
من البرلمان الأوروبي… رسالة ملكية إلى العالم: لا عدالة مؤجلة، ولا كرامة تُباع
تاريخ النشر : 2025-06-17 - 06:32 pm
من البرلمان الأوروبي… رسالة ملكية إلى العالم: لا عدالة مؤجلة، ولا كرامة تُباع
في لحظة مفصلية من عمر الإنسانية، وبينما يعاني العالم من انحدارٍ أخلاقي يتجسّد يوميًا في مشاهد الموت والخذلان، ارتفع صوت جلالة الملك عبدالله الثاني من على منبر البرلمان الأوروبي، ليعيد التذكير بما تناساه الكثيرون: أن العدالة لا تسقط بالتقادم، وأن الكرامة لا تخضع لمساومات المصالح، وأن البوصلة الأخلاقية يمكن لها أن تستقيم متى ما توفرت الشجاعة.
بكلماتٍ عميقة الرؤية، محكمة البناء، وقف جلالة الملك مخاطبًا الأوروبيين – والعالم أجمع – لا بلغة المجاملة، بل بمنطق القيم ونداء المبادئ. أعاد جلالته ترتيب المشهد الدولي الذي تهاوى تحت وطأة الأزمات والحروب والمعلومات المضللة، من أوكرانيا إلى غزة، ومن اختلال التوازن الأمني إلى تصدّع الحقيقة.
ولم يكن الحديث في السياسة المجردة، بل في وجدان الإنسان وضميره، حيث قال:
"نحن نعيش موجة تلو الأخرى من الاضطرابات دون توقف، فلا عجب أننا نشعر بأن عالمنا قد فقد بوصلته الأخلاقية.'
في واحدة من أقوى رسائل الخطاب، وضع جلالة الملك المجتمع الدولي أمام مرآة الواقع المؤلم: 700 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في غزة وثّقتها منظمة الصحة العالمية، وأطفال يُحاصَرون بالجوع، وصحفيون يُستهدفون، ومدنيون يُذبحون تحت سمع العالم وبصره. تساءل جلالته بمرارة:
"كيف يعقل لإنسانيتنا أن تسمح بأن يصبح ما لا يمكن تصوره أمرا اعتياديا؟'
بهذا التساؤل الأخلاقي العميق، عرّى الخطاب تهافت العالم أمام أبسط مقومات العدالة، مؤكدًا أن التغاضي ليس حيادًا، بل تواطؤ، وأن الصمت عن المجازر إعادة تعريفٍ شائنة للإنسانية.
قيمٌ لا تذبل… وموقفٌ لا يتغيّر
ما يميز هذا الخطاب أنه لم يكن انفعاليًا، بل مؤصّلًا في عمق القيم التي يعتز بها الأردن: قيم الوئام، والوصاية الهاشمية، واحترام التعدد الديني، والتزامٍ تاريخي بحماية القدس والمقدسات فيها.
جلالة الملك لم يتحدث عن التعايش بوصفه شعارًا، بل واقعًا أردنيًا حيًّا، حين قال:
"بلدنا المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع مواطنينا يتشاركون في بناء وطننا.'
لم يأتِ حديث جلالة الملك عن القدس من منطلق سياسيٍ فقط، بل من عمق تاريخي وأخلاقي راسخ. فقد ذكّر العالم بوعدٍ مضيء في سجل الإنسانية: العهدة العمرية، التي أمر فيها الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أهل القدس المسلمين باحترام كنائس المدينة وعدم إيذاء كاهن أو طفل أو امرأة أو شيخ. هذا التعهد لم يكن لحظة استثناء، بل صار مع مرور القرون ميثاقًا أخلاقيًا حيًّا في وجدان الأمة.
ولم يغفل جلالته أن يُبيّن كيف أن تلك المبادئ الإسلامية الإنسانية التي نصّت عليها العهدة العمرية قبل عدة قرون هي نفسها التي اعتمدتها اتفاقيات جنيف الحديثة كأساسٍ لحماية المدنيين في زمن الحرب. إنها رسالة صريحة إلى العالم: لا جديد في حماية الأبرياء، بل هو تجديدٌ لما هو راسخ في ضمير الحضارات الحيّة. لكن الأحداث الأخيرة – كما قال جلالته – وضعت هذه القيم في موضع الشك، وعلينا جميعًا أن نثبت أنها لم تكن كلمات عابرة في كتب القانون، بل مسؤوليات حقيقية في زمن المحنة.
في لمحةٍ عابرة لكنها شديدة الدلالة، أشار جلالة الملك إلى التطوّر المتسارع في الصراع بين إسرائيل وإيران، واصفًا الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "تهدد بتصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط وخارجها.' هذه العبارة، وإن جاءت ضمن سياق أوسع، تحمل تحذيرًا واضحًا من منزلق جديد قد يتجاوز حدود الجغرافيا إلى عواقب دولية فادحة.
لم يكتفِ جلالة سيدنا بوصف الوضع، بل لفت الانتباه إلى خطورة التمدد العسكري غير المحسوب، قائلاً:
"والآن مع توسيع إسرائيل هجومها ليشمل إيران، لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعركة.'
هذا التنبيه ليس تحليلاً سياسيًا عابرًا، بل موقف استراتيجي يصدر عن زعيم يُدرك تمامًا أن أي اشتعال إضافي في المنطقة لن يكون محصورًا بين طرفين، بل سيمتد ليقوّض ما تبقى من استقرار هش في الشرق الأوسط، ويُربك الحسابات الدولية بأسرها.
لقد قدّم صاحب الجلاله رؤيةً واضحة لمرحلة ما بعد النزيف: تنميةٌ تزرع الأمل في الشرق الأوسط، وخطواتٌ حاسمة لإيقاف نزيف فلسطين وإنهاء أطول صراع دموي شهدته الإنسانية.
في جوهر الرسالة الملكية، دعوة صريحة لاختيار الطريق الأخلاقي، لا طريق الهيمنة، طريق العدالة لا التفوق؛ طريق الاعتراف المتبادل لا الإلغاء.
شكرًا لجلالة سيدنا ، الذي واجه العالم من منبره الأوروبي بكلمة حق، مدفوعة بضميرٍ لا يلين، وعقلٍ يدرك أن الصمت تواطؤ، وأن التغاضي خيانة للأخلاق. لقد قلتها بوضوح:
"إذا ما استمرت الجرافات الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين وبساتين الزيتون… فإنها ستهدم أيضًا الحدود الأخلاقية.'
وما أشرتَ إليه من خطر تصعيد المواجهة بين إسرائيل وإيران، ليس تحذيرًا سياسيًا فقط، بل دعوة مفتوحة للعقلاء في هذا العالم أن ينهضوا قبل أن ينهار كل شيء.
وفي زمنٍ تتشابك فيه الوقائع، وتضيع فيه الحقيقة بين الضجيج، يبقى صوتك، يا جلالة الملك، مرشدًا أخلاقيًا نحتاجه أكثر من أي وقتٍ مضى.
حفظ الله الأردن وقيادته الهاشميه الحكيمه وشعبه العظيم
اللواء المتقاعد محمد بني فارس
تابعو جهينة نيوز على
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوكيل
منذ 17 دقائق
- الوكيل
وفيات الأربعاء 18-6-2025
تم الوكيل الإخباري- انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم الأربعاء 2025/6/18: اضافة اعلان الهام كامل يوسف عازر فادية فايز عبدالمجيد مجلي الرواشدة عبدالفتاح النجار ميسر سليم الحديدي صالح عواد الدهيم الدعجة


سواليف احمد الزعبي
منذ 19 دقائق
- سواليف احمد الزعبي
ماذا نعرف عن الصاروخ 'فتاح' الذي أعلنت إيران إطلاقه على إسرائيل؟ / فيديوهات
#سواليف أعلنت إيران، الأربعاء، إطلاق صواريخ من طراز 'فتاح' باتجاه إسرائيل، في اليوم السادس للمواجهات المتبادلة بين البلدين. وكانت إسرائيل شنت هجوما غير مسبوق على إيران، فجر الجمعة، مستهدفة قلب البرنامج النووي الإيراني وكبار القادة العسكريين، مما أدى إلى إغراق الشرق الأوسط في حالة جديدة من عدم اليقين. وفي المقابل، أكدت إيران أنها أطلقت، مساء الجمعة، مئات الصواريخ الباليستية في بداية ردها على إسرائيل، ويستمر تبادل الضربات بين البلدين. وزعمت وكالة أنباء 'مهر' الإيرانية شبه الرسمية، الأربعاء، أن طهران أطلقت صواريخ 'فتاح' باتجاه إسرائيل، فيما لم تتمكن شبكة CNN من التحقق من هذا الادعاء. ما هو الصاروخ 'فتاح'؟ في العام الماضي، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن طهران استخدمت صاروخا جديدا 'فتاح 1″، في هجماتها على إسرائيل آنذاك. وتصف طهران صاروخ 'فتاح 1' بأنه صاروخ 'أسرع من الصوت'- أي أنه ينطلق بسرعة 5 ماخ، أو 5 أضعاف سرعة الصوت (حوالي 2800 ميل في الساعة، 6100 كيلومتر في الساعة). لكن المحللين يشيرون إلى أن جميع الصواريخ الباليستية تقريبًا تصل إلى سرعة تفوق سرعة الصوت أثناء طيرانها، وخاصةً أثناء اندفاعها نحو أهدافها. صواريخ فتاح وهي تسحق أهدافها صنعت ابداعا خرافيا لا يمكنك أن تشاهده في غير هذا الفيديو.. تهبط بسرعة مذهلة، وتجتذب وراءها كافة الصواريخ الدفاعية الصهيونية لتشاركها في سحق أهدافها. هكذا يصنع أولياء الله باعدائهم وهكذا يحول الله حتى أسلحة العدو الى سلاح يخدمك أكثر مما يخدم العدو نفسه — اسامه osama ساري بديل (@ryq1665978) June 18, 2025 وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الصاروخ يبدو أنه يحمل رأسًا حربيًا على 'مركبة قابلة للمناورة'، مما يمكنه من تجنب الدفاعات الصاروخية. يذكر أن أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية لـ'الحرس الثوري' الإيراني، الذي أعلنت إسرائيل مقتله مؤخرا، قال في تصريحات سابقة إن هذا الصاروخ لديه القدرة على 'اختراق جميع أنظمة صواريخ الدفاع الجوي وتفجيرها'. وفي المقابل، قلل وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت من التهديد المحتمل الذي يمثله الصاروخ لبلاده. وقال في تصريحات نشرت في وسائل الإعلام الإسرائيلية: 'أسمع أعداءنا يتفاخرون بالأسلحة التي يطورونها. لأي تطور من هذا القبيل، لدينا استجابة أفضل، سواء كان ذلك على الأرض أو في الجو أو في الساحة البحرية، بما في ذلك الوسائل الدفاعية والهجومية.' هذا هو صاروخ فتاح الذي فتح ابواب جهنم الليلة على الصهاينة — نَحْنُ أَنْصَارُ الله 🇾🇪 (@ahmd725971) June 18, 2025 🟥 صاروخ فتاح يحرق تل أبيب ضربة موفقة ومباشرة بصاروخ فتاح الحيدري#ياعلي — ناصر الدوسري (@ttxuorr) June 18, 2025 صاروخ فتاح الإيراني الفرط الصوتي يدخل المعركه بقوةويدك معاقل الصهاينة يافتاح ياكريم افتح للكيان أبواب الجحيم وصبح عليهم بإزرائيل ذي ينتزع انفاسهم لامفر اليوم لكم ياكل متصهين غشيم عذاب ربي قد تجلى في بأسها يفتح عليكم جهنم أبوابها..القادم أعظم وأشد ايلاماً#الوعد_الصادق_٣ #فتاح — أمجد محمد العميسي (@Amjad_Alomise) June 18, 2025

عمون
منذ 30 دقائق
- عمون
أمن المنطقة والعالم في وجدان جلالة الملك
عمون - وسط لهيب الشرق الأوسط الساخن جاءت كلمات الملك أمام برلمان الإتحاد الأوروبي لتكون خارطة طريق توقف نزيف دم الابرياء وتضع خارطة طريق مثلى أمام تحقيق سلام وأمن دول المنطقة. أكد جلالة الملك خلال مشاركته في كلمة ألقاها في برلمان الإتحاد الأوروبي على أهمية سلم وأمن الشعوب في الشرق الأوسط والعالم ، إنطلاقا من المبادئ الإنسانية والأخلاقية والعدالة الإجتماعية التي يؤمن بها جلالته وأرساها الإسلام والكتب السماوية ، ولا ريب في ذلك خصوصاً وأن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله حفيد رسول الأمة وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وحين نتحدث عن موقف جلالة الملك أمام دول العالم التي وقفت إجلالاً واحتراماً لجلالته ومواقفه النبيلة في حماية الإنسان والمواطن بعيداً عن الهوية والعقيدة والثقافة ، فهذا تأكيد واضح وصريح على دور الأردن وموقفه الثابت بقيادة جلالة الملك بأهمية إحترام القوانين والمبادئ الدولية المتعلقة في حقوق الشعوب بالأمان والأمن والحماية والسلام ، تلك القيم المنبثقة من الأديان السماوية. تركيز جلالة الملك على ضرورة وقف التصعيد بين إيران واسرائيل وتحذيراته من مخرجات خوض غمار هذه الحرب لم تنسيه التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وضرورة وقف العدوان الغاشم على غزة، الذي لم يغب أصلا في كل اجتماعاته وخطاباته، هذا الإحترام الذي تلقاه جلالة الملك من ترحيب وتوكيد على المحاور التي دعا إليها من قبل رئيسة البرلمان الأوروبي ما هو إلا دليل دامغ على احترافية وذكاء وحنكة جلالة الملك في التعامل مع دول العالم ، وقدرته في إيصال رسائل مقنعة للعالم بأهمية تحقيق العدالة والمساواة و سيادة القانون، ويؤكد أن الأردن دولة ذات سيادة على أرضها وفي منطقتها ، تحظى بإهتمام و إحترام العالم.