الأخبار: عودة الخارج إلى نغمة الضغط والتهويل: تصرّفوا مع حزب الله أو تتكفّل إسرائيل بالأمر!
في هذا الإطار، ينشط تحالف حزبي يضم الحزب الاشتراكي و«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، وبدعم مباشر من السعودية ممثّلة بالمندوب السامي يزيد بن فرحان، لإنضاج فكرة وضع بند حصر السلاح على طاولة مجلس الوزراء قبل الأول من آب. وقال مطّلعون إن خلفية العمل على جلسة الحكومة، تنطلق أولاً من أن «هذا الأمر طلبه برّاك وشدّد عليه حينَ التقى الرؤساء الثلاثة، جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، وتحدّث عن هذا الأمر في اجتماعاته مع شخصيات سياسية من بينها سمير جعجع ووليد جنبلاط، مؤكداً أمامها على ضرورة أن تقوم الجهات السياسية بخطوات ضاغطة على حزب الله». ويشترك في هذا العمل، رئيس الحكومة الذي يضغط في اتجاه عقد جلسة للحكومة تتخذ قراراً بحصرية السلاح وتضع جدولاً زمنياً ومراحل للآلية التنفيذية، وقد ناقش ذلك في اجتماعه يوم أمس مع رئيس الجمهورية في بعبدا قبل مغادرة الأخير لبنان متوجّهاً إلى الجزائر، حيث حاول إقناعه بضرورة عقد جلسة سريعاً، إلا أن «عون لا يزال يعتقد بأن الظروف لم تنضج بعد لعقد الجلسة بعد»، وفقَ ما تقول مصادره. وهو ما جعل السؤال قائماً حول مكان انعقاد الجلسة، في القصر الجمهوري أو في السراي الكبير.
وترافقت هذه الطروحات، مع مستوى جديد من التهويل والتهديد، وتحذير الغربيين من إمكانية أن تقوم إسرائيل بعملية عسكرية ضد لبنان في حال عدم تجاوب الدولة مع المطلب الأميركي، وهو ما قاله رئيس الحكومة لرئيس الجمهورية، ناقلاً إليه «الأجواء التي خرج بها بعد زيارته الأخيرة إلى باريس قبلَ أيام حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون»، مشيراً إلى أن «ماكرون قال بصراحة إن إسرائيل لن تنتظر طويلاً وإنه باتَ على لبنان أن ينتقل إلى خطوات عملانية لتدارك الأمور، وإن باريس تضغط أيضاً لعقد الجلسة الحكومية».
وبحسب مصادر على صلة بالجانب الفرنسي، فإن باريس، تتحدّث بلسان مسؤولين كبار فيها، وحتى عبر دبلوماسيّتها في لبنان، عن أن لبنان «مضطر إلى التفاعل إيجاباً» مع الطلبات الأميركية، لأجل مواجهة استحقاقات داهمة، من بينها موضوع التجديد لعمل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب. وتقول المصادر إن باريس تلمس تحركات ضخمة تقوم بها إسرائيل لأجل وضع الجميع أمام تحدّي عدم الحاجة إلى بقاء القوات الدولية. وإن إسرائيل تضع خطة تفيد بأنه في حال تقرّر عدم سحب القوات الآن، فإنها ستطالب بإدخال تعديلات جوهرية على آلية عملها، وفرض حريتها الكاملة بالعمل دون التنسيق مع الجيش اللبناني أو مع أي قوى عسكرية أو أمنية، وأن تتولى بنفسها عمليات التدقيق لمنع وجود أسلحة أو مسلحين». وبحسب المصادر فإن الجانب الإسرائيلي «يريد مع ذلك، أن يكون التمديد لفترة قصيرة، ويساعده الأميركيون في طرحه، من زاوية أن بدل صرف الأموال على القوات الدولية التي لا تقوم بعملها، فليُصَرْ إلى تخصيص هذه المبالغ لدعم عمليات انتشار الجيش والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب نهر الليطاني». وتلفت المصادر إلى أن إسرائيل «تأمل في حالة خروج اليونيفل، في إلزام لبنان بآلية تشاور مباشرة بين الجيش الإسرائيلي والجيش اللبناني عبر الجانب الأميركي».
وفي السياق نفسه، لوّح قائد «القوات» سمير جعجع بالتصعيد الإسرائيلي، وحذّر من الاستمرار في «التمايل يميناً ويساراً وعدم حلّ مسألة سلاح حزب الله الذي يرى أنه بات بلا فائدة في حماية لبنان ولا يجلب إليه سوى الضرر والخراب»، معتبراً «أن لبنان أمام خيارين أوّلهما اتخاذ قرار حكومي بحل التنظيمات العسكرية والأمنية، أو مواجهة صيف ساخن، أو في أحسن الأحوال صيف سيّئ».
ويقول المطّلعون على كواليس الاتصالات، إن «الجلسة لم تنضج حتى الآن على المستوى الداخلي»، خصوصاً أن هناك «محاولات لإقناع الوزراء الشيعة بالحضور، مع وجود حرص على عدم قيام أي طرف بالانسحاب من الحكومة وتطييرها»، كما أن الاتصالات لا تزال متواصلة مع الفرنسيين والأميركيين، في محاولة للحصول على ضمانات بوقف الخروقات ووقف عمليات الاغتيال والاستهدافات، وهي أيضاً لم تسفر عن نتيجة، كما أن الصيغ التي اقترحها رئيس مجلس النواب حول وقف إطلاق النار لمدة 15 يوماً بدءاً من الأول من آب من قبل إسرائيل، لم يتم التجاوب معها». هذه الوقائع، دفعت سلام إلى «تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة يوم الثلاثاء القادم لتزامنها مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها»، معلناً أن «مجلس الوزراء سيعقد جلستين في الأسبوع المقبل، وسيكون على جدول أعمال الجلسة الأولى موضوع استكمال البحث في تنفيذ البيان الوزاري في شقّه المتعلق ببسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً، والذي بدأ النقاش بشأنه في جلسة 17 نيسان الماضي، إضافةً إلى البحث في الترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية لشهر تشرين الثاني 2024، والتي تضمّنت ورقة السفير برّاك أفكاراً بشأن تطبيقها».
وفيما اعتبرت أوساط سياسية أن «الحكومة تلتزم بحصرية السلاح في البيان الوزاري ولا حاجة إلى عقد جلسة لذلك» وأن «هذا رأي الرئيس بري الذي التقاه سلام الأسبوع الماضي»، قالت إن المشكلة اليوم تكمن في أن «الأميركيين والإسرائيليين هذه المرة يلوّحون بأن الحرب قد لا تكون مع حزب الله وحده، وبأن الدولة قد لا تكون مُحيّدة في حال لم تقدم السلطة مجتمعة على اتخاذ القرارات اللازمة والإجراءات المطلوبة، والتعاطي بجدية مع ملف حزب الله».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 4 ساعات
- الدستور
عاجل.. ويتكوف يزور غزة غدا لتقييم وضع المساعدات الإنسانية
أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت خلال إحاطة صحفية، أن مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف سيزور قطاع غزة غدا الموافق الأول من أغسطس لبحث آليات تسليم المساعدات. وأكدت ليفيت أن ويتكوف والسفير الأمريكي في إسرائيل مايك هاكابي سيقومان بجولة في مراكز توزيع المساعدات الحالية وسيعملان على وضع خطة لزيادة كميات الغذاء، كما سيلتقيان سكان المنطقة. وأشارت ليفيت إلى أن الوفد الأمريكي سيقدم تقريرا فوريا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد عودته من غزة بهدف اعتماد الخطة النهائية لتوزيع الغذاء والمساعدات في المنطقة. وأضافت أن ويتكوف وهاكابي عقدا اجتماعا مثمرا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين حول سبل إدخال المواد الغذائية والمساعدات إلى غزة. يأتي ذلك في أعقاب تصريحات زعيم حركة "حماس" خليل الحية يوم 27 يوليو التي اعتبر فيها المفاوضات مع إسرائيل عديمة الجدوى في ظل استمرار فرض الحصار على القطاع. وكان نتنياهو قد أمر بسحب الوفد الإسرائيلي من الدوحة حيث تجري مفاوضات حول غزة منذ 6 يوليو، وذلك ردا على موقف "حماس" من مقترحات وقف إطلاق النار. كما أعلن ويتكوف عبر منصة "إكس" أن واشنطن قررت أيضا سحب مفاوضيها من الدوحة بعد الرد الأخير لـ"حماس" الذي "يظهر بوضوح عدم الرغبة في تحقيق وقف لإطلاق النار في غزة".


صوت بلادي
منذ 5 ساعات
- صوت بلادي
ما بعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية: هل انتهى زمن "التخادم"؟ بقلم: محمد سعد عبد اللطيف
لم تكن الحرب الخاطفة التي اندلعت بين إسرائيل وإيران مجرد مواجهة عسكرية عابرة، بل كانت – ككل الحروب الكبرى – لحظة انكشاف سياسي وفكري في بنية الصراع الإقليمي. وعلى امتداد اثني عشر يومًا، تساقطت أوراق التوت عن كثير من الفرضيات والنظريات التي اعتدنا ترديدها كلما اشتدت الأزمة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها مقولة "التخادم" بين طهران وتل أبيب، التي لطالما بدت للبعض أقرب إلى المؤامرة منها إلى التحليل السياسي الرصين...، --لكن السؤال الأهم اليوم: هل كانت هذه الحرب إعلان وفاة لفكرة التخادم؟ أم مجرد إعادة ضبط لميزان المصالح بين خصمين يتقاطعان أكثر مما يتصارعان؟ -- منذ عقود، جرت محاولة تفسير العلاقة بين إسرائيل وإيران من خلال نموذجين متوازيين. الأول ينتمي إلى حقل "العقلانية الجيوسياسية الحديثة"، وينظر إلى كل دولة بوصفها لاعبًا يسعى لتعظيم مكاسبه وتقليل خسائره، في نظام دولي فوضوي لا مركز له، حيث القوة هي اللغة الوحيدة المفهومة. أما النموذج الآخر، فيغوص في عمق التاريخ والثقافة، ليرى في العلاقة بين الفرس واليهود شكلًا من أشكال التواطؤ الطويل الأمد، حيث تلعب العداوات الظاهرة دور الغطاء لاستراتيجيات هيمنة مشتركة على حساب بقية شعوب المنطقة.،، -- لكن الأزمة لا تكمن في أي النموذجين أكثر صدقًا، بل في فشل كليهما في تفسير لحظة الحرب نفسها. ذلك أن الصراع لم يكن لحظة انكسار في العلاقة، ولا مجرد نتيجة طبيعية لتحولات ميدانية، بل تجسيد معقّد لتحولات داخل البنية الأيديولوجية والمؤسسية للدولتين..، -- في الحالة الإسرائيلية، لم تعد المواجهة مع إيران مجرد "تهديد استراتيجي محتمل"، بل تحولت إلى حاجة داخلية ملحة لإعادة ترتيب البيت السياسي، وسط اهتزازات داخلية عميقة، وانقسام مجتمعي حاد، وتراجع الدعم الغربي التدريجي. أما في الحالة الإيرانية، فإن الخطاب الثوري الذي طالما حمل راية "محو إسرائيل" بات يجد نفسه محاصرًا بأسئلة شرعية داخلية: لماذا كل هذا التمدد الإقليمي إن كانت الطائرات الإسرائيلية تستطيع ضرب الداخل من دون رد يوازي حجم الخطاب..؟ -- في هذا السياق، لم يعد ممكنًا الاكتفاء بالتحليل الواقعي الذي يُعلي من شأن القوة المادية، ولا بالسردية التاريخية التي تختزل العلاقة في تحالفات خفية. نحن أمام تحول بنيوي في فلسفة الصراع، يتطلب استحضار أدوات أكثر تعقيدًا، تأخذ بعين الاعتبار دور الدولة الحديثة كمُنتِج للهوية والقيم، لا مجرد فاعل عقلاني في ساحة دولية... -- فإسرائيل ليست مجرد قاعدة عسكرية غربية في الشرق، بل كيان أيديولوجي يتغذى على الإحساس الدائم بالخطر الوجودي. وإيران ليست مجرد دولة تسعى لتصدير الثورة، بل منظومة سلطوية هجينة، تُعيد إنتاج الخطاب الديني في قوالب قومية توسعية، تؤسس لشرعية داخلية من خلال تصدير الأزمات إلى الخارج.،، -- والسؤال الذي لا مفر منه اليوم: إذا كانت إسرائيل تملك القدرة على ضرب العمق الإيراني، فلماذا لم تفعل ذلك منذ سنوات...؟ ولماذا لم تُنهِ وجود حزب الله في الجنوب اللبناني حين كانت قادرة على ذلك...؟ -- الإجابة تكمن في أن الصراع – رغم دويّ الانفجارات – لم يكن يومًا محض مواجهة صفرية. بل هو صراع يُدار بأدوات مركبة، تمزج بين الضغط والاحتواء، وبين التهديد والتنسيق غير المعلن. فإسرائيل تدرك أن ضرب إيران بشدة قد يدفعها إلى الانهيار، وهذا الانهيار قد يطلق قوى لا يمكن السيطرة عليها، من فوضى طائفية إلى تسونامي لاجئين، مرورًا بفتح المجال لقوى مثل الصين وروسيا لملء الفراغ. --وفي المقابل، تعرف إيران أن تجاوز "خطوط الردع" قد يفتح الباب لحرب شاملة لن تحتملها، لا اقتصاديًا ولا اجتماعيًا، في ظل حالة الانهاك الشعبي والعقوبات المتواصلة. من هنا، تتبدى العلاقة بين الطرفين كأنها نوع من "الرقص على الحافة"، حيث لا أحد يريد السقوط، لكن الجميع مستعد لاستخدام السقوط كأداة تهديد...،، -- في عالم تتغير فيه موازين القوة بسرعة، وتفقد فيه النظريات السياسية التقليدية قدرتها على التفسير، ربما علينا أن نعيد التفكير في أدواتنا التحليلية، وأن نتوقف عن الانشداد إلى ثنائيات الخير والشر، والعدو والصديق، والتخادم والتآمر. فالصراع بين إسرائيل وإيران ليس سوى مرآة لصراع أعمق: صراع الأيديولوجيا والدولة، بين شعوب تبحث عن معنى، ونخب تصنع الأساطير لتبرير هيمنتها.. --وفي النهاية، الحرب قد تتوقف، لكن الصراع لم ينتهِ… بل قد يكون قد بدأ لتوه...,! --محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية..,! saadadham976@


نافذة على العالم
منذ 6 ساعات
- نافذة على العالم
نافذة أزمة "حزب الله".. بين ضغوط تسليم السلاح والمعاناة المالية
الجمعة 1 أغسطس 2025 02:00 صباحاً نافذة على العالم - تتكثف الضغوط الإقليمية والدولية على "حزب الله" اللبناني، فيما تعود الورقة الأميركية بشأن "حصر السلاح بيد الدولة" إلى الواجهة بقوة. وبينما يكثّف الجيش الإسرائيلي ضرباته للبنية التحتية العسكرية للحزب في البقاع والجنوب، تتصاعد أيضا المؤشرات عن أزمة مالية خانقة تضرب أوصاله من الداخل، لتزيد من حرج موقفه السياسي والعسكري. مشهد داخلي محتقن: خطاب جريء من الرئاسة في خطاب لافت بمناسبة عيد الجيش، وضع الرئيس اللبناني جوزيف عون الأمور في نصاب مختلف. ودعا عون إلى "تسليم السلاح اليوم قبل غد"، مؤكدا حتمية سيادة الدولة اللبنانية، ورافعا سقف الطموحات بتنفيذ الورقة الأميركية عبر عرضها على مجلس الوزراء خلال أسبوع. وأكد أن السلاح يجب أن يكون حصرا بيد الجيش والقوى الأمنية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان. ووجه الرئيس عون رسائل مباشرة لحزب الله، طالبا من "القوى الوطنية" المراهنة على الدولة لا على "المقاومة"، مؤكدا أن المرحلة "مصرية ولا تحتمل استفزازات"، وسط دعوات لإنهاء ما وصفها بـ"الحروب العبثية". حزب الله يتمسك بالسلاح.. لكن بأي ثمن؟ في مقابل دعوات الرئاسة، جاء رد حزب الله عبر أمينه العام نعيم قاسم الذي أعاد التأكيد على تمسك الحزب بسلاحه "لأنه يحمي لبنان ويعزز قوة الدولة". واعتبر الكاتب والمحلل السياسي بشارة شربل خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية" هذا الخطاب نوعا من المراوغة، مشيرا إلى أن الرئيس استعاد في كلمته "لياقته الرئاسية" بعد فترة تردد خيّبت الكثيرين. ويرى شربل أن خطاب عون خرج من الرماديات، ووضع الحزب أمام "مسؤولياته التاريخية" إما بتسليم السلاح ضمن آلية توافقية، أو بالمضي في انتحار سياسي ووطني. والأهم، وفق شربل، أن الرئيس اللبناني ترك لحزب الله "ثغرة سياسية" عبر تعديلات لبنانية على الورقة الأميركية تُعرض على الحكومة، وتشمل آلية "تزامنية" تبدأ بوقف الاعتداءات الإسرائيلية مقابل خطوات تدريجية لتسليم السلاح. تصدع داخلي وأزمة مالية غير مسبوقة إلى جانب الضغوط السياسية والعسكرية، تكشف تقارير عدة من بينها تقرير لصحيفة "إسرائيل هيوم" أن حزب الله يمرّ بأزمة مالية غير مسبوقة، فهناك تأخر في دفع رواتب عناصره، وعائلات القتلى لم تعد تتلقى الامتيازات المعتادة مثل العلاج والتعليم والمساعدات الاجتماعية. كما أن "القرض الحسن"، الذراع المالية الأبرز للحزب، تلقى ضربات موجعة بعد عقوبات أميركية واسعة، فضلا عن الهجمات الإسرائيلية التي طالت مراكز مالية ولوجستية في الضاحية الجنوبية. ووفق التقارير، يعاني الحزب من صعوبات في دفع مستحقات مقاولين لترميم مبانٍ مدمرة بفعل الغارات، ما يفاقم الضغوط عليه. ويؤكد شربل في هذا السياق أن "حزب الله في لحظة ضعف استراتيجي"، معتبرا أن تمسكه بالسلاح في هذا التوقيت "لا يمكن تفسيره إلا بكونه قرارا إيرانيا"، ومرتبطا برغبة طهران في إبقاء ورقة لبنان على طاولة التفاوض مع واشنطن. الحكومة بين الضغوط والحلول الوسط الرئاسة اللبنانية تسعى إلى تمرير "فتوى توافقية" تتجنب انفجار الحكومة وتستبقي حزب الله داخل المعادلة التنفيذية، عبر صيغة تسمح له "بالتريث" دون التخلي الكامل عن سلاحه فورا. لكن شربل يشدد على أن هذا الخيار، وإن كان يُجنب الانهيار الآني، قد لا يُرضي الراعي الأميركي ولا الدول العربية المساندة لسيادة لبنان. وفي المقابل، ترفض إسرائيل أي انسحاب من التلال المحتلة أو إعادة إعمار القرى الجنوبية دون حسم ملف سلاح الحزب. ويترجم التصعيد الإسرائيلي عبر غارات مركزة على مواقع استراتيجية، في رسالة واضحة للحكومة اللبنانية بأنها مسؤولة عن بقاء "الدويلة المسلحة" داخل الدولة. بين الاستحقاق والمأزق: الفرصة الأخيرة؟ لبنان يقف اليوم أمام مفترق حاسم: إما أن تنجح المبادرة الرئاسية في تدشين طريق نحو حصرية السلاح وإنقاذ الحكومة، أو ينزلق البلد إلى فوضى قد تكون غير قابلة للضبط. ويحذر شربل من "خسارة الفرصة السانحة"، مشيرا إلى أن الاستمرار في الرضوخ للفيتو الذي يفرضه الحزب يعمّق الاحتلال في الجنوب ويعيق إعادة الإعمار ويمنع تدفق الاستثمارات. الأزمة المالية التي يعاني منها الحزب باتت حديث الأوساط السياسية وحتى الشيعية، فبينما لا تزال قاعدة جماهيرية كبيرة تؤيده، تبرز أصوات شيعية تنتقد مسار الانتحار السياسي الذي يقوده، لا سيما بعد المغامرة "المشؤومة" في حرب الإسناد، والتغيرات الإقليمية الجارية في سوريا والمنطقة. وشدد شربل خلال حديثه على أن لبنان لا يمكنه الاستمرار "رهينة لفئة ضمن طائفة"، وأن المجتمع الدولي والعربي، ومعظم اللبنانيين، يريدون دولة لا دويلة، وسلاحا شرعيا لا موازٍ. وتابع قائلا: "على الرئيس اللبناني أن يكمل مبادرته، حتى لو بقي حزب الله متمسكا بالسلاح، لأن السردية القديمة لم تعد تقنع أحدا". المرحلة المقبلة ستكون اختبارا لقدرة لبنان على الخروج من نفق السلاح والانقسام، فإما أن تفتح بوابة الدولة، أو أن يظل البلد غارقا في أزماته ومحروما من أبسط مقومات السيادة والازدهار.