
ترامب وهندسة النظام العالمي.. إستراتيجية "يالطا" الجديدة
غداة دخوله البيت الأبيض في ولاية ثانية، أطاح الرئيس الأميركي بالمفاهيم الكلاسيكية للسياسة الخارجية لبلاده، والتي ترتكز حول مفهوم حارس النظام العالمي في عصر القطب الواحد، مثل ضبط التوازنات، ونشر القيم الغربية وخلافه. لكن السؤال الكبير المطروح في أوساط النخب الأميركية، والغربية عموماً، هو على الشكل التالي: بينما يعمل ترامب على هدم النسخة القديمة من السياسة الخارجية الأميركية، ماذا يريد أن يبني مكانها؟
يريد ترامب أن يطوي حقبة طويلة انطلقت عقب تفكك الاتحاد السوفياتي، وانسحاب الصين من الواجهة من أجل تطوير قدراتها الذاتية، ما أتاح هيمنة القطب الأميركي الأوحد على صناعة القرار العالمي
هندسة النظام العالمي
في الواقع، تبين أفعال ترامب ومواقفه أنه يعتزم إعادة هندسة النظام العالمي، عبر توازن قوى جديد يرتكز على 3 أقطاب: أميركا وروسيا والصين.. نظرته تبتعد عن سياسة إدارة الأزمات المعقدة، وضبط التوازنات، والتخلص من الأعباء المالية المترتبة عنها، لصالح النظر إلى الصراعات بمنطق استثماري بحت، حيث تتحول مناطق الصراع إلى فرص استثمارية.
على سبيل المثال، هو يعتبر أن الشرق الأوسط يشكل منصة استثمار، تحتاج إلى من يملك جرأة تجاوز البروتوكولات الدبلوماسية القديمة، من أجل عقد صفقات ذات نتائج سريعة وبكلفة زهيدة للغاية. وبذا ترتسم ملامح السياسة الخارجية الأميركية للسنوات المقبلة على الشكل التالي: كلام أقل، أسلوب مباشر، صفقات أكثر.
يريد ترامب أن يطوي حقبة طويلة انطلقت عقب تفكك الاتحاد السوفياتي، وانسحاب الصين من الواجهة من أجل تطوير قدراتها الذاتية، ما أتاح هيمنة القطب الأميركي الأوحد على صناعة القرار العالمي، بالشراكة مع القوى الأوروبية، خصوصاً بعد تأسيس الاتحاد الأوروبي كقوة جيوسياسية- اقتصادية بارزة، وكان حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأداة التوسعية الضاربة لهذا التوازن.
يرى الرئيس الأميركي ضرورة قلب هذا التوازن لتأسيس توازنات جديدة، تنسجم مع الوقائع الصلبة ومعادلات القوة والنفوذ، ولا سيما بعد فشل كل الجهود المبذولة لعزل روسيا أو إضعافها، رغم كل ما أنفق عليها من موارد سياسية وعسكرية واقتصادية، وكذلك ضعف الحليف التقليدي المتمثل بالاتحاد الأوروبي وهشاشته.
أشار إدوارد وونغ، إلى تحول هائل في السياسة الخارجية الأميركية على يد ترامب، ينسف التوازنات القائمة، ويستند على فكرة تقاسم النفوذ الجيوسياسي بين القوى العظمى الثلاث، أي أميركا وروسيا والصين
"يالطا" الجديدة
في فبراير/ شباط الماضي، قال رئيس الاستخبارات البريطانية السابق، أليكس يونغر، في مقابلة على قناة "BBC 2″، إن سياسة لي الذراع التي يتبعها ترامب تشبه مؤتمر "يالطا"، الذي عقد عام 1945 عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية.
في ذلك المؤتمر الشهير، حدد قادة 3 دول قوية (فرانكلين روزفلت رئيس أميركا، وجوزيف ستالين الزعيم السوفياتي، وونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا) مصير القارة الأوروبية، بدون أي اعتبار للدول الصغرى، وانسحب الأمر ليشمل تقريباً العالم كله. ويرى يونغر أن ترامب يعيد بناء النظام العالمي عبر "يالطا" جديدة تضم أميركا وروسيا والصين.
كذلك، يقول المعلق الشهير في صحيفة "واشنطن بوست" في مارس/ آذار الماضي، إن ترامب يتصور نظاماً يتسيده الأقوياء وتصنع فيه القوة الحق. بنظره -وحسب مفاهيمه كمطور عقاري- فإن الدول القوية هي التي تهيمن في النهاية، والقوة دائماً على صواب.
ويبين أغناتيوس أن الرئيس الأميركي بدأ بتنفيذ هذه الرؤية بشكل سريع، من خلال التخلي عن الحلفاء القدامى، وعبر أدوات أخرى مثل قطع برامج المساعدات والدعم العسكري والأمني وغيرها، مقابل الانفتاح على روسيا، حيث لا ينفك عن كيل المديح لرئيسها فلاديمير بوتين.
تأثير هذه الإستراتيجية ظهر سريعاً في أوكرانيا، مع ميل ترامب إلى الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وكذلك على الأقاليم الأربعة شرقي أوكرانيا (لوغانسك، دونيتسك، زابورجيا، خيرسون) مقابل الحصول على حق استثمار الثروة المعدنية.
مناطق النفوذ
وفي الإطار عينه، أشار الكاتب البارز في صحيفة "نيويورك تايمز"، إدوارد وونغ، أواخر مايو/ أيار الماضي، إلى تحول هائل في السياسة الخارجية الأميركية على يد ترامب، ينسف التوازنات القائمة، ويستند على فكرة تقاسم النفوذ الجيوسياسي بين القوى العظمى الثلاث، أي أميركا وروسيا والصين، بحيث تفرض كل واحدة منها نفوذها على مجالها الحيوي في الكرة الأرضية.
ويرى وونغ في هذا التصور اقتباساً لأسلوب الحكم الإمبراطوري، الذي كان قائماً في القرن التاسع عشر وفق مفهوم "مناطق النفوذ"، وهو مصطلح نشأ في "مؤتمر برلين" (1884-1885)، الذي اعتمدت فيه القوى الأوروبية خطة رسمية لتقسيم القارة الأفريقية.
ويستدل بعض خبراء السياسة والمحللين الإستراتيجيين على هذه النزعة لدى ترامب في سعيه لتوسيع نفوذ الولايات المتحدة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، من خلال محاولة ضم غرينلاند وكندا، وإعادة السيطرة على "قناة باناما". ويرى هؤلاء أن الرئيس الأميركي ومساعدوه يصرون على توسيع النفوذ من الدائرة القطبية الشمالية إلى أميركا الجنوبية، باعتبارها المجال الحيوي للولايات المتحدة، مقابل الاعتراف بنفوذ جيوسياسي لروسيا في مجالها الحيوي، أي الجيوبوليتيك السوفياتي الذي يمتد ليشمل أوروبا الشرقية والبلقان والقوقاز ويصل إلى آسيا الوسطى.
في الوقت نفسه، تشير تقارير غربية إلى أن ترامب يرى بأن الحفاظ على قيادة أميركا للعالم توجب التكيف مع المتغيرات والوقائع، من خلال الاعتراف بقوة روسيا الجيوسياسية والاقتصادية، وتنظيم العلاقة معها ومع الصين، وإدارة الخلافات من خلال منظومة جديدة، تتضمن إيجاد طرق للتعاون في المصالح والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
هذا سيفضي في النهاية إلى إعادة تعريف التحالفات بين القوى العالمية، فتسقط قوى وتصعد قوى أخرى.. والمستفيد الأول من هذه المنظومة الجديدة سيكون روسيا، التي لطالما أكد رئيسها فلاديمير بوتين أن النظام السائد مجحف، ولا يمكنه أن يدوم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 19 دقائق
- الجزيرة
سي إن إن: الضربات الأميركية لم تدمر برنامج إيران النووي وفقا للاستخبارات
أفادت شبكة "سي إن إن" بأن التقييم الأولي للاستخبارات يظهر أن الضربات الأميركية على 3 منشآت نووية في إيران -فجر الأحد- لم تدمر العناصر الأساسية للبرنامج النووي الإيراني ، وربما لم ترجعه إلى الوراء إلا بمقدار بضعة أشهر فقط. وأوضحت "سي إن إن" أن هذا التقييم -الذي نقلته عن 3 مصادر اطلعت عليه، وتُنشر فحواه لأول مرة- صدر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية، وهي ذراع الاستخبارات لوزارة الدفاع (البنتاغون)، ويستند إلى التقييم الذي أجرته القيادة الوسطى الأميركية عقب الضربات. وقال اثنان من المصادر إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم يُدمر، كما قال أحدهم إن أجهزة الطرد المركزي سليمة إلى حد بعيد، "لذلك فإن تقييم (الوكالة) يعني أن الولايات المتحدة ربما أعاقتهم بضعة أشهر فقط على أقصى تقدير". وقالت الشبكة الأميركية إن البيت الأبيض أقر بوجود مثل هذا التقييم لكنه أعرب عن معارضته له. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان لسي إن إن "هذا التقييم المزعوم خاطئ تماما وقد تم تصنيفه سري للغاية لكنه مع ذلك سرُب إلى سي إن إن من قبل شخص مجهول فاشل في مستوى منخفض بمجتمع الاستخبارات". وأضافت المتحدثة أن "تسريب هذا التقييم المزعوم محاولة واضحة للحط من قدر الرئيس ترامب". وقد نُفذ الهجوم الأميركي المفاجئ -الذي أطلق عليه اسم "مطرقة منتصف الليل"- باستخدام 7 قاذفات شبح من طراز "بي 2" استهدفت المنشآت النووية الرئيسية في فوردو ونطنز وأصفهان. وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الاثنين أن الهجوم دمر المواقع النووية الإيرانية، واتهم شبكة "سي إن إن" بترويج أخبار كاذبة تقول بعكس ذلك.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إنجازات وخسائر إسرائيل بعد وقف الحرب على إيران
القدس المحتلة- بعد 12 يوما من المواجهة العسكرية المكثفة بين إسرائيل و إيران ، دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، معلنا نهاية مرحلة من الصراع الحاد، لكنه لم يحدد مسارًا واضحا لما بعده. ما تحقق في هذه الحرب لا يمكن اختزاله في انتصار حاسم أو هزيمة كلية، بل مزيج من الإنجازات العسكرية الملحوظة، والإخفاقات السياسية والإستراتيجية التي تطرح أسئلة صعبة حول مستقبل الصراع. وعسكريا، نجحت إسرائيل بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة ، بتوجيه ضربات مؤثرة للبرنامج النووي الإيراني ، وإلحاق أضرار جسيمة ب ترسانتها الصاروخية. وأعادت هذه الضربات، وبحسب التحليلات الإسرائيلية، تأخير تطوير السلاح النووي وطوَّقت تهديدات الصواريخ الباليستية ، مما خلق نوعا من ميزان ردع جديد في المنطقة. لكن الإنجاز العسكري لم يكن كاملا بإجماع محللين إسرائيليين، فلم يُدمر المشروع النووي، وستستمر إيران بتطوير برنامجها النووي، ولم يسقط النظام الإيراني كما كانت تطمح تل أبيب وأطراف دولية. بل بدا النظام أكثر تماسكا، وما زال المرشد الإيراني علي خامنئي على رأس الهرم، ويحظى بدعم شعبي ملحوظ، ما يعكس إخفاقًا في تقويض أركان النظام أو تأليب الرأي العام الإيراني ضده خلال أيام القتال. وفي الوقت ذاته، كشفت الحرب هشاشة الدفاع الإسرائيلي، كالقدرة المحدودة على صد الصواريخ الباليستية، والضعف في البنية التحتية للجبهة الداخلية، التي عانت نقص الملاجئ والحماية المدنية، إضافة للتحديات الأمنية التي فرضها إغلاق المجال الجوي، وتقطع سبل عشرات آلاف الإسرائيليين بالخارج. وزاد تعقيد المشهد، أنّ وقف إطلاق النار لم يستند إلى اتفاق سياسي ملزم، ما يجعل استئناف إيران نشاطها النووي والصاروخي محتملا، سواء عبر تطوير ذاتي أو من خلال التعاون مع دول أخرى ك روسيا و الصين ، وهو ما يعني أن إسرائيل تواجه تحديا مستمرا للحفاظ على تفوقها وقدرتها على الردع، وسط احتمالية تصعيد مستقبلي. استثمار الإنجازات ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ بين إسرائيل وإيران، أفاد المراسل العسكري للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، إيتاي بلومنتال أن "إسرائيل حققت إنجازات عسكرية إستراتيجية مهمة". ووفق التقييمات الأولية، يقول بلومنتال "تلقى البرنامج النووي الإيراني ضربة قاسية ستؤخر تقدمه لسنوات"، وذلك بعد غارات أميركية على منشآت نووية حيوية في فوردو ، و نطنز ، و أصفهان ، كما نفذت إسرائيل أيضا عملية "نارنيا"، اغتيل خلالها 11 عالمًا نوويًا إيرانيًا، ما أفقد النظام خبرات نووية قيمة. وعلى صعيد الصواريخ، أُطلقت حوالي 600 صاروخ إيراني على إسرائيل، بينما دمَّر سلاح الجو الإسرائيلي نحو 60% من منصات الإطلاق ومصانع تصنيع الصواريخ، ما قلَّص ترسانة إيران من ألفين إلى حوالي ألف صاروخ باليستي، وأرجأ خطط إنتاجها الصاروخية لسنوات. ورغم وقف إطلاق النار، يؤكد رئيس قسم الشؤون العربية في هيئة البث الإسرائيلية "كان 11″، روعي كيس، أن الصراع مع إيران لم ينتهِ فعليا، وقد تلقى النظام الإيراني ضربات قوية في برنامجه النووي وترسانته العسكرية، ما كشف هشاشة بنيته الإستراتيجية. ومع ذلك، يشير كيس إلى أن النظام الإيراني لا يستسلم بسهولة، والفكر المعادي لإسرائيل وأميركا لا يزال راسخا ويحظى بتأييد داخل إيران وحلفائها الإقليميين. وطرح كيس تساؤلات حول المرحلة القادمة وكيفية ترجمة الإنجازات العسكرية لواقع سياسي ينهي هيمنة إيران، وعن تعزيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية بعد الخسائر، واستثمار نقاط ضعف إيران لتعزيز الاستقرار الإقليمي. وختم بأن التحدي يكمن في تحويل النجاحات العسكرية إلى إنجازات سياسية مستدامة، لتجنب تحولها إلى لحظة عابرة في صراع طويل. وأسفرت الحرب عن سقوط 28 قتيلا إسرائيليا، وإصابة أكثر من 3200 شخص، بينهم 5 قتلوا بصاروخ إيراني على بئر السبع قبل لحظات من وقف الحرب، ما يشير إلى أن طهران لا تزال تحتفظ بقدرتها على الرد. كما أدت الهجمات الصاروخية إلى إغلاق كامل للمجال الجوي الإسرائيلي، بما في ذلك مطار بن غوريون، مما عزل أكثر من 150 ألف إسرائيلي في الخارج، وأعاد تسليط الضوء على هشاشة الدفاع الجوي وجاهزية إسرائيل لمواجهة تصعيد واسع النطاق. ورغم الإنجازات العسكرية، تكشف هذه التطورات، بحسب قراءة المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، عن ثغرة في معادلة الردع، إذ تؤكد إيران استمرار قدراتها الصاروخية الهجومية، مما يثير تساؤلات حول فعالية الردع الإسرائيلي والأميركي. وكشفت الحرب عن ثغرات في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، حيث فشلت منظومات الاعتراض بصد نحو 50% من الصواريخ الباليستية الإيرانية التي اخترقت الحماية ووصلت لمناطق مأهولة ومواقع إستراتيجية، مسببة أضرارا جسيمة. وهذا الإخفاق أثار تساؤلات حول جاهزية الأنظمة الحالية وقدرتها على التعامل مع تهديدات بهذا الحجم والدقة، ما يعيد النقاش حول ضرورة تسريع تطوير أنظمة دفاع مستقبلية، خاصة المعتمدة على الليزر، وتعزيز الحماية الميدانية للجبهة الداخلية. كما أظهرت الأحداث ضعف تجهيز الملاجئ والغرف المحصنة، وبالتالي زاد شعور الإسرائيليين بعدم الأمان، وعزَّز الحاجة للحماية المدنية وتنويع وسائل الدفاع لضمان سلامة الأشخاص. "جرد حساب" وتحت عنوان "إنجاز تاريخي أم وهم مؤقت؟ إنهاء الحرب مع إيران والأسئلة الصعبة"، كتب المحلل السياسي إيتمار آيخنر، مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تناول فيه صورة شاملة للعملية العسكرية من زاوية الربح والخسارة في الميزان الإسرائيلي. واستعرض آيخنر ما حققته إسرائيل من إنجازات بارزة على الصعيدين العسكري والسياسي، لكنه لم يغفل الإخفاقات والتحديات التي برزت خلال العملية، سواء في الجبهة الداخلية أو في غياب تسوية سياسية شاملة تضمن ديمومة هذه "النجاحات"، حسب وصفه. ومع أنه قدَّم قراءة أولية لنتائج العملية، إلا أن آيخنر ترك الإسرائيليين أمام مجموعة من الأسئلة المفتوحة، التي تعكس حجم الغموض المحيط بالتقييم النهائي للحرب. وفي ظل هذا المشهد المعقّد، تبقى عملية جرد الحساب غامضة، ويصعب الحسم في ما إذا كان ما تحقق يُعد انتصارًا فعليًا أم مجرد نجاح مؤقت، أقرب إلى الضبابية وربما إلى شكل من أشكال الإنكار غير المعلن. ومما يعزز هذه القراءة الأسئلة الكبرى التي تطرح ولم تلق جوابا بعد من قبل صناع القرار في إسرائيل؛ هل شكلت الحملة العسكرية إنجازا "تاريخيا" سيغير خريطة التهديدات في الشرق الأوسط ؟ أم أنها لحظة مؤقتة ستستأنف بعدها المواجهة مع طهران بشكل أعنف؟ والإجابات بحسب آيخنر، لن تأتي فورا، وستستغرق شهورا، وربما سنوات، لفهم مدى نجاح العملية بتحقيق أهدافها الجوهرية وهي تدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، واستعادة قوة الردع، وتأمين حرية عمل لسلاح الجو الإسرائيلي في عمق إيران.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
نتنياهو: لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة- إن الهجمات المفاجئة التي شنتها القوات الإسرائيلية ستسجل في تاريخ الحروب، في حين قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، إن الحملة العسكرية ضد إيران "لم تنته" بل دخلت "مرحلة جديدة". وأكد نتنياهو في كلمة له مساء اليوم الثلاثاء إن إسرائيل قتلت خلال حملتها العسكرية على إيران كبار القادة وعلماء الذرة الإيرانيين، وهاجمت عشرات المواقع التابعة للبرنامج النووي الإيراني. وأضاف " وصلنا إلى طهران ودمرنا محور الشر الإيراني مقابل ثمن باهظ دفعته جبهتنا الداخلية"، معتبرا أن انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب مثل حدثا تاريخيا وثمرة جهود قادها مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر. وشدد على أن إيران لن تحصل على سلاح نووي، قائلا "سبق أن وعدتكم أن إيران لن تحصل على سلاح نووي"، وإذا حاولت إعادة بناء برنامجها النووي فسندمره مرة أخرى. وقال إن إسرائيل تلقت في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 أسوأ كارثة في تاريخها، "لكننا رددنا الصاع صاعين، وسنكمل مهمتنا ضد محور الشر ونهزم حماس ونعيد مخطوفينا الأحياء والأموات إلى الديار". مرحلة جديدة مع إيران من جهته، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، إن الحملة العسكرية ضد إيران "لم تنته" بل دخلت "مرحلة جديدة"، مؤكدا أن إسرائيل أعادت البرنامج النووي الإيراني"أعواما إلى الوراء" خلال الحرب التي درات بين الطرفين خلال الأيام 12 الماضية. وأكد زامير أن الجيش الإسرائيلي"أنهى فصلا مهما" من عملياته ضد إيران، وأعاد مشروع إيران النووي والصاروخي سنوات إلى الوراء، لكنه شدد على أن "المعركة لم تنتهِ بعد". وأضاف "سنواصل العمل وفقا لإنجازات هذه المرحلة". وقال إن الجيش الإسرائيلي سيعيد -بناء على ذلك- تركيز جهوده على قطاع غزة بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إيران، مؤكدًا أن الأولوية الآن هي ما وصفه بـ"إعادة الرهائن إلى ديارهم وتفكيك نظام حركة حماس". أما وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فقال في مكالمة مع نظيره الأميركي إن إسرائيل ستحترم وقف إطلاق النار طالما التزم به الجانب الآخر. لبيد: دفعنا ثمنا باهظا وفي السياق ذاته، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن إسرائيل "دفعت ثمنا باهظا" في هذه الحرب، لكنه وصف الهجمات على إيران بأنها "من أروع العمليات في تاريخ الحروب". وطالب لبيد بالتوصل إلى اتفاق دولي يضمن عدم امتلاك إيران سلاحا نوويا، وإنهاء الحرب في غزة. وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق أن عملياته ضد إيران وصلت إلى "نهاية فصل مهم"، في إشارة إلى انتهاء المرحلة الأولى من الحملة التي استمرت 12 يومًا، وشهدت ضربات غير مسبوقة استهدفت منشآت نووية وصاروخية داخل إيران. وفي وقت سابق، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل قصفت منظومة رادارات قرب طهران صباح اليوم الثلاثاء لكنها تمتنع عن شن هجمات إضافية بعد مكالمة أجراها نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان ترامب قد أعلن التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بدءا من صباح اليوم بعد حرب استمرت 12 يوما، لكن طهران قالت إن تل أبيب واصلت هجماتها عليها حتى الساعة 9 صباحا بالتوقيت المحلي بعد سريان وقف إطلاق النار الساعة 7 صباحا. وشنت إسرائيل حربها على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، حيث استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية واغتالت قادة عسكريين كبارا -بينهم قائد الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان- وعلماء نوويين بارزين، وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية. وساندت الولايات المتحدة إسرائيل بتنفيذ ضربة على المنشآت النووية الرئيسية في إيران فجر الأحد، ثم أعلن ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بدءا من فجر اليوم، وأعلن مكتب نتنياهو الموافقة عليه.