logo
هل تعود الشركات الغربية إلى روسيا؟

هل تعود الشركات الغربية إلى روسيا؟

البورصةمنذ 3 أيام

في الأسابيع الأخيرة، روج المسؤولون الروس لفكرة مفادها أن الشركات الغربية، لا سيما الأمريكية، ستكون موضع ترحيب بالعودة إلى السوق الروسية بمجرد انتهاء الحرب في أوكرانيا.
وقد أبدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتماماً بهذا الطرح.. لكن إلى أي مدى يبدو هذا السيناريو واقعياً؟ وهل يمكن حقاً أن تعود الاستثمارات الغربية والمشروعات المشتركة إلى روسيا؟
قال الفيلسوف اليوناني هيراقليطس ذات مرة: 'لا يستطيع الإنسان أن يخطو في النهر نفسه مرتين، لأنه ليس هو النهر نفسه، وليس هو الإنسان نفسه'.
ويمكن قول الأمر ذاته عن روسيا.
ففي تسعينيات القرن الماضي، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تدفقت الشركات الغربية إلى البلاد، واستثمرت خلال العقود الثلاثة التالية مئات مليارات الدولارات، ليس فقط عبر ضخ رؤوس الأموال، بل من خلال نقل الخبرات وربط روسيا بالشبكات المؤسسية العالمية.
وأسهمت هذه الشركات، بطرق متعددة، في دمج الاقتصاد الروسي ضمن منظومة الاقتصاد العالمي.
غير أن هذا الإرث قد مُحي إلى حد كبير.
فعلى الورق، لا تزال هناك آلاف الشركات الغربية تعمل داخل روسيا، إلا أن معظمها مجرد واجهات شكلية أو صناديق بريد لشركات روسية.
أما القلة المتبقية التي لا تزال تدير عمليات حقيقية، فهي عالقة فعلياً؛ إذ لا تستطيع مغادرة السوق أو تُجبر على بيع أصولها، غالباً بخسائر ضخمة، لأشخاص مقربين من النظام الروسي.
ونتيجة لذلك، تفككت الشبكات التي بُنيت بعناية على مدار ثلاثة عقود، بحسب موقع 'بروجكت سنديكيت'.
والروابط المالية بين روسيا والغرب تبخرت إلى حد بعيد، والعقوبات الغربية تخنق صادرات استراتيجية مثل النفط والغاز الطبيعي.
ورغم استمرار تجارة بعض السلع والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج عبر وسطاء من دول ثالثة، فإن غياب نقل الخبرات المباشر الذي كانت توفره الشركات الغربية يُضعف قدرة الاقتصاد الروسي على خلق قيمة مضافة حقيقية.
مع ذلك، حتى حال انتهاء الحرب في أوكرانيا ورفع العقوبات، فإن عودة الشركات الغربية إلى روسيا تبقى احتمالاً ضعيفاً.
فروسيا اليوم ليست 'النهر نفسه'.
والفجوة الاقتصادية التي ملأتها الشركات الغربية في تسعينيات وأوائل الألفية، بعد سبعة عقود من الانعزال والتخطيط المركزي، أصبحت الآن مشغولة من قبل الروس أنفسهم.
فمكاتب الشركات في موسكو لم تعد تحمل أسماء الشركات متعددة الجنسيات الغربية، بل أسماء الشركاء الروس السابقين، كثير منهم تلقى تعليمه أو تدريبه المهني في الغرب.
وقد حلت المصارف الروسية محل الأجنبية، تماماً كما استبدلت الشركات المحلية بنظيراتها الغربية في قطاعات التجزئة والخدمات الرقمية وغيرها.
وفي هذه المجالات، باتت روسيا تعمل كاقتصاد سوق متكامل لا يعتمد على التدخل الغربي.
لكن في المقابل، دفعت الحرب في أوكرانيا الاقتصاد الروسي نحو نسخة من ذاته السوفيتية السابقة، مع تعاظم المجمع الصناعي العسكري ووجود ضعف مزمن في الاستثمار وركود واضح في قطاعات اقتصادية أخرى.
وفي العديد من الصناعات، وخاصة التصنيع، لا تزال هناك مساحة لخبرات الغرب وتقنياته ورؤوس أمواله.
تُعد صناعة النفط مثالاً بارزاً، ففي تسعينيات القرن الماضي، تدفقت شركات النفط الغربية إلى روسيا، وجلبت معها خدمات متقدمة في استكشاف وإنتاج النفط، إلى جانب رؤوس أموال وممارسات إدارية حديثة.
وأسهمت هذه الشركات في إنعاش الحقول النفطية السوفيتية المتقادمة، وأطلقت مشاريع جديدة من خلال شراكات مع كيانات روسية، ما أدى إلى ابتكار نماذج أعمال جديدة لما بعد الحقبة السوفيتية.
مع ذلك، فإن تكرار تلك التجربة يبدو مستبعداً.
فعديد من شركات النفط الغربية لا تزال مثقلة بجراح مغامراتها السابقة في روسيا، كما أن صناعة النفط العالمية باتت تركز على مناطق غنية بالاحتياطات وتتمتع ببيئة تنظيمية أكثر ملاءمة.
الأهم من ذلك، أن مستقبل النفط ذاته بات غير مؤكد، في ظل سعي كبرى شركات الطاقة إلى تنويع محفظتها بعيداً عن الوقود الأحفوري التقليدي باتجاه البتروكيماويات ومصادر الطاقة المتجددة.
وضمن هذا المشهد الجديد، لا تملك روسيا الكثير لتقدمه.
يمكن قول الشيء نفسه عن قطاعات السيارات والنقل، فقد تدافعت الشركات الغربية إلى روسيا بخطط طموح لتحديث صناعاتها السوفيتية المتقادمة، لكن جميعها انسحبت من السوق منذ عام 2022، مُتكبدة في الغالب خسائر كبيرة، وهي لا تبدو مستعدة لخوض مغامرة روسية جديدة.
في وقت تمر فيه صناعة النقل الغربية بتحول جذري، مع الانتقال إلى السيارات الكهربائية وخطوط القطارات السريعة، فإن أغلب هذه الشركات لا تملك الرغبة أو الموارد اللازمة للعودة.
جدير بالذكر أيضاً أن الصين دخلت على الخط.
ومع تباطؤ النمو الاقتصادي فيها، تعمل الشركات الصينية على تكثيف صادراتها، خصوصاً إلى روسيا، لكن بدلاً من الاستثمار أو نقل التكنولوجيا، فإنها تفضل شحن المنتجات النهائية.
كذلك، تُبدي البنوك الصينية حذراً شديداً في استخدام رؤوس أموالها، وقد تبين أن ما يُعرف بـ'يواننة' الاقتصاد الروسي، أي إحلال الرنمينبي محل الدولار واليورو ـ الرنمينبي هو العملة الرسمية للصين، واليوان هو وحدة الحساب الرئيسية لهذه العملة ـ صفقة خاسرة بالنسبة لروسيا، إذ إن الصين، مدفوعة بأولوياتها الداخلية، تعمل بنشاط على خفض قيمة عملتها.
وعملياً، فإن الشراكة 'غير المحدودة' التي تروج لها روسيا مع الصين ثبت أنها بديل غير كافٍ للعلاقات المالية التي تم قطعها مع الغرب.
وفي ظل هذا المشهد، يمكن تفهم لماذا تسعى روسيا حالياً إلى شن حملة جذب جديدة تستهدف إعادة استثمارات الشركات الغربية.
لكن من غير المرجح أن تلقى هذه المحاولات تجاوباً حماسياً كما حدث قبل 30 عاماً.
الفجوات التي خلفها انهيار الاقتصاد السوفيتي تم ملؤها اليوم من قبل لاعبين روس، بينما تسعى الشركات الغربية، متذكرةً تجاربها السابقة، إلى فرص أكثر جاذبية في أسواق أخرى.
ولم تعد روسيا هي ذاتها، ولا الغرب هو ذاته. : أوروباالاقتصاد العالمىالولايات المتحدة الأمريكيةروسيا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: متردد بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا
ترامب: متردد بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا

فيتو

timeمنذ 10 دقائق

  • فيتو

ترامب: متردد بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا

عبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء عن تردده بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا قائلًا: إنه لا يريد أن تتعارض العقوبات مع التوصل إلى وقف إطلاق النار. وفي حديثه مع الصحفيين بالمكتب البيضاوي، قال ترامب عن العقوبات: "إذا كنت أعتقد أنني على وشك التوصل إلى اتفاق، فأنا لا أريد إفساد الأمر بفعل ذلك"، وفق رويترز. كما أضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما تعمد تأخير المفاوضات بشأن وقف النار في الحرب بأوكرانيا، معبرًا عن خيبة أمله بسبب القصف الروسي. وقال: "سنكتشف ما إذا كان يتلاعب بنا أم لا، وإذا كان يفعل ذلك، فسنرد بشكل مختلف قليلًا". جدير بالذكر أن ترامب كان وجه انتقادات لبوتين، معتبرًا أنه فقد رشده، وبات يلعب بالنار، لرفضه مفاوضات السلام ووقف الحرب مع أوكرانيا. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

كلمة حق في مجتمع جائر.. السيسي يصدح في قمة العراق بما عجز عنه الآخرون
كلمة حق في مجتمع جائر.. السيسي يصدح في قمة العراق بما عجز عنه الآخرون

أهل مصر

timeمنذ 25 دقائق

  • أهل مصر

كلمة حق في مجتمع جائر.. السيسي يصدح في قمة العراق بما عجز عنه الآخرون

لاقت كلمة الرئيس عبد الفتاح كلمة الرئيس القمة العربية في العراق جاءت القمة العربية في العراق، بعد بضعة أيام من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية، والتي شهدت حفاوة واستقبالا غير مسبوقين وسط لفت لانتباه العالم لما أعلن عنه من استثمارات خليجية في الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت الـ 4 تريليونات دولار، والتي تعد الأكبر في التاريخ. وجهت انتقادات كبيرة لجولة ترامب خاصة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة الذي يواجه حربا شعواء فرضت على شعب أعزل لا يملك الطعام الذي يسد رمقه أو الكساء الذي يستر عورته ولا الخيمة التي يحتمي بها من مدافع وغارات العدو الفاشي، حيث لم يعلن ترامب أي خطوات ملموسة في إنهاء الحرب على قطاع غزة. وسط هذا الزخم لزيارة الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، والنسيان لتطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جاءت كلمة موقف مصر لم يكن مستغربا وفي هذا الصدد، أكد سفير فلسطين السابق لدى القاهرة بركات الفرا، أن موقف مصر لم يكن مستغربا، وكلمة الرئيس وأضاف «الفرا» في تصريح خاص لـ«أهل مصر»، أن التطبيع دون حل جذري ونهائي للقضية الفلسطينية لن يعود بشيئ لا على الاحتلال ولا على المطبعين ، مؤكدا أن مصر تتبنى القضية الفلسطينية بشكل علني أمام الجميع؛ خاصة بعد إعلان تهجير الفلسطينيين من أرضهم خط أحمر لا نقاش فيه أو جدال، إضافة إلى خطة إعادة إعمار قطاع غزة التي تبنتها مصر وجمعت لها الدعم العربي الدولي ولا تزال تتبناها إلى اليوم. وحول القمة العربية في العراق، أشار سفير فلسطين السابق لدى القاهرة، إلى الغياب اللافت للزعماء العرب في هذه القمة المصيرية التي من المفترض أن تحمل حلولا لأزمات القضية الفلسطينية، وإنهاء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يحدث في قطاع غزة.

ترامب يطلب من نتنياهو تأجيل أي إجراء عسكري ضد إيران
ترامب يطلب من نتنياهو تأجيل أي إجراء عسكري ضد إيران

بوابة ماسبيرو

timeمنذ 40 دقائق

  • بوابة ماسبيرو

ترامب يطلب من نتنياهو تأجيل أي إجراء عسكري ضد إيران

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم /الأربعاء/، إنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يؤجل أي إجراء عسكري ضد إيران، مشيرا إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الولايات المتحدة لتأمين اتفاق نووي جديد مع طهران. وأوضح ترامب - خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض - "أخبرته (نتنياهو) أنه سيكون من غير المناسب القيام بذلك الآن لأننا قريبون جدا من التوصل لحل"، حسبما أوردت مجلة (نيوزويك) الأمريكية. وجاءت تصريحات ترامب تزامنا مع تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو جروسي، حيث قال الأخير إنه رغم أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة لم تحسم بعد، إلا أن استمرارها يشكل علامة إيجابية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store