
"الناشط" العميل الذي فوض نفسه متحدثا باسم المغاربة خدمة لأعداء وطنهم
سمير الحيفوفي
في بلادنا التي لا تعاني من نقص في الكوميديا السياسية، كفرة كثر بالوطن يؤمنون بكل ما يعادي مصالحه وينسفها، ولأجل ذلك يتموقعون وفق الأهواء والغايات التي يرمون إليها، ومن يدخرونهم لتنزيل أمانيهم.
وكعادته خرج علينا أحد هواة التموضع الإيديولوجي، ليفرغ ما جعبته من محفوظات مشروخة، ترسبت لديه بعدما لامسه رذاذ القومجية البائدة، وتعلم ترديد تكبيرات الممانعة وفن الـ"ريكلام" من المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مثل أي بائع متجول وجد نفسه صفر اليدين وهو يتجول بين أرصفة خالية.
ويتعلق الأمر بالبيدق الهمام المتعدد المهام، الذي يمتشق الكلام ككل مرة متسلحا بتعاليم المضمنة في الأجندات المعادية، وقد تربى في حضن نظام البعث السوري وتجرع الضغينة من ثدي طهران، وكبر في حجر العسكر، وأصبح طيعا في يد كل من تسول له نفسه الشر تجاه المغرب.
لقد تناهت إلى مسامع صاحبنا لأول مرة لفظة "القومية العربية" في إذاعة دمشق، وراق لها وقعها وحفظ الممانعة من خطب حسن نصر الله الهالك، ومن قادة "حماس" الأشاوس في صنع الدروع البشرية، فكان أن تحمّس أكثر من اللازم، فأفتى على المسامع بما لا يفتي به الدستور قائلا إن العلاقة المغربية الإسرائيلية "ضد خيارات الشعب المغربي".
صاحبنا هذا الذي لم يصطف يوما إلى جانب الوطن، والذي يستل سكينه المسمومة ليغرزها في ظهره حين تلوح أمامه الفرصة، تحدث وكأنه عارف بكل شيء وكأن له بلورة سحرية تطلعه بما يدور في الخلد الجمعي للمغاربة، أو أنه استيقظ صباحًا، وفتح نافذة "الوجدان الشعبي"، فأجابه سبعة وثلاثون مليون مغربي بصوت واحد: نحن نرفض هذا القرار!
وإنها لمزايدة خبيثة مثلما هي مقيتة، لكن، من قال إن للمزايدة حدودًا؟ فالرجل أصبح يصول ويجول بين المواقع، ويدلي بالخزعبلات وكأنه موكل من المغاربة ومفوض سامٍ لإرادة الأمة، وناطق غير رسمي باسم جماهير لم تصوت له يومًا إلا في خياله الثوري المتلاشي.
ومن بيروت أيام كان "حزب اللات" يوزع صكوك الشرف، إلى الجزائر حيث أجندة الدولة الجارة توزع صكوك الولاء، تجد صاحبنا ينط هنا وهناك، وهو بذلك لا يضيع فرصة في خدمة كل من يعادي مصلحة بلاده يجيب كل من دعاه ليشوش ويناوش بل يزيد من "اجتهاده"، شريطة يكون المقابل شيكا محررا بالدولار أو الدينار.
يحدثنا هذا "الناشط" عن السيادة، ولم يخجل، وكأنه لم يقض سنوات في خدمة ميليشيات وظيفتها الأساسية تقويض سيادات الآخرين، وضرب أركان الدول، يحدثنا عن التطبيع وكأنه لم يتطبع على الارتماء في أحضان أجهزة أمنية تعتقد أن كل ما هو مغربي خطر استراتيجي، يحدثنا عن فلسطين وكأنه لم يُستعمل مرارًا كورقة صدئة في يد من لا يريد لا فلسطين ولا تحريرها، بل فقط أدوات لإرباك الخصوم.
ولأن النفاق لا يشيب، حتما ستجده غدًا في ندوة مغلقة، يبكي ويولول ويرفع عقيرته بالصياح يندب عبره العروبة، ويهاجم المغرب الأرض التي أطلق فيها صرخته الأولى ومنحته سلطاتها شهادة الميلاد وجواز السفر، ووسعت هامش حريته أكثر من غيرها من الدول التي يخدمها، وبذلك فسحت له المجال ليصرخ دون حتى أن يسأله أحد: من أنت أصلاً؟
فعلا إنه زمن العجائب… حين يصبح عميل صغير صوتًا مرتفعًا، فقط لأنه تعلّم فن الصراخ السياسي المأجور.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة 24
منذ 2 أيام
- الجريدة 24
"الناشط" العميل الذي فوض نفسه متحدثا باسم المغاربة خدمة لأعداء وطنهم
سمير الحيفوفي في بلادنا التي لا تعاني من نقص في الكوميديا السياسية، كفرة كثر بالوطن يؤمنون بكل ما يعادي مصالحه وينسفها، ولأجل ذلك يتموقعون وفق الأهواء والغايات التي يرمون إليها، ومن يدخرونهم لتنزيل أمانيهم. وكعادته خرج علينا أحد هواة التموضع الإيديولوجي، ليفرغ ما جعبته من محفوظات مشروخة، ترسبت لديه بعدما لامسه رذاذ القومجية البائدة، وتعلم ترديد تكبيرات الممانعة وفن الـ"ريكلام" من المتاجرة بالقضية الفلسطينية، مثل أي بائع متجول وجد نفسه صفر اليدين وهو يتجول بين أرصفة خالية. ويتعلق الأمر بالبيدق الهمام المتعدد المهام، الذي يمتشق الكلام ككل مرة متسلحا بتعاليم المضمنة في الأجندات المعادية، وقد تربى في حضن نظام البعث السوري وتجرع الضغينة من ثدي طهران، وكبر في حجر العسكر، وأصبح طيعا في يد كل من تسول له نفسه الشر تجاه المغرب. لقد تناهت إلى مسامع صاحبنا لأول مرة لفظة "القومية العربية" في إذاعة دمشق، وراق لها وقعها وحفظ الممانعة من خطب حسن نصر الله الهالك، ومن قادة "حماس" الأشاوس في صنع الدروع البشرية، فكان أن تحمّس أكثر من اللازم، فأفتى على المسامع بما لا يفتي به الدستور قائلا إن العلاقة المغربية الإسرائيلية "ضد خيارات الشعب المغربي". صاحبنا هذا الذي لم يصطف يوما إلى جانب الوطن، والذي يستل سكينه المسمومة ليغرزها في ظهره حين تلوح أمامه الفرصة، تحدث وكأنه عارف بكل شيء وكأن له بلورة سحرية تطلعه بما يدور في الخلد الجمعي للمغاربة، أو أنه استيقظ صباحًا، وفتح نافذة "الوجدان الشعبي"، فأجابه سبعة وثلاثون مليون مغربي بصوت واحد: نحن نرفض هذا القرار! وإنها لمزايدة خبيثة مثلما هي مقيتة، لكن، من قال إن للمزايدة حدودًا؟ فالرجل أصبح يصول ويجول بين المواقع، ويدلي بالخزعبلات وكأنه موكل من المغاربة ومفوض سامٍ لإرادة الأمة، وناطق غير رسمي باسم جماهير لم تصوت له يومًا إلا في خياله الثوري المتلاشي. ومن بيروت أيام كان "حزب اللات" يوزع صكوك الشرف، إلى الجزائر حيث أجندة الدولة الجارة توزع صكوك الولاء، تجد صاحبنا ينط هنا وهناك، وهو بذلك لا يضيع فرصة في خدمة كل من يعادي مصلحة بلاده يجيب كل من دعاه ليشوش ويناوش بل يزيد من "اجتهاده"، شريطة يكون المقابل شيكا محررا بالدولار أو الدينار. يحدثنا هذا "الناشط" عن السيادة، ولم يخجل، وكأنه لم يقض سنوات في خدمة ميليشيات وظيفتها الأساسية تقويض سيادات الآخرين، وضرب أركان الدول، يحدثنا عن التطبيع وكأنه لم يتطبع على الارتماء في أحضان أجهزة أمنية تعتقد أن كل ما هو مغربي خطر استراتيجي، يحدثنا عن فلسطين وكأنه لم يُستعمل مرارًا كورقة صدئة في يد من لا يريد لا فلسطين ولا تحريرها، بل فقط أدوات لإرباك الخصوم. ولأن النفاق لا يشيب، حتما ستجده غدًا في ندوة مغلقة، يبكي ويولول ويرفع عقيرته بالصياح يندب عبره العروبة، ويهاجم المغرب الأرض التي أطلق فيها صرخته الأولى ومنحته سلطاتها شهادة الميلاد وجواز السفر، ووسعت هامش حريته أكثر من غيرها من الدول التي يخدمها، وبذلك فسحت له المجال ليصرخ دون حتى أن يسأله أحد: من أنت أصلاً؟ فعلا إنه زمن العجائب… حين يصبح عميل صغير صوتًا مرتفعًا، فقط لأنه تعلّم فن الصراخ السياسي المأجور.


الجريدة 24
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- الجريدة 24
وزير خارجية فرنسا: الأفق مسدود مع الجزائر
سمير الحيفوفي "الأفق مسدود حاليا"، هكذا أوجز "جون نويل بارو"، وزير الخارجية الفرنسي في وصفه لواقع العلاقات الفرنسية الجزائرية، مؤكدا على أن "الأمور عالقة" بين البلدين. وتحدث رئيس الـ"كي دورساي"، لإذاعة "RTL"، محيلا على أن السفير الفرنسي في الجزائر لا يزال في العاصمة باريس، منذ منتصف شهر أبريل الماضي، والأمور بين البلدين بلغت طريقا مسدودا. وكان "استيفان روماتي"، السفير الفرنسي في الجزائر التحق ببلده بعدما قرر النظام العسكري الجزائري طرد 12 موظفا قنصليا، في رد على اعتقال موظف قنصلي ثبت للسلطات الفرنسية تورطه رفقة آخرين في محاولة تصفية معارض جزائري. ويتعلق الأمر بالمعارض الجزائري "أمير بوخرص" الملقب بـ"أمير DZ"، والذي حاول النظام العسكري الجزائري التخلص، منه لكن السلطات الفرنسية اعتقلت مطارديه ومنهم موظف قنصلي جزائري. وقال وزير الخارجية الفرنسي، إن الجزائر اتخذت قرارا متطرفا، ولذلك جرى استدعاء السفير الفرنسي، ولا شيء يلوح في الأفق يشي بحدوث انفراجة، وفق "جون نويل بارو". وعرج المتحدث على قضية "بوعالم صنصال"، المعتقل منذ 16 نونبر 2024، محيلا على أنه "رجل ثمانيني جرى إبعاده عن أصدقائه"، بقرار من نظام العسكر. وزاد وزير الخارجية الفرنسية محذرا، "لا نريد جعل الجزائر مسألة لسياستنا الداخلية"، لأن من شأن ذلك "المجازفة بإلحاق الأذى بمواطنينا الفرنسيين الجزائريين".


الأيام
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- الأيام
ماذا يعني انهيار الدولار؟
Getty Images عادة ما تشهد العملات النقدية صعوداً وهبوطاً باستمرار، لكن سعر صرف الدولار شهد تراجعاً كبيراً في الأشهر الأخيرة. فلماذا هذا الهبوط، ولماذا ينبغي أن نتهم به؟ ما الذي حدث للدولار منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ كان سعر صرف الدولار في صعود أثناء الخريف، الذي سبق الانتخابات الرئاسية في 2024، بفضل نمو نسبي في الاقتصاد الأمريكي، واستمر في قوته بعد فوز ترامب بالرئاسة، في نونبر الماضي، على أمل أن يواصل صعوده. وكان للحديث عن سياسة ترامب التجارية تأثير أيضاً. فالكثير من المستثمرين اعتقدوا أن تؤدي التعريفات الجمركية، التي وعد بفرضها، إلى زيادة التضخم. وهو ما يجبر البنك المركزي الأمريكي على رفع نسبة الفائدة، أو على الأقل عدم خفضها بالسرعة التي كانت متوقعة. فرفع نسبة الفائدة في الولايات المتحدة يجعل الدولار أكثر جاذبية، إذ يعني أن المستثمرين سيحققون أرباحاً أكبر من سيولتهم النقدية بالدولار مقارنة بالعملات الأخرى. ولكن التفاضل تغير في الأشهر الأخيرة، بعد ظهور تفاصيل هذه التعريفات، وما تلاها من تعليق أو توسيع مثلما حدث في حالة الصين، ما أثار شكوكاً بخصوص تأثيرها. وتتوقع أغلب التقديرات الآن أن يتراجع نمو الاقتصاد الأمريكي. وأدى ذلك إلى هبوط حاد في سعر صرف الدولار. ويبدو أن انتقادات ترامب لرئيس البنك المركزي، جيروم باول، بسبب عدم تخفيض نسبة الفائدة، زاد أيضاً من الضغوط على الورقة الخضراء. وترتفع قيمة جميع العملات وتنخفض مدفوعة بالعديد من العوامل، من بينها توقعات التضخم، وسياسات البنك المركزي. ولكن مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأمريكية مقارنة بالعملات الأخرى، هوى إلى أدنى مستوياته، منذ ثلاثة أعوام. هل هذا غير معتاد؟ Getty Images يُنظر إلى الدولار عادة على أنه استثمار آمن في زمن التقلبات والأزمات. وعليه فإن الهبوط الحاد في قيمة العملة، فضلاً عن بيع السندات الحكومية، التي تُعتبر هي الأخرى أصولاً آمنة، أمر غير اعتيادي. وتقول جين فولي، مديرة استراتيجية الصرف الأجنبي في مصرف رابوبنك، إن انهيار سعر صرف الدولار كان صادماً بعد إعلان ترامب عن التعريفات الجمركية التي سماها "يوم التحرير". "فقد تقبل السوق لعدة سنوات قصة نمو الاقتصاد الأمريكي. وكانت البورصات الأمريكية متفوقة على البورصات الأخرى. وفجأة يقول لك خبراء الاقتصاد اليوم إن التعريفات ستدفع بالولايات المتحدة إلى التضخم". وتشير الخبيرة أساساً إلى بيع واسع للأصول الأمريكية من سندات وعملة. وقد أثار ذلك تكهنات حول ما إذا كان الانخفاض قد يشير إلى تحول أوسع نطاقاً بعيداً عن الولايات المتحدة، وكذلك عن الدولار. ماذا يعني الدولار الضعيف؟ سيلاحظ الأمريكي العادي ضعف الدولار عندما يسافر إلى الخارج، فيجد أن أمواله لن تأخذه إلى أماكن بعيدة. أما السياح الأجانب فيجدون أن عملاتهم تشتري لهم أكثر. ولكن تذبذب قيمة الدولار له تأثير قوي على المستوى الدولي أكبر من تأثير غيره من العملات. والسبب في ذلك هو أن العملة الأمريكية هي عملة الاحتياط الأولى في العالم. وهذا يعني أن البنوك المركزية في كل أنحاء العالم تحتفظ بكميات كبيرة منها، باعتبارها جزءاً من احتياط النقد الأجنبي الخاص بها. والبنوك المركزية تستعمل الدولار في تعاملاتها الدولية، لتسديد الديون، أو لدعم نسبة الصرف المحلية. ويعد الدولار أيضاً العملة الأساسية في التجارة الدولية. وتذكر فولي أن حوالي نصف الفواتير في العالم تدفع بالدولار. ويعني هبوط الدولار أن المنتجات الأمريكية ستكون أرخص في السوق، بينما قد تصبح السلع المستوردة أغلى بسبب ضعف العملة. والكثير من السلع المتداولة عالمياً مثل النفط والغاز يكون تسعيرها بالدولار. فالدولار الضعيف يجعل النفط الخام أرخص بالنسبة للدول التي تستعمل عملات أخرى. ما الذي سيحدث لو استمر الدولار في التراجع؟ ترمز قوة الدولار في الولايات المتحدة إلى قوة أمريكا السياسية. فلا يعقل بالنسبة للأمريكيين أن تفقد بلادهم مكانة احتياط الصرفي العالمي، التي تتمتع بها. وتقول فولي إن عملات أخرى أخذت تتقوى، ولكن هذا لن يجعل الدولار يفقد مركزه الأول في وقت قريب. هذا على الرغم من أن مسؤولاً في الخزانة الأمريكية قال العام الماضي إنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعتبر هذه المكانة حقاً مكتسباً. وترى أن الدولار سيستعيد بعض ما فقده في الأسابيع المقبلة، ولكنه لن يعود إلى قوته السابقة. وذلك لأن كل حركة كبيرة في السوق توفر إمكانيات لتحقيق الأرباح. فلو قرر المستثمرون مثلاً أن يبيعوا اليورو بينما هو في أعلى مستوياته، فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار اليورو وصعود الدولار. وستراقب الأسواق ما إذا كان ترامب سيواصل انتقاده لرئيس الاحتياطي الفيدرالي. فقد وصف باول بأنه من أكبر "الفاشلين"، ودعا علناً إلى "إقالته". وإذا تعرض باول إلى ضغوط فإن الأسواق ستتساءل عن مصداقية الاحتياطي الفيدرالي، وهو أمر في غاية الأهمية. وتقول سوزانا ستريتر، رئيسة قسم المال والأسواق في شركة هارسغريفز لانسدوان للخدمات المالية: "استقلالية البنك المركزي مسألة ضرورية لضمان استقرار الأسعار على المدى الطويل، ولحماية صُنّاع السياسات من الضغوط السياسية الظرفية".