
خيارات بريطانيا مع الصين
بريطانيا تتساءل عما إذا أدى النزاع الصيني- الأميركي حول التعريفات الجمركية إلى حرب باردة، قد تجر البلاد إلى استقطاب يشبه الحرب الباردة في القرن العشرين. وهناك قلق من إغراق الصين الأسواق البريطانية بمنتجاتها تعويضاً عن السوق الأميركية. فالشركات الصينية (بعضها يستثمر في منشآت حيوية بريطانية) ليست حرة بالمعنى الرأسمالي المفهوم في المجتمعات الغربية الديمقراطية، وإنما خاضعة لتأثير الحزب الشيوعي الصيني، وقد تضر سياستها بالأمن الاقتصادي.
الجدل يدور في وسائل الإعلام بعد أزمة مصنع «الصلب البريطاني» التي دفعت بحكومة كير ستارمر العمالية لاستدعاء مجلس العموم السبت الماضي، من عطلة عيد الفصح، في جلسة طارئة، لمنح صلاحيات إضافية لوزير التجارة والأعمال، لمعالجة الأزمة التي تطورت إلى معركة خطابة بين ساسة بريطانيا والسفارة الصينية في لندن.
فالمصنع المملوك لشركة «جينغي» الصينية (راجع «الشرق الأوسط» الأحد الماضي) والذي فيه آخر الأفران التقليدية لإنتاج الصلب في البلاد، كان على وشك الإغلاق بسبب الخسائر المادية (نحو ربع مليون جنيه يومياً) وعندئذ لا يبقى في بريطانيا أفران صهر لإنتاج الصلب، ما اضطر الإدارة الحكومية الجديدة لدفع أثمان استيراد طارئ لكميات الحديد الخام وفحم الكوك من أستراليا وأميركا واليابان. أفران الصهر (Blast Furnce) تعود للقرن الـ19، ويُخلط فيها الحديد الخام بفحم الكوك، لتصل حرارة الاشتعال إلى نحو 1500 درجة مئوية، وعدم تزويد الفرن طوال الوقت بالكوك والحديد الخام يسبب برودة تجمد محتواه، فتنتهي صلاحية تشغيله للأبد.
الصلب سلعة استراتيجية لازمة للبنية التحتية، كالجسور وقضبان السكك الحديدية، والأهم لصناعات تخدم القوات المسلحة، مثلما تكرر في الجلسة البرلمانية الطارئة.
جون رينولدز، الوزير المسؤول، في مقابلات تلفزيونية الأحد الماضي، اتهم «جينغي» باتباع سياسة كانت ستؤدي إلى الإجهاز على صناعة الصلب؛ حيث أوقفت استيراد الفحم والحديد الخام، وكانت على وشك تسريح عدد كبير من العمال، والاعتماد في التجارة على الصلب المستورد من الصين.
الأزمة وتصريحات رينولدز أثارت الجدل في الإعلام حول دور الشركات الصينية في الاقتصاد البريطاني، بخاصة امتلاكها شركات في صناعات كالطاقة والإلكترونيات والنقل، قد تضر بالأمن القومي في حالة تحول الصين إلى خصم في حرب باردة جديدة.
ورغم تراجع رينولدز (بتعليمات مباشرة من مكتب رئيس الوزراء وفق مصادرنا) قائلاً إن انتقاد «جينغي» لا يشمل كل الشركات الصينية، فإن ساسة آخرين أكثرهم من المعارضة، ومنهم زعيم المحافظين السابق إيان دنكان سميث، وحزبَي: «الإصلاح»، و«الديمقراطيين الأحرار» حذروا من توغل الشركات الصينية، ويطالب الآخرون بتأميم «الصلب البريطاني».
السفارة الصينية في رد غاضب، اتهمت الساسة البريطانيين بترويج اتهامات كاذبة حول الصين، وأضافت أن الصين استثمرت ما يزيد على 115 مليار جنيه، وخلقت 60 ألف فرصة عمل في بريطانيا. (8 مليارات جنيه و45 ألف وظيفة في رد وزارة التجارة البريطانية)، وللمقارنة تستثمر الصين 154 مليار جنيه في أميركا، و83 ملياراً في أستراليا.
حجم التجارة الصينية- البريطانية (سلع وخدمات) كان في العام الماضي 89 مليار جنيه، بانخفاض 13 في المائة عن 2023، منها 74 ملياراً و86 مليوناً واردات من الصين، والبقية صادرات بريطانية (أرقام «تريد آند إيكونوميكس»)، بينما تتوقع مؤسسة «بورت تكنولوجي إنترناشيونال» انخفاضها بـ5 في المائة في 2026، بوصفها ظاهرة عالمية، وليس فقط خاصة بالتجارة الصينية البريطانية.
كثير من الشركات المستقلة الأجنبية تمتلك مرافق حيوية بريطانية، فمؤسسة طباعة أوراق البنكنوت (العملة الرسمية) -مثلاً- تمتلكها شركة أميركية.
في التسعينات، كانت شركات التأمين والمعاشات والبنوك البريطانية تمتلك أكثر من نصف مؤسسات وشركات البلاد. اليوم تملك أقل من 4 في المائة فقط، بينما 96 في المائة من استثماراتها منتشرة حول العالم، في حين يمتلك 57.7 في المائة من أسهم الشركات البريطانية مستثمرون يعيشون وراء البحار.
نسبة شراء الاستثمارات الأجنبية للشركات البريطانية ارتفعت 24 في المائة العام الماضي، لتصل قيمتها إلى 91 مليار جنيه، بينما انخفضت استثمارات شركات بريطانيا في الخارج بنسبة 10 في المائة. هناك أكثر من تريليونين من الاستثمارات الأجنبية في بريطانيا (بما فيها مرافق حيوية، كمطارات وموانٍ)، ونصيب الصين منها أقل من 5 مليارات.
ولذلك تراجعت حكومة ستارمر عن انتقاد الصين علناً على الطريقة الترمبية، ثم إن مطالب الساسة غير عملية، فالتأميم يخيف المستثمر الأجنبي، وكذلك أرقام التجارة لا تترك خيارات كثيرة لإيجاد منتجات بديلة عن واردات الصين الرخيصة الثمن للمستهلك البريطاني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 8 ساعات
- حضرموت نت
بعرض خيالي.. الهلال يمنح برونو فيرنانديز مهلة أخيرة لحسم موقفه
منح الهلال مهلة أخيرة للنجم البرتغالي برونو فيرنانديز، لاعب وسط مانشستر يونايتد، من أجل حسم التعاقد معه خلال فترة الفترة الحالية. وأوضحت صحيفة 'ديلي ميل' البريطانية، أن الهلال قدم عرضًا وصلت قيمته إلى 200 مليون جنيه إسترليني، من أجل حسم صفقة فيرنانديز لصالحه. وأضافت الصحيفة أن هناك تفاؤل داخل الهلال بإمكانية إقناع قائد مانشستر يونايتد بالانتقال إلى صفوفه، في ظل إمكانية تقديم عرض انتقال رسمي قيمته 100 مليون جنيه إسترليني. وسيحصل برونو على راتب قيمته 700 ألف إسترليني أسبوعيًا، ويصل قيمته 65 مليون جنيه في الموسم بالإضافة إلى مكافآت ومبلغ التوقيع. يسعى الهلال لحسم الصفقة قبل انطلاق كأس العالم للأندية الشهر المقبل، حيث يخطط النادي لجعل فيرنانديز صفقة تعزز قوته الإعلامية والفنية في المحفل العالمي. وتشير الصحيفة إلى أن النادي السعودي سيقدم عرضًا نهائيًا خلال الأيام القادمة مع مهلة 72 ساعة فقط للرد، قبل أن يبدأ في البحث عن بدائل أخرى.


الشرق الأوسط
منذ 17 ساعات
- الشرق الأوسط
نتنياهو يتهم ستارمر بـ«تشجيع حماس»
اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نظيره البريطاني كير ستارمر بـ«تشجيع حماس»، بعدما انضم ستارمر إلى قائدَي فرنسا وكندا في الدعوة إلى وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي وإنهاء القيود على المساعدات الإنسانية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا)، اليوم (الجمعة). وأدان ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، في وقت سابق من الأسبوع الحالي، الإجراءات «الشنيعة» للحكومة الإسرائيلية في غزة، محذّراً من أن المملكة المتحدة وحلفاءها سيتَّخذون «إجراءات ملموسة» ما لم يغير نتنياهو مساره. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث خلال مؤتمر صحافي في لندن... 22 مايو 2025 (أ.ب) وقال نتنياهو، في منشور عبر منصة «إكس»، مساء أمس (الخميس) إن حركة «حماس» ترغب في «تدمير الدولة اليهودية» و«القضاء على الشعب اليهودي». وذكر نتنياهو: «لا يمكنني فهم كيف تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن قادة فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرهم». وأضاف: «أقول للرئيس ماكرون ورئيس الوزراء كارني ورئيس الوزراء ستارمر، عندما يشكركم القتلة والمغتصبون وقاتلو الأطفال والخاطفون، فأنتم على الجانب الخطأ من العدالة». وتابع قائلاً: «هؤلاء القادة الثلاثة يقولون عملياً إنهم يرغبون في بقاء (حماس) في السلطة، لأنهم يصدرون مطلبهم الزاخر بالتهديدات بفرض عقوبات ضد إسرائيل، ضد إسرائيل وليس (حماس)». وأشار نتنياهو إلى أن إجراءات القادة لا «تدفع السلام قدماً»، بل «تشجع (حماس) على مواصلة الحرب للأبد».


Independent عربية
منذ 17 ساعات
- Independent عربية
مانشستر يونايتد يعلن دعمه الكامل لأموريم قبيل إعادة البناء الحاسمة
لا يزال روبن أموريم يحظى بالدعم الكامل من مانشستر يونايتد، ولن يُقال على رغم الهزيمة في نهائي الدوري الأوروبي، التي جعلت هذا الموسم الأسوأ للفريق منذ عقود. خسر يونايتد أمام توتنهام بنتيجة (0 - 1) في بيلباو، مما يعني أنهم أضاعوا فرصة التأهل لدوري أبطال أوروبا، ولن يشاركوا في المسابقات الأوروبية الموسم المقبل، وذلك للمرة الثانية فقط خلال 35 عاماً. لكن على رغم أن أموريم جمع 24 نقطة فقط من أصل 26 مباراة في الدوري تحت قيادته، واكتفى بنقطتين فقط في آخر ثماني مباريات، فإن موقف إدارة النادي لم يتغير تجاهه، فهم يرون أن المدرب البرتغالي البالغ من العمر 40 سنة هو خيارهم المثالي على المدى الطويل، وهي قناعة لم تتأثر بمباراة واحدة أو موسم واحد. وصرح أموريم في بيلباو أنه مستعد للرحيل من دون أي تعويض مالي إذا قرر مانشستر يونايتد أنه لم يعد الرجل المناسب، لكنه أكد في الوقت نفسه رغبته في الاستمرار. ولا يزال أمام أموريم عامان في عقده الذي وقعه عند قدومه من سبورتينغ لشبونة البرتغالي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، حين دفع يونايتد 11 مليون يورو (12.47 مليون دولار) كتعويض. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكان الرئيس التنفيذي عمر برادة صاحب دور محوري في تعيين أموريم، بينما قال المالك المشارك السير جيم راتكليف في مارس (شباط) الماضي إنه يعتقد أن المدرب "يؤدي عملاً جيداً للغاية" وأعرب عن أمله في بقائه فترة طويلة. ويحتل مانشستر يونايتد حالياً المركز الـ16 في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويتجه إلى تحقيق أسوأ مركز له في الدوري منذ نصف قرن. وقد كلفتهم الخسارة أمام توتنهام نحو 100 مليون جنيه استرليني (134.89 مليون دولار) من عائدات البث التلفزيوني والرعاية والإيرادات اليومية للمباريات، كذلك فإن قيمة عقد الرعاية مع "أديداس" ستنخفض بنحو 10 ملايين جنيه استرليني (13.49 مليون دولار) بسبب الغياب عن دوري الأبطال للموسم الثاني على التوالي. وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى صعوبة تمويل عملية إعادة بناء الفريق، على رغم أن من المتوقع أن يتعاقد يونايتد مع لاعب ولفرهامبتون ماتيوس كونيا، الذي يملك شرطاً جزائياً بقيمة 62.5 مليون جنيه استرليني (84.31 مليون دولار)، كما يبدي النادي اهتماماً بالمهاجم ليام ديلاب، المتاح مقابل 30 مليون جنيه (40.47 مليون دولار) بعد هبوط فريقه إبسويتش تاون إلى الدرجة الأولى.