logo
الريادة الأردنية.. قصة نجاح تبحث عن عمق مؤسسي

الريادة الأردنية.. قصة نجاح تبحث عن عمق مؤسسي

الغدمنذ 6 ساعات
اضافة اعلان
في ظل الأرقام المتصاعدة التي تُعلن عن تمويل هائل للشركات الناشئة في الأردن، يتشكل لدينا انطباع بأن الريادة في ازدهار مستمر. لكن الواقع يكشف عن تحديات مؤسسية عميقة لا يمكن تجاهلها، فنجاحات فردية تتلألأ وسط بيئة تحتاج إلى إعادة بناء حقيقية. هذا المقال يأخذك في جولة صريحة ومباشرة لتحليل واقع ريادة الأعمال الأردنية، مع تقديم مقترحات جريئة تُعيد رسم مستقبل أكثر استدامة وحيوية لهذا القطاع الحيوي.كلّما ارتفعت الأصوات على المنصّات والمؤتمرات، تتردّد أرقام ضخمة عن تمويل الشركات الناشئة في الأردن، حيث يُشار إلى 443 مليون دولار للفترة 2018–2024. يُقدّم هذا الرقم على أنه «قفزة تاريخية» ويُحتفى به كعلامة نجاح. لكن تضخيم أرقام التمويل دون التوقف عند أصولها ومساراتها ومكامن ضعفها لا يُنتج بيئة استثمارية راسخة. فالاحتفال بالأرقام بمعزل عن التحليل يُعرّض الأردن لخطر الوقوع في فخ (الاطمئنان المخادع) وان حجم التمويل الفعلي حسب مصادر موثوقة مثل Magnitt ووزارة الاقتصاد الرقمي خلال الفترة 2018–2022 بلغ نحو 246 مليون دولار عبر 220 صفقة. وهذا الرقم لا يمثل إلا حوالي 7 % فقط من حجم التمويل الإقليمي الذي تجاوز 3.5 مليار دولار في ذات الفترة، مما يوضح أن الأردن يستحوذ على حصة صغيرة نسبياً في سوق ريادة الأعمال الإقليمي.تُبيّن البيانات أنّ 178 شركة فقط تعمل فعلياً من داخل البلاد، بينما اختارت 23 شركة تأسيس مقارّها خارج الحدود، في إشارةٍ صريحة إلى أن السوق المحلي لا يكفي لتغذية طموحات التوسّع. الأهم أنّ 288 مليون دولار، أي أكثر من ثلثي الإجمالي، صُبَّت في تلك الشركات المحليّة عبر 262 صفقة، فيما حصدت شركات الأردنيين في الخارج 155 مليون دولار بسبعٍ وعشرين صفقة أكبر حجماً وأقل عدداً. فجوةٌ تمويلية كهذه تكشف أنّ المستثمرين يؤمنون برواد الأعمال الأردنيين أكثر ممّا يؤمنون بقدرة الأردن نفسه على استيعاب النمو.عام 2021 يقدَّم غالباً بوصفه «عاماً ذهبياً» إذ وحده استحوذ على 123.4 مليون دولار بفضل أربع جولات كبرى: Eon Dental و OpenSooq وAbwaab وTamatem. هذه القفزة تفوَّقت بأكثر من ثلاثة أضعاف على أي عامٍ آخر في الفترة المدروسة، لكنها جاءت نتيجة «صفقاتٍ وحيدة» لا ديناميكيةٍ سوقيةٍ مستمرة؛ إذ انخفض التمويل مجدداً مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وتراجع شهية رأس المال المخاطر. من هنا تبدو طفرة 2021 أقرب إلى لقطةٍ إعلانية من كونها اتجاهاً بنيوياً.ومع ذلك، يحرص المسؤولون على الاستشهاد بتصنيف StartupBlink الذي يضع الأردن في المرتبة 69 عالمياً والخامسة عربياً في مؤشرات بيئة الشركات الناشئة. لكن ما لا يُقال هو أن المؤشر نفسه يُدرج الأردن تحت خانة «التراجع النسبي» عاماً بعد آخر، في الوقت الذي قفزت فيه السعودية 14 مرتبة في الفترة ذاتها. فعلى الورق، قد يبدو هذا الترتيب مقبولاً، لكن في الواقع السوقي، هو يعني أنك تروّج لمستثمر دولي منظومةً أقل جاذبية من مدن مثل باكو أو كيب تاون، ضمن بيئة تشريعية تتسم بالبطء والتعقيد.بعيدًا عن عمّان، تكاد تختفي الشركات الناشئة من خريطة المحافظات. ففي الوقت الذي نجحت فيه مشاريع زراعية مدعومة من صندوق REGEP التابع لـ JEDCO بتمويل نحو 7 ملايين دولار في محافظات مثل مادبا والطفيلة والمفرق، إلا أن التمويل موجه بشكل كبير للزراعة التقليدية، لا لابتكارات أو مشاريع ريادية تكنولوجية.في إربد والكرك وجرش، لا تزال بيئة الأعمال تعتمد على المبادرات الفردية، وسط غياب الحاضنات الفاعلة وصناديق التمويل المرحلي. رغم وفرة المواهب، يفتقر الرياديون في تلك المناطق إلى التوجيه والتمويل، ما يجعل عمّان مركز الجذب الوحيد، ويعزز من المركزية الاقتصادية والمعرفية.ومن أبرز التحديات الحقيقية الواقعية أن هناك نسبة من المستثمرين يرون أن الشركات الأردنية غير ناضجة، وهنالك من يشتكون نقص المهارات التخصصية، ومنهم من لا يجد ميزة تنافسية واضحة في معظم المشاريع.هذا النقد لا يعكس فقط ضعف السوق المحلي، بل يسلط الضوء على هشاشة الإطار المؤسسي والتعليمي الذي يخرّج مشاريع "تبدو" تقنية، لكنها بلا أساس تكنولوجي متين. أما على المستوى التشريعي، فالتحديات ما زالت قائمة: صعوبة تسجيل الشركات، تعقيدات إغلاقها، وضرورة المواكبة للإطار التشريعي بشكل عصري للقطاعات.للنهوض بالمنظومة الريادية في الأردن، لا يكفي الترويج للأرقام؛ بل يتطلب الأمر معالجة عميقة وشجاعة. نقترح ما يلي:- تحديث البنية التشريعية: تبنّي منصة إلكترونية موحّدة لتسجيل وإغلاق الشركات، مستوحاة من نموذج "One Click" السعودي.- إطلاق صندوق تمويل مرحلي (Bridge Fund) بشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، لردم الفجوة بين تمويل البذرة والجولة الأولى، بقيم تتراوح بين 50–200 ألف دولار.- تحفيز الريادة في المحافظات: دعم الحاضنات الريفية، ومنح تمويل مخصص للمشاريع التقنية والخدمية خارج العاصمة، مع إعفاءات ضريبية لثلاث سنوات للشركات التي تؤسس في تلك المناطق.- إصلاح بيئة التمويل المالي الرقمي: تمكين البنك المركزي من إصدار تشريعات حديثة للمدفوعات المفتوحةوتسهيل إجراءات الامتثال.- تعزيز العلاقة بين الجامعات وحاضنات الأعمال: دعم المشاريع التكنولوجية الجامعية، وربطها بصناديق التمويل والملكية الفكرية.- ربط الأردن بسلاسل القيمة الخليجية: من خلال شراكات تكاملية مع دبي والرياض، لا مجرد التصدير العكسي للمواهب.خلاصة الأمر أنّ تقرير ZINC، بكل ما يحتويه من بيانات لامعة، يشبه مرآةً ذات وجهين: من جهة يعكس قدرة الأردنيين على نحت قصص نجاح فردية؛ من جهة أخرى يفضح هشاشة الإطار الذي يحيط بهذه القصص. ما لم يتحوّل التركيز من تلميع الأرقام إلى إزالة العوائق التشريعية، وضخ رأسمال محلي طويل الأجل، ودمج الأردن فعلياً في سلاسل القيمة الخليجية، فستظل المنظومة تدور في حلقة «قمة – هبوط – احتفال» تستهلك الزمن والطموح معاً. الوقت ينفد، والفرصة التالية قد لا تنتظر سبع سنوات أخرى من التجميل الرقمي.الفرصة الإقليمية تتحرّك بسرعة، وإذا واصلنا العمل بنفس الأدوات، سنبقى على هامش الهامش. المطلوب اليوم ليس تكرار النجاحات الفردية بل تحويلها إلى منظومة متكاملة. فإما أن نؤسس لاقتصاد ريادي شامل يتوزع من عمان إلى العقبة، ومن إربد إلى معان، أو نظل ننتظر "التمويل القادم" كأنه حدث عابر.الوقت لا ينتظر، والمنطقة لا ترحم المتأخرين.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الصناعة: حريصون على تعزيز الصناعة الوطنية وتنافسيتها في اسواق التصدير
وزير الصناعة: حريصون على تعزيز الصناعة الوطنية وتنافسيتها في اسواق التصدير

رؤيا نيوز

timeمنذ 38 دقائق

  • رؤيا نيوز

وزير الصناعة: حريصون على تعزيز الصناعة الوطنية وتنافسيتها في اسواق التصدير

أكد وزير الصناعة والتجارة والتموين المهندس يعرب القضاة، حرص الوزارة على تطوير الصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها في السوق المحلية وأسواق التصدير، لأهميتها في دعم الاقتصاد الوطني وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية. وقال خلال حفل أقامته غرفة صناعة عمان مساء أمس الأحد، تكريما لأول مئة شركة منضمة لبرنامج 'صنع في الأردن'، إن الحكومة تنسق مع القطاع الصناعي، لحل اي معيقات قد تواجه الصناعات الأردنية من خلال المتابعة واتخاذ ما يلزم من إجراءات، موضحا أن هناك فرصا واعدة لزيادة الصادرات الأردنية من مختلف القطاعات بفعل الجودة العالية التي وصلتها هذه الصناعات. وأضاف، إن الحكومة أصدرت عددا من القرارات التي تصب في تعزيز تنافسية الصناعة الأردنية، ما أدى الى زيادة الصادرات الوطنية.

مذكرة تعاون بين عمان الأهلية و'هواوي تكنولوجيز – الأردن'
مذكرة تعاون بين عمان الأهلية و'هواوي تكنولوجيز – الأردن'

رؤيا نيوز

timeمنذ 39 دقائق

  • رؤيا نيوز

مذكرة تعاون بين عمان الأهلية و'هواوي تكنولوجيز – الأردن'

في خطوة جديدة نحو تعزيز بيئة الإبداع والابتكار وتوسيع آفاق التعاون الأكاديمي والتقني، وقّعت جامعة عمان الأهلية مذكرة تعاون مع شركة هواوي تكنولوجيز الأردن. ووقّع الاتفاقية ممثلاً عن الجامعة رئيس جامعة عمان الأهلية الأستاذ الدكتور ساري حمدان، فيما وقّعها عن شركة هواوي تكنولوجيز الأردن المدير العام السيد ليو. وحضر حفل التوقيع من شركة هواوي تكنولوجيز الأردن، السيد جيسون مدير الشركة للشؤون الأردنية ، والسيد جوّي مدير الموارد البشرية، والسيد عبد الرحمن مسؤول الحلول التكنولوجية في القطاع التعليمي، والسيد سائد الصباغ مدير العلاقات العامة وتطوير المواهب، والآنسة لانا النجار اختصاصي تطوير المواهب. ومن جانب الجامعة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية وعميد كلية طب الأسنان الأستاذ الدكتور أحمد حمدان، وعميد كلية تقنية المعلومات الأستاذ الدكتور محمد القطاونة. وتهدف هذه المذكرة إلى تطوير علاقة عمل تعاونية بين الجانبين، تمهيدًا لإطلاق برنامج 'أكاديمية هواوي للمعلومات والشبكات المعتمدة (HAINA) ' في الجامعة، والمتوقع استكمال تفاصيله وتوقيع عقد تنفيذي له قبل نهاية عام 2025. وبموجب مذكرة التفاهم، ستقوم هواوي بتقديم دعم فني وأكاديمي متخصص لأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة لتطوير مناهج دراسية تتماشى مع متطلبات البرنامج، كما ستوفر خدمة تدريب المدربين المحترفين (HCAI) لاثنين من أعضاء الكادر الأكاديمي في كل مسار تدريبي ضمن البرنامج. وأكد الأستاذ الدكتور ساري حمدان، رئيس جامعة عمان الأهلية، أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار استراتيجية الجامعة الهادفة إلى تعزيز شراكاتها مع كبرى الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا، مشيرًا إلى أن التعاون مع شركة هواوي يمثل خطوة نوعية نحو إدماج التكنولوجيا الحديثة في البيئة التعليمية وتزويد الطلبة بالمهارات الرقمية التي تؤهلهم لسوق العمل. من جانبه، أشار السيد ليو، المدير العام لشركة هواوي تكنولوجيز الأردن، إلى أن الشراكة مع جامعة عمان الأهلية تُجسّد التزام هواوي بدعم قطاع التعليم في الأردن، من خلال نقل المعرفة والخبرة العالمية إلى الطلبة والأكاديميين، وبناء القدرات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأوضح أن البرنامج المشترك مع الجامعة سيوفر فرص تدريب وشهادات معتمدة تسهم في تعزيز جاهزية الطلبة لسوق العمل التكنولوجي المتطور. وتُعد شركة هواوي من الشركات العالمية الرائدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقدم حلولًا متكاملة في شبكات الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والأجهزة الذكية، والخدمات السحابية، بهدف بناء عالم ذكي متصل بالكامل.

تسجيل 42 براءة اختراع في النصف الأول من العام
تسجيل 42 براءة اختراع في النصف الأول من العام

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

تسجيل 42 براءة اختراع في النصف الأول من العام

بلغ عدد براءات الاختراع المسجلة في النصف الأول من العام الحالي، 42 براءة، واحدة منها محلية. وبحسب بيانات مديرية حماية الملكية الصناعية في وزارة الصناعة والتجارة والتموين، بلغ عدد العلامات التجارية المسجلة 2191 علامة حتى نهاية حزيران الماضي، فيما بلغ إجمالي العلامات المجددة في الفترة نفسها 3155 علامة تجارية. وجددت المديرية 310 براءة اختراع، ومنحت 10 رخص استعمال علامة تجارية ملكية صناعية، وسمحت بتغيير اسم وعنوان 557 ملكيات صناعية، ونقل ملكية 1032. كما بلغ عدد العلامات التجارية المسجلة العام الماضي 5687، وعدد العلامات التجارية المجددة 6245، فيما بلغ عدد براءات الاختراع المسجلة 111 منها 8 محلية. ووفقاً للقانون، فإن براءة الاختراع، هي أية فكرة إبداعية يتوصل إليها المخترع في أي من مجالات التقنية، وتتعلق بمنتج أو بطريقة صنع أو بكليهما تؤدي إلى حل مشكلة معينة في أي من هذه المجالات. وتسجيل براءة اختراع يقصد به كل الإجراءات المتعلقة بطلبات براءات الاختراع التي تقدم للمكتب ابتداء من المرحلة التي يتم فيها إرشاد المخترعين لكيفية تقديم طلب البراءة وانتهاء بإصدار شهادة البراءة النهائية. وتتضمن هذه الإجراءات مجموعة من العمليات الفنية والشكلية تتعلق بفحص الطلب للتأكد من استيفائه جميع الشروط المنصوص عليها في القانون، كما تتضمن مجموعة من العمليات المرتبطة بطلبات براءات الاختراع، والتي يتم تنفيذها لتلبية حاجات الطرف الثالث من الجمهور (الجمهور باستثناء طالبي التسجيل والوكلاء والمخترعين)؛ مثل النشر بالجريدة الرسمية أو إجراءات الإطلاع على السجل. أما العلامة التجارية، فهي أي إشارة ظاهرة يستعملها أو يريد استعمالها أي شخص لتمييز بضائعه أو منتجاته أو خدماته عن بضائع أو منتجات أو خدمات غيره.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store