
ترميز المركبات الحكومية وبيع الأرقام المميزة بالمزاد العلني: قرار يعيد إنتاج النفوذ ويمس بمبدأ المساواة
أعلنت الحكومة الأردنية عن قرار بترميز المركبات الحكومية بحروف تميزها، وبيع الأرقام المميزة الناتجة عن ذلك بالمزاد العلني، على أن تُخصّص عوائد هذه المزادات لصناديق دعم طلبة الجامعات الرسمية. وبرغم أن ظاهر القرار يحمل بعدًا تنمويًا وتعليميًا محمودًا، إلا أنه يخفي في طياته إشكاليات جوهرية تتعلق بالعدالة الاجتماعية، وتكريس النفوذ، والتمييز في تطبيق القانون.
تكريس النفوذ وتناقض مع مبدأ المساواة
في مجتمع يعاني من التفاوتات الطبقية والتشكيك المتنامي في العدالة، فإن طرح أرقام 'مميزة' للبيع بالمزاد العلني، سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو تسلسلية، يفتح الباب واسعًا لتكريس مظاهر التمييز والامتيازات في الفضاء العام، وتحديدًا على الطرق.
هذه الأرقام ـ بحكم ندرتها ـ لا تعني فقط 'تميّزًا' في الشكل، بل تتحول سريعًا إلى مؤشرات نفوذ بلغة الشارع، إذ يرى كثيرون في السيارة التي تحمل رقماً 'صغيراً أو مميزاً' إشارة إلى أن مالكها 'واصل'، أي يتمتع بنفوذ قد يحول دون مساءلته أو تحرير مخالفة بحقه، حتى وإن خالف القانون.
وهو ما يفتح المجال مجددًا أمام 'الاستقواء غير المباشر'، ويضعف من ثقة الناس بتطبيق القانون على الجميع دون تمييز، ويناقض بوضوح مبدأ 'الناس سواسية أمام القانون'.
المردود المالي… لا يبرر الأثر المجتمعي
في تبرير القرار، تشير الحكومة إلى أن الأموال المتأتية من بيع الأرقام المميزة ستذهب إلى دعم صناديق طلبة الجامعات الرسمية، وهو هدف نبيل. لكن السؤال الأهم: هل المردود يستحق الثمن المجتمعي؟
تشير تقديرات أولية إلى أن الحكومة قد تجني ملايين الدنانير من هذه المزادات، لكن حتى لو وصلت الإيرادات إلى 10 أو 20 مليون دينار على مدى عدة سنوات، فإنها لن توازي الكلفة الاجتماعية والسياسية الناتجة عن:
1. ترسيخ ثقافة اللامساواة: حين يرى الشارع أن هناك أرقامًا حكرًا على القادرين، تزداد مشاعر التهميش والانقسام الطبقي.
2. إضعاف تطبيق القانون: قد يتردد رجل الأمن في تحرير مخالفة لمركبة تحمل رقمًا مميزًا، خشية أن يكون صاحبها شخصية نافذة.
3. إعادة إنتاج رموز الطبقية: بدلًا من التخفيف من مظاهر التباهي بالسيارات والمظاهر الشكلية، يعزز هذا القرار هذه الظاهرة.
في دول عدة، تُباع الأرقام المميزة بملايين الدراهم والدنانير، وتُصبح وسيلة تفاخر واستقواء لا تخطئها العين.
في الأردن، لطالما ارتبطت الأرقام المميزة – وإن لم يكن رسميًا – برجال أعمال ونواب ووجهاء وشخصيات نافذة، وهو ما يديم فكرة 'التمايز'.
التقديرات تشير إلى أن عددًا من الأرقام قد تباع بعشرات آلاف الدنانير، لكن هل يستحق هذا الأثر النفسي والاجتماعي السلبي على الشعور العام بعدالة الدولة؟
إذا كانت الحكومة جادة في دعم صناديق الطلبة، فهناك عشرات البدائل العادلة، منها فرض رسوم رمزية على السيارات الفارهة، أو استحداث مساهمة تضامنية طوعية للمقتدرين، أو حتى إعادة توجيه بعض بنود الإنفاق غير الضروري.
أما تخصيص أرقام مميزة لمن يدفع أكثر، في بلد يعاني فيه المواطن العادي من كثير من التحديات، فذلك لا يخدم العدالة، ولا يليق بمنظومة تسعى لترسيخ سيادة القانون ومساواة المواطنين أمامه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ ساعة واحدة
- جو 24
بعد اثارتها جدلا واسعا.. مشوقة يسأل حسان عن اتفاقية امتياز التنقيب عن الذهب والمعادن
جو 24 : وجّه النائب المهندس عدنان مشوقة سؤالا نيابيا إلى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان حول اتفاقية الامتياز للتنقيب عن الذهب والمعادن في منطقة أبو خشيبة بوادي عربة، والأسس والمعايير التي اعتمدتها الحكومة لاختيار الشركة التي تم توقيع اتفاقية الامتياز معها. وسأل مشوقة عن المؤهلات الفنية والمالية التي قدمتها الشركة عند توقيع الاتفاقية، وفيما إذا كانت الحكومة قد تحققت من خبرة الشركة وكفايتها الفنية والمالية، خاصة أنها تأسست قبل شهرين فقط من توقيع العقد وبرأس مال مقداره 10,000 دينار أردني. وطلب مشوقة تزويده بالدراسات الاقتصادية التي أجرتها لاحتساب نسبة الأرباح التي ستحصل عليها، متسائلا عن الجهة التي أعدت الدراسة وهل تمّ الأخذ بمبدأ تحقيق أقصى منفعة اقتصادية للدولة من هذا الامتياز. وجاء في سؤال مشوقة: "ما الجهة التي قامت بتقدير حجم الاحتياطيات المعدنية في منطقة الامتياز، وخاصة النحاس وهل توجد دراسات رسمية أو تقارير منشورة من جهات فنية متخصصة تثبت وجود 20 إلى 30 مليون طن من النحاس كما ورد في الاتفاقية وهل تم نشر هذه البيانات للمؤسسات الرقابية وللرأي العام اطلب تزويدي بالتقارير والدراسات؟". وسأل مشوقة: "كيف تم إجراء دراسات تقييم بيئي واجتماعي شامل لمنطقة أبو خشبية قبل منح الشركة حق الامتياز وما هي الإجراءات الحكومية المعتمدة لضمان حماية الأراضي ذات الحساسية البيئية أو المجاورة للمحميات، وتجنب التعدي كما حصل في حالات سابقة مثل محمية ضانا؟". وكانت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية وقّعت اتفاقية امتياز مع شركة "وادي عربة للمعادن" لاستخراج الذهب والمعادن الأخرى في منطقة أبو خشيبة بوادي عربة، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات والتساؤلات، خاصة بعد الكشف عن أن الشركة حديثة التأسيس ولا تملك سجلًا سابقًا في قطاع التعدين، في وقت منحت فيه حق الامتياز على مساحة تُقدّر بـ48 ألف دونم ولمدة 30 عامًا. ** نصّ السؤال أسفل المساحة الإعلانية.. تابعو الأردن 24 على


صراحة نيوز
منذ 21 ساعات
- صراحة نيوز
مشروع خلايا شمسية لتوفير 70% من تكلفة إنارة الشوارع في الخالدية
صراحة نيوز – أعلنت بلدية الخالدية عن انطلاق تنفيذ مشروع تركيب نظام خلايا شمسية بنظام ربط ونقل الطاقة الكهربائية بالعبور، ضمن جهودها للتحول إلى مصادر الطاقة البديلة وتقليل تكاليف الطاقة. وأكد المهندس جميل المشاقبة، رئيس لجنة البلدية، أن المشروع الذي تبلغ تكلفته 420 ألف دينار وممول من موازنة البلدية، يشمل تصميم وتوريد وتركيب نظام خلايا شمسية بقدرة 500 كيلو واط، إضافة إلى إنشاء مبنى إداري لإدارة المشروع. وأشار المشاقبة إلى أن المشروع عند اكتماله سيسهم في تخفيض فاتورة إنارة الشوارع بنسبة تصل إلى 70%، ما يتيح للبلدية إعادة توجيه هذه الوفورات المالية نحو تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في مناطق الخالدية المختلفة. كما أكد أن المشروع يعد مبادرة صديقة للبيئة، لكونه يعتمد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، مما يعزز توجهات البلدية نحو الاستدامة البيئية وخفض الانبعاثات الكربونية.


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
النائب الدكتور أيمن أبو هنية : كفى ترددًا… الإصلاح الاقتصادي يحتاج قرارات جريئة وحتمية التناغم والتكامل مع القوى السياسية والاقتصادية.
أخبارنا : بقلم النائب الدكتور أيمن أبو هنية رئيس كتلة حزب عزم النيابية. في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردن وتدهور العديد من القطاعات الاقتصادية نتيجة الظروف والأحداث الإقليمية وغياب السياسات الاقتصادية والخطط التنموية الناجعة لتحفيز الاقتصاد وجلب الاستثمارات ودفع حركة السوق لم يعد أمام الحكومة ترف الوقت ولا مساحة للمجاملات السياسية نحن بحاجة إلى إصلاح اقتصادي حقيقي يخرج من دائرة الشعارات والمقاربات التقليدية إلى واقع ملموس ينعكس بشكل مباشر على دخل المواطن وفرص العمل ومستوى الخدمات الأساسية. لقد طال انتظار الأردنيين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية وما زالوا يسمعون عن خطط واستراتيجيات لا يرون أثرها في حياتهم اليومية في وقتٍ تتآكل فيه القدرة الشرائية ويضيق الأفق أمام الشباب الباحث عن العمل . واحدة من أخطر الإشكاليات التي نواجهها اليوم هي طريقة التعامل مع أموال الضمان الاجتماعي والتي من المفترض أن تكون ذراعًا تنموية واستثمارية حقيقية ورافعه إنتاجية بلغ حجم الاستدانة من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي نحو 57% من إجمالي موجوداته أي ما يعادل 9.5 مليار دينار تُدفع عليها فائدة سنوية تبلغ 6.2%. ورغم أن هذه الاستثمارات تُعد منخفضة المخاطر وآمنة للصندوق إلا أنه من الضروري تخفيض هذا النوع من الاستثمار الحكومي لصالح تنويع الاستثمارات في قطاعات إنتاجية أثبتت نجاحها وقد تحقق عوائد أعلى تصل إلى الضعف في بعض المجالات. هذه المبالغ التي كان يجب أن تُستثمر في مشاريع وطنية استراتيجية ذات عوائد مالية واقتصادية مجزية تم استخدامها لسد العجز في النفقات الجارية بدل توجيهها إلى مشاريع رأسمالية وإنتاجية قادرة على خلق فرص عمل وتحفيز الاقتصاد. لقد خسرنا فرصًا استثمارية ذات جدوى عالية كان من الممكن أن تحقق عوائد تفوق 15% مثل مشروع جر مياه حوض الديسي ومشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع التعدين ومشروع الناقل الوطني للمياه الذي ما زال في مراحل الطرح. كلها فرص حقيقية ضاعت ومعها ضاعت فرص التشغيل وتحقيق نمو اقتصادي فعلي. أما الحكومات المتعاقبة فقد اكتفت بإدارة الأزمة دون أن تعمل على تغيير قواعد اللعبة أو صناعة النمو. ظلّت النفقات الجارية تلتهم الجزء الأكبر من الموازنات العامة في حين تراجعت الاستثمارات الرأسمالية التي تُعتبر المحرك الحقيقي لأي اقتصاد منتج. لا يمكن لأي اقتصاد أن ينهض من خلال إدارة العجز فقط. وحين ننظر إلى نسب النمو المتوقعة للعامين الحالي والمقبل (2.7% في 2024 وتوقعات لا تتجاوز 2.2% في 2025)، ندرك أن ما نعيشه ليس مجرد تباطؤ اقتصادي بل نتيجة مباشرة لنهج يفتقر إلى الابتكار والجرأة ويفضّل الاستمرار في الدوائر المألوفة بدل اقتحام ميادين الإنتاج والتشغيل الحقيقي. ومن المؤسف أن برامج بعض الأحزاب الوطنية ورغم ما تملكه من مقترحات ورؤى إصلاحية واضحة لم تلقَ الاهتمام الكافي من الحكومة فهناك تغييب واضح لدور القوى السياسية في صياغة السياسات الاقتصادية وكأن هذه المؤسسات خُلقت لتكون رديفة فقط لا شريكة حقيقية في القرار. وفي الوقت الذي تنادي فيه القيادة السياسية بتوسيع قاعدة المشاركة وتعزيز دور الأحزاب ما زالت الحكومة تتعامل مع هذه الأحزاب وكأنها عبء لا مورد ومجرد واجهة لا قوة اقتراح حيث أكد جلالة الملك في عديد المناسبات واللقاءات على حتمية التناغم والتكامل بين أطراف المنظومة الحكومية والقطاع الخاص وبرامج الأحزاب لتحقيق الإصلاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار وفق خطط وبرامج ورؤية متكاملة وقابلية عاليه للنجاح لنستطيع جميعا الانطلاق في مسارات اقتصادية جديدة وآفاق مستقبلية والانفتاح على العالم وجذب الاستثمارات نحن نعيش مرحلة وطنية حساسة تتطلب مشاركة الجميع وعلى رأسهم القوى السياسية المؤهلة والمستعدة لتحمّل مسؤولياتها نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة تعزز رؤية التحديث الاقتصادي وتلبي تطلعات واحتياجات المواطن الأردني والقطاعات المختلفة. وفي هذا السياق لا بد من توجيه رسالة واضحة إلى حكومة الدكتور جعفر حسّان: إن الاستقرار المالي والإداري لا يتحقق من خلال تغطية النفقات الجارية فقط بل من خلال تغيير الأولويات والتحول نحو الإنفاق الرأسمالي المنتج وربط المال العام بمشاريع تنموية واضحة الأثر والمطلوب ليس فقط إطلاق مشاريع كبرى بل وضع جداول زمنية لتنفيذها ومؤشرات أداء قابلة للقياس والمساءلة حتى يتمكن المواطن من رؤية نتائج هذه السياسات في حياته اليومية لقد عبّر جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش الأخير عن رؤية واضحة وشاملة للتحديث بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية مؤكدًا أن المرحلة القادمة هي مرحلة التنفيذ لا التردد والإنجاز لا التجميل وأشار جلالته إلى ضرورة تفعيل الشراكة بين الدولة والمجتمع وتمكين الأحزاب الوطنية للقيام بدورها في الحياة العامة باعتبارها ركيزة أساسية في منظومة التحديث. لكن كيف يمكن لهذه الرؤية الملكية أن تتحقق بينما تستمر الحكومة في تهميش القوى الحزبية وتغيب عنها التشاركية؟ وكيف يمكن الحديث عن تحديث اقتصادي شامل بينما يتم التعامل مع المال العام بعقلية الاستهلاك لا الاستثمار، والتردد بدل الحسم؟ هذه الرؤية التي يقودها جلالة الملك تحتاج إلى إرادة تنفيذية جادة وإلى إدارة تمتلك الشجاعة للانتقال من إدارة الأزمة إلى صناعة المستقبل إن الأردنيين يستحقون اقتصادًا يحترم تضحياتهم ويوفر لهم الكرامة وفرص العيش الكريم لا اقتصادًا يُدار بالأرقام والتقارير فقط. الإصلاح الإقتصادي لم يعد خيارًا يمكن تأجيله بل هو ضرورة وطنية تتطلب قرارات حاسمة تشارك فيها جميع الأطراف ويُبنى فيها المستقبل كما يريده الأردنيون وكما يطمح إليه جلالة الملك حفظه الله ورعاه