
نيران الأسئلة المؤرقة تلتهم عقل إسرائيل ولا إجابات
السؤال الكبير الذي طرحه الإسرائيليون وهم يراقبون نتائج الرشقة الصاروخية الإيرانية الأخيرة على بئر سبع في جنوب إسرائيل، والتي أدت إلى مقتل أربعة وأبقت ثلاثة في وضع صحي خطر فضلاً عن إصابة العشرات هو: أين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليبلغ الإسرائيليين قرار وقف النار؟
دخل الاتفاق حيز التنفيذ عند السابعة صباحاً، وكل معلومات الإسرائيليين مستمدة من الصحافة الأميركية والأجنبية وما ورد من تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترمب. بعد ساعتين صدر بيان خجول لديوان نتنياهو يعلن فيه القرار، وبعد أكثر من 13 ساعة خرج نتنياهو إلى الإسرائيليين وقد بدت على وجهه ملامح الإرهاق والقلق بعيداً من شعور النشوة الذي شاهده الإسرائيليون عليه قبل أيام عندما قرر ترمب مساندة إسرائيل في تدمير ما سماها الإسرائيليون "معضلة النووي الإيراني"، أو منشأة "فوردو"، واعتبر نتنياهو أن المعركة حسمت بتحقيق الهدف المركزي "تدمير النووي الإيراني، وفوردو تحديداً".
ملف إيران المفتوح
نتنياهو خرج للإسرائيليين بعد 24 ساعة من الخلافات والنقاشات داخل الكابينت، ومحادثات قاسية مع الرئيس الأميركي ومسؤولين في واشنطن حول وقف الحرب. ما تسرب من كواليس هذه الاجتماعات يعكس خلافات عميقة داخل الكابينت حول كل ما يتعلق بإنجازات إسرائيل وموعد وقف إطلاق النار، بل عدم قناعة وزراء بأن إسرائيل حققت أهدافها على رغم الإجماع على أن هذه الحرب قوضت قدرات إيران الصاروخية والنووية وأعادتها عشرات السنوات إلى الوراء، وفق تقرير إسرائيلي تم نقل تفاصيله على لسان مصدر أمني مسؤول.
غالبية أعضاء الكابينت كانت رافضة، والصوت الأعلى كان يدعو إلى عدم وقف الحرب قبل تغيير النظام في طهران، فـ"فقط مع نظام جديد تضمن إسرائيل عدم عودة تعزيز القدرات النووية والصاروخية لإيران"، هذا هو مجمل نقاش الوزيرتين ميري ريغف وجيلا غملئيل، أما الوزير إيتمار بن غفير، الذي شارك في جميع مراحل اتخاذ القرار بالعملية، فعبر عن دعمه للإنجازات، لكنه قال "كان ينبغي الاستمرار لأيام أخرى حتى إسقاط النظام الإيراني، والقضاء على مصدر الأوكسجين لـ(حماس) و(حزب الله) مرة واحدة وإلى الأبد".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما نتنياهو فقد لخص النقاش قائلاً "نحن نتحدث عن أمر يشبه السرطان، في الوقت الحالي أزلنا كتلة واحدة، لكن هذا السرطان يمكن أن ينمو من جديد. لقد حققنا جميع أهداف الحملة الحالية بل وتجاوزنا ذلك، والآن نحن ننهي الأمر."
هكذا حتى من دون طرح الموضوع للتصويت، أنهى نتنياهو النقاش بقرار وقف النار، وهذه واحدة من المرات النادرة التي يتخذ مثل هذا القرار، بل إنه طلب من الوزراء عدم الإدلاء بتصريحات صحافية.
بعد 24 ساعة على وقف الحرب صباح الأربعاء، بدأ تسريب تقارير حول عدم تحقيق إسرائيل جميع أهداف هذه الحرب، وتناقلت على لسان مصادر ومسؤولين أمنيين وعسكريين وأيضاً سياسيين مطلعين على كواليس اجتماع الكابينت، الذي اعتبر الأطول منذ اندلاع حرب "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
مع هذا حرص المسؤولون على التركيز على الإنجازات التي حققتها إسرائيل، وكان نتنياهو أول من أعلن هذا في كلمته الأولى بعد وقف النار مع إيران، حين قال "حققنا نصراً تاريخياً سيُذكر لأجيال، أزلنا تهديدين فوريين: البرنامج النووي الإيراني، وقرابة 20 ألف صاروخ باليستي". وكرر من جديد الجملة التي اكسبته دعم الجبهة الداخلية لهذه الحرب، "كنا على حافة الإبادة، ولو لم نتحرك لكانت دولة إسرائيل قريبة من خطر الإبادة".
بعد استعراضه الإنجازات أبقى نتنياهو ملف إيران مفتوحاً عندما قال إن إسرائيل "لن تتردد في تنفيذ هجمات إضافية إذا استؤنف العمل على البرنامج النووي في إيران"، بل أكد أكثر من مصدر مقرب لنتنياهو أنه حصل على ضمانة أميركية للسماح لإسرائيل بالرد على أية محاولة إيرانية لإعادة تعزيز قدراتها النووية والصاروخية.
بحسب أكثر من مسؤول أمني، فإن المعضلة التي واجهت متخذي القرار ما بين الاستمرار في حرب استنزاف مع إيران ترهق إسرائيل وتبقي الجبهة الداخلية أمام خطر يومي، وبين الموافقة على مطلب الرئيس الأميركي بوقف النار على أن تحصل إسرائيل على ضمانة بحقها في التصرف داخل إيران مع كل تقرير استخباراتي يكشف محاولاتها إعادة تعزيز قدراتها النووية والصاروخية، هي سعي إسرائيل للحصول على هذه الضمانة في اتفاق مكتوب لوقف النار وليس مجرد اتفاق شفهي. فإسرائيل لا تريده اتفاقاً يشبه الاتفاق مع لبنان، ولكن تكفي ورقة ضمانات أميركية، وفق ما نقل عن مسؤول أمني، "تشمل حق إسرائيل في الرد على كل محاولة لتعزيز قدرات إيران النووية، وضمان فرض عقوبات مالية قاسية على طهران في حال أخلت بالاتفاق".
إنجازات وأسئلة صعبة
ما تسرب من اجتماع الكابينت حول وصف نتنياهو لما أنجزته إسرائيل في هذه الحرب بإزالة كتلة سرطانية فقط واحتمال إعادة انتشار المرض، يعكس ما أشار إليه أكثر من معارض لوقف النار بأن إسرائيل لم تحقق بالكامل الهدف المركزي الذي خرجت بسببه لحرب الـ12 يوماً، وهو تدمير النووي الإيراني.
بحسب تقرير عسكري إسرائيلي، فقد حققت إسرائيل أكثر من إنجاز، بينها اغتيال 15 عالماً نووياً إيرانياً بارزاً، من ضمنهم قيادات "مجموعة السلاح" المسؤولة عن المسار العسكري للبرنامج النووي، وهو أبرز إنجاز أولي حققته إسرائيل، ويعود الفضل فيه لجهاز "الموساد" الذي خطط شهوراً طويلة لتحقيق هذا الهدف، وفق التقرير.
الإنجاز الثاني استهداف ثلاث منشآت نووية رئيسة، هي "نطنز"، "فوردو"، و"أصفهان". وبخصوص منشأة "فوردو" فمن غير الواضح بعد مدى الضرر الذي ألحقته هجمات سلاح الجو الأميركي بها. وفي مجال مخزونات تخصيب اليورانيوم الوضع أيضاً غير واضح.
ثالث الإنجازات، بحسب التقرير، هو تنفيذ هجمات على عشرات المنشآت المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، ومن بينها مقر البرنامج في طهران ومرافق لإنتاج أجهزة الطرد المركزي.
وفي مجال تدمير القدرات الصاروخية الذي وضعته إسرائيل كثاني هدف لها في الحرب بعد النووي، بحسب التقرير الإسرائيلي، تم تدمير 65 في المئة من قواعد إطلاق الصواريخ الباليستية في إيران، وتدمير نصف ما كانت تملكه من صواريخ باليستية. وأكد التقرير تدمير ما بين ألف وألف وخمسمئة صاروخ من أصل نحو أربعة آلاف كانت إيران تملكها قبل الحرب، منها 550 صاروخاً أطلقت على إسرائيل.
وأفاد التقرير بأنه تم إخراج وحدات الإطلاق في غرب إيران عن الخدمة، ما أجبر إيران على إطلاق الصواريخ من وسط البلاد وشرقها. موضحاً أن نسبة اعتراض الصواريخ تراوحت بين 80 إلى 90 في المئة، بينما أصاب ما بين 50 إلى 60 صاروخاً العمق الإسرائيلي، علماً أن معدل نجاح التصدي (85 في المئة) يجعل عدد الصواريخ التي سقطت أكبر، ومعظمها لم يعلن عنه بسبب الرقابة العسكرية المفروضة على الأهداف العسكرية والمنشآت الاستراتيجية والحساسة، والتي بقيت أضرارها قيد السرية.
كذلك أكد التقرير الإسرائيلي اعتراض 99 في المئة من الطائرات المسيرة، ونقل عن مسؤول في سلاح الجو أنه تم تدمير أكثر من 80 في المئة من قدرات الدفاع الجوي الإيرانية. ولم يسجل إسقاط أية طائرة مأهولة إسرائيلية فوق إيران، ولم تكن هناك حاجة لأية عمليات إنقاذ للطيارين. موضحاً تدمير أكثر من 80 بطارية صواريخ أرض– جو إيرانية في هجمات إسرائيلية.
جانب آخر تسجله إسرائيل ضمن إنجازاتها في هذه الحرب، هو الجانب السياسي الاستراتيجي. وبحسب التقرير فإن انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب، ليس فقط دفاعياً بتزويد منظومات "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية ووحدة من الجيش الأميركي قامت بتفعيلها من إسرائيل، وإنما أيضاً بالهجوم وقصف منشأة "فوردو" تحديداً.
وفي إنجازات هذا الجانب أيضاً، فشل تفعيل المحور الإيراني في المنطقة، وتحييد "حزب الله"، ومن سماها التقرير "الميليشيات الموالية لطهران في العراق". ودعم دولي واسع النطاق للحرب الإسرائيلية على إيران، بخاصة من الدول الغربية.
أمام جميع هذه الإنجازات تبقى أسئلة صعبة مطروحة ومفتوحة، وبعض الأمنيين يستصعبون الرد عليها، مع توقعاتهم بانكشاف الوضع خلال الفترة القريبة. وهذه الأسئلة هي: ماذا حدث مع المواد المخصبة؟ وما هو مدى الضرر الذي لحق بمنشأة "فوردو"؟ وهل ما زالت إيران تملك قدرة تخصيب، أم أنها تستطيع إقامتها بسرعة كبيرة، نظراً إلى أن لديها بنى تحتية خاصة لتصنيع أجهزة الطرد المركزي؟ وما الذي تم تدميره من البنى التحتية الحالية لتصنيع الصواريخ، أو تلك التي كانوا ينوون إقامتها، والتي كانت، كما قيل مراراً، أحد أسباب شن الهجوم؟
لكن كيف سيتعامل الاتفاق المستقبلي، إن وجد، مع هذه الأسئلة؟ وما هي حدود البرنامج النووي التي ستوافق إيران على الالتزام بها؟ وما وسائل الرقابة؟ وكم سيدوم الاتفاق؟ وماذا سيقول عن الصواريخ الباليستية أو عن المساعدة المستقبلية لما يسمى في مجتمع الاستخبارات بـ"الوكلاء"، أي دول ومنظمات وميليشيات أعضاء محور المقاومة؟ وكلها جوانب، بحسب إسرائيليين، سيكون لها تأثير على المستقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب يتحدث عن «تقدم كبير» بشأن غزة بعد الضربات الأميركية على إيران
تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الأربعاء، عن «تقدم كبير» بشأن الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، بينما أكدت الحركة الفلسطينية أن الاتصالات بشأن التوصل إلى هدنة في القطاع تكثّفت خلال الساعات الماضية، عقب اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وإيران. وقال ترمب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي: «أعتقد أن تقدماً كبيراً يتحقّق فيما يتعلق بغزة وأعتقد أن السبب هو الهجوم الذي نفّذناه»، ملمحاً إلى أن الضربات الأميركية على منشآت نووية في إيران قد تنعكس إيجاباً على الوضع في الشرق الأوسط. وعكس ترمب تفاؤلاً بتوقعه «أنباء جيدة جداً» بشأن القطاع المدمّر من جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 20 شهراً، ويواجه أزمة إنسانية حادة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح إلى أن الحرب التي خاضتها الدولة العبرية على مدى 12 يوماً ضد إيران الداعمة لـ«حماس»، قد تساهم بإنهاء النزاع في غزة. ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطاً من قبل معارضيه ومنتدى عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، وكذلك من بعض أعضاء ائتلافه اليميني، لإنهاء الحرب التي بدأت في القطاع عقب هجوم غير مسبوق على إسرائيل شنّته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل سبعة من عسكرييه في حادثة واحدة جنوب القطاع، في إحدى أكثر الحوادث دموية يتعرض لها منذ بدء الحرب. وكان رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي تتوسط بلاده في محادثات الهدنة إلى جانب القاهرة وواشنطن، أكد الثلاثاء أن الدوحة تعمل على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين «حماس» وإسرائيل. وقال: «نحاول البحث عن فرصة خلال اليومين القادمين لأن تكون هناك مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين للوصول إلى الاتفاق»، مضيفاً: «نتمنى ألّا يستغل الجانب الإسرائيلي وقف إطلاق النار مع إيران لتفريغ ما يريد تفريغه في غزة ويستمر (في) قصفه». بدوره، قال القيادي في «حماس» طاهر النونو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «اتصالاتنا مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر لم تتوقف وتكثفت في الساعات الأخيرة». لكنه شدد على أن الحركة «لم تتلقَّ أي مقترح جديد بشأن وقف النار حتى الآن». ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق بشأن أي مباحثات جديدة، واكتفت بالقول إن «الجهود لاستعادة الرهائن الإسرائيليين في غزة مستمرة، سواء ميدانياً أو عبر المفاوضات». فلسطيني يقف بين أنقاض منزل تعرض لقصف إسرائيلي غرب جباليا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) منذ هجوم «حماس»، تردّ إسرائيل بحرب مدمّرة قتل فيها 56 ألفاً و156 شخصاً في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ«حماس». وقتل إبان الهجوم 1219 شخصاً، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. ودفعت الخسائر في الأرواح التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي مؤخراً في قطاع غزة إلى توجيه انتقادات لنتنياهو من قبل زعيم حزب «يهودوت هتوراه» المتشدد، عضو الكنيست موشيه غافني. وقال غافني خلال جلسة للبرلمان الأربعاء «لا أزال لا أفهم لماذا نقاتل هناك... يتواصل قتل الجنود». وقال المتحدث باسم الجيش إيفي ديفرين في مؤتمر صحافي إن الجنود سقطوا بعد هجوم استهدف آلية مدرعة كانت تنقلهم في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. وأضاف: «في أثناء نشاط عملياتي بعد ظهر أمس (الثلاثاء)، تم إلصاق عبوة ناسفة بآلية مدرعة تابعة للقوة، ما تسبب في اشتعالها. أُرسلت قوات إنقاذ ومروحيات لمحاولة إجلاء الجنود، لكنها لم تنجح». ونشر الجيش أسماء ستة من هؤلاء القتلى السبعة وهم جنود تتراوح أعمارهم بين 19 و21 عاماً وينتمون إلى كتيبة الهندسة القتالية 605 المسؤولة خصوصاً عن تدمير الأنفاق والبنى التحتية العسكرية الأخرى، وإزالة الألغام، وفتح الطرق للمشاة والمركبات المدرعة. من جانبه، أيد منتدى عائلات الرهائن والمحتجزين تصريحات غافني. وقال المنتدى في بيان: «في هذا الصباح الصعب، قال غافني الحقيقة كما هي... الحرب في غزة فقدت معناها، تُدار دون هدف واضح أو خطة ملموسة». ومن أصل 251 شخصاً خطفوا في السابع من أكتوبر 2023، لا يزال 49 من المحتجزين في قطاع غزة، تقول السلطات الإسرائيلية إن 27 منهم على الأقل فارقوا الحياة. وأعلن الدفاع المدني الأربعاء مقتل 20 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي، من بينهم ستة كانوا ينتظرون المساعدات في وسط القطاع. وقال الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، إن ستة أشخاص على الأقل قُتلوا وأصيب 30 «من جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص الحي وقذائف الدبابات لآلاف المواطنين من منتظري المساعدات» الذين تجمعوا فجر الأربعاء على طريق صلاح الدين قرب جسر وادي غزة في وسط القطاع. ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «ليس على علم بأي حادث وقع صباح اليوم وأسفر عن سقوط ضحايا في وسط قطاع غزة». ويثير الوضع الإنساني انتقادات دولية متزايدة خصوصاً في ظل شحّ المساعدات التي تتيح إسرائيل دخولها. وأدانت الأمم المتحدة الثلاثاء «استخدام الغذاء لغايات عسكرية في حق مدنيين»، موجهة انتقادات لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة أميركياً، التي حلت محل منظمات الإغاثة التقليدية المعروفة دولياً في توزيع المساعدات. وبدأت المؤسسة عملياتها أواخر مايو (أيار)، بعدما خففت إسرائيل بشكل طفيف الحصار المطبق الذي فرضته على القطاع أوائل مارس (آذار)، وأثار تحذيرات دولية من حدوث مجاعة. وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، قتل منذ 27 مايو، 549 شخصاً في أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية. وكان الدفاع المدني أكد الثلاثاء مقتل 46 شخصاً بالقرب من مركزين لتوزيع المساعدات في وسط وجنوب القطاع.


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
"أعيدوا طياريكم الآن".. كيف أقنع "ترامب" إيران وإسرائيل بوقف إطلاق النار وأجبرهما على الامتثال؟
في خطوة حاسمة نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في إقناع إيران وإسرائيل بوقف إطلاق النار، مستخدمًا مزيجًا من الضربات العسكرية الأمريكية والضغوط الدبلوماسية، فمن واشنطن إلى طهران وتل أبيب، أظهر ترامب نهجًا غير تقليدي، أثار دهشة الحلفاء والخصوم على حد سواء، بهدف منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وإنهاء تصعيد عسكري خطير في الشرق الأوسط. وبضربات جوية أمريكية بطائرات B-2 الشبحية، استهدفت الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية تحت الأرض في فوردو ونطنز، مستخدمة قنابل خارقة للحصون تزن 30,000 رطل، وألحقت الضربات أضرارًا كبيرة بمنشآت التخصيب، وهو ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه رغم سيطرتها الجوية، وأعلن ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "المواقع دُمرت بالكامل"، مؤكدًا نجاح العملية. وبعد الضربات، أجرى ترامب اتصالات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مطالبًا بإنهاء العمليات العسكرية، وفي الوقت نفسه، تبادل مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، رسائل مع وزير الخارجية الإيراني عباس عاراكجي، عبر وسطاء عرب، لحث إيران على العودة للتفاوض، ورفضت إيران التفاوض تحت الضغط، لكن الرسائل مهدت لاحقًا للهدنة، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية. وردت إيران بإطلاق وابل صاروخي على قاعدة العديد الجوية في قطر، لكنها أبلغت الدوحة مسبقًا لتجنب التصعيد، وتم اعتراض 19 صاروخًا، وسقط واحد دون ضرر. وأكدت الولايات المتحدة عدم نيتها الرد، مما ساعد على تهدئة الوضع، وأظهرت هذه الخطوة رغبة طهران في إنهاء الصراع دون خسارة ماء ووجهها. ولعبت قطر دورًا محوريًا في التفاوض، فبعد الهجوم الإيراني، تحدث ترامب ونائبه جيه دي فانس مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني، طالبين منه استطلاع موقف إيران، ووافقت طهران على الهدنة، وأعلن ترامب الاتفاق عبر منشور: "تهانينا للجميع!"، ليؤكد نجاح الوساطة. وقبل ساعات من سريان الهدنة، شنت إسرائيل ضربات في طهران، أسفرت عن مقتل مئات من قوات الأمن، وردت إيران بصاروخ أصاب مبنى سكنيًا في بئر السبع، مما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، كما أطلقت إيران ثلاثة صواريخ إضافية بعد الهدنة، دون خسائر، وهددت إسرائيل بالرد، لكن ترامب تدخل مجددًا. فوجئ ترامب بانتهاكات الهدنة، فوجه تحذيرًا علنيًا لإسرائيل: "أعيدوا طياريكم الآن!" بعد مكالمة مع نتنياهو، أعلن عودة الطائرات الإسرائيلية، مؤكدًا استمرار الهدنة، أعلنت إسرائيل تحقيق أهدافها، بينما وصفت إيران ردها بـ"الساحق"، معلنة كسر الأهداف الإسرائيلية. ومع عودة الهدوء، تحول ترامب إلى قمة الناتو، واصفًا الفترة المقبلة بـ"الأكثر هدوءًا". لكن، هل ستستمر الهدنة؟ وهل ستفضي الضغوط الأمريكية إلى اتفاق دبلوماسي يحد من الطموحات النووية الإيرانية؟ تبقى هذه الأسئلة معلقة، وسط ديناميكيات الشرق الأوسط المعقدة.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
الخاسرون والفائزون في الحرب الإيرانية
شنت القوات الجوية الإسرائيلية في الـ 13 من يونيو (حزيران) الجاري هجوماً واسعاً على الأجواء الإيرانية ردت عليه طهران بأنواع عدة من الصواريخ والطائرات المسيرة، واستمرت المواجهات حتى الـ 23 من الشهر ذاته إلى أن تدخلت الولايات المتحدة بوساطة، بعدما شاركت بطائرات "بي-2" في قصف المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان يوم السبت الـ 21 من يونيو الجاري. هنا أسعى إلى استقصاء الخاسرين والفائزين حتى الآن في هذه الحرب التي زلزلت المنطقة، مع التركيز على اللاعبين الرئيسين في كل من إيران وإسرائيل، بما في ذلك قوى المعارضة الإيرانية التي كان من المحتمل أن تشكل بديلاً عن النظام القائم في حال سقوطه، إثر دعم الإسرائيليين لها، سواء نتيجة هذه الحرب أو في مرحلة لاحقة. انتصار أم خسارة؟ لنبدأ من طهران، فالنظام الإيراني كان يتهيأ لمثل هذا الصدام، ولا سيما بعد الضربات التي تلقاها حلفاؤه في لبنان وسوريا والعراق عقب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي نفذته حركة "حماس" وحلفاؤها على إسرائيل، وتدعي كل من إيران وإسرائيل النصر، كل من منظوره الخاص، فمن جهة تعرضت إسرائيل لهجمات صاروخية غير مسبوقة منذ تأسيسها عام 1948، طاولت مبان سكنية وحكومية ومواقع بحثية وأمنية حساسة لا تزال تفاصيل أضرارها طي الكتمان، كما شلّ مطار "بن غوريون" وتكبدت البلاد خسائر اقتصادية فادحة وقتل عشرات العسكريين والمدنيين، بينهم شقيقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن إسرائيل، وخلافًا لإيران الخاضعة لعقوبات خانقة، ستحظى بدعم مباشر من حلفائها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة، مما يمكنها من التعافي السريع، أما إيران فقد تلقت ضربات بالغة القسوة، ففقدت عدداً من قياداتها العسكرية والأمنية واغتيل علماء نوويون بارزون، ودمرت قواعد عسكرية ومنشآت نووية واقتصادية لا يمكن تعويضها على المدى القريب، وقد جاء ذلك نتيجة تغلغل استخباراتي إسرائيلي عميق داخل الأجهزة الإيرانية، واختراق غير مسبوق لأجواء البلاد. وعلى رغم ذلك لم تنجح إسرائيل في إسقاط النظام الإيراني أو تصفية قياداته بالكامل، مع غياب المرشد الأعلى علي خامنئي عن المشهد خلال الأيام الأولى للهجوم، ومن هنا فإن الادعاء الإيراني بالنصر يبدو مجرد دعاية، لأن الوضع يشبه ما حدث لـ "حزب الله" في لبنان إثر الضربات الإسرائيلية التي جعلت الدولة العبرية قادرة على القصف متى شاءت، وإن كانت تضع في الحسبان الرد الصاروخي المضاد من إيران، ولذلك يمكن تصنيف النظام الإيراني على المدى المتوسط والبعيد كخاسر رئيس في هذه الحرب. الفرص الضائعة في ساعات الهجوم الأولى دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشعب الإيراني إلى التمرد على نظام الجمهورية الإسلامية، وتبعه رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، في ترديد هذه الدعوات، غير أن دعواتهما لم تلق استجابة تذكر لا في طهران ولا في المحافظات الأخرى، بل هرب قرابة نصف سكان العاصمة نحو شمال البلاد هرباً من الضربات الجوية، ويرجع عزوف الجماهير عن التظاهر، كما يرى محللون، إلى رفض التعاون مع قوة أجنبية معتدية، إضافة إلى خشيتهم من تكرار السيناريوهات المأسوية في أفغانستان والعراق وليبيا. وقد عبر مثقفون وكتاب وفنانون عن هذا الرفض، فعلى رغم التراجع الحاد في شعبية النظام داخل إيران، وخصوصاً في طهران والمناطق الفارسية، فإن المشاعر الوطنية والقومية والمذهبية منعت حدوث اضطرابات كما حدث خلال احتجاجات مهسا أميني عام 2022، ففي أذربيجان والأحواز، حيث تتصاعد الهواجس من عودة رضا بهلوي للسلطة، لم يكن تأييد الهجوم الإسرائيلي خياراً مقبولاً. فوز محدود وخسارة متوقعة وعلى رغم النشوة المعلنة لدى النظامين الإيراني والإسرائيلي، فإن الوضع بالنسبة إلى طهران لا يعدو كونه انتصاراً موقتاً، فعودة المواطنين لمنازلهم لم تنه شعورهم بعدم الأمان وسط ضعف السلطة وتفاقم الأزمة المعيشية وارتفاع التضخم، وهو ما يهدد باندلاع اضطرابات جديدة أو حتى انقلاب داخلي محتمل من قبل الحرس الثوري، ولا سيما في مناطق القوميات غير الفارسية. وقد أفادت قناة فضائية بأن نتنياهو التقى رضا بهلوي قبل ثلاثة أيام من الهجوم، واتفقا، بحسب ما تردد، على تحريك الشارع الإيراني، لكن ذلك لم يحدث، إذ تعود علاقات الطرفين لتقارب تاريخي بين الشاه الراحل وتل أبيب، كما زار بهلوي إسرائيل في أبريل (نيسان) 2023 مما أثار جدلاً واسعاً. الخاسرون والفائز الحقيقي أول الخاسرين رضا بهلوي الذي انحاز صراحة إلى إسرائيل مما أفقده ثقة الجمهور الفارسي، من دون أن يكسب دعم القوميات الأخرى بسبب مواقفه السابقة الناكرة لحقوقها، وثانيهم أولئك الذين فرحوا بقصف المنشآت الاقتصادية في إيران، وبخاصة في الأحواز، وهي ملك الشعب الأحوازي، متوهمين أن الهجوم سيقوض النظام، لكن الجماهير لم تتجاوب مع تلك النداءات. ومن الجدير بالذكر أيضاً موقف منظمة "مجاهدي خلق" التي تعد عدواً لدوداً للنظام الإيراني والتيار الملكي على حد سواء، فعلى رغم علاقاتها السابقة مع اليمين الأميركي لكنها تجنبت تأييد الهجوم الإسرائيلي، واختارت شعاراً وسطاً "لا للمساومة، لا للحرب"، وقالت إن الحل الثالث هو التغيير الديمقراطي بيد الشعب والمقاومة المنظمة، وهي بذلك تحاول تجنب تكرار خطئها التاريخي بالتحالف مع صدام حسين خلال الحرب العراقية - الإيرانية الذي كلفها كثيراً من صدقيتها. ويبدو أن النظام الإيراني سيستغل الظرف الأمني لشن حملة قمع جديدة من المحتمل أن تشمل تنفيذ إعدامات تحت ذريعة التخابر مع الـ "موساد"، مع أن شبكات التجسس الحقيقية ربما لا تزال محصنة داخل مفاصل الدولة المحكومة بمنظومة فساد عميقة، وربما يكون دونالد ترمب هو الرابح الأكبر في هذا الصراع، فقد شاركت واشنطن في الهجوم العسكري وقادت وساطة أنهت الحرب، مما جعله اللاعب الأكثر تأثيراً والفائز الأول سياسياً.