logo
رفع العقوبات عن سوريا سيف ذو حدين على لبنان

رفع العقوبات عن سوريا سيف ذو حدين على لبنان

لم يعرف الاقتصادان اللبناني والسوري تاريخيا أي تجارب حيوية، تربط حركة التبادل المشترك للمصالح والنمو باستراتيجية تكاملية تعزز التعاون بينهما، وترسم مسارا اقتصاديا شاملا ومستداما يعكس طبيعة الواقع الاجتماعي لبلدين متجاورين، تربطهما أواصر الجغرافيا والتاريخ المشترك.
لكن وقوع سوريا في العقدين الأخيرين تحت عقوبات دولية، وشبه عزلة سياسية ومالية غربية تحديدا، أخرجها من السوق الإقليمية والدولية، وبات قطاعها الخاص يعتمد بإفراط على الأسواق اللبنانية.
أما وقد رفعت العقوبات الأميركية، فقد أنتعشت آمال قطاعات سوريا ومؤسساتها الإنتاجية في العودة مجددا إلى الأسواق الدولية، بعدما حاصرها طويلا قانون قيصر الأكثر تأثيرا بين العقوبات الدولية، فيما الإيجابيات المتوقعة لعودة الحيوية وحرية التمويل والاستثمار في السوق السورية، قد تأتي بتداعيات إيجابية وسلبية على الاقتصاد اللبناني.
تشير التقديرات إلى أن إعادة الإعمار تتطلب نحو 400 مليار دولار، وقد يكون للبنان من خلال قطاعه العقاري فرصة لإعادة البناء، فيما يمكن أن يكون للمؤسسات المالية والمصرفية والتأمين، والتكنولوجيا، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها من مشاريع البنى التحتية والاتصالات الكثير من الفرص الواعدة.
من المسلمات الاقتصادية، أن لسوريا تأثيرا في آلية تنفس الاقتصاد اللبناني، وخصوصا حيال عبور المنتجات والصادرات اللبنانية برا، نحو العمق العربي وتحديدا الخليجي. فسوريا هي المعبر البري الوحيد للبنان، وقد تكون حركة الاستيراد والتصدير عبرها إلى الخليج العربي من أكثر المستفيدين، خصوصا الصادرات الزراعية والغذائية، والمواد الخام.
يؤكد الباحث في الشأنين الاقتصادي والسياسي الدكتور أيمن عمر أن "التبادل التجاري شهد تطورا كبيرا بين البلدين، بحيث ارتفعت قيمة الصادرات اللبنانية إلى سوريا من 70 مليون دولار عام 2004 إلى 210 ملايين عام 2008، لتصل إلى 220.7 مليونا قبل الأزمة السورية عام 2010. وفي 2018، أي قبل تطبيق العقوبات على سوريا، وصلت قيمة الصادرات إلى 205 ملايين دولار، ومع إقرار قانون قيصر في 2019 انخفضت إلى 190 مليونا، لتصل إلى 69 مليون دولار عام 2024، بنسبة انخفاض 63.7%".
وقبل إقرار قانون قيصر عام 2018 بلغت الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج العربي والعراق والأردن نحو 1.151 مليون دولار من إجمالي الصادرات البالغ 2,952 مليوني دولار، في حين بلغت عام 2024 نحو 944 مليون دولار من إجمالي الصادرات البالغ 2.707 مليوني دولار.
أما قبل العقوبات عام 2018 فكانت قيمة الصادرات إلى سوريا ودول الخليج العربي والعراق والأردن مجتمعة تبلغ 1.356 مليون دولار بنسبة 46% من الرقم الإجمالي، وعام 2024 بلغت 1.013 مليون دولار بنسبة 37.4% منها. من هنا يرى عمر أن "رفع العقوبات سيعيد تنشيط حركة التجارة الخارجية، ولكن الحجم المتوقع لهذا الأمر يرتبط بالاتفاقات الجديدة التي ستوقع بين لبنان وهذه الدول وخصوصا سوريا بعد قيام نظام جديد، وكذلك بالسعي في لبنان إلى بناء مرتكزات دولة جديدة".
التداعيات الإيجابية المتوقعة في رأي عمر هي "إمكان توفير الطاقة اللازمة لزيادة ساعات التغذية في التيار الكهربائي، عبر خط الغاز العربي، لتزويد محطة دير عمار الغاز المصري عبر الأردن- سوريا- لبنان.
فالمشروع واجه عراقيل بسبب العقوبات الأميركية على سوريا، ولم ينفّذ فعليا إلى الآن رغم توقيعه. وهو يهدف إلى تشغيل محطة دير عمار لتوليد نحو 450 ميغاواط تشكل نحو ثلث حاجة لبنان الفعلية من الكهرباء (1200–1500 ميغاواط).
قرار رفع العقوبات قد يسهل أيضا انخراط لبنان ف مشاريع طاقة إقليمية، واستجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا من قطر مثلا، لتخفيف الضغط عن شبكة الطاقة اللبنانية وتقليل الاعتماد على المحروقات.
إلا أن لرفع العقوبات أيضا تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني وفق ما يقول عمر، "منها انطلاق ورشة الإعمار في سوريا وجذب اليد العاملة السورية في لبنان، وتاليا النقص في اليد العاملة في الكثير من القطاعات مثل الزراعة والبناء والمطاعم، وزيادة تكلفة التشغيل في لبنان. وفي حال ازدياد استيراد المنتجات السورية التي غالبا ما تكون أرخص بكثير من نظيراتها اللبنانية، سيتسبب الأمر بمنافسة غير متكافئة، وسيؤثر على الميزان التجاري لمصلحة سوريا بسبب ازدياد الاستيراد على حساب التصدير.
سلوى بعلبكي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المؤتمر الدولي للتنمية يستشهد ببرنامج" نوفى " فى الإصلاح المالى
المؤتمر الدولي للتنمية يستشهد ببرنامج" نوفى " فى الإصلاح المالى

صدى البلد

timeمنذ 26 دقائق

  • صدى البلد

المؤتمر الدولي للتنمية يستشهد ببرنامج" نوفى " فى الإصلاح المالى

استشهدالبيان الختامي الصادر عن الأمم المتحدة حول المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية FFD4، الذي انعقد بمدينة إشبيلية الإسبانية، ببرنامج «نُوفّي» كنموذج للجيل الجديد من المنصات الوطنية والأدوات المبتكرة في مجال إصلاح الهيكل المالي العالمي. وأوضح البيان الختامي، أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، شهد إطلاق 130 مبادرة ضمن «منصة إشبيلية للعمل»، تعمل على تنفيذ «تعهد إشبيلية»، الذي يعد أول تعهد دولي متفق عليه لتمويل التنمية منذ عام 2015، بهدف سد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة البالغة 4 تريليون دولار، ويدعو إلى إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، في ظل تصاعد أزمات الديون العالمية، وتراجع الاستثمارات، ولذا فإن تعهد إشبيلية يعمل على تحفيز الاستثمار واسع النطاق للتنمية المستدامة، ومعالجة أزمات الديون والتنمية، وإصلاح الهيكل المالي العالمي. رابط البيان الختامي ومن أبرز المبادرات التي تم إطلاقها ضمن «منصة إشبيلية للعمل»، قيادة إسبانيا والبنك الدولي مركزا لمبادلة الديون من أجل التنمية لتوسيع نطاق صفقات مبادلة الديون مقابل التنمية، وقيام إيطاليا بتحويل 230 مليون يورو من الديون الأفريقية إلى استثمارات تنموية، وقيام «تحالف شرط تجميد الديون» من الدول والبنوك التنموية بتعليق مدفوعات الديون أثناء الأزمات، إطلاق منتدى إشبيلية للديون لتبادل الخبرات وتعزيز التنسيق في إدارة الديون، بدعم من الأمم المتحدة وإسبانيا. من جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أنه في وقت تتسابق فيه الدول لتأسيس منصات وطنية لتنسيق جهود التنمية والاستثمار المناخي، ومع تأكيد المحافل والفعاليات الدولي المتتالية على أهمية المنصات والاستراتيجيات الوطنية كأداة للانطلاق نحو جذب تدفقات الاستثمارات ورؤوس الأموال، تبرُز المنصة الوطنية لبرنامج «نُوفّي»، التي أطلقتها مصر خلال عام 2022، كنموذج رائد استبق النداءات العالمية بتدشين منصة تُركز على الدمج بين جهود التنمية والعمل المناخي، وتُسهم في حشد الاستثمارات المناخية في المجالات ذات الأولوية. وأشارت وزيرة التخطيط، إلى اتباع مصر نهجًا مبتكرًا ومنهجًا للحوكمة في تصميم وتنفيذ مستهدفات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفَّي»، منذ إطلاقها خلال مؤتمر المناخ COP27، والتنسيق مع مختلف الجهات الوطنية، والاستفادة من المميزات النسبية لشركاء التنمية في المحاور الثلاثة للمنصة المياه والغذاء والطاقة، بما يُمكن الدولة من تعظيم الاستفادة من الاستثمارات العامة، وحشد التمويلات التنموية الميسرة، وآليات مبادلة الديون، والمنح، والاستثمارات الخاصة، لتنفيذ المشروعات المستهدفة، ولذا فقد نجحت المنصة في حشد تمويلات ميسرة بقيمة 4 مليارات دولار خلال عامين ونصف من أجل تنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات، بما يُدعم جهود مصر في مجال الطاقة المتجددة والتحول الأخضر. وأضافت أن المشروعات الجاري تنفيذها أصبحت مثالًا للشراكات البناءة بين مختلف الأطراف ذات الصلة ممثلة في تحالف الشركات المحلية والأجنبية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، والمؤسسات الدولية، والآليات التمويلية المبتكرة من الشركاء الثنائيين مثل مبادلة الديون، من أجل التنفيذ الفعال والوصول إلى الأهداف المرجوة، موضحة أن الوزارة تتبع نهجًا من الشفافية في تنفيذ المنصة وقد أطلقت مؤخرًا تقرير المتابعة رقم 2 حول أداء المنصة ودورها في تعزيز جهود التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية رابط تقرير المتابعة رقم 2 لبرنامج «نُوَفَّي» في سياق متصل، نشرت منصة The Conversation -إحدى أبرز المنصات الأكاديمية والإعلامية الدولية المعنية بتحليل السياسات العامة والتنمية- مقالًا تحليليًا بعنوان "التمويل الإنمائي في عالم ما بعد المساعدات: دور المنصات الوطنية" بقلم ريتشارد كالاند، الأستاذ بجامعة كامبريدج، حيث تناول المقال الحديث حول أهمية المنصات الوطنية كأداة تمويلية تعمل في إطار وطني تنسيقي يهدف إلى توجيه تدفقات التمويل التنموي نحو أولويات محددة بوضوح، كما سلط الضوء على منصة «نُوَفَّي» باعتبارها نموذجًا مبتكرًا في مجال تنسيق التمويل الإنمائي وتوجيهه نحو أولويات الدولة، خاصة في مجالات المياه والغذاء والطاقة. وانعقد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا، الذي يُعد أول مؤتمر أممي شامل لمناقشة تمويل التنمية منذ عام 2015، من أجل إعادة تشكيل منظومة تمويل التنمية العالمية في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، ويستند إلى مخرجات خطة عمل مؤتمر أديس أبابا الذي انعقد عام 2015، وإعلان الدوحة لعام 2008، وإجماع مونتيري 2002، وشهد المؤتمر مشاركة أكثر من 15 ألف مشارك، وانعقاد 470 فعالية.

رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن المُسيّرات!
رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن المُسيّرات!

بيروت نيوز

timeمنذ 36 دقائق

  • بيروت نيوز

رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن المُسيّرات!

نشر موقع 'ناشيونال إنترست' تقريراً جديداً أشار فيه إلى أن الطائرات المُسيرة المُستخدمة خلال الحروب الحالية لاسيما بين أوكرانيا وروسيا، تساهم في إرباك الجيوش. ويقول التقرير الذي كتبه الصحافي المتخصص في نظم الحرب غير التقليدية ديفيد كيريتشينكو إنه 'مع كل ضربة بطائرة مسيّرة، تعيد أوكرانيا رسم ملامح الحرب الحديثة، ليس فقط ضد روسيا، بل على مستوى العالم'. وفي هذا الإطار، أكد كيريتشينكو، إن تداعيات حرب المسيّرات الأوكرانية وصلت إلى الشرق الأوسط، فيما قدّم تحليلاً شاملاً للتحولات العسكرية التي فرضتها المسيّرات الرخيصة وعالية التأثير، والتي أعادت توزيع القوة في عالم السلاح والردع. وتناول الكاتب الضربة الأخيرة التي نفذتها أوكرانيا على 4 مطارات عسكرية روسية، مؤكداً أنها تسببت بخسائر تقدر بـ7 مليارات دولار، وأصابت أكثر من 40 طائرة قاذفة بعيدة المدى. ووصف الكاتب العملية بأنها لم تكن فقط نجاحاً عسكرياً، بل إنذار استراتيجي للمخططين العسكريين حول العالم بأن قواعد الحرب قد تغيّرت. وقال الكاتب إن هذه الضربة اعتمدت على عملية استخباراتية سرية حملت اسم 'شبكة العنكبوت'، جرى التحضير لها على مدى 18 شهراً، وشملت تهريب 117 طائرة FPV مسيّرة منخفضة التكلفة إلى داخل روسيا عبر شاحنات تجارية. ونجحت هذه الطائرات الصغيرة في إحداث اختراق استراتيجي، حتى أن الأصول العسكرية الأكثر تحصيناً باتت عرضة للاستهداف. وأوضح الكاتب أن نتيجة هذه الضربة أجبرت موسكو على نقل طائراتها من طراز 'تو–95″ و'تو–160' إلى أقصى شرق روسيا، مما أطال مهام القصف إلى 23 ساعة ذهاباً وإياباً. ونقل كيريتشينكو عن مسؤول دفاعي في الناتو قوله لصحيفة 'نيويورك تايمز' إن هذا النوع من الهجمات أثار مخاوف من هجمات مماثلة قد تستهدف الموانئ الأمريكية عبر سفن تجارية صينية. وأشار الكاتب إلى أن معظم مكونات المسيّرات الأوكرانية، بما فيها البطاريات والمحركات، تُصنع في الصين، ما يثير القلق من التبعية الاستراتيجية لاحتمالات التخريب أو التلاعب بسلاسل الإمداد. وأضاف أنه رغم استثمارات 'البنتاغون' والناتو في تقنيات التصدي للمسيّرات، إلا أن حماية البنية العسكرية بالكامل لا تزال بعيدة المنال. عودة 'سفن النار' بعد تدمير سلاحها البحري التقليدي، طورت أوكرانيا أسطولاً من الزوارق المسيّرة، ألحق أضراراً كبيرة بثلث أسطول البحر الأسود الروسي. ويشبّه كيريتشينكو هذه الزوارق بـ'سفن النار' التي استخدمت في الحروب البحرية القديمة، لكن بأسلوب تكنولوجي حديث وفعال، جعل السفن الروسية تختبئ في موانئها خوفاً من الاستهداف. وذكر كيريتشينكو أن الحوثيين في اليمن أسقطوا 7 طائرات أمريكية من طراز 'ريبر' خلال 6 أسابيع فقط، مما كبّد واشنطن أكثر من 200 مليون دولار. ونقل الكاتب عن الجنرال الأميركي براين فنتون قوله: 'يطلق خصومنا مسيّرات انتحارية بـ10 آلاف دولار، وندمّرها بصواريخ قيمتها 2 مليون… هذه معادلة خاسرة'. كذلك، قال الكاتب إن الموساد استلهم تكتيك 'شبكة العنكبوت' الأوكراني، وقام بتهريب مكونات مئات المسيّرات إلى داخل إيران، حيث اُستخدمت لضرب الدفاعات الجوية الإيرانية من الداخل، بالتزامن مع هجمات جوية إسرائيلية مركزة، ما منح إسرائيل تفوقاً جوياً سريعاً ومباغتاً. وخلص كيريتشينكو إلى أن التفوق في الحروب الحديثة لا يرتبط بامتلاك الأنظمة وحدها، بل بالقدرة على التطوير والتكيّف المستمر، ونقل عن القائد العسكري الأوكراني السابق فاليري زالوجني قوله: 'سواء صدّقتم أم لا، لقد تغيّرت طبيعة القوة العسكرية فعلاً'. (24)

رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن "المُسيّرات"!
رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن "المُسيّرات"!

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

رخيصة وغيّرت وجه الحروب.. إليكم ما كشفه تقريرٌ جديد عن "المُسيّرات"!

نشر موقع "ناشيونال إنترست" تقريراً جديداً أشار فيه إلى أن الطائرات المُسيرة المُستخدمة خلال الحروب الحالية لاسيما بين أوكرانيا وروسيا، تساهم في إرباك الجيوش. ويقول التقرير الذي كتبه الصحافي المتخصص في نظم الحرب غير التقليدية ديفيد كيريتشينكو إنه "مع كل ضربة بطائرة مسيّرة، تعيد أوكرانيا رسم ملامح الحرب الحديثة، ليس فقط ضد روسيا ، بل على مستوى العالم". وفي هذا الإطار، أكد كيريتشينكو، إن تداعيات حرب المسيّرات الأوكرانية وصلت إلى الشرق الأوسط ، فيما قدّم تحليلاً شاملاً للتحولات العسكرية التي فرضتها المسيّرات الرخيصة وعالية التأثير، والتي أعادت توزيع القوة في عالم السلاح والردع. وتناول الكاتب الضربة الأخيرة التي نفذتها أوكرانيا على 4 مطارات عسكرية روسية، مؤكداً أنها تسببت بخسائر تقدر بـ7 مليارات دولار، وأصابت أكثر من 40 طائرة قاذفة بعيدة المدى. ووصف الكاتب العملية بأنها لم تكن فقط نجاحاً عسكرياً، بل إنذار استراتيجي للمخططين العسكريين حول العالم بأن قواعد الحرب قد تغيّرت. وقال الكاتب إن هذه الضربة اعتمدت على عملية استخباراتية سرية حملت اسم "شبكة العنكبوت"، جرى التحضير لها على مدى 18 شهراً، وشملت تهريب 117 طائرة FPV مسيّرة منخفضة التكلفة إلى داخل روسيا عبر شاحنات تجارية. ونجحت هذه الطائرات الصغيرة في إحداث اختراق استراتيجي، حتى أن الأصول العسكرية الأكثر تحصيناً باتت عرضة للاستهداف. وأوضح الكاتب أن نتيجة هذه الضربة أجبرت موسكو على نقل طائراتها من طراز "تو–95" و"تو–160" إلى أقصى شرق روسيا، مما أطال مهام القصف إلى 23 ساعة ذهاباً وإياباً. ونقل كيريتشينكو عن مسؤول دفاعي في الناتو قوله لصحيفة " نيويورك تايمز" إن هذا النوع من الهجمات أثار مخاوف من هجمات مماثلة قد تستهدف الموانئ الأمريكية عبر سفن تجارية صينية. وأشار الكاتب إلى أن معظم مكونات المسيّرات الأوكرانية، بما فيها البطاريات والمحركات، تُصنع في الصين ، ما يثير القلق من التبعية الاستراتيجية لاحتمالات التخريب أو التلاعب بسلاسل الإمداد. وأضاف أنه رغم استثمارات "البنتاغون" والناتو في تقنيات التصدي للمسيّرات، إلا أن حماية البنية العسكرية بالكامل لا تزال بعيدة المنال. بعد تدمير سلاحها البحري التقليدي، طورت أوكرانيا أسطولاً من الزوارق المسيّرة، ألحق أضراراً كبيرة بثلث أسطول البحر الأسود الروسي. ويشبّه كيريتشينكو هذه الزوارق بـ"سفن النار" التي استخدمت في الحروب البحرية القديمة، لكن بأسلوب تكنولوجي حديث وفعال، جعل السفن الروسية تختبئ في موانئها خوفاً من الاستهداف. وذكر كيريتشينكو أن الحوثيين في اليمن أسقطوا 7 طائرات أمريكية من طراز "ريبر" خلال 6 أسابيع فقط، مما كبّد واشنطن أكثر من 200 مليون دولار. ونقل الكاتب عن الجنرال الأميركي براين فنتون قوله: "يطلق خصومنا مسيّرات انتحارية بـ10 آلاف دولار، وندمّرها بصواريخ قيمتها 2 مليون… هذه معادلة خاسرة". كذلك، قال الكاتب إن الموساد استلهم تكتيك "شبكة العنكبوت" الأوكراني، وقام بتهريب مكونات مئات المسيّرات إلى داخل إيران ، حيث اُستخدمت لضرب الدفاعات الجوية الإيرانية من الداخل، بالتزامن مع هجمات جوية إسرائيلية مركزة، ما منح إسرائيل تفوقاً جوياً سريعاً ومباغتاً. وخلص كيريتشينكو إلى أن التفوق في الحروب الحديثة لا يرتبط بامتلاك الأنظمة وحدها، بل بالقدرة على التطوير والتكيّف المستمر، ونقل عن القائد العسكري الأوكراني السابق فاليري زالوجني قوله: "سواء صدّقتم أم لا، لقد تغيّرت طبيعة القوة العسكرية فعلاً". (24)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store