
وكيل كلية الدراسات الإسلامية: مصر لها نصيب من حب رسول الله ﷺ وآل بيته
في بداية الملتقى قال الدكتور أسامة مهدي، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة، إن النبي ﷺ كان خبيرا بأمور الناس، لذلك كان يوظف الشخص المناسب في المكان المناسب بحسب ما يتمتع به من إمكانيات وقدرات، والدليل على فهم الرسول ﷺ لقدرات وملكات كل واحد من صحابته الكرام، ما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه: قال رسول الله ﷺ "أرحم أمتي أبو بكر أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبيّ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" وهذا هو المنهج القرآني كما حكاه على لسان سيدنا يوسف عليه السلام "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم"، وهو منهج يعتمد على مبدأ الكفاءة والقدرة على أداء المهام الموكلة للشخص.
وأوضح أستاذ الحديث أن الرسول ﷺ كان يختار للمهمة التي يريدها أو الموفد الذي يوفده إلى قوم من الأقوام، وفقا لقدرة الشخص على أداء المهمة المكلف بها، فعندما ننظر في اختيار سيدنا مصعب بن عمير ليكون سفيرًا للنبي ﷺ إلى المدينة، وليكون بذلك أول سفير في الإسلام، اختاره النبي ﷺ لأنه من أعلم الصحابة، وأكثرهم كياسة وقدرة على الصبر وسعة الصدر، بالإضافة إلى لباقته، وقدرته على الإقناع بسبب ذكائه الشديد، لهذا كان مصعب بن عمير سفيرا عظيما للإسلام وأسلم على يديه أقوام كثيرة في المدينة، وما يحكى من قصته في إسلام أسيد بن حضير خير برهان على أنه يستحق أن يكون سفيرا لرسول الله ﷺ ، فعندما التقى بأسيد بن خضير واستطاع أن يقنعه بالإسلام عندما جاءه أسيد وقال له ما جاء بكما إلينا؟ تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلا، إن كان لكما في أنفسكما حاجة. فقال له مصعب أو تجلس فتسمع. فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره. فقال أنصفت، ثم ركز حربته وجلس فكلمه مصعب بالإسلام وتلا عليه القرآن.
قال فواللَّه لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقة وجهه، وتحول أسيد من زعامة الشرك إلى الزعامة في الإسلام بسبب صدق مصعب بن عمير وكفاءته في الحوار والإقناع. وأضاف أستاذ الحديث، أن من النماذج المبهرة من سفراء الإسلام سيدنا جعفر بن طالب، فكان على قدر من الدبلوماسية والبراعة في العرض، فاستطاع أن يعرض الإسلام بصورة لا يمكن لعاقل أن يرفضها فعندما قال للنجاشي ملك الحبشة " أيها الملك، إنا كنا قوما أهل جاهلية ; نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف"، لهذا كان يختار الرسول ﷺ لكل وجهة الرجل المناسب، وبهذا المنهج سبق الإسلام كل الحضارات بالتأكيد لمبدأ وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
وبين أن السبب في نجاح الصحابة في مبلغ هذه المنزلة العظيمة في التاريخ الإسلامي، وفي أداء المهام التي كلفهم بها رسول الله ﷺ، أنهم لم يكن يشغلهم عن دين الله شاغلة، وكانوا لا يسعون إلى أي فائدة سوى نصرة الحق ونصرة رسوله ﷺ، لذلك أعطوا للإسلام كل شيء من مال وولد وحياة، ولم ينتظروا جزاء إلا رضوان الله سبحانه وتعالى، وكانوا على استعداد تام ليفدوا رسول ﷺ بكل شيء في الدنيا. من جانبه قال الدكتور نادي عبد الله أستاذ الحديث: إن الرسول الكريم ﷺ رغم مكانته العظيمة لكنه بدأ الدعوة إلى الله منفردًا، وكان يعرض أمره على القبائل لعله يجد فيهم العون لدين الله سبحانه وتعالى، ورغم حبه ﷺ الشديد لمكة، إلا أن الله سبحانه وتعالى اختار له مكانا آخر وهو المدينة، لما علمه الحق سبحانه وتعالى من شوق في قلوب أهلها إلى رسول ﷺ، لذلك أمره سبحانه وتعالى بالهجرة إلى المدينة، لأن فيهم العون والنصرة لدين الله سبحانه وتعالى، ولأن الفاصل هو الصدق والحب، لذلك أعز الله سبحانه وتعالى الإسلام بالحب والصدق، كما أن الرسول ﷺ دعا لأهل المدينة نظير حبهم لهم وصدقهم معه فقال ﷺ "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة" لما لمسه فيهم من حب وصدق في مؤازرته ونصرة دين الله سبحانه وتعالى. وأضاف وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن سائر الكائنات تحب رسول الله ﷺ فلا يوجد بشر ولا حجر إلا ويحب رسول الله ﷺ.
وتابع: لهذا قال الرسول ﷺ عن جبل أحد "هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ" لذلك كان مكأفاة لأهل المدينة أن هاجر الرسول ﷺ إليهم لما علمه الحق سبحانه وتعالى من حبهم لرسوله الكريم ﷺ " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، لذلك لما سألأ رَجُلًا النبيَّ ﷺ مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ ﷺ: ما أعْدَدْتَ لَهَا قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ، مبينا أن مصر لها نصيب كبير من حب رسول الله ﷺ ولآل بيته الكرام رضوان الله عليهم، لذلك أصبحت مصر موطنًا لهم.
وشدد وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية، على ضرورة التمسك بالعبادة، وخاصة في هذه الأيام لأن الرسول الكريم ﷺ أخبرنا أن العبادة في وقت الفتن كهجرة إليه ﷺ "العبادة في وقت الهرج كهجرة إلي"، ومن الواجب علينا أن نهاجر بالروح بعيدا عن الشحناء والبغضاء، وأن نتخلص من كل أمراض النفس، وأن نقول عفى الله بقلوب صادقة . من جانبه قال الشيخ وائل رجب، الباحث بالجامع الأزهر، لا يوجد في التاريخ بأكمله كصحابة رسول الله ﷺ في الصدق والمؤازرة التي قدموها له ﷺ في بداية دعوته حتى صارت ملء السمع والبصر بفضل الله تعالى، لذلك استحقوا ثقة الرسول ﷺ ليمثلوه في أقوامهم، فكانوا بحق خير سفراء للإسلام، وكان من أوائل هؤلاء الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضى الله عنه، سفير الرسول الكريم ﷺ إلى المدينة، وكان يتمتع برجاحة في العقل وهدوء في الطبع، فوفد عليه الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا. يُذكر أن ملتقى التفسير يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف ملتقى السيرة إلى تسليط الضوء على المعاني الجليلة التي برزت في السيرة النبوية المشرفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة النبأ
منذ ساعة واحدة
- شبكة النبأ
تقويض العدالة الاجتماعية عبر الواسطة والمحسوبية
العدالة لا تنهار بانقلاب أو عدوان فقط، بل تنهار بصمت حين يستبيح الناس اللاعدالة، ويعتبرون اللغط حقًا مكتسبًا، وإذا ما أردنا أن ننهض بوطنٍ يُنصف أبناءه، فعلينا أن نُعيد بناء الوظيفة العامة على أساس المساواة والاستحقاق، فالله لا يرضى الظلم، والرسول لا يقر التمييز، والقانون لا يحتمل التجزئة... العدالة الاجتماعية هي الركن الأهم في بناء أي مجتمع متوازن يُنصف أفراده في الفرص والحقوق والواجبات، لكن ما إن تترسّخ في الواقع ظواهر كـالواسطة والمحسوبية، حتى تُنسف هذه العدالة من جذورها، ويصبح النجاح حكرًا على من يعرف مَن، لا على من يعرف كيف، وحين تسود الواسطة على الكفاءة، فإننا لا نخسر العدالة فقط بل نخسر الدولة ذاتها، ونحوّل الوظيفة العامة إلى تركة توزّعها المصالح لا القانون، الواسطة تعني التوسّط لدى جهة ما لصالح شخص، بغضّ النظر عن أهليته، وغالبًا ما تتم خارج إطار القانون، وبما يتجاوز الكفاءة أو الاستحقاق، والمحسوبية تعني تفضيل الأقارب أو الأصدقاء أو المنتمين لنفس الحزب أو الطائفة في التعيين أو الترقية أو الفرص، على حساب الكفاءة والمساواة، وقد تُغلَّف هذه الظواهر بأسماء اجتماعية مثل (عونة أو فزعة أو مساعدة)، لكنها في الحقيقة انتهاك صارخ لمبدأ العدالة، وانحراف عن جوهر الوظيفة العامة كمؤسسة لخدمة الجميع. أدان الإسلام المحسوبيات والوساطات التي تُقوّض العدل، وعدّها من وجوه الظلم، حتى لو كانت باسم القربى أو الشفاعة، ففي الحديث النبوي الشريف، حين أراد بعض الصحابة الشفاعة في حدٍّ شرعي لامرأة من بني مخزوم، غضب النبي (ص) وقال: "أتشفع في حد من حدود الله؟! والله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" وحاشاها مولاتنا من الفعل، لكن هذا الموقف النبوي يُشكّل أبلغ ردّ على من يبرّر التمييز العائلي أو السياسي في تطبيق العدالة، بل جعل الإسلام تقديم غير الأكفّاء في المناصب خيانة، ففي الحديث: "من استعمل رجلًا على عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين"، فالخيانة هنا ليست سرقة مال فقط، بل تقديم غير المستحق لمكان لا يستحقه. ليست الواسطة مجرّد خلل أخلاقي، بل هي أحد أهم أوجه الفساد الإداري، حيث تُقتل الكفاءات وتُغتال فرص الشباب غير المرتبطين بنفوذ، ويتحوّل الجهاز الوظيفي إلى طبقية خفيّة قائمة على من يحظى بالدعم، وعليه يفقد المواطن الثقة بمؤسسات الدولة، ويشعر بالاغتراب في وطنه، والأسوأ من ذلك، أن المحسوبية تُنتج مؤسسات هشّة، تُدار بلا كفاءة، وتُحصّن نفسها ضد المحاسبة، لأن القيادات ليست ثمرة كفاءة، بل نتاج ولاء متبادل. رغم أن القانون العراقي لم يستخدم لفظ الواسطة والمحسوبية صراحة، إلا أنه يُجرّم سوء استخدام الوظيفة العامة عند الاخلال العمدي بواجبات الوظيفة العامة ولدى استغلال الوظيفة لمصلحة شخصية أو اضرار بالأغيار، ونص على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في التعيين والتوظيف، كما في قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل، والدستور العراقي لسنة 2005، المادة (16) التي تنص على: "تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك"، لكن تبقى المشكلة في ضعف تطبيق هذه النصوص، وسط انتشار الثقافة السائدة بأن الواسطة حق طبيعي بما أن الامور لا تسير إلا بها!، مما يُفرغ القانون من مضمونه، ويُكرّس اللاعدالة. ومما تقدم يتضح لنا أنّ التحصين القانوني لا يكفي وحده، بل لابدّ من إصلاح ثقافي–ديني يعيد تعريف الوظيفة كمجال تكليف لا مجال نفوذ، وإلزام مؤسسات الدولة بمبدأ الشفافية في التعيينات والترقيات، وتفعيل مبدأ الإفصاح عن تضارب المصالح والمحسوبية العائلية والسياسية، وإشراك المجتمع المدني والإعلام في الرقابة على نزاهة إجراءات التوظيف، وكذلك في إعادة الاعتبار للكفاءة والمعايير الموضوعية في إدارات الدولة. ختامًا- العدالة لا تنهار بانقلاب أو عدوان فقط، بل تنهار بصمت حين يستبيح الناس اللاعدالة، ويعتبرون اللغط حقًا مكتسبًا، وإذا ما أردنا أن ننهض بوطنٍ يُنصف أبناءه، فعلينا أن نُعيد بناء الوظيفة العامة على أساس المساواة والاستحقاق، فالله لا يرضى الظلم، والرسول لا يقر التمييز، والقانون لا يحتمل التجزئة، وفي قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (النساء: 58) وما الوظيفة والعمل إلا أمانة، وأهلها هم الأكفّاء، لا الأقرباء.


وزارة الإعلام
منذ ساعة واحدة
- وزارة الإعلام
عناوين الصحف الصادرة في بيروت يوم الثلاثاء 12 آب 2025
اللواء -مجلس الوزراء غدا ُ يتجاوز 'المناكفات ويقرً قرض الكهرباء وبنودا حيوية -أجوبة أميركية في جعبة براك ـــ أورتاغوس .. وعاصفة رفض لزيارة الريجاني إلى بيروت اليوم -احـ.ـتلال غـ.ـزة: زج مئات آلاف الجنود بالحر ب وطرد الصحافة العالمية من القطـ.ـاع -العراق بلا كهرباء قبيل وصول لاريجاني إلى بغداد -محادثات غدا بين الأوروبيين وزيلينسكي وترامب قبل قمة ألاسكا النهار -'open AI': كسف حسمت مواجهة الشطرنج أمام 'غروك' -حفاوة 'الحـ.ـزب' بإيران تهديد بإسقاط الحكومة! -لاريجاني إلى بيروت غداً بعاصفة استفزازية 'حـ.ـزب الله' يطوّر هـجـ.ـماته ويهدّد الحكومة -الأونروا لبنان: بوادر أزمة مع الفلسـ.ـطينيين -اسـ.ـتشها.د صحافيين: اسرائيل تقـ.ـتل الشهود على الإبادة الديار -زيارة لاريجاني تكشف ملامح معركة أوسع -«اليونيفل» ورقة ابتزاز سياسيّ وأمنيّ -«كسر جزئي» للبرودة بين بعبدا وعين التينة -وزير الزراعة يكشف لـ 'الديار' عن خطة للقطـ.ـاع الزراعي في الجنوب… وأسواق عالميّة جديدة قريباً! -وادي خالد… 23 بلدة وقرية تحت وطأة الحرمان… ومعابر تهريب ناشطة الأخبار -هكذا تدمر الدولة صناعتها! -'صفقة القرن' البحرية: الوصاية الأميركية تُهدي قبرص 5,000 كلم² من ثروات لبنان! -ما هو دور الفرنسيين في انفجار زبقين؟ -السعودية تريد قطع عالقة لبنان مع إيران -شهود الإبادة (عن أنس الشريف ورفاقه) البناء -الاحـ.ـتلال لم يعلن الموافقة على ورقة باراك ولا نفّذ وقف النار… والترحيل لـ«اليونيفيل» -اسـ.ـتشها.د 5 من مراسلي ومصوّري الجزيرة… ووصيّة أنس الشريف حريّة فلسـ.ـطين -| لاريجاني بين بغداد وبيروت: العراق أكبر من الإملاء والمـ.ـقاومة أكبر من الوصاية الجمهورية -بري لـ«الجمهورية«: لا استقالة من الحكومة -عون: لا رجوع عن الإصلاحات -واشنطن تطمئن الحكومة: خطوة بخطوة نحن معكم -قرار 'حصر السـ.لاح' فتح 'الأفق الخارجي'… فهل من ضمانات إضافية؟ -الجيش وحكومات لبنان نداء الوطن -استطلاع على قياس السـ.لاح: أرقام 'الحـ.ـزب' بنسخة 'الاسد' -'حـ.ـزب الله' يستنجد بـ 'لاريجاني' لضبط العلاقة مع الدولة -لبنان يصرخ عطشا -بين الاتهام والمحاسبة… 'الاتصالات' تختبر منظومة العدالة في لبنان -'الحـ..ـشد الشعبي' يتأرجح بين 'مطرقة طهران' و'سندان واشنطن' -'آب اللّهاب' يشعل لبنان بنيرانه… ولم يرحم شبكة الكهرباء الشرق -عجقة موفدين في بيروت دعماً للحكومة.. ماذا عن لاريجاني؟ -براكس يناشد أصحاب المحطات: للالتزام بتطبيق إجراءات السلامة العامة -سوبرة يطالب السلطة بإجراءات سريعة لإشراك المغتربين في إعادة النهوض -سـ.لاح الحـ.ـزب بين الجيش اللبناني وإسرائيل -نقابة الصحافة دانت اغتيال إعلاميي غـ.ـزة: لتحرك دولي عاجل يوقف الإبادة


ليبانون ديبايت
منذ 4 ساعات
- ليبانون ديبايت
جنبلاط وأرسلان يتقاسمان السقوط المدوّي
بعد أشهر من تصريحات النائب السابق، وليد جنبلاط وعمله المضني في سبيل بسط سلطة أحمد الشرع على محافظة السويداء السورية، وهجومه العنيف على المراجع الروحية الدرزية في سوريا وإسرائيل، قرر البك العودة إلى لغة فصل المسارات بين الدروز، والحياد السلبي. ويروي أحد المتابعين للشؤون الدرزية الداخلية، أن جنبلاط قرأ الواقع في سوريا بشكل خاطئ منذ يوم سقوط نظام بشار الأسد، فعوضًا عن التوجه إلى السويداء التي تُعد حاضنة الدروز في سوريا، فضّل زيارة أحمد الشرع ووقف أمامه متوجهًا إليه بالقول: "سيدي القائد". العبارة هذه هزّت أنصاره قبل خصومه، وهم من تعوّدوا على فكرة أن جنبلاط يُستقبل في مراكز القرار بوصفه أحد مهندسي السياسة اللبنانية بشكل عام، والدرزية بشكل خاص على مستوى الشرق الأوسط. الرئيس السابق للاشتراكي، لم يستمع إلى النصائح التي وصلته من أعلى المراجع الروحية الدرزية، وعلى العكس فقد وضع نصب عينيه النيل من الرئيس الروحي للموحدين في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، ثم أدار نيران انتقاداته إلى الرئيس الروحي في سوريا، الشيخ حكمت الهجري. ولم تقف المحاولات الجنبلاطية عند الانتقاد، بل عمد إلى العبث بالداخل الدرزي في سوريا بعكس القواعد المتفق عليها من قبل الدروز في الشرق الأوسط، والتي تقضي بعدم تدخل دروز لبنان في شؤون دروز سوريا والعكس صحيح. كما تجاهل النصيحة التي حملها مرجع روحي لطائفة الموحدين في لبنان، لممثليه جنبلاط وأرسلان على حد سواء، والتي تضمنت قوله: "اتقوا الله في أهل السويداء وجبل العرب، ودعوهم يقررون ما يرونه أفضل لهم". لكن جنبلاط اقتنع، أو أن هناك من أقنعه، بدعم ليث البلعوس كي يسحب البساط من تحت أقدام الشيخ الهجري. وجدير بالذكر أن البلعوس أوصدت بوجهه الأبواب في السويداء منذ مطلع شباط الماضي، وعندما سُئل أحد المقربين من كبار رجال الدين في السويداء عن سبب عدم احتضان البلعوس قال: "الرجل متورط بعمليات قتل وإعدامات ميدانية بحق الدروز، وعمليات سلب ونهب وتشبيح، ونظرة المجتمع الدرزي إليه توازي النظرة إلى قاطع طريق، وبالتالي هو منبوذ من المجتمع". غير أنه يُحسب لجنبلاط، الذي لا يشارك أحد في انتصاراته، قدرته الفائقة على جذب شركاء عند وقت الهزيمة. فبعد إشكالات الشويفات والبساتين التي خلّفت وراءها 4 ضحايا وعددًا من الجرحى والموقوفين، وعدم الاتفاق على شيخ عقل واحد للطائفة، وخسارة الانتخابات النيابية في 2022، عاد الوزير السابق، طلال أرسلان، إلى الواجهة، ولكن من بوابة مشاركة جنبلاط ليس في تمثيل نيابي أو وزاري، وإنما في تحمّل تداعيات الهزيمة. المير لم يهاجم طريف أو الهجري أو أي أحد، ولكن ظهوره المتكرر في الآونة الأخيرة إلى جانب جنبلاط، ومحاولة الرد على أسئلة رجال الدين الساخطين على البيك، والعمل على تسويق الأخير لدى كبار رجال الطائفة الدينيين، جعل منه شريكًا كاملًا في مشروع جنبلاط الذي أدرك متأخرًا وجوب حفظ الرأس عند صراع الدول. وبالتالي فإن أزمة الرجلين لن تُحل سوى بمغادرة المشهد وترك الأمور لنجليهما، على قاعدة أنهما لم يصدر عنهما أي صوت أو موقف فيما حدث بالسويداء، كي يحاولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.