
بعد إطلاق جولات العطاء العام.. هل تواجه ليبيا مصاعب في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع النفط؟
تساءل تقرير بريطاني عن مدى قدرة ليبيا على جذب الاستثمارات الأجنبية، وذلك بعدما أطلقت المؤسسة الوطنية للنفط أول جولة للعطاء العام أمام الشركات العالمية للاستكشاف والتنقيب منذ 17 عاما، بينما تتريث تلك الشركات في انتظار أدلة على نجاح مشاريع استثمارية داخل ليبيا بمجال الطاقة.
وقالت وحدة الأبحاث التابعة لجريدة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إنه على الرغم من أن ليبيا «لم تشهد حربا شاملة» منذ خمس سنوات، فإن عددا قليلا من المستثمرين الأجانب أعربوا عن رغبتهم في الاستثمار داخلها.
وأضافت الوحدة، في تقريرها، أن النفط ظل شريان الحياة للاقتصاد الليبي منذ بدء إنتاجه في أوائل ستينات القرن الماضي، ولم يتغير الكثير منذ ذلك الحين. ووفقا للبنك الدولي، أسهم قطاع النفط والغاز في البلاد بـ60% من إجمالي الناتج المحلي لليبيا، و94% من إجمالي الصادرات، و97% من إجمالي الإيرادات الحكومية.
ليبيا قادرة على زيادة إنتاجها من النفط
قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن البلاد لديها القدرة على زيادة الإنتاج بشكل أكبر، حيث تمتلك ليبيا تاسع أكبر احتياطي نفطي معروف في العالم، ومع ذلك لا تنتج سوى 1.4 مليون برميل يوميا، وهو أقل من دول أخرى لديها احتياطيات مماثلة، وفق التقرير.
وصرح الناطق باسم المؤسسة، خالد غلام، إلى وحدة أبحاث «فاينانشيال تايمز» بأن هدف الشركة الحكومية على المدى القصير هو زيادة الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميا، مع هدف متوسط المدى للوصول إلى مليوني برميل يوميا، موضحا أن الهدف الأخير سيكلف نحو خمسة مليارات دولار، لكنه سيُعزز باستئناف أنشطة الاستكشاف المتوقفة سابقا.
وفي أواخر العام 2024، أعلنت شركات «إيني» الإيطالية و«أو إم في» النمساوية و«ريبسول» الإسبانية استئناف عمليات التنقيب عن النفط السابقة في ليبيا بعد توقف دام عقدا من الزمان.
ويقول غلام في إشارة إلى تحسن الظروف الأمنية: «لقد شجعت البيئة الإيجابية الجديدة العديد من الشركات الأجنبية على العودة واستئناف عملياتها».
اهتمام أوروبي بالطاقة في شمال أفريقيا بسبب حرب أوكرانيا
أكد التقرير البريطاني تزايد الاهتمام الأوروبي بالطاقة في شمال أفريقيا بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى تخفيف اعتمادها على روسيا. وفي العام 2023، وقّعت «إيني» والمؤسسة الوطنية للنفط اتفاقية بثمانية مليارات دولار لتطوير حقلين بحريين للغاز، وهي أكبر صفقة استثمارية لليبيا منذ عقدين.
ورفض غلام الإدلاء بتفاصيل حول العروض في جولات العطاء العام، لكن «اللجنة الوطنية للنفط تلقت اهتماما من العديد من الشركات». ومن المقرر أن يُغلق باب التقديم بنهاية العام الجاري.
ولا يشارك جميع الخبراء تفاؤل غلام، حيث يعتقد الباحث المشارك المتخصص في شؤون ليبيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن بلندن، جلال حرشاوي، أن «شركات الطاقة قد تمتنع عن تقديم عطاءات حتى ترى أدلة على نجاح مشاريع استثمارية سابقة في مجال الطاقة».
ويشير حرشاوي إلى أن «استثمارات إيني في الغاز البحري في يناير 2023 لم تُظهر أي تقدم منذ أكثر من عامين».
وقالت «إيني»، في بيان، إن أعمال الحفر البحرية في الحقول من المتوقع أن تبدأ في وقت لاحق من هذا العام، بينما من المقرر أن يبدأ إنتاج الغاز في العام 2027.
صعوبات في جذب الاستثمارات الأجنبية
بعيدا عن قطاع الطاقة، تواجه ليبيا صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية حسب التقرير البريطاني، إذ سبق أن تعهدت شركة السيراميك الصينية «جودويل» بتخصيص 83 مليون دولار العام 2023 لإنشاء مصنع في مدينة مصراتة، وفقًا لبيانات من شركة «إف دي آي ماركتس»، المتخصصة في رصد الاستثمارات الجديدة. كما أعلنت شركة الصلب التركية «توسيالي» العام الماضي استثمار 154 مليون دولار لافتتاح مصنع في مدينة بنغازي، ومع ذلك لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أي من الشركتين قد بدأت العمل بعد.
كما ثبت أن تطوير المشروعات في ليبيا يمثل مشكلة. ففي العام 2021، أعلنت شركة الأمن الأميركية «غويدري غروب» فوزها بمناقصة شراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 1.5 مليار دولار، لبناء ميناء بحري عميق في مدينة سوسة الساحلية، وحتى مارس 2025 لم يبدأ البناء بعد.
وصرح رئيس الشركة، مايكل غيدري، إلى موقع «فاينانشيال تايمز» بأن التقدم قد تعطل بسبب جائحة فيروس «كورونا» المستجد، وسمعة ليبيا كدولة غير مستقرة، مما أثار قلق المستثمرين المحتملين في هذا المشروع الضخم. مع ذلك، قال إن مجموعة غيدري تعمل حاليا على جمع رأس المال للمرحلة الأولى من المشروع.
ونفى غيدري تعرضه لأي مشكلات في ليبيا، مضيفا: «كلما زادت الأعمال التجارية الكبيرة التي نجلبها إلى ليبيا، سواء من قطاع النفط والغاز أو غيره، تحسنت أوضاع البلاد ككل».
تأثير إيجابي لتخفيف العقوبات الأممية
وترى وحدة الأبحاث بالجريدة أن تخفيف عقوبات الأمم المتحدة سيُسهم في جذب الاستثمارات، وإعادة التوازن لاقتصاد البلاد المعتمد على الطاقة. ففي فبراير الماضي، رفعت الأمم المتحدة تجميد أصول تابعة للهيئة الليبية للاستثمار، أو صندوق الثروة السيادية للبلاد، مما أدى إلى تحرير نحو 68 مليار دولار.
وأضافت: «يعتقد معظم المحللين أن إصلاحات سياسية جذرية ضرورية إذا ما أُتيحت لليبيا فرصة أن تصبح يوما ما مركزا استثماريا، وبالمثل قليلون يرون أن البلاد مستقرة بما يكفي».
ومن المخاوف الأكثر إلحاحا لشركات الطاقة أن إنتاج النفط الليبي غالبا ما يقع ضحية للاضطرابات السياسية في البلاد. ففي أغسطس الماضي، أغلقت قوات «القيادة العامة» إنتاج النفط لأكثر من شهر احتجاجا على إقالة محافظ البنك المركزي.
-
-
-
-
في غضون ذلك، تحتاج البنية التحتية الحيوية في جميع أنحاء البلاد إلى تجديد، وتجلى ذلك عندما غمرت مياه فيضان أحياء بأكملها في مدينة درنة، مما أدى إلى انهيار سدين متهالكين في سبتمبر 2023، وأسفر عن مقتل الآلاف.
ويقول عماد الدين بادي، المحلل البارز في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود: «أي زيادة مفترضة في الاستثمار الأجنبي المباشر هي سراب».
وأضاف: «ليبيا يجب أن تعمل على إصلاح اقتصادها الريعي من خلال تعزيز الشفافية والاستقرار التنظيمي والاستقلال المؤسسي، لجذب الاستثمارات الحقيقية».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 15 دقائق
- أخبار ليبيا
ليبيا تحتل المرتبة الثالثة في الواردات من مصر
كشفت أحدث البيانات التجارية عن التبادل التجاري بين مصر ودول المنطقة خلال عام 2024 ، بروز ليبيا كواحدة من أكبر الشركاء التجاريين. جاء ذلك ضمن تقرير أعده مركز البحوث والاتصال العامة والذي رصد حركة الصادرات المصرية إلى الدول العربية. تصدرت المملكة العربية السعودية قائمة المستوردين من مصر بحجم تجارة بلغ 3.4 مليار دولار، تليها مباشرة الإمارات العربية المتحدة باستيراد 3.3 مليار دولار من البضائع المصرية، أما ليبيا فقد حلت بالمركز الثالث بملياري دولار، متجاوزة بذلك العديد من الاقتصادات العربية الأكبر حجماً. هذه النتائج تعكس التحولات الاقتصادية الجارية في. المنطقة، خاصة مع صعود ليبيا كسوق واعدة للصادرات المصرية رغم التحديات السياسية التي تمر بها.


أخبار ليبيا
منذ 30 دقائق
- أخبار ليبيا
الخطوط الليبية ترد على تقرير 'واشنطن آي' بشأن نقل طائراتها 400 مليون دولار من ليبيا إلى تركيا
نفت الخطوط الجوية الليبية ما تم تداوله صحيفة Washington Eye الرقمية بشأن نقل أحد رحلاتها نحو 400 مليون دولار من ليبيا إلى تركيا، ووصفت ما ورد في التقرير بأنه مجرد افتراءات ومعلومات مغلوطة لا تمت للحقيقة بصلة. وأعربت الشركة عن استغرابها الشديد من تداول هذا الخبر عبر عدد من المنصات الإخبارية دون التحقق من صحته، مؤكدة أن ما ورد في التقرير عارٍ تمامًا من الصحة و'من نسج خيال كاتبه'، حسب تعبيرها. وأوضحت الشركة أن الرحلة المشار إليها في التقرير، وتحمل رقم LN203، هي رحلة مجدولة من مطار القاهرة إلى مطار معيتيقة، وليس كما ورد في تقرير المنصة بأنها رحلة من معيتيقة إلى إسطنبول. وشددت الخطوط الليبية على أنها جهة خدمية تُعنى بالنقل الجوي، ولا علاقة لها بأي تجاذبات سياسية، مؤكدة أن هدفها الأساسي هو تقديم خدمات النقل الجوي للمواطنين وتحقيق رسالتها الوطنية. كما أكدت تمسكها بمكانتها كشركة وطنية جامعة لكل أبناء الوطن من الشرق والغرب والجنوب، ورفضها الزج باسمها في أي مناكفات سياسية. واختتمت الشركة بيانها بالتأكيد على أنها بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية لملاحقة كل المنصات الإعلامية التي قامت بنشر هذا الخبر الكاذب دون تحرٍّ أو تحقق. يُذكر أن موقع 'Washington Eye' نشر تقريرًا، نقلًا عن ما قال إنها أربعة مصادر رفيعة في تركيا، بالإضافة إلى ثلاثة أفراد من عائلة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، زعموا فيه أن الدبيبة أشرف شخصيًا على تحويل أكثر من 400 مليون دولار إلى تركيا خلال الأسبوع الماضي، عبر الخطوط الجوية الليبية، وبشكل شبه يومي.


أخبار ليبيا
منذ 2 ساعات
- أخبار ليبيا
ليبيا تتصدر الدول الإفريقية الأكثر استيرادًا من مصر في 2024 بنحو 2 مليار دولار
تصدرت ليبيا دول الاتحاد الإفريقي، في استيراد السلع من مصر العام الماضي بقيمة بلغت نحو 2 مليار دولار. وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، جاءت المغرب ثانية بقيمة مليار دولار، ثم الجزائر بـ996 مليون دولار، والسودان بـ866.2 مليون دولار، وتونس بـ372 مليون دولار، وكينيا بـ307 ملايين دولار، وساحل العاج بـ251 مليون دولار، وغانا بـ239 مليون دولار، ونيجيريا بـ151 مليون دولار، ومدغشقر بـ132 مليون دولار. وبلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الإفريقي 7.7 مليارات دولار في عام 2024، مقارنة بـ7.4 مليارات دولار في 2023، بنسبة زيادة بلغت 4.7%. وتنوعت الصادرات المصرية لتشمل عددًا من المجموعات السلعية الرئيسية، أبرزها الأسمنت والجبس وملح الطعام بقيمة 694.4 مليون دولار، واللدائن ومصنوعاتها بـ590.5 مليون دولار، ومنتجات المطاحن بـ397 مليون دولار، والآلات والأجهزة الكهربائية بـ357.8 مليون دولار، الحديد والصلب بـ289.4 مليون دولار، ومنتجات من الحجر والأسمنت المتنوعة بقيمة 279.2 مليون دولار. في المقابل، بلغت قيمة الواردات المصرية من دول الاتحاد الإفريقي 2.1 مليار دولار خلال عام 2024، مقارنة بـ1.8 مليار دولار في 2023، بنسبة زيادة قدرها 14.5%، وتصدرت الكونغو الديمقراطية قائمة الدول المصدرة لمصر، بقيمة واردات بلغت 661.9 مليون دولار.