logo
السودان: الأجسام المتفجرة تشوه أجساد 15 ألف طفل

السودان: الأجسام المتفجرة تشوه أجساد 15 ألف طفل

الشرق الأوسط٣٠-٠٧-٢٠٢٥
يرقد مؤزر منذر، ابن الـ15 عاماً على سريره دون حراك، لا يستطيع فعل شيء دون مساعدة والدته، أو أحد أفراد الأسرة، منذ 4 أشهر، بعد أن فقد أجزاء من أطرافه بانفجار «جسم متفجر» بينما كان جالساً على كرسي يستخدمه للإسهام في إعادة بناء جدار منزلة الذي تضرر بسبب الحرب.
في لحظة واحدة، تغيرت حياة مؤزر إلى الأبد. فقد بالانفجار معظم أصابع يده اليسرى، وبُتر جزء من كفه، وقطعت أجزاء من أصبعي السبابة والوسطى من يده اليمنى، وأصيبت قدمه اليمني بكسور مركبة وجروح عميقة، وتكسرت عظام اليسرى وقطع شريانها.
أُجريت لمؤزر عمليتان جراحيتان، ولا يزال ينتظر 3 عمليات إضافية، وهو يحتمل آلامه المبرحة المستمرة، وارتفاع درجة حرارة جسده بصبر وثبات، وتواجه أسرته، التي أفقرتها الحرب، مصاريف علاج تبلغ 86 ألف جنيه أسبوعياً، فقط لتنظيف الجراح تجنباً للالتهابات.
يقيم الطفل الجريح في منزل بمدينة أم درمان يفتقر إلى الكهرباء للاستقرار، والمرافق الصحية للدعم... ويغطي الشاش الأبيض قدميه المكسورتين، وعلى سطحه بقع دم متجددة، فيما وُضعت «مسطرة» على رجليه لتثبيت الكسور، فيرقد دون حراك.
مؤزر، رغم الألم، لا يزال يحمل أمنية صغيرة في قلبه، قالها لـ«الشرق الأوسط» بصوت خافت، وهو يكبت دموعه وآلامه: «أتمنى أن أشفى سريعاً. أريد فقط أن أعود إلى المدرسة، وأن ألعب كرة القدم مع أصدقائي مجدداً».
تتابع الوالدة: «بعد عودتنا من النزوح من الجزيرة إلى منزلنا في توتي، وجدنا أن (قوات الدعم السريع) هدمت جدار المنزل لإخراج (ركشات)، فقررنا ترميمه، وخرج مؤزر ليساعد في إعادة البناء... جلس على كرسي في ساحة المنزل، فانفجر الجسم المتفجر تحته».
وتستطرد: «حين حدث الانفجار، غطى الغبار المكان... خرجت مذعورة، ظننت أن طائرة مسيرة استهدفت الحي، ففوجئت بزوجي يحمل مؤزر وهو يصرخ (يا الله... يا الله)، كان منظراً مروعاً، كان جزء من كفه مقطوعاً، سريعاً نقلناه إلى (مستشفى السلاح الطبي)، ثم (مستشفى أم درمان)، وبقينا هناك لشهرين، كانت أياماً قاسية».
رغم الألم، كانت الأم تحاول إبقاء شعلة الأمل مشتعلة في قلب طفلها، تقول: «كل يوم أقول له غداً ستعود كما كنت يا مؤزر، فقط اصبر»، وتضيف: «اضطرت للبقاء في أم درمان بدلاً من العودة إلى توتي، بسبب توفر الكهرباء النسبي، وقرب المستشفى، للعناية بالجروح أو طلب الممرض إلى المنزل».
تواصل السيدة ليلى: «في أحد الأيام، زاره عدد من أصدقائه، لكنه رغم ألمه ودرجة حرارة جسده المرتفعة، سألني بصوت ضعيف: هل أعددت لهم وجبة الإفطار؟».
سؤال بسيط، لكنه يكشف حجم الروح الطيبة التي لا تزال تسكن هذا الجسد المتألم، تقول الأم المؤمنة بالقدر: «هذه إرادة الله، الحمد لله. كان جده هو من يجلس على ذلك المقعد، وبعد أن نهض عنه بثوانٍ جلس مؤزر، فانفجر الجسم».
في مارس (آذار) الماضي، قالت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)»، إن الأطفال في السودان «يقتلون ويشوهون ويهجّرون، مع تسجيل انتهاكات جسيمة يومياً»، وأشارت إلى أن 16 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة، وأن «الأثر النفسي على الأطفال مدمر، حيث يعيشون القلق والاكتئاب والصدمة بفعل النزاع والفقد والنزوح».
أما الأمين العام لـ«المجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان»، عبد القادر عبد الله، فقد أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن العمل جارٍ لحصر أعداد الأطفال الذين أُصيبوا بسبب الأجسام المتفجرة في مناطق النزاع، مشيراً إلى أن التقديرات الأولية «تفيد بأن عددهم تجاوز 15 ألف طفل».
في قلب هذا الجحيم، تحاول أُمُّ مؤزر أن تزرع الأمل في ابنها. لكن الأمل وحده لا يكفي. أطفال الحرب لا يحتاجون فقط إلى الدعاء، بل إلى رعاية طبية عاجلة، ودعم نفسي، وعدالة تحفظ لهم حق الحياة بكرامة.
في بلد مزّقته الصراعات، يرقد مؤزر اليوم حبيس الألم، لكن قلبه لا يزال ينبض بحلم صغير: «العودة إلى المدرسة، ولعب كرة القدم».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية
البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية

عكاظ

timeمنذ 9 ساعات

  • عكاظ

البرهان من الخرطوم: الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية

أكد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أن المعركة مستمرة حتى تحرير أرض السودان. وقال البرهان من مقر وزارة الداخلية السودانية في الخرطوم، التي وصلها، اليوم (الأربعاء): «نخوض الآن معركة حقيقية من أجل استقرار الأوضاع في البلاد». وأعلن أنه وجّه بضبط حمل السلاح داخل العاصمة الخرطوم. وأكد البرهان أن الجيش لن يتدخل في تفاصيل الحكومة المدنية. وكانت الأمم المتحدة جددت تحذيراتها من الأوضاع المتردية في السودان جراء الحرب المستمرة بين قوات الجيش والدعم السريع. وأكدت في بيان أن أطفال الخرطوم الذين يتضوّرون جوعاً باتوا جلداً على عظم، وأن آلاف العائلات العالقة في براثن الحرب قد تموت من الجوع في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب البلاد. ويعاني نحو 40% من الأطفال دون الخامسة من سوء تغذية حاد، من بينهم 11% مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وأعلنت المنظمة الدولية أنه في ولاية الخرطوم تشتد وطأة سوء التغذية ولم يعد أطفال كثر سوى جلد على عظم، بحسب ما قال شيلدون يت ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في السودان، الذي يشهد أسوأ أزمة إنسانية حالياً في العالم، بحسب وصف الأمم المتحدة، إذ يعاني نحو 25 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد. يتركز الجزء الأكبر من سوء التغذية بنسبة 37% في اثنتين من مدن ولاية الخرطوم السبع، هما العاصمة وجبل أولياء، بحسب «اليونيسف». وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة من قوات الدعم السريع، على بعد ألف كيلومتر من غرب العاصمة، يواجه آلاف الأشخاص خطر مجاعة وشيكاً، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وقال المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق أفريقيا وجنوبها إريك بيرديسون: الجميع يواجه محنة يومية للصمود. أخبار ذات صلة

الجيش السوداني يعمل على تأمين الأبيض.. ويرصد للدعم السريع
الجيش السوداني يعمل على تأمين الأبيض.. ويرصد للدعم السريع

العربية

timeمنذ 11 ساعات

  • العربية

الجيش السوداني يعمل على تأمين الأبيض.. ويرصد للدعم السريع

شهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان فجر الأربعاء، قصفاً مدفعياً وصف بالعشوائي نفذته قوات الدعم السريع قادماً من الاتجاه الشمالي للمدينة على عدد من الأحياء السكنية دون تسجيل إصابات بين المواطنين. اتهامات للدعم السريع أتى ذلك بينما أفاد مصدر عسكري للعربية/للحدث، بأن الجيش السوداني يعمل على تعزيز موقفه وتوسيع دائرة تأمين مدينة الأبيض بالتزامن مع استمرار عمليات التمشيط الميداني باتجاه منطقة أب قعود غربي المدينة بنحو 40 كيلومتراً. وأشار المصدر إلى أن الجيش يواصل تنفيذ طلعات جوية لرصد وتحييد تحركات قوات الدعم السريع التي تواصل بدورها حشد عناصرها في محاور القتال بكردفان. أما في ولاية غرب كردفان، فأفادت غرفة طوارئ دار حمر، وهي مرصد حقوقي محلي، بأن قوات الدعم السريع أقدمت على تصفية جميع المعتقلين المحتجزين في حدائق أبو خريتيش ومصنع الثلج بمدينة النهود البالغ عددهم 27 شخصاً، وذلك بعد فشل ذويهم في دفع الفدية المطلوبة، وفق زعمها. في سياق متصل يستمر تدهور الوضع الإنساني في غرب كردفان، مع تفشي وباء الكوليرا ونقص حاد في المعينات الطبية وسط صعوبات بالغة في الوصول للمناطق المتضررة. الجوع يشتد بالتزامن تتفاقم الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر حاضرة إقليم دارفور، وتشتد وطأة الجوع على نحو نصف مليون مدني محاصرين منذ مايو 2024. فيما يحافظ الجيش والقوات المشتركة على مواقعهم ودفاعاتهم في المحاور القتاليّة داخل المدينة. إلى ذلك ارتفع عدد الوفيات نتيجة الكوليرا داخل مخيمات النازحين بإقليم دارفور خلال الساعات الماضية إلى 197 حالة. ليتجاوز إجمالي الحالات اليومية التراكمية للمرض منذ انتشاره في دارفور 4.113 حالة. يذكر أن قوات الدعم السريع وحلفاؤها تسيطر على أغلب إقليم دارفور ذي المساحة الشاسعة غرب السودان بالإضافة إلى بعض المناطق في الجنوب بينما يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد، بالإضافة إلى العاصمة الخرطوم.

أطفال الخرطوم "جلد على عظم".. وجوع في الفاشر
أطفال الخرطوم "جلد على عظم".. وجوع في الفاشر

العربية

timeمنذ 16 ساعات

  • العربية

أطفال الخرطوم "جلد على عظم".. وجوع في الفاشر

جددت الأمم المتحدة تحذيراتها من الأوضاع المترية في السودان جراء الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقالت في بيان إن "أطفال الخرطوم الذين يتضوّرون جوعا باتوا جلدا على عظم"، وإن آلاف العائلات العالقة في براثن الحرب قد تموت من الجوع في مدينة الفاشر المحاصرة في غرب البلاد. ففي ولاية الخرطوم، "تشتدّ وطأة سوء التغذية ولم يعد أطفال كثر سوى جلد على عظم"، بحسب ما قال شيلدون يت ممثّل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في السودان الذي يشهد "أسوأ أزمة إنسانية" حاليا في العالم بحسب وصف الأمم المتحدة وحيث يعاني حوالى 25 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد. فيما يترّكز الجزء الأكبر من سوء التغذية بنسبة 37 % في اثنتين من مدن ولاية الخرطوم السبع هما العاصمة وجبل أولياء، بحسب اليونيسف. محنة يومية أما في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة من قوّات الدعم السريع، على بعد ألف كيلومتر من غرب العاصمة، فيواجه آلاف الأشخاص خطر مجاعة وشيكا بحسب برنامج الأغذية العالمي. وقال إريك بيرديسون المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق إفريقيا وجنوبها "الجميع يواجه محنة يومية للصمود". كما كشف أن "القدرة على الصمود تلاشت بالكامل بعد أكثر من سنتين من الحرب. وستزهق أرواح في غياب وصول فوري ومستدام" إلى الموارد الأساسية، وفق ما نقلت فرانس برس. فيما لم يعد أمام بعض العائلات سوى استهلاك العلف أو النفايات، في حين بلغ نقص التغذية مستويات مثيرة للقلق في أوساط الأطفال. ويعاني حوالى 40 % من الأطفال دون الخامسة سوء تغذية حادّا، من بينهم 11 % مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب برنامج الأغذية العالمي. والفاشر التي تحاصرها قوّات الدعم السريع منذ أيّار/مايو 2024 هي العاصمة الوحيدة في منطقة دارفور المترامية التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. يشار إلى أن الحرب التي اندلعت في منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الحليف السابق للبرهان تسببت في مقتل عشرات الآلاف وتهجير وتشريد الملايين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store