logo
هوس نتنياهو وخيارات المنطقة

هوس نتنياهو وخيارات المنطقة

الشرق الأوسط٢١-٠٧-٢٠٢٥
مفهومُ الدَّولة في ميثاق الأممِ المتحدة ينطوي على الاعتراف بحدودٍ واضحةٍ وبسيادةٍ للدولة، وكانت ولادةُ المفهومِ في أوروبا بعد حرب الثلاثين عاماً الدينية؛ ولكيلا يتقاتل الأمراءُ آنذاك اتَّفقوا على قيامِ إماراتٍ بحدودٍ ثابتةٍ، وعلى المقيمينَ فيها من ديانات متنازعة الخضوعُ لأمير الإمارة، ومن لا يريد يغادر إلى سلطة أميرٍ آخر يحمل معتقدَه. هكذا خرجت أوروبا من دائرة الاقتتال والتنازع إلى الاستقرار والأمان. أمَّا في عالمنا العربي فلا تزال للأسف فكرة مفهوم الدَّولة غير مستقرة، ولا تزال آيديولوجية المعتقد، أو القبيلة، سائدةً، ومعه تغدو الحدودُ مطاطيةً قابلةً للتَّمدّدِ أو الانكماش؛ طراوة المفهوم تحوَّلت صنارةً تصطادُ بها دولٌ ذاتُ أطماع أقلياتٍ دينية وعرقية لتحقيقِ مصالحها الخارجية على حساب السيادة والحدود. لذلك شدَّدَ ميثاقُ الأمم المتحدة على أنَّ الحدودَ مقدسة، وأنَّ التَّدخلَ في الشؤون الداخلية للدول انتهاكٌ سافر، وبقيت نصوصُه بالممارسة حبراً على ورق.
التَّدخلُ الإسرائيلي الأخير في السويداء وقصف قوى الأمن السورية، وكذلك العاصمة، والتهديدُ للحكومة السورية الوليدة بإسقاطها، يؤشر إلى رغبة بانتهاك الميثاق وبالذَّات قدسية الحدود، وعدم التدخل في الأمور الداخلية للدول. بهذا يكرّس نتنياهو أنَّ أي دولةٍ لها الحق بأن تفرضَ منطقَها على أخرى بحجة حماية أقلية، أو تحصين أمنِها القومي. لكنَّه في حمأةِ فائضِ القوة، وتمكنه من الإفلات من العقاب في غزة، نسي أنَّ هذه المنطقة رمالُها متحركة، وتعقيداتها أكثر مما يتصورها، ومنها أن الدروز ليسوا كتلة متراصة إزاء مشاريعه، والعرب لا يرغبون في سلام متفجر معه، وتركيا لن ترضى بتوسعه على حساب أمنها في سوريا. فالعرب من باب البراغماتية، بعد قضم ميليشيات إيران لسيادة دولهم، وبعد الربيع العربي وتبعاته، مالوا للمصالحة من باب الواقعية مع إسرائيل ليتفاجأوا أنها أصبحت أكثر تغولاً على مفهوم الدولة. فإيران تسترت دائماً بقناع الميليشيات، بينما إسرائيل تجاهر بقصف قصر رئيس عربي، وتدمر هيئة الأركان لدولة خرجت للتو من هيمنة التدخل الإيراني، كانت إسرائيل تتذرع أنه تهديد لها؛ فإذا هي بعد كل التنازلات التي قدمها الرئيس السوري الجديد من سكوت على احتلال للجولان والتوسع باتجاه مدينة دمشق، وتسليم متعلقات تعود للجاسوس كوهين، وقبول سلام متدرج شرط استعادة الأراضي السورية المحتلة، وقبول حل عادل للقضية الفلسطينية، يجد نفسه مهدداً بالموت من طائراتها، وموصوفاً بالتطرف، رغم اعتراف كل الدول به.
إنَّ مصير الدول مرتبط عادة بسيكولوجيا قادتها، ونتنياهو، بعد عشرين عاماً في السلطة، يريد أن يكون صانع معجزات لشعب إسرائيل، وقاهراً لكل أعدائها، ولن يرضى بسلام إنَّما فقط باستسلام؛ لذلك طلب من الرئيس الشرع أن ينسى الجولان ومساحات احتلها مؤخراً من جبل الشيخ، وألا يمارسَ سيادة الدولة في السويداء؛ وغداً سيمنعه من شراء طائرات أو منظومات دفاعية بحجة أنها ستهدد أمنه. وبجانب هذه النزعة القيادية التاريخية يعاني نتنياهو من عقدة خطيرة: هوس الخوف. هذا الهوس المرضي يسبب مشكلة أكبر لمن يحيطون به لأنَّهم سيتخوفون منه أكثر، وسيضطرون إلى الاستعداد بكل ما لديهم لمواجهته، وبهذا تصبح المعركة حتميةً ودمويةً وعصيةً على الحل. نتنياهو المهووس هو مشكلة أيضاً للولايات المتحدة وأوروبا اللتين تدعمانه؛ وقد نشر موقع «المونيتر» الإخباري عن مسؤولين أميركيين قولهم لنتنياهو: «لا يمكنك أن تدخل حرباً جديدةً كل بضعة أيام. نحن نحاول إطفاء اللهب، وتخفيض الحروب وأنت تزيدهما»؛ وأوروبا كذلك بدأت تخجل من إسرائيل، التي كانت تتباهى بأنَّها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
لقد تعدَّت تجاوزات نتنياهو ما يُسمى في علم الاقتصاد «الإشباع الحدي»، بمعنى أنَّه وصل قمة الإشباع، بالتالي سيبدأ حتماً رحلة العد التنازلي، ولأسباب أهمها أنه أثبت للجميع أنَّ السلام يتحقق فقط بتوازن القوى وإلا أصبح استسلاماً، وبرهن للولايات المتحدة على أنَّه عقبة أمام رؤية ترمب للسلام في المنطقة؛ وثبت لأوروبا أنَّه لطخة عارٍ على الديمقراطية والإنسانية؛ ودفع تركيا الأطلسية إلى التكشير عن أنيابها حمايةً لمصالحها، والتقرب أكثر من العرب. كما دفع الشرع للتهديد المبطن أنَّ القتال حرفته، ولا يخاف مواجهته لحماية وحدة بلاده. وما رأيناه مؤخراً من تحرك للقبائل والعنف المتبادل أيقظ المعنيين بضرورة دعم الدولة السورية، وإلا فالعنف سيجر عنفاً، ويعود الأمر إلى ما كانت عليه سوريا في السابق على حساب أمن المنطقة وأميركا نفسها وأيضاً إسرائيل.
ثمة خياران لا غير: أن يتوقف نتنياهو عن هوسه، وعن فكرة الزعيم التاريخي، ويرضخ للمطالب المحقّة في المنطقة، ويصبح مثل غيره، يحترم مفهومَ الدولة، وسيادتها، ويقبل بالتعايش مع الحق الفلسطيني، أو يرفس هذه المصطلحات كلها لإقامة إسرائيل الكبرى، والكوارث التي سيجنيها من جرَّاء ذلك.
إنْ اختار الأول عاش بسلام، وإلا سيدرك بعد فوات الأوان أنَّ مُشعلَ النار لا يستطيع إطفاءَها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصدر تركي: «قسد» لا تتصرف وفقاً لاتفاقية الدمج مع الحكومة السورية
مصدر تركي: «قسد» لا تتصرف وفقاً لاتفاقية الدمج مع الحكومة السورية

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 دقائق

  • الشرق الأوسط

مصدر تركي: «قسد» لا تتصرف وفقاً لاتفاقية الدمج مع الحكومة السورية

صرح مصدر في وزارة الدفاع التركية، اليوم الخميس، بأن «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي يقودها الأكراد، لا تلتزم باتفاقية وقعتها مع الحكومة السورية هذا العام للانضمام إلى مؤسسات الدولة، وأن الاشتباكات الأحدث بينها وبين القوات الحكومية تُضر بوحدة سوريا، وفق ما أوردته وكالة «رويترز». وتعتبر تركيا «قسد»، المدعومة من الولايات المتحدة، منظمة إرهابية وأكدت مراراً أنها تتوقع منها الالتزام بالاتفاقية ونزع سلاحها والاندماج في كيان الدولة السورية. وقال المصدر للصحافيين: «لم يغب عن بالنا أن صوت (منظمة سوريا الديمقراطية) الإرهابية ارتفع، مدفوعاً بالاشتباكات في جنوب سوريا»، في إشارة إلى القتال بين عشائر درزية وبدوية الشهر الماضي. وأضاف: «هجمات (منظمة سوريا الديمقراطية) الإرهابية في ضواحي منبج وحلب ضد الحكومة السورية في الأيام القليلة الماضية تُلحق الضرر بالوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها».

بري: الورقة الأميركية تغيرت بين النسختين الثانية والثالثة
بري: الورقة الأميركية تغيرت بين النسختين الثانية والثالثة

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 دقائق

  • الشرق الأوسط

بري: الورقة الأميركية تغيرت بين النسختين الثانية والثالثة

أكدت مصادر رئيس البرلمان نبيه بري لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع دقيق» في لبنان مع انعقاد الحكومة للمرة الثانية هذا الأسبوع للنظر في «الورقة الأميركية»، التي وصلت نسخة جديدة منها إلى المسؤولين اللبنانيين، وتتعلق بسحب سلاح «حزب الله» الذي أعلنت الحكومة في جلسة الثلاثاء الماضي نيتها سحبه قبل نهاية العام الحالي. وأكدت المصادر أن مسودة ورقة براك التي انتشرت في لبنان، وتتلخص بثلاثة جوانب متصلة بالوضع الأمني مع إسرائيل والحدود معها ومع سوريا، والجدول الزمني الذي نصت عليه لتطبيقها، «صحيحة»، مضيفة: «بل تتضمن أكثر من ذلك.. هناك أمور أكثر مرارة منها»، ونقلت المصادر عن بري قوله إن «المشكلة تتمثل في الفارق بين النسخة الثانية والنسخة الثالثة (من الورقة الأميركية) التي تغيرت إثر انتقالها من مالك إلى هالك...». ولفتت المصادر إلى أن بري «يحاول أن تُحلّ القصة بشكل يفيد الجميع»، بانتظار ما ستسفر عنه جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد بعد ظهر اليوم الثلاثاء في القصر الجمهوري. وأكدت المصادر أن الوزراء الشيعة «بالتأكيد سيشاركون بجلسة الحكومة»، وذلك «للتنبيه من المخاطر التي تحيط بلبنان» جراء الورقة الأميركية. وأوضحت المصادر أن «هناك أموراً ضد لبنان ومصلحته واقتصاده وحدوده، وضد مناطق من لبنان، لذلك سينبّه الوزراء منها في الجلسة». ورفضت المصادر الحديث عن السيناريوهات المحتملة، في حال أصرت الحكومة على موقفها ومضت في المسار الذي بدأته يوم الثلاثاء الماضي، مكتفية بالقول: «عندها لكل حادث حديث».

العالم يتغير .. كيف تستعد الدول لرفع سن التقاعد؟ ولماذا تضطر لهذه الخطوة؟
العالم يتغير .. كيف تستعد الدول لرفع سن التقاعد؟ ولماذا تضطر لهذه الخطوة؟

أرقام

timeمنذ 5 ساعات

  • أرقام

العالم يتغير .. كيف تستعد الدول لرفع سن التقاعد؟ ولماذا تضطر لهذه الخطوة؟

عندما يتقاعد الملياردير "وارن بافت" من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة "بيركشاير هاثاواي" بنهاية العام الجاري – مع استمراره رئيسًا لمجلس الإدارة – سيكون قد بلغ 95 عامًا، وهو فارق شاسع عن متوسط سن التقاعد في الولايات المتحدة البالغ 65 عامًا فقط. "بافت"، المعروف بلقب "المستثمر الحكيم"، اعتبر أن تحديد الملياردير "برنارد أرنو" سن التقاعد من منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "إل في إم إتش" عند 80 عامًا "خطأً"، واصفًا هذا السن بأنه "منخفض للغاية". هذا التوجه الذي يمجّد العمل الممتد يتقاطع مع أفكار تاريخية مثل تلك التي عبّر عنها "تشارلز إيفانز هيوز"، وزير الخارجية الأمريكي السابق ومرشح الرئاسة قبل أكثر 100 عام، حين قال: "أنا أؤمن بالعمل الجاد، وساعات العمل الطويلة؛ إذ لا ينهار الرجال من فرط العمل، بل من القلق والتبذير." في المقابل، يرى كثيرون أن هذه النظرة تُهمّش حقوق الطبقة العاملة، وتُغفل أهمية تحقيق التوازن بين الإنتاج ورفاهية الإنسان، مؤكدين أن العمل طوال الحياة لا يجب أن يكون معيارًا للجدارة أو النجاح. للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام في الواقع، لم تعد النظرة للعمل الممتد مجرد رأي فردي أو فلسفة نخبوية، بل أصبحت نهجًا واضحًا تتبناه الحكومات في أنحاء مختلفة من العالم، فمع تزايد متوسط الأعمار، وتباطؤ نمو القوة العاملة، تكشف البيانات الحديثة عن اتجاه عالمي لرفع سن التقاعد وتشجيع الأفراد على البقاء في سوق العمل لفترة أطول. واللافت أن هذا التوجه لا يقتصر على الدول المتقدمة، بل يشمل أيضًا اقتصادات ناشئة تواجه ضغوطًا مالية وديموغرافية متزايدة. وبذلك، لم تعد سنوات ما بعد الستين تعني بالضرورة بداية "الاستراحة الطويلة"، بل قد تمثل بداية فصل جديد من العمل، تفرضه الحسابات الاقتصادية أكثر من اختيارات الأفراد أو الرغبة في البحث عن السعادة. تحول كبير - تراجع متوسط سن التقاعد للرجال في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 62.5 عام بحلول 1993 من 64.3 عام في 1949، قبل أن يقفز إلى 64.4 عام في 2022 مع توقعات بأن يصل إلى 66.3 عام لأولئك الذين بدأوا مسيرتهم المهنية في 2022. - في الوقت نفسه، ارتفع متوسط العمر المتوقع عالميًا إلى 66 عامًا في بداية القرن الجاري من 46.5 عام في منتصف القرن العشرين، ويُتوقع ارتفاعه إلى 76 عامًا بحلول عام 2050، وفقًا لشعبة السكان التابعة للأمم المتحدة. - نتيجةً لذلك، تُعيد بعض الدول النظر في سن التقاعد وتُجري تعديلات عليه، وفي عام 2023، رفعت فرنسا الحد الأدنى لسن التقاعد القانوني إلى 64 من 62 عامًا، (خطوة أثنى عليها الملياردير "إيلون ماسك" رغم الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق). - في سبتمبر 2024، أقرّت الصين خطة مماثلة لتغيير سن التقاعد القانوني لأول مرة منذ خمسينيات القرن الماضي، لترفع سن التقاعد للرجال إلى 63 من 60 عامًا، وللنساء إلى 55-58 من 50-55 عامًا. - أيضًا أقر البرلمان الدنماركي في مايو، قانونًا لرفع سن التقاعد تدريجيًا إلى 70 من 67 عامًا بحلول 2040، في خطوة تهدف إلى جعل سن التقاعد أكثر توافقًا مع متوسط العمر المتوقع. - تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه بحلول عام 2060، سيقترب متوسط سن التقاعد داخل الاتحاد الأوروبي من 67 عامًا، مع وصوله في العديد من الدول إلى 70 عامًا أو أكثر (74 عامًا في الدنمارك). - لا يتوقف الأمر على الدول المتقدمة، حيث قال وزير المالية الباكستاني "محمد أورنجزيب" في 2024، إنه يجب اتخاذ خطوات للسيطرة على تكاليف المعاشات التقاعدية التي باتت تُشكّل "عبئًا كبيرًا"، مضيفًا: "أصبح العمر الآن مجرد رقم، وعمر الستين هو الأربعين الجديد". ضرورة ملحة للبعض - مع إعادة تعريف البلدان لخط نهاية المسيرة المهنية لمواطنيها، فإننا على أعتاب إعادة تصميم عالمية لكيفية عيش السكان وكسبهم، وهذه الدول المذكورة سلفًا ليست مجرد شذوذ بل مؤشرات على اتجاه آخذ في النمو عالميًا. - قد تثير فكرة تمديد الحياة العملية نقاشًا حادًا في الهيئات التشريعية والبرلمانات وقاعات الاجتماعات وحتى على طاولات المطبخ وفي المقاهي، لكن تحت التوتر الاجتماعي والسياسي تكمن فرصة سوقية لا يمكن إنكارها. - إن الاتجاه الهبوطي في معدلات المواليد، لا يترك للعديد من البلدان خيارات كثيرة، ولم يعد التقاعد خط نهاية ثابتًا مثل الخط الذي حدده المستشار الألماني "أوتو فون بسمارك" منذ أكثر من قرن، وهو الآن (إن جاز التعبير) هدف متحرك يتشكل وفقًا لمتوسط العمر المتوقع والاقتصاد والضرورة. - في الدنمارك، يبلغ عمر حوالي 21% من السكان 65 عامًا أو أكثر، فيما يشكل الأطفال دون سن 15 عامًا أقل من 16% من السكان، كما تواجه الصين وضعًا ديموغرافيًا غير مسبوق، حيث سيتجاوز 40% من سكانها سن التقاعد بحلول عام 2035. - مع بلوغ متوسط العمر المتوقع 78 عامًا في الصين و82 عامًا في الدنمارك، فإن نماذج التقاعد التقليدية في تراجع، ويجب أن تتطور الأنظمة التي تدعم العمل، لكن إذا أراد أصحاب العمل وصانعو السياسات ازدهار شركاتهم وبلدانهم، فلا يكفي تمديد عمر التقاعد، بل يجب عليهم إعادة هيكلة الأنظمة ذات الصلة. - تخيل عامل بناء يبلغ 65 عامًا، وكتفيه تؤلمانه، كيف سيفكر في التقاعد بعمر السبعين؟ هنا يجب أن تلتقي السياسات بالواقع، وتدرك الدنمارك والصين هذا الأمر وقد أدرجتا فئات العمال والتقاعد التدريجي في سياساتهما. كيف يُخطط لهذه الخطوة؟ - مع ازدياد عمر السكان ومدة عملهم، يجب أن تتطور كيفية تصميم أماكن العمل، وتطوير العملية التعليمية، وضمان الصحة، وإدارة التحولات المالية، وبالنسبة للمستثمرين وصانعي القرار في الشركات، هذه ليست قصةً عابرة، بل هي واقعٌ قائمٌ بالفعل. - يتطلب إطالة أمد الحياة العملية إعادة تصميم العمليات والمساحات والأدوار، سواء كان الموظفون كبار السن في المكاتب أو المصانع أو بيئات الخدمات، فهم بحاجة إلى أماكن عمل مريحة، وأدوات مناسبة لكبار السن، وحتى إضاءة مناسبة لأعينهم. - في قطاعي التصنيع والبناء، لا تُعتبر الروبوتات التعاونية والهياكل المساعدة مجرد ابتكارات مستقبلية، بل هي أساسية، ويُظهر اعتماد الدنمارك المبكر لأنظمة بيئة العمل والسلامة، واستثمار الصين في الروبوتات الصناعية (تُمثل 51% من المنشآت العالمية)، حجم هذه الفرص الاستثمارية والطلب عليها. - لا يمكن لأحد أن يصدق أن التعليم الجامعي أو المهني الذي حصل عليه الشخص في سن المراهقة سيظل مناسبًا لبيئة العمل المتغيرة عندما يتجاوز الأربعين من عمره، فما بالك بتجاوزه الستين، لذلك ستكون إعادة تأهيل الموظفين ضرورة. - أيضًا ستكون الرعاية الصحية الاستباقية ضرورة استراتيجية، حيث يجب إجراء الفحوصات السنوية، والمراقبة الطبية المستمرة، وتقديم الخدمات الصحية في الموقع، وتطبيق برامج المرونة النفسية، وإدخال الأجهزة الصحية القابلة للارتداء والأنظمة البيئية لتتبع الإرهاق. - هذه بعض التحديات والفرص، لكن إطالة الحياة العملية يتطلب تفكيرًا شاملًا، ليس فقط بشأن مكان العمل، وإنما أيضًا بشأن ما يتعلق بحياة من يعملون لفترات أطول، ويشمل استراتيجيات تتعلق بالسكن والنقل، لجعل حياة العاملين من كبار السن أكثر سهولة. - ختامًا، قد يكون العمل لفترة أطول مريحًا بل ومُلهمًا بالنسبة لملياردير يملك السيطرة الكاملة على وقته وقراراته، لكن عندما يأتي دور الأغلبية العظمى من القوة العاملة، فإن إطالة المسيرة المهنية بضع سنوات يتطلب إعادة صياغة السياسات وهيكلة الأنظمة بالكامل. - العمل لفترة أطول قد يكون ضرورة اقتصادية، لكنه لكي يكون ممكنًا وإنسانيًا، يجب أن يُعاد تصميمه بما يُنصف من لا يملكون رفاهية الخيارات. المصادر: أرقام- ماركت ووتش- بيانات وتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- يورو نيوز- يو إس نيوز- بزنس إنسايدر- فيجن أوف هيومنيتي- جو بانكينج ريتس- جود ريدز- بريني كوت- شات جي بي تي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store