
البابا لاوون الرابع عشر على خطى سلفه: لاحترام كرامة المهاجرين
شدّد البابا لاوون الرابع عشر، في أوّل كلمة يلقيها أمام دبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم في
الفاتيكان
، على وجوب "احترام كرامة المهاجرين"، فيما دعا كذلك الدول إلى وقف إنتاج الأسلحة ووضع جهود إحلال السلام على رأس أولوياتها. وكلام البابا الذي أتى أمام أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، صباح اليوم الجمعة، بعد أسبوع واحد فقط من انتخابه، يشير إلى أنّه يسير على خطى سلفه
فرنسيس الأول
الذي أَولى قضية المهاجرين أهمية كبرى.
Pope Leo XIV to the Holy See diplomatic corps:
"My ministry has begun in the heart of a Jubilee Year, devoted in a particular way to hope. It is a time of conversion and renewal and, above all, an opportunity to leave conflicts behind and embark on a new path, confident that, by…
pic.twitter.com/j81YeB4N7P
— Vatican News (@VaticanNews)
May 16, 2025
ووصف بابا الفاتيكان الجديد، الذي أبصر النور في الولايات المتحدة الأميركية وعاش لسنوات طويلة في البيرو، نفسه بأنّه "يتحدّر من أسرة مهاجرة"، ودعا إلى التعاطف مع النازحين والتضامن معهم. وأشار إلى أنّ خبرته في العيش في الأميركيتَين، الشمالية والجنوبية، ورحلاته حول العالم، مكّنته من "تجاوز الحدود لملاقاة شعوب وثقافات مختلفة".
وحثّ البابا لاوون الرابع عشر القادة على الاستثمار في "الأُسرة" وفي "دعم كرامة كلّ إنسان"، وذلك "من الجنين إلى المسنّ ومن المريض إلى العاطل من العمل"، مشدّداً على أنّ الأمر يشمل "المواطنين والمهاجرين على حدّ سواء"، وعلى أنّ "أحداً ليس معفياً من ضمان احترام كرامة كلّ إنسان". وأكد أنّ رسالته تُجسّد إرث البابا فرنسيس الأول، الذي "ما زال التزامه بالفقراء والمهمّشين، بالإضافة إلى اهتمامه بحماية الخليقة ونهضة الذكاء الاصطناعي مصدرَي إلهام دائمَين ومستمرَّين".
وفي إطار كلمته التي توجّه بها إلى الدبلوماسيين المعتمدين لدى الفاتيكان، ركّز البابا لاوون الرابع عشر على مداميك ثلاثة هي "السلام" و"العدالة" و"الحقيقة"، في حين دعا إلى إحياء الدبلوماسية متعدّدة الأطراف وترويج الحوار بين الأديان. وجدّد التزام الفاتيكان بمواكبة كلّ دولة ببناء عالم يعيش فيه الجميع بكرامة وسلام، معبّراً عن "أملي بتحقّق ذلك في كلّ مكان، بدءاً من الأماكن التي تعاني أشدّ المعاناة"، مشيراً إلى "الأراضي المقدّسة"، أي فلسطين، بالإضافة إلى أوكرانيا.
قضايا وناس
التحديثات الحية
البابا لاوون الرابع عشر يدعو مسيحيّي الشرق إلى الصمود في أرضهم
البابا فرنسيس "مدافع شرس" عن المهاجرين
وكان البابا فرنسيس الأول قد وجّه، في فبراير/ شباط الماضي، قبل تدهور وضعه الصحي، انتقاداً شديداً إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خلفية ترحيل المهاجرين الجماعي من الولايات المتحدة الأميركية، وحذّر من أنّ البرنامج الذي يقضي بطرد "أفراد غادر عدد كبير منهم بلدانهم لأسباب تتّصل بالفقر المدقع وانعدام الأمن والاستغلال والاضطهاد، أو بسبب تدهور البيئة بشكل خطر، يمسّ بكرامة عدد كبير من الرجال والنساء". ولطالما جعل البابا الراحل رعاية المهاجرين، أينما وُجدوا، أولوية في خلال فترة بابويته، إذ طالب دول العالم، بما في ذلك الأوروبية منها، باستقبال الفارين من الصراعات والفقر والكوارث المناخية وحمايتهم وتعزيز أوضاعهم ودمجهم.
كذلك، كان البابا فرنسيس قد عبّر في أكثر من مرّة عن دعمه جهود إنقاذ المهاجرين، ومن بينها جهود جمعية "ميديترانيا سيفينغ هيومانز" الخيرية الإيطالية تُعنى بإنقاذ المهاجرين في البحر، وذلك في حين كان أعضاؤها يواجهون اتهامات بتشجيع الهجرة غير النظامية، في أواخر عام 2023 وبدايات هام 2024. وقد شدّد على أنّ الناشطين في تلك الجمعية "يقومون بعمل جيّد وينقذون أشخاصاً كثيرين".
وقد وُصف البابا فرنسيس بأنّه من "المدافعين الشرسين" عن المهاجرين الذين تضطرهم ظروفهم المأساوية إلى ترك بلدانهم وخوض رحلات، ولا سيّما في قوارب الموت، بحثاً عن غدٍ أفضل. فهو كان يندّد بطرق معاملة هؤلاء، خصوصاً من قبل الدول الأوروبية. وقد سبق أن وصف معاملة الاتحاد الأوروبي لهؤلاء بأنّها "مثيرة للاشمئزاز"، وبأنّها أشبه بـ"خطيئة" وبـ"جريمة". بالنسبة إليه، كان استبعاد أوروبا المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط، على سبيل المثال، "أمراً فاضحاً".
وفي سياق متصل، قصد البابا فرنسيس مدينة مرسيليا الفرنسية، في سبتمبر/ أيلول من عام 2023، في زيارة استمرّت يومَين خصّصها للبحر الأبيض المتوسط وتحدّي الهجرة، وذلك في سياق العداء المتزايد تجاه المهاجرين في أوروبا. أتى ذلك بعدما صرّح بأنّه لن يتوجّه إلى فرنسا في زيارة دولة بل إلى مرسيليا، المدينة ذات الطابع العالمي في جنوب البلاد التي تتعايش فيها مجموعات كبيرة من الطوائف والأديان، وذلك للتنديد بمأساة غرق قوارب المهاجرين والدفاع عن قضيّتهم. يُذكر أنّ البابا فرنسيس ظلّ يندّد بخطابات الرفض وسياسات الانغلاق الأوروبية منذ انتخابه في عام 2013.
(العربي الجديد، رويترز)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 أيام
- العربي الجديد
بابا الفاتيكان الجديد يدعو لوقف الحرب في غزة وأوكرانيا
ناشد البابا لاوون الرابع عشر القوى العالمية الكبرى "وقف الحروب"، في أول قداس له اليوم الأحد أمام الحشود في ساحة القديس بطرس منذ انتخابه بابا للفاتيكان. ودعا البابا الجديد، الذي انتُخب في الثامن من مايو/ أيار الحالي، إلى "سلام حقيقي ودائم" في أوكرانيا ووقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين. كما رحب بوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان ، وقال إنه يدعو الله أن يمنح العالم "معجزة السلام". وانتُخب روبرت بريفوست بابا جديداً للكنيسة الكاثوليكية الخميس الفائت، ليصبح أول أميركي يتولى منصب البابوية، خلفاً للراحل فرنسيس ، وحمل البابا الجديد (69 عاماً) اسم لاوون الرابع عشر في سابقة هي الأولى منذ القرن التاسع عشر. وبعد تصاعد دخان أبيض من مدخنة كنيسة القديس بطرس إيذاناً بانتخاب بابا جديد للفاتيكان ، ظهر البابا لاوون الرابع عشر من شرفة الكنيسة، وهو يرتدي الرداء الأحمر التقليدي للبابوية، وهو الرداء الذي تجنبه البابا فرنسيس لدى انتخابه في 2013. وفي كلمته الأولى دعا إلى "السلام وبناء الجسور". سيرة سياسية التحديثات الحية لاوون الرابع عشر.. أول بابا أميركي للكنيسة الكاثوليكية ومنتقد لترامب وجاء انتخاب البابا الجديد بعدما أدلى 133 كاردينالاً (المخولون باختيار البابا)، وهم يرتدون ثياباً حمراء من أنحاء العالم بأصواتهم. وخلال المجمع البابوي، مُنع الكرادلة من مغادرة المكان أو الاتصال بالعالم الخارجي، أثناء اختيارهم الزعيم رئيس الكنيسة الكاثوليكية، التي يبلغ عدد أعضائها 1.4 مليار شخص حول العالم. ولا تقتصر أهمية انتخاب البابا الجديد على الأوساط الكاثوليكية فحسب، بل تمتد إلى الجغرافيا السياسية والدبلوماسية الدولية، ولا سيّما في ظل تصاعد النزعات الشعبوية، وعودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الساحة الدولية، والحرب الدائرة في غزة وأوكرانيا. ومن المقرر أن يقام قداس تنصيبه الكبير يوم الأحد المقبل، مرة أخرى في ساحة القديس بطرس. ومن المتوقع أن يحضره قادة وممثلون من جميع أنحاء العالم. ووفقاً لتقارير إعلامية، انتقد البابا لاوون الرابع عشر ترامب، وسياساته المتعلقة بالهجرة. كما ورد أن بريفوست، انتقد تصريحات نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، بشأن إعطاء الأولوية لمجتمعه على حساب بقية العالم، واصفاً إياها بأنها "خاطئة". ويتحدث بريفوست الإنكليزية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية، والبرتغالية، ويستطيع قراءة اللغة اللاتينية والألمانية. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 4 أيام
- العربي الجديد
البابا لاوون الرابع عشر على خطى سلفه: لاحترام كرامة المهاجرين
شدّد البابا لاوون الرابع عشر، في أوّل كلمة يلقيها أمام دبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم في الفاتيكان ، على وجوب "احترام كرامة المهاجرين"، فيما دعا كذلك الدول إلى وقف إنتاج الأسلحة ووضع جهود إحلال السلام على رأس أولوياتها. وكلام البابا الذي أتى أمام أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، صباح اليوم الجمعة، بعد أسبوع واحد فقط من انتخابه، يشير إلى أنّه يسير على خطى سلفه فرنسيس الأول الذي أَولى قضية المهاجرين أهمية كبرى. Pope Leo XIV to the Holy See diplomatic corps: "My ministry has begun in the heart of a Jubilee Year, devoted in a particular way to hope. It is a time of conversion and renewal and, above all, an opportunity to leave conflicts behind and embark on a new path, confident that, by… — Vatican News (@VaticanNews) May 16, 2025 ووصف بابا الفاتيكان الجديد، الذي أبصر النور في الولايات المتحدة الأميركية وعاش لسنوات طويلة في البيرو، نفسه بأنّه "يتحدّر من أسرة مهاجرة"، ودعا إلى التعاطف مع النازحين والتضامن معهم. وأشار إلى أنّ خبرته في العيش في الأميركيتَين، الشمالية والجنوبية، ورحلاته حول العالم، مكّنته من "تجاوز الحدود لملاقاة شعوب وثقافات مختلفة". وحثّ البابا لاوون الرابع عشر القادة على الاستثمار في "الأُسرة" وفي "دعم كرامة كلّ إنسان"، وذلك "من الجنين إلى المسنّ ومن المريض إلى العاطل من العمل"، مشدّداً على أنّ الأمر يشمل "المواطنين والمهاجرين على حدّ سواء"، وعلى أنّ "أحداً ليس معفياً من ضمان احترام كرامة كلّ إنسان". وأكد أنّ رسالته تُجسّد إرث البابا فرنسيس الأول، الذي "ما زال التزامه بالفقراء والمهمّشين، بالإضافة إلى اهتمامه بحماية الخليقة ونهضة الذكاء الاصطناعي مصدرَي إلهام دائمَين ومستمرَّين". وفي إطار كلمته التي توجّه بها إلى الدبلوماسيين المعتمدين لدى الفاتيكان، ركّز البابا لاوون الرابع عشر على مداميك ثلاثة هي "السلام" و"العدالة" و"الحقيقة"، في حين دعا إلى إحياء الدبلوماسية متعدّدة الأطراف وترويج الحوار بين الأديان. وجدّد التزام الفاتيكان بمواكبة كلّ دولة ببناء عالم يعيش فيه الجميع بكرامة وسلام، معبّراً عن "أملي بتحقّق ذلك في كلّ مكان، بدءاً من الأماكن التي تعاني أشدّ المعاناة"، مشيراً إلى "الأراضي المقدّسة"، أي فلسطين، بالإضافة إلى أوكرانيا. قضايا وناس التحديثات الحية البابا لاوون الرابع عشر يدعو مسيحيّي الشرق إلى الصمود في أرضهم البابا فرنسيس "مدافع شرس" عن المهاجرين وكان البابا فرنسيس الأول قد وجّه، في فبراير/ شباط الماضي، قبل تدهور وضعه الصحي، انتقاداً شديداً إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خلفية ترحيل المهاجرين الجماعي من الولايات المتحدة الأميركية، وحذّر من أنّ البرنامج الذي يقضي بطرد "أفراد غادر عدد كبير منهم بلدانهم لأسباب تتّصل بالفقر المدقع وانعدام الأمن والاستغلال والاضطهاد، أو بسبب تدهور البيئة بشكل خطر، يمسّ بكرامة عدد كبير من الرجال والنساء". ولطالما جعل البابا الراحل رعاية المهاجرين، أينما وُجدوا، أولوية في خلال فترة بابويته، إذ طالب دول العالم، بما في ذلك الأوروبية منها، باستقبال الفارين من الصراعات والفقر والكوارث المناخية وحمايتهم وتعزيز أوضاعهم ودمجهم. كذلك، كان البابا فرنسيس قد عبّر في أكثر من مرّة عن دعمه جهود إنقاذ المهاجرين، ومن بينها جهود جمعية "ميديترانيا سيفينغ هيومانز" الخيرية الإيطالية تُعنى بإنقاذ المهاجرين في البحر، وذلك في حين كان أعضاؤها يواجهون اتهامات بتشجيع الهجرة غير النظامية، في أواخر عام 2023 وبدايات هام 2024. وقد شدّد على أنّ الناشطين في تلك الجمعية "يقومون بعمل جيّد وينقذون أشخاصاً كثيرين". وقد وُصف البابا فرنسيس بأنّه من "المدافعين الشرسين" عن المهاجرين الذين تضطرهم ظروفهم المأساوية إلى ترك بلدانهم وخوض رحلات، ولا سيّما في قوارب الموت، بحثاً عن غدٍ أفضل. فهو كان يندّد بطرق معاملة هؤلاء، خصوصاً من قبل الدول الأوروبية. وقد سبق أن وصف معاملة الاتحاد الأوروبي لهؤلاء بأنّها "مثيرة للاشمئزاز"، وبأنّها أشبه بـ"خطيئة" وبـ"جريمة". بالنسبة إليه، كان استبعاد أوروبا المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط، على سبيل المثال، "أمراً فاضحاً". وفي سياق متصل، قصد البابا فرنسيس مدينة مرسيليا الفرنسية، في سبتمبر/ أيلول من عام 2023، في زيارة استمرّت يومَين خصّصها للبحر الأبيض المتوسط وتحدّي الهجرة، وذلك في سياق العداء المتزايد تجاه المهاجرين في أوروبا. أتى ذلك بعدما صرّح بأنّه لن يتوجّه إلى فرنسا في زيارة دولة بل إلى مرسيليا، المدينة ذات الطابع العالمي في جنوب البلاد التي تتعايش فيها مجموعات كبيرة من الطوائف والأديان، وذلك للتنديد بمأساة غرق قوارب المهاجرين والدفاع عن قضيّتهم. يُذكر أنّ البابا فرنسيس ظلّ يندّد بخطابات الرفض وسياسات الانغلاق الأوروبية منذ انتخابه في عام 2013. (العربي الجديد، رويترز)


BBC عربية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- BBC عربية
لماذا لم يختر الكرادلة بابا من أفريقيا؟
بينما كان العالم يترقّب هوية القائد الجديد للكنيسة الكاثوليكية، طرح كثير من المراقبين في الفاتيكان سؤالاً مهماً: من أي منطقة في العالم سيكون البابا الجديد؟ وكان التساؤل الأبرز عمّا إذا كان الاختيار سيقع عل مرشح من القارة التي تنمو فيها الكنيسة الكاثوليكية بوتيرة سريعة، وهي قارة أفريقيا. رغم أن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يضم ثلاثة باباوات على الأقل من أصل أفريقي، إلا أن آخرهم كان البابا غيلاسيوس الأول، الذي تُوفي منذ أكثر من 1500 عام، وقد رأى البعض أن الوقت قد حان لعودة البابوية لأفريقيا. كان البابا فرنسيس يحرص على أن يعكس قادة الكنيسة الامتداد العالمي للكاثوليكية، فقام بترقية 18 كردينالاّ من أصل 108 كرادلة من أفريقيا. وكان من بين هؤلاء، ثلاثة مرشحين بارزين لمنصب البابا، وهم: فريدولين أمبونغو بيسونغو من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وروبرت سارا من غينيا، وبيتر توركسون من غانا، كما كان الكاردينال توركسون مرشحاً قوياً أيضاً في انتخابات 2013 التي انتهت باختيار البابا فرنسيس. وعندما تم انتخاب الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست ليحمل اسم البابا ليو الرابع عشر، عبّر الكاثوليك في أنحاء العالم عن فرحتهم، لكن البعض تساءل ما إذا كان قد تمّ تجاهل أفريقيا. عملية انتخاب البابا سرية للغاية، لذا من المستحيل معرفة ما الذي نوقش داخل الاجتماع. لكن من المحتمل أن الكرادلة الـ133 الذين شاركوا في التصويت تساءلوا، كما يقول الأب لورانس نيغوروغي – الكاتب الكاثوليكي وأستاذ في جامعة جومو كينياتا في كينيا: "هل ننتخب بابا يواصل نهج البابا فرنسيس، أم نختار من يسلك طريقاً مختلفاً؟ أتصور أن هذا كان محور انقسام كبير". البابا فرنسيس كان مصلحاً، فبالرغم من أنه لم يغيّر العقيدة، إلا أنه اعتمد لهجة أكثر ليونة في بعض القضايا، مثل السماح للمطلقين بتناول القربان، وترك القرار للأساقفة حول هذه القضية. وفي النهاية، يرى الأب نيغوروغي أنه "رغم وجود كرادلة أفارقة مؤهلين تماماً لمنصب البابا، فإن المسألة الأهم كانت تتعلق بإرث البابا فرنسيس". كما كانت هناك عوامل أخرى، فالكنيسة الكاثوليكية عالمية ويجب على البابا أن يتفهم قضايا واحتياجات كل القارات. ويقول الأب جوزيف نيومونغا، المدير الروحي لمعهد القديسة أنا في نيروبي، إن أفريقيا لا تزال تتعافى من آثار الاستعمار، مضيفاً: "نحن قارة مجروحة، لدينا حروب في الكونغو والسودان. حين تتولى قيادة كنيسة بهذا الحجم، تحتاج إلى شخص هادئ ومستقر". ويوضح الأب أن على الكنيسة في أفريقيا أن تركز على بناء هويتها لخدمة الناس بشكل أفضل، مشيراً إلى أن "السؤال هو: ماذا تحتاج أفريقيا الآن؟ هل تحتاج بابا، أم تحتاج العودة إلى جذورها لفهم ما يستنزف شعوبها؟". وليست أفريقيا وحدها التي تشهد نزاعات، فالحروب مستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا أيضاً. وسيواجه البابا الجديد تحديات كبيرة، مثل صعود قادة استبداديين والاضطرابات الاقتصادية المختلفة، كما يجب عليه أن يخاطب احتياجات الجنوب العالمي حيث تنمو الكنيسة الكاثوليكية، وفي الوقت ذاته، يجب عليه العمل لإحياء الحضور الكاثوليكي في أوروبا، التي تُعدّ أضعف مناطق الكنيسة ديناميكيةً، بحسب الفاتيكان. ويقول الأب نيغوروغي إن الكرادلة كانوا يبحثون عن "مرشح يخدم الكنيسة بأفضل شكل، بغض النظر عن جنسيته أو عرقه". ويُنظر إلى البابا ليو الرابع عشر على أنه شخصية تُصغي جيداً وقادرة على احتواء الفصائل المختلفة داخل الكنيسة، والأهم أنه يجمع بين الشمال والجنوب العالمي؛ فرغم ولادته في الولايات المتحدة، إلا أنه قضى سنوات في العمل التبشيري في بيرو، وزار كل الدول الخمسين التي تعمل فيها رهبنته (الآوغسطينيون). وكان البابا الجديد في نيروبي خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبدأ مشاريع في معظم الدول الأفريقية التي تنشط فيها رهبنته. ورغم أنه ليس أفريقياً، قد يكون البابا ليو الرابع عشر هو الشخصية التي رآها الكرادلة قادرة على فهم احتياجات الكاثوليك في أفريقيا والتواصل معهم.