
لماذا اعتمدت إيران على أسلحتها القديمة في هجماتها على إسرائيل؟
طهران – منذ بدء إسرائيل حربها الشاملة ضد إيران فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، أطلقت طهران مئات الصواريخ في أولى موجات ردها، لكن سرعان ما بدأ عددها يتراجع تدريجيا، مما أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت إيران قد غيّرت إستراتيجيتها العسكرية، خاصة مع تأكيد مؤسساتها العسكرية استخدام نماذج من الجيل القديم في تلك الضربات الصاروخية.
وفي هذا السياق، كشف رئيس دائرة التوجيه العقائدي والسياسي في القيادة العامة للقوات المسلحة الإيرانية علي سعيدي، أن بلاده اعتمدت على صواريخ قديمة في هجماتها الأخيرة على إسرائيل، مؤكدا -في تصريح نقلته وكالة تسنيم المقربة من الحرس الثوري – أن إدخال أسلحة متطورة إلى ساحة المواجهة "سيجعل الكيان الصهيوني يدرك الحجم الحقيقي لقوة الجمهورية الإسلامية".
وفي حين تتحدث طهران عن امتلاكها مئات "المدن الصاروخية" المدفونة في أعماق الأرض، طرح تصريح سعيدي تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تعاني بالفعل من نقص في الذخائر الحديثة بعد ضرب مستودعاتها الإستراتيجية كما تقول إسرائيل، أم إن طهران تتعمد استنزاف الدفاعات الإسرائيلية بصواريخ قديمة وتحتفظ بالأجيال الأحدث لجولات لاحقة من الصراع.
تكتيك استنزاف
من ناحيته، فسّر المستشار السابق للوفد الإيراني المفاوض محمد مرندي اعتماد بلاده على صواريخ قديمة بأنه جزء من إستراتيجية محسوبة لتقليل الكلفة واستنزاف دفاعات إسرائيل.
وفي منشور له على منصة "إكس"، كتب مرندي "معظم الصواريخ التي استخدمتها إيران عمرها بين 20 و30 عاما، لكن لاحظوا الصاروخ الحديث الذي أصاب حيفا وتسبب بانقطاع الكهرباء. انتظروا قليلا، فعندما تنفد الصواريخ القديمة ستصبح الأمور أكثر إثارة بالنسبة لهذا النظام المجرم قاتل الأطفال".
ويوحي حديث مرندي بأن إيران تتبع سياسة الرد التدريجي وتحتفظ بما هو أكثر تدميرا لجولات مقبلة من المواجهة، في إطار إدارة محسوبة للصراع، قائمة على مزيج من الإرباك والاستنزاف.
ما الجدوى؟
ورغم أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين توحي بأن ما جرى حتى الآن لا يمثل سوى "قمة جبل الجليد" من ترسانة إيران الصاروخية، تساءلت دوائر سياسية في طهران عن جدوى استخدام هذا الكم من الصواريخ القديمة، في حين تمتلك البلاد ترسانة حديثة ومتطورة؟
وفي تفسير لذلك، تقول الباحثة في الشؤون العسكرية إلميرا بابائي إن الاستخدام الإيراني للصواريخ لا يخضع فقط لمعياري المدى أو القدرة التفجيرية، بل يأتي في إطار "رقعة شطرنج إستراتيجية" تعتمد على خلط النماذج القديمة بالجديدة لإرباك العدو.
وفي مقال لها بموقع "ألفبا خبر"، توضح بابائي أن إيران تهدف من خلال هذا التكتيك إلى استنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية التي تعتمد أنظمة مكلفة مثل " القبة الحديدية" و" ثاد" و" آرو"، حيث يمكن أن تتراوح تكلفة كل صاروخ اعتراض بين 50 ألفا و3 ملايين دولار.
وبذلك، فإن استخدام صواريخ من المخزونات القديمة يجبر إسرائيل على استنزاف مواردها الدفاعية بمردود مالي ونفسي مرتفع لطهران.
هشاشة في الصمود
وتشير تقديرات غربية -وفق بابائي- إلى أن قدرة إسرائيل على مقاومة كثافة الضربات الصاروخية الإيرانية قد لا تتجاوز 7 إلى 10 أيام، وقد تمتد إلى 15 يوما في حال الحصول على دعم فوري من الجيش الأميركي وقواعده في المنطقة، وتضيف أن "هذه القدرة تبدو هشة للغاية في مواجهة وابل من الصواريخ ينطلق من إيران ومجموعات المقاومة في لبنان وسوريا والعراق".
وترى بابائي أن هذا النهج يخدم هدفا مزدوجا، من جهة، استنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ومن جهة أخرى، تضليل العدو بشأن الحجم الحقيقي للترسانة الإيرانية، وبالتالي عندما تبدأ طهران باستخدام صواريخها الأحدث، تكون إسرائيل قد فقدت قدراتها الفاعلة على التصدي.
واعتمدت إيران، حسب المقال، على مبدأ "إشباع دفاعات العدو" من خلال إطلاق كميات هائلة من الصواريخ الرخيصة، لإجبار المنظومة الدفاعية على العمل بأقصى طاقتها، ما يؤدي إلى إنهاكها اقتصاديا وتشغيليا.
كما يسمح هذا التكتيك لبعض الصواريخ باختراق طبقات الدفاع وتدمير أهداف حساسة، مما يفاقم الضغط على متخذي القرار في الجانب الإسرائيلي.
وتخلص بابائي إلى أن طهران نفذت هجمات مركبة، من خلال توزيع الأجيال المختلفة من الصواريخ بشكل مدروس، لتكون بذلك قد وجّهت ضربة ذكية وغير مكلفة، تمهّد الطريق لضربات أكثر قسوة إذا تطلبت المواجهة ذلك.
حماية وتضليل
وفي وقت تتسابق فيه الدول الكبرى لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير منظومات التسلح، تشير الكاتبة إلى أن إطلاق الصواريخ الحديثة قد يعرض بصماتها التقنية لخطر الرصد أو الاختراق، لذلك، فإن استخدام النماذج القديمة يوفر -وفق منظور إيراني- تغطية تكتيكية تمنع إسرائيل من فهم كامل القدرات الإيرانية.
وبالإضافة إلى تلك الحسابات، يرى مراقبون إيرانيون أن بث صور لصواريخ قديمة وهي تضرب أهدافا في عمق تل أبيب، يحمل رسائل رمزية تهدف إلى تفكيك أسطورة "الجيش الذي لا يقهر"، وفضح هشاشة الدفاعات الإسرائيلية، لا سيما أن تلك الصواريخ لا تكلف إيران شيئا يُذكَر، في مقابل خسائر نفسية وسياسية جسيمة "للعدو".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 25 دقائق
- الجزيرة
العفو الدولية: الناجون من سجون الأسد يعانون في ظل غياب شبه تام للدعم
قالت منظمة العفو الدولية -الخميس- إن "الناجين من الاحتجاز الوحشي في سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في سوريا -ومن ضمنهم نزلاء سجن صيدنايا المرعب- ما زالوا يعانون من تبعات جسدية ونفسية مدمرة في ظل غياب مقلق وشبه تام للدعم". وأكدت المنظمة بمناسبة اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب أن الوضع المقلق للناجين من التعذيب في سوريا يتواصل بعد مضي 6 أشهر على سقوط نظام الأسد. وأعلنت المنظمة ضم صوتها إلى جمعيات الناجين في سوريا في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تضمن حق ضحايا التعذيب في الحصول على التعويض بما يشمل إعادة التأهيل وتحقيق العدالة. وأفادت بأن الحكومة السورية الجديدة يقع على عاتقها التزام بضمان حقوق ضحايا التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض. كما دعت العفو الدولية الحكومات المانحة إلى توفير التمويل العاجل للمجموعات التي يقودها الناجون في سوريا والجمعيات العائلية والبرامج المخصصة لدعم ضحايا التعذيب. قصص مرعبة وقالت مسؤولة حملات في منظمة العفو الدولية بيسان فقيه إن قصص التعذيب والاختفاء القسري والشنق الجماعي سرا في مراكز الاحتجاز بسوريا أثارت "الرعب في النفوس على مدى سنوات". وأضافت "من غير المعقول أن هؤلاء الذين تمكنوا من الخروج أحياء من زنزانات التعذيب المروعة يواجهون صعوبة اليوم في الحصول على العلاج الطبي والنفسي العاجل". وشددت فقيه على أن الحكومة السورية تواجه تحديات اقتصادية وسياسية جمة، ولكن يتوجب عليها أن تضمن إحالة جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن التعذيب وجرائم أخرى معترف بها دوليا إلى العدالة في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية فورا ودون تأخير. وأشارت إلى أن سنوات التعذيب والظروف غير الإنسانية التي عانى منها الناجون في سوريا خلفت "آثارا صحية جسيمة على المحتجزين السابقين"، حيث يعاني العديد منهم من السل ومشاكل صحية أخرى في العيون والمفاصل والأعصاب. كما اعتبرت أن الأسنان المكسورة جراء التعذيب تبقى أمرا شائعا لدى الناجين، فضلا عن معاناتهم من أعراض تتطابق مع اضطراب ما بعد الصدمة، وأكدت حاجتهم إلى الدعم الطبي والنفسي والقانوني فورا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
تبدو الحرب التي دارت بين إسرائيل وإيران حرب وجود للطرفين، فطموح إسرائيل لتدمير البرنامج النووي الإيراني، أمرٌ قد بات بعيد المنال في ضوء الهجمات الأميركية التي نالت من سطح البرنامج دون أن تدمر أعماقه، والوقت ليس في صالح الهدف الإسرائيلي، بل إن أقصى طموحات إسرائيل حاليًا هو عرقلة البرنامج النووي الإيراني لسنوات وليس القضاء عليه، كما أن المحيط الجغرافي لن يقبل هذه الحرب، المحيط الجغرافي هنا يمتد من باكستان حتى أوروبا، لذا في هذا السياق هناك عدة تساؤلات: ماهيّة هذه الحرب؟ ما هي النتائج التي ستترتب عليها؟ هل من فائز حقيقي فيها؟ في حقيقة الأمر، الفائز الحقيقي في هذه الحرب هو روسيا، فهي تستفيد من ارتفاع أسعار النفط بوصفه أكبر صادراتها، ثم إن هذه الحرب تعزز حساب التفاضل والتكامل بالنسبة لها في حرب أوكرانيا، لكن على الجانب الآخر، فإن الطرفين المتصارعين إيران وإسرائيل خاضا حربًا حساباتها الدقيقة ممتدة إلى خارج إرادة كليهما، وهذا مكمن تصرف الولايات المتحدة لإنهاء الحرب. قوة الصورة ذهبت إسرائيل في ضربتها الأولى إلى قوة الصورة وتأثيرها على الجمهور الإيراني بالدرجة الأولى، ثم إلحاق هزيمة نفسية ويأس في المنطقة العربية، فمشاهد الدمار في إيران ومقتل علمائها وتركيز إسرائيل على فاعلية قوتها ودقتها، أحدثت هزة كبيرة في إيران والمنطقة، وصارت تروّج للمقولة القديمة التي شاعت بعد حرب 1967 بأن جيش إسرائيل لا يقهر. كان الرد الإيراني المتتالي صاعقًا، إذ إن إيران بالرغم من محدودية الخسائر الإسرائيلية، مثلت صور الدمار في تل أبيب وحيفا انتصارًا معنويًا لها، بل سرعان ما اشتعلت وسائط التواصل الاجتماعي العربية بصور الدمار في إسرائيل، لذا فإن إسرائيل في هذه المعركة فقدت شيئًا لم تدركه بعد، ستبدأ في إدراكه في هذه المرحلة، مرحلة ما بعد الحرب. ما جرى يمكن اعتباره تراجعًا ملحوظًا في صورة إسرائيل كقوة عسكرية لا تُقهر، وهو ما قد يفتح الباب أمام الأجيال القادمة في المنطقة العربية لتعزيز طموحاتها في إنهاء الصراع مع إسرائيل، التي لطالما مثّلت خصمًا تاريخيًا فعّالًا في الوعي الجمعي للشعوب العربية. قوة السلاح تمتلك إسرائيل قوة ردع وهجوم متفوقة في المنطقة العربية، وقد نجحت في تحجيم حزب الله، ثم قوضت قدرات حركة حماس في غزة، وهذا التفوق عنوانه القوات الجوية، وهنا يبرز على الفور القدرات العربية والإيرانية في الدفاع الجوي، ومن ثَمَّ نرى أن معظم الدول العربية وإيران، فيما عدا مصر، لم تبنِ قوات دفاع جوي لمواجهة هذا التفوق الإسرائيلي وتحجيمه. وتحييد الطيران الحربي لإسرائيل مستقبلًا هو بداية التعاطي مع إسرائيل بمنطق الحد من قدراتها، وهو ما سيحجم الغطرسة الإسرائيلية في المنطقة. لقد نجحت إيران بصورة نسبية في مواجهة هذا التفوق لكن مع الضربة الثانية عليها، حيث أسقطت طائرة "إف 35". وهو مؤشر جيد على إمكانية التعامل مع القوات الجوية الإسرائيلية. لدى إسرائيل طائرات مسيرة متعددة المهام، وفي المقابل تمتلك إيران طائرات مسيرة متقدمة، لكن قدرات إسرائيل على تتبع هذه الطائرات تحجم من قدراتها، بيد أنه على الجانب الآخر، فإن المستقبل يشي بأنه لو طورت إيران والعرب من قدرات الطائرات المسيرة فسيكون الداخل الإسرائيلي تحت التهديد الجوي لأول مرة منذ إنشائها، وهو ما سيمثل خرقًا لنظريات وإستراتيجيات الدفاع الإسرائيلي. كما أن اختراق الصواريخ الإيرانية يشي بأن المستقبل الإسرائيلي في صد هذه الهجمات بات محل تساؤلات؟ إن خسائر إيران تبدو كبيرة- وإن لم يوجد لها حتى الآن حصر- وستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، فضلًا عن أنه على الجانب الآخر تتعرض إسرائيل إلى حصار اقتصادي غير معلن، فالحرب تؤدي إلى وقف حركة الشحن بالطائرات، فضلًا عن إيقاف العديد من الخطوط الملاحية إلى موانئ إسرائيل، وهو ما يعني أن الحرب لها عواقب على إسرائيل سيئة. لكن هل الولايات المتحدة استطاعت منع امتداد الصراع وتحوله إلى حرب واسعة على مستوى المنطقة؟ إن ما لا تدركه الولايات المتحدة ومعها إسرائيل هو طبيعة الشعب الإيراني، فهو شعب عنيد تجاه أي غزو أو هجوم خارجي، حتى لو اختلف مع النظام الحاكم، وهذا أيضًا ما لم يدركه صدام حسين حين شن حربًا ضد إيران في مرحلة ظن أنها ضعفت فيها عقب الثورة الإيرانية. وكذلك الأمر حين أدركت إسرائيل أن إيران تم تقليم أظفارها في لبنان، وسوريا. لكن في حالة يأس إيران أو محاولة كسرها بصورة صريحة فلن يكون أمامها سوى ضرب المصالح الأميركية بصورة مباشرة، وهو ما هددت به، لذا فقد تم ضرب موقع فوردو النووي الإيراني من قبل الولايات المتحدة، فهي التي تملك هذه القدرة. بيدَ أن القلق الأميركي من تفاقم الوضع والرعب من تأثير الحرب على الداخل الإسرائيلي والذي تمثل في فرار مواطنين إسرائيليين إلى خارج إسرائيل باعتبارها بلدًا افتقد الأمان لأول مرة، وكذلك عدم قدرة إسرائيل على تحمل حرب من هذا النوع مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، كل هذا كان سببًا لقبول وقف إطلاق النار. على الجانب الآخر فإن خروج إيران من هذه الحرب منتصرة أو في وضع اللامهزوم واللامنتصر يعني ضمنًا هزيمة إستراتيجية ونفسية لإسرائيل، وهو أمر يسبب نتائج وخيمة على المدى البعيد على إسرائيل، وعلى وجودها، لذا فإن نتنياهو يدرك أن هذا الوضع ينهي حياته السياسية ويقوده إلى السجن، وهو ما يدركه جيدًا، لذا فإنه أنهى هذه الحرب بعد أن وصل لنتيجة مرضية له قبل أن تكون مرضية لجمهوره، فضلًا عن أن الولايات المتحدة قد تدخلت لوقف الحرب بالأمر المباشر لإسرائيل، فأسواق النفط لن تتحمل الأسعار وتصاعدها، والأسهم وسقوطها يشكل أزمة عالمية، والصين تترقب كل هذا. لذا فإن إنهاء الحرب جاء وفق ما انتهت إليه كأمر واقع، من هنا فإن إنهاءها بوضع اللامهزوم واللا منتصر هو الحل الذي وصلت إليه لإسرائيل غير المنتصرة ولا المهزومة، وكذلك إيران، نحن أمام جيل جديد من الحروب عن بعد، ولكنها حروب غير محسومة، الخاسر في هذه الحرب هو الولايات المتحدة التي أكسبت روسيا والصين مساحات جديدة عليهما الاستثمار فيها، وإلا فإنهما سيكونان كمن فقد الفرصة الذهبية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟
أجمع محللون سياسيون على أن إستراتيجيات المقاومة الأخيرة تفرض ضغوطا متزايدة تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية إلى التفكير جديا في صفقة شاملة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وعرضت الجزيرة مؤخرا مشاهد تفجير كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين ب خان يونس جنوبي القطاع، مما أسفر عن مقتل 7 جنود داخلهما، بينهم ضابط. وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن إن ما يحدث هو سيناريو كبير "قد يكتمل خلال أسبوع أو أسبوعين، وقد يتوج بزيارة نتنياهو إلى واشنطن". وأوضح شتيرن لبرنامج "مسار الأحداث" أن هذا السيناريو يشمل أولا وقفا لإطلاق النار وتبادلا للأسرى في غزة، وربما انسحابا إسرائيليا من القطاع. وتتضمن هذه الصفقة المحتملة عناصر متعددة الأبعاد، إذ أكد شتيرن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أيضا أن يكون هناك عفو لنتنياهو من محاكمته قبل أن الوصول إلى نهايتها، وقد تشمل أيضا الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وفي الإطار ذاته، اتفق المحللون على أن عودة المقاومة الفلسطينية بقوة وتنفيذها عمليات نوعية ناجحة خلال الأيام الماضية تشكل العامل الضاغط الرئيسي في المعادلة الحالية. وفي هذا الإطار، أكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن المقاومة سجلت "صورا مبهرة تثبت أنها حاضرة وقوية"، مما يشكل عاملا ضاغطا كبيرا على المجتمع الإسرائيلي. وبناء على هذه التطورات الميدانية طرحت العمليات العسكرية الأخيرة -وفق القرا- تساؤلات كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي عما يفعل الجيش الإسرائيلي في غزة. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي "إذا كان يبحث عن 20 جنديا أحياء في قطاع غزة فقد عاد بـ28 جنديا إسرائيليا في أكياس، بعضهم تبخر بفعل الانفجارات". قيود وضغوطات ومن زاوية عسكرية، أكد الخبير العسكري العميد إلياس حنا أن الجيش الإسرائيلي يواجه قيودا حقيقية في قدراته التشغيلية تدعم ما ذهب إليه القرا، كما لا يمكن أن تقاتل كافة الفرق العسكرية في الوقت ذاته داخل القطاع. وعلى هذا الأساس، أكد حنا أن أي عمل عسكري حقيقي يجب أن يكون هجوما شاملا متكاملا يترافق مع الطيران والتقدم البري، لكن هذا الأمر لم يعد قادرا عليه جيش الاحتلال لأسباب عدة، فضلا عن أن خصائص هذه الحرب مختلفة تماما وتتطلب وقتا طويلا. وأعرب عن قناعته بأن المقاومة قادرة على الاستمرار، مشيرا إلى توفر العوامل الأساسية للمقاومة، وهي: الإرادة والوسائل والملاذات الآمنة"، إضافة إلى أن الأنفاق لم يُدمر منها أكثر من 30% بالحد الأقصى، وأن المقاومة قادرة على رفع الثمن. وبالتوازي مع التحديات العسكرية أجمع المحللون على أن نتنياهو يواجه ضغوطات متزايدة من داخل ائتلافه الحكومي. وفي هذا السياق، أشار الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين إلى أن نتنياهو اصطدم بجدار الواقع بعد أن اعتاد الهروب إلى الأمام في العمليات العسكرية بدلا من حل مشاكله وأزماته. وأوضح جبارين أن نتنياهو أمام 3 حلول حاسمة تتمثل في: قدرته على المناورة. الأدوات والمساعدات المتاحة من واشنطن. الثمن والتنازلات التي يمكنه أن يدفعها. وفي ضوء هذه المعطيات، أعرب جبارين عن قناعته بأن إسرائيل باتت أقرب إلى انتخابات مبكرة، ولكن يبقى السؤال "هل ستكون صفقة تغلفها انتخابات أم تصعيد في غزة يفجر المشهد؟". وعلى الصعيد الدولي، يرى القرا أن الولايات المتحدة بدأت تستمع إلى أصوات مقربة من حماس بشأن ما يحدث في غزة. ووفق القرا، فإن المشكلة الحقيقية مرتبطة بغزة ولا يمكن تجاهلها أو تجاوزها، مؤكدا أن ترجمة التصريحات الأميركية إلى فعل حقيقي "تحتاج إلى قرار نتنياهو بإرسال وفد إلى الدوحة أو القاهرة، حيث يمكن التوصل إلى اتفاق خلال 24 ساعة".