Tunisie Telegraph في مثل هذا اليوم: كيف إستلهم قادة الولايات المتحدة وأوروبا من معركة كاناي التي خاضها حنبعل ضد الرومان
قبل عامين من تلك اللحظة، كان حنبعل قد عبر جبال الألب بقواته، متحديًا الطبيعة والتاريخ، ليجتاح شمال إيطاليا ويُكبّد الرومان خسائر متتالية. واليوم، يقف لمواجهة أكبر جيش روماني تم حشده بقيادة القنصل فارو، بهدف القضاء عليه نهائيًا.
على مدار أيام، نفّذ حنبعل مناورة خداعية بانسحابات متكررة جرّت الرومان عبر أراضٍ قاحلة نحو بلدة كاناي، حيث اختار مكان المعركة بعناية. اصطف جنوده على شكل قوس عند مدخل وادٍ ضيق، فيما وضع نخبة قواته من المشاة على التلال الجانبية، وأخفى سلاح الفرسان الثقيل خلف البلدة، على أرض مرتفعة.
كان حنبعل قد درس جيدًا طبيعة الجيش الروماني وتكتيكاته التي تعتمد على التقدم القوي من الجبهة. وفي ذلك اليوم، قرر استخدام هذه العقيدة ضد أصحابها.
كانت الشمس المشرقة في وجه الجنود الرومان، والرياح الجافة تثير الغبار وتشوّش رؤيتهم. ومع تقدمهم داخل الوادي، أحكم حنبعل الطوق عليهم، حيث قامت قواته على الأجنحة بالالتفاف لتُطبق الخناق من الخلف، في واحدة من أبرع عمليات 'التطويق المزدوج' في التاريخ العسكري.
بحسب المؤرخ بوليبوس، قُتل نحو 76 ألف جندي من الرومان وحلفائهم، وأُسر 10 آلاف آخرون، في حين لم يخسر القرطاجيون سوى 5700 مقاتل. إنها هزيمة ساحقة قل نظيرها.
تميزت خطة حنبعل باستخدامه الاستثنائي للعوامل الطبيعية: موقع الشمس، واتجاه الرياح، وطبيعة الأرض الوعرة، والتعب الجسدي للعدو بعد مسيرة طويلة. لكن الأهم كان قلبه لمعادلة التفوق العددي، حيث تحوّل عدد الرومان الكبير إلى عبء قاتل، إذ لم يتمكن معظمهم من القتال بسبب الزحام والاكتظاظ داخل المصيدة.
يقول المؤرخ العسكري ثيودور أيرولت دودج:'لم تعرف معركة في التاريخ تكتيكًا أرقى من كاناي. حنبعل تميّز كقائد ميداني لا مثيل له.'
وقد وصف المؤرخ روبرت ل. أوكونيل هذه المعركة بأنها 'اليوم الذي شهد أكبر عدد من القتلى في صفوف جيش واحد في تاريخ الحروب الغربية بأكمله.'
مع مرور الزمن، أصبحت معركة كاناي المرجع الأعلى للتكتيك العسكري. حاول قادة مثل فريدريك الأكبر، ومولتكه، وفون شليفن محاكاتها، دون أن يحققوا ما حققه حنبعل. ويقال إن نابليون سار بجيشه في ممرات جبال الألب فقط ليحاكي مسار حنبعل العظيم.
وفي العصر الحديث، اعترف الجنرال نورمان شوارسكوف، قائد عملية 'عاصفة الصحراء' عام 1991، بأن خطة الحرب ضد العراق استُلهمت من خطة حنبعل في كاناي، حيث تم تنفيذ التفاف مزدوج لتطويق القوات العراقية في الكويت، بدلًا من الهجوم المباشر.
ولعل أقوى إشادة بحنبعل جاءت من القائد الأعلى للحلفاء في الحرب العالمية الثانية والرئيس الأمريكي لاحقًا، دوايت أيزنهاور، الذي كتب:'كل قائد عسكري يحاول أن يكرر المثال الكلاسيكي لمعركة كاناي في الحروب الحديثة.'
ويؤكد المؤرخ دودج في ختام سيرته لحنبعل:'حنبعل يقف منفردًا، لا يُضاهى.'
رغم وفاته سنة 184 قبل الميلاد، فإن حنبعل لا يزال حيًا في عقول القادة وخطط الجيوش. انتصاره في كاناي لم يكن مجرّد انتصار في معركة، بل علامة فارقة لا تزال تُلهم، وتُدرَّس، وتُقلَّد حتى اليوم.
المصدر https://militaryhistorynow.com/2020/12/13/the-battle-of-cannae-how-historys-greatest-victory-inspired-generals-for-2000-years//
جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة
تونس تليغراف
منذ 4 أيام
- تونس تليغراف
Tunisie Telegraph في مثل هذا اليوم: كيف إستلهم قادة الولايات المتحدة وأوروبا من معركة كاناي التي خاضها حنبعل ضد الرومان
في فجر الثاني من أوت عام 216 قبل الميلاد، كانت روما على موعد مع هزيمة مدوية ستبقى محفورة في الذاكرة العسكرية للأبد. على ربوة تطل على سهل شاسع في جنوب شرق إيطاليا، وقف القائد القرطاجي حنبعل برقا يراقب تقدم جيش روماني هائل يضم 87 ألف جندي من المشاة والفرسان، توجّه مباشرة نحو قواته المتواضعة عدديًا، والبالغة نحو 50 ألف مقاتل فقط. قبل عامين من تلك اللحظة، كان حنبعل قد عبر جبال الألب بقواته، متحديًا الطبيعة والتاريخ، ليجتاح شمال إيطاليا ويُكبّد الرومان خسائر متتالية. واليوم، يقف لمواجهة أكبر جيش روماني تم حشده بقيادة القنصل فارو، بهدف القضاء عليه نهائيًا. على مدار أيام، نفّذ حنبعل مناورة خداعية بانسحابات متكررة جرّت الرومان عبر أراضٍ قاحلة نحو بلدة كاناي، حيث اختار مكان المعركة بعناية. اصطف جنوده على شكل قوس عند مدخل وادٍ ضيق، فيما وضع نخبة قواته من المشاة على التلال الجانبية، وأخفى سلاح الفرسان الثقيل خلف البلدة، على أرض مرتفعة. كان حنبعل قد درس جيدًا طبيعة الجيش الروماني وتكتيكاته التي تعتمد على التقدم القوي من الجبهة. وفي ذلك اليوم، قرر استخدام هذه العقيدة ضد أصحابها. كانت الشمس المشرقة في وجه الجنود الرومان، والرياح الجافة تثير الغبار وتشوّش رؤيتهم. ومع تقدمهم داخل الوادي، أحكم حنبعل الطوق عليهم، حيث قامت قواته على الأجنحة بالالتفاف لتُطبق الخناق من الخلف، في واحدة من أبرع عمليات 'التطويق المزدوج' في التاريخ العسكري. بحسب المؤرخ بوليبوس، قُتل نحو 76 ألف جندي من الرومان وحلفائهم، وأُسر 10 آلاف آخرون، في حين لم يخسر القرطاجيون سوى 5700 مقاتل. إنها هزيمة ساحقة قل نظيرها. تميزت خطة حنبعل باستخدامه الاستثنائي للعوامل الطبيعية: موقع الشمس، واتجاه الرياح، وطبيعة الأرض الوعرة، والتعب الجسدي للعدو بعد مسيرة طويلة. لكن الأهم كان قلبه لمعادلة التفوق العددي، حيث تحوّل عدد الرومان الكبير إلى عبء قاتل، إذ لم يتمكن معظمهم من القتال بسبب الزحام والاكتظاظ داخل المصيدة. يقول المؤرخ العسكري ثيودور أيرولت دودج:'لم تعرف معركة في التاريخ تكتيكًا أرقى من كاناي. حنبعل تميّز كقائد ميداني لا مثيل له.' وقد وصف المؤرخ روبرت ل. أوكونيل هذه المعركة بأنها 'اليوم الذي شهد أكبر عدد من القتلى في صفوف جيش واحد في تاريخ الحروب الغربية بأكمله.' مع مرور الزمن، أصبحت معركة كاناي المرجع الأعلى للتكتيك العسكري. حاول قادة مثل فريدريك الأكبر، ومولتكه، وفون شليفن محاكاتها، دون أن يحققوا ما حققه حنبعل. ويقال إن نابليون سار بجيشه في ممرات جبال الألب فقط ليحاكي مسار حنبعل العظيم. وفي العصر الحديث، اعترف الجنرال نورمان شوارسكوف، قائد عملية 'عاصفة الصحراء' عام 1991، بأن خطة الحرب ضد العراق استُلهمت من خطة حنبعل في كاناي، حيث تم تنفيذ التفاف مزدوج لتطويق القوات العراقية في الكويت، بدلًا من الهجوم المباشر. ولعل أقوى إشادة بحنبعل جاءت من القائد الأعلى للحلفاء في الحرب العالمية الثانية والرئيس الأمريكي لاحقًا، دوايت أيزنهاور، الذي كتب:'كل قائد عسكري يحاول أن يكرر المثال الكلاسيكي لمعركة كاناي في الحروب الحديثة.' ويؤكد المؤرخ دودج في ختام سيرته لحنبعل:'حنبعل يقف منفردًا، لا يُضاهى.' رغم وفاته سنة 184 قبل الميلاد، فإن حنبعل لا يزال حيًا في عقول القادة وخطط الجيوش. انتصاره في كاناي لم يكن مجرّد انتصار في معركة، بل علامة فارقة لا تزال تُلهم، وتُدرَّس، وتُقلَّد حتى اليوم. المصدر
إذاعة المنستير
٢١-٠٦-٢٠٢٥
- إذاعة المنستير
الأحد القادم: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني.
أعلنت وزارة الدفاع الوطني، في بلاغ أصدرته اليوم الجمعة 20-06-2025، ان المتاحف العسكرية الأربعة التابعة لها، ستفتح أبوابها مجانا للعموم بعد غد الأحد 22-06-2025، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني الذي يوافق 24 جوان من كل سنة. وأفادت الوزارة، بأن مبادرتها تهدف الى تشجيع المواطنين لاسيما منهم الأطفال والشباب، على التعرف على أبرز المحطات في التاريخ العكسري الوطني، من خلال الاطلاع على محتويات هذه المتاحف التي تروى مسيرة الجندي التونسي من العهد القرطاجني مرورا بالعصر الحديث، ودوره في المشاركة في المحطات الكبرى التي مرّت على تونس. وأوضحت أن زوار المتاحف، سيتمكنون من اكتشاف مكونات كل من المتحف العسكرى الوطني قصر الوردة بمنوبة، الذي يحفظ أكثر من 21 ألف قطعة أثرية من تجهيزات عسكرية وأسلحة وأزياء، تعود إلى مختلف فترات التاريخ العسكرى المجيد لتونس. وأضافت أنه يمكن للمواطنين زيارة متحف خط مارث (ولاية قابس) الواقع بطريق مدنين بالجنوب، والذي يشهد موقعه الجغرافي على معارك الحرب العالمية الثانية التي دارت بتونس، لا سيما منها معركة مارث التي جرت في الليلة الفاصلة بين 20 و21 مارس 1943 بين الجيش البريطاني وقوات المحور. أما رواد متحف الذاكرة المشتركة التونسية الجزائرية بغار الدماء (ولاية جندوبة)، فسيطلعون، وفق بلاغ الوزارة، على مجموعة ثرية من الوثائق الارشيفية والصور والخرائط، التي تخلد الدعم التونسي للثورة الجزائرية منذ اندلاعها.
تورس
٢٠-٠٦-٢٠٢٥
- تورس
الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني
وأفادت الوزارة، في بلاغ لها، بأن مبادرتها تهدف إلى تشجيع المواطنين لاسيما منهم الأطفال والشباب، على التعرف على أبرز المحطات في التاريخ العسكري الوطني، من خلال الاطلاع على محتويات هذه المتاحف التي تروى مسيرة الجندي التونسي من العهد القرطاجني مرورا بالعصر الحديث، ودوره في المشاركة في المحطات الكبرى التي مرّت على تونس. وأوضحت أن زوار المتاحف، سيتمكنون من اكتشاف مكونات كل من المتحف العسكري الوطني قصر الوردة بمنوبة، الذي يحفظ أكثر من 21 ألف قطعة أثرية من تجهيزات عسكرية وأسلحة وأزياء، تعود إلى مختلف فترات التاريخ العسكري المجيد لتونس. وأضافت أنه يمكن للمواطنين زيارة متحف خط مارث (ولاية قابس) الواقع بطريق مدنين بالجنوب، والذي يشهد موقعه الجغرافي على معارك الحرب العالمية الثانية التي دارت بتونس ، لا سيما منها معركة مارث التي جرت في الليلة الفاصلة بين 20 و21 مارس 1943 بين الجيش البريطاني وقوات المحور. أما رواد متحف الذاكرة المشتركة التونسية الجزائرية بغار الدماء (ولاية جندوبة)، فسيطلعون، وفق بلاغ الوزارة، على مجموعة ثرية من الوثائق الارشيفية والصور والخرائط، التي تخلد الدعم التونسي للثورة الجزائرية منذ اندلاعها. كما سيتيح متحف البحرية ببنزرت، الفرصة لزائريه، للاطلاع على تاريخ البحرية في تونس ، ومعاينة مجسمات لوحدات وتجهيزات بحرية.
