتعاقبة عن المطالبة بحقوق العراق، كما في اتفاقية 1994 التي وقّعها النظام السابق تحت ضغط العقوبات الدولية، والتي تنازل فيها عن جزءٍ من المياه الإقليمية لصالح الكويت، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة (S/1994/512). أما ما يتعلق بالترسيم الحالي، فقد أثارت 'مسودة ترسيم الحدود' عام 2023 جدلًا واسعًا بعد إحالتها إلى الأمم المتحدة دون إقرار البرلمان العراقي، وهو إجراءٌ انتقده نائب رئيس مجلس النواب السابق الشيخ همام حمودي في تصريح لقناة 'السومرية' (2023/8/10) لكونه 'يتجاوز الدستور العراقي الذي يُلزم الدولة بالحفاظ على السيادة الوطنية'. بعد عقود طويلة وسنوات عديدة من مطالبات الكويت الباطلة بضرورة ترسيم الحدود بينها وبين العراق , والتي كانت ترفض من قبل الجماهير الوطنية تارة والحكومات العراقية تارة اخرى والمنظمات والقوى الدولية ثالثة ؛ عاودت الكويت تلك المحاولات بعد عام 2003 , وساعده في ذلك الانكليز وضعف العراق وعملاء الداخل والمرتزقة المحسوبين على الاغلبية والامة العراقية … , اذ قامت بعض اللجان المتهمة بالفساد والفشل والجهل وعدم الكفاءة والنزاهة كما صرح بذلك بعض النواب ؛ بإعداد مسودة لترسيم الحدود البحرية بين الجانبين وجاء الترسيم لصالح الكويت كالعادة … ؛ والطامة الكبرى ان مجلس الوزراء سارع بالموافقة عليها وصادق على ما جاء فيها … ؛ ولم يكتف الجانب العراقي بهذه الخيانة بل ارسلت الحكومة العراقية المسودة إلى الامم المتحدة لتبقى وثيقة سياسية تاريخية تثبت حقا عراقيا للكويت ليس لها مطلقا … ؛ وبعد ان ثارت ثائرة الشعب العراقي ورفض هذا التقسيم الجائر والترسيم الباطل قامت المحكمة الاتحادية العليا بإبطال هذا القرار الجائر , وقد طالب النائب سعود الساعدي بإرسال هذا القرار العراقي الوطني إلى الامم المتحدة الا ان الحكومة العراقية لم ترسله … , ومن أعجب العجائب ان تسارع الحكومة العراقية بإرسال مسودة العار والخيانة بينما ترفض إرسال مسودة قرار رفض المحكمة الاتحادية , بل الادهى والأمر ان وزير الخارجية الحالي ورئيس الوزراء السيد محمد السوداني يطالبان المحكمة الاتحادية بمراجعة القرار اي ابطاله… !! وعليه يجب على العراقيين كافة , المطالبة بضرورة ابطال كافة المعاهدات والاتفاقيات الجائرة مع الكويت , والالتزام بقرار المحكمة الاتحادية العليا , و بناءً على قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم (41) لسنة 2023، والذي أبطالَ 'اتفاقية خور عبد الله' المُبرمة عام 2012، نؤكد على المطالبة التالية : – تنص المادة (13) من الدستور العراقي على أن 'تُعدُّ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية جزءًا من القانون الوطني العراقي'، لكن المادة (61/رابعًا) تُلزم البرلمان بالمصادقة عليها لتصبح نافذة… ؛ وبما أن الاتفاقية المذكورة لم تُعرض على البرلمان، فهي باطلة دستوريًا، وهو ما أكدته المحكمة الاتحادية. – وفقًا لتقرير خبراء القانون الدولي في 'معهد الدراسات الاستراتيجية' (2021)، فإن أي ترسيم حدودي لا يراعي مبدأ 'العدالة الجغرافية' و'الحقوق التاريخية' يُعتبر مُنتهكًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982)، خاصة المادة (15) التي تحظر الترسيم الأحادي. – منطقة خور عبد الله ليست مجرد ممر مائي، بل هي: المنفذ الاستراتيجي الوحيد للعراق على الخليج، بطول 58 كم فقط، مقارنةً بـ499 كم للكويت (وفقًا لبيانات 'منظمة الهيدروغرافيا الدولية'، 2020). مصدر ثروات طبيعية، مثل حقل الدرة النفطي المُقدر احتياطيه بـ100 مليون برميل، والذي تتنازع عليه الكويت والسعودية والعراق (تقرير 'وورلد إنرجي آوتلوك'، 2023). مورد رزق للصيادين العراقيين، حيث تؤكد منظمة 'الفاو' أن 70% من الثروة السمكية في جنوب العراق تعتمد على هذه المنطقة. ثالثًا: فساد الاتفاقية ومخاطر التطبيع مع الخيانة : – كشفت تحقيقات صحفية (مثل تحقيق قناة 'العربية' 2021) عن تورط شخصيات في اللجنة العراقية المفاوِضة بقضايا فساد مالي، مما يطرح تساؤلات حول شرعية التفاوض تحت تأثير الرشاوى، وهو ما ينتهك المادة (20) من 'اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد' (2005). – لم تُشرك الحكومات المتعاقبة خبراء متخصصين في القانون الدولي أو الجغرافيا السياسية في المفاوضات، بل اعتمدت على 'لجان سياسية' مُحاصصاتية، وفقًا لشهادة النائب علي الدباغ في جلسة البرلمان (2022/6/10). رابعًا: المطالب العاجلة : إلغاء اتفاقية خور عبد الله نهائيًا، واعتماد ترسيم جديد وفقًا للمبادئ التالية: – قرار المحكمة الاتحادية العليا. – تقارير الخبراء المحايدين (كالمسح الجيولوجي الأمريكي USGS 2018 الذي حدد حقوق العراق في الحقول المشتركة). – مبدأ 'المنصفية' في تقسيم الموارد، كما طُبق في النزاع النرويجي-الروسي حول بحر بارنتس (2010). محاسبة الفاسدين عبر تشكيل لجنة برلمانية مستقلة بالتعاون مع منظمات دولية (كمنظمة الشفافية الدولية)، لمراجعة كل الاتفاقيات الموقعة منذ 2003. حملة دولية لإعادة الملف إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مع الاستناد إلى القرارات السابقة (مثل القرار 833 لعام 1993) التي أكدت على ضرورة مراعاة حقوق العراق البحرية. توعية الرأي العام عبر إطلاق منصة إلكترونية تُوثق الانتهاكات الكويتية، كما فعلت مصر في نزاعها مع إثيوبيا حول سد النهضة. 5- إعادة تفعيل الملف قانونيًا عبر المحكمة الدولية لقانون البحار (ITLOS)، مع الاستناد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS 1982). 6- إشراك خبراء محايدين في ترسيم الحدود، كما حدث في النزاع الحدودي بين قطر والبحرين عام 2001. 7- كسر احتكار النخب السياسية للقرار السيادي عبر استفتاء شعبي، كما ينص الدستور العراقي في المادة (58). خاتمة: العراق ليس أرضًا بلا ذاكرة، فخور عبد الله جزء من تاريخه وجغرافيته… ؛ والعدالة ليست مطالبَ فئوية، بل حقٌ دستوريٌ ودوليٌ تُكفله المواثيق. لن نسمح بتحويل جنوب العراق إلى ساحةٍ لصفقات الفاسدين، ولن نقبل بتوريث أبنائنا حرمانًا من مواردهم. و. ………………………. المصادر : 1- حنا بطاطو، *الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العراق*، دار الطليعة، 1990. 2- وثائق الأرشيف العثماني، سجلات ولاية البصرة، 1785-1914. 3- تقرير الأمم المتحدة S/1994/512 حول ترسيم الحدود العراقية-الكويتية. 4- فاضل الربيعي، *العراق والكويت: الصراع على التاريخ*، مركز دراسات الوحدة العربية، 2002. 5- تصريح النائب السعودي الساعدي، جلسة البرلمان العراقي، مايو 2023 (مصدر مرئي: قناة العراقية). 6- الدستور العراقي (2005)، المادتان (13) و(61). 7- تقرير معهد الدراسات الاستراتيجية (2021): *الترسيم البحري بين العراق والكويت*. 8- وثيقة الأمم المتحدة UNCLOS (1982)، المادة (15). 9- تصريح النائب علي الدباغ، الجلسة البرلمانية العراقية، يونيو 2022. 10- تحقيق قناة 'العربية' (2021): *فساد حدودي: خور عبد الله أنموذجًا*.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store