محافظة القدس: تصعيد (إسرائيلي) لتفريغ المدينة ودفعها نحو الإفلاس الاقتصادي
سرايا - حذرت محافظة القدس، من التصعيد الخطير والمتعمد الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق البلدة القديمة في القدس وسكانها وتجارها ومقدساتها، في إطار خطة ممنهجة تستهدف تفريغ المدينة من مضمونها الحضاري والتاريخي العربي والإسلامي، ودفعها قسرا نحو الإفلاس الاقتصادي والاجتماعي، كخطوة تمهيدية لإغلاق ملفها التاريخي وطمس هويتها الأصيلة.
واعتبرت المحافظة أن ممارسة الاحتلال الإسرائيلي تأتي ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة لتقويض الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.
سياسات جبائية
قال المستشار الإعلامي لمحافظ القدس، معروف الرفاعي لـ "المملكة" إنّ الاحتلال ينفذ سياسة خنق اقتصادي شاملة بحق أسواق القدس القديمة، حيث يواجه التجار الفلسطينيون سياسات جبائية غير مسبوقة، تشمل فرض ضرائب باهظة ومخالفات متكررة، بالإضافة إلى حملات مداهمة وملاحقة ومضايقات مستمرة.
وأضاف الرفاعي، أن الهدف هو دفع أصحاب المحال والعقارات نحو الإفلاس، وإجبارهم على الإغلاق أو تسليم محالهم بطرق ملتوية لصالح جمعيات استيطانية متطرفة.
التضييق على السياح
أشار الرفاعي إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد تضييق حركة الزوار والسياح داخل أسواق البلدة القديمة، وتمنع مرورهم في المسارات التاريخية التي تمر عبر المحال الفلسطينية، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال تحاول حصرهم ضمن مسارات أمنية موجهة تخدم المشاريع الاستيطانية والسياحة التوراتية، مما يحرم التجار الفلسطينيين من أحد أهم مصادر الدخل التي يعتمدون عليها في مواجهة الأعباء المتزايدة.
مشروع "القدس الكبرى"
أكّد أن ما يجري في القدس ليس إجراءات عشوائية أو معزولة، بل هو جزء من مشروع شامل تسعى من خلاله الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ مخطط "القدس الكبرى"، والذي يتضمن ضم الكتل الاستيطانية المقامة على أراضي الفلسطينيين في محيط القدس، وربطها بشبكة طرق استيطانية ضخمة، تعمل على تطويق المدينة وفصلها عن عمقها الفلسطيني في الضفة الغربية، وتكريس واقع الاحتلال والضم، تمهيدًا لإخراج القدس الشرقية من أي مفاوضات مستقبلية.
وحذّر من المشروع الذي تسعى حكومة الاحتلال من خلاله إلى ضم 223 كم² من أراضي الضفة الغربية إلى بلدية القدس، وما يتضمنه من ضم 14 مستوطنة ضمن 3 تجمعات استيطانية ضخمة، تهدف إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية ومحاصرة مدينة القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني.
"رباط الكرد"
اعتبر الرفاعي أن ما يجري من محاولات "صهيونية" محمومة لتوسيع مدخل باحة عائلة الشهابي المجاورة لباب الحديد "رباط الكرد"، والتي تُعد من المعالم التاريخية ذات الأهمية العمرانية والدينية في البلدة القديمة من القدس وتحويله إلى ما يُسمى بـ"مكان صلاة يهودي"، بدعم مباشر من بلدية الاحتلال، هو انتهاك صارخ للقانون الدولي، وجريمة جديدة تُضاف إلى السجل الأسود للاحتلال في المدينة المقدسة.
وبين أن هذه الاعتداءات تأتي ضمن مشروع تهويدي واضح يستهدف الحوض المقدس والمباني الوقفية الإسلامية المحيطة بالمسجد الأقصى، في إطار مخطط "القدس الكبرى" الاستيطاني الذي تسعى حكومة الاحتلال إلى فرضه بالقوة، ومحاولة لفرض أمر واقع جديد في القدس العتيقة.
دفع نحو الهجرة القسرية
أوضح الرفاعي أن السياسات الإسرائيلية تمثل تهديدا مباشرا للوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، وتستهدف تقويض كل عناصر الصمود، ودفع المقدسيين نحو الهجرة القسرية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي الإنساني ولقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على أن القدس الشرقية أرض محتلة وجزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية.
معركة " الكل الفلسطيني"
دعا الرفاعي المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل الفوري لوقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، والضغط على حكومة الاحتلال للتراجع عن مشاريعها الاستيطانية ومخططاتها التهويدية، والعمل الجاد لحماية ما تبقى من معالم الهوية الوطنية والدينية في المدينة المقدسة، ودعم صمود سكانها المرابطين في وجه آلة التهويد.
ودعا الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، والمؤسسات الوطنية والاقتصادية، لدعم القدس ومساندة تجارها وأهلها، وتعزيز صمودهم في هذه المرحلة الحرجة، لأن المعركة على القدس هي معركة الكل الفلسطيني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 6 أيام
- عمون
سائقو أوبر وكريم يشكون تغول الشركات .. والإضراب والاعتصام قيد الدراسة
عمون - جدد سائقو تطبيقات النقل الذكية، شكواهم من ارتفاع النسب التي تقتطعها الشركات على كل رحلة يقوم بها السائق. وقال رئيس لجنة الكباتن والسائقين لورنس الرفاعي، إنّ هيئة تنظيم النقل البري، قررت سابقًا وضع حدود وسقوف لنسب الشركات بحيث لا تتعدى 22% ولا تنخفض عن 15%، في حين أنّ الاقتطاع اليوم يصل إلى 30% عن كل رحلة. وبين الرفاعي لعمون، أنّ السائقين يطالبون بتعويم تصاريح العمل بالنقل، بحيث يكون التصريح للسائق نفسه مع أي شركة كانت، وليس باسم شركة واحدة، مبينًا أنّ شركتا أوبر وكريم تستحوذان على نحو 11 ألفًا و500 تصريح للسائقين من أصل 13 الفًا، إضافة إلى تخفيض رسوم التصاريح إلى 200 دينار سنويًا بدلًا من 400. وتابع أنّ الحكومة كلفت هيئة تنظيم النقل البري في نيسان الماضي بتفعيل الربط الإلكتروني بين الأنظمة التي تحددها الهيئة وأنظمة التطبيقات الذكية لنقل الركاب، وتحديث التعليمات الخاصة بترخيص الشركات والتصاريح الممنوحة لتحقيق معايير جودة الخدمة والامتثال وتعزيز التنافسية في هذا النمط، الّا انه حتى الآن لم يصدر شيء عن الهيئة. كما يطالب السائقون برفع العمر التشغيلي للمركبات إلى 10 سنوات، ورفع سن السائق المسموح بالعمل به إلى 65 عامًا بدلًا من 60. وأوضح الرفاعي أنّ استمرار تهميش مطالبهم سيدفع السائقين إلى التصعيد الذي يبدأ بالاعتصام والاضراب الجزئي عن العمل، وصولًا إلى إيقاف السيارات في المنازل وعدم تحريكها لصالح الشركات، فهي في النهاية مركباتهم. من جهتها أكدت الناطقة باسم هيئة تنظيم النقل البري الدكتور عبلة وشاح، أنّ الهيئة تدرس مطالب السائقين ولا تقف ضدها. وقالت وشاح لعمون، إنّ الهيئة تحترم جميع الاطراف وتقف على مسافة واحدة منها، مشيرة إلى أنّ جميع المطالب قيد الدراسة لديها، وستفعل ما هو بصالح الأطراف كافة. وأشارت إلى أنّ الهيئة استجابت فيما سبق إلى مطالب السائقين ورفعت العمر التشغيلي للمركبات من 5 سنوات إلى 7.


أخبارنا
منذ 6 أيام
- أخبارنا
الرفاعي : الاستقلال كما إرادة الهاشميون ركيزة لبناء الدولة الحديثة
أخبارنا : قال رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي إنه في مقام الاستقلال لا نحتفي بماضٍ مجيد فحسب، بل نؤكد العهد مع الأردن وقيادته والرعيل الأول بتضحياته وجهاده وعطاءه وجهوده وإيمانه بالأردن، قاعدة صلبة للعمل والبناء. وأضاف خلال ندوة ضمن سلسلة "حرب الوعي والرواية" بعنوان "سردية الاستقلال من الاستقلال إلى المستقبل" التي ينظمها منتدى الحموري الثقافي اليوم أن الاستقلال، كما أراده الهاشميون، لم يكن محطة عابرة في الذاكرة الوطنية، بل ركيزة لبناء الدولة الحديثة، ودولة القانون والمواطنة والسيادة، وهو مشروع متصل بدأ مع المؤسس الملك عبد الله الأول وتواصل مع الملك طلال، أبو الدستور، والحسين، الباني، ويقوده اليوم الملك عبد الله الثاني بحكمة وشجاعة، وعن يمينه سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، مقتديًا بنهج آل البيت الأطهار، ومجسدًا آمال الشباب وتطلعاتهم. وأكد أن الدولة الأردنية لم تكن انتقامية يومًا من الأيام، ولا تصدر مواقفه وسياساته ارتجالًا، ولا بمنطق الانفعالات الآنية، بل احتكمت إلى الحكمة وسعة الصدر والحسم عندما يستدعي الواجب الوطني ذلك، دون إقصاء أو ظلم. وأضاف أن حب الأردن ليس تعصبًا، ولا هو مجرد شعارات نرددها، بل هو اعتزاز بتضحيات كبرى، ومنجز حقيقي وإن اعتزازنا نحن الأردنيون بوطننا وإنجازاتنا يبدأ من تقديم روايتنا الكاملة لمسيرة الدولة الأردنية، وحيثياتها، وإنجازاتها، وصمودها. وقال الرفاعي : لقد أثبتت الدولة الأردنية عبر مئة عام وأكثر أن الاستقرار لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالثقة، وأن الأمن لا يتسبب إلا بمنظومة عدالة تحترم كرامة الإنسان، وتكرس سيادة القانون، وتضمن الحقوق والواجبات، والحمد لله، فإن المئة وأربع سنوات الماضية خير شاهد على أن هذه شيم الدولة الأردنية. وأشار إلى أن بناء الدولة وحماية الاستقرار معادلة دقيقة، من السيادة والانفتاح من الثوابت، والتجديد. وقال: لقد علمتنا المدرسة الهاشمية أن التحديث لا يجوز أن يهدد الثوابت، والانفتاح لا يعني التفكك، والإصلاح الحقيقي يقوم ويزدهر في كنف الدولة وبرعاية مؤسساتها، لا على إنقاذها ونحن قادرون على تجديد الدولة دون المساس بالثوابت، وعلى الحفاظ على الأردن دون تمييز أو إقصاء، فالدولة تعلي قيمة المواطنة وترفض موقف الاصطفاف. وأكد أن التحديث بات حتمية وطنية، ضمن معادلة الاستقرار، يعزز الثقة، ولا يُقصي أحدًا، ولا يساوم على الدولة، ولا يفرط بمؤسساتها، ولا يتنازل عن احترام القانون، وهذه الدولة التي أمن بها. وبين الرفاعي أن استقلال الأردن لم يكن منحة، ووجوده واستمراره ليس هدية أو عطاءً من أحد، بل كان حصيلة لمسيرة طويلة من البناء والإنجازات، والصبر، والتضحيات، التي بدأت قبل تأسيس الإمارة عام 1921. وأكد أن استقلالنا لم يكن منحة، فالحفاظ عليه لم يكن أمرًا يسيرًا، بل حدثٌ مستمر تملأ محطاته الكبرى طريقه، فمن وضع الدستور، إلى بناء مؤسسات الدولة، إلى الانتخابات النيابية والبلدية، وحياة نيابية وحزبية نشطة، ومعارضة حزبية في بدايات الدولة، ثم تعريب الجيش، وبناء اقتصاد قادر على الصمود في ظل شح الموارد، وكثرة التحديات والتحولات الاقتصادية، كلها خطوات ومراحل لا تقل عن الاستقلال ذاته. وأشار إلى أن الاعتزاز بالوطن، وهويته، ليس تعصبًا، ولا هو مجرد شعارات نرددها، بل هو اعتزاز بتضحيات كبرى، ومنجز حقيقي. إن اعتزازنا نحن الأردنيون بوطننا وإنجازاتنا يبدأ من تقديم روايتنا الكاملة لمسيرة الدولة الأردنية، وحيثياتها، وإنجازاتها، وصمودها. وأوضح الرفاعي أن واجبنا تجاه أبنائنا والأجيال القادمة أن يعلموا أن الأردن هو حصيلة مسيرة طويلة، شاقة، محفوفة بالأزمات، والمخاطر، والتحديات، وهو بناء متصل، وتضحيات لم تتوقف. لذلك، يجب على كل منا أن يفتخر ويتغنى بمنجزات وطننا الغالي، ومنجزات الآباء والأجداد، وأن نرفض كل من يجحد تجاه هذا المنجز العظيم. ومن وجهة نظري، لابد أن نعترف أننا قصرنا كثيرًا، وتأخرنا أكثر في تقديم قصة وطننا، بما هي قصة نجاح، وإبداع، وعطاء، إلا أن الوقت لم يفت. وأكد أن من أهم ما نحتاج إلى تقديمه بوضوح هو هويتنا الوطنية، التي ما زال البعض يظن أنها موضع للرأي والفتوى، رغم أنها هوية أردنية عربية، بثقافة حضارية إسلامية وسطية، لا يختلف عليها عاقلان وأن هذه الهوية قد تبلورت نتيجة مئات العوامل، والكثير من التحديات، والنضالات، وكان أهم من صاغ أسسها هو إصرار الأردن على الصمود في وجه كل التحديات، وأحيانًا المؤامرات. وهي هوية حية، تشكلت واستقرت عبر محطات من البناء والتضحيات، واكتسبت سماتها من خصائص الشخصية الوطنية الأردنية، التي تقوم على الانفتاح، والاعتدال. وأفاد أنه لابد من الاعتراف بأننا مقصرون بحقها، وحق استقلالنا المرتبط بها، وهي مسؤولية كبيرة تقع علينا جميعًا. وهذا يقودنا إلى الحديث عن الضغوط الدولية، والتحولات الإقليمية، وهو أمر ليس بالجديد علينا، فما قد يعتبره البعض كارثة كونية قد مر علينا تكرارًا حتى اعتدنا. وبين أنه ما زال هناك من يحاول أن يطعن في هذه الدولة، وينال من مواضع قوتها وبنظرة سريعة إلى الخلف، كان هناك من يحاول تثبيط قيام الدولة منذ نشأتها الأولى، وقد تعرض الأردن لاعتداءات أمنية وعسكرية ومر بنا كل التيارات المختلفة، وحاولت بصور متعددة أن تنال من الأردن، وأن تسقط الدولة، واليوم ننظر لنراها جميعًا قد تلاشت، وبقي الأردن. وبنظرةٍ مباشرة، فإن ما يحدث في جوارنا من تغييرات يلقي بأعبائه على الواقع الوطني سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، بالإضافة إلى تقلبات السياسة الدولية، وما يرافقها من ضغوط تسعى إلى تغيير مواقف الأردن السياسية، خاصة تجاه القضية الفلسطينية. ولا ننسى موجات اللجوء المتكررة التي استقبلها الأردن منذ قيامه وحتى اليوم. وقال الرفاعي إن الأرقام الرسمية تشير إلى أن حوالي ثلث سكان المملكة يحملون صفة لاجئ، وتشير الإحصائيات إلى أن الأردن يأوي لاجئين من حوالي 50 جنسية، في حين أن المساعدات لا تغطي 10% من الاحتياجات الفعلية لاستضافة ملايين اللاجئين، وهو تناقض متسارع. وأشار إلى أن ذلك يسبب ضغوطًا اقتصادية في المقام الأول، ثم ضغوطًا سياسية واجتماعية، في دولة تعد من الأفقر عالميًا في المياه، ومن الأفقر في مصادر الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية. مؤكدًا أن الأردن كان أقل الدول تجاوبًا مع الضغوط الدولية، واستطاع أن يقف شامخًا. كما أشار إلى أن جلالة الملك يكرر أن خيارنا الوحيد هو الاعتماد على الذات، والمنعة الاقتصادية، التي تستطيع أن تزيد من مقاومتنا لأي ضغوط حالية أو مستقبلية، وهو أمر يجب على رأس المال الوطني أن يدعمه ويعمل من أجله. وكشف أمام الحضور أنه في آخر 25 سنة منذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، كانت الموجودات في البنك المركزي 300 مليون دينار، واليوم تصل إلى 22 مليار دينار، بالرغم من أن بعد سنة من تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، انفجرت الانتفاضة الثانية، وفي العام 2001 وقعت أحداث سبتمبر، وفي العام 2003 الحرب على العراق، وفي العام 2005 تفجيرات عمان، وفي العام 2006 الحرب على لبنان، وفي العامين 2007/2008 الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي 2011 ما سمي بالربيع العربي، وما ترتب على ذلك من لجوء، وانقطاع الغاز، ودمار في دول الجوار، ومع ذلك، تشير الأرقام إلى أن ثقة الأردنيين تتزايد بالدولة، وبمؤسساتهم الأمنية، وقواتهم المسلحة، ويعرفون أن الدولة، في عين العاصفة، وقفت وستبقى. وبين أن جلالة الملك بدأ المئوية الثانية بلجنة التحديث السياسي، وضمن مخرجاتها، والإرادة السياسية واضحة. كما أطلق التحديث الاقتصادي والإداري؛ مما يدل على ثقة جلالته بشعبه، وثقة الشعب بجلالته. وفي معرض إجابته على أسئلة الحضور، قال: نحن جميعًا نشكو من البيروقراطية، ولكن عندما تحاول الحكومات إصلاح الخلل، نتهمها بالتأزيم ولا بد من أن نحسم أمرنا، في أننا نحتاج إلى الإصلاح الحقيقي. وبين أن المؤسسات التي نفتخر بها، وثقة المواطن بها، هي مؤسسة الجيش والأجهزة الامنية رغم أنهما ليس لديهما ديوان خدمة، وعندهم عقوبات لمن لا يعمل، وهذا مصدر فخر لنا جميعًا، بتطبيق العدالة، في حين لا نقبلها في مؤسسات القطاع العام. --(بترا)

الدستور
منذ 6 أيام
- الدستور
الرفاعي : الاستقلال كما إرادة الهاشميون ركيزة لبناء الدولة الحديثة
عمان - قال رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي إنه في مقام الاستقلال لا نحتفي بماضٍ مجيد فحسب، بل نؤكد العهد مع الأردن وقيادته والرعيل الأول بتضحياته وجهاده وعطاءه وجهوده وإيمانه بالأردن، قاعدة صلبة للعمل والبناء. وأضاف خلال ندوة ضمن سلسلة "حرب الوعي والرواية" بعنوان "سردية الاستقلال من الاستقلال إلى المستقبل" التي ينظمها منتدى الحموري الثقافي اليوم أن الاستقلال، كما أراده الهاشميون، لم يكن محطة عابرة في الذاكرة الوطنية، بل ركيزة لبناء الدولة الحديثة، ودولة القانون والمواطنة والسيادة، وهو مشروع متصل بدأ مع المؤسس الملك عبد الله الأول وتواصل مع الملك طلال، أبو الدستور، والحسين، الباني، ويقوده اليوم الملك عبد الله الثاني بحكمة وشجاعة، وعن يمينه سمو الأمير الحسين بن عبد الله، ولي العهد، مقتديًا بنهج آل البيت الأطهار، ومجسدًا آمال الشباب وتطلعاتهم. وأكد أن الدولة الأردنية لم تكن انتقامية يومًا من الأيام، ولا تصدر مواقفه وسياساته ارتجالًا، ولا بمنطق الانفعالات الآنية، بل احتكمت إلى الحكمة وسعة الصدر والحسم عندما يستدعي الواجب الوطني ذلك، دون إقصاء أو ظلم. وأضاف أن حب الأردن ليس تعصبًا، ولا هو مجرد شعارات نرددها، بل هو اعتزاز بتضحيات كبرى، ومنجز حقيقي وإن اعتزازنا نحن الأردنيون بوطننا وإنجازاتنا يبدأ من تقديم روايتنا الكاملة لمسيرة الدولة الأردنية، وحيثياتها، وإنجازاتها، وصمودها. وقال الرفاعي : لقد أثبتت الدولة الأردنية عبر مئة عام وأكثر أن الاستقرار لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالثقة، وأن الأمن لا يتسبب إلا بمنظومة عدالة تحترم كرامة الإنسان، وتكرس سيادة القانون، وتضمن الحقوق والواجبات، والحمد لله، فإن المئة وأربع سنوات الماضية خير شاهد على أن هذه شيم الدولة الأردنية. وأشار إلى أن بناء الدولة وحماية الاستقرار معادلة دقيقة، من السيادة والانفتاح من الثوابت، والتجديد. وقال: لقد علمتنا المدرسة الهاشمية أن التحديث لا يجوز أن يهدد الثوابت، والانفتاح لا يعني التفكك، والإصلاح الحقيقي يقوم ويزدهر في كنف الدولة وبرعاية مؤسساتها، لا على إنقاذها ونحن قادرون على تجديد الدولة دون المساس بالثوابت، وعلى الحفاظ على الأردن دون تمييز أو إقصاء، فالدولة تعلي قيمة المواطنة وترفض موقف الاصطفاف. وأكد أن التحديث بات حتمية وطنية، ضمن معادلة الاستقرار، يعزز الثقة، ولا يُقصي أحدًا، ولا يساوم على الدولة، ولا يفرط بمؤسساتها، ولا يتنازل عن احترام القانون، وهذه الدولة التي أمن بها. وبين الرفاعي أن استقلال الأردن لم يكن منحة، ووجوده واستمراره ليس هدية أو عطاءً من أحد، بل كان حصيلة لمسيرة طويلة من البناء والإنجازات، والصبر، والتضحيات، التي بدأت قبل تأسيس الإمارة عام 1921. وأكد أن استقلالنا لم يكن منحة، فالحفاظ عليه لم يكن أمرًا يسيرًا، بل حدثٌ مستمر تملأ محطاته الكبرى طريقه، فمن وضع الدستور، إلى بناء مؤسسات الدولة، إلى الانتخابات النيابية والبلدية، وحياة نيابية وحزبية نشطة، ومعارضة حزبية في بدايات الدولة، ثم تعريب الجيش، وبناء اقتصاد قادر على الصمود في ظل شح الموارد، وكثرة التحديات والتحولات الاقتصادية، كلها خطوات ومراحل لا تقل عن الاستقلال ذاته. وأشار إلى أن الاعتزاز بالوطن، وهويته، ليس تعصبًا، ولا هو مجرد شعارات نرددها، بل هو اعتزاز بتضحيات كبرى، ومنجز حقيقي. إن اعتزازنا نحن الأردنيون بوطننا وإنجازاتنا يبدأ من تقديم روايتنا الكاملة لمسيرة الدولة الأردنية، وحيثياتها، وإنجازاتها، وصمودها. وأوضح الرفاعي أن واجبنا تجاه أبنائنا والأجيال القادمة أن يعلموا أن الأردن هو حصيلة مسيرة طويلة، شاقة، محفوفة بالأزمات، والمخاطر، والتحديات، وهو بناء متصل، وتضحيات لم تتوقف. لذلك، يجب على كل منا أن يفتخر ويتغنى بمنجزات وطننا الغالي، ومنجزات الآباء والأجداد، وأن نرفض كل من يجحد تجاه هذا المنجز العظيم. ومن وجهة نظري، لابد أن نعترف أننا قصرنا كثيرًا، وتأخرنا أكثر في تقديم قصة وطننا، بما هي قصة نجاح، وإبداع، وعطاء، إلا أن الوقت لم يفت. وأكد أن من أهم ما نحتاج إلى تقديمه بوضوح هو هويتنا الوطنية، التي ما زال البعض يظن أنها موضع للرأي والفتوى، رغم أنها هوية أردنية عربية، بثقافة حضارية إسلامية وسطية، لا يختلف عليها عاقلان وأن هذه الهوية قد تبلورت نتيجة مئات العوامل، والكثير من التحديات، والنضالات، وكان أهم من صاغ أسسها هو إصرار الأردن على الصمود في وجه كل التحديات، وأحيانًا المؤامرات. وهي هوية حية، تشكلت واستقرت عبر محطات من البناء والتضحيات، واكتسبت سماتها من خصائص الشخصية الوطنية الأردنية، التي تقوم على الانفتاح، والاعتدال. وأفاد أنه لابد من الاعتراف بأننا مقصرون بحقها، وحق استقلالنا المرتبط بها، وهي مسؤولية كبيرة تقع علينا جميعًا. وهذا يقودنا إلى الحديث عن الضغوط الدولية، والتحولات الإقليمية، وهو أمر ليس بالجديد علينا، فما قد يعتبره البعض كارثة كونية قد مر علينا تكرارًا حتى اعتدنا. وبين أنه ما زال هناك من يحاول أن يطعن في هذه الدولة، وينال من مواضع قوتها وبنظرة سريعة إلى الخلف، كان هناك من يحاول تثبيط قيام الدولة منذ نشأتها الأولى، وقد تعرض الأردن لاعتداءات أمنية وعسكرية ومر بنا كل التيارات المختلفة، وحاولت بصور متعددة أن تنال من الأردن، وأن تسقط الدولة، واليوم ننظر لنراها جميعًا قد تلاشت، وبقي الأردن. وبنظرةٍ مباشرة، فإن ما يحدث في جوارنا من تغييرات يلقي بأعبائه على الواقع الوطني سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، بالإضافة إلى تقلبات السياسة الدولية، وما يرافقها من ضغوط تسعى إلى تغيير مواقف الأردن السياسية، خاصة تجاه القضية الفلسطينية. ولا ننسى موجات اللجوء المتكررة التي استقبلها الأردن منذ قيامه وحتى اليوم. وقال الرفاعي إن الأرقام الرسمية تشير إلى أن حوالي ثلث سكان المملكة يحملون صفة لاجئ، وتشير الإحصائيات إلى أن الأردن يأوي لاجئين من حوالي 50 جنسية، في حين أن المساعدات لا تغطي 10% من الاحتياجات الفعلية لاستضافة ملايين اللاجئين، وهو تناقض متسارع. وأشار إلى أن ذلك يسبب ضغوطًا اقتصادية في المقام الأول، ثم ضغوطًا سياسية واجتماعية، في دولة تعد من الأفقر عالميًا في المياه، ومن الأفقر في مصادر الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية. مؤكدًا أن الأردن كان أقل الدول تجاوبًا مع الضغوط الدولية، واستطاع أن يقف شامخًا. كما أشار إلى أن جلالة الملك يكرر أن خيارنا الوحيد هو الاعتماد على الذات، والمنعة الاقتصادية، التي تستطيع أن تزيد من مقاومتنا لأي ضغوط حالية أو مستقبلية، وهو أمر يجب على رأس المال الوطني أن يدعمه ويعمل من أجله. وكشف أمام الحضور أنه في آخر 25 سنة منذ تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، كانت الموجودات في البنك المركزي 300 مليون دينار، واليوم تصل إلى 22 مليار دينار، بالرغم من أن بعد سنة من تسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية، انفجرت الانتفاضة الثانية، وفي العام 2001 وقعت أحداث سبتمبر، وفي العام 2003 الحرب على العراق، وفي العام 2005 تفجيرات عمان، وفي العام 2006 الحرب على لبنان، وفي العامين 2007/2008 الأزمة الاقتصادية العالمية، وفي 2011 ما سمي بالربيع العربي، وما ترتب على ذلك من لجوء، وانقطاع الغاز، ودمار في دول الجوار، ومع ذلك، تشير الأرقام إلى أن ثقة الأردنيين تتزايد بالدولة، وبمؤسساتهم الأمنية، وقواتهم المسلحة، ويعرفون أن الدولة، في عين العاصفة، وقفت وستبقى. وبين أن جلالة الملك بدأ المئوية الثانية بلجنة التحديث السياسي، وضمن مخرجاتها، والإرادة السياسية واضحة. كما أطلق التحديث الاقتصادي والإداري؛ مما يدل على ثقة جلالته بشعبه، وثقة الشعب بجلالته. وفي معرض إجابته على أسئلة الحضور، قال: نحن جميعًا نشكو من البيروقراطية، ولكن عندما تحاول الحكومات إصلاح الخلل، نتهمها بالتأزيم ولا بد من أن نحسم أمرنا، في أننا نحتاج إلى الإصلاح الحقيقي. وبين أن المؤسسات التي نفتخر بها، وثقة المواطن بها، هي مؤسسة الجيش والأجهزة الامنية رغم أنهما ليس لديهما ديوان خدمة، وعندهم عقوبات لمن لا يعمل، وهذا مصدر فخر لنا جميعًا، بتطبيق العدالة، في حين لا نقبلها في مؤسسات القطاع العام. --(بترا)