logo
التاريخ السياسي لسياسات التجويع والقانون الدولي الإنساني

التاريخ السياسي لسياسات التجويع والقانون الدولي الإنساني

مصراويمنذ يوم واحد
قد يعتقد البعض أن ما يرونه على شاشات التلفاز من أطفال ونساء ورجال جوعى من أهلنا في غزة هو سياسة حديثة أو أداة ضغط جديدة تستخدمها سلطة الاحتلال الإسرائيلي للضغط على الفلسطينيين من أجل ترك أراضيهم.
حيث تعتبر سياسات التجويع من الممارسات التي استخدمتها سلطات الاحتلال المختلفة عبر التاريخ من أجل إذلال وإخضاع الشعوب المحتلة وكسر إرادة المقاومة بداخلهم وإضعافهم وتقليبهم على حركات المقاومة في بلادهم.
فقد فرض الرومان من ١٤٩-١٤٦ قبل الميلاد خلال الحرب البونيقية الثالثة حصاراً على قرطاجنة لإخضاع أهلها، الأمر الذي تسبب في انتشار المجاعة. كما شهد منتصف القرن التاسع عشر مجاعة أيرلندا الكبرى بسبب السياسات الحكومية البريطانية التي لم تقدم المساعدات الكافية للمزارعين الأيرلنديين، مما أدى إلى انتشار آفة البطاطس وفساد كل المحصول.
أما في بداية القرن العشرين فقد عرفت أوكرانيا مجاعة "الهولودومور". وتعتبر تلك المجاعة من أبرز الأمثلة على سياسات التجويع المتعمدة التي مارسها "ستالين" على القرى الأوكرانية لمعاقبة الفلاحين الذين قاوموا سياسات التجميع الزراعي، مما تسبب في وفاة الملايين. وقد استمرت سياسات التجويع المتعمدة أثناء الحرب العالمية الثانية من خلال حصار ألمانيا النازية لـ"لينينجراد" في محاولة لإبادة سكانها دون قتال، مما أسفر عن وفاة ١.٥ مليون شخص جوعاً.
أما في نهاية القرن العشرين فقد عرف العالم مجاعة كوريا الشمالية خلال الفترة من ١٩٩٤-١٩٩٨. وعلى الرغم من أن المجاعة كانت لأسباب وظروف طبيعية، إلا أنها تفاقمت بسبب عدم سماح حكومة كوريا الشمالية بدخول المساعدات الإنسانية، مما أدى إلى وفاة مئات الآلاف.
إن استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب هو جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني. كما أن مبدأ حظر استخدام التجويع في النزاعات المسلحة محمي بموجب عدة اتفاقيات وقرارات دولية. لقد أصبح التجويع جريمة محظورة وفقاً لاتفاقية جنيف والبروتوكولات الإضافية لعام ١٩٧٧ التي تمنع استهداف المدنيين بحرمانهم من المواد الضرورية للحياة. كما أنها تمنع مهاجمة أو تدمير الأعيان الضرورية لبقاء المدنيين، مثل المحاصيل، والماشية، ومرافق مياه الشرب.
كما صنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التجويع المتعمد للمدنيين من خلال حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم كجريمة حرب. وهذا يمنح المحكمة صلاحية مقاضاة الأفراد الذين يرتكبون هذه الجريمة في النزاعات المسلحة الدولية.
كما يحذر القانون الدولي العرفي استخدام التجويع ضد المدنيين في جميع أنواع النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو غير دولية، وهذا يُعتبر قاعدة راسخة في القانون الدولي.
وفي عام ٢٠١٨، تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار ٢٤١٧، الذي يدين بشكل صريح استخدام التجويع كسلاح حرب. يربط هذا القرار بين النزاعات المسلحة وانعدام الأمن الغذائي، ويطالب جميع الأطراف في النزاع باحترام القانون الدولي الإنساني وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما يشجع الأمين العام للأمم المتحدة على إبلاغ مجلس الأمن عندما يكون هناك خطر حدوث مجاعة بسبب النزاع.
إن كل ما سبق من تاريخ مظلم لسياسات التجويع التي راح ضحيتها ملايين الأفراد، والإطار القانوني الذي طوره المجتمع الدولي في هذا الشأن يثبت بما لا يدع مجالاً للشك تفاصيل انتهاك دولة الاحتلال إسرائيل للقانون الدولي الإنساني وللاتفاقيات الدولية... فماذا نحن فاعلون!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نعرف.. ونذكر
نعرف.. ونذكر

مصراوي

timeمنذ 2 ساعات

  • مصراوي

نعرف.. ونذكر

الإعلام الذي ذهب يتابع لقاء الرئيس الأمريكي ترمب مع الرئيس الروسي بوتين في ولاية ألاسكا الأمريكية انشغل بالسترة التي ارتداها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف. لم يكن الانشغال بالسترة نفسها طبعاً، فليست للسترة قيمة في حد ذاتها حتى ولو كان صاحبها هو لافروف شخصياً، ولكن الانشغال كان بالحروف الأربعة التي كانت محفورة عليها لأنها حروف ذات معنى كما سوف نرى حالاً. الحروف هي cccp وترمز إلى الاتحاد السوفييتي السابق، الذي قام في مرحلة ما بعد الثورة البلشفية في ١٩١٧، وبقي في موقعه على الخريطة ينافس الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن انهار في عام ١٩٩١، وتناثرت جمهورياته في كل اتجاه، وصارت كل جمهورية دولة مستقلة، وبقيت روسيا وريثة للاتحاد السابق. كان الاتحاد يتشكل في الفترة من قيامه إلى انهياره من ١٥ جمهورية قام بينها اتحاد بعد الثورة، فلما تساقط الاتحاد عادت كل جمهورية إلى ما كانت عليه قبل قيامه، وقد كانت أوكرانيا واحدة من تلك الجمهوريات. وعندما انعقد اللقاء بين ترمب وبوتين على أرض ألاسكا كان المكان ذا معنى مهم، لأن أرض الولاية كانت أرضاً روسية في الأساس، وكان ذلك في أيام روسيا القيصرية التي قامت قبل السوفييت، وقد باعت أرض الولاية في نهايات القرن الثامن عشر لأمريكا في مقابل سبعة ملايين و٢٠٠ ألف دولار. إننا نذكر أن بوتين كان ضابطاً في المخابرات السوفييتية التي اشتهرت بحروف مختصرة هي "كي جي بي"، ونعرف أنه كان يخدم في ألمانيا الشرقية في أيام الاتحاد، ونعرف أنه كان شاهداً على سقوطه في بداية التسعينات، وأن مشهد السقوط لم يفارق ذاكرته أبداً ولا عقله، وقد عاش من بعدها إلى اليوم يتمنى لو استطاع أن يبعث الحياة في الكيان السوفييتي من جديد. وليس سراً أن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية شهدت صراعاً في العالم بين كيانين اثنين لا ثالث لهما. كان الكيانان الكبيران هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكانت بقية دول العالم منقسمة إلى فريقين أحدهما مع أمريكا والثاني مع الاتحاد. ومن حدة الانقسام في العالم تشكل ما يسمى "عدم الانحياز"، وهو تجمع كان يضم الدول التي لا ترغب في الانحياز إلى هذا الطرف ولا إلى ذاك. وليس سراً أيضاً أن الولايات المتحدة كان لها دور في الدفع بالاتحاد نحو نهايته، ولا نزال نذكر ما قيل عن عميل لها لدى السوفييت، وكيف أنه كان في موقع مهم في الدولة. نذكر كذلك أنها لم تطلب منه معلومات سرية عن الاتحاد كما جرت العادة في دنيا المخابرات، ولكن كل ما طلبته منه أن يرشح الشخص الأضعف لأي موقع عمل يخلو من قيادته ويحتاج إلى قيادة جديدة. وربما يكون هذا هو الدرس الأهم في سقوط الاتحاد، وتحويله من كيان ضخم جداً على الخريطة إلى مجرد ذكرى.

أخبار مصر : رهانات متباينة في قمة البيت الأبيض .. زيلينسكي بين ضغوط ترامب وحائط الدعم الأوروبي
أخبار مصر : رهانات متباينة في قمة البيت الأبيض .. زيلينسكي بين ضغوط ترامب وحائط الدعم الأوروبي

نافذة على العالم

timeمنذ 3 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار مصر : رهانات متباينة في قمة البيت الأبيض .. زيلينسكي بين ضغوط ترامب وحائط الدعم الأوروبي

الأحد 17 أغسطس 2025 04:00 مساءً تتجه الأنظار، غدًا الاثنين، إلى البيت الأبيض حيث يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في اجتماع ينضم إليه عدد من أبرز القادة الأوروبيين، بينهم كير ستارمر وإيمانويل ماكرون وأورسولا فون دير لاين. اللقاء يوصف بأنه محطة فارقة في مسار الحرب الأوكرانية، في ظل مؤشرات على تحولات كبيرة في الموقف الأمريكي بعد قمة ترامب-بوتين الأخيرة في ألاسكا. مناورات على خيط رفيع اللقاء يأتي بينما تشير تقارير إلى أن ترامب يميل لتبني مقترحات روسية تتضمن اعتراف أوكرانيا بسيطرة موسكو على منطقتي دونيتسك ولوغانسك كشرط لإنهاء الحرب. خطوة كهذه، إن تمت، ستكون بمثابة أول اعتراف غربي ضمني بتغييرات جغرافية فرضتها روسيا بالقوة، وقد تُترجم كـ"انتصار دبلوماسي" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ترامب يواجه معضلة مزدوجة لكن ترامب يواجه معضلة مزدوجة .. فمن جهة يسعى لتقديم نفسه كصانع سلام قادر على إنهاء الحرب سريعًا، ومن جهة أخرى يخشى اتهامه بالتفريط في سيادة أوكرانيا أو تقويض وحدة حلف الناتو. بالنسبة للرئيس الأوكراني، تمثل القمة اختبارًا صعبًا لقدراته على رفض أي تسوية تُفضي إلى "شرعنة الاحتلال الروسي"، دون خسارة الدعم الأمريكي الحاسم. زيلينسكي يصر علنًا على أن أي مفاوضات يجب أن تبدأ بوقف إطلاق النار، رافضًا الدخول في مسار سياسي بينما "القصف مستمر". أوروبا ليست مستعدة للتخلي عن كييف وجود القادة الأوروبيين إلى جانبه في واشنطن يعزز موقفه التفاوضي، إذ يبعث برسالة إلى ترامب مفادها أن أوروبا ليست مستعدة للتخلي عن كييف أو القبول بصفقة تُمكّن روسيا من تثبيت مكاسبها الميدانية. القادة الأوروبيون الذين سيحضرون القمة يدركون أن غيابهم سيترك زيلينسكي وحيدًا أمام ضغوط ترامب. حضورهم الجماعي يعكس رغبة في إظهار وحدة الصف الغربي، لكنه في الوقت ذاته يكشف قلقًا من أن واشنطن قد تسلك مسارًا منفردًا في التعاطي مع الأزمة. ألمانيا وفرنسا على وجه الخصوص تخشيان أن يؤدي أي اتفاق منفرد بين ترامب وبوتين إلى تقويض مكانة أوروبا في الملف الأوكراني وإلى ترسيخ صورة الاتحاد الأوروبي كلاعب ثانوي في واحدة من أعقد الأزمات الأمنية منذ الحرب العالمية الثانية. رهانات بوتين: مكاسب مجانية أم اختبار للجدية الأمريكية؟ في موسكو، يُنظر إلى اللقاء على أنه فرصة ثمينة لترجمة اختراق دبلوماسي حققه بوتين في ألاسكا. فإذا نجح ترامب في إقناع زيلينسكي بقبول شروط الحد الأدنى الروسية، سيُعتبر ذلك انتصارًا استراتيجيًا لموسكو دون إطلاق رصاصة إضافية. أما في حال رفض كييف وأوروبا، فقد تراهن روسيا على استمرار النزيف العسكري والاقتصادي الغربي، بما يضعف الموقف الموحد للحلفاء بمرور الوقت. قمة البيت الأبيض غدًا ليست مجرد لقاء تفاوضي، بل هي معركة سياسية ودبلوماسية بامتياز، حيث يسعى ترامب لإثبات قدرته على إنهاء الحرب، ويحاول زيلينسكي الصمود في وجه ضغوط غير مسبوقة، فيما تراهن أوروبا على حضورها الجماعي للحفاظ على توازن القوى داخل التحالف الغربي. الرهان الأكبر يبقى ما إذا كانت هذه القمة ستفتح نافذة جدية نحو تسوية شاملة، أم أنها ستتحول إلى محطة تكشف حجم الانقسام داخل معسكر الغرب بشأن كيفية التعامل مع روسيا وإنهاء حرب دخلت عامها الرابع دون أفق واضح.

أونروا: مليون امرأة في غزة تواجهن مجاعة جماعية
أونروا: مليون امرأة في غزة تواجهن مجاعة جماعية

وكالة شهاب

timeمنذ 5 ساعات

  • وكالة شهاب

أونروا: مليون امرأة في غزة تواجهن مجاعة جماعية

حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أن مليون امرأة وفتاة في قطاع غزة تواجهن "مجاعة جماعية"، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي وحرب الإبادة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأوضحت الوكالة في منشور على منصة "إكس" اضطرار النساء والفتيات إلى تبني "إستراتيجيات بقاء متزايدة الخطورة"، مثل الخروج للبحث عن الطعام والماء رغم تعرضهن للقتل والعنف والإساءة. وطالبت أونروا برفع الحصار عن قطاع غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، في ظل استمرار إغلاق إسرائيل المعابر أمام تدفق الإغاثة وتكدس الشاحنات على الحدود، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وحدوث مجاعة واسعة النطاق. ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، مما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، وتسمح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين الفلسطينيين. أخيرا، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن ثلث سكان غزة (من أصل نحو 2.4 مليون فلسطيني) لم يأكلوا منذ أيام عدة. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و827 قتيلا و155 ألفا و275 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 251 شخصا، منهم 108 أطفال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store