
'غزة لم تعد جحيماً فقط، بل أصبحت أسوأ'
Getty Images
قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهيئة لبي بي سي إن غزة أصبحت أسوأ من الجحيم على الأرض.
وفي مقابلة أجرتها بي بي سي في مقر اللجنة بجنيف، قالت رئيسة المنظمة ميرْيانا سبولياريتش إن "الإنسانية أخفقت" بينما يشاهد العالم أهوال الحرب في القطاع.
وفي غرفة قريبة من واجهة عرضت عليها ثلاث جوائز نوبل للسلام حصلت عليها اللجنة، سألنا سبولياريتش عن تصريحاتها في شهر أبريل/نيسان حين وصفت غزة بأنها "جحيم على الأرض"، وما إذا كان هناك شيء قد تغيّر منذ ذلك الحين، فأجابت: "لقد أصبح الأمر أسوأ، لا يمكننا الاستمرار في مشاهدة ما يحدث، إنه يتجاوز أي معيار قانوني أو أخلاقي أو إنساني مقبول"، وأضافت: "مستوى الدمار، مستوى المعاناة، والأهم من ذلك، حقيقة أننا نشهد شعباً يُجرد بالكامل من كرامته الإنسانية، يجب أن يصدم ذلك ضميرنا الجماعي".
وأكدت على ضرورة أن تبذل الدول المزيد لإنهاء الحرب، ووقف معاناة الفلسطينيين، وضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.
كلماتها، التي بدا واضحاً أنها اختارتها بعناية شديدة، تحمل ثقلاً أخلاقياً كبيراً كونها صادرة عن رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
إذ أن الصليب الأحمر الدولي، منظمة إنسانية عالمية تعمل منذ أكثر من 150 عاماً على تخفيف المعاناة خلال الحروب، كما أنها الجهة الراعية لاتفاقيات جنيف، وهي مجموعة من القوانين الإنسانية الدولية التي تهدف إلى حماية المدنيين وغير المقاتلين.
وأحدث نسخة من تلك الاتفاقيات، هي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تم تبنيها بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع تكرار المجازر بحق المدنيين.
وفي حين تبرر إسرائيل ما تقوم به في غزة على أنها دفاع عن النفس، تقول سبولياريتش إن ""لكل دولة حق في الدفاع عن نفسها، ولكل أم الحق في أن ترى أطفالها يعودون إليها، ولا يوجد أي مبرر لأخذ رهائن، ولا يوجد أي مبرر لحرمان الأطفال من الغذاء أو الرعاية الصحية أو الأمان"، مشيرة إلى أن "هناك قواعد تحكم الأعمال القتالية، وعلى كل طرف في أي نزاع احترامها".
وعند سؤالها عمّا إذ كان ذلك يعني أن هجوم عناصر من حماس وفصائل أخرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز حوالى 250 رهينة بحسب السلطات الإسرائيلية، لا يبرر تدمير إسرائيل لقطاع غزة وقتل أكثر من 50,000 فلسطيني؟، فأجابت: "لا يوجد أي مبرر لانتهاك أو تفريغ اتفاقيات جنيف من مضمونها، ولا يُسمح لأي طرف بخرق القواعد مهما كانت الظروف، وهذا أمر مهم، لأن القواعد نفسها تنطبق على كل إنسان بحسب اتفاقيات جنيف، الطفل في غزة يتمتع بالحماية ذاتها التي يتمتع بها الطفل في إسرائيل".
Reuters
وأضافت سبولياريتش: "أنت لا تعرف أبداً متى قد يكون طفلك هو الطرف الأضعف، وسيحتاج لهذه الحماية".
وتُعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر مصدراً موثوقاً للمعلومات بشأن ما يحدث في غزة، خصوصاً مع منع إسرائيل لوسائل الإعلام الدولية، بما فيها بي بي سي، من إرسال صحفيين إلى القطاع.
وتشكل تقارير أكثر من 300 موظف يعملون لدى الصليب الأحمر في غزة، 90 في المئة منهم فلسطينيون، جزءاً مهماً من سجل الحرب.
وتتحدث سبولياريتش يومياً مع قائد فريق اللجنة في غزة، كما يُعد المستشفى الجراحي التابع للجنة في رفح أقرب منشأة طبية إلى المنطقة التي شهدت مقتل العديد من الفلسطينيين أثناء عملية توزيع المساعدات من قبل مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وعلى غرار الأمم المتحدة، لا تشارك اللجنة الدولية في العملية الجديدة لتوزيع المساعدات، إذ تقول إن أبرز عيوب هذه العملية هو اجبار عشرات الآلاف من المدنيين الجائعين على المرور داخل منطقة حرب نشطة.
وقالت سبولياريتش إنه "لا يوجد أي مبرر لتغيير وكسر شيء يعمل، واستبداله بشيء لا يبدو أنه يعمل".
وفي الأيام الأخيرة، تعرض الفريق الجراحي في مستشفى الصليب الأحمر في رفح لحالة من الإنهاك الشديد مرتين على الأقل نتيجة تدفق المصابين أثناء توزيع الغذاء.
وأكدت سبولياريتش أنه "لا يوجد مكان آمن في غزة، لا للمدنيين، ولا للرهائن. هذه حقيقة، حتى مستشفانا ليس آمناً، لا أتذكر حالة مشابهة رأينا فيها أنفسنا نعمل في وسط العمليات العسكرية".
Getty Images
وقبل بضعة أيام، أُصيب طفل صغير برصاصة اخترقت نسيج خيمة المشفى أثناء علاجه.
وتابعت سبولياريتش أنه "لا يوجد لدينا أمن حتى لموظفينا، إنهم يعملون 20 ساعة في اليوم، يرهقون أنفسهم، ولكن الوضع يفوق قدرة البشر".
وقالت اللجنة إن فرقها الجراحية في رفح استقبلت خلال ساعات قليلة فقط صباح الثلاثاء 184 مصاباً، من بينهم 19 توفوا لحظة وصولهم، و8 آخرون توفوا متأثرين بجراحهم لاحقاً.
وكان ذلك أعلى عدد من الإصابات في حادثة واحدة منذ إنشاء المستشفى الميداني قبل أكثر من عام.
ووقع الحادث عند الفجر، إذ قال شهود فلسطينيون وأطباء من اللجنة إن مشاهد القتل كانت مروعة حين فتحت القوات الإسرائيلية النار على فلسطينيين اقتربوا من موقع توزيع المساعدات الجديد جنوب غزة، بينما وصف شاهد أجنبي المشهد بـ"المجزرة الكاملة".
في المقابل، قدمت إسرائيل رواية مختلفة تماماً. ففي بيان رسمي، قالت إن "مشتبه بهم" اقتربوا من القوات الإسرائيلية "من خارج المسارات المحددة"، مضيفة أن قواتها "أطلقت نيران تحذيرية، وتم توجيه طلقات إضافية بالقرب من بعض المشتبه بهم الذين واصلوا التقدم نحو القوات".
وقال متحدث عسكري إن السلطات الإسرائيلية تحقق في ما جرى، ونفى إطلاق النار على فلسطينيين في حادثة مماثلة يوم الأحد.
وقالت سبولياريتش إن اللجنة تشعر بقلق عميق تجاه الخطاب الداعي إلى النصر بأي ثمن، والحرب الشاملة، وتجريد البشر من إنسانيتهم.
وأضافت: "نحن نشهد أموراً ستجعل العالم مكاناً أكثر بؤساً، ليس فقط في هذه المنطقة، بل في كل مكان، لأننا نُفرغ القواعد التي تحمي الحقوق الأساسية لكل إنسان من معناها".
وحذرت سبولياريتش من مستقبل مظلم للمنطقة في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مؤكدة أن "هذا أمر مصيري للحفاظ على طريق نحو السلام في المنطقة، إذا دمرنا هذا الطريق إلى الأبد، فلن تجد المنطقة أبداً الأمن والاستقرار. ولكن يمكننا إيقاف ذلك الآن، لم يفت الأوان بعد".
ودعت سبولياريتش قادة الدول للتحرك، قائلة: "على قادة الدول الالتزام بالتحرك. أنا أناشدهم أن يفعلوا شيئاً، أن يفعلوا المزيد، وأن يستخدموا كل ما في وسعهم، لأن ما يحدث سيرتد إليهم وسيطاردهم وسيصل إلى أبوابهم".
وتُعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجهة الراعية لاتفاقيات جنيف، خاصة الاتفاقية الرابعة التي أُقرت بعد الحرب العالمية الثانية لحماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة.
وأكدت سبولياريتش أن هجمات عناصر من حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تبرر ما يجري حالياً، إذ "لا يُسمح لأي طرف بخرق القواعد، مهما كان".
وأطلقت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة رداً على هجوم عناصر من حماس، أسفر عن مقتل حوالي 1,200 شخص واحتجاز 251 آخرين كرهائن بحسب السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 54,607 أشخاص في غزة، منهم 4,335 منذ استئناف إسرائيل لهجومها في 18 مارس/آذار، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
وفي ختام المقابلة، دعت سبولياريتش إلى وقف فوري للعدوان، وقالت: "لا يمكننا الاستمرار في مشاهدة ما يحدث، إنه تحدٍ الإنسانية، وسيطاردنا جميعاً".
وأضافت أن "على كل دولة الالتزام باستخدام الوسائل السلمية المتاحة لديها للمساعدة لتغيير ما يحدث اليوم في غزة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 9 ساعات
- الأيام
لماذا منع ترامب مواطني 12 دولة من السفر إلى الولايات المتحدة؟
Reuters أدخل ترامب تعديلات على قواعد الهجرة إلى الولايات المتحدة في فترة ولايته الأولى أصدر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب قراراً بحظر السفر فيما يتعلق بعدد من دول العالم، الأربعاء الماضي. ويؤثر هذا القرار في المقام الأول على دول في أفريقيا والشرق الأوسط. وتواجه 12 دولة فرض حظراً كاملاً على السفر من وإلى الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يبدأ تطبيقه الاثنين المقبل، في حين يواجه مواطنو سبع دولٍ أخرى قيوداً جزئية على السفر من وإلى الولايات المتحدة. ويحاول الرئيس الأمريكي تبرير حظر السفر بأنه يأتي "لدواعي تتعلق بالأمن الوطني لبلاده". واستشهد ترامب بهجومٍ وقع في الفترة الأخيرة على أعضاء الجالية اليهودية في ولاية كولورادو، والذي زعمت تقارير أن مواطناً مصرياً نفذه في حين أن مصر نفسها ليست مدرجة على قائمة الدول المحظورة. كما تتضمن مبررات القرار أيضاً انتهاك رعايا الدول المعنية لقواعد التأشيرات الأمريكية. وسوف نحاول فيما يلي إلقاء نظرة عن كثب على بعض مبررات الرئيس الأمريكي. أفغانستان وجهت اتهامات عديدة لأفغانستان في إعلانٍ رئاسي وقعه ترامب. وسلط هذا الإعلان الضوء على أن حركة طالبان، التي تسيطر على البلاد، مصنفة من قبل الولايات المتحدة كجماعة إرهابية دولية. وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة من إعلان إدارة ترامب أنها ترى تحسناً في الأوضاع في أفغانستان تزامناً مع إعلان انتهاء حالة الحماية المؤقتة للأفغان الذين يعيشون في الولايات المتحدة. ويتهم ترامب أفغانستان أيضاً بعدم وجود سلطة مركزية "تتمتع بالكفاءة والاستعداد للتعاون" لإصدار جوازات السفر أو الوثائق المدنية. وكما هو الحال مع دول أخرى في قائمة ترامب، يتم التركيز أيضاً على مشكلة المواطنين الأفغان الذين تجاوزت إقامتهم مدة التأشيرات. إيران Getty Images عرضت مكاتب محاماة خدمات مجانية للقادمين إلى مطار لوس أنجليس بعد أن حظر ترامب سفر مواطني ست دول إلى الولايات المتحدة في 2017 يعتبر إعلان ترامب إيران دولة راعية للإرهاب – وهو الاتهام التي طالما رفضته طهران من قبل. وكانت الولايات المتحدة قد انتقدت طهران في وقت سابق بسبب رعايتها المزعومة لجماعات تعمل بالوكالة في المنطقة مثل حماس وحزب الله. وذكر الإعلان الجديد الذي أصدره ترامب أن إيران "مصدر الإرهاب الكبير في جميع أنحاء العالم"، ولا تتعاون مع الولايات المتحدة بشأن المخاطر الأمنية، و"فشلت تاريخياً في قبول مواطنيها المرحلين". يأتي ذلك وسط تراشق بالتصريحات بين الدبلوماسيين من الجانبين بشأن التوصل إلى اتفاق حول قدرات إيران في بناء الأسلحة النووية. الصومال وليبيا ساقت قرارات ترامب أسباباً مماثلة في حالة الصومال، إذ وصف ترامب هذه الدولة من دول شرق أفريقيا أنه "ملاذ آمن للإرهابيين". ومثل إيران، تواجه الصومال اتهامات بعدم قبول مواطنيها عند ترحيلهم من الولايات المتحدة. لكن ترامب أثار نقطة أخرى تتمثل في أن "الصومال يختلف عن الدول الأخرى من حيث افتقار حكومتها الشديد إلى القيادة والسيطرة على أراضيها، وهو ما يقوض إلى حد كبير قدراتها الوطنية على مختلف المستويات". وتواجه الحكومة الصومالية تحدياً كبيراً من الإسلاميين المسلحين. وقد تعهدت "بالانخراط في حوار لمعالجة المخاوف التي أثارها" ترامب. ووصف ليبيا بأنها "وجود إرهابي تاريخي"، وهو ما يشار إليه باعتباره تهديداً أمنياً للأمريكيين. كما تعد ليبيا والصومال من بين الدول المدرجة في قائمة ترامب التي انتقدها بسبب عدم كفاءتها المزعومة في إصدار جوازات السفر. هايتي سلطت هذه الوثيقة الضوء على أن "المئات والآلاف من المهاجرين الهايتيين غير الشرعيين تدفقوا إلى الولايات المتحدة في فترة ولاية بايدن". وأشار ترامب إلى العديد من المخاطر التي تنطوي عليها الهجرة غير الشرعية من هايتي - بما في ذلك إنشاء "شبكات إجرامية" علاوة على ارتفاع معدل الإقامة بعد تجاوز مدة التأشيرات. وأشارت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي إلى أن أكثر من 852 ألف من مواطني هايتي يقيمون في الولايات المتحدة حتى فبراير/ شباط 2024. رغم ذلك، لم تقدم هذه البيانات أي تفاصيل عن وقت وصول هؤلاء المهاجرين إلى البلاد. وتوجه الكثير من مواطني هايتي إلى الولايات المتحدة بعد زلزال مدمر ضرب بلادهم عام 2010، أو هرباً من عنف العصابات الذي استشرى في هذه الدولة الكاريبية. كما أشار الرئيس الأمريكي إلى غياب السلطة المركزية في هايتي فيما يتعلق بإنفاذ القانون. تشاد، والكونغو، وبرازيليا، وغينيا الاستوائية وجه ترامب اتهاماً واحداً لهذه الدول وهو تجاوز إقامات مواطنيها في الولايات المتحدة مدة التأشيرة نسبياً. وتُعرّف وزارة الأمن الداخلي الأمريكية "مُتجاوز مدة الإقامة" بأنه الشخص الذي يبقى في الولايات المتحدة بعد انتهاء فترة السماح له بالدخول، دون أي دليل على تمديدها. ويشير هذا "المعدل" إلى نسبة الأشخاص الذين تجاوزوا مدة الإقامة. وواجهت دولة تشاد، الواقعة في وسط أفريقيا، انتقادات بسبب "تجاهلها الصارخ لقوانين الهجرة في الولايات المتحدة". وسلطت الوثيقة الضوء على ارتفاع معدل تجاوز التشاديين مدة الإقامة في الولايات المتحدة بنسبة 54 في المئة سواء على مستوى الحاصلين على تأشيرات عمل أو سياحية في عام 2023، وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الأمن الداخلي. وارتفع معدل تجاوز مدة إقامة مواطني الكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية في الولايات المتحدة إلى 29.63 في المئة و21.98 في المئة على التوالي. إلا أنها لا تزال أقل من المعدلات في لاوس، التي تواجه قيوداً أقل. ميانمار Getty Images برر ترامب قرارات حظر السفر بأنها تأتي لدوعي تتعلق بالأمن الوطني تواجه ميانمار - التي يشار إليها ببورما في إعلان ترامب – اتهامات مماثلة بانتهاك قواعد الإقامة الطويلة. كما تواجه الدول المشمولة بقرارات ترامب، بما في ذلك إيران، اتهامات أخرى بعدم التعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بقبول المواطنين البورميين المرحلين. إرتريا، والسودان، واليمن بالنسبة هذه الدول الثلاثة، زعم ترامب أنها قدرتها وكفاءتها فيما يتعلق بإصدار جوازات سفر ووثائق مدنية محل شك. واتهم ترامب إريتريا والسودان أيضاً بارتفاع نسبي في معدل تجاوز الإقامة مدة التأشيرة. كما ألقت قراراته باللوم على إريتريا على عدم إتاحة السجلات الجنائية لمواطنيها للولايات المتحدة، ورفضها قبول المواطنين المرحلين. كما هو الحال في الصومال، اتهمت الوثيقة اليمن أيضاً بانعدام السيطرة على أراضيه. وأوضحت أيضاً أن اليمن مسرح لعمليات عسكرية أمريكية نشطة. وتقاتل الولايات المتحدة الحوثيين، الذين سيطروا على مساحاتٍ واسعةٍ من شمال وغرب البلاد أثناء الحرب الأهلية. قيود سفر جزئية يواجه مواطنو سبع دول قيوداً جزئية على السفر إلى الولايات المتحدة. تواجه فنزويلا اتهامات بعدم وجود سلطة مركزية "تتمتع بالكفاءة والاستعداد للتعاون" فيما يتعلق بإصدار جوازات السفر والوثائق المماثلة. كما ذكرت هذه الوثيقة مجدداً مزاعم تجاوز الإقامة مدة التأشيرات ورفض قبول المرحلين. وردًا على ذلك، وصفت فنزويلا إدارة ترامب بأنها "عنصرية وتعتقد أنها تملك العالم". وتُصنّف كوبا كدولة راعية للإرهاب، وهو تصنيف أصدرته الولايات المتحدة عام 2021، وأدانته هافانا. كما زعمت قرارات ترامب الأخيرة أن كوبا ترفض استقبال المرحلين، بالإضافة إلى تجاوز الإقامة مدة التأشيرات. وكانت مشكلة تجاوز الإقامة مدة تأشيرات الدخول حاضرة في قرارات قيود السفر أثناء الحديث عن بوروندي ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان.


هبة بريس
منذ 2 أيام
- هبة بريس
أي مغرب استعاد المغاربة؟
يونس مجاهد بدعم لندن لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، تكون أطراف مؤتمر الجزيرة الخضراء، الذي انعقد سنة 1906، قد اتفقت مجددا على موقف موحد تجاه القضية المغربية، بعد أكثر من قرن، عاشت فيه بلادنا محنة الاحتلال والتقسيم الذي خططت له القوى الاستعمارية، في إطار التحالف الذي جمع كلا من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا. وكان هذا المخطط يهدف إلى وضع الإمبراطورية الشريفة تحت الوصاية الاستعمارية، حيث تنازلت بريطانيا عن أطماعها في المنطقة المغاربية، مقابل أن تتنازل فرنسا عن أية أطماع في مصر، وهو ما سمح بالمعاهدة السرية بين الدولتين، التي سميت سايس بيكو، سنة 1916، والتي تقضي باستعمار وبتقسيم منطقة المشرق العربي. غير أن المعطى الذي لا يذكر كثيرا في مؤتمر الجزيرة الخضراء، والذي كتب عنه المؤرخون، الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية، في التحضير لهذا المؤتمر، بإشراف رئيسها آنذاك، تيودور روزفلت، الذي كان حاسما في التوفيق بين الأطراف. وهو ما يتحدث عنه بالتفصيل مقال علمي نشره الأستاذ المصطفى عزو، في مجلة العلوم الإنسانية والسياسية، ضمن المنشورات الجامعية الفرنسية، خصصه للمساهمة الأمريكية في هذا المؤتمر. يذكر المقال أن التدخل الأمريكي في هذه القضية، جاء مناقضا لمبدأ مونرو، الذي ينص على ألا تسمح واشنطن لأية دولة بالتدخل في شؤون الأمريكيتين، ومقابل ذلك ابتعدت بدورها عن التدخل في الشؤون الأوروبية، غير أن روزفلت تمكن من إقناع الكونغريس بالمساهمة في مؤتمر الجزيرة الخضراء، للحفاظ على المصالح التجارية لبلده، خاصة وأن أمريكا كانت قد وقعت، مع المغرب، إلى جانب دول أوروبية أخرى، على معاهدة سنة 1836، واتفاقية مدريد سنة 1880. كما أن مسألة عزل ألمانيا كان أحد اهداف الإدارة الأمريكية، آنذاك. وتكشف هذه الأحداث عن الاهتمام الأمريكي، المبكر، بشمال إفريقيا، وخاصة بالمغرب، حيث سيعود رئيس امريكي آخر يحمل نفس الاسم العائلي، روزفلت، لكن اسمه الشخصي فرانكلين، للحضور في مؤتمر الدار البيضاء، سنة 1943، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل والجنرال ديغول، للتخطيط لهزم ألمانيا وحلفائها. وأثناء هذا المؤتمر، التقى بالمرحوم الملك محمد الخامس، في حفل عشاء كتب عنه الكثير آنذاك، حيث تسرب خبر، مفاده أن الرئيس الأمريكي وعد السلطان باستقلال المغرب، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. كان هذا الخبر من بين الحوافز الذي ساعد الحركة الوطنية المغربية على مزيد من الحشد والتعبئة ضد الاستعمار، ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية، سنة 1947، تصريحا للأمين العام للجامعة العربية، عزام باشا، تحدث فيه عن هذا الوعد، غير أن العديد من الصحف الفرنسية هاجمته، وكتبت أن عزام باشا يتحدث باسم الموتى، حيث أن الرئيس الأمريكي كان قد توفى سنة 1945. وقد ظل الموقف الأمريكي غامضا، لأن واشنطن كانت لا تريد الدخول في نزاع مع الأوروبيين، وخاصة فرنسا، لأنها تحالفت معها في الحرب المشتركة ضد النازية، واستمر التحالف في إطار ما سمي بالحرب الباردة. ما حصل بعد ذلك، هو مواصلة واشنطن لهذه السياسة، وهو ما شكل معاناة حقيقية للمغرب، مع دولة تعتبر القوة الأولى على الصعيد الدولي، ويتغير فيها الرئيس، الذي قد تتغير معه بعض التوازنات، مما أدى إلى توترات حادة، أحيانا، بين المغرب وأمريكا، بسبب قضية الصحراء المغربية. فأمريكا بعيدة عن المنطقة، جغرافيا، لكنها قريبة منها سياسيا، وهو ما أكدته مساهمة واشنطن في مؤتمر الجزيرة الخضراء، واهتمامها بعد ذلك بالنزاع في المنطقة. لذلك، يمكن القول إن دعم هذا البلد لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، هو تحول إستراتيجي، تبعته تدريجيا الدول التي شاركت في المؤتمر المذكور، وكأن الأمر يتعلق بإشراف أمريكي جديد، لمراجعة الوضعية، بعد أكثر من قرن، عرف فيها المغرب أحداثا كبيرة، تمثلت في معركة التحرر من الاستعمار، إلى أن نال استقلاله، سنة 1956، لكن معركة التحرير تواصلت، وبفضل الصمود المغربي، أخذت تنهار تباعا التوافقات الإمبريالية. لكن المعركة لم تنته، وهو ما كتبه المؤرخ والمفكر عبد الله العروي، في كتابه 'الجزائر والصحراء المغربية'، الصادر سنة 2021، وهو تحيين لكتاب بنفس العنوان، صدر بداية سبعينيات القرن الماضي. يقول العروي، إنه لا ينبغي الاستغراب، عندما يتساءل المغاربة، عند حصولهم على الاستقلال، أي مغرب استعادوا، هل هو مغرب 1934، تاريخ نهاية الغزو (أي ما سمي بالتهدين، حيث استمر المغاربة في المقاومة المسلحة إلى ذلك التاريخ)، أو مغرب 1912، عند التوقيع على عقد الحماية، أو مغرب 1906، تاريخ مؤتمر الجزيرة الخضراء، الذي اعترف بشكل واضح بالوحدة الترابية لبلادنا، رغم النفاق الخفي، أو مغرب 1900، عندما بدأت الهجمات الاستعمارية تأتي من السينغال والجزائر. لذلك فإن قضية الصحراء المغربية، تتجاوز مسألة تكريس السيادة الوطنية على هذه الأقاليم، بل إنها معركة ضد المخطط الامبريالي، الذي رفض المغرب الرضوخ له، والمتمثل في الاحتلال والتجزئة والتقسيم، والعمل من أجل الحفاظ على الحدود كما رسمها الاستعمار، في إفريقيا ومناطق أخرى من العالم، وهو نفس الاستعمار الذي اقتطع أطرافا واسعة من الأراضي المغربية، وضمها للجزائر الفرنسية.


برلمان
منذ 2 أيام
- برلمان
أي مغرب استعاد المغاربة؟
الخط : A- A+ إستمع للمقال بدعم لندن لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، تكون أطراف مؤتمر الجزيرة الخضراء، الذي انعقد سنة 1906، قد اتفقت مجددا على موقف موحد تجاه القضية المغربية، بعد أكثر من قرن، عاشت فيه بلادنا محنة الاحتلال والتقسيم الذي خططت له القوى الاستعمارية، في إطار التحالف الذي جمع كلا من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا. وكان هذا المخطط يهدف إلى وضع الإمبراطورية الشريفة تحت الوصاية الاستعمارية، حيث تنازلت بريطانيا عن أطماعها في المنطقة المغاربية، مقابل أن تتنازل فرنسا عن أية أطماع في مصر، وهو ما سمح بالمعاهدة السرية بين الدولتين، التي سميت سايس بيكو، سنة 1916، والتي تقضي باستعمار وبتقسيم منطقة المشرق العربي. غير أن المعطى الذي لا يذكر كثيرا في مؤتمر الجزيرة الخضراء، والذي كتب عنه المؤرخون، الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية، في التحضير لهذا المؤتمر، بإشراف رئيسها آنذاك، تيودور روزفلت، الذي كان حاسما في التوفيق بين الأطراف. وهو ما يتحدث عنه بالتفصيل مقال علمي نشره الأستاذ المصطفى عزو، في مجلة العلوم الإنسانية والسياسية، ضمن المنشورات الجامعية الفرنسية، خصصه للمساهمة الأمريكية في هذا المؤتمر. يذكر المقال أن التدخل الأمريكي في هذه القضية، جاء مناقضا لمبدأ مونرو، الذي ينص على ألا تسمح واشنطن لأية دولة بالتدخل في شؤون الأمريكيتين، ومقابل ذلك ابتعدت بدورها عن التدخل في الشؤون الأوروبية، غير أن روزفلت تمكن من إقناع الكونغريس بالمساهمة في مؤتمر الجزيرة الخضراء، للحفاظ على المصالح التجارية لبلده، خاصة وأن أمريكا كانت قد وقعت، مع المغرب، إلى جانب دول أوروبية أخرى، على معاهدة سنة 1836، واتفاقية مدريد سنة 1880. كما أن مسألة عزل ألمانيا كان أحد اهداف الإدارة الأمريكية، آنذاك. وتكشف هذه الأحداث عن الاهتمام الأمريكي، المبكر، بشمال إفريقيا، وخاصة بالمغرب، حيث سيعود رئيس امريكي آخر يحمل نفس الاسم العائلي، روزفلت، لكن اسمه الشخصي فرانكلين، للحضور في مؤتمر الدار البيضاء، سنة 1943، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرتشل والجنرال ديغول، للتخطيط لهزم ألمانيا وحلفائها. وأثناء هذا المؤتمر، التقى بالمرحوم الملك محمد الخامس، في حفل عشاء كتب عنه الكثير آنذاك، حيث تسرب خبر، مفاده أن الرئيس الأمريكي وعد السلطان باستقلال المغرب، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. كان هذا الخبر من بين الحوافز الذي ساعد الحركة الوطنية المغربية على مزيد من الحشد والتعبئة ضد الاستعمار، ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية، سنة 1947، تصريحا للأمين العام للجامعة العربية، عزام باشا، تحدث فيه عن هذا الوعد، غير أن العديد من الصحف الفرنسية هاجمته، وكتبت أن عزام باشا يتحدث باسم الموتى، حيث أن الرئيس الأمريكي كان قد توفى سنة 1945. وقد ظل الموقف الأمريكي غامضا، لأن واشنطن كانت لا تريد الدخول في نزاع مع الأوروبيين، وخاصة فرنسا، لأنها تحالفت معها في الحرب المشتركة ضد النازية، واستمر التحالف في إطار ما سمي بالحرب الباردة. ما حصل بعد ذلك، هو مواصلة واشنطن لهذه السياسة، وهو ما شكل معاناة حقيقية للمغرب، مع دولة تعتبر القوة الأولى على الصعيد الدولي، ويتغير فيها الرئيس، الذي قد تتغير معه بعض التوازنات، مما أدى إلى توترات حادة، أحيانا، بين المغرب وأمريكا، بسبب قضية الصحراء المغربية. فأمريكا بعيدة عن المنطقة، جغرافيا، لكنها قريبة منها سياسيا، وهو ما أكدته مساهمة واشنطن في مؤتمر الجزيرة الخضراء، واهتمامها بعد ذلك بالنزاع في المنطقة. لذلك، يمكن القول إن دعم هذا البلد لمشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، هو تحول إستراتيجي، تبعته تدريجيا الدول التي شاركت في المؤتمر المذكور، وكأن الأمر يتعلق بإشراف أمريكي جديد، لمراجعة الوضعية، بعد أكثر من قرن، عرف فيها المغرب أحداثا كبيرة، تمثلت في معركة التحرر من الاستعمار، إلى أن نال استقلاله، سنة 1956، لكن معركة التحرير تواصلت، وبفضل الصمود المغربي، أخذت تنهار تباعا التوافقات الإمبريالية. لكن المعركة لم تنته، وهو ما كتبه المؤرخ والمفكر عبد الله العروي، في كتابه 'الجزائر والصحراء المغربية'، الصادر سنة 2021، وهو تحيين لكتاب بنفس العنوان، صدر بداية سبعينيات القرن الماضي. يقول العروي، إنه لا ينبغي الاستغراب، عندما يتساءل المغاربة، عند حصولهم على الاستقلال، أي مغرب استعادوا، هل هو مغرب 1934، تاريخ نهاية الغزو (أي ما سمي بالتهدين، حيث استمر المغاربة في المقاومة المسلحة إلى ذلك التاريخ)، أو مغرب 1912، عند التوقيع على عقد الحماية، أو مغرب 1906، تاريخ مؤتمر الجزيرة الخضراء، الذي اعترف بشكل واضح بالوحدة الترابية لبلادنا، رغم النفاق الخفي، أو مغرب 1900، عندما بدأت الهجمات الاستعمارية تأتي من السينغال والجزائر. لذلك فإن قضية الصحراء المغربية، تتجاوز مسألة تكريس السيادة الوطنية على هذه الأقاليم، بل إنها معركة ضد المخطط الامبريالي، الذي رفض المغرب الرضوخ له، والمتمثل في الاحتلال والتجزئة والتقسيم، والعمل من أجل الحفاظ على الحدود كما رسمها الاستعمار، في إفريقيا ومناطق أخرى من العالم، وهو نفس الاستعمار الذي اقتطع أطرافا واسعة من الأراضي المغربية، وضمها للجزائر الفرنسية.