
العالم الذي يريدونه لنا
قبل أكثر من شهر، ذرف ترامب دموعًا حارة كادت ان تحرك خديه على الضحايا في أوكرانيا من الروس والأوكرانيين، مطالبًا بوقف الحرب، موجّهًا إنذارات متكررة تارة لفلاديمير بوتين وتارة فولوديمير زيلينسكي. لكن في غزة، من لا يُقتل على يد المنظمة المافيوية يحمل اسم 'جيش الدفاع الإسرائيلي'، فإن الجوع ينتظره كوحش كاسر، بفعل الحصار الاقتصادي المفروض على أكثر من مليوني إنسان.
نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لا يزال حرًا طليقًا يواصل قتل المدنيين الفلسطينيين دون رادع، لأن الدول الغربية التي باتت تتسابق للاعتراف بدولة فلسطين — تحت ضغط حركة التضامن العالمية ضد جرائم إسرائيل — كانت في السابق تمنح إسرائيل 'الحق في الدفاع عن نفسها'.
أما ترامب، فبينما يُظهر حرصًا زائفًا على دماء المتحاربين في أوكرانيا، فإنه يتجاهل دماء أكثر من 19 ألف طفل قتلوا في غزة، إلى جانب آلاف النساء والشيوخ والشباب، والقتل اليومي للجوعى على أبواب مراكز توزيع المساعدات التي تديرها منظمة ليست فيها اية رائحة للإنسانية وتسمى منظمة غزة الإنسانية'. وهو لا يملك نية حقيقية لوقف هذا الإجرام، بل يمارس دعاية جوفاء لا تتعدى محاولة ثني نتنياهو عن الاستمرار بالقتل. ولهذا استحق لقب TACO ، الذي يُطلق عليه في الولايات المتحدة، بمعنى 'الذي يتراجع دائمًا عن وعوده'.
إن ما نشهده في غزة ليس فقط مجزرة، بل هو تجسيد للعالم الذي يريدون فرضه علينا. فعقيدة ترامب 'السلام بالقوة'، تعني سحق من يعارض؛ نرى ذلك في الداخل الأمريكي كما في الخارج: مرشح ديمقراطي زهران ممداني لعمدة نيويورك يُفصح عن جرائم إسرائيل النازية، فيُطالب ترامب ترحيله من البلاد. وفي مقال ترجمه موقع (إيلاف) بأن إدواردو بورتر، وهو أحد الكتاب البارزين في صحيفة (واشنطن بوست) يقدم استقالته عبر رسالة يشرح فيها: إن جيف بيزوس-مالك امزون- ورئيس قسم الرأي الجديد يقودان الصحيفة في مسار لا أستطيع اتباعه، وهو مسار موجه نحو الترويج المستمر للأسواق الحرة والحريات الشخصية… ليس لدي أي فكرة إلى أي مدى يعود هذا إلى خوف السيد بيزوس مما قد يفعله دونالد ترامب بمصالحه التجارية المختلفة، والتي يعتبر معظمها أكثر قيمة بالنسبة له من صحيفة واشنطن بوست'. طلاب الجامعات الذين يطالبون بوقف الحرب في غزة يُلاحقون ويُرحّلون. تُفرض العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لأنها أصدرت مذكرة توقيف بحق نتنياهو. تنسحب واشنطن من اليونسكو لأنها أدانت جرائم إسرائيل، ومن الأونروا لأنها تقدم مساعدات للفلسطينيين. وتهدد بفرض رسوم جمركية على كندا إن اعترفت بدولة فلسطين. ترامب أشار سابقًا إلى ضرورة الغاء منظمة الأمم المتحدة، دون أن يُفصح عن السبب، لكن من الواضح أن الأمر يرتبط بالقضية الفلسطينية، إذ إن الغالبية الساحقة من أعضائها أدانوا جرائم إسرائيل واعترفوا بدولة فلسطينية. كما أصدرت الخارجية الأمريكية مؤخرًا قرارًا بمنع دخول أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية إلى الولايات المتحدة، بذريعة أنهم 'يقوّضون السلام'. وجاء القرار مباشرة بعد الدوي الذي أحدثه مؤتمر 'حل الدولتين' الذي قادته السعودية وفرنسا في نيويورك، وأيقظ الضمير الأوربي الذي نام مع سبق الإصرار والترصد، وخاصة فرنسا التي تشرف على تنظيم المؤتمر.
كل هذه الوقائع تُظهر أن ما يحدث في غزة ليس قرارًا فرديًا لنتنياهو، ولا مجرد انعكاس لتحقيق مصالحه الشخصية كما يحاول الاعلام المأجور من تزيفه وتسويقه، بل جزء من مشروع استراتيجي تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل من خلاله إلى فرض عالم جديد يخدم مصالح واشنطن المتراجعة عالميًا. إنها محاولة لوقف انحدار نفوذها عبر سياسات البلطجة الدولية.
أما تسارع الدول الغربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فليس بدافع صحوة ضمير مفاجئة بعد دمار غزة وازهاق ارواح أكثر من 60 ألف إنسان، بل هو انعكاس لمحاولاتها التخلص من الهيمنة الأمريكية، التي وصلت إلى حد تهديد كندا بالضم إلى الولايات المتحدة. هذه الدول، التي كانت شريكًا في صمتها وصمت نخبها، بدأت تشعر بضغط الحركة العالمية المناهضة لجرائم اسرائيل، خاصة بعد دخول عشرات الاتحادات العمالية على خط الصراع في عقر دار الدول الاوربية، وإصدارها قرارات مقاطعة إسرائيل اقتصاديًا ودبلوماسيًا، ورفض تحميل السلاح المتجه إليها، وهو ما يهدد المصالح الاقتصادية للغرب ويزعزع حساباته الانتخابية.
مرة أخرى، ما يحدث في غزة لا يمس الفلسطينيين وحدهم، بل يضع علامة استفهام كبيرة على إنسانيتنا جميعًا. لكن القصة لا تنتهي هنا، إذ إن هذا العالم — عالم ترامب ونتنياهو وبن غفير وسمو تريتش — يُراد له أن يُفرض علينا. انتصار هذا العالم يعني هزيمة الإنسانية. ويعني العيش في جحيم لا يُطاق. لذلك، لا خيار أمامنا سوى الانتصار عليهم. إن نجاح مؤتمر 'حل الدولتين' الذي أشعل اغضب الإدارة الامريكية واشعل نيران الاستياء في صدور أعضاء الحكومة النازية في إسرائيل هو إحدى ثمار هذا النضال، ورفض عالمي صريح للعالم الذي يريدونه لنا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 11 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
'الكرملين' يدعو إلى أقصى درجات الحذر مع التصريحات النووية
المستقلة/-دعا الكرملين، الإثنين، إلى التعامل بـ'أقصى درجات الحذر' مع التصريحات ذات الطابع النووي، وذلك في أول رد رسمي على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر غواصتين نوويتين قرب روسيا. قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، إن هذه الغوّاصات 'تقوم بمناورات قتالية بشكل دائم'، معتبرًا أن قرار ترامب لا يغيّر من واقع الانتشار العسكري الأميركي المستمر. وأضاف بيسكوف: 'ينبغي توخي الحذر في الخطاب السياسي عندما يتعلق الأمر بالأسلحة النووية، فهذه التصريحات قد تكون لها تبعات خطيرة'، في إشارة إلى التصعيد الكلامي الأخير بين واشنطن وموسكو. يذكر أن قرار ترامب نشر غواصتين نوويتين في مواقع 'مناسبة' جاء رداً على تصريحات اعتُبرت تحريضية من قبل نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف. وفي منشور عبر منصة 'تروث سوشيال'، وصف ترامب تصريحات المسؤول الروسي بأنها 'حمقاء واستفزازية للغاية'، وأكد أن كلماته لم تكن مجرد تهديد، بل رسالة تحذير واضحة من عواقب محتملة. وكتب الرئيس الأميركي: 'الكلمات قد تقود إلى نتائج كارثية غير مقصودة، وأتمنى ألا يكون هذا هو الحال هذه المرة'، في إشارة إلى ما اعتبره تجاوزًا روسيًا في الخطاب العدائي. ميدفيديف يهاجم ترامب في المقابل، سبق لميدفيديف أن هاجم ترامب بمنشور لاذع عبر قناته على تليغرام، مشيرًا إلى أن حديث ترامب عن 'مهلة' لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا يشكّل تهديدًا مباشرًا وخطوة نحو المواجهة. وسخر المسؤول الروسي من لهجة ترامب، مشيرًا إلى أنه 'إذا كانت تصريحاتي تثير انزعاجًا لدى الرئيس الأميركي، فهذا يعني أن روسيا تسير على الطريق الصحيح'. وذكّر ميدفيديف بعبارات ذات طابع تحذيري، قائلاً إن على ترامب أن يسترجع مشاهد أفلام 'الموتى السائرين'، في إشارة إلى التهديد المتبادل، كما لوّح مجددًا بـ'اليد الميتة'، وهو النظام الروسي الآلي للإطلاق النووي في حال تعرّض القيادة الروسية لضربة مباغتة. وساطة أميركية محتملة.. ولقاء مرتقب وفي سياق موازٍ، أعلن بيسكوف أن الجهود الأميركية في الوساطة بشأن أوكرانيا ما تزال 'ذات أهمية بالغة'، وأشار إلى احتمال عقد لقاء هذا الأسبوع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، قائلاً: 'نرحب دائمًا بزيارات ويتكوف إلى موسكو ونعتبر التواصل معه مجديًا ومثمرًا'. ضغوط وعقوبات جديدة على الطاولة من جهته، صعّد ترامب خطابه ضد موسكو بتهديده بفرض عقوبات اقتصادية قاسية، في حال لم يوقف الرئيس الروسي عملياته العسكرية في أوكرانيا. وتدرس الإدارة الأميركية حاليًا فرض 'عقوبات' تستهدف الدول التي تشتري النفط من روسيا، في خطوة تهدف إلى خنق العائدات الحيوية التي تموّل المجهود الحربي الروسي. وأبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس 31 تموز/يوليو، أن الرئيس دونالد ترامب يسعى للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الروسية في أوكرانيا بحلول 8 آب/ أغسطس، مشيرة إلى استعداد واشنطن لاتخاذ 'إجراءات إضافية' لضمان تحقيق السلام. وقال كبير الدبلوماسيين الأميركيين، جون كيلي، أمام أعضاء المجلس الـ 15: 'يجب على كل من روسيا وأوكرانيا التفاوض على وقف لإطلاق النار وسلام دائم. لقد حان وقت التوصل إلى اتفاق. الرئيس ترامب أوضح أن ذلك يجب أن يتم قبل الثامن من آب/ أغسطس. والولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ تدابير إضافية لضمان السلام'. المصدر: يورونيوز


شفق نيوز
منذ 15 ساعات
- شفق نيوز
خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح
نبدأ جولتنا لهذا اليوم من صحيفة الإندبندنت البريطانية، ومقال رأي بعنوان "خطة نتنياهو بشأن غزة في مهب الريح"، كتبه ألون بينكاس، وهو دبلوماسي إسرائيلي ومستشار سياسي سابق لاثنين من رؤساء وزراء إسرائيل. يستهل الكاتب بالإشارة إلى وعد وزير الخارجية البريطاني الراحل آرثر بلفور عام 1917، بدعم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، والذي لاقى إشادة من الحركة الصهيونية باعتباره إنجازاً دبلوماسياً تاريخياً ضخماً، ثم يتطرق إلى إعلان رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، ستعترف بريطانيا بدولة فلسطينية، الأمر الذي قوبل بنوبات غضب وتشنجات خطابية حادة من قبل الوزراء الإسرائيليين، وفقاً للكاتب. وعلى الرغم من أن السياق والظروف مختلفة تماماً، لكن بريطانيا عام 1917 التي أصدرت الإعلان، وبريطانيا عام 1947 التي تخلت عن انتدابها على فلسطين ودعمت خطة الأمم المتحدة للتقسيم، وبريطانيا عام 2025 التي تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية، جميعها تروي القصة نفسها: أن هناك مسألة تحتاج إلى حل، ويمكن حلها، وفقاً للمقال. ويرى الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يكن له أن يُفاجأ بإعلان ستارمر، فقد كان قيد الإعداد تدريجياً، حيث ناشدت بريطانيا إسرائيل خلال العام الماضي إنهاء الحرب في غزة، ومنع المزيد من الكوارث الإنسانية والمجاعة. ويعتبر ألون بينكاس أن صدق نوايا ستارمر تجاه إسرائيل لا يمكن الطعن فيه، وأنَّ نتنياهو اختار تجاهل أي خطط سياسية لغزة ما بعد الحرب والسخرية منها ورفضها، وشنّ حرباً دون أهداف سياسية واضحة، وحذرته بريطانيا، من بين العديد من الحلفاء الآخرين، من أن ذلك سيؤدي إلى كارثة. وأضاف بينكاس: "لكن نتنياهو هو من صوَّر نفسه على غرار تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية)، كرئيس وزراء زمن الحرب القادر وحده على إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بالقوة العسكرية، مفترضاً في الوقت نفسه أن القضية الفلسطينية ستختفي بشكل سحري". ولم تكن بريطانيا وحدها هي التي اتخذت موقفاً مؤخراً، بل إن الجيش الإسرائيلي يُحذّر نتنياهو أيضاً من أن هذا لن يُسفر عن أي نتيجة، وفق الكاتب. ويواصل الكاتب قائلاً: "تصف وسائل الإعلام الإسرائيلية، بأسلوب درامي مبالغ فيه، قرارات فرنسا ثم بريطانيا، وربما كندا والبرتغال لاحقاً، بالاعتراف بدولة فلسطينية بأنها تسونامي. لكن هذا الوصف مضلل وغير لائق. فالتسونامي ظاهرة طبيعية، ناتجة عن زلزال يؤدي إلى تحرك عنيف لمياه المحيط، أما الأزمة الدبلوماسية التي تمر بها إسرائيل حالياً، فهي من صنع الإنسان، بل من صنع رجل واحد تحديداً: بنيامين نتنياهو. إنها نتيجة الغرور المفرط وغياب تام لأي سياسة رشيدة". ويقول: "أعلنت حوالي 147 دولة - من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة - اعترافها بدولة فلسطين المستقبلية"، واصفاً هذا الاعتراف واسع النطاق بأنه رمزي وبياني إلى حد كبير، ومع ذلك يرى الكاتب أن الطابع الرمزي لمثل هذه التصريحات يصبح جوهرياً، لأنها تُنشئ مبدأً سياسياً مُنظِماً تتجمع حوله العديد من الدول. وأشار ألون بينكاس إلى إعلان أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، معتبراً أن "ذلك يجعل إسرائيل تعتمد أكثر من أي وقت مضى، ليس على الولايات المتحدة، بل على نزوات دونالد ترامب المُحبط والمتقلب بشكل متزايد. هذا ليس المكان الذي ينبغي أن تكون فيه إسرائيل". واختتم: "لن يُنشئ ستارمر وكارني (مارك كارني رئيس وزراء كندا) وماكرون دولة فلسطينية بمقتضى تصريحات. إنهم يُدركون ذلك. كما أنه من غير المُمكن قيام مثل هذه الدولة في المستقبل القريب. لكنهم وضعوا مرآة أمام نتنياهو. إلى متى يمكنه تجنب النظر في الأمر؟"، وفق المقال. "انتهاك إرادة البرلمان" ننتقل إلى صحيفة التلغراف، وافتتاحية بعنوان "لا ينبغي السماح للنشطاء المؤيدين للفلسطينيين بانتهاك إرادة البرلمان". تنتقد الصحيفة مسيرات التضامن المنتظمة مع الفلسطينيين، التي جرت في شوارع لندن ومدن بريطانية أخرى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، والتي "أَطلق فيها البعضُ ضمن الحشود هتافاتٍ مشكوكاً في قانونيتها، تقترب بشكل مزعج من حد الثناء الصريح على إرهابَي حماس وحزب الله المحظورَين". وتشير التلغراف إلى تصويت البرلمان البريطاني في يوليو/تموز الماضي على حظر هذه المنظمة، وبذلك "أصبح التعبير عن الدعم لمنظمة فلسطين أكشن الآن جريمة جنائية، يُعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 عاماً"، وفقاً للصحيفة. وتقول الصحيفة إن نحو 500 ناشط أو أكثر يخططون لانتهاك جماعي لقوانين الإرهاب، حيث يعتزمون الإعلان صراحةً وبشكل لا لبس فيه عن دعمهم لحركة "فلسطين أكشن"، يوم السبت المقبل. "وتعتمد استراتيجيتهم على فرضية أن الشرطة لن تتمكن من توجيه اتهامات بالإرهاب إلى هذا العدد الكبير، ما سيؤدي إلى إرباك المحاكم، أو إلى إحجام السلطات عن تنفيذ القانون، ما يجعله مجرد حبر على ورق. وإن جرت محاكمات، فإن النشطاء يعتزمون تحويلها إلى ساحات لمحاكمة إسرائيل سياسياً، لا فقط لمحاكمة المتهمين". واعتبرت الصحيفة أن الأمر لا يتعلق الآن بما إذا كانت ردود إسرائيل على هجمات حماس مبرّرة أم لا، بل بما إذا كانت قوانين البرلمان ستُطبَّق على أرض الواقع، أم سيُترك المجال لما يشبه "السلطات الشعبية" العشوائية لتقرر ما تشاء. واختتمت: "إنّ هذا يعد اختباراً لنظامنا القضائي، الذي قد لا يملك القدرة على التعامل مع بضع مئات من الاعتقالات، لكن تطبيق القانون يأتي في المقام الأول". "الجيش الأوروبي الموحد أمر بعيد المنال" وأخيراً نختتم جولتنا من صحيفة الغارديان، وافتتاحية بعنوان "جيش الاتحاد الأوروبي: القيادة والوحدة لا تزالان بعيدتَي المنال". تناقش الصحيفة دعوة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إلى إنشاء جيش أوروبي في وقت سابق من هذا العام، والذي أشار إلى أن القارة قد تُدرك هذه المرة جدية الأمر. وعلى الرغم من كل التصريحات السياسية التي تُثير الأمر بثقة متزايدة، فإن أوروبا ربما لا تقترب من تشكيل قوة عسكرية موحدة، وفق الصحيفة. وكتبت: "ميزانيات الدفاع آخذة في الارتفاع. التهديدات تتزايد. الولايات المتحدة منشغلة. يبدو أن اللحظة قد حانت. لكن الواقع يقول: ليس بعد". تُعدّد الصحيفة الصعوبات التي تواجه ذلك الحلم الأوروبي، وأبرزها الانقسامات المستمرة منذ عقود، والتردد السياسي، والاعتماد على الولايات المتحدة. ترى الغارديان أن "المشكلة، تكمن - كالعادة - في السياسة، وتحديداً: مَن يقود؟". هذه القيادة قد تتنازعها ألمانيا الأوفر حظاً، و"التي تدّعي أنها بلغت نقطة تحول" وتطلب من الاتحاد الأوروبي استثناء الاستثمار العسكري من القيود المالية، وبولندا التي تنفق أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع من بين دول الاتحاد. أما فرنسا، فترى نفسها في طليعة أي مشروع كهذا، لكن نزعتها "الديغولية" الأحادية لا تزال متجذرة. وفي حين تملك إيطاليا خبرات صناعية، إلا أنها تفتقر للوزن الاقتصادي، أمّا المملكة المتحدة (بعد بريكست) فتعمل على إعادة بناء جسور التعاون العسكري مع القوى الأوروبية، لكنها لا تزال تعتبر نفسها حجر الأساس في الناتو. وبالنسبة لدول البلطيق؟ فهي لا تريد أي مشروع أوروبي قد يُغضب واشنطن، وفقاً للصحيفة. حتى تعريف جيش أوروبي أمر صعب، وفق الصحيفة التي تتساءل: "هل سيكون قوة واحدة تحت راية الاتحاد الأوروبي، تجمع القوات المسلحة الوطنية السبع والعشرين للدول الأعضاء في قوة واحدة مشتركة؟ أم شيئاً أكثر مرونة، للحفاظ على حياد دول مثل أيرلندا والنمسا؟ هل يمكن أن يكون قوة تدخُّل أوروبية أصغر؟ أم جهداً مشتركاً للتجمعات الإقليمية في شكل جديد؟ الإجابة المختصرة هي أنه لا يمكن لأحد الاتفاق على أي شيء سوى الاختلاف". وتكمن المفارقة في أن الجيش الأوروبي يُنظر إليه كرمز للاستقلال عن الولايات المتحدة، بينما يعتمد بصمتٍ على الأقمار الصناعية وهياكل القيادة والذخائر الأمريكية، وفق الصحيفة.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ يوم واحد
- وكالة الصحافة المستقلة
ديمقراطيون ولاية تكساس يفرون من الولاية لمنع التصويت على إعادة رسم خريطة الكونجرس
المستقلة/- يغادر الديمقراطيون في تكساس الولاية هربًا من التصويت المقرر يوم الاثنين، والذي قد يؤدي إلى إنشاء خمسة مقاعد جديدة ذات ميول جمهورية في مجلس النواب. صرح حوالي 30 ديمقراطيًا بأنهم يعتزمون الفرار إلى إلينوي، حيث يعتزمون البقاء لمدة أسبوع، لإحباط جهود الجمهوريين من خلال حرمانهم من النصاب القانوني، أو الحد الأدنى من عدد الأعضاء اللازم لإقرار إجراءات التصويت. في بيان، اتهم الديمقراطيون في تكساس نظراءهم، الجمهوريين في تكساس، بالاستسلام 'الجبان' لدعوة دونالد ترامب لإعادة رسم خريطة الكونجرس 'لمواصلة دفع سياساته الكارثية'. وجاء في البيان: 'يُوقف المشرعون الديمقراطيون في تكساس خطة ترامب من خلال حرمان مُتملقيه من النصاب القانوني'. وتُفيد التقارير بأن حاكم إلينوي، جيه بي بريتزكر، هو من خطط لمغادرة الولاية، حيث التقى بتجمع الديمقراطيين في تكساس أواخر الشهر الماضي، ووجّه الموظفين لتقديم الدعم اللوجستي لإقامتهم. اتهمت مجموعة تكساس حاكم تكساس، جريج أبوت، بحجب المساعدات عن ضحايا فيضانات نهر غوادالوبي الشهر الماضي، في محاولة لفرض إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. صرح جين وو، رئيس الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب في تكساس، في بيان: 'سنغادر تكساس للدفاع عن أهلها. لن نسمح بأن تُحتجز إغاثة الكوارث رهينة لمؤامرة ترامب'. وأضاف وو: 'نحن لا نتنصل من مسؤولياتنا؛ بل نتنصل من نظام مُزوّر يرفض الاستماع إلى من نمثلهم. انتهت هذه الجلسة الخاصة الفاسدة اليوم'. في الأسبوع الماضي، أصدر الجمهوريون في تكساس خريطة انتخابية جديدة مقترحة للكونغرس، من شأنها أن تمنح الحزب الجمهوري مسارًا للفوز بخمسة مقاعد في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، والتي عادةً ما تكون عندما يخسر الحزب الحاكم تمثيله في الكونغرس. ستستهدف المناطق المتأثرة بمشروع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية أعضاء الكونغرس الديمقراطيين في أوستن ودالاس وهيوستن ومحيطها، بالإضافة إلى منطقتين في جنوب تكساس جمهوريتين لكنهما تقتربان من سيطرة الديمقراطيين. لا تخلو خطة مغادرة الولاية من عواقب محتملة. يواجه أعضاء الديمقراطيين في تكساس غرامة قدرها 500 دولار يوميًا واحتمال الاعتقال، وهو إجراء طُرح عام 2023، بعد عامين من مغادرة الديمقراطيين للولاية لمدة ثلاثة أسابيع لعرقلة تشريع انتخابي تضمن عدة قيود على الوصول إلى التصويت. في النهاية، أُقرّ مشروع القانون هذا، ولكن ليس قبل أن يتمكن الديمقراطيون من ادعاء شيء من النصر المعنوي بعد تجريد الإجراء من بعض أحكامه. جاءت أحدث خطة لمغادرة الولاية بعد موافقة لجنة في مجلس النواب على خرائط انتخابية جديدة للكونغرس يوم السبت. صرح كودي فاسوت، ممثل الولاية الجمهوري وعضو اللجنة، لشبكة إن بي سي نيوز: 'هذه الخريطة مبنية على أسس سياسية، وهذا قانوني تمامًا، ومسموح به تمامًا، وعادل تمامًا'. وأشار فاسوت إلى تفاوتات في ولايات أخرى، بما في ذلك كاليفورنيا ونيويورك وإلينوي، حيث يميل وزن المقاعد إلى الأصوات لصالح الديمقراطيين بشدة. وقال: 'تكساس تُعاني من ضعف الأداء في هذا المجال. لذا، من الحكمة بمكان، بل من الصواب تمامًا، أن تتمكن تكساس من الاستجابة وتحسين الأداء السياسي لخريطتها'. تضع الخلفية السياسية لمعركة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في تكساس بريتزكر في صورة معركة وطنية. ويُنظر إلى بريتزكر، وهو ملياردير من العائلة المالكة لسلسلة فنادق حياة، على أنه يتطلع إلى الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي لعام 2028. وفي يونيو/حزيران، خاطب الديمقراطيين في أوكلاهوما حيث التقى على انفراد في اجتماع 'مُكثّف' لمناقشة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في تكساس، وفقًا لشبكة إن بي سي نيوز. التقى لاحقًا بالديمقراطيين في تكساس، حيث قدّم لهم ضمانات بأنه سيوفر لهم فنادق وقاعات اجتماعات وغيرها من المساعدات اللوجستية. يهدد غياب الديمقراطيين يوم الاثنين بعرقلة قضايا أخرى يطرحها أبوت، بما في ذلك الإغاثة من الكوارث بعد الفيضانات المميتة التي ضربت وسط تكساس الشهر الماضي. قال المدعي العام لولاية تكساس، كين باكستون، في منشور على X: 'يجب العثور على الديمقراطيين في مجلس نواب تكساس الذين يحاولون الهرب كالجبناء، واعتقالهم، وإعادتهم إلى الكابيتول فورًا'. وأضاف: 'يجب أن نستخدم كل ما في وسعنا لملاحقة من يعتقدون أنهم فوق القانون'. وقال رئيس مجلس نواب تكساس، داستن بوروز، إنه إذا لم يكتمل النصاب القانوني في الساعة الثالثة من عصر يوم الاثنين، فإن جميع الخيارات ستكون مطروحة، كما ذكر بعض زملائي الديمقراطيين مؤخرًا.