
المغرب : عائلات المهاجرين المفقودين تبحث عن أبنائها وتطالب بالعدالة
مدة القراءة: 7'
في ظل تصاعد حالات اختفاء المهاجرين المغاربة، تعيش مئات العائلات في دوامة الفقد وسط تجاهل رسمي متواصل. لكن هناك مبادرات مثل "الجمعية المغربية لمساندة المهاجرين في وضعية هشاشة" قررت كسر هذا الصمت، ومصمّمة على تحويل الألم إلى فعل ومطالب بالعدالة.
من مقرها في وجدة بأقصى شمال شرق المغرب، تعمل الجمعية، التي يشرف عليها متطوعون وأقارب المفقودين على توثيق الحالات والضغط على السلطات والتوجه بشكاوى إلى الهيئات الأممية بجنيف، بهدف ضمان عدم محو أسماء أولئك الذين ابتلعهم البحر أو فقدو في غياهبه.
تحول جذري بسبب تزايد حالات اختفاء المهاجرين
في حديثه مع DW عربية يحكي حسن عماري رئيس الجمعية عن نشأتها في عام 2017 ويقول: "كان تركيزنا منصبًا على قضايا الهجرة بشكل عام، لأننا لاحظنا غيابا تاما لأي جمعيات تشتغل على هذا الملف في المنطقة الشرقية".
لكن في عام 2020 وقع تحول جذري في الجمعية فتحولت إلى منصة للدفاع عن المهاجرين المفقودين، بعد تزايد الحالات وتزامنًا مع احتضان وجدة أول فعالية دولية لإحياء ذكراهم في السادس من فبراير.
ويؤكد عماري: "في 2021 بدأنا نتلقى اتصالات من عائلات تبحث عن أبنائها، ومنذ ذلك الحين عالجنا ما يفوق 600 حالة اختفاء، خاصة في مناطق عبور خطيرة: المتوسط، الأطلسي، الجزائر، تونس، ليبيا، وحتى البلقان".
ورغم تشديد الرقابة من قبل رجال الأمن، لم تتوقف محاولات الهجرة. ففي 2024، سجل المغرب نحو 79 ألف محاولة هجرة غير نظامية، كثير منها انطلق على متن قوارب هشة، نحو مصير مجهول من نقاط خطرة مثل أكادير، سيدي إفني، الرباط والدار البيضاء. ,مع غياب المسارات الآمنة، بات البحر مقبرة جماعية.
"التوجه للساحة الدولية بسبب غلق الأبواب الوطنية"
بدعم من جمعية مساندة المهاجرين في وضعية هشاشة (AMSV)، بدأت العائلات تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان، والمطالبة بتحليل الحمض النووي لتحديد هوية الجثث، والضغط من أجل تحرك حكومي. كما كانت هناك وقفات أيضا أمام وزارتي الداخلية والخارجية. ويقود هذه الجهود رغم ضعف الإمكانيات المالية، حسن عماري، رئيس الجمعية، الذي أكد لـDW: "عندما اتضح لنا أن الأبواب الوطنية موصده، قررنا التوجه إلى الساحة الدولية".
في جنيف بسويسرا، قدّمت الجمعية ملفات تضم قوائم كاملة بالمهاجرين المفقودين والمعتقلين إلى المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمهاجرين بالأمم المتحدة، وكذلك إلى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، مطالبة بالاعتراف الدولي بالقضية.
كما كشفت الجمعية عن وجود مهاجرين مفقودين رهن الاعتقال في الجزائر بتهمة الدخول غير القانوني، ويواجهون أحكامًا قاسية تصل إلى عشر سنوات من السجن.
ورغم نجاحات محدودة في ترحيل بعض الجثامين، تعرقل الأزمة الدبلوماسية بين البلدين الجارين استرجاع البقية، وسط تكاليف باهظة تصل إلى 7000 يورو للجثة الواحدة. ويقول عماري: "لدينا أكثر من سبع جثث محددة الهوية محجوزة في الجزائر".
عبد السلام .. حلم باحتراف الكرة فلم يعرف له أثر
ووسط صمت رسمي، تواصل عائلات المهاجرين المفقودين في المغرب رحلة البحث عن أبنائها، في مسار لا ينتهي من الحزن والإصرار والأمل المكسور، والانتظار الذي لا يرحم. من مدينة سلا، تروي حفيظة لبيض قصة شقيقها عبد السلام، الشاب الذي حلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف، لكنه اختفى في عرض البحر عام 2021، بعدما غادر مع 16 شابًا نحو قادس الإسبانية، حاملاً حذاءه الرياضي وقميص فريقه فقط. وقد سلكوا عبر البحر، أحد أخطر مسارات الهجرة في العالم.
"كان عبدالسلام شغوفًا بالكرة إلى حدّ الجنون"، تقول حفيظة، التي حاولت منعه من الرحيل دون جدوى. فعبد السلام، ككثير من شباب المغرب، اصطدم بجدران التأشيرات المرفوضة والفرص المسدودة، فاختار البحر كملاذ أخير للهروب من اليأس. ركب البحر من سلا، ولم يُعرف له أثر منذ ذلك اليوم.
أم أسامة: أناشد بلدي التحرك فهؤلاء الأولاد مغاربة
قصة أخرى بطلتها فاطمة، أم أسامة، التي لم يغمض لها جفن منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا لشيء سوى لبحثها المستمر عن ابنها أسامة، الذي اختفى في عرض البحر يوم 16 ديسمبر 2021 قبالة السواحل التونسية.
اختفى ابنها مع 33 شابًا من أبناء الحي قبالة السواحل التونسية. "نعيش في صمت لا يُطاق"، تقول فاطمة، التي تحولت إلى وجه بارز في احتجاجات عائلات المفقودين. توجهت فاطمة إلى تونس بنفسها لمحاولة التعرّف على الجثث، لكنها عادت محمّلة بأسئلة أكثر من الأجوبة.
رغم العثور على جثتين من رفاق أسامة، لم تتلقَ العائلات أي إشعار رسمي. فاطمة، باعت كل ما تملك لمواصلة البحث، وتتساءل بحسرة تخنق صوتها "لكن كم من أم أخرى لم يعد لديها ما تبيعه أصلًا؟". لم تجد فاطمة في نتائج الحمض النووي ما يطمئنها، بل زادت الأسئلة. وبينما تعرب عن تقديرها لتعاون السلطات التونسية، لا تُخفي استياءها من صمت الدولة المغربية. "أناشد بلدي أن يتحرك. هؤلاء الأولاد مغاربة"، تقول الأم المكلومة.
رحلة الأمل والصمود لعائلات المفقودين
وسط هذا العجز، تبرز الجمعية المغربية لمساندة المهاجرين في وضعية هشاشة كداعم أساسي، تمنح العائلات صوتًا في وجه الغياب، وترافقهم في نضالهم من أجل الاعتراف والعدالة.
وتواصل الجمعية جهودها في المغرب كأول هيئة مكرّسة بالكامل لدعم عائلات المهاجرين المفقودين والمحتجزين. في السادس من فبراير من كل عام، تحيي الجمعية في وجدة ذكرى مأساة معبر طراخال، بتنظيم فعالية مؤثرة تجمع العائلات من مختلف المدن. ويتضمن الحدث محاضرات وشهادات حية، ومسيرة رمزية نحو البحر في السعيدية، حيث تُلقى الزهور في الماء كطقس للذكرى والأمل.
خلال عامي 2023 و2024، وثّقت الجمعية أكثر من 800 حالة تشمل مفقودين ومحتجزين وموتى على طرق الهجرة الخطرة. فمن ليبيا وتونس إلى الجزائر والمحيط الأطلسي، تتوزع القصص بين الغياب القسري والاحتجاز الطويل. كما كشفت الجمعية عن وجود 438 مغربيًا في السجون الجزائرية، إلى جانب حالات لمهاجرين من جنوب الصحراء والجزائر مفقودين داخل الأراضي المغربية.
في لقاء نظّمته منظمة "يوروميد" بالرباط، شدد الباحث الإيطالي فيليبو فوري على أهمية دور العائلات والمجتمع المدني في كشف مصير المفقودين، مؤكدًا أن تدخل السلطات غالبًا ما يأتي متأخرًا أو في هامش الأولويات.
هذا الواقع تعيشه يوميًا شخصيات مثل حفيظة وفاطمة، اللتين تحوّلتا من أخت وأم مكلومتين إلى ناشطتين بارزتين في ساحات الاحتجاج. وهما ومن معهما لا يطالبن فقط بالمعلومات، بل يرفعن صوتًا جماعيًا ضد النسيان، ويُسلطن الضوء على الألم الصامت الذي يعيشه مئات الأسر.
بالنسبة لحفيظة، غياب شقيقها عبد السلام، لاعب كرة القدم الطموح، لا يزال حاضرًا في كل زاوية من البيت. "لا يمكننا الحداد، ولا نعرف إن كان حيًا أو ميتًا"، تقول حفيظة لـDW.
أما فاطمة، التي فقدت ابنها أسامة في عرض البحر، فتؤكد: "ما نريده هو الحقيقة. إذا كانوا قد رحلوا، نريد أن نحزن كما يليق. وإذا كانوا أحياء، نريد أن نعرف" أين هم؟.
ورغم محدودية الموارد، تواصل جمعية مساندة المهاجرين في وضعية هشاشة (AMSV) رفع صوت العائلات، من وجدة إلى جنيف، مؤكدة أن التضامن ليس فقط بلسمًا، بل قوة مقاومة. "لقد قطعنا وعدًا وسنفعل كل ما بوسعنا لمساعدة العائلات في البحث عن الحقيقة والعدالة"، يقول رئيس الجمعية حسن عماري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


WinWin
منذ 4 ساعات
- WinWin
برشلونة يلوح بعقوبات قاسية على تير شتيغن بسبب العصيان!
يدرس نادي برشلونة اتخاذ إجراءات قانونية ضد حارس مرماه الألماني مارك أندريه تير شتيغن، على خلفية رفضه التوقيع على استمارة الموافقة التي تتيح للنادي إرسال تقريره الطبي إلى اللجنة الطبية في رابطة الليغا. ويعد هذا التقرير ضروريًّا لتقييم مدى خطورة إصابة الحارس، بهدف السماح للنادي باستخدام 50% أو 80% من راتبه في تسجيل لاعب جديد، وفق لوائح اللعب المالي النظيف. تصعيد قانوني داخلي في برشلونة واحتمال فرض عقوبات وبحسب ما أكدته صحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، فإن إدارة برشلـونة أحالت القضية إلى القسم القانوني بالنادي، تمهيدًا لفتح ملف تأديبي فوري ضد تير شتيغن، قد ينتهي بفرض عقوبة داخلية، إذا ما وافقت عليها الإدارة القانونية ومجلس الإدارة. ويستند النادي إلى اتفاقية العمل الجماعية الموقعة بين رابطة الليغا واتحاد لاعبي كرة القدم الإسباني (AFE)، والتي تعتبر "العصيان الذي يتسبب في خرق كبير للانضباط أو يسبب ضررًا جسيمًا للنادي" بمثابة مخالفة جسيمة، قد تصل عقوبتها إلى الفصل، أو تعليق العمل والراتب بين 11 و30 يومًا، أو فرض غرامة مالية. وبما أن راتب تير شتيغن يتجاوز 100 ألف يورو شهريًا، فإن الغرامة القصوى التي يمكن أن يفرضها النادي عليه تصل إلى 340 ألف يورو، بحسب تصنيف النسب الواردة في الاتفاقية الجماعية بين الرابطة والنقابة. رئيس برشلونة السابق يفاضل بين راشفورد ونيكو ويليامز اقرأ المزيد حماية قانونية ورد مرتقب من النقابة وفي المقابل، فإن تير شتيغن يتمتع بحقوق قانونية يحميها قانون حماية البيانات الشخصية وحقوق الرقمنة في إسبانيا، والتي تتيح له رفض مشاركة معلوماته الصحية أو الشخصية من دون موافقته الصريحة، باعتبارها بيانات حساسة. وأكدت الصحيفة أن اتحاد اللاعبين (AFE) يتابع القضية عن كثب، حيث يبقى على تواصل دائم مع الحارس الألماني، وينتظر ما ستؤول إليه التطورات لاتخاذ موقف رسمي في حال تمادت إدارة برشلونة في الإجراءات التأديبية.


لكم
منذ 6 ساعات
- لكم
بارتي لاعب أرسنال السابق يمثل أمام محكمة بريطانية بتهم اغتصاب واعتداء جنسي
ظهر توماس بارتي لاعب وسط أرسنال السابق في محكمة بلندن يوم الثلاثاء بعد اتهامه باغتصاب امرأتين خلال فترته مع النادي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. ووجهت المحكمة للدولي الغاني بارتي، خمسة اتهامات متعلقة باغتصاب امرأتين بالإضافة للاتهام باعتداء جنسي على امرأة ثالثة، في الفترة من أبريل 2021 إلى يونيو 2022. وجلس اللاعب (32 عاما) في قفص الاتهام في محكمة وستمنستر مرتديا ملابس سوداء خلال جلسة استماع قصيرة وتحدث فقط لتأكيد اسمه وتاريخ ميلاده وعنوانه. وقالت المدعية العامة جوسلين ليدوارد إن اثنين من الاتهامات التي يواجهها بارتي تزعم اغتصابه إحدى المشتكيات من الدبر أثناء ممارسة الجنس بالتراضي في مناسبات منفصلة. وتتعلق التهم الثلاث الأخرى بالمرأة الثانية المتهم بارتي باغتصابها في ثلاث مناسبات، مرتين في بريطانيا ومرة في إسبانيا. ولم يُطلب من بارتي التقدم بأي التماس بشأن أي من الاتهامات. وأطلق سراحه بكفالة على أن يمثل مرة أخرى أمام محكمة أولد بيلي بلندن في الثاني من شتنبر المقبل. وقال محاميه في وقت سابق في بيان إن بارتي ينفي الاتهامات ويرحب بفرصة تبرئة ساحته. وانضم بارتي إلى أرسنال قادما من أتليتيكو مدريد مقابل 50 مليون يورو (57.7 مليون دولار) عام 2020 وأصبح لاعبا أساسيا في الفريق الأول للنادي الإنجليزي وخاض 52 مباراة في كافة المسابقات الموسم الماضي. وأُلقي القبض عليه لأول مرة في يوليوز 2022، رغم عدم الإفصاح عن اسمه آنذاك، واستمر في اللعب مع أرسنال أثناء التحقيقات. وانتهى عقده مع النادي الإنجليزي الشهر الماضي. وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن بارتي يقترب من الانضمام إلى فياريال الإسباني في صفقة مجانية، وقال القاضي بول جولدسبرينج خلال جلسة الاستماع يوم الثلاثاء إن الدولي الغاني سينتقل قريبا إلى إسبانيا.


طنجة 7
منذ 7 ساعات
- طنجة 7
محاكمة توماس بارتي بتهمة اغتصاب امرأتين
ظهر توماس بارتي لاعب وسط أرسنال السابق في محكمة بلندن اليوم الثلاثاء بعد اتهامه باغتصاب امرأتين. هذا حدث خلال فترته مع النادي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. ووجهت المحكمة للدولي الغاني بارتي، خمسة اتهامات متعلقة باغتصاب امرأتين. بالإضافة إلى ذلك، هناك اتهام باعتداء جنسي على امرأة ثالثة، وذلك في الفترة من أبريل 2021 إلى يونيو 2022. وجلس اللاعب (32 عاما) في قفص الاتهام في محكمة وستمنستر مرتديا ملابس سوداء خلال جلسة استماع قصيرة. وتحدث فقط لتأكيد اسمه وتاريخ ميلاده وعنوانه. وقالت المدعية العامة جوسلين ليدوارد إن اثنين من الاتهامات التي يواجهها بارتي تزعم اغتصابه إحدى المشتكيات من الدبر. حدثت هذه الاعتداءات أثناء ممارسة الجنس بالتراضي في مناسبات منفصلة. وتتعلق التهم الثلاث الأخرى بالمرأة الثانية المتهم بارتي باغتصابها في ثلاث مناسبات، مرتين في بريطانيا ومرة في إسبانيا. ولم يُطلب من بارتي التقدم بأي التماس بشأن أي من الاتهامات. وأطلق سراحه بكفالة على أن يمثل مرة أخرى أمام محكمة أولد بيلي بلندن في الثاني من سبتمبر أيلول المقبل. وقال محاميه في وقت سابق في بيان إن بارتي ينفي الاتهامات ويرحب بفرصة تبرئة ساحته. وانضم بارتي إلى أرسنال قادما من أتليتيكو مدريد مقابل 50 مليون يورو (57.7 مليون دولار) عام 2020. أصبح لاعبا أساسيا في الفريق الأول للنادي الإنجليزي وخاض 52 مباراة في كافة المسابقات الموسم الماضي. وأُلقي القبض عليه لأول مرة في يوليو تموز 2022. رغم عدم الإفصاح عن اسمه آنذاك، استمر في اللعب مع أرسنال أثناء التحقيقات. وانتهى عقده مع النادي الإنجليزي الشهر الماضي. وذكرت وسائل إعلام بريطانية أن بارتي يقترب من الانضمام إلى فياريال الإسباني في صفقة مجانية. وقال القاضي بول جولدسبرينج خلال جلسة الاستماع اليوم إن الدولي الغاني سينتقل قريبا إلى إسبانيا. رويترز تابعوا طنجة7 على صفحتنا بموقع فيسبوك. وعلى منصة إنستغرام. إضافة لمنصة X وتطبيق نبض