
نتنياهو يرد الجميل!
نتنياهو يُكشِّر عن أنيابه ويعلنها صراحةً بأنّه في "مهمة روحية" لإقامة "إسرائيل الكبرى" على أرض الميعاد من "الفرات إلى النيل"، والتي كما قال- تتضمن خمس دول عربية، إضافة إلى فلسطين. ومن المفارقات العجيبة أنّ تلك الدول يمكن تصنيفها بأنّ حكامها معادون للمقاومة الفلسطينية التي تحارب على أرضها، وخاصة "حماس". وقد طالبت تلك الحكومات قبل أسابيع قليلة؛ بل أقرت وثيقة في نيويورك بنزع سلاح حماس، وهو ما سيساعد إسرائيل على قتل الرجال والأطفال واستباحة أعراض نساء غزة، بقيادة المجرمين الصهيونيين الثنائي بن غفير وسموتريتش؛ اللذين سبق أن عبّرا عن رغبتهما الأكيدة في إبادة كل سكان غزة وتعذيبهم، ثم بعد ذلك تهجير من يبقى من هؤلاء السكان إلى دول إفريقية بمساعدة أمريكية، وذلك لفتح المجال للتوسع الصهيوني وإقامة المستوطنات والمدن السياحية، وفتح قناة بن غوريون في قطاع غزة كممر عالمي بديل عن قناة السويس بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
هذه الأنظمة -التي يمكن تسميتها بالحكومات التي يستهدفها رئيس وزراء الكيان الغاصب والصديقة لإسرائيل- بعضها قد طبّع وسلّم الراية البيضاء لإسرائيل؛ بل وأغلق معابره في وجه المساعدات الإنسانية التي تقوم بها منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة لسكان غزة المحاصرين من الجميع، بينما ينتظر البعض الآخر مدَّ يد الصداقة والتطبيع المجاني لهذا الكيان الغادر الذي يستهدف من تعاون معه من العرب بالدرجة الأولى ويستخف بهم، وذلك انطلاقًا من بعض الخرافات التي يزعم فيها الصهاينة أنّ البشر من غير اليهود قد وُجدوا في هذه الحياة كخدمٍ لبني إسرائيل، ويمكن استخدامهم كالدواب للركوب عليهم. وهذا بالفعل ما ظهرت بوادره الآن من المتطرفين الصهاينة الذين استعجلوا في إعلان حربهم على الجيران قبل حسم معركة غزة، وكذلك قبل اكتمال نزع سلاح حزب الله في لبنان؛ ذلك السلاح الذي كان يُشكِّل ردعًا وقوة ترهب الكيان الغاصب في جنوب لبنان. لكن لم تكن حسابات المقاومة اللبنانية دقيقة في هذا الملف الذي تساقطت أوراقه تباعًا بعد استشهاد الأمين العام للحزب حسن نصر الله، صاحب الكاريزما القوية التي أرعبت الغرب والصهاينة على حد سواء.
الخطأ القاتل لحزب الله هو تجنبه المواجهة الشاملة في أكتوبر 2023 مع الصهاينة؛ إذ كان يمكن لتلك المعركة -لو تم تنفيذها في وقتها- القضاء على ما يُعرف بالدولة الإسرائيلية وجيشها الذي كان يخشى حزب الله، وذلك بالتزامن مع معركة "طوفان الأقصى" المباركة. فاكتفاؤه بالمساندة فقط والتركيز على قصف الجليل أو شمال فلسطين المحتلة مكَّن إسرائيل من استهداف قواعد الحزب في كل لبنان لاحقًا؛ مما ترتب على ذلك استشهاد الصفين الأول والثاني من قادة المقاومة اللبنانية. وكل ذلك أتاح لأمريكا الدخول على الخط وتقديم مشروعها السرطاني الذي يستهدف سلاح المقاومة لكي تنعم إسرائيل بالأمن والأمان.
إن إدانات الحكومات العربية أو حتى طلب توضيحات من حكومة نتنياهو الإرهابية حول التوسع شرقًا نحو دول الجوار، لن يُغيِّر في الأمر شيئًا على الإطلاق؛ فالحكومة المتطرفة في إسرائيل لا تضع أي وزن للعرب ولا حتى لحكامهم من المحسوبين عليها، خاصة أولئك الذين تخلّوا عن الإجماع العربي والثوابت التي تم إقرارها في المؤتمرات العربية، وذلك قبل وصولنا إلى ما يُعرف بزمن خيانة المبادئ أو ما يُعرف بالزمن العربي الرديء الذي نعيش فصوله المرّة والمخزية هذه الأيام. ومن سوء حظنا نحن العرب، أن هناك من يوسمنا بالخيانة، ليس في هذه الأيام العصيبة من حياة الأمة فحسب، بل ومنذ قرون طويلة. ولعلنا نتذكر المؤامرات التي حِيكَت من أبناء جلدتنا في الأندلس في عهد تشرذم ما يُعرف بملوك الطوائف الذين تآمروا على بعضهم ثم تساقطت دويلاتهم واحدة تلو الأخرى، وقبل ذلك سقوط الخلافة العباسية على يد القائد المغولي هولاكو؛ حيث تذكر الوثائق أنّ الوزير ابن العلقمي كان له دور مهم في تسهيل مهمة التتار في دخول بغداد ثم سقوطها.
وفي الختام.. لقد حان الوقت لهذه الأمة العظيمة أن تنفض الغبار عن نفسها، وتتناسى الخلافات، وتصلح ذات البين، وأن تُدرك الدسائس والمؤامرات التي تُحاك لها من الأعداء الذين يُعِدّون العدّة لكي نبقى في مربع الضعف والذل والمحافظة على ذيل القائمة في هذا العالم الذي يتقدم كل يوم إلى أعلى المراتب، بينما نحن نتراجع على الدوام إلى الخلف. الحقيقة المُرَّة التي يعرفها الجميع هي أنّ الأنانية والسيطرة والرغبة العمياء في منطقتنا للاستحواذ على السُلطة -وإن كانت منقوصة في الأساس- إنما هي بسبب التدخل الأجنبي في الشؤون العربية عبر القرون.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 6 ساعات
- جريدة الرؤية
القسام تعلن استهداف دبابة إسرائيلية في حي الزيتون
غزة - الوكالات أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها استهدفت أمس السبت دبابة ميركافا إسرائيلية بقذيفة من طراز الياسين 105 في حي الزيتون شرق مدينة غزة. وأكدت الكتائب أن العملية تأتي في إطار المواجهات المتواصلة مع قوات الاحتلال التي تحاول التوغل في أحياء مدينة غزة، مشيرة إلى أن مقاتليها يواصلون تنفيذ كمائن وهجمات ضد الآليات العسكرية الإسرائيلية. ويشهد حي الزيتون منذ أيام اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال التي تكبدت، وفق بيانات الفصائل، خسائر بشرية ومادية، في حين يواصل الجيش الإسرائيلي إعلان تنفيذ ضربات جوية ومدفعية مكثفة بالمنطقة.


جريدة الرؤية
منذ 8 ساعات
- جريدة الرؤية
الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية يطالب بـ"تفكيك" جهاز الشاباك
القدس المحتلة - الوكالات كشفت تسجيلات مسرّبة بثّتها القناة الإسرائيلية 12 عن تصريحات مثيرة للرئيس السابق للمخابرات العسكرية في جيش الاحتلال أهارون هاليفا، أقرّ فيها بأن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر 2023 لم تكن نتيجة "فشل استخباراتي" أو "خطأ فردي"، بل بسبب "خلل عميق ومتجذّر في النظام الإسرائيلي برمته"، داعيا إلى "تفكيكه وإعادة بنائه". وأوضح هاليفا في التسجيلات أن الاستقالة من منصبه جاءت "تحملا للمسؤولية أمام كارثة بهذا الحجم"، منتقدا قادة سياسيين وعسكريين فضّلوا البقاء في مناصبهم، معتبرا أنهم "خائفون ولا يستطيعون النظر إلى أنفسهم في المرآة". وفي استعراضه لساعات ما قبل الهجوم، أشار هاليفا إلى أن بطاقات هواتف إسرائيلية تم تفعيلها مساء الجمعة قبل العملية، لكنه لم يتلق أي بلاغ جدي حتى ساعات الفجر، مشيرا إلى أن جهاز "الشاباك" أكد في تقدير موقف فجر ذلك اليوم أن "كل شيء تحت السيطرة". وأضاف موجها انتقاده للجهاز: "أين كنتم وأين ذهبت المليارات التي تصرف عليكم؟". كما اتهم هاليفا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه سمح لحماس وحزب الله بتعزيز قدراتهما العسكرية، وتجاهل أزمة الأسرى وتصاعد الأحداث في القدس، قائلا: "كان كل شيء معروفا لكنه فضّل إبقاء حماس قوية لأسباب خاصة". وفي موقف أثار صدمة واسعة، قال هاليفا إن "مقتل 50 ألف فلسطيني في غزة أمر ضروري للأجيال القادمة"، معتبرا أن على الفلسطينيين "أن يعيشوا نكبة بين حين وآخر ليدركوا الثمن". وبعد التسريبات، أصدر هاليفا بيانا أقرَّ فيه بمسؤوليته الكاملة عن كارثة السابع من أكتوبر، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية "لاستخلاص العِبر ومنع تكرار مثل هذه الكارثة". وكان هاليفا قدّم استقالته العام الماضي عقب الهجوم، فيما ترفض الحكومة الإسرائيلية حتى الآن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بحجة أن ذلك قد يثير الانقسام ويضر بالجيش.


جريدة الرؤية
منذ 11 ساعات
- جريدة الرؤية
تسريب خطير .. إسرائيل مهددة بكارثة جديدة شبيهة بـ7 أكتوبر
القدس المحتلة - وكالات كشفت تسجيلات مسرّبة بثّتها القناة الإسرائيلية 12 عن تصريحات مثيرة للرئيس السابق للمخابرات العسكرية في جيش الاحتلال أهارون هاليفا، أقرّ فيها بأن عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم تكن نتيجة "فشل استخباراتي" أو "خطأ فردي"، بل بسبب "خلل عميق ومتجذّر في النظام الإسرائيلي برمته"، داعيا إلى "تفكيكه وإعادة بنائه". وأوضح هاليفا في التسجيلات أن الاستقالة من منصبه جاءت "تحملا للمسؤولية أمام كارثة بهذا الحجم"، منتقدا قادة سياسيين وعسكريين فضّلوا البقاء في مناصبهم، معتبرا أنهم "خائفون ولا يستطيعون النظر إلى أنفسهم في المرآة". وفي استعراضه لساعات ما قبل الهجوم، أشار هاليفا إلى أن بطاقات هواتف إسرائيلية تم تفعيلها مساء الجمعة قبل العملية، لكنه لم يتلق أي بلاغ جدي حتى ساعات الفجر، مشيرا إلى أن جهاز "الشاباك" أكد في تقدير موقف فجر ذلك اليوم أن "كل شيء تحت السيطرة". وأضاف موجها انتقاده للجهاز: "أين كنتم وأين ذهبت المليارات التي تصرف عليكم؟". كما اتهم هاليفا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه سمح لحماس وحزب الله بتعزيز قدراتهما العسكرية، وتجاهل أزمة الأسرى وتصاعد الأحداث في القدس، قائلا: "كان كل شيء معروفا لكنه فضّل إبقاء حماس قوية لأسباب خاصة". وفي موقف أثار صدمة واسعة، قال هاليفا إن "مقتل 50 ألف فلسطيني في غزة أمر ضروري للأجيال القادمة"، معتبرا أن على الفلسطينيين "أن يعيشوا نكبة بين حين وآخر ليدركوا الثمن". وبعد التسريبات، أصدر هاليفا بيانا أقر فيه بمسؤوليته الكاملة عن كارثة السابع من أكتوبر، ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية "لاستخلاص العِبر ومنع تكرار مثل هذه الكارثة". وكان هاليفا قدّم استقالته العام الماضي عقب الهجوم، فيما ترفض الحكومة الإسرائيلية حتى الآن تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بحجة أن ذلك قد يثير الانقسام ويضر بالجيش.