logo
تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين

تداعيات معارك ترامب.. الولايات المتحدة تواجه خطر فقدان نفوذها في القارة مع توسّع نفوذ الصين

البوابة٢٣-٠٤-٢٠٢٥

فيتنام وتايلاند وماليزيا تتجه إلى بكين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية.. وواشنطن تبدو أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقر
إصرار الرئيس الأمريكى على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية أفقد الثقة فى البيت الأبيض كشريك أمنى موثوق
فى عهد الرئيس دونالد ترامب، انحرفت السياسة الأمريكية تجاه آسيا إلى اتجاه غير متماسك وغير مُجدٍ، ما أدى إلى تفاقم التحديات التى تدفع المنطقة نحو الصين. هذا التحول، الذى اتسم بالرسوم الجمركية والعزلة الاقتصادية الذاتية والسياسة الخارجية غير المتوقعة، يهدد بتقويض الأمن والقيادة الاقتصادية للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهى منطقة كانت دائمًا حجر الزاوية فى النفوذ الأمريكي.
لأكثر من سبعة عقود، اعتمدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على الولايات المتحدة كضامن أمنى وشريك اقتصادى رئيسي. ومع ذلك، فى السنوات الأخيرة، تعطلت هذه الديناميكية. فالصعود السريع للصين كقوة اقتصادية جعلها الشريك التجارى المهيمن للعديد من دول المنطقة، ما قلل من نفوذ الولايات المتحدة. لقد ساهم فرض ترامب تعريفات جمركية صارمة على الصين، وخطابه "أمريكا أولًا"، وانسحابه من اتفاقيات تجارية رئيسية مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، فى تسريع هذا التراجع الأمريكى. وبحلول نهاية عام ٢٠٢٤، حلت الصين محل الولايات المتحدة كشريك تجارى رئيسى لمعظم الدول الآسيوية، حيث نمت التجارة البينية إلى ما يقرب من ٦٠٪ من إجمالى التجارة فى آسيا.
فى حين أن سياسات ترامب التجارية تهدف إلى كبح هيمنة الصين وإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذه الجهود كانت غير متسقة وغير فعالة إلى حد كبير. كان الهدف من التعريفات الجمركية هو الإضرار بالصين، لكنها عطّلت أيضًا الأعمال التجارية فى جميع أنحاء آسيا، وخاصة فى دول مثل فيتنام وتايلاند وماليزيا، التى أصبحت وجهات مهمة لإعادة التصنيع إلى الوطن فى إطار مبادرة "الصين +١". وبينما تكافح هذه الدول للتكيف مع المشهد التجارى المتغير، يتجه الكثير منها إلى الصين للتعاون الاقتصادى والشراكات الأمنية، حيث تبدو الولايات المتحدة أقل التزامًا بنظام إقليمى مستقر.
السياسة الأمنية
فيما يتعلق بالتعاون العسكري، لا تزال السياسة الأمنية الأمريكية جزءًا أساسيًا من علاقتها مع حلفائها الآسيويين. تواصل الولايات المتحدة دعم اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين فى جهودها لمواجهة ما تسميه "التدخل الصيني"، لا سيما فى بحر الصين الجنوبى وعلى طول محيط تايوان. ومع ذلك، فإن دمج سياسات ترامب الاقتصادية مع التزاماته الأمنية خلق انطباعًا بعدم الاتساق.. على سبيل المثال، أرسلت مطالبات ترامب لليابان بزيادة نفقاتها الدفاعية، مع الضغط عليها فى الوقت نفسه بشأن التجارة، إشارات متضاربة. كما أدت التوترات مع كوريا الجنوبية بشأن تكلفة تمركز القوات الأمريكية وقضية الإنفاق الدفاعى إلى تصدعات فى العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
علاوة على ذلك، فإن إصرار ترامب على ربط الإنفاق الدفاعى بالاتفاقيات التجارية، والذى تجلى مؤخرًا فى نهجه تجاه اليابان، قد قوّض الثقة فى الولايات المتحدة كشريك أمنى موثوق. مع تزايد الضغوط الصينية على القوى الإقليمية، يتضاءل ثقتها بالدعم الأمريكي، لا سيما فيما يتعلق بمخاوف وجودية مثل أمن تايوان. ويزيد عدم القدرة على التنبؤ بسياسة ترامب الخارجية من حالة عدم اليقين.
كما أدى نهج ترامب إلى تراجع كبير فى القوة الناعمة الأمريكية فى المنطقة. ويشير تفكيك وكالات مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وإذاعة صوت أمريكا، اللتين دأبتا على الترويج للقيم والثقافة الأمريكية، إلى تراجع فى القيادة العالمية. وقد ترك هذا الانسحاب فراغًا تسعى الصين جاهدةً لملئه، مستخدمةً مبادرة الحزام والطريق وغيرها من الجهود الدبلوماسية لكسب النفوذ فى آسيا وخارجها.
كان التأثير النفسى على الحلفاء عميقًا. فعلى سبيل المثال، أعرب وزير الدفاع السنغافورى عن أسفه لتحول الولايات المتحدة من "محرر" إلى "مُخرب كبير"، بينما أعرب رئيس الوزراء الأسترالى السابق مالكولم تورنبول عن مخاوفه من أن قيم الولايات المتحدة لم تعد تتوافق مع قيم أستراليا. تتزايد شيوع هذه المشاعر فى منطقة كانت تعتبر الولايات المتحدة شريكًا لا غنى عنه.
تنظيم الصفوف
ردًا على تحوّل دور الولايات المتحدة، تتجه العديد من الدول الآسيوية نحو الصين للتجارة والاستثمار، حتى أن بعضها يناقش اتفاقيات تجارية جديدة قد تستبعد الولايات المتحدة. ويُعدّ سعى الصين للانضمام إلى اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP)، وجهودها للتنسيق مع كوريا الجنوبية واليابان بشأن اتفاقية تجارية ثلاثية، من المؤشرات الرئيسية على هذه الديناميكية الإقليمية الجديدة. إن النفوذ الاقتصادى للصين، إلى جانب توسع نفوذها العسكري، يضعها فى موقع اللاعب الأهم فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يُبقى الولايات المتحدة مهمّشة بشكل متزايد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد احتمالية التخلى عن الدولار الأمريكى فى التجارة الدولية يُقوّض الهيمنة المالية العالمية للولايات المتحدة بشكل أكبر. ومع سعى البلدان إلى إيجاد بدائل للدولار، وخاصة فى تعاملاتها مع الصين، فإن نفوذ الولايات المتحدة فى آسيا قد يتضاءل بشكل أكبر.
عواقب استراتيجية
أحدثت سياسات ترامب مفارقة فى آسيا. ففى حين أن موقف إدارته المتشدد ضد الصين قد زاد من حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، إلا أنه دفع أيضًا العديد من الدول الآسيوية إلى التقارب مع الصين اقتصاديًا ودبلوماسيًا. ومن خلال تقويض العلاقات التجارية والقوة الناعمة، ومطالبة حلفائها بالمزيد من الإنفاق الدفاعي، أضعف ترامب، دون قصد، مكانة الولايات المتحدة فى المنطقة. ومع استمرار الصين فى تعزيز نفوذها، تُخاطر الولايات المتحدة بالتهميش فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتزايد عدم اليقين بشأن دورها كشريك اقتصادى وأمنى رائد.
لكى تستعيد الولايات المتحدة مكانتها فى آسيا، يجب عليها إعادة تقييم نهجها، والانتقال من التعريفات الجمركية والمواجهة إلى استراتيجية أكثر توازنًا تُعيد إشراك المنطقة من خلال التعاون الاقتصادي، والاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، والالتزامات الأمنية الثابتة. إذا لم يحدث هذا التحول، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها فى دور متضائل، مع هيمنة الصين الراسخة على مستقبل آسيا.
*فورين بوليسى

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: سنكتشف إذا كان بوتين يتلاعب بنا أم لا
ترامب: سنكتشف إذا كان بوتين يتلاعب بنا أم لا

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

ترامب: سنكتشف إذا كان بوتين يتلاعب بنا أم لا

واشنطن - رويترز عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، عن تردده بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا قائلاً، إنه لا يريد أن تتعارض العقوبات مع التوصل إلى وقف إطلاق النار، مبدياً خيبة امله من تسبب الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين في تأخر المفاوضات. وفي حديثه مع الصحفيين في المكتب البيضاوي، ذكر ترامب حول العقوبات: «إذا كنت أعتقد أنني على وشك التوصل إلى اتفاق، فأنا لا أريد إفساد الأمر بفعل ذلك». وقال ترامب أيضاً إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما تعمد تأخير المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في الحرب في أوكرانيا، وعبر عن خيبة أمله بسبب القصف الروسي. وذكر ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: «سنكتشف ما إذا كان يتلاعب بنا أم لا، وإذا كان يفعل ذلك، فسنرد بشكل مختلف قليلاً».

تقرير: ترامب يأمر مصممي رقائق أمريكيين بالتوقف عن البيع للصين
تقرير: ترامب يأمر مصممي رقائق أمريكيين بالتوقف عن البيع للصين

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

تقرير: ترامب يأمر مصممي رقائق أمريكيين بالتوقف عن البيع للصين

واشتطت - رويترز كشفت صحيفة «فاينانشال تايمز»، الأربعاء، عن أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أمرت شركات أمريكية تقدم برامج تستخدم في تصميم أشباه الموصلات بالتوقف عن بيع خدماتها للمجموعات الصينية. وأضاف التقرير، أن مجموعات التصميم الآلي الإلكتروني، والتي تشمل «كيدانس» و«سينوبسيس» و«سيمنس إي.دي.إيه»، تلقت أمراً من وزارة التجارة بالتوقف عن توريد تقنياتها. وانخفضت أسهم كيدانس 10 %، وتراجعت أسهم «سينوبسيس» 11% بعد صدور التقرير. وبحسب أشخاص استشهدت بهم الصحيفة صدر الأمر للشركات من مكتب الصناعة والأمن. وقال متحدث باسم وزارة التجارة الأمريكية، إن الوزارة تراجع الصادرات ذات الأهمية الاستراتيجية للصين، مشيراً إلى أنه «في بعض الحالات، علقت وزارة التجارة تراخيص تصدير حالية أو فرضت متطلبات ترخيص إضافية أثناء إجراء المراجعة». وتعتمد «سينوبسيس» على الصين في حوالي 16% من إيراداتها السنوية، بينما تمثل الصين حوالي 12% من إيرادات «كيدانس» السنوية.

طفرة النفط الصخري في أمريكا تقترب من نهايتها
طفرة النفط الصخري في أمريكا تقترب من نهايتها

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

طفرة النفط الصخري في أمريكا تقترب من نهايتها

وذلك استنادا إلى المسح ربع السنوي للطاقة الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي في دالاس. وقال هربرت فوغل، الرئيس التنفيذي لشركة «إس إم إنرجي» في دنفر، في مؤتمر للطاقة في فورت وورث: «الكلمة السائدة الآن هي: اصمدوا». وبينما تعهد ترامب بـ«إطلاق العنان» للمزيد من عمليات التنقيب والإنتاج سعياً لتحقيق «هيمنة طاقة» للولايات المتحدة، فإن الإنتاج، الذي بلغ مستويات قياسية في عهد سلفه جو بايدن، قد يواصل الهبوط إذا استمر تراجع الأسعار. ويتوقع أن تعمد عدة شركات إلى مزيد من التقليصات إذا هبط سعر الخام إلى 50 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الذي يرى مسؤولو إدارة ترامب أنه سيسهم في كبح التضخم. وارتفع سعر أنابيب التغليف المعدنية المستخدمة في تبطين الآبار، وهي أكبر تكلفة في عمليات الحفر، بنسبة 10% خلال الربع الماضي وحده. وقال جيم روجرز، الشريك في شركة الاستشارات المالية «بتري بارتنرز» في هيوستن: «يجب التركيز على توزيعات الأرباح، فهي بمثابة أمر مقدس في مثل هذه الظروف».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store