logo
إيران والحسبة الإستراتيجية

إيران والحسبة الإستراتيجية

الرأي١١-٠٥-٢٠٢٥

بدأت معاناة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الغرب منذ الثورة الايرانية عام 1979م، ورغم الحصار المتعدد إلا أن إيران استطاعت تنفيذ أعمال التنمية وتحقيق التطور في مجال الطب والصناعات العسكرية والعلمية، بل ان إيران تمتلك إرثاً ثقافياً عميقاً يعود إلى آلاف السنين، كما أننا شهدنا بعض الإنجازات الثقافية كالسينما الإيرانية حصدت بعض الجوائز العالمية، إضافة إلى أن الحركة التشكيلية الإيرانية في حال إبداع لا نظير له.
ولكن المواطن الإيراني بات يعاني اقتصادياً من الحصار رغم الإنتاج الإيراني للنفط، إلا أن تبعات ذلك لم يكن كافياً كون إيران لديها مصروفات خارج إيران وشعبها، وكان لانهيار العملة الإيرانية «التومان» الأثر البالغ على الدولة والشعب بالوقت ذاته، الأمر الذي يدفع بصاحب القرار الإيراني إما التفاوض مع الغرب أو التعرض للمواجهة التي قد تؤدي إلى زعزعة الأوضاع في إيران وإن كان هذا الأمر ليس سهلاً نظراً لطبيعة القوى والتركيبة العسكرية في الجمهورية الإيرانية الإسلامية.
ورغم الحصار فإنّ إيران لديها أوراق اقتصادية مهمة أهمها السوق العراقي الذي بات ملاذاً لها من أجل الاستيراد والتصدير رغم القيود الدولية، الأمر الذي دفع بأميركا الى تقييد سطوة مؤيدي إيران من الساسة العراقيين، الأمر الذي يؤثر سلباً على الاستقرار في المنطقة، كما أن هناك علاقات اقتصادية مع تركيا والصين والهند وروسيا وبعض الدول العربية.
ولان إيران لديها أجندة تجاه المنطقة فقد استخدمت كل الأوراق الممكنة لتحقيق تلك الأجندة، وهي صاحبة الحرب بالوكالة على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن، بيد أنها دفعت الثمن غالياً هذا العام بعد انهيار محور المقاومة من خلال مقتل رئيس حماس إسماعيل هنية في ايران، واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والإطاحة بـ طاغية دمشق بشار الأسد، الذي ظل جاثماً هو وأسرته على الشعب السوري لعقود زادت على عقود الثورة الإيرانية التي ما زالت تحمل نظرية دعم القضية الفلسطينية دون التراجع البتة، وما زالت المعلومات غائبة ان كانت إسرائيل نجحت باغتيال رموز محور المقاومة بسبب التقنية المتطورة للتنصت أم بسبب عناصر قدمت معلومات تقنية وهي عناصر ناشطة داخل محور المقاومة.
وجاء الملف النووي الإيراني وسلسلة المفاوضات انتهت بتوقيع اتفاق مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية عام 2015م في عهد أوباما، فكانت فرحة كبرى للنظام الإيراني الذي فرض سيطرته بصورة تفوق ما كان الوضع قبل توقيع الاتفاق، وكأن من بين البنود السرية فسح المجال للنفوذ الإيراني في المنطقة، إضافة إلى حصول إيران على الأموال المجمدة في أميركا فكانت حقبة ذهبية لقطاعات المجتمع الإيراني كافة، الذي لمس بعض مشاريع التنمية، بيد أن الأمر لم يدم طويلاً إذ قام الرئيس دونالد ترامب برفض تلك الاتفاقية في عام 2018م.
وبعد ذلك بدأت عملية الشد والجذب والتصريحات عن الردع العسكري عبر السنوات السابقة، بل وصل الأمر إلى بعض العمليات الفردية البسيطة منها قيام إيران بإسقاط طائرة دون طيار، وتعرض بعض السفن الأميركية إلى هجوم مسلح في المياه الإقليمية.
ولا تزال عملية الشد والجذب بين إيران وأميركا التي تتوعد بالحرب، خاصة بعهد ترامب بتحفيز من نتنياهو واللوبي اليهودي وبعض من فريق ترامب في البيت الأبيض، بيد أن الحسبة الإستراتيجية ما زالت حاضرة للبدء بتلك الحرب حيث إن هناك قواعد أميركية مليئة بالجنود الأميركيين على مرمى نظر السلاح الإيراني المتمثل بأنواع شتى من الصواريخ المتطورة، بل ان أميركا والغرب يخشون من بعض أنواع الأسلحة التي تمتلكها إيران ولم تعلن عنها قط، ولا يمكن الامتثال إلى الضغط الإسرائيلي بشن حرب خاطفة ضد بعض الأهداف الإيرانية لأنها قد تتحول إلى حرب شاملة تؤدي إلى ارتفاع جنوني بأسعار النفط، إضافة إلى تبعات ذلك على استقرار منطقة الخليج العربي والخوف من إغلاق مضيق هرمز.
ان إيران غير مستعدة بتاتاً لخسارة ما بدأته في تنفيذ مشروع نووي ضخم وطموح في «بوشهر»، والمخاوف كبيرة في المنطقة فإن حصل أي تسرب فقد يكون أقرب إلى الكويت وبعض دول الخليج من بقية مناطق إيران، خصوصاً أن هناك محاولات غربية ناجحة في إدخال «فيروس الكتروني» إلى المنظومة الخاصة بالمفاعل النووي المزمع تشييده، وما زال الغرب لا يعرف إلى أي مدى وصلت إيران إلى القدرة على استخدام السلاح النووي، الأمر الذي نفته إيران عبر سلسلة من التصريحات لمسؤولين عدة، إلا أن حالة عدم الثقة بتلك التصريحات من قبل أهل السياسة في الغرب.
لقد تعرضت إيران الى صدمات قوية متمثلة بمقتل قيادات من «حماس» ومن «حزب الله» وفقدها لأي تأثير على سورية مع الامتعاض الكبير لدى الشارع العراقي من التأثير الإيراني.
ورغم التصريحات التي تتوعد بإيران فان المفاوضات بدأت بين إيران وأميركا في سلطنة عمان. ولا تشعر إسرائيل بالرضا وهي تشاهد وتتابع عن كثب تفاصيل المفاوضات الأميركية - الإيرانية لأنها تؤمن بأن الحل الأمثل هو قصف إيران ومفاعلها النووي رغم أن إيران تصر على أن وكالة الطاقة الذرية الدولية التابعة للأمم المتحدة تتابع تفاصيل مشروعها السلمي الذي ترى أن من حقها الحصول عليه.
وترى إسرائيل أن أي هدنة بين إيران والغرب إنما هي فرصة لالتقاط النفس السياسي والتقني لإعادة البناء لمواجهة إسرائيل التي لطالما كان شعاراً مستمراً في العقيدة الإيرانية سياسياً ودينياً وعسكرياً، لذا فإن الكيان الصهيوني لا يرى أي حل مرض لها إلا بتغيير النظام الإيراني، وبالتالي فإنّ المشكلة بين إيران والغرب ليس تفاصيل القضية بينما رؤية نتنياهو هي المشكلة التي تمنع استقرار المنطقة.
ولعل إيران تسعى إلى هدف إستراتيجي وهو المضي قدماً في المماطلة في عملية التفاوض المباشر وغير المباشر مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية والوكالة الدولية إلى أن تنقضي السنوات الأربع الكفيلة بانتهاء حقبة ترامب، الذي يفكر بتمديد فترة حكمه عبر ترشح أحد مؤيديه ليكون ترامب، هو النائب وبعد النجاح في الانتخابات الأميركية المقبلة يستقيل الرئيس ليصبح النائب ترامب، هو الرئيس لفترة رئاسة جديدة!
همسة:
الصراع بين إيران والغرب لن يتوقف.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حرب غزة و«أوضاع المزارعين البيض» تتصدران مباحثات ترامب ونظيره الجنوب أفريقي في واشنطن
حرب غزة و«أوضاع المزارعين البيض» تتصدران مباحثات ترامب ونظيره الجنوب أفريقي في واشنطن

الأنباء

timeمنذ 32 دقائق

  • الأنباء

حرب غزة و«أوضاع المزارعين البيض» تتصدران مباحثات ترامب ونظيره الجنوب أفريقي في واشنطن

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه طلب من نظيره الجنوب افريقي سيريل رامابوزا خلال لقائهما في البيت الابيض «تفسيرات» حول وضع المزارعين البيض في بلاده، مشيرا إلى انهم يتعرضون لـ «الإبادة». وقال ترامب «المزارعون البيض يفرون من جنوب أفريقيا، وهذا امر تثير رؤيته حزنا بالغا». وأضاف ترامب مخاطبا رامابوزا «آمل أن نتمكن من الحصول على تفسير في هذا الصدد، لأنني أعلم انك لا تتمنى هذا الامر». وعرض ترامب امام ضيفه مقاطع مصورة دعما للاتهامات الاميركية بتعرض المزارعين البيض لـ «الإبادة». وقال الرئيس الاميركي «لقد قتلوا»، تعليقا على مقطع يظهر عشرات السيارات التي تضم ـ على قوله ـ «عائلات بكاملها» لمزارعين بيض فروا من اراضيهم. وأشار ترمب إلى انه «لا أتوقع أي شيء من جنوب أفريقيا بشأن القضية المرفوعة ضد إسرائيل» امام المحكمة الجنائية الدولية بشأن التهجير القسري والإبادة الجماعية في قطاع غزة. من جهته، قال رئيس جنوب افريقيا لنظيره الاميركي إن «الولايات المتحدة شريك لكنك تثير مخاوفنا». وأضاف «سياستنا تتعارض مع ما تتحدث عنه من إبادة ضد البيض».

ميلانيا في قلب المحادثات الروسية الأمريكية.. وترامب يشعل تفاعلا واسعا
ميلانيا في قلب المحادثات الروسية الأمريكية.. وترامب يشعل تفاعلا واسعا

كويت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • كويت نيوز

ميلانيا في قلب المحادثات الروسية الأمريكية.. وترامب يشعل تفاعلا واسعا

أشعل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تفاعلا بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين ممّن تداولوا مقطع فيديو له وما كشفه من تصريحات قالها له الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن زوجته، سيدة أمريكا الأولى، ميلانيا ترامب. مقطع الفيديو المتداول جاء في كلمة لترامب من البيت الأبيض، ونشرته مارغو مارتن، المساعدة الخاصة ومستشار الاتصالات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حيث صرح الأخير قائلا: 'قال بوتين للتو إنهم يحترمون زوجتك كثيرًا… فقلتُ: ماذا عني؟ إنهم معجبون بميلانيا أكثر.. أنا لا أمانع!' وفي مقطع فيديو منفصل، نشرت مارت مقطع فيديو لسيدة أمريكا الأولى مع أطفال، خلال يوم اصطحاب الأطفال إلى العمل في البيت الأبيض، قائلة بتعليق: 'أمريكا محظوظة جدًا بوجود (ميلانيا ترامب) كسيدة أولى'. وفي تدوينة ثالثة من أحداث اليوم ذاته، نشرت مارغو لقطة للرئيس الأمريكي وهو يمسك مقعدا كي تجلس ميلانيا، قائلة بتعليق: 'الرئيس ترامب لا ينسى أبدا سحب الكرسي لسيدة أمريكا الأولى'.

ترامب يحمي الولايات المتحدة بـ «القبة الذهبية»... و175 مليار دولار
ترامب يحمي الولايات المتحدة بـ «القبة الذهبية»... و175 مليار دولار

الرأي

timeمنذ 7 ساعات

  • الرأي

ترامب يحمي الولايات المتحدة بـ «القبة الذهبية»... و175 مليار دولار

كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن خطط بناء درع صاروخية تحت مسمى «القبة الذهبية» بهدف حماية الولايات المتحدة من هجمات خارجية، مؤكداً أنها ستصبح قيد الخدمة خلال ثلاث سنوات. وأعلن ترامب، ليل الثلاثاء، تخصيص 25 مليار دولار كتمويل أولي للمشروع، مضيفاً أن كلفته الإجمالية قد تصل إلى نحو 175 ملياراً. وردت بكين، أمس، محذرة من أن المشروع «يقوض الاستقرار العالمي»، متهمة الولايات المتحدة بإشعال سباق تسلح. من جهته، قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لصحافيين «هذا شأن يتعلق بالسيادة الأميركية»، مضيفاً أنه «في المستقبل القريب، سيتطلب مسار الأحداث استئناف الاتصالات بهدف استعادة الاستقرار الاستراتيجي» بين واشنطن وموسكو. وقال ترامب في البيت الأبيض «خلال الحملة الانتخابية وعدت الشعب الأميركي بأني سأبني درعاً صاروخية متطورة جداً». وأضاف «يسرني اليوم أن أعلن أننا اخترنا رسميا هيكلية هذه المنظومة المتطورة». وأوضح «ستكون القبة الذهبية قادرة على اعتراض الصواريخ حتى لو أُطلقت من جوانب أخرى من العالم، وحتى لو أُطلقت من الفضاء. إنها مهمة جدا لنجاح بلدنا ولبقائه أيضاً». وأشار الرئيس الأميركي إلى أن الجنرال مايكل غيتلاين من قوة الفضاء الأميركية سيترأس المشروع، مضيفاً أن كندا أعربت عن اهتمامها بالمشاركة فيه لأنها «تريد الحصول على الحماية أيضاً». وفيما قال ترامب إن الكلفة الإجمالية للمشروع هي 175 مليار دولار، قدّر مكتب الميزانية في الكونغرس كلفة الصواريخ الاعتراضية للتصدي لعدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات، بين 161 مليار دولار و542 ملياراً على مدى 20 عاماً. ولـ «القبة الذهبية» أهداف أوسع، إذ قال ترامب إنها «ستنشر تقنيات الجيل المقبل براً وبحراً وعبر الفضاء، بما في ذلك أجهزة الاستشعار الفضائية والصواريخ الاعتراضية». بدوره، أوضح وزير الدفاع بيت هيغسيث، متحدثاً إلى جانب ترامب، أن هذه المنظومة تهدف إلى حماية «البلاد من صواريخ كروز والصواريخ البالستية والصواريخ الفرط صوتية، سواء كانت تقليدية أو نووية». «حرب النجوم» في نهاية يناير الماضي، وقّع ترامب مرسوماً لبناء «قبة حديدية»، تكون وفق البيت الأبيض درعاً دفاعية متكاملة مضادة للصواريخ لحماية أراضي الولايات المتحدة. وكانت روسيا والصين وجّهتا انتقادات إلى ذاك الإعلان الذي رأت فيه موسكو مشروعاً «أشبه بحرب النجوم»، في إشارة إلى المصطلح الذي استُخدم للدلالة على مبادرة الدفاع الاستراتيجي الأميركي في عهد الرئيس رونالد ريغان إبان الحرب الباردة. وفي وقت سابق من الشهر الجاري انتقدت موسكو وبكين مفهوم «القبة الذهبية»، واعتبرتا أنه «مزعزع للاستقرار»، ويُهدد بتحويل الفضاء إلى «ساحة حرب». وجاء في بيان نشره الكرملين بعد محادثات بين الجانبين أن المشروع «ينص بشكل واضح على تعزيز كبير للترسانة اللازمة لمعارك في الفضاء». وتسمية «القبة الحديدية» تم إطلاقها على واحدة من المنظومات الدفاعية الإسرائيلية التي تحمي الدولة العبرية من هجمات صاروخية أو بمسيّرات. وهذه المنظومة اعترضت آلاف الصواريخ منذ دخولها الخدمة في العام 2011. ويبلغ معدّل اعتراضها لأهدافها نحو 90 في المئة، وفق شركة «رافائيل» الإسرائيلية للصناعات العسكرية التي شاركت في تصميمها. وتواجه الولايات المتحدة تهديدات صاروخية من دول عدة، خصوصاً من روسيا والصين، وفق ما أفادت وثيقة «ميسيل ديفنس ريفيو» لعام 2022 الصادرة عن البنتاغون. وذكرت أن بكين تعمل على تقليص الهوة مع واشنطن في ما يتعلق بتكنولوجيا الصواريخ البالستية والصواريخ الفرط صوتية، بينما تعمل موسكو على تحديث منظوماتها للصواريخ العابرة للقارات وتطوير صواريخ دقيقة متقدمة. كذلك، أشارت إلى أن التهديد الذي تمثّله المسيّرات التي تؤدي دوراً رئيسياً في حرب أوكرانيا، من المرجح أن يزداد، محذّرة من خطر إطلاق صواريخ بالستية من كوريا الشمالية وإيران، فضلاً عن التهديدات الصاروخية من جهات أخرى. واكتسبت الولايات المتحدة خبرة قيّمة في الدفاع ضد الصواريخ والطائرات المسيّرة في السنوات الأخيرة. في أوكرانيا، استُخدمت منظومات أميركية لمواجهة الصواريخ الروسية المتقدمة، فيما ساهمت طائرات وسفن حربية أميركية في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية العام الماضي، وأسقطت صواريخ ومسيّرات أطلقها الحوثيون المدعومون من طهران في اليمن على سفن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store