رحلة إلى بلاد الخوميني وحوار مع رئيس جمهورية في المعارضة (الحلقة الأولى )
بهذه الروح، قمت بالمغامرة الإيرانية.في شتاء عام ألفين، كدت أقفز فى الهواء انتشاء بعد أن تلقيت دعوة إلى زيارة طهران، عاصمة الدولة المخيفة المحاصرة، المتهورة، الحالمة بإمبراطورية فارسية على رأسها عمامة شيعية.فرصة ربما لا تتكرر لرؤية دولة ممزقة بين زمانين منفصلين بينهما مسافة تقاس بالقرون.دولة ترفع شعارات سامية، لكنها تمارس سياسة قمعية ساحقة.دولة تشك فى نفسها، ترى الأجنبى جاسوسًا، وترى المواطن الذى يقترب منه خائنًا، حتى تحكم الصمت فى الجميع، لا تكسره إلا نظرة عين لها مغزى، وإشارة من بعيد أصبحت لغة تفاهم.كانت الدعوة من اتحاد الصناعات فى القاهرة.فى ذلك الوقت من شتاء عام ألفين، بدا واضحًا أن الفرصة سانحة لترميم الجسور المحترقة بين مصر وإيران، فى وجود رئيس جمهورية قادر على التحرش بالسلطة الدينية القابضة المتشددة، هو «محمد خاتمى».وصل «محمد خاتمى» إلى السلطة بسبعين فى المائة من الأصوات، ببرنامج دعا فيه إلى التوافق والتسامح وحوار الحضارات، والتخلص من أساليب القمع والقهر وغسل الدماغ، واستجابت الأمم المتحدة لدعوته وخصصت يومًا للحوار العالمى.ولكن ما إن جلسنا إليه حتى شعرنا أنه يختنق بمشنقة من حبال خشنة وضعها المرشد الأعلى للثورة «على خامئني» حول رقبته، حتى يتخلص من دعوته «الإصلاحية» التى وُصفت بأنها دعوة «إباحية».وبدا واضحًا أن مكتبه ملغم بأجهزة التنصت، فانتقلنا إلى حجرة جانبية، يطمئن إلى جدرانها.فى ذلك اليوم، سجلت على لسانه:«حاولت رد الاعتبار للحرية بعد أن نشف حلقها من شدة العطش، وتجمد دمها من شدة الخوف، وتورمت أقدامها من شدة الضرب، وتفتت عظامها من كثرة النوم على البلاط البارد، لكنى فشلت».فيما بعد بالتحديد فى ربيع عام 2009 التقيت به مرة أخرى بدعوة من «محمد حسنين هيكل» وجهها إلى مجموعة من المثقفين والسياسيين والصحفيين المصريين، تعبر عن شتات الاتجاهات من اليسار إلى الإخوان.ونشرت على لسانه:«لو كانت السياسة تفرق فإن الثقافة توحد».«تعيش النظم الرائعة بالكلمة، والصورة، والقصيدة، والأغنية، والمسرحية، والسيمفونية، ولا تعيش بالبندقية».كانت المرة الأولى التى نرى فيها «رئيس جمهورية» فى المعارضة، لكننا فى دولة دينية «خومينية»، لا كلمة تعلو فوق كلمة المرشد الأعلى.وتصل هذه التراجيديا إلى أقصاها، حين عاد «محمد خاتمى» إلى بلاده ليجد اسمه ممنوعًا من النشر فى «الميديا»، وممنوعًا من التداول فى المنتديات الجامعية، وممنوعًا من الهمس به فى المؤسسات الرسمية التى تحت أمره.ما إن دعا إلى الانفتاح الحضارى، حتى أصبح عدو الدولة، وهو رئيسها.هنا تذكرت «بوستر» شاهدته على جدار مدينة «فيينا»، عليه صورة «آية الله الخومينى»، وكتب تحتها: «الرجل الذى حرم الموسيقى».ولو كان لنا أن نلصق بوستر بديل، عليه صورة «محمد خاتمى»، لكتبت عليه: «الرجل الذى أسقطته الموسيقى».الحقيقة أن «آية الله الخوميني» لم يحرم النغمة والسيمفونية والأغنية فقط، وإنما حرّم الحب، والحث، والحلم، والحس أيضًا.وفى عام 1962، عارض حق النساء فى التصويت والترشيح، ومنذ ذلك الوقت نال سمعة «عدو المرأة»، مصرًا على ألا يستجيب لحقائق ثبتت، وحقوق استقرت.والحقيقة أن المرأة الإيرانية تنشر حولها جاذبية تسحق فى لحظة واحدة كتيبة من الرجال، فكيف يمكن معاداتها؟حدث أن توقفت فى متجر للفاكهة الجافة، مشدودًا لجمال امرأة أزاحت الشادور الأسود عن شعرها، وكأنى مراهق فى بداية البلوغ.وبعيدًا عن المرأة، تكررت فتاوى «الخومينى» فى أدق تفاصيل الحياة، فأُطفئ نور التطوير والتحديث فى العقول، وأُشعلت نار الغِلّ والغضب فى القلوب.وكلما حاول الإيرانيون نسيانه، وجدوا ما يذكرهم به.ما إن اقتربت الطائرة من مطار طهران حتى سمعنا أننا سنهبط فى مطار يحمل اسمه، وما إن دخلنا صالة الوصول حتى صدمتنا صورة كبيرة له يصعب تجاهلها.صورة رجل بدا «مثل رصاصة انطلقت من القرن السابع واستقرت فى قلب القرن العشرين»، على حد وصف «محمد حسنين هيكل» فى كتابه «مدافع آية الله».«شكلًا وموضوعًا، بدا وكأنه شخصية من شخصيات الفتنة الكبرى فى الإسلام، عادت بمعجزة إلى الحياة، لتقود معسكر الإمام على بعد ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، وصلت فيها البشرية إلى مئات الاختراعات والاكتشافات، وعرفت مليارات من المعلومات، ونالت الكثير من الحريات».جاء الرجل من زمن غابر بعيد، ليفرض حكمه على عالم يجهل ما فيه.فهو لا يعرف شيئًا عن غزو الفضاء، وتفتيت الذرة، وجينات الخلايا، والحرب الباردة، وحقوق المرأة، وعلمانية الدولة، وسيادة التشريعات الوضعية، وطبيعة العلاقات الدولية.ولم يستوعب التناقض بين الديانة برحابتها وثباتها وقداستها، والسياسة بقصورها وتغيرها وفسادها.ولم يعرف كيف تصبح الثورة دولة؟ وفشل فى تأليف قلوب أمة متعددة القوميات والديانات. ولو لم يؤمن بأفكاره، أجبر بالشدة عليها.وكان من السهل عليه أن يهدم ما وجد من تنظيمات ومؤسسات وهيئات قائمة، ولكن لم يعرف كيف يشيد عليها كيانات بديلة.فى الثمانين من عمره، أصبح مطاعًا مقدسًا، بعد أن منح نفسه لقب «الولى الفقيه»، متصورًا أن عباءته السوداء لو فرشها، ستكون ظل الله على الأرض.ولكنه أُجبر على إنهاء الحرب بينه وبين العراق، وفى تلك اللحظة بث خطابًا يمكن تلخيصه فى جملة واحدة بالفارسية: «نوشيدون جام زهر»، ومعناها «إنه تجرع السم الملوث» بقبول القرار.حرب استمرت ثمانى سنوات، وبلغت خسائرها 400 مليار دولار ومليون قتيل، وخلفت وراءها أرامل فى سن الشباب، لم يجدن سوى زواج متعة مؤقتٍ ولو لعدة أيام ليعوضن بعضًا من حرمان جسد جف من طول إهمال.هبطت «طهران» بعد 12 سنة من نهاية الحرب.لكن كان الإهمال نوعًا من السرطان، انتشر فى شوارع المدينة المخنوقة بأكوام القمامة، والمزدحمة بنحو عشرة ملايين نسمة.ويتجسد الانهيار بوضوح فى فندق «الاستقلال» الذى كان أكثر الفنادق رفاهية عندما كانت تديره شركة «هيلتون رويال» ولكن نجومه الخمس طارت بعيدًا، وأقسمت ألا تعود إليه.لم يكن فى المطعم سوى طبق واحد دائم، فيه قليل من الدجاج وكثير من الأرز.وبدت جملة «خدمة الغرف» أو «روم سيرفيس» كلمة غائبة عن قاموس الفندق.وغالبًا ما تلامست الأسلاك مع بعضها البعض فى غرفتى بسبب أجهزة التنصت التى زُرعت فيها، فلو طرق أحد الباب، رن جرس التليفون، وما أن ترفع سماعة التليفون حتى تسمع رنين جرس الباب.وتلامس الأسلاك ليس له سوى تفسير واحد، هو تداخل وسائل التنصت التى زرعتها أجهزة أمنية متعددة، لم تكن لتملك الخبرة الفنية.لم أصدق ما رأيت، فأنا أعرف أن جهاز «سافاك» كان متطورًا، متحكمًا، ومرعبًا، حتى إن الإيرانيين كانوا يخشون أن يدعوا الله فى سرهم حتى لا يسمعهم ويعاقبهم، فما الذى جرى لأجهزة استخبارات الثورة؟وسافاك اختصار «سازمان اطلاعات وامنيت كشور»، وتعنى «منظمة الاستخبارات والأمن الوطنية».وليس صحيحًا ما نشره هيكل أن «سافاك» اسم أشهر شعراء فارس.أعدمت الثورة الجنرال «نعمت الله ناصري»، آخر من رأس سافاك، وقتل رميًا بالرصاص، رغم اعترافاته الكاملة عن الجرائم التى ارتكبها نظام الشاه.وفككت الثورة سافاك، لكنها أنشأت تسعة سافاك.وفى الوقت الذى أخرست فيه تلك الأجهزة الأصوات، ودمرت، وعذبت، وسحقت، وسجنت، ولفقت قضايا التخابر لمئات من الأبرياء سنويًا، فإنها تركت «الموساد» يخترقها ويعبث بها، بتجنيد كم هائل من العملاء من مستويات اجتماعية وسياسية ودينية مختلفة، لم تعرفه دولة أخرى فى العالم منذ أنشئت أجهزة الاستخبارات.انكشف ذلك فيما بعد، عندما بدأت إسرائيل حربها على إيران فى صيف 2025، حيث سبقها جواسيس الموساد فى تحديد مواقع إقامة قيادات الجيش، والاستخبارات، والحرس الثورى، مما سهل اغتيالهم.ونُشر أنه قُبض على سبعمائة جاسوس استخدموا عشرة آلاف مسيرة، ساهمت فى القتل، والتدمير، والتخريب، والتضليل.قطعًا هناك مئات غيرهم لم يُقبض عليهم.وفى ملفات الاستخبارات الإيرانية، قضايا تجسس لصالح الموساد، تتجاوز فيها الدراما البشرية الخائنة حدود الخيال.إنهم نجوم أثاروا شهية الميديا لكشف حقيقتهم بكل لغات الدنيا، والمؤكد أنهم سيدخلون تاريخ الخيانة على سجادة حمراء من دماء الذين تسببوا فى اغتيالهم.وفى اللحظة المناسبة، سنستمتع برواية أشهرهم وأغربهم.لكن السؤال الملح هو: ما سر هذا الاختراق الذى جعل فى الثوب الإيرانى ألف رقعة ورقعة؟هناك سبب أول، هو التمييز فى المعاملة بين القوميات.وهناك سبب ثان، هو تزايد نسبة الفقر سنة بعد أخرى.وهناك سبب ثالث أهم، هو القهر الذى يعيش فيه الإيرانيون، خاصة الذين فقدوا بالتعذيب أهلهم.وهناك سبب رابع يصعب إغفاله، هو التعاون الذى كان بين سافاك والموساد، وهذه قصة تستحق أن تُروى.تبدأ القصة بتولى الدكتور «محمد مصدق» رئاسة الحكومة فى إيران، بعد أن فاز حزبه بالأغلبية فى الانتخابات التشريعية يوم 19 أبريل 1951، ولكن قبل أن يكمل الشهر، أُجبر الشاه «محمد رضا بهلوى» على توقيع قرار تأميم شركات البترول.وضعته شركات البترول فى حرجٍ، فلم تدفع التزاماتها للخزانة، وعجزت الحكومة عن صرف الرواتب للموظفين، ثم توقف تكرير البترول، وحملت بريطانيا القضية إلى محكمة العدل الدولية، التى حكمت مرتين لصالحها، لكن الحكم لم يُنفذ.ووجدتها وكالة الاستخبارات المركزية فرصة لتزيد من النفوذ الأمريكى على أماكن النفوذ البريطانية، وأرسلت رجلها المسؤول عن الشرق الأوسط «كيرميت روزفلت» ليطيح بحكومة الدكتور «محمد مصدق».فى كتابه «الانقلاب المضاد»، جدد «كيرميت روزفلت» صلاته القديمة بالصحفيين، والسياسيين، ورجال الدين الذين جندهم من قبل.وأمام إغراء المال هاجم رجال الدين «محمد مصدق» على المنابر، وهاجمه الصحفيون فى جرائدهم، وأشاع الجنرالات أنه شيوعى تحت سيطرة موسكو.وفى 19 أغسطس 1953، نزل الجيش إلى الشارع بحجة حماية النظام من العصابات المتشاجرة فيه، ولكنها فى الحقيقة كانت متجهة إلى «محمد مصدق»، واعتقلته، وأغرقت زنزانة سجنه بالمياه حتى أصيب بأمراض لم يحتملها، وبعد ثلاث سنوات أفرج عنه ليموت وحيدًا منبوذًا.عُرفت هذه العملية باسم «أجاكس»، وتكلفت 18 مليون دولار، وعاد الشاه بعدها إلى قصر «نيافاران» ليعلن أنه مدين بالحكم للولايات المتحدة.الحقيقة أن الشاه بسبب طبيعته الخجولة، المفتقدة الثقة بالنفس، لم يُدر أزمته، وإنما تولتها شقيقته التوأم الأميرة «أشرف» التى وُصفت بأنها امرأة مُسترجلة، وإن تزوجت من ثلاثة رجال كان أحدهم موظفًا كبيرًا فى مصر الملكية.وفى كتابه «الانقلابات المضادة»، ينسب «كيرميت روزفلت» حفيد الرئيس «تيودور روزفلت» أن والد الشاه احتج أكثر من مرة على مقدرات الطبيعة الذى خلط الأمور فى رحم زوجته «تاج الملك»، فأصبحت «أشرف» الولد، وأصبح «محمد رضا» البنت.بسيطرة «كيرميت روزفلت»، خرجت واشنطن فائزة بنصيب الأسد فى النفط، ونصّبت الشاه شرطيًا على الخليج، وتقاسمت معه حكم إيران.ووجدها الموساد فرصة، فراح يدعم سافاك بخبرات التنصت، وعمليات الاغتيال، ووسائل الاستجواب، وأساليب تحرير الرهائن، وتجنيد العملاء، مما جعل الموساد يعرف نقاط ضعف أجهزة الاستخبارات الإيرانية التى تربت على يديه، وهو يُغرى مئات من الإيرانيين بالتعاون معه كما انكشف فيما بعد.فى ذلك الوقت، كانت العلاقة قوية بين إيران وإسرائيل، رغم أنها كانت علاقة خفية وليست علاقة رسمية.ونقل «هيكل» عن الصفحة التاسعة من كتاب «كيرميت روزفلت» الذى سحبته الاستخبارات الأمريكية بعد نشره:«إن العلاقة بين البلدين زادت توثُّقًا عندما انضم بعض الإسرائيليين بشكل سرى إلى جهاز الاستخبارات المركزية للمساعدة فى تنظيم، وترشيد جهاز الأمن الإيرانى، وتمت هذه الخطوة كلية فيما يُسمى «تحت المائدة»، أى عملية سرية بالضرورة، لكنها كانت بمثابة دعم كبير للإيرانيين».لكن دعم المخابرات الإسرائيلية، والبريطانية، والأمريكية لنظام الشاه لم يمنع الثورة الخومينية من إسقاطه.ولسنوات طوال، ظلت القوى الجديدة فى إيران تخشى أن تلقى المصير نفسه الذى أطاح بالدكتور «محمد مصدق».وكان كثير من الطلبة الثوريين يتداولون كتاب «كيرميت روزفلت» رغم سحبه من مكتبات العالم كله.وكان البعض منهم قد أبدى ترحيبه ليصحبنى فى زيارة للسفارة الأمريكية، طلبتها من الرجل الذى عينه اتحاد الصناعات الإيرانى ليسهل علينا الزيارة.ورغم دهشته مما طلبت، فإن سلطات القرار رحبت بعد أن عرفت أننى مؤلف كتاب «سيد قطب من القرية إلى المشنقة» الذى ترجمه «على خامئني» نفسه، وإن لم أقبل ما عُرض عليّ من حقوق الطبعة الفارسية تجنبًا لأوهام سرعان ما تتحول إلى اتهام.كانت السفارة الأمريكية مسرحًا مكشوفًا لصراع بين نظام ثيوقراطى (دينى) جديد يتصور أن الجنة ستكون من نصيبه، ونظام أمريكى رأسمالى يتجسد فيه «الشيطان الأكبر» سيلقى حتفه فى الجحيم.وما إن اقتربت من مبنى السفارة الأمريكية فى وسط العاصمة، حتى شعرت أننى فى خيالى أقرأ لافتة لا وجود لها مكتوبًا عليها جملة كثيرًا ما نتداولها تؤكد أن «الداخل مفقود، والخارج مولود».وبتلك الزيارة، وجدت نفسى وراء خطوط حمراء.وما وجدته يستحق أن ننتظرَه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأسبوع
منذ ساعة واحدة
- الأسبوع
رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات كوبري 45 بالإسكندرية
رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات أ ش أ تفقد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ومرافقوه، مشروع إنشاء محور السادات كوبري 45، وذلك خلال جولته في محافظة الإسكندرية اليوم الاثنين، لتفقد عدد من المشروعات التنموية والخدمية. من جانبه، قال وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المهندس شريف الشربيني، إن هذا المشروع ينفذه الجهاز المركزي للتعمير التابع لوزارة الإسكان من خلال جهاز تعمير الساحل الشمالي الأوسط، مؤكدا أن هذا المشروع يأتي تنفيذه في إطار مُخطط تطوير منطقة شرق الإسكندرية، وتتمثل أهميته في كونه يربط عددًا من المحاور الرئيسية. وأضاف أنه قد وجه بتسريع العمل بمشروع إنشاء الكوبري، والتواجد الميداني والتنسيق الدائم مع الجهات المختصة لسرعة الانتهاء من المشروع، نظرًا لأهميته في تسهيل حركة المرور، وتقليل الازدحام والوقت وربط المناطق ببعضها البعض، قائلًا: «سيتم توفير منطقة مسطحات خضراء تضم أنشطة ترفيهية، بعد الانتهاء من تنفيذ المشروع، لتسهم في تحسين الرؤية البصرية بمحيط المشروع». وبدوره، قال محافظ الإسكندرية، أحمد خالد، إن مشروع إنشاء كوبري 45 يعد ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية بالمحافظة، حيث أنه يتكون من 4 اتجاهات، الأول باتجاه شارع السادات (45)، والثاني باتجاه الساحلي الدولي، والثالث باتجاه ميدان الساعة والرابع باتجاه المعمورة، ويهدف إلى تسهيل حركة المرور. من ناحيته، قدم رئيس الجهاز المركزي للتعمير محمود نصار، شرحًا حول أعمال الإنشاءات بالمشروع ومكوناته، مؤكدًا أن إجمالي أطوال محور السادات كوبري 45" يبلغ حوالي 2.6 كم، ويصل إجمالي اتجاهات الحركة إلى 12 حارة مرورية (3 حارات مرورية بكل اتجاه "مستوى). وأشار إلى أن المستوى الأول من المحور يربط بين شارع السادات في اتجاه الطريق الدولي الساحلي، والمستوى العلوي يربط من الطريق الدولي الساحلي إلى شارع السادات مع الربط في اتجاه ميدان الساعة. ولفت إلى أن المشروع يشمل موقف سيارات سعة 100 سيارة بمساحة 6500 متر مربع أسفل الكوبري تجاه الدولي الساحلي، وموقف سيارات سعة 60 سيارة بمساحة 4 آلاف متر مربع تجاه شارع محمد أنور السادات (45). ونوه بأن شارع السادات (45) يعد أحد أهم المحاور المرورية بالإسكندرية، حيث يربط المدينة بالطريق الدولي الساحلي والطريق الزراعي عند التقاطع مع شارع مصطفى كامل ومحور المحمودية، ويعد أيضا المدخل الرئيسي لشرق مدينة الإسكندرية وطريق الكورنيش. وأوضح نصار، أن مشروع إنشاء كوبري (45) يعظم الاستفادة من نفق وكباري السادات للسيارات والمشاة بمنطقة تقاطع شارع محمد أنور السادات مع طريق الكورنيش الذي قام بتنفيذها جهاز تعمير الساحل الشمالي الأوسط وتم افتتاحها رئاسيًا في يونيو 2023. ومن جهته، قال رئيس جهاز تعمير الساحل الشمالي الأوسط طارق موافي، إنه في ضوء ذلك، يعد المشروع من أهم مشروعات الطرق التي يتم تنفيذها بالمحافظة، حيث يعمل على حل مشكلات الاختناقات المرورية بمنطقة تقاطع شارع محمد أنور السادات مع شارع مصطفى كامل، وتقليل أزمنة الرحلات بين الطريق الزراعي والطريق الدولي الساحلي جنوب مدينة الإسكندرية وشرق وغرب المدينة. وفي ختام الجولة، أشاد رئيس الوزراء، بالجهود التي تتم لتنفيذ محور السادات كوبري 45، موجهًا بتسريع الأعمال بالمشروع، لأهميته في تسهيل حركة الأفراد والتيسير على المواطنين ودعم السياحة بالمدينة.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
صانعو الحرب ونوبل للسلام
تتقلص الأصوات الملتفة تدريجيًا داخل الكيان المحتل حول مجرم الحرب، رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو، في ظل تصاعد حالة التململ من قيادته المهترئة، لتبدأ ملامح التشظي تظهر ببطء ولكن بثبات، داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة. وتبرز، بعد مضي فترة طويلة على اندلاع الحرب، أسماء أخرى داخل الائتلاف الحاكم، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين علّقا بحدة على الكمين النوعي الذي نفذته كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – في بيت حانون شمال قطاع غزة، وأسفر عن مقتل خمسة جنود وإصابة أربعة عشر آخرين. بن غفير طالب بإعادة الوفد التفاوضي من محادثات الدوحة، رافضًا فكرة التفاوض مع "من يقتل جنودنا"، بحسب تعبيره، ومطالبًا بتشديد الحصار، ومنع المساعدات الإنسانية، وتكثيف الضربات العسكرية والاستيطان ودفع الفلسطينيين للهجرة، معتبرًا الصفقة المطروحة تنازلات لا تليق. ولم يبتعد سموتريتش كثيرًا، إذ دعا إلى إنهاك المقاومة وتطويق مناطق القتال، بما يؤشر على نزعة تصعيدية مفتوحة على كافة الخيارات. غير أن العملية التي نفذتها المقاومة، لم تكن حدثًا معزولًا، بل تأتي ضمن سلسلة من الضربات النوعية المتكررة في الشمال والجنوب، في خان يونس ورفح، كان آخرها عملية موجعة وصادمة من الناحية التكتيكية، بحسب اعتراف إعلام العدو، الذي أقر بأن الكتيبة المستهدفة تلقت "الضربة الأشد في تاريخها"، في أكثر العمليات دموية منذ تأسيسها قبل ستة وعشرين عامًا. هذه العملية رفعت عدد القتلى العسكريين الإسرائيليين إلى 449، وهو رقم مرشح للارتفاع، بعد اعتراف الاحتلال مؤخرًا بمقتل خمسة جنود وقادة إضافيين. المقاومة، من جانبها، أكدت استمرار معركة الاستنزاف، محذرة نتنياهو من "قرارات غبية" تقضي بالإبقاء على القوات داخل القطاع، ومشيرة إلى أن كل يوم يمر سيحمل خسائر جديدة وربما عمليات أسر. ويعكس هذا التصعيد تصدعًا عميقًا في سردية الاحتلال بشأن "تحقيق أهداف الحرب"، في ظل الفشل الميداني على الأرض واستمرار المجازر والتجويع، دون أي نتائج ملموسة تُسوق للرأي العام الداخلي أو الخارجي. يقف نتنياهو اليوم أمام مفترق طرق حرج، تحاصره الضغوط الداخلية المتصاعدة، لاسيما من عائلات الجنود الذين لم يتلقوا حتى كلمة عزاء منه، كما يواجه غضب أسر المحتجزين والرهائن لدى حماس، الذين باتوا الورقة الوحيدة التي تملكها حكومته لتبرير استمرار الحرب. وعلى الجانب الآخر، يلوح الرئيس الأمريكي ترامب – في محاولته للظهور كرجل سلام – بإغراء وقف الحرب مقابل التزام إسرائيلي بكبح الخطر الإيراني. ترامب يسعى إلى تقديم نفسه للداخل الأمريكي والعالمي كقائد يسعى للسلام، في مسعى واضح لنيل جائزة نوبل، وهو ما ظهر في المشهد الكاريكاتيري حين تسلم نتنياهو رسالة ترشيح ترامب رسميًا للجائزة، كنوع من التبادل السياسي الرمزي. اللقاء بين الطرفين لم يخلو من التوتر، فقد جاءت نتائجه دون التوقعات، وأعقبته خطوة مثيرة للجدل بفرض عقوبات على خبيرة الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيزي، التي كانت قد وصفت العدوان على غزة بالإبادة الجماعية المدعومة أمريكيًا، ما يعكس التخبط الأمريكي في محاولة الموازنة بين إرضاء اللوبي الصهيوني والضغوط الدولية المتصاعدة لوقف الحرب. يبدو أن كلاً من واشنطن وتل أبيب يسعيان إلى إنهاء الحرب بأقل قدر من الخسائر السياسية، حيث يريد نتنياهو الظهور كمن "حافظ على أمن إسرائيل من الخطر الإيراني"، رغم الفشل في القضاء على حماس، فيما تحاول واشنطن الحد من الانعكاسات السلبية لحرب موصوفة دوليًا بأنها تطهير عرقي. وتزداد الضغوط من الشارع العالمي، ومن منظمات حقوق الإنسان، ومن الأصوات الحرة التي ترفض هذه الإبادة الجماعية، ما يعزز الدفع نحو وقف الحرب. في هذا السياق، يبرز الدور الفرنسي، خصوصًا بعد مشاورات متكررة مع الجانب المصري على المستوى الرئاسي والدبلوماسي، ويعاد طرح مرحلة "ما بعد الحرب" والتي تشمل إعادة إعمار غزة، مع الحديث عن انسحاب القوات الإسرائيلية من مساحات واسعة من القطاع احتلتها في الشهرين الماضيين. ويعيد ذلك إلى الواجهة مطالب طالما اعتُبرت جوهرية: إقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. لكن هذه المطالب ما زالت تصطدم برفض أمريكي – إسرائيلي غير معلن، إذ يسعى وسطاء واشنطن لتأجيل بحثها إلى ما بعد انتهاء المفاوضات، التي دخلت فعليًا في نفق مظلم، بعد تعنّت الاحتلال وإصراره على خارطة انسحاب تضمن إعادة تموضع جيشه في أكثر من 40% من مساحة القطاع. من الطبيعي أن ترفض حماس هذا الطرح، الذي يُنظر إليه كمناورة لإعادة فرض السيطرة العسكرية على غزة، واستكمال مشروع التهجير القسري. ومثل هذا السيناريو لا يعني سوى تقويض أي فرصة حقيقية للسلام، والانقلاب على أي اتفاقات قد تلوح في الأفق. وتظل الأسئلة مطروحة حول إمكانية تفعيل دور عربي أوسع وأكثر فاعلية، يمكنه دعم المبادرة المصرية، والتعامل مع رهانات نتنياهو وترامب المتغيّرة، في ظل التحول الواضح في الموقف الدولي من الدعم غير المشروط بالسلاح والسياسة إلى الضغط للإقلاع عن حرب فاشلة. وتتصاعد الأصوات التي تصف ما يحدث في الأراضي الفلسطينية صراحة بأنه تطهير عرقي، ما يُحتم العمل على تحويل هذا التأييد الدولي إلى ضغط سياسي يُفضي إلى حل عادل وشامل. الحل الذي يتجاوز مجرد فتح المعابر ودخول المساعدات مقابل الرهائن، ليكون مدخلًا نحو إنهاء الاحتلال، ومنع محاولات شرعنته من جديد، أو إعادة احتلال القطاع. ذلك أن القضية الفلسطينية، التي عادت للواجهة دوليًا، باتت اليوم أمام لحظة فاصلة، والمطالب بإقامة الدولة المستقلة أصبحت شرطًا أساسيًا لأي استقرار دائم، وحقًا لا مجال للتنازل عنه، وشرطا رئيسيا لتحقيق السلام.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
ممثل الأمم المتحدة للسكان: "حياة كريمة" نموذج رائد والتنمية تبدأ بتمكين الشباب
أشاد إيف ساسينراث، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعزيز التنمية البشرية، مشيرًا إلى أن مبادرة "حياة كريمة" تُعد نموذجًا رائدًا لهذه الجهود، من خلال استثمارات استراتيجية في التعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية، وخلق فرص العمل، بما يعزز من جودة حياة المواطنين. وأكد خلال كلمته فى مؤتمر احتفالية اليوم العالمى للسكان، أن ما يميز هذه الجهود هو ارتباطها العميق برؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة، فضلًا عن كونها مصدر إلهام لعدد من الدول، خاصة في إفريقيا، كما ظهر خلال الدورة 58 للجنة السكان والتنمية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك. وأثنى على المبادرات الوطنية مثل "نورة"، و"دوي"، و"نوادر"، و"نور"، التي تستهدف دعم وتمكين الشباب والفتيات، عبر تزويدهم بالمعرفة والمهارات التي تُعينهم على اتخاذ قرارات صحية واجتماعية واقتصادية مستنيرة. الاستراتيجية الوطنية للتمويل المتكامل وأضاف أن الاستراتيجية الوطنية للتمويل المتكامل تُعزز من قدرة الدولة على الصمود الاقتصادي وتضمن استمرارية الجهود التنموية، مشيرًا إلى أن الاعتماد على البيانات الدقيقة والإحصاءات المُحدثة، بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS)، يُعد عنصرًا رئيسيًا في توجيه السياسات بشكل فعّال على مستوى المحافظات والمجتمعات المحلية. وقال إن التحليل المشترك مع "كابماس" يؤكد استمرار بعض التحديات التي تعيق حرية اتخاذ القرار الإنجابي، خاصة لدى النساء، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن هناك تقدمًا ملموسًا، حيث انخفض معدل الخصوبة في مصر إلى 2.4 طفل لكل امرأة في عام 2024، وهو ما يمثل نقطة تحول ديموغرافية مهمة. وأكد أن الاستراتيجية القومية للسكان حتى عام 2030 تُجسد رؤية شاملة لدمج مختلف القطاعات في معالجة قضايا السكان، وتُعلي من شأن الاستثمار في رأس المال البشري كركيزة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. واختتم كلمته بالتأكيد على أهمية الشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص لتوفير فرص العمل، والإسكان الميسر، والسياسات الداعمة للأسرة مثل إجازات الوالدين، داعيًا إلى الاستثمار في الشباب باعتباره الخيار الاستراتيجي الوحيد لضمان مستقبل أفضل، تسوده الحرية، وتُصان فيه الكرامة الإنسانية.