
فرصة أخيرة للسلام بين ترامب وطهران
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي قررا أن يتمسكا بالفرصة الأخيرة، واختارا التفاوض قبل أن يتحرك "قطار الحرب" من المحطة، واختلف الأمريكان والإيرانيون كالعادة هل هي "مفاوضات مباشرة" أم "مفاوضات غير مباشرة". والثابت أنها مفاوضات في سلطنة عمان، الجهة التي تمكنت من المساهمة بنجاح في إنجاز الاتفاق الأول بين واشنطن وطهران في عهد باراك أوباما، والذي انسحب منه ترامب عندما جاء للسلطة أول مرة، وهو الآن يتفاوض على اتفاق جديد برعاية سلطنة عمان.
وبالرغم من أن التطور مهم، وجاء ليمنح المنطقة "مساحة لالتقاط الأنفاس"، إلا أن الأسئلة تتردد بعنف، من عينة مفاوضات مباشرة أم غير مباشرة، وهل هناك ضمانات لنجاحها، وما الذي يمكن أن تسفر عنه المفاوضات؟ وترى ماذا لو فشلت المفاوضات، هل سنذهب للحرب؟ وما هو موقف إسرائيل ودول الإقليم، والدول الكبرى؟
وأغلب الظن أن نتنياهو غير سعيد بالمرة من هذا التطور، وبقية دول المنطقة والدول الكبرى تشعر بارتياح، وعلى الأرجح أن إدارة ترامب، ومؤسسات لها ثقل ترغب في تجنب الحرب، واستمالة طهران بعيدًا عن الصين، أو على الأقل إبقاء إيران محايدة بعيدًا عن المواجهة مع الصين.
وفي هذه اللحظة تبدو الأمور مفتوحة، ولكن المخاوف من تفجر الحرب، والمصالح في تجنبها هي التي تغلبت على معسكر الحرب. وقد ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض كانت مخيبة للآمال؛ حيث أعلن ترامب عن محادثات مباشرة مع إيران، ومن جانبها أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن زيارة نتنياهو إلى البيت الأبيض لم تحقق أي تقدم في المفاوضات.
وذكرت تقارير صحفية عبرية وغربية أن ترامب استدعى نتنياهو لإحباطه، وأكد الرئيس الأمريكي لنتنياهو أن الحرب مع إيران سيئة، وأن بلاده سوف تبدأ من يوم السبت المقبل عملية تفاوض مباشر مع إيران. وقالت المصادر الدبلوماسية المطلعة أن ترامب «فاجأ» نتنياهو، وقال له نحن نفاوض إيران، ونريد اتفاقًا.
ويؤكد ترامب، الذي عزز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة منذ توليه منصبه في يناير الماضي، أنه يفضل التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي على المواجهة العسكرية. ولا يستبعد الرئيس الأمريكي اللجوء إلى الخيار العسكري، وقال أمس الإثنين إن "إيران لا يمكن أن تملك سلاحًا نوويًا. وإذا لم تنجح المحادثات، أعتقد أنه سيكون يومًا سيئا للغاية لإيران".
وقد ربطت المصادر الدبلوماسية المتابعة لزيارة رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو إلى واشنطن بين ملفين بارزين على جدول أعمال الزيارة، التي وصفتها بأنها الأقرب إلى الاستدعاء الأمريكي لنتنياهو. وقالت المصادر إن الملفين هما: أولاً مستقبل قضية الأسرى، وارتباطها بإنهاء الحرب على غزة، وقبول حل مخالف للسقف الذي رسمه نتنياهو، وثانيًا ملف الحرب على إيران، واحتمال تكليف نتنياهو بتحمل مسئولية شن الحرب، منعًا لتداعيات محتملة، وأخرى لا يمكن التنبؤ بها إذا شنت أميركا الحرب معها. ووسط الحديث عما إذا كانت مفاوضات مباشرة أم غير مباشرة ذكرت تقارير أمريكية أن ترامب يدرس قبول طلب إيران إجراء محادثات نووية غير مباشرة، رغم إصراره في السابق على إجراء مفاوضات مباشرة، ويعتقد البعض في واشنطن أن إيران استخدمت المفاوضات غير المباشرة خلال إدارة بايدن لكسب الوقت وتعزيز برنامجها النووي، دون السعي الجاد إلى حل دبلوماسي.
وبحسب تقرير صحيفة 'خليج فارس' الحكومية نقلا عن موقع 'Jewish Insider' الإخباري الأمريكي، تشير التقارير إلى أن البيت الأبيض يفكر أيضًا في التخلي عن جهوده للتفاوض بشكل كامل، وهدد ترامب مجددًا، مساء الأربعاء، بأن إيران 'ستُقصف' إذا لم توافق على الاتفاق النووي وتوقف برنامجها.
وكان ترامب قد حذر في وقت سابق في مقابلة مع شبكة 'إن بي سي نيوز' الأمريكية، من أن إيران ستكون هدفًا للقصف 'إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي، وإذا لم نحصل على ضمانات بأن إيران لن تصنع أسلحة نووية، سيتم قصف هذا البلد بطريقة غير مسبوقة'، وأمر بنشر مزيد من القوات في الشرق الأوسط.
في المقابل، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن تهديدات واشنطن "لن توصلها إلى أي مبتغى"، في حين حذر علي لاريجاني مستشار المرشد من أن طهران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، لكن "لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك" إن تعرضت لهجوم.
وفي الوقت نفسه أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني الدبلوماسي الإيراني مجيد تخت روانجي خلال محادثات في موسكو، التزام الجانبين بالمسار الثابت لإيجاد حلول تفاوضية مستدامة تهدف إلى إزالة الأحكام المسبقة والمفاهيم الخاطئة الغربية حول أهداف البرنامج النووي الإيراني.
وفي وقت سابق نقلت وكالة تسنيم عن وكالة 'سبوتنيك' الروسية، تصريحات ريابكوف، خلال مقابلة مع مجلة 'الشئون الدولية'، والتي أكد فيها إن موسكو مستعدة لمساعدة الولايات المتحدة وإيران في إقامة حوار بناء بشأن البرنامج النووي الإيراني'. وأضاف ريابكوف 'إن عواقب أي هجوم أمريكي على البنية التحتية النووية الإيرانية قد تكون كارثية على المنطقة بأكملها، في حين لا يزال هناك وقت ولم يتحرك القطار بعد، يتعين علينا بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق على أساس عقلاني'.
وهنا تكمن المعضلة، فترى ما هو "الاتفاق على أساس عقلاني". فقد تغيرت المنطقة وتغيرت إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، كما أن الفترة الأخيرة شهدت تقلص قوة حلفاء طهران في المنطقة، مما يفرض معادلات ومساومات جديدة.
فعقب انسحاب ترامب من الاتفاق، عادت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى من المسموح به في الاتفاق. وقال مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري -في تصريحات سابقة- إن نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران لم تتجاوز 20% قبيل التوصل إلى الاتفاق السابق، وتقلصت بموجبه إلى 3.67%، ومن ثم فإنه من غير المنطقي أن تقبل طهران في المرحلة الراهنة -حيث تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%- بالتراجع إلى مستويات متدنية على غرار 2015.
وأكد زواري أن طهران ستنظر إلى المقترحات التي ستعرض عليها في المفاوضات الجديدة من زاوية "الربح والفائدة"، موضحًا أنها دفعت ثمنًا باهظًا جدًا من الاتفاق السابق، لكنها تعاني اليوم من عجز في الطاقة ونفاد بعض الأدوية من الصيدليات جراء العقوبات الغربية، بينما كانت تعول على الاتفاق لتحسين المعيشة في البلاد.
ومن جانبه، قال الباحث الأول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني إن إيران تريد مفاوضات ندية ومتوازنة على أساس الاحترام المتبادل، لكي تحصل على امتيازات تتناسب والقيود التي ستقبل بها على برنامجها النووي، مشددًا على أن مدى قبولها بقيود مرتبط بالامتيازات التي ستقبل واشنطن بتقديمها لها وضمان تنفيذها "حتى لا تُلدغ طهران من جحر الاتفاق النووي مرتين". وفي المقابل، ستركز مطالب الولايات المتحدة في المفاوضات المرتقبة على الحد من نفوذ طهران وتقييد برامجها العسكرية والنووية، وإخضاعها لتفتيش دولي دوري مكثف، مقابل أن تحصل إيران على تخفيف للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في قطاعات مثل النفط والبنوك والتجارة، مما يتيح لها الحصول على مداخيل إضافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للبلاد.
ويبقى أن قطار المفاوضات هو الذي يتحرك الآن، وثمة أمل في صفقة تبعد شبح الحرب. ولكن التفاؤل ينبغي أن يكون بحذر بالغ، فالقوى التي تتربص بالسلام كثيرة ونافذة، وتريد الحرب لا السلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدولة الاخبارية
منذ 41 دقائق
- الدولة الاخبارية
نيويورك تايمز: روسيا شنت أكبر هجوم مسيرات وصواريخ على أوكرانيا منذ بدء الحرب
الأحد، 25 مايو 2025 05:37 مـ بتوقيت القاهرة قال مسئولون أوكرانيون، اليوم الأحد، إن روسيا استهدفت أوكرانيا ليلًا بواحدة من أكبر هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ فى الحرب، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات فى هجمات استمرت لساعات فى جميع أنحاء البلاد، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز. وكان هذا ثانى هجوم واسع النطاق خلال ليلتين، فيما وصفته الحصيفة بجزء من تصعيد أوسع نطاقًا من جانب روسيا فى الأشهر الأخيرة، حتى مع سعى إدارة ترامب إلى وقف إطلاق النار. كما صعدت أوكرانيا هجماتها الجوية على الأراضى الروسية، وإن كان على نطاق أصغر وبخسائر مدنية أقل بكثير. وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت 69 صاروخًا باليستيًا وصاروخ كروز إلى جانب 298 طائرة هجومية مسيرة، مضيفةً أنه تم إسقاط حوالى ثلثى الصواريخ وجميع الطائرات المسيرة تقريبًا. وقال المتحدث باسم القوات الجوية، يورى إهنات، فى مقابلة إن هذا كان أكبر قصف فى الحرب من حيث عدد الأسلحة المستخدمة. ولم يتسن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل. ووثقت صور ومقاطع فيديو نشرتها خدمات الطوارئ الأوكرانية حجم الدمار صباح الأحد. أظهرت الصور رجال إطفاء يرشون الماء على مبنى سكنى فى مدينة ميكولايف الجنوبية، وقد تحطم سقفه، وبرزت عوارضه المتناثرة فى السماء كأضلاع مكسورة. وفى منطقة كييف، سار عمال الطوارئ فى شارع التهمت النيران المنازل على جانبيه، وغطت الأنقاض الرصيف. وفى منطقة جيتومير الغربية، أظهرت الصور رجال الإنقاذ وهم ينتشلون جثث ثلاثة أطفال من منازل تحولت إلى أنقاض. جاء هذا فى الوقت الذى تبادلت فيه روسيا وأوكرانيا المئات من السجناء فى المرحلة الثالثة والأخيرة من تبادل هائل للأسرى بين البلدين بلغ ألفاً من كل بلد، والذى عكس لحظة نادرة من التعاون فى الجهود الفاشلة لوصف إطلاق النار بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب.


يمني برس
منذ ساعة واحدة
- يمني برس
نائب الرئيس الأمريكي يعلن انتهاء عصر الهيمنة المطلقة: اليمن يفرض تحولاً في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية
مع أن تصريحات فانس المفاجئة تعكس انقلاباً واضحاً وكبيراً في السياسة الأمريكية، فهي في الوقت ذاته تبيّن حجم التناقضات المهولة التي تقع فيها سياسة إدارة ترامب، فالأخير -الذي أكثرَ من اتهام سلفه بايدن بالفشل في ملفات عديدة من بينها الملف اليمني- بدى أكثر فشلاً عقب 51 يوما من المواجهات مع اليمنيين، عندما تنازل عن كل تلك الأهداف العالية واستدار بالكامل لدعايته الإعلامية وشعاراته الانتخابية، ورضخ مُرغماً للإرادة اليمنية، وقرر الكف عن المواجهة، والانسحاب من الجبهة البحرية، والتخلي عن أهم أكبر أهداف البيت الأبيض في كل الحكومات، وهو حماية 'إسرائيل'. نتذكر في هذا السياق سيل التصريحات الكبيرة وغير المسبوقة التي أطلقها ترامب نفسه في فترة ترشحه للرئاسة وفي جولات التنافس مع بايدن، ولاحقاً في خطابه بالفوز، ومن بينها اتهامه بايدن باللعب مع اليمن، وأنه يخشى مواجهتهم، وأنه -أي بايدن- أجبن من أن يحمي المصالح الأمريكية، ومنها 'الملاحة الدولية'، و… الخ، لنتذكّر كذلك تهديداته الكبيرة والتي وصفتها الصحافة الأمريكية بأنها الأخطر في تاريخ الحروب الأمريكية، حين قال بالحرف الواحد متوعّداً اليمن 'سنستخدم القوة الساحقة والقوة المُميتة'، وهو تعبيرٌ نادراً وربما لم يسبق لزعيم أمريكي أن استخدمه، وبالفعل لم تكن مجرّد تهديدات جوفاء، فقد ألقت أمريكا بثقلها العسكري من حاملات وقاذفات وأسلحة وذخائر لم يسبق لها أن استخدمتها، ثم تكبّدت من الخسائر مع اليمن مالم يسبق لها أن تكبّدته. على أي حال نحن -وبمناسبة الخطاب الشهير ،الجمعة، لـ'فانس' نائب 'ترامب'- ملزمون بمراجعة خطابات المائة يوم الأول من تولي الإدارة الجديدة للحكم في أمريكا، لمحاولة فهم ما الذي يحصل، لنراجع الفترة القريبة القليلة الماضية، ونقارن بما يحصل اليوم، سنجد أنه -وبلا مبالغة- إنقلابٌ كامل للصورة، وتحوّل استراتيجي خطير للسياسة الأمريكية، يدفع للتساؤل عن حقيقة ما لاقته البحرية الأمريكية وتخفيه، في اشتباكها مع القوات المسلّحة اليمنية، بقرابة نصف قواتها البحرية الأمريكية. على ضوء نتائج المواجهات مع اليمن: 'فانس' يغلق عصر الهيمنة الأمريكية في تحول لافت في الخطاب الأمريكي، أعلن نائب الرئيس الأمريكي 'جيه دي فانس' أمام خريجي الأكاديمية البحرية الأمريكية، أن 'عصر الهيمنة الأمريكية المطلقة على البحر والجو والفضاء قد انتهى الآن'، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وقواتها المسلحة يجب أن 'تتكيف مع هذا الواقع الجديد'. جاءت تصريحات 'فانس' لتسلط الضوء على الدروس المستفادة من المواجهة مع اليمن، وما فرضته من تحولات على السياسة والاستراتيجية العسكرية الأمريكية. المواجهات مع اليمن كُلَفٌ أكبر من القدرات اعترف فانس ضمنياً بأن المعركة مع اليمن قد أسفرت عن 'الكثير من العبر'، داعياً إلى أهمية استيعابها بعد أن واجهت القوات الأمريكية 'أسلحة متطورة بتكتيكات جديدة'، هذه المواجهة، بحسب فانس، أعادت تشكيل ساحة المعركة، وأكدت أن 'الابتكار، على نحو متزايد، يحدث في ساحات القتال نفسها التي ستقودون فيها القوات، بحيث لا تكونون مجرد متلقين للابتكار، ولا مجرد مستخدمين للأدوات، بل ستكونون في كثير من الأحيان مطورين للأدوات في هذا القرن الجديد'. كما أقر فانس بأن بلاده استثمرت في المعركة مع اليمن 'أهم الموارد والأكثر تطوراً' وقد كشفت تقارير سابقة أن الحملة الجوية المكثفة في اليمن كانت 'مكلفة ومُنهِكة' للجاهزية العسكرية الأمريكية، حيث بلغت تكلفة الأسلحة والذخائر المطلوبة 'أكثر من مليار دولار شهرياً'. وأظهر تقييم داخلي أن القوات اليمنية تمكنت من إسقاط 'العديد من طائرات ريبر الأمريكية باهظة الثمن'. في ذات السياق كشفت مجلة ناشونال إنترست الأمريكية عن تغيير قريب لقائد حاملة الطائرات ترومان بمجرد وصولها إلى نورفولك في ولاية فيرجينيا خلال الأسابيع المقبلة. المجلة ذكرت بأن الحاملة ترومان ستعود وقد خسرت ثلاث مقاتلات من طراز FA-18 عدا عن إسقاط عدد كبير من طائرات الإم كيو ناين وأضافت أن مهمة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر ضد من أسمتهم بالحوثيين تعد أعنف عملية قتالية للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، ولفتت إلى أن سفينة يو إس إس دوايت دي. أيزنهاور تخضع حاليًا لأعمال صيانة مجدولة في حوض بناء السفن البحري في نورفولك. على ضوء التجربة مع اليمن.. استراتيجية عسكرية جديدة أقل جرأة في سياق الحديث عن إعادة تجهيز القوات الأمريكية بالأدوات الصحيحة قبل إرسالها إلى القتال، شدد فانس على ضرورة استخدام القوة العسكرية 'بهدف محدد'، وأشار إلى أن إدارة ترامب تهدف إلى نشر القوات المسلحة الأمريكية 'بأهداف واضحة'، مبتعدة عن 'المهام غير المحددة' و'الصراعات المفتوحة' التي اتسمت بها السياسات السابقة. وأكد فانس أن هذا النهج لا يعني تجاهل التهديدات، بل 'التعامل معها بانضباط، وإذا أرسلناكم إلى الحرب، فإننا نفعل ذلك بمجموعة محددة جداً من الأهداف'. وتأتي تصريحات فانس لتتوج سلسلة من التصريحات الأمريكية من مستويات مختلفة، شملت كبار المحللين والصحفيين والمراقبين، التي اعتبرت اتفاق وقف إطلاق النار مع اليمن 'هزيمة عسكرية فاضحة لأمريكا' ، في أعقاب مواجهتها 'انتكاسات تكتيكية محرجة'، وقد أعلن ترامب نفسه عن وقف إطلاق النار في 6 مايو مروّجاً كذبة أن القوات اليمنية 'استسلمت' و 'لم تعد ترغب في القتال'، وهو الأمر الذي نفاه مئات المتابعين والخبراء الأمريكيين أنفسهم، معتبرين أن ما حصل هو انتكاسة استراتيجية كبيرة مُنيت بها الولايات المتحدة، بدليل التقارير التي لا تزال تتوالى وتتحدّث عن تداعيات كبرى خلفتها المواجهات، ما يجعل الاعتقاد سائداً بأن خسائر مهولة تعرّضت لها الولايات المتحدة في اليمن وترفض الاعتراف بها. وجه فانس حديثه للخريجين مؤكداً 'ستواجهون تحديات وبيئات جديدة، وأحياناً غير مألوفة حتى لمن سبقكم في الخدمة، ستستخدمون معدات وأنظمة وتقنيات جديدة، ومن خلال هذه التجارب، أنتم من سيتعلم أولاً، ثم تعلمون الآخرين'. هذا الاعتراف يشير إلى أن المواجهة في اليمن قد كشفت عن طبيعة 'معقدة' لبيئات القتال المستقبلية، تتطلب مرونة وابتكاراً من القادة العسكريين الجدد. وتعكس تصريحات فانس تحولاً في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، حيث 'لم تعد القوة العسكرية الهائلة وحدها كافية لفرض الهيمنة، بل يجب أن تقترن بأهداف واضحة، وتكتيكات مبتكرة، وفهم عميق لبيئات القتال المتغيرة'، وهو ما فرضته التجربة اليمنية على الأجندة العسكرية الأمريكية.


مصراوي
منذ ساعة واحدة
- مصراوي
صحف غربية: ترامب يسحق نتنياهو بسبب تضارب المصالح وإسرائيل لا تملك ما تقدمه
كتبت- سلمى سمير: شهدت الأسابيع الأولى من شهر مايو تحولات حادة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل، مثّلت انعطافة غير مسبوقة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لطالما اعتُبر من أقرب حلفاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو. فعشية جولة ترامب الأولى إلى الشرق الأوسط في ولايته الثانية، اتخذت واشنطن قرارات متلاحقة تعاكس بشكل صريح رغبات نتنياهو وتحد من نفوذه في رسم ملامح السياسات الإقليمية. تجاهل التحفظات الإسرائيلية في تحول دراماتيكي يشير إلى تصدع العلاقة التقليدية بين واشنطن وتل أبيب، بدت إدارة ترامب – في ولايته الثانية – وكأنها تدير ظهرها لبنيامين نتنياهو، شريكها الأكثر تقليدية في الشرق الأوسط. وبدأت هذه التحولات بقرار ترامب إنهاء الحملة الجوية الأمريكية في اليمن، رغم تهديد الحوثيين بمواصلة الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل. ثم تخطي إسرائيل وبدء التفاوض مباشرة مع حركة حماس بهدف الإفراج عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي إيدن ألكسندر، الذي أسرته حماس في 7 أكتوبر 2023. واستمرت هذه السياسة الجديدة خلال جولة ترامب الإقليمية في السعودية، التي لم تشمل إسرائيل وحينما سُئل ترامب عن سبب تجاهل تل أبيب في الزيارة قال: "إن هذا أفضل لصالح إسرائيل". إلى جانب ذلك أعلن ترامب في خطاب له في 13 مايو إنهاء العقوبات الأمريكية على سوريا ووصف الرئيس السوري أحمد الشرع بـ "الشاب الرائع"، وهو موقف يعارض طلب نتنياهو المستمر بالحفاظ على العقوبات لردع الهجمات عبر الحدود على إسرائيل. كما عرض ترامب لإيران، العدو المشترك لأمريكا وإسرائيل، "مستقبلاً أفضل وأكثر أملًا" في حال توصلت إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، وهو موقف يرفضه نتنياهو بشدة. إسرائيل لم تعد تملك ما تقدمه في نظر كثيرين فإن سبب اتخاذ العلاقة بين نتنياهو وترامب منحى مختلف عن المعهود -باعتبارهم صديقين- أن إسرائيل لم تعد تملك ما يمكنها تقديمه حتى تنال الرضا في ميزان القبول الأمريكي، وهو ما يراه السفير الإسرائيلي السابق أورين، في تصريحات خاصة لمجلة "أتلانتك" الأمريكية التي قالت إن ترامب سحق نتنياهو، فيصرح السفير أن: "تل أبيب لا يمكنها استثمار تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، ولكن آخرون في هذا الحي قادرون" في إشارة إلى زيارة ترامب الأخيرة لدول الخليج والتي نتج عنها استثمارات بمليارات الدولارات من قبل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات. برؤية أورين، على نتنياهو، أن يدرك أنه في منافسة حقيقية لكسب ود رجل "قوي" كترامب، وهو ما لا يملك الكثير بدوره لتقديمه، مضيفًا أيضًا أن إسرائيل لا تملك طائرات فاخرة جاهزة لتقديمها للرئيس الأمريكي، بل على العكس استغرقت 9 سنوات لتحديث وإطلاق نسختها الخاصة من طائرة الرئاسة، وكانت العملية بمثابة فشل وطني. وتابع السفير السابق، أنه ما دام نتنياهو يرفض الموافقة على أيٍّ من مبادرات ترامب الدبلوماسية الكبرى، التي قد تُلزمه بإنهاء حرب غزة أو قبول أي مظهر من مظاهر الدولة الفلسطينية، فلن يكون لدى إسرائيل ما تُقدمه لترامب سوى تفاهات رمزية، مضيفًا، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بدلًا من إدراك هشاشة موقفه، تخلى عن حذره المعهود، ووضع ثقته في ترامب دون أي تراجع. قطيعة سياسية منذ مارس بحسب يوسف منير، مدير "برنامج فلسطين- إسرائيل في مركز العرب" بواشنطن والذي تحدث لصحيفة "جويش كيورنتس" العبرية، فإن القطيعة بين ترامب ونتنياهو بدأت قبل جولة الشرق الأوسط، وتحديدًا منذ مارس الماضي، حين قامت إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار مع حماس الذي كانت إدارة ترامب قد توسطت لتحقيقه عبر مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف. ويقول منير: "بات واضحًا أن الإسرائيليين لا ينوون مساعدة ترامب في تحقيق أهدافه الإقليمية، وأن نتنياهو يقدّم مصالحه السياسية الداخلية على العلاقة مع ترامب". رغم استمرار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، واصلت إدارة ترامب رسم خط فاصل بين المصالح الأمريكية والمصالح الإسرائيلية بطريقة غير معهودة. ففي مقابلة مع "سي إن إن"، قال المبعوث الأمريكي لقضية الأسرى، آدم بوهلر، تعليقًا على المفاوضات المباشرة مع حماس: "نتفهم القلق الإسرائيلي، لكننا الولايات المتحدة ولسنا وكيلاً لإسرائيل". وفي تصريح آخر، أكد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، للقناة الـ14 الإسرائيلية: "لسنا بحاجة لإذن من إسرائيل لنقوم بترتيبات توقف الحوثيين عن استهداف سفننا"، وهي التعليقات التي ترى صحيفة "جويش كيورنتش" العبرية، أنها رسالة واضحة، أنه على إسرائيل أن تتكيف مع أجندة ترامب، لا العكس. وتندرج هذه التحولات ضمن سياسة "أمريكا أولاً" التي يعيد ترامب إحياءها، وتهدف إلى إبرام صفقات مع الخصوم لتقليل التوترات وتعزيز المكاسب الاقتصادية، مع تحويل الاهتمام الاستراتيجي نحو خصوم آخرين مثل الصين، التي يعتبرها ترامب وحلفاؤه التهديد الأكبر للهيمنة الأمريكية، بحسب صحيفة "سي إن بي سي" الأمريكية. يرى بعض المحافظين، بحسب "أتلانتك"، أن هذا التوجه يعكس صعود تيار "الانكفاء" داخل صفوف الجمهوريين، وهو تيار يعتبر حقبة "الحرب على الإرهاب" فشلًا ذريعًا، ويدعو إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، فيقول جاستن لوجان الباحث المحلل من معهد كاتو: "هناك العشرات داخل الإدارة يمكن وصفهم بالمنكفئين"، مؤكدًا أن ترامب تبنى هذا الخطاب مؤخرًا، متهمًا "النيوليبراليين" و"المتدخلين" بمحاولة فرض رؤى على مجتمعات لم يفهموها أصلًا. نتنياهو "خان" ترامب في 2020 باعتقاد بعض المحللين يمكن تفسير التوتر الحالي بين ترامب ونتنياهو، بعلاقة نتنياهو بالرئيس السابق جو بايدن، فيقول جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق، في تصريحات لـ "جويش كيورنتس" إن الشرخ بدأ حين سارع نتنياهو للاعتراف بفوز بايدن في انتخابات 2020، وهو ما اعتبره ترامب "خيانة كبرى". بينما يرى منير أن ترامب بات أكثر تحررًا من الضغوط السياسية والمالية بعدم حاجته للترشح مجددًا، مما يجعله أقل انصياعًا للوبيات المؤيدة لإسرائيل. أما مات دوس، مستشار السياسة الخارجية السابق لبيرني ساندرز، فيرى أن ترامب يدرك أن قاعدته الانتخابية ستدعمه حتى لو خالف قناعاتها التقليدية بشأن إسرائيل، فيقول: "إذا كان الإنجيليون قبلوا التصويت لرجل مثل ترامب رغم فساده، فلن يرفضوه لمجرد أنه لم يعد شديد التأييد لإسرائيل". وبناء على المعطيات السابقة، واستجابة لهذا الواقع الجديد، أصبحت مواقف الجمهوريين القاعدية أكثر تحفظًا تجاه إسرائيل، بحسب معهد الدراسات الأمريكية العربية "آيسوسا" والذي أجرى استطلاع رأي في 5 مايو كشف أن 39% من ناخبي الحزب الجمهوري يعتقدون أن الولايات المتحدة منحازة بشكل مفرط لإسرائيل – بزيادة ست نقاط عن العام السابق. كما أيد ما يقرب من نصفهم ممارسة واشنطن ضغطًا على إسرائيل لإنهاء احتلالها العسكري للضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.