
تقرير يتهم أوروبا باستنزاف الطاقة المتجددة في مصر والمغرب.. هل بدأ 'الاستعمار الأخضر'؟
تواجه أوروبا انتقادات دولية نتيجة استغلالها مشروعات الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا بوجه عام، ومصر والمغرب بوجه خاص، التي تُنتَج فيها الكهرباء أساسًا للتصدير.
وبُنيت الإدانات المذكورة على حقيقة مفادها أن الاستثمارات الأوروبية في قطاعَي الطاقة والزراعة في مصر والمغرب تستهدف أساسًا استخراج الموارد وإرسالها إلى دول الشمال العالمي، دون تحقيق القيمة المضافة المطلوبة لاقتصاد البلدَيْن العربيين.
وتزعم الحكومات والمؤسسات المالية وشركات الطاقة في أوروبا أن الاستثمارات في مشروعات الطاقة النظيفة في شمال أفريقيا تعود بالنفع المتبادل على جميع الأطراف المعنية.
غير أن الاستثمارات المذكورة، في واقع الأمر، تتسبّب باستدامة دورة من استنزاف الموارد في دول المنطقة، والتبعية الاقتصادية، والتدهور البيئي في البلدان الحاضنة لتلك الاستثمارات، مع تفاقم التداعيات المناخية.
تبييض الاقتصادات
تستغل الدول الأوروبية الطاقة المتجددة في مصر والمغرب من أجل تبييض اقتصاداتها، تاركةً البلدان الواقعة شمال أفريقيا معتمدةً على الوقود التقليدي الملوث للبيئة، وفق تقرير حديث صادر عن منظمة غرين بيس (Greenpeace).
وتستهدف مصر والمملكة المغربية تعظيم الاستفادة من موقعيهما الإستراتيجيَّيْن جنوب البحر المتوسط، وإمكاناتهما الضخمة في قطاعَي الشمس والرياح؛ لتعزيز دورهما المحوري في سباق أوروبا لتنويع إمداداتها من الطاقة.
وقال التقرير إن مشروعات الطاقة المتجددة التي تدعمها أوروبا والمنتجة للكهرباء النظيفة للتصدير، تعرقل قدرة مصر والمغرب على إزالة الانبعاثات الكربونية من اقتصاديهما.
كما تتسبّب المشروعات المذكورة في تشريد السكان المحليين في كلا البلدين، واستهلاك ملايين اللترات من المياه العذبة، بل تحدث تلك السيناريوهات -أحيانًا- في بيئات تندُر فيها موارد تلك المياه بالفعل.
وتسرع أوروبا وتيرة استثماراتها في مصر؛ إذ لامست تلك الاستثمارات قرابة 38.8 مليار يورو (41 مليار دولار أميركي) في عام 2020، أي نحو 39% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية آنذاك، وفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتركّز الاستثمارات الأوروبية في مصر على إنتاج الهيدروجين الأخضر للتصدير إلى الدول الأوروبية، مثل إبرام مشروعات الطاقة المتجددة وصفقات الهيدروجين الأخضر في فبراير (2024) بقيمة 40 مليار دولار، وفق التقرير.
وفي الوقت نفسه تظل مصر والمملكة المغربية -كذلك- مستوردَيْن صافيين للكهرباء المولدة بالوقود الأحفوري؛ إذ تشتريان كميات كبيرة من النفط والغاز لتنمية اقتصاديهما، في حين تبيعان طاقتهما النظيفة إلى أوروبا، وفق التقرير.
مصر مظلومة
أشار تقرير "غرين بيس" إلى الظلم البيّن الواقع على مصر التي على الرغم من تصديرها الوقود الأحفوري إلى أوروبا، ما تزال تعاني شُحًا في الوقود المخصص للاستهلاك المحلي؛ ما نتج عنه انقطاع الكهرباء لمدد طويلة في بعض المناطق.
واستشهد التقرير بسيناريو الحرب الأوكرانية بين روسيا وأوكرانيا التي أجبرت شركات الطاقة الأوروبية مليارات الدولارات في مصر، بهدف الوصول إلى احتياطيات الغاز في البلاد، في إطار مساعيها الرامية لإيجاد بدائل لإمدادات الغاز الروسي البالغة 80 مليار متر مكعب (2.8 تريليون قدم مكعبة) التي انقطعت فجأة عن السوق.
غير أن الاضطرابات التي حدثت للتكوينات الجيولوجية، نتيجة الزيادة المفرطة في أنشطة الحفر بوساطة شركات النفط والغاز قد أدت إلى تعرية التربة وتلوثها، إلى جانب تلويث إمدادات المياه، وفق التقرير.
وتزيد مصر معدلات استعمالاتها للوقود الأحفوري مثل المازوت -نوع من الهيدروكربونات الثقيلة التي تحتوي على مواد سامة مثل الكبريتيدات والمعادن الثقيلة- بهدف استخراج مزيد من الغاز وتصديره إلى أوروبا.
لكن مصر، والكلام ما يزال للتقرير، ستحتاج إلى استثمارات عالمية إذا كانت ترغب في بناء البنى التحتية والصناعة التي تحتاج إليها كي تعزّز قطاع الطاقة المتجددة لديها بسرعة.
وقالت أتلانتيك كاونسل (Atlantic Council)، وهي مؤسسة بحثية غير حزبية مؤثرة في مجال الشؤون الدولية: "من خلال السياسات الذكية التطلعية، والاستثمارات الإستراتيجية من الحكومة المصرية، التي تضخها بالتعاون مع شركاء دوليين، تستطيع القاهرة أن تصبح مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة".
المغرب.. وجه آخر للاستغلال
تطرّق تقرير المنظمة الدولية إلى أوجه استنزاف الموارد المتجددة في المغرب بوساطة شركات الطاقة العالمية، مثل توتال إنرجي الفرنسية التي ضخت استثمارات قدرها 10 مليارات يورو (10.6 مليار دولار أميركي) في مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في جهة كلميم واد نون جنوب البلاد، الذي سيدخل حيز التشغيل في عام 2027 ويُخصص كله للتصدير.
كما تعهّدت ألمانيا باستثمار ما يصل إلى 300 مليون يورو (314 مليون دولار أميركي) في بناء محطات هيدروجين نظيف، ويستهدف المشروع -كذلك- أسواق التصدير.
وقالت مسؤولة الحملات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "غرين بيس"، هانين كيسكيس: "يتعيّن على الشمال العالمي أن يضطلع بمسؤوليته عن الحد من استهلاكه وبناء السعة المحلية للطاقة المتجددة، بدلًا من تحميل الجنوب العالمي التكاليف الاجتماعية والبيئية".
وأضافت كيسكيس: "كما يتعيّن علينا أن نواصل النضال من أجل إزالة الاستعمار وتحقيق تحول جذري البنية المالية العالمية"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتابعت: "التحول إلى الاقتصاد الأخضر يجب ألا يتسبّب بظلم لأي دولة، بل يجب أن يكون تحويليًا وشاملًا ويركّز على احتياجات الأطراف الأكثر تضررًا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العالم24
منذ ساعة واحدة
- العالم24
نادي مغربي يرحب بإمكانية انضمام رونالدو لكأس العالم للأندية 2025
أعلن هشام آيت منا، رئيس نادي الوداد الرياضي المغربي، عن ترحيبه بإمكانية انضمام كريستيانو رونالدو إلى صفوف الفريق خلال منافسات كأس العالم للأندية 2025، مؤكدًا أن النادي مستعد لخوض هذه المغامرة رغم محدودية موارده المالية. وأوضح آيت منا في تصريحات إعلامية أن فكرة استقطاب النجم البرتغالي، حتى لو كانت احتمالا ضعيفا، تستحق المحاولة، مشيرًا إلى أن اللاعب ليس من النوع الذي يحركه المال فقط، بل يسعى أيضًا للتحديات الكبرى. وأعرب آيت منا عن استعداده لبدء الخطوات اللازمة إذا ظهرت أي فرصة لضم رونالدو، مؤكدًا استحالة تحمل راتبه الحالي مع نادي النصر السعودي، والذي يصل إلى 200 مليون يورو سنويًا، إلا أن المشاركة الرمزية للنجم في البطولة قد تكون واردة. وبذلك يصبح الوداد أول نادٍ يعلن صراحة عن رغبته في استضافة 'الدون' في نسخة المونديال المقبلة، والتي ستقام على الأراضي الأمريكية. وكانت تقارير صحفية قد تحدثت عن رغبة الفيفا في مشاركة رونالدو في البطولة العالمية، عبر صيغة إعارة مؤقتة إلى أحد الأندية المشاركة. ورغم استبعاد نادي الهلال من هذه القائمة، تبقى الاحتمالات مفتوحة أمام نجم النصر، خاصة مع قرب انتهاء عقده الحالي. وقد أسفرت قرعة البطولة عن وقوع الوداد في مجموعة قوية تضم مانشستر سيتي ويوفنتوس والعين الإماراتي، فيما سيحصل الفريق المغربي على مكافأة مالية قدرها 9.55 مليون دولار لقاء مشاركته، ضمن إجمالي جوائز تناهز مليار دولار خصصها الاتحاد الدولي لكرة القدم للبطولة، منها 125 مليون دولار للبطل.


أريفينو.نت
منذ 5 ساعات
- أريفينو.نت
1000 مليار لمصنعين عملاقين جديدين في المغرب؟
أريفينو.نت/خاص من بين حزمة المشاريع الكبرى التي أُعلن عنها مطلع الأسبوع الجاري، والتي تُعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص ممثلة في المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) وتحالف مغربي-إماراتي يضم شركات 'طاقة' و'ناريفا' وصندوق محمد السادس للاستثمار (FM6I)، يبرز مشروع المحطات الجديدة العاملة بالغاز الطبيعي كأول مشروع تم بشأنه توقيع عقد تطوير مفصل. ويأتي هذا ليؤكد على الطابع ذي الأولوية القصوى لهذا الورش الضخم الذي سيستقطب وحده استثمارات تقارب المليار دولار. تهدارت تدخل عصراً جديداً… رفع القدرة الإنتاجية إلى 1500 ميغاواط! كشفت مصادر مطلعة على الملف أن الاتفاق المبرم ينص على بناء وحدتين جديدتين، 'تهدارت 2' و'تهدارت 3″، بقدرة إضافية تبلغ 1100 ميغاواط. هذا بالإضافة إلى تمديد العمر التشغيلي للمحطة القائمة حالياً 'تهدارت 1' (بقدرة 400 ميغاواط). وبحلول عامي 2028-2029، من المنتظر أن ترفع المحطتان الجديدتان القدرة الإجمالية للمجمع الحراري لتهدارت، المرتبط مباشرة بأنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي (GME)، إلى 1500 ميغاواط. ومن الجدير بالذكر أن اختيار موقع تهدارت، الواقع على بعد 30 كيلومترًا جنوب طنجة، لاحتضان هذه القدرات الجديدة لم يكن اعتباطيًا، خاصة وأن المغرب يمتلك محطة أخرى تعمل بدورة الغاز المزدوج في عين بني مطهر بالجهة الشرقية. فمنذ دخولها الخدمة عام 2005، عملت محطة تهدارت دائمًا بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث تم تطويرها من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالشراكة مع شركة 'إنديسا' الإسبانية و'سيمنز' الألمانية. تحالف 'طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس' يتسلم المشعل… نموذج تشغيلي جديد! علمنا من نفس المصدر أن عقد شراء الطاقة (PPA) الذي كان يربط المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بالثنائي 'إنديسا-سيمنز' لمدة 20 عامًا قد انتهى في مارس الماضي. وبذلك، سيتولى التحالف المغربي-الإماراتي 'طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس للاستثمار' مهمة إعطاء بعد جديد لهذه المحطة التي تستخدم الغاز الطبيعي الذي يشتريه المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من السوق الدولية ويتم نقله عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي. ووفقًا لبنود العقد الموقع، سيتكفل التحالف المغربي-الإماراتي بتمويل الوحدتين الجديدتين، بالإضافة إلى تشغيل موقع تهدارت بالكامل. وأوضح مصدرنا أن هذا النموذج يختلف عن المخطط المعتمد لمشروع 'الطريق السيار الكهربائي' جنوب-وسط البلاد، حيث ستعود مسؤولية التشغيل في الأخير إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وليس إلى تجمع 'طاقة-ناريفا-صندوق محمد السادس للاستثمار'. إقرأ ايضاً الغاز الطبيعي… وقود انتقالي لدعم الطاقات المتجددة وتلبية الطلب المتزايد! يُعتبر الغاز الطبيعي وقودًا انتقاليًا، أقل تلويثًا من الفحم والفيول. وتسمح المحطات ذات الدورة المزدوجة العاملة بالغاز الطبيعي بالاستجابة السريعة لاحتياجات الشبكة الكهربائية ومواكبة زيادة إنتاج الطاقات المتجددة. كما ستساهم محطات الغاز الجديدة في تقليل الاعتماد على الفيول إلى أقصى حد ممكن، والأهم من ذلك، تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء في المغرب، والذي يسجل نموًا سنويًا متوسطًا يزيد عن 4% في الفترة ما بين عامي 2010 و2024.


برلمان
منذ 6 ساعات
- برلمان
الصين تطلق مصنعا لبطاريات السيارات الكهربائية بالمغرب بقيمة 6.5 مليارات دولار
الخط : A- A+ إستمع للمقال تستعد شركة 'غوشن باور المغرب'، الفرع المحلي للمجموعة الصينية-الأوروبية 'غوشن هاي تيك'، للشروع في بناء مصنع ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من مدينة القنيطرة، في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها في إفريقيا. ويأتي هذا المشروع في أعقاب توقيع اتفاقية استثمارية في يونيو 2024، ويُرتقب أن تصل قيمة الاستثمار الإجمالية إلى 6.5 مليارات دولار. وفي هذا الصدد، أوضح خالد قلم، المدير المحلي للشركة، في تصريح لوكالة رويترز، أن البنية التحتية الأساسية للموقع قد اكتملت، على أن تنطلق عمليات الإنتاج خلال الربع الثالث من سنة 2026. المرحلة الأولى من المشروع سترتكز على استثمار بقيمة 1.3 مليار دولار، بهدف إنتاج ما يصل إلى 20 غيغاواط، مع إمكانية مضاعفة هذه القدرة إلى 40 غيغاواط في مرحلة ثانية سيتم تحديد موعدها لاحقًا. وسيشمل المشروع أيضًا وحدات لإنتاج مكونات البطاريات مثل الكاثود والأنود، مع توجيه الجزء الأكبر من الإنتاج نحو التصدير إلى السوق الأوروبية. وقد كشف خالد قلم أن الشركة تلقت بالفعل طلبات من عدد من مصنّعي السيارات الأوروبيين. وفي السياق ذاته، وقّعت شركة 'إس كي آي إي تكنولوجي'، التابعة للمجموعة الكورية الجنوبية 'إس كي' والمتخصصة في مواد بطاريات السيارات، اتفاقا أوليا لتزويد 'غوشن هاي تيك' بمواد فواصل البطاريات الموجهة لمصانعها في أوروبا والولايات المتحدة. إذ يعكس هذا المشروع ثقة الشركاء الدوليين في البيئة الاستثمارية المغربية، ويُعزز موقع المملكة كقطب ناشئ في صناعة السيارات الكهربائية على الصعيدين الإقليمي والدولي.