
مخيم الهول... مشكلة أمنية وإنسانية خارجة عن سلطة دمشق
أعاد تأكيد وزارة الداخلية السورية قدوم منفذ
تفجير كنيسة مار إلياس
في دمشق، من مخيم الهول في أقصى الشمال الشرقي من سورية، الضوء على هذا المخيم الذي لطالما وُصف بـ"القنبلة الموقوتة"، والتهديد الأخطر للأمنَين الإقليمي والدولي. وأعلنت الوزارة، مساء الثلاثاء الماضي، أن انتحاريين اثنين غير سوريين قدما من مخيم الهول عبر البادية السورية بعد إسقاط نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، "نفذ الأول تفجير الكنيسة الغادر"، الأحد الماضي، والثاني أُلقي القبض عليه من قبل جهاز الأمن العام في الوزارة، وهو في طريقه لتنفيذ تفجير انتحاري في مقام السيدة زينب في ريف دمشق الجنوبي. وقالت الداخلية إن تنظيم داعش يقف وراء الهجوم، في حين تبنت جماعة تسمي نفسها "سرايا أنصار السنة" العملية التي نُفذت في كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلعة في دمشق، والتي راح ضحيتها 25 قتيلاً و63 مصاباً.
لكن "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تفرض سيطرتها شمال شرقي سورية، رفضت أول من أمس الأربعاء، ما أعلنته الحكومة السورية. ووصف المركز الإعلامي لـ"قسد"، في بيان، الاتهامات الصادرة عن وزارة الداخلية السورية بأنها "غير صحيحة" و"لا تستند إلى حقائق أو وقائع حقيقية". وأوضحت أنها بدأت، عقب صدور هذه المزاعم، بإجراء "مراجعة دقيقة وتحقيق شامل" أثبت عدم وجود أي أدلة على مغادرة أي أجانب للمخيم خلال الأشهر الأخيرة. وأضافت أن "التحقيق أكد أن الأشخاص الوحيدين الذين غادروا المخيم خلال هذه الفترة هم سوريون، وتم خروجهم بناء على طلب من الحكومة في دمشق"، مشيرة إلى أن العراقيين الذين غادروا تمت
إعادتهم إلى بلادهم
في إطار عمليات الإعادة التي تشرف عليها بغداد. وأضافت أن مخيم الهول "لا يضم مقاتلين إرهابيين أجانب".
مخيم الهول
يقع مخيم الهول الذي وصفته الأمم المتحدة بـ"قنبلة موقوتة" في شمال شرق الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي من سورية، غير بعيد عن الحدود السورية العراقية. ويضم آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة، خصوصاً من سورية والعراق، جلهم من عائلات مسلحي "داعش" الذي هُزم في شمال شرق سورية مطلع عام 2019، بعد معركة بلدة الباغوز في ريف دير الزور. وكانت "قسد"، الجهة المسيطرة على المخيم، نقلت الكثير من عائلات التنظيم إلى هذا المخيم الذي كان مكتظاً خلال السنوات الماضية، إلا أن أرقام قاطنيه تدنّت مع مغادرة عدة دفعات ضمت مئات العائلات العراقية، بتنسيق مع بغداد، إلى مخيم جدعة بمحافظة نينوى العراقية شمالي البلاد، خلال العامين الماضي والحالي.
قضايا وناس
التحديثات الحية
خروج 76 عائلة سورية من مخيم الهول إلى دير الزور
وبحسب بيانات صدرت في فبراير/شباط الماضي، يؤوي مخيم الهول الذي يبعد نحو 13 كيلومتراً عن الحدود العراقية، نحو 37 ألف شخص يعيشون في ظروف متردّية، أغلبهم من النساء والأطفال، من بينهم نحو 16 ألف مواطن سوري ونحو 15 ألف مواطن عراقي، ونحو ستة آلاف من جنسيات أجنبية مختلفة. وبيّنت مصادر مطلعة على الأوضاع الداخلية للمخيم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مخيم الهول "ليس حديث النشأة، فهو أُقيم في عام 1991 من قبل النظام (السوري) البائد، لاستقبال لاجئين عراقيين جراء الحرب الذي دارت في ذلك العام بسبب غزو العراق للكويت". وأوضحت أن "المخيم تحوّل لملاذ آمن لعائلات سورية هربت من الأعمال العسكرية في البلاد بعد انطلاق الثورة ضد نظام الأسد في عام 2011، وتالياً ضم عائلات هربت من "داعش"، إبّان سيطرته على مساحات هائلة من سورية والعراق، مشيرة إلى أن قوات "قسد" وضعت عائلات مسلحي التنظيم، مع عائلات أخرى لا تمت إلى التنظيم بصلة". وبحسب المصادر فإنه "بسبب التنظيم القوي لدى عائلات مسلحي التنظيم، سيطرت على المخيم وحيّدت العائلات الأخرى بشكل كامل".
مصادر: تنظيم داعش نشط داخل مخيم الهول عن طريق النساء التابعات له
وأوضحت المصادر التي سبق لها زيارة مخيم الهول أكثر من مرة، أن التنظيم "نشط" داخل المخيم عن طريق النساء التابعات له كونهن والأطفال غالبية قاطني المخيم، مشيرة إلى أن "بعض نساء التنظيم يمارسن عدة أدوار منها معاقبة مخالفي قوانين التنظيم الدينية المتشددة والتي وصلت إلى حد القتل". ولفتت إلى أن جهات مجهولة تموّل عائلات التنظيم في المخيم، فضلاً عن المساعدات المقدمة من منظمات دولية للقاطنين، مبيّنة أن "سكان المخيم من أكثر من 50 جنسية". وهناك الكثير من الأطفال في المخيم، وفق المصادر، "كبروا وأصبحوا فتياناً وهم مجهولو النسب بسبب إتلاف الوثائق والمستندات، لأسباب أمنية أو ضياعها"، مضيفة أن "هؤلاء يُغذون بالأفكار المتطرفة منذ صغرهم، كونهم لم يخرجوا من المخيم الذي أصبح بيئة للتطرف والتشدد".
وأوضحت المصادر أن جهاز الأمن الداخلي التابع لـ"الإدارة الذاتية" في شمال شرق سورية، يتولى حماية المخيم بدعم من "قسد" والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن هذا الجهاز يقوم بين وقت وآخر بالتعاون مع "وحدات حماية المرأة" (التابعة لـ"قسد") بحملات أمنية داخل المخيم، في محاولة متكررة للحد من نشاط تنظيم داعش المتنامي. ولكن هذه المصادر تحدثت عن أن "البعض من عناصر الجهاز يهرّبون أشخاصاً وعائلات من المخيم مقابل أموال"، مشيرة إلى أنه يجري أحياناً "استخدام السيارات والصهاريج الذي تنقل المساعدات الغذائية والمياه للمخيم لتهريب أشخاص وعائلات إلى خارج المخيم مقابل أموال طائلة".
من جهته، بيّن عبد الحليم سليمان، وهو كاتب صحافي مقيم في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" ومطلع على الأوضاع في مخيم الهول، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه يوجد في المخيم نحو 32 ألف شخص يتوزعون ما بين سوريين وعراقيين وأجانب. وأشار إلى ان التنظيم "يعمل على تجنيد الخلايا والعناصر في المخيم، مستغلاً ظروفهم المعيشية، وانتماءهم لعائلات تضم مسلحين معتقلين من التنظيم"، لافتاً إلى أن قوات "قسد" لطالما قامت بحملات أمنية في المخيم، وهي مستمرة بالتنسيق مع التحالف الدولي على هذا الصعيد. وذكر سليمان أن التنظيم شن منذ بداية العام الحالي أكثر من 100 عملية ضد نقاط ومراكز وأفراد "قسد"، مضيفاً: التنظيم يستغل الفراغ الأمني، وهشاشة الوضع العام، خصوصاً أنه يوجد في المخيم الواقع في منطقة قاحلة وصعبة المناخ "توليفة اجتماعية غير متجانسة"، معتبراً أن للمخيم طابعاً أمنياً وإنسانياً، وبعض سكانه قد يشكلون خطراً على المجتمع المحلي.
قضايا وناس
التحديثات الحية
مخيم الهول... دفعة أولى من العائلات السورية تصل إلى حلب
وأشار إلى أن تفكيك مخيم الهول من أبرز التحديات ذات الأبعاد الاجتماعية والأمنية في المنطقة، على الرغم من الجهود المشتركة بين الحكومة في دمشق والإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، والتي أثمرت عن إخراج عدة دفعات من النازحين بشكل طوعي، لكن لا تزال العملية تواجه عوائق متعددة. ولفت إلى أن "الإدارة الذاتية" لم تفرض على أحد مغادرة المخيم، بل جرت عمليات الإخراج بطلب من الحكومة السورية، وفي أغلب الأحيان عبر مبادرات وكفالات اجتماعية تضمن عدم تورط المغادرين في أعمال عنف أو تطرف. وأشار إلى أن استمرار بقاء قسم كبير من السكان داخل المخيم يعود إلى جملة من الأسباب منها أمنية، حيث يشكل وجود بعض الأفراد داخل المخيم خطراً على المجتمعات، سواء المحلية أو البعيدة عن المنطقة، بسبب احتمال انتمائهم لتنظيمات متشددة. وبيّن أن هناك أسباباً اجتماعية ومعيشية، حيث الكثير من العائلات لا تستطيع العودة إلى مناطقها الأصلية بسبب دمارها أو عدم توفر البنية التحتية. وأضاف أن تيارات متطرفة مرتبطة بتنظيم داعش تنشط في المخيم لإعادة تشكيل خلاياً، مضيفاً: هناك تقارير عن عمليات سرية لنقل مساعدات مالية وحتى تهريب أسلحة إلى داخل المخيم، إما عبر التسلل أو عبر بعض المقيمين.
أخطر المخيمات
ترفض الكثير من الدول إعادة رعاياها سواء من مخيم الهول أو من السجون العديدة التي تضم مسلحين متطرفين يحملون جنسيات هذه الدول، والتي كما يبدو تخشى من تبعات أمنية تهدد استقرارها في حال عودة هؤلاء. ونفذ سجناء "داعش" على مدى السنوات أكثر من عملية استعصاء في السجون التي تديرها "قسد"، كما أن التنظيم شن هجوماً واسع النطاق مطلع عام 2022 على سجن الحسكة لإطلاق سراح المحتجزين فيه من مسلحي التنظيم. ويضم السجن نحو خمسة آلاف من المحتجزين منذ سنوات، وعدداً غير معروف من الأطفال لم يتلقوا أي تعليم داخل السجن.
فضل عبد الغني: تراجع الدعم والاهتمام الدولي بسكان مخيم الهول في الفترة الأخيرة
ووصف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، مخيم الهول بأنه "من أخطر المخيمات في العالم"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "يضم أعداداً كبيرة جداً من السكان،
تراجع الدعم
والاهتمام الدولي بهم في الفترة الأخيرة". ورأى عبد الغني أن هناك "فشلاً أمنياً ذريعاً من قبل قوات قسد في التعامل مع الأوضاع داخل المخيم"، مشدداً على ضرورة "فتح تحقيق بهذا الأمر لتبيان إن كان الأمر فشلاً أم استهتاراً أدى إلى تسلل عناصر من المخيم". ولفت إلى أن إدارة مثل هذه المخيمات "معقدة"، مشيراً إلى أن تفكيكه أيضاً "عملية معقدة"، مطالباً بتسليم الإدارة إلى الحكومة السورية. وبرأيه فإن تأكيد وزارة الداخلية أن منفذ تفجير الدويلعة تسلل من المخيم "مؤشر غير مريح"، مضيفاً أن هناك "خشية من تسلل آخرين ما يتطلب إجراءات أمنية مشددة كي لا تحدث خروقات أمنية ويتكرر تفجير الدويلعة". وطالب عبد الغني الدول "باستلام رعاياها الموجودين في المخيم لتفكيكه"، مشيراً إلى أنه "يجب إجراء محاكمات عادلة للسوريين الموجودين في المخيم لحسم أوضاعهم". وقال: "يجب إطلاق سراح أي سوري غير متهم موجود حالياً في المخيم. السوريون في المخيم بمثابة المحتجزين قسراً". كما دعا إلى إشراك الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي والدول الصديقة والداعمة لتفكيك المخيم، والبدء في برامج إدماج وتأهيل اجتماعي ونفسي للخارجين من المخيم وحتى للموجودين داخله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 12 ساعات
- القدس العربي
تفجير كنيسة مار إلياس: قصور الأجهزة الأمنية
كشف تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، مساء الأحد الماضي، عن هشاشة البنية الأمنية للإدارة السورية الجديدة، وعن ارتباك واضح في التعاطي مع الأزمة. فقد سارعت السلطات إلى نسب العملية إلى تنظيم 'الدولة الإسلامية' من دون تقديم أدلة كافية في البداية، ما أثار تساؤلات حول مصداقية الرواية الرسمية. وأظهرت إدارة مسرح الجريمة ضعفاً في الخبرة الجنائية، إذ سُمح لعشرات الصحافيين وأفراد الدفاع المدني والأهالي بدخول الكنيسة، في خرق واضح لإجراءات حفظ الأدلة. كما تحول الموقع إلى منصة لقاءات رمزية لرجال دين ومسؤولين سوريين توافدوا للمعاينة والتضامن، في مشهد بدا أقرب إلى العرض السياسي منه إلى التحقيق المهني. الأكثر إثارة للقلق كان قرار تنظيف الكنيسة وإزالة الحطام بعد ساعات قليلة من التفجير، وهو ما يعكس إهمالاً في التعامل مع الأدلة المادية الحاسمة. هذا الإخفاق ليس مجرد عثرة إجرائية، بل هو مؤشر على تحديات أعمق تواجه الجهاز الأمني السوري، من نقص الكوادر المؤهلة وغياب التنظيم المؤسسي. في سياق منفصل، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيان تعزية وتضامن حول التفجير عوضاً عن رئاسة الجمهورية التي تأخرت في إصدار بيانها إلى ظهر اليوم التالي، وكحال أغلب البيانات الرسمية، تجنبت الترحم على قتلى التفجير الأليم أو وصفهم بالشهداء. وهو ما فتح سجالاً جديداً بين الموالين للإدارة وداعميها وبين منتقديها. إلا أن السلطات السورية فشلت في أن تجد مخرجاً لقضية القتلى المصلين في الكنيسة الدمشقية. الرواية الرسمية الثلاثاء الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، في مؤتمر صحافي، إن قوات الأمن السورية التابعة لوزارة الداخلية، وبمشاركة جهاز الاستخبارات، نفذت عملية أمنية في عدة مناطق بريف دمشق، استهدفت من خلالها مواقع الخلية الإرهابية التي نفذت عملية تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق العاصمة، مساء الأحد الماضي. وأوضح المتحدث أن أحد أعضاء الخلية، ممن أُلقي القبض عليهم، أدلى خلال التحقيقات بمعلومات عن باقي أعضاء الخلية وأماكن تواجدهم وأوكارهم، ما أسهم في تنفيذ سلسلة من العمليات الأمنية اللاحقة التي مكّنت قوات الأمن من إلقاء القبض على جميع المتورطين، ومصادرة أسلحتهم والمتفجرات التي بحوزتهم. وأشار البابا إلى أن الخلية المتهمة بالتفجير تابعة لتنظيم 'داعش' الإرهابي، ولا تمت بصلة إلى أي جهة دعوية إسلامية، لافتاً إلى أن أعضاء الخلية قدموا من مخيم الهول. وأكد أن وزارة الداخلية تعمل على مسارات أمنية واجتماعية متوازية، لمواجهة محاولات خلايا 'داعش' لزعزعة الأمن والاستقرار المحلي، وضرب السلم الأهلي في سوريا. وحول زعيم الخلية، قال البابا إن محمد عبد الإله الجميلي، الملقب بـ'أبو عماد الجميلي'، من منطقة الحجر الأسود بريف دمشق، ويعرف بأنه 'والي الصحراء' خلال وجود وانتشار تنظيم 'داعش'. وأضاف المتحدث أن عملية الكشف عن الخلية تمت في وقت قياسي عبر 'تقاطع معلومات المصادر الميدانية مع الأدلة التقنية المتوفرة، ومن خلالها تم تحديد هوية مشتبه به، هو من أوصل الانتحاري الأول إلى الكنيسة، ثم تحديد مكان وجوده، على إثر ذلك، توجهت قوات المهام الخاصة لتوقيفه، وخلال ذلك تبين وجود شخص آخر معه، فحصل اشتباك ناري أدى إلى تحييد سائق الدراجة النارية، وإصابة الشخص الثاني. كما تبين أن السائق هو الذي أوصل الانتحاري الأول إلى الكنيسة، وكان بصدد إيصال انتحاري ثانٍ إلى مقام السيدة زينب'. وكانت وزارة الصحة في الحكومة السورية قد أعلنت عن مقتل 22 شخصاً، وإصابة 59 آخرين في تفجير نفذه 'إرهابي' داخل كنيسة مار إلياس في الدويلعة مساء الأحد، خلال إقامة أكثر من 200 شخص صلاتهم في الكنيسة. وحسب أحد شهود العيان، فإن شخصاً دخل إلى الكنيسة وبدأ بإطلاق النار بشكل عشوائي، وعند محاولة الحضور إيقافه ومواجهته، فجر حزاماً ناسفاً كان يرتديه، ما تسبب في مقتل أكثر من 15 شخصاً على الفور وإصابة عدد كبير من المصلين في الكنيسة. بدورها، عقب التفجير، قالت وزارة الداخلية السورية في بيان لها إن 'انتحارياً يتبع تنظيم داعش، دخل إلى كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، وبدأ بإطلاق النار، ثم فجر نفسه بواسطة سترة ناسفة'. وتبع بيان الداخلية بيان آخر على لسان وزير الداخلية، أنس خطاب، قال فيه إن 'الأعمال الإرهابية لن تثني جهود الدولة في تحقيق وإرساء السلم الأهلي، ولن تثني السوريين عن خيارهم في وحدة الصف في مواجهة كل من يسعى إلى العبث باستقرارهم وأمنهم'. 'سرايا أنصار السنة' والرواية الموازية بموازاة ذلك، وعقب بيانات الحكومة السورية المشيرة إلى أن تنظيم 'الدولة' يقف خلف التفجير، تبنى تنظيم 'سرايا أنصار السنة' التفجير عبر بيان نشره على معرفه في 'تلغرام'، وجاء في البيان أن التنظيم استهدف مار إلياس عقب استفزاز مما وصفهم البيان بـ 'نصارى دمشق'، في 'حق الدعوة وأهل الملة، استفزازاً جاوز التلميح إلى التصريح، وتعدى الهزل إلى الجد، حيث تطاولوا فيه على أصول الدعوة'. وحسب بيان 'السرايا'، فإن منفذ التفجير هو محمد زين العابدين أبو عثمان، لكن البيان لم ينشر صورة للمهاجم أو يذكر هويته، إضافة إلى أنه من غير المعروف إذا كان الاسم حقيقياً أم حركياً، كما هي عادة التنظيمات الجهادية التي تستخدم ألقاباً مستعارة. الجدير بالذكر أن تنظيم 'سرايا أنصار السنة' بدأ بالظهور بداية شباط (فبراير) الماضي، من خلال بيانات وإصدارات يبثها على قناة تعرف باسمه على 'تلغرام'، حيث بدأ التنظيم بنشر بياناته المتوعدة للطائفة العلوية في مناطقها في سوريا بالقتل والاستهداف، تزامناً مع أحداث الساحل السوري. في آذار (مارس) الماضي، تبنى التنظيم عمليات قتل استهدفت مدنيين سوريين من الطائفة العلوية، كما حملت بياناته تهديداً ووعيداً لطائفة الموحدين الدروز، مع اتهامات لرئيس الفترة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بالعمالة والخيانة. وكان 'سرايا أنصار السنة' قد تبنى خلال شهر رمضان 25 عملية، منها قتل وحرق وتخريب بحق أشخاص ينتمون إلى الطائفة العلوية في الساحل السوري. وتبنى الثلاثاء، خطف وقتل المهندس محمود غصة، ووصف، على حسابه على 'تلغرام'، القتيل بأنه 'مرتد' وينتمي إلى 'الطائفة المرشدية المستهدفة'، حسب 'السرايا'. اللافت في إعلام 'أنصار السنة' أنه لا يتوقف عن السخرية من الرئيس الشرع، الذي ما زال يصفه بلقبه القديم 'الجولاني'، وهو بخلاف الخطاب المعتاد للجماعات الجهادية، إضافة إلى مشاركة أخبار من مصادر إخبارية عديمة الموثوقية. وفوق ذلك، فإن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في صياغة البيانات والفتاوى واضح. ويتزعم التنظيم، حسب ما تورده قناته على 'تلغرام'، شخص يُدعى 'أبو عائشة الشامي'، ويتولى زعامة الجانب الشرعي فيه 'أبو الفتح الشامي'، كما تدعو القناة، المنشأة نهاية كانون الثاني (يناير)، الراغبين في الانتساب إلى التنظيم إلى مراسلتهم عبر 'تلغرام'. تحديات أمنية تواجه المؤسسة الأمنية السورية تحديات كثيرة، تتراوح بين فلول النظام السابق، وخلايا إيران، وتنظيم 'الدولة الإسلامية'، وعناصر متشددين سابقين من هيئة 'تحرير الشام' القادرين على تجميع أنفسهم في تنظيمات جهادية صغيرة معادية لتوجهات قيادتهم السابقة (القيادة السورية الجديدة). ورغم محاولات هيكلة الإدارات الأمنية في وزارة الداخلية والاستخبارات العامة، فإن نقص الكوادر والخبرة والتنظيم يهدد بنية المؤسسة الأمنية وفاعليتها، كما أن الانغلاق على الذات لا يكفي لبناء مؤسسة أمنية ذات كفاءة. هنا، يتعين على الإدارة الأمنية الانفتاح على أصحاب الاختصاص من السوريين والاستعانة بالمنشقين بشكل عاجل، وتوظيف الكوادر التقنية والهندسية والمتخصصين في أمن المعلومات والاتصالات من السوريين. كما ينبغي الاستعانة بالدول العربية الصديقة وتركيا لبناء جهاز أمني وتدريب الكوادر وابتعاثها إلى الأكاديميات الأمنية في دول الجوار، وتفعيل أكاديمية العلوم الأمنية السورية التي أنشأها النظام سابقاً في جوار إدارة المخابرات العامة في كفرسوسة بدمشق، وضم عشرات الضباط المهندسين العسكريين إلى القطاعات حسب الاختصاص. كما أن التعاون الرسمي والمباشر مع 'التحالف الدولي لمحاربة داعش' وتنسيق الجهود معه سيخفف من أخطار تنظيم 'الدولة'، الذي هجر البادية وأصبحت المدن مركز نشاطه، كما هو واضح من الخلايا المتحركة في جنوب دمشق. وتشير التفاصيل التي بثها الإعلام الرسمي إلى أن عناصر التنظيم، على قلتهم، قادرون على رسم خطط تفجيرات متتالية ومركبة تستهدف حتى شخص الرئيس نفسه.


العربي الجديد
منذ 20 ساعات
- العربي الجديد
توماس برّاك: "طريق جديد" بعد الحرب مع إيران وإسرائيل مستعدة للسّلام مع سورية ولبنان
أكّد الموفد الأميركي إلى سورية توماس برّاك، الأحد لوكالة الأناضول، أنّ الحرب بين إيران واسرائيل تمهد لـ"طريق جديد" في الشرق الأوسط، وأنّ إسرائيل مستعدّة للتوصل إلى اتفاق سلام مع سورية ولبنان "وفق نموذج واحد يضمن الأمن والاستقرار على الحدود". وقال: "ما حصل للتو بين إسرائيل وإيران هو فرصة لنا جميعا للقول: توقفوا، فلنشقَّ طريقاً جديداً". ورأى الدبلوماسي الأميركي أنه بعد الحرب بين إيران وإسرائيل "بات من الضروريّ إبرام اتفاقات سلام" بين كل من دولة الاحتلال الإسرائيلي وسورية ولبنان، وشدّد على أنّ "(الرئيس السوري أحمد) الشرع أوضح أنه لا يكره إسرائيل، وأنه يريد السّلام على هذه الحدود. وأعتقد أن هذا سيحدث أيضاً مع لبنان. الاتّفاق مع إسرائيل أمر ضروري". وقال أيضاً: "كانت هناك علاقات ممتازة بين تركيا وإسرائيل. وهذا يمكن أن يحدث مرة أخرى. لذلك سيكون هناك مباحثات وحوار". وحول ملف شمال شرق سورية وما إذا كانت الولايات المتحدة راضية عن موقف قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وما إذا كانت الولايات المتحدة قد اقترحت على حكومة دمشق نظاماً لا مركزياً، أجاب برّاك أنّ "الجهة الوحيدة التي سنتعامل معها ستكون الحكومة السورية"، وتابع أنّ "قسد" شاركت في القتال إلى جانب القوات الأميركية ضدّ تنظيم داعش، وأكد على "ضرورة أن يجري دمج قسد عسكرياً وسياسياً في سورية الجديدة، لكن تحقيق ذلك يحتاج إلى وقت"، وفق رأيه. أخبار التحديثات الحية الشرع: مفاوضات غير مباشرة بوساطة دولية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية توماس برّاك: وقف النار في غزة سيبصر النور قريباً في غضون ذلك، رأى الدبلوماسي الذي يشغل أيضاً منصب سفير الولايات المتحدة في تركيا، أن "وقف إطلاق النار في غزة" سيبصر النور "قريباً"، ولفت إلى أنّ "الشرق الأوسط مستعد لحوار جديد (...) سئمت الشعوب من النغمة نفسها وأعتقد أنكم سترون الجميع يعودون إلى اتفاقات أبراهام خصوصاً مع تحسُّن الأوضاع في غزة. هذا الرهان الرئيسي". إلى ذلك، أبدى برّاك اعتقاده أن الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة بشأن برنامج المقاتلات من طراز إف-35 والعقوبات الأميركية المفروضة على أنقرة يمكن حلّها "قبل نهاية العام". وبحسب الدبلوماسي الأميركي، سيعطي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان تعليمات لوزيرَي خارجيتهما "لإيجاد حل لذلك"، وأضاف "أنا مقتنع بأنّنا سنجد حلاً بنهاية العام". وعام 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، حليفتها داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لشرائها نظام الدفاع الجوي الروسي إس-400. واستبعدت واشنطن تركيا من برنامج طائرات إف-35، قائلة إنّ نظام إس-400 سيسمح لروسيا بجمع معلومات عن قدرات هذه المقاتلات.


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
عقارات الموت في مصر... أنقاض المنازل تدفن سكانها
انهار عقار مكون من خمسة طوابق على رؤوس ساكنيه في حي حدائق القبة الواقع في قلب القاهرة صباح 20 يونيو/حزيران الماضي، وتبعه بعد أقل من 24 ساعة انهيار العقار المجاور ، مخلفين مأساة جديدة تُضاف إلى السجل المصري المثقل بكوارث " عقارات الموت " التي تحول أحلام السكان في لحظات إلى كوابيس، إذ باتت رائحة التراب الممزوج بالموت تملأ المكان الذي كان قبل ساعات يعج بالحياة. تتكرر الحوادث، إذ انهار يوم الاثنين 23 يونيو، عقار مكون من ثلاثة طوابق في حي شبرا، وعقار ثان في حي السيدة زينب، ما يجعلها أعراضا واضحة لأزمة بنيوية عميقة تهدد بكارثة أوسع، في ظل غياب شبه تام للإحصائيات الرسمية، وتعامل حكومي يراه كثيرون قاصراً، ومجرد رد فعل من دون استراتيجية وقائية حقيقية. وكشف تقرير برلماني، قبل أسبوع، عن وجود نحو 5000 منزل آيل للانهيار في العاصمة القاهرة، ونحو نصف هذا الرقم في مدينة الإسكندرية، ثاني أكبر مدن البلاد، وجميعها توصيفها القانوني "عقارات آيلة للسقوط الفوري، وشديدة الخطورة على من فيها". وأكدت دراسة سابقة لكلية الهندسة في جامعة القاهرة ، صدرت في عام 2015، لا تزال أرقامها تتردد بمثابة جرس إنذار، وجود ما يقرب من مليون عقار آيل للسقوط في مصر، وأن هناك 132 ألف قرار إزالة صادرة بحق مبانٍ خطرة، لم ينفذ منها سوى نسبة ضئيلة، ما يجعلها قنابل موقوتة موزعة على الخريطة السكانية، يمكن أن تنفجر في أي لحظة. وخلف كل انهيار قصص إنسانية مفجعة. طاولت كارثة عقار حدائق القبة المنهار أسرة الرائد في الجيش المصري ضياء مصطفى، والذي لقي حتفه تحت الأنقاض، تاركاً خلفه طفلين وزوجة. بينما يقول رجل أربعيني بالقرب من الركام: "خرجت من البيت صباحاً إلى العمل، وعدت لأجده كومة تراب. زوجتي وأطفالي لا أعرف عن مصيرهم شيئاً". ولا تنتهي المأساة عند انتشال الضحايا والمصابين. ففي كل عقار منهار عدد من الأسر الناجية التي تجد نفسها في العراء. وتشير التقديرات الأولية لحوادث شهر يونيو الحالي، إلى تشريد ما لا يقل عن 30 أسرة فقدت كل ما تملك، المأوى، والأثاث، ومدخرات العمر، والذكريات. قرب العقار المنهار في السيدة زينب، يقول السبعيني سيد، الذي نجا بأعجوبة: "كل ما أملكه الآن هو ملابسي التي أرتديها. 50 سنة من الشقاء ذهبت في لحظة. أين أذهب بأولادي الآن؟". انهيار المنازل يتكرر في القاهرة، 10 ديسمبر 2024 (فرانس برس) في المكان نفسه، تقول الشابة حياة: "نطالب الدولة بالإسراع في تدبير سكن بديل للإيواء العاجل، حتى لا نبقى في الشارع. سنبقى عند الجيران لحين تدبير سكن آخر، لكني أخشى من الانتظار لسنوات، إلى أن يحين موعد للحصول على شقة من الدولة، مثلما حدث مع الأهالي الذين انهارت منازلهم خلال العقدين الماضيين". وتمول الحكومة المصرية برنامجاً لحماية الأسر المتضررة من تهدم المنازل، ضمن مشروع "تكافل وكرامة" الممول من الاتحاد الأوروبي، لكن تظل قدرته على إنقاذ المتضررين من التشرد محدودة في ظل تكرار حالات الانهيار، وغالبيتها ناتجة من عدم صيانة المنازل القديمة، حيث يتنازع الملاك والمستأجرون على تكاليف الصيانة، بينما يرغب الملاك في هدم بيوتهم للتخلص من أعباء صيانة عقارات محدودة العائد. يقول الاستشاري الهندسي، إسلام أحمد، لـ "العربي الجديد": "ندور في حلقة مفرغة، فالأسباب واضحة ومعروفة للجميع منذ سنوات. أولاً، لدينا آفة التعليات المخالفة، إذ يقوم ملاك العقارات القديمة بإضافة طوابق من دون أي دراسة إنشائية، ما يضع أحمالاً قاتلة على أساسات وهياكل متهالكة أصلاً. ثانياً، غياب الصيانة الدورية؛ فالقانون يلزم اتحادات الشاغلين بالصيانة، لكن هذا لا يحدث في غالبية العقارات القديمة. وأخيراً، هناك غش واضح في مواد البناء في قطاع المقاولات غير الرسمي، والكارثة أننا نتعامل مع كل انهيار بما هي حالة منفصلة، بينما هي في الحقيقة عرض لمرض واحد يصيب جسد العمران في مصر". قضايا وناس التحديثات الحية مصرع 10 مصريين وإصابة 4 آخرين جراء انهيار عقار في كرداسة يضيف: المشكلة ليست هندسية فقط، بل هي أزمة اجتماعية واقتصادية بامتياز، مشيرا إلى وجود طلب هائل على السكن في المدن الكبرى لا تقابله الدولة ببدائل آمنة وبأسعار معقولة، ما يدفع محدودي الدخل للقبول بالسكن في عقارات متهالكة أو مخالفة لأنها الخيار الوحيد المتاح والمناسب لهم مالياً. ضعف أجهزة الرقابة في المحليات وفساد بعض الموظفين يسمح لهذه المخالفات بالانتشار كورم سرطاني، و"قانون التصالح في مخالفات البناء، الصادر مؤخراً، رغم أنه أدخل مليارات الجنيهات إلى خزينة الدولة، إلا أنه قونن أوضاع مبانٍ خطرة، ما أعطى شعوراً خاطئاً بالأمان لسكانها". ويتكرر السيناريو الحكومي مع كل كارثة، إذ يهرع مسؤولو الحماية المدنية إلى الموقع، ويتم تشكيل لجنة هندسية لمعاينة العقار المنهار والعقارات المجاورة، وتصدر توجيهات بصرف تعويضات عاجلة لأسر الضحايا والمصابين، وتوفير وحدات سكنية مؤقتة للأسر المشردة. ورغم أهمية هذه الإجراءات، إلا أنها تظل "مسكنات" لأزمة تتطلب "عملية جراحية" كبرى. تقول أم محمد، وهي إحدى المتضررات من انهيار عقار: "أعطونا شقة في مساكن بديلة بعيدة عن عملي ومدارس أولادي، والتعويض المالي لا يكفي لشراء أبسط الأجهزة التي فقدناها. لم نكن نريد تعويضاً، كنا نريد أن تمنع الدولة الكارثة قبل وقوعها".